بعد اطلاعي على مقالة الأستاذ القدير صبري طرابية، اعجبت بها جدا وطالما لمست في مقالاته المتميزة تلك المواقف الجريئة التي تنصب جميعا في الدفاع عن مظلومية التركمان من الشعب العراقي.
وقد رد المهندس عباس توركمن على مقالته واورد بعض النقاط في توضيح مشاركة الحركة القومية في الإنتخابات. اننا لا نشك في مشاعر السيد عباس القومية ولا في مشاعر أي عضو من اعضاء الحركة جميعا ً. كما نقدر عملهم الجاد بعد سقوط النظام في الدفاع عن حقوق التركمان المهضومة. لكن رغم ذلك لم نر شيئا ً ملموسا ً او عملا ً منضما قامت به تلك الحركة خلال الفترة المنصرمة ونأمل منهم أن يحققوا اهداف الشعب التركماني مستقبلا ً بالعمل الجاد لا بالشعارات والهتافات وان يكون ذلك وفق خطط مبرمجة ومدروسة يضعها المتضلعون في السياسة. تلك السياسة التي كان الشهيد نجدت قوجاق والمرحوم محمد عزت خطاط يؤمنان بها وينهجها اليوم شباب مؤمنون وهم مشاريع استشهاد في سبيل تلك الأفكار والشهيدان مصطفى كمال يايجلي ويشار جنكيز خير شاهدين على التضحية والفداء.
علينا ان نحلل واقعنا السياسي تحليلا موضوعيا موضحين الحقائق بايجابياتها وسلبياتها واضعين بذلك مصالح شعبنا التركماني نصب اعيننا. ورغم كوني مبتدئا ً في السياسة فهذا لا يمنع ان اطرح وجهة نظري في بعض الامور فارجو من استاذنا الفاضل صبري طرابية ان يتسع صدره لسماع رأيي وتحليلي السياسي لبعض الامور:
١) حول موقف الاتحاد الاسلامي بقيادة عباس البياتي وحركة الوفاء لتركمان العراق بقيادة فرياد طوزلو. انا مع فكرة الاستاذ القدير في التصويت لقائمة جبهة تركمان العراق وليس لقائمة الائتلاف العراقي الموحد. وذلك لوجود تسابق من محورين في العراق من اجل الحصول على غنيمة الحكم في العراق. المحور الاول للتسابق هو من المنطلق الطائفي. فبما أن الشعب العراقي مقسم الى سنة وشيعة، فان هناك منافسة بين هاتين الطائفتين على الغنيمة بالجزء الاكبر من الحكم. لكن هذا النوع من المنافسة لا توجد بين الطوائف السنية والشيعية من الشعب التركماني على الرغم من بعض المحاولات الفاشلة لزرعها من قبل ضعفاء النفوس. نحن لا نشك بمواقف ومشاعر الاستاذ فرياد طوزلو امين عام حركة الوفاء لتركمان العراق الذي يترك الخيار لحركته دائما لحرية الاختيار. وعلينا ان لا ننسى مواقف حركة الوفاء التي كانت دائما مع الجبهة التركمانية. لكننا يجب ان نوضح للتركمان وبكل اسف مواقف الاتحاد الاسلامي لتركمان العراق المتخاذلة والمتناقضة مع حقوقهم في نفس الوقت والصادرة من قيادييها. انهم في الوقت الذي دخلوا فيه ائتلافا مع الجبهة التركمانية، اكدوا في اعلاناتهم وملصقاتهم باسم المرجعية على وجوب التصويت لقائمة الائتلاف العراقي الموحد، على الرغم من نفي السيد السيستاني المستمر لتبنيه اية قائمة، وملئوا صحيفتهم بالشموع دون أي اشارة الى الهلال والنجوم ولم نر أي ذكر لقائمة جبهة تركمان العراق.
