الفيدرالية والأكراد والتجمع العربي لنصرة القضية الكردية
نزار رهك - كتابات
بمزيد من الشك والحذر إطلعت على البيان الصادر من التجمع العربي لنصرة القضية الكردية ومع إحترامي وتقديري للعديد من الكتاب والصحفيين والشخصيات والتي تربطني وإياها علاقات حميمة وتوافق بالآراء والمعتقدات ولكني لا أتفق والآراء والطروحات المتعلقة بالمواقف الشوفينية القومية التي يراد إلصاقها بالعرب سلطات قمعية ومثقفين وتبرئة الجانب الكردي زعامات وثقافة من الشوفينية والتعصب والجريمة.
إن الطروحات التي جاء بها صائغي التجمع ليست بالسذاجة التي يتغاضون بها ذكر مصادر الفكر الشوفيني في تاريخنا المعاصر ومرتكزاته السياسية والأقتصادية وبالدرجة الأساسية الزعامات القومية الديكتاتورية التي إكتسبت طابعا متميزا وعنيفا ودمويا شموليا بأستنادها الى الأفكار النازية ومعاداة الآخر القومي وهو المقياس الذي يجمع صدام حسين مع أي زعيم لقومية أخرى لو توفرت له القدرات المادية والعسكرية لتنفيذ أهدافه وقد مارست الزعامات الكردية في العراق هذه الجرائم بحدود إمكاناتها الذاتية المتوفرة. ولاأريد نبش هذه الجرائم حتى لا أحيد عن الموضوع الأساسي في تناول ما يخفيه كتاب التجمع وما أضافوه بعد بيانهم الأول بيانهم الثاني والمتعلق بقضية كركوك وهو الهدف الأساسي لهذا التجمع وهو نفس الغاية التي يبغيها قادة وزعماء القومية الكردية أي الوقوف بوجه الشوفينية العربية من أجل تحقيق مصالح الشوفينية الكردية وديكتاتورييها وهي نفس الدوافع الصهيونية التي جاء بها الأحتلال لتدفع الأكراد للأسترشاد وتبني مفهوم الهولوكاوست اليهودي في المانيا وجعله منطلقا لتحقيق الأهداف القومية الشوفينية الضيقة لقادة الحركة الكردية العراقية.
لقد نسي كتاب التجمع إن مئات الآلاف من المقاتلين الصداميين كانوا من الجحوش الأكراد وأن الصحافة الكردية في زمن صدام حسين كان يقودها أكراد وكتابهاأكراد وهناك إذاعة وتلفزيون كرديين عامليها من الأكراد وأغانيها وبرامجها كردية وغيرها من الأجراءات التي سعت الديكتاتورية الفاشية الى سحب بساط المطالبة بالحقوق القومية للشعب الكردي من الأحزاب القومية ولتتوحد معاناة الشعب العراقي من الديكتاتورية الفاشية بمعزل عن الأنتماء القومي أو الديني وحتى الطائفي ووضعت السلطات الديكتاتورية رقاب جميع أبناء الشعب العراقي تحت مطرقة الموت والحروب والمقابر الجماعية إضطرت خلاله الأحزاب القومية الكردية الى تبني الأهداف الديمقراطية وتحت شعارات أجبرت على رفعها ومنها (الديمقراطية للعراق والحكم الذاتي الحقيقي لكردستان).
إن هذا الشعار لايتلائم مع الديكتاتوريين الصغار قادة الحركة القومية الكردية التي تهددهم الديمقراطية الحقيقية ودولة القانون التي ستدفع الآلاف من أبناء شعبنا الكردي بالمطالبة بمحاكمة هولاء الديكتاتوريين المسؤولين عن مقتل مايقارب السبعة ألف شهيد كردي في معارك حرب الأخوة ومعارك مايسموه الأكراد أنفسهم بأم الكمارك التي أستدعى فيها البارزاني معونة وإسناد صدام حسين في مواجهة قوات الطالباني وقد كانت هذه الأخيرة قد تحالفت مع النظام العراقي لترتكب مجزرة بشتاشان والتي قتل فيها العشرات من العراقيين العرب اللذين شاركوا أخوتهم الأكراد في النضال المسلح ضد الديكتاتورية وأرتكبوا مجازر الأبادة بحق الأسرى من الجنود العراقيين في السليمانية وهي كافية لتقديم مرتكبيها كمجرمين بحق الأنسانية وحرب الأبادة.
إن بيان التجمع يحمل في طياته مغالطات تاريخية إبتكرها هؤلاء الديكتاتوريين الصغار ومنها إنه كان في زمن ما من التاريخ الغير مكتوب واللامرئي أمة ودولة إسمها كردستان وجاءت القوى الدولية لتقسمها الى أجزاء وإن العالم كله كان يحاربهم ودون أن يذكروا لماذا وماهي مصلحته في محاربتهم وهل للعراقيين العرب دورا في هذا التقسيم المفترض لقد جاء في بيان التجمع مايلي:
(عانى الشعب الكردي معاناة أنسانية قاسية نتيجة السياسة الشوفينية التي تتبعها السلطات القمعية في البلدان التي تشظت أجزاء من كردستان في أراضيها فجزأت اوصالها وشتت وحدتها وكلمتها وعمدت الى أنكار حقوق الكرد في الحياة)
إن المصطلحات والتعابير المستخدمة تسيئ الى الوحدة الوطنية العراقية وتخلط الجميع في بوتقة واحدة وهي معاداة الجميع للأكراد وإن السلطات القمعية لاتضطهد سوى الأكراد أينما كانوا وعلينا مساندتهم في مواجهة هذا القمع بمنحهم مدينة كركوك حسب متطبات إدارة الأحتلال.
