مراجعة الذات - بحثا عن المسؤولية الوطنية والاخلاقية
حميد الهاشمي - مجلة تركمان العراق
القوى الداعمة للقتل في العراق باسم المقاومة مدعوة لمراجعة مواقفها انطلاقا من يقظة الضمير ومن الاحساس بالمسؤولية الوطنية وحب العراق، بل موقف اخلاقي. والعراقيون قبل غيرهم هم المعنيون بهذا. فالقتل والذبح على الهوية، هو ليس من شيم العراقيين، وتكفير الآخر ليس من عقيدتهم. والعمل الوطني والمعارضة لا تقتضي بالضرورة تدمير البنى التحتية الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والديموغرافية للبلد.
لقد ناضل العراقيون ضد الحكم الدكتاتوري البائد بمختلف تنوعات اطراف معارضتهم بنبل واخلاق قل نظيرها في العمل التحرري، ورغم ما واجهوه عامة وما واجهته فئات معينة منهم.
كان بامكان المعارضة الكردية الضرب في العمق العراقي، او في عمق المؤسسات الحكومية وفقا لما يمتلكوه من ايمان بقضيتهم وما لحقهم من حيف كبير خاصة في عهد نظام صدام حسين، او ما يمتلكوه من وسائل تصل الى كل انحاء العراق، لكنهم ابوا ان يقتلوا العراقيين وان يخربوا بنية بلدهم الاقتصادية. وكذا فعل الشيعة في جنوب ووسط البلاد، وليس اقل منهم المعارضة الاخرى من احزاب وحركات دينية ويسارية وغيرها.
لم يفعلوها لانهم عراقيون، يحبون بلدهم ويعملون له. اما موجات الارهاب والبربرية القادمة من الخارج الآن فهي ربات الذبح والقتل والحرق والتفخيخ لكل اطراف الجسد العراقي، لانهم غير عراقيين.
وان من يحتضنهم في الداخل ويوفر لهم المأوى والسلاح ويدلهم على الطريق، هم ابعد ما يكون عن حب العراق. ان اغلب هؤلاء هم من اوصل العراق الى هذه الهاوية، ولا ينظر ابعد من ظله في مستقبل العراق. يكررون نفس غرائزهم في الجريمة والابادة وكره العراق.
لقد خطفت هذه الاطراف بلدات ومناطق عراقية باستخدام السلاح وإنقاد الكثير من عامة هذه البلدات كإنقياد الشاة للذئب.
وراح بعض السياسيين وقادة بعض الاحزاب يغازلون من بعيد او قريب ثوابت واهداف للارهابيين والقتلة، منها تأجيل الانتخابات، وهذا امر مكشوف يدخل في عداد الحملات الانتخابية وعملية البحث عن اصوات انتخابية، علما ان هؤلاء هم من الاطراف المطلوبة والمستهدفة من قبل الارهابيين ومهما فعلوا.
ولكن لو توفرت القناعة والاتفاق لأغلب الاطراف الآن على تأجيل الانتخابات، فهل من ضمانات لأدائها مستقبلا؟ ومتى؟ وما هي الضمانات لزوال اسباب التأجيل؟
المشكلة ان الاطراف المحاربة وهي معروفة للجميع لا تؤمن اصلا بالانتخابات، وبالتالي فإن هذا يقتضي وقفة حازمة ومن جميع الاطراف التي تؤمن بالانتخابات كصيغة وآلية لحكم مرض لاغلبية الاطراف ان لم يكن اجمعها.
وبعيدا عن توزيع التهم وتنزيه الانفس والدعاية الانتخابية او المضادة لها، فالتشخيص يظهر حقيقة ان هناك أياد تعمر وأخرى تدمر، أياد تجرح واخرى تداوي، أياد تعبث بالجسد العراقي وتنكأ جراحه واخرى تحاول لملمة هذه الجراح والقفز فوق الواقع بصبرواناة كبيرين وشتان ما بين هذه وتلك.
فلتراجع الاطراف الوطنية العراقية او تلك التي تدعي الوطنية وتدعم الاعمال الارهابية التي تدعى زورا وبهتانا "مقاومة"، فلتراجع ذاتها، ولتقيم موقفها الوطني ومسؤوليتها الاخلاقية تجاه بلدها.
لتحتكم لوخز الضمير ويقظته قبل كل المعايير الاخرى، لتحتكم الى الوطنية العراقية قبل غيرها، او لتحتكم الى الله قبل غيره.
اي ضمير واي عقل يقابل الورقة الانتخابية وصوت السلام واحترام خيار الشعب بصوت السلاح وسكين الذبح؟؟ انه مؤشر الوحشية والهمجية الاولى للبشرية.
اين حب العراق من تخريب انابيب البترول وحرق المصافي وضرب سكك الحديد وقتل العلماء؟؟؟
انه دليل كره العراق قطعا.
اين الله وما تؤمنون من ضرب دور العبادة وقتل النفس التي حرم الله؟؟ واي قتل، بمجرد الشبهة!!
وماهي صلاحيات هؤلاء القتلة وما شريعتهم؟؟
وهكذا فان النداء موجه هنا أكثر الى كل عراقي يتمتع بوعي وبمستوى من المسؤولية ويؤيد او يتعاطف او يقتنع بما يسمى بالمقاومة ان يتساءل عن دوره فيما حصل سلبا او ايجابا في العراق، وان يتخذ موقفا اخلاقيا بعد جردة الذات هذه وحسابها. أن يسال نفسه، الى اين يسير هؤلاء بالعراق؟؟!!