٢) اما حول مشاركة الحركة القومية في الانتخابات فانا اتعجب من الاستاذ القيادي الفاضل في الحركة لعدم ذكره مساوئ الدخول بقائمتين الامر الذي يشتت اصوات الناخبين التركمان، واتعجب لعدم تطرقه الى تعليمات المفوضية العليا في ان اصوات الناخبين الزائدة (أي التي لا تصل الى الحد الادنى المطلوب من الاصوات لكي يفوز المرشح بالمقعد) الى اين ستذهب. فاذا كان المرشح الواحد يحتاج الى ٢٥٠٠٠ صوت ليفوز بمقعد الجمعية الوطنية، فان القائمة الحاصلة على ٢٥٠٠٠٠ صوت (أي ١٠٪ من مجموع اصوات الناخبين) سيحصل ١٠٪ من المرشحين في هذه القائمة على مقاعد في المجلس الوطني القادم. اما اذا حصلت القائمة على ٢٧٠٠٠٠٠ فان الاصوات الزائدة ومجموعها هنا ٢٠٠٠٠ صوت ستذهب الى القائمة الحاصلة على اعلى نسبة من الاصوات التي من المتوقع ان تكون قائمة الائتلاف العراقي الموحد. بعبارة اخرى ستخسر هذه القائمة ٢٠٠٠٠ صوت من الاصوات الممنوحة لها. فعند وجود قائمتين تركمانيتين ترتفع نسبة الاصوات الزائدة وترتفع نسبة الخسارة. فلذلك نرى توحد حزب الدعوة الإسلامية والمجلس الاعلى للثورة الاسلامية رغم اختلافهما في موضوع ولاية الفقيه. فعليك ايها التركماني مراجعة النظام الانتخابي الذي اقرته المفوضية بصورة جدية لتحديد مصلحة التركمان. لقد تعاملت الجبهة التركمانية بروح ابوية و بجدية تامة مع الآراء والمقترحات التي قدمت لها وبجدية تامة رغم وجود الاسلوب العسكري الآمر فيها، وقد جمعت الجبهة في قائمتها شخصيات سياسية معروفة ومن كل الطبقات والمذاهب، فمنهم الطبيب والقانوني والأديب والعالم الديني. ونحن نفتخر بكل تركماني صادق ووفي لبلده ودينه وشعبه وقوميته دون ان نميز بينهم على اساس المعتقد والمنطقة وغيرها. وقد اثبت الشعب التركماني اصالته ووفاءه عند تشييع جنازة الشهيد يشار جنكيز الذي كان مرشح الجبهة من حزب توركمن ايلي بعد رئيس الحزب السيد صاري كهية.
٣) اما مقترحكم بعدم اشتراك رئيس الجبهة ورؤساء الاحزاب التركمانية الباقية في الترشيح فربما يعود الى عدم حصول الاستاذ حسام على شهادة الاعدادية وهو شرط من شروط الترشيح، بينما مرشحو الجبهة التركمانية فيهم دكاترة واساتذة جامعات وشخصيات سياسية معروفة، واذكر للاخوة القراء على سبيل المثال رئيس الجبهة الاستاذ فاروق عبدالله وهو عضو في المجلس الوطني المؤقت الذي معظم أعضائه هم قياديون مرموقين ومناضلين ذوي تاريخ معروف وكلهم مرشحون لان يفوزوا في عضوية المجلس القادم. وبالتاكيد فان لدى رئيس الجبهة صداقات مهمة مع اعضاء المجلس الحالي بحكم احتكاكه معهم. وسيكون لديه مستمعين مهتمين بوجهة نظره. وليس كأي عضو جديد ليست له الخبرة في امور المجلس، ويحتاج الى فترة كافية للتعرف على كيفية العمل في هذه الاجواء. اما البقية من رؤساء الاحزاب فلهم ايضا باع طويل في العمل السياسي العراقي. فالسيد صاري كهية مثلا ً على الرغم من عدم اشتراكه في بمناصب رسمية فقد شارك في معظم مؤتمرات المعارضة التي اقيمت في دول عدة قبل سقوط النظام لاكثر من عشرين سنة. ولديه الكثير من الاصدقاء المعارضين للنظام السابق والذين يتصدرون حاليا قوائم الائتلافات المهمة. كذلك هو الحال مع السيد جمال شان الاعلامي القدير والذي قضى السجن مع معظم قياديي