ومن هو الذي جزأ أوصال مايسمى بكردستان؟
لقد وقف البارزاني سنوات عديدة مساندا للحكومة الأيرانية الأسلامية مقابل خوض المعارك وشن الحرب على عناصر الحزب الديمقراطي الكردستاني الأيراني وبالأتفاق مع الأتراك شنت معارك طاحنة قادتها قيادة هذه الأحزاب ضد مسلحي حزب العمال الكردستاني التركي بقيادة عبدالله أوجلان. هذا عدا الدور الذي لعبه الأكراد في محاربة الآشوريين والكلدان والسيطرة على أراضيهم في مناطق أربيل ودهوك وزاخوا والآن جاءت الصفقة الكبرى في كركوك المتعددة القوميات والألوان. وكان على كتاب الأحتلال اللذين صاغوا بيان التجمع المطالبة بتثبيت دولة القانون الذي يحسم قانونيا ويعطى لكل صاحب حق حقه حسب الأدلة والأثباتات القانونية لا حسب الأدعاء وجلب أتباعهم وملء الملاعب بالعوائل التي تدعي ملكيتها للأراضي والبيوت. هذا عدا التهديد والوعيد وإجبار المئات من العوائل العربية على ترك المدينة وعمليات شراء الأراضي والبيوت من قبل اليهود الأسرائيليين اللذين يشاركون الأكراد في معاداتهم للعراقيين العرب ولضمان إستثماراتهم النفطية هناك وإعادة تشغيل خط أنابيب كركوك _ حيفا.
إن كتاب التجمع هم أنفسهم كتبة الأحتلال وعوا ذلك أم لم يعوا وأفكارهم هي إمتداد لفلسفة الأحتلال التي إبتدأها جورج بوش في محاربته لمايسمى بالأرهاب (من ليس معنا فهو ضدنا) وفي نفس المعادلة فمن لايتفق وتوجهات الزعامات الكردية فهو شوفيني ويستطردون في بيانهم
(ويسعى التجمع للمساهمة في التخلص من نتائج الفكر الشوفيني الشائع بين العرب)
(ويعمل على الصعيد الشعبي للمساهمة في شحذ الوعي العربي ضد الفكر الشوفيني البغيض
وبما يخدم قضية التفاعل الحقيقي بين الشعبين العربي والكردي.)
وهنا لاأعرف أي عرب يقصدون؟ هل العرب العراقيين؟ وأي منهم وما هي الأفكار المطروحة والتي ينعتها هؤلاء الكتاب بالشوفينية؟ أم إن هذا الأدعاء ماهو إلا تزلفا لقادة الحزبين الكرديين الرئيسيين للحصول على دور وموقع في مايسمى بالعملية السياسية الجارية في ضل الأحتلال.؟وماذا عن الفكر الشوفيني الشائع الآن بين الأكراد وبتوجيه منظم من قبل الحزبين الرئيسيين وإعلامهم الرسمي والحزبي ومنظماتهم خارج العراق وما على هؤلاء الكتبة إلا اللقاء مع العراقيين وإستفتاء آرائهم بهذا الصدد. وأنا شخصيا خضت نقاشات حادة تتعلق بالموقف من الحرب على العراق في حرب الخليج الثانية وكان يقف بالضد مني عناصر الأتحاد الوطني الكردستاني مع عناصر إسرائيلية وتحدثت بصراحة عن حقوقها لمدن يهودية قديمة في الشمال العراقي.
إحدى الرسامات الكرديات إفتتحت معرضها بالتهجم على الفلسطينيين!! والعرب وهي خريجة أكاديمية الفنون الجميلة في السنوات التي كانت مغلقة للطلاب البعثيين فقط. فهل إفتتح فنان عربي عراقي معرضه في يوما ما بكلمة يتهجم فيها على الأكراد.
لقد أمضيت سنوات الدراسة الجامعية في السليمانية وأمضيت بعدها عشرة سنوات في فصائل الأنصار الشيوعيين وعانيت معهم التشرد والأنفال والعمليات القتالية المعادية للديكتاتورية وشاركتهم فعالياتهم الثقافية والفنية جرحت في المعارك مرتين وثالثة بالغازات الكيمياوية لم أزل أعالج آثارها حتى يومنا هذا. ومع ذلك لو تحدثت عن شوفينية الأكراد المنضوين تحت مظلة الحزبين الرئيسيين وبعض قياديي الحزب الشيوعي العراقي من الأكراد لأمتلات صفحات الأنترنت بالمواضيع والأفكار التي لا تحمد عقباها. وهنا أود التأكيد على براءة شعبنا الكردي من هذه الأفكار والسلوكيات الشوفينية للأحزاب الكردية. وهو الأحوج الى ديمقراطية حقيقية لا ديمقراطية توزيع مناطق النفوذ بين الديكتاتوريين. وأنا هنا أدعوا الى نصرة الشعب الكردي في الحريةوالأنعتاق من رقبة عصابات الطالباني والبرزاني ومطالبة عوائل الشهداء الأكراد اللذين سقطوا بالصراعات الديكتاتورية بتقديم هذه الزعامات الى المحاكم الجزائية وإرساء دولة القانون لعراق ديمقراطي موحد.
وأدعوا الأخوة الكتاب اللذين ساهموا في عضوية التجمع الى الأنسحاب من هذا المشروع الذي يمنح الشرعية للشوفينية الكردية ولقادتها المتواطئين مع الأحتلال والصهاينة. وما البيان الثاني الصادر حول قضية كركوك إلا بداية للأرتكاز الى أسمائكم الفاضلة لتمرير وتبرير سياسة قادة الحركة القومية والشوفينية الكردية.