لم ينه تبني “البرلمان” الكردي لقرار مجلس الأمن الجديد حول العراق، الأزمة التي أثارها الأكراد حول اعتراف هذا القرار ب “فيدراليتهم” وتهديدهم بالانسحاب من الحكومة، وصولا إلى الانفصال عن الأراضي العراقية، في المناطق التي تحمل مقومات عدة للدولة المستقلة، وهو ما يثير المخاوف الدائمة من النّيات والتطلعات الكردية الحالية والمستقبلية.
إذ أن الأزمة الأخيرة ليست الأولى ولن تكون بالتأكيد الأخيرة، لا سيما وأن “طموح الانفصال” لا يبرح الذهن الكردي، وهو كان حاضرا بقوة خلال مناقشة “البرلمان” للقرار الدولي، حتى أن بعض المشاركين دعوا علانية إلى إعلان “الاستقلال”.
وما يمنع هذه الخطوة حاليا ليس “التمسك بالوحدة العراقية”، وإلى ما هنالك من شعارات يطرحها الزعماء الأكراد، إنما عدم رضا الأكراد حاليا عن الأراضي التي يسيطرون عليها وعينهم دائما على كركوك، التي تؤجل الطموح الكردي، والتي ستكون محور الأزمات اللاحقة بين العراقيين والأكراد، لا سيما مع إصرار الأكراد على نزع الطابع العربي عن هذه المدينة باعتبار العرب “مستوطنين” جلبهم صدام حسين.
ومع هذا التفكير الكردي فإن المواجهة آتية لا محالة، وبدايتها كانت السجال حول قانون الدولة المؤقت بين الزعماء الأكراد والمرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني مع ما يمثله من ثقل سياسي وشعبي على الساحة العراقية. وتبعات هذا السجال قد تكون مؤجلة لحين العمل على الدستور الدائم، الذي سيسعى الأكراد خلاله إلى ضمان أكبر قدر من المكاسب لمشروعهم المؤجل، لا سيما وأنهم “فخخوا” قانون إدارة الدولة ب”حقهم” على الاعتراض على أي دستور لا يلبي رغباتهم.
ومع تمسك الأكراد ب”فيدراليتهم أولا”، التي يتوجس العراقيون منها، فإن التهديد بالانسحاب والانفصال لن يبقى في إطار الضغط اللفظي، بل سيخرج إلى العلن، لا سيما وأن الأكراد يملكون قوة عسكرية لا يستهان بها تقدر بنحو مائة ألف جندي مدربين ومجهزين.
وما يحد من الطموح الكردي حاليا هو عدم وجود الظرف الإقليمي والدولي المناسب لتنفيذه، من دون التنازل عنه على الأمد البعيد، وهو ما يجعل الخطط الكردية خطرا يهدد وحدة الدولة العراقية.