الحكومة الجديدة. اما السيد كنعان شاكر اغالي فهو انسان سياسي مقتدر استطاع ان يرتبط بعلاقات سياسية متينة مع الكثير من العشائر المهمة وخصوصا في الموصل وتلعفر واربيل وحتى انه استطاع ان يكسب أصوات الكثير من اليزيديين. اما السيد انور بيرقدار فهو رجل سياسي معروف في الوسط التركماني وله تاريخ حافل بالسجون والتعذيب ومن عائلة عريقة معروفة. من الطرح أعلاه نستطيع أن نستنتج أن عدم مشاركة رؤساء الأحزاب التركمانية هو بمثابة كارثة على الشعب التركماني، فلو فرضنا ان لكل من السادة المذكورين لديهم عشرين صديقا من اعضاء المجلس القادم فهذا يعني مئة اذن مهم جاهزين لاستماع قضية التركمان والتفاعل معها. وسنفقد عند عدم مشاركة هؤلاء السادة هذه القابليات السياسية التي ستدعم بشكل مؤثر جدا القضايا العادلة لشعبنا التركماني المظلوم وخصوصا في كتابة الدستور وفي الحصول على مقاعد وزارية يتناسب عددها مع نسبة التركمان في العراق وربما اكثر. ان مجرد كون المرشحين من الشخصيات البارزة من العشائر التركمانية والمثقفين والقانونيين لا يكفي لتأهيلهم لقيادة السياسة التركمانية. فيجب ان يكون لهؤلاء خبرة سياسية كافية لا تأتي بايام وشهور، بل بعد سنوات وتجارب. وحتى يكتسب هؤلاء الجدد الخبرة الكافية، تكون الحكومة قد تشكلت والدستور قد كتب والوزارات قد توزعت من دون اية حصة للشعب التركماني.
ان قلنا ان التركمان يشكلون ١٣٪ من الشعب العراقي، فهم لا يستطيعون فعل شئ من دون اصدقاء. لان اتخاذ أي قرار سيحتاج الى موافقة الثلثين أي حوالي ٦٦٪ من المقاعد. على الرغم من كل ما تقدم، فان السيد صاري كهية قد اقترح منح تسلسله للاستاذ القدير تورهان كتنة الذي يمثل المفكر السياسي الرئيسي للحركة القومية لاجل توحيد القائمتين، لكن هذا المقترح رفض من قبل الدكتور كتنه.
ان الجبهة التركمانية فعلت الكثير للشعب التركماني، والاعتصام الذي نظمته امام مجلس الحكم خير دليل على ذلك. فقد كان اعتصاما ناجحا بمعنى الكلمة وبين للناس اجمعين قوة الشعب التركماني ونضج تفكيره، وقد شاركت الحركة القومية في الاعتصام اضافة الى حركة الوفاء والتيار الصدري، تتقدمهم اعلام الجبهة. وانا فخور بكل تركماني شارك في ذلك الاعتصام ويفخر بهم كل من لم يشارك في الاعتصام او لم ينتمي حتى الجبهة التركمانية. وراينا من البطولات الكثير في ذلك الاعتصام، فلم يبالي احد من المعتصمين بحياته من اجل قضيته، الامر الذي وصل الى ان يتمددوا تحت سرفات الدبابة الامريكية كما فعل البطل زين العابدين ياغمور وغيره من الابطال.
وان الجبهة التركمانية اثبتت مواقفها الوطنية ليس في كركوك وحسب، بل في جميع انحاء العراق، وان اهالي مدينة تلعفر شهود على ذلك، والا لما رفعوا راية الجبهة التركمانية عاليا في كل مكان فيها.
في الحقيقة، كنت اتمنى ان تتنافس الاحزاب التركمانية في الانتخابات التي تلي كتابة الدستور، وليس في هذه الانتخابات المصيرية التي ستقرر وجود التركمان من عدمه.
واخيرا اقول للكاتب القدير ان الجبهة التركمانية ليست رافدا من روافد الشعب التركماني بل هي نهر واسع تصب فيه روافد الاحزاب التركمانية الحقيقية الاخرى. ونسأل الله ان يجري رافدكم بما فيه الخير للتركمان وان يصب في نهر الجبهة التركمانية.