رغم طلب بعض القيادات الكردية تأجيل الانتخابات فيها تشهد كركوك مدينة تآخي الشعوب العراقية من التركمان والعرب والكرد والكلدان والآشوريين تحضيرات واسعة استعدادا لهذه العملية الديمقراطية المهمة. فالملصقات الجدارية واللافتات الدعائية المعلقة في وسط شوارع كركوك وأسواقها وعماراتها والمكتوبة بجميع اللغات التي يقطنها شعوب هذه المدينة العراقية العريقة بأصالة تاريخها السياسي والثقافي والاجتماعي. فألف مرحبا بالانتخابات في الحبيبة كركوك وألف سلام وأمان على أهاليها الطيبين من التركمان والعرب والكرد والكلدان والآشوريين والأرمن والصائبة الذين يجمعهم أجمل آيات الحب والمحبة والوفاء والإخلاص فيما بينهم وتجاه وطنهم العراق الغالي، وتكاتفوا وتآلفوا على السراء والضراء دائما.
نعم هكذا كان أهالي كركوك وسيثبتوا اليوم وغدا بأنهم لا زالوا أيضا ولن يفرق بينهم أحد ويفصلهم مهما كانت نواياه شريرة وبغيضة وستفشل جميع خططه وأطماعه ووعوداته مهما كان يتصور نفسه ذكيا ونابغا. وتبقى كركوك الحبيبة العراقية مدينة السلام والتآخي والمحبة لتركمانها وعربها وكردها وجميع شعوبها ولن ينال العملاء والجواسيس الأشرار والطامعين في خيرات كركوك والحاقدين على أخوة أبناءها سوى المزيد من الخيبة من الخيبة والخذلان وبالعامية (سخام الوجه).
وعلى أبناء كركوك جميعا من المرشحين للانتخابات والناخبين أيضا أن يكونوا حذرين جدا من المرتزقة والخونة الذين ينوون دائما بعملياتهم الإرهابية الجبانة، إفشال هذه العملية الديمقراطية في جميع أنحاء البلاد وخاصة في كركوك ليقينهم بأن المياه لا تجري لصالحهم وبما تشتيه سفنهم. فأولئك الجراثيم البشرية حاولوا عدة مرات تأجيل الانتخابات في كركوك لهذا وذاك السبب ولكن جميع جهودهم باءت بالفشل بعد إصرار المفوضية العليا للانتخابات في القطر والحكومة العراقية المؤقتة وجميع الخيرين في كركوك على إجراء الانتخابات في كركوك أيضا كسائر المحافظات العراقية وفي نفس اليوم المقرر أي الثلاثون من كانون الثاني ٢٠٠٥. ولإفشال هذه المهمة الإنسانية التاريخية الحرة لم يبقى أمام أولئك العملاء والخونة المارقين وتلك الجهات المشبوهة والمعروفة بالعمالة لقوات التحالف وإسرائيل سوى التخطيط لتنفيذ المزيد من العمليات الإرهابية ضد أبناء كركوك الغيارى واغتيال المرشحين الأفاضل الذين سيمثلوننا في المجلس الوطني العراقي ومجلس محافظة كركوك. ولم يبقى أمامنا سوى ثلاثة أسابيع، فيجب على الجميع الحذر والمزيد من اليقظة لكي لن ينال الذين في قلوبهم المرض والحسد والحقد والأنانية والطمع من فرحة أبناءنا بالانتخابات في العراق عامة وكركوك خاصة. وعلى الحكومة العراقية الإيعاز إلى رجال الشرطة وحراسها الوطنيين لكي يكونوا عيون ساهرة في هذه الفترة بالذات وفي يوم الانتخابات على سلامة العراقيين كلهم وخصوصا الكركوكيين الذين يعيشون في عراق مصغر بشعوبه وطوائفه وأعراقه. ويجب أيضا إبعاد جميع عناصر الميليشيات المسلحة من كركوك وخصوصا تلك الميليشيات التي فتح عناصرها في الماضي نيران أسلحتهم الرشاشة على المتظاهرين الأبرياء وقتوا النساء والأطفال.
