يتسقط القوم أخطاء القوم، بهذه الصورة نكتشف أو نستكشف المنهج السياسي الذي تنتهجه أقلية آلت على نفسها أن لا ترى الأكثرية تقوم لها قائمة، ودوما حججهم جاهزة.
إن أسهل شيء ممكن أن يطلق هو الحجج خاصة إذا ما خرجت من أناس نعرف عنهم تقلبهم الدائم وتغير أهدافهم تبعا للمتغيرات المؤثرة فيهم، فتراهم يوما يصبون غضبهم وتصريحاتهم النارية على فئة معينة وبعد أيام تهدأ ثورتهم ويتغير حديثهم لا لشيء جوهري حاصل وإنما لحصولهم على بعض المكاسب، والتي تكاد أن تكون شخصية، فهم بذلك لا يغيرون النهج العام الذي يسيرون عليه وهو الرفض والتشكيك، فتراهم يرفضون ويجعجعون في رفضهم وهم كعادتهم جاهزون للوقوف بوجه أي تجديد أو تطور للأحداث. . والتهم موجودة ومعدّة وجاهزة للتطبيق بوجه من يخالفهم الرأي، والمشكلة لا تكمن في الرفض بحد ذاته بل ما الذي يرضي هؤلاء؟؟ (أكاد أشك في أنهم هم الرافضة لا الشيعة)، وإني لأظن أن رضاهم لا تدركه أية حكومة تأتي للعراق ولو بعد ألف عام، لأن الطريق الذي رسم لمستقبل العراق وأشكال الحكومات القادمة بما فيها من حرية وديموقراطية وعدم التصاق بالكراسي هو الذي يجعل الحكومات المقبلة (أية حكومة) لا ترضي هؤلاء، وهم كثيرون (أي الرافضة الجدد) فمنهم القومي الكذاب الحالم بجمهورية إفلاطون الصدامية، ومنهم رجل (الدين) الذي يحارب الاستعمار وأعوانه وأنصاره وأبناءه وأبناء أخته، وفيهم المتضرر الذي ذهبت سلطته وهيبته مع ذهاب دولة الزيتوني، ومنهم الذي يود أن يرى الدماء العراقية تسيل حد (الركب) كما صرّح أحدهم، فهناك كثيرون بقدر مأساة العراق، وهؤلاء المستفيدون من دولة اللانظام والقهر والطائفية …فهل يقتنع هؤلاء بحكومة أو دولة تأتي وتعمل بجد واجتهاد لتحسين أوضاع العراق بأكمله، وأن لا تكون دولة فئة محددة كما كانت على مدى تأريخ العراق، بالتأكيد لا لن يرضيهم هذا. . وهذا الذي رأيناه منهم برفض مجلس الحكم وحكومته ورفض الانتخابات ورفض الحكومة الانتقالية بل رفض مسبق للانتخابات القادمة (كما جاء على لسان ناطق هيئة العلماء في الخارج في مقابلته مع الجزيرة)، إذن فالوزارة الجديدة والوزراء الجدد هم عملاء وإذا أردت إرضائهم فعليك أن تحرق جنسيتك العراقية لأنك لا تتفق معهم بالرأي، فلا أدري كيف نقنعهم بلائحة وزارية ومن أين نأتي بأناس ليسوا عملاء؟؟فهذه اللائحة لم تعجبهم على تنوعها.
هؤلاء غير كاسبين للود والرضا، وهذا لا يتم ولن يتحقق في أية حكومة بالعالم، فالحكومات لها معارضون وهذه حالة صحية وإلا كيف يمكن أن تحدث الديموقراطية؟ وهؤلاء المعارضون (مو مثل ربعنا) يعارضون حينما يرون الأخطاء الكبيرة من هذه الوزارة أو هذا الوزير، ولم نر أية وزارة في دولة متحضرة تهاجم قبل أن تعمل!!، أما عندنا فهو رجم بالغيب بكل تأكيد يتبعه رجم بالعبوات الناسفة وآخرها مقتل وكيل وزير الخارجية العراقي القادم توا من نيويورك بعد أن حصل هو ورفاقه على قرار أممي أيده العالم بالإجماع (عدا الرفاق).
أما الرفض القادم والذي ترك المحتل وتحول على المحتل الجديد (الحكومة العراقية) فقد رأينا بوادره في خطبة الجمعة الماضية في جامع أبي حنيفة إذ حشد الرفيق أمين سر الجامع لانقلاب عسكري بدعوته للعسكريين القدامى من جيش صدام للنزول الى المعركة (أي الإطاحة بالحكومة) وهذا قبل أن تتسلم مهامها رسميا في ٣۰/٦، ماذا يمكن أن تقرأ من هكذا دعوة من رجل يفترض به أن يكون رجل (دين) يهتم بشؤون الدين؟؟ (يا أمريكان أخرجوا فنحن قادرون على هدم الديموقراطية التي يريدها الشعب بالتحشيد لانقلاب عسكري يعيد أيام الحملة الإيمانية).
المشكلة العظمى أن التخصص ضائع في العراق فلا أحد يعرف حدود عمله فالجميع سياسيون وهم نفسهم رجال دين وتجار (وهذه مهنتهم الحقيقية)وفلاسفة، فلا تسأل أحدا منهم في شيء فيجيب بأنه لا يعلم …فهذه الـ(لا أعلم) لا توجد في قاموسهم، وبعد تصريح إمام فرقة أبي حنيفة والدعوة التي وجهها للرفض الذي إنطلق من مسجد الكوفة في الجمعة قبل الماضية ليقول إن الحكومة الجديدة غير شريفة ولا نعترف بها الى يوم الدين. . وبعد أسبوع واحد جاء يوم الدين. . وقالوا إننا نعترف بها لكن بشروط.
إن هكذا تصريحات (رنانة) وغير مسؤولة تحمل من الضرر الكثير والذي للأسف لا أظن أن مطلقيها يعرفون أبعادها (اللهم إلا إن كانوا مغرضين) خاصة لدى بسطاء الناس الذين يستمعون لخطبهم ويخرجون مكبرين ومهللين وكأنهم مخدرة عقولهم.
إن الاحتلال ذاهب لا محالة لذلك جهز هؤلاء أعدائهم الجدد فهم الرئيس ورئيس الوزراء والوزراء بل كل العراقيين ممن يخالفونهم.
والذين يختارون شعبهم عدوا لهم لقاء مع الشعب وسيقول دعاة الحرية كلمتهم.