اطلعت على مقالتين للاستاذ القاضي و الزميل زهير كاظم عبود الأولى بعنوان (الشبك في العراق من التغييب التاريخي الى تغيير القومية)على موقع ايلاف الإلكتروني و الثانية بعنوان (الدعوات المريضة للنيل من الايزيدية) والمنشورة في جريدة التآخي بتاريخ ٢٤/٣/٢٠٠٤ وكانت المقالتان تصب في اتجاه واحد الاوهو تغييب هاتين الاقليتن عن المسرح السياسي و الاجتماعي العراقي طيلة العقود الماضية لابل و صل بالاستاذ زهير الحد إلى اعتبارهم ممن ذاقوا الآمرين في العهود السابقة وبالأخص أيام صدام حسين. وهنا لابد من التنويه والتصحيح وخاصة وان الأستاذ زهير عاش فترة غير قليلة في الموصل واصدر كتابين عنهما الأول عن اليزيدية وطبع في العراق واطلعت عليه أما الثاني فهو عن الشبك حدثني عنه ولكني لم أجده مطبوعا لانتقال الأخ زهير للعيش خارج الوطن بعد معاناة مع النضام السابق وقبل أن استعرض ما جاء بطرح الأستاذ زهير كاظم عبود لابد لي من الإشادة به وبما ينشره من أراء قيمة تدل على المتابعة الدقيقة والجرأة في الطرح فقد تعرفت عليه قاضيا في محاكم الموصل بداية تسعينات القرن الماضي متسما بالفطنة والألمعية مضافا إليها سرعة حسمه للقضايا المعروضة أمامه وعرفته زميلا وصديقا مخلصا ووفيا بعد ذلك وقد استطاع بأريحيته أن يترك أثارا طيبة في الموصل. واقول بعد الاتكال على الله ظلم الاقليات العرقية في العراق:
قدر العراق ان يكون سكانه خليط الاثنيات القومية والدينية والمذهبية ففي العراق ديانات مختلفة ابرزها الاسلام والمسيحية والمندائية واليزيدية وتتفرع عن هذه الديانات مذاهب مختلفة فالإسلام يتضمن
مذاهب متعددة فالسنة والشيعة وما يلحقها من تفرعات فقهية كالشافعية واكثر معتنقيها
الاخوة الاكرادوالحنفيةيتبعها باقي العراقيين باستثناء الاخوة الشيعة على اختلاف اتجاهاتهم. وكذلك المسيحية ففيها من المذاهب العديدة التي يتبعها الاخوة المسيحيين وكذلك صدق من وصف العراقيين بالموزائيك آو الفيفساء. اما من حيث القوميات في العراق فهي أيضا متعددة فالعرب والاكراد والتركمان من القوميات الرئيسية إضافة إلى قوميات أخرى صغيرة اسوق ذلك لاعود إلى موضوعنا ألا وهو الشبك واليزيدية وحقوقهم المهمشة والمهضومة حسب زعم الأستاذ زهير كاظم عبود واقول بداية أن صدام حسين كان جائرا الافي شي واحد كان عادلا فيه الاوهو توزيع الظلم على كافة العراقيين دون تفريق بين قوميه أو مذهب أودين أو معتقد الاأن العرب هم من وقع عليهم الحيف والظلم اكثرمن باقي القوميات الاخرى ولاتستغربوا من ذلك واليكم الأدلة:_
يقول كاتب المقالتين أن الشبك واليزيدية وقع عليهم الظلم والاضطهاد وآنا اقول له ان اكثر من استفاد من العهد السابق هم الشبك واليزيدية ففي أيام الحرب مع الجارة إيران وبعد امتناع اغلب الأكراد عن المشاركة بها باعتبار ان المعركة بين العرب والفرس وان طبيعة الكردي العيش في المناطق الجبلية ولايستطيع العيش في اجواء الجنوب والأهوار تم تشكيل ما يسمى بأفواج الدفاع الوطني أو الجحافل الخفيفة بالنسبة للاخوة الأكراد على أن يكون مكان عمل هذه الأفواج شبه العسكرية في المنطقة الشمالية من العراق حصرا و أن تظم في صفوفها الاكراد فقط وهنا انسحب من جبهات القتال مع الجارة إيران الكثير من الاكراد واليزيدية باعتبارهم أكراد وتبعهم الكثير ممن غير قوميته إلى القومية الكردية لغرض الانخراط في هذه الأفواج اوالمليشيات شبه العسكرية فانظم اليها الجرجرية والشبك والتركمان على اساس كونهم