يجب حماية الشوارع والأزقة والطرق المؤدية إلى المراكز الانتخابية كافة والمراكز الانتخابية أيضا من قبل قوات التحالف التي تدعي بأنها جاءت من أجل إرساء الحرية والديمقراطية في بلادنا. وعلى عناصر الحرس الوطني ورجال الشرطة المحلية التفتيش الدقيق في الثلاثين من كانون الأول والقبض على جميع الذين يحاولون إفشال هذه العملية الحضارية بعملياتهم الجبانة الخسيسة وبارك الله بأهالينا في كركوك ومرشحينا للانتخابات فيها وكل انتخابات والعراق من خير إلى خير.
الإنتخابات!! واجتياح الطالباني لموصل وكركوك
كلما تقربت العملية الانتخاباتية المزمع إجراءها في البلاد يوم الثلاثين من كانون الثاني ٢٠٠٥ ازدادت مخططات قيادتي الحزبين الكرديين الاتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني بغية تأجيلها في كركوك لعدم كونها لصالح مام جلال والبارزاني وأطماعهما في السيطرة على المدينة وضمها إلى إقليمهم الكردي. فبعد أن حاولوا وبشتى الطرق والادعاءات الزائفة تأجيل الانتخابات في كركوك إلى حين آخر (بعد إعادة العرب المستقدمين إلى مدنهم وأراضيهم التي جاءوا منها، وجلب الأعداد الهائلة من العوائل الكردية وإظهار كركوك ذات غالبية كردية)، وهددوا بمقاطعتهم الانتخابات والانفصال عن العراق وقيام دولتهم الكردية وتنظيم المسيرات المطالبة بإجراء تصويت حول مستقبل الأكراد الانفصالي وإعلان استقلالهم وبعد أن فشلوا في جميع الطرق كله، قاموا مستغلين الوضع الأمني الصعب الذي يمر بها البلاد الذي يفقد فيه الأمن والسلام والطمأنينة والقانون وقاموا يهددون باجتياح أكبر مدينتين عراقيتين في شمال العراق ألا وهن موصل وكركوك.
فهدد مام جلال زعيم حزب الاتحاد الوطني الكردستاني هو الآخر باجتياح كركوك والموصل في رسالته التي وجهها إلى الشعب الكردي باللغة الكردية بمناسبة رأس السنة الميلادية الجديدة. ولكن الطالباني في هذه المرة حاول أن لا يربط اجتياحه للمدينتين العراقيتين والسيطرة عليهما، لكونهما جزءان من جمهورية كردستان المريخية وبل لحماية الحدود الكردية من العمليات الإرهابية والدفاع عن المنجزات والمكتسبات الكردية التي تحققت بدماء آلاف الشهداء الكرد الأبطال. وزعم مام جلال بأن لقيادته خطة جاهزة للتدخل في موصل وكركوك والدفاع عن المواطنين الأبرياء فيهما في حال أراد الإرهابيون جعلهما أوكارا لهم ولعملياتهم الإجرامية لأن المدينتين قريبتان من حدود مام جلال ومسعود البارزاني.
فتهديد مام جلال هذا يذكرنا بتهديد مسعود البارزاني زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي هدد أبناء كركوك من العرب والتركمان والآشوريين بأنه سوف لن يتخلى عن المدينة أبدا ومستعد للحرب من أجل هويتها الكردية وضمها إلى إقليمهم. كأن العراقيون وأبناء كركوك سيبقوا مكتوفي الأيدي في حال مهاجمة مليشياته للمدينة ولم يتمكنوا الدفاع عنها. ولكن مام جلال أراد أن يبين نفسه بأنه أذكى من البارزاني وتخلى ولو في هذه المرة فقط عن كردية المدينتين الغنيتين بالبترول التي يحلمون بضمها إلى كردستانهم، وقرر إعلان اجتياحه للمدينتين بسبب الإرهابيين الذين جعلوا تلك المدينتين أوكارا لهما ناسيا بأن أبطال المقاومة العراقية والمعارضين لتواجد قوات الإحتلال في العراق وجميع العملاء لأمريكا وبريطانيا وإسرائيل والذين يسميه الطالباني بالإرهابيين منتشرون في جميع مدن العراق قاطبة من شماله وحتى جنوبه. فلماذا لا يجتاح الطالباني المحترم بقواته بقية المدن العراقية التي تشهد عمليات بطولية(عفوا إرهابية كما يسميه مام جلال) والدفاع عن المواطنين الأبرياء الذين يذهبون ضحايا الهجمات التي تشنها قوات الاحتلال وعناصر الحرس الوطني على أبطال المقاومة العراقية الباسلة فيها. أم كان الماما يقصد في رسالته بالمواطنين الأبرياء الأكراد الذين جلبوهم إلى كركوك وأطرافه على أنهم مرحلين منها أيام العهد الصدامي وأفراد ميليشياتهم الذين يحمون مقراته ومقرات البارزاني في الموصل وكركوك.
هذه الخطة التي فكر بها مام جلال هي الأخرى ليست من صلب العقلية الطالبانية، حيث كان سيده صدام هو الآخر دائما يحاول تفريغ المناطق المحيطة من قصوره ودوائره الأمنية وأجهزته الإستخباراتية والمخابراتية من المواطنين وإسكان موالي نظامه فيها. ولجأت الحكومات التركية أيضا لتنفيذ مثل هذه الخطط في شمال العراق عدة مرات عندما أرادوا إبعاد العمليات الإرهابية من الأراضي التركية، والتي كانت تقوم بها عناصر الحزب العمال الكردستاني ال(بي كي كي) الذين اتخذوا أوكارا لهم في المناطق الشمالية الخاضعة تحت حكم قيادتي مام جلال ومسعود البارزاني.
أ ليس الأفضل على مام جلال والبارزاني أن يحمدوا الله ويشكرونه على الحقوق والمنجزات الضخمة التي حققوها لشعبنا الكردي بفضل تعاونهم المستمر مع قوات الاحتلال المتواجدة في العراق وغياب السلطة الشرعية في البلاد على العكس بالنسبة للشعوب الأخرى الذين خرجوا من المولد بلا حمص، بدلا من أن ينقلب الموازين ويخسرون كل ما نالوه من تلك المنجزات والحقوق نتيجة طلباتهم التي فاقت حجمهم الحقيقي بعشرات المرات. في حين هناك تركمان وكلدان وآشوريون وأرمن وشبك ويزيديين وصائبة لم ينالوا بعد على أبسط حقوق المواطنة في العراق. لذا من الأفضل للسيدين البارزاني والطالباني أن يفكرا في مصلحة شعبهم ضمن الخارطة العراقية الواحدة وبدون تجاوزهم على حقوق الشعوب الأخرى في شمال العراق كالتركمان والعرب والكلدان والآشوريون والأرمن والشبك واليزيديين وغيرهم ولا يفضلوا الشعب الكردي على بقية الشعوب العراقية ولا يفرقوا بين أبناء الوطن الواحد في الحقوق والواجبات وألا وأنهم سيلاقوا جميع العراقيين الغيارى ضدهم ولا يجدون أحدا إلى جانبهم. حتى وإن القوات الأمريكية والإنكليزية والموساد الإسرائيلي سيتخلون عنهم ويتركونهم وحدهم كما تركوهم من قبل. وفي حينه لن ينال الشعب الكردي نتيجة أطماع قيادييه سوى المزيد من الخسائر الفادحة في الأرواح والممتلكات وتدمير مدنهم وقراهم.