اكراد وبقى القلة منهم والعرب يطحنون في هذه الحرب الضروس والتي تعتبر أطول حرب في التاريخ الحديث ولا اريد في هذا الايضاح ان اناقش الاستاذ زهير في اصولهم وجذورهم التاريخية ولكن ما أريد قوله أن هذه الأقلية امتهنت الزراعة وتربية المواشي واشتهرت بالأخيرة ولحد ألان فأسهمت إسهاما فاعلا في تنمية الثروة الحيوانية ولذلك قلما نرى بيت في بيوت الشبك يخلو من الابقار او الاغنام نتج عن ذلك ازدهار حالتهم الاقتصادية والمعاشية بحيث اصبحوا في الوقت الحالي يتمتعون بنفوذ مالي واقتصادي مؤثر على جزء مهم في العراق ولهم كامل حريتهم في ممارسة أعمالهم هذا بالإضافة إلى انخراطهم في الحياة العامة بحيث اصبح لديهم متنفذون في السلطة والحزب عهد صدام حسين و اصبح لديهم القاضي والطبيب والمهندس والضابط الى غير ذلك من الوظائف العامة والخاصة وكان لهم تمثيل في المجلس الوطني عهدئذ. علما أن قراهم تقع عند ضواحي الموصل من الجهة الشمالية والشرقية وكانت طبيعة حياتهم التمركز في القرية لادارة مصالحهم التي ذكرناها سابقا وفي أواخر القرن الماضي أو الثلث الأخير منه ونتيجة امتلاكهم للثروة فضلا عن نمط حياتهم البسيطة والقليلة التكاليف استطاعوا الاتجاه نحو إنشاء حقول ومزارع للدواجن والمواشي وكذلك الاتجاه نحو امتلاك الكثير من معامل المواد الإنشائية كمعامل البلوك ومعامل غربلة الحصو والرمل للاستخدامات الإنشائية مع امتلاكهم لعدد كبير من شاحنات النقل العام والمنتجات النفطية مستفدين من دعم الدولة لذلك وحالة الحصار المفروض على العراق فزحف عدد كبير منهم إلى مدينة الموصل واستوطنوا فيها مع عدم ترك دورهم التي في القرية حيث مصالحهم هناك فأي ظلم وأي تهميش وقع على الشبك الذي يتكلم عنه الأستاذ زهير إن هذه القلة من الشبك والتي يزعم الأستاذ زهير وقوع الظلم والقهر عليها استطاعت أن تلعب دور مهم في الاقتصاد العراقي كما ذكرت سابقا ووصل الحد بها التأثير المباشر على حياة المواطن العراقي في المنطقة الشمالية من خلال التأثير على أسعار لحوم المواشي والتي وصلت إلى حد عدم استطاعة أي عراقي متوسط الدخل من شراء كيلو غرام واحد من اللحم ألا في المناسبات الخاصة والسبب الرئيسي هو تهريب المواشي للمنطقة الشمالية في ظل النضام السابق ولحد ألان ومصدر التهريب أكثره من قرى الشبك كونها مجاورة لإقليم كردستان وهي مصدر هذه الثروة الحيوانية.
أما بخصوص قول الأستاذ زهير (إعلان الكثير من الشبك كونهم أكراد وليسوا عربا) فهذا صحيح وموثق ولكن كان ينبغي على أستاذي الفاضل أن يعرف أسباب ذلك وكما يقال إذا عرف السبب بطل العجب.وقد المحنا أعلاه أن قسما من الشبك بدل من قوميته المثبتة في هويته الشخصية إلى الكردية فترة الثمانينات للالتحاق بأفواج الدفاع الوطني الخاصة بالأكراد والتخلص من الذهاب إلى جبهات القتال أيام حرب الخليج الأولى ولكن الذي لا يعرفه الأستاذ زهير أن الكثير من الشبك وفي عقد التسعينات وبعد حرب الخليج الثانية ومع تركيز النظام السابق على العشائرية والقبلية للتقييم والمواطنة اصبح الكثير منهم عربا وينتسب إلى العشائر العربية فاصبح فيهم الجبوري نسبة إلى عشائر الجبور ومنهم العبيدي والنعيمي والاعرجي والى غيرها من العشائر العربية فهل أجبرهم النظام السابق على ذلك!!.
وخلاصة القول أن كل منصف لو درس الحياة العامة والخاصة للشبك لوجد انهم من الاقليات التي استفادت اقتصاديا وماديا في ظل النظام السابق بحيث بلغت نسبة الثراء لديهم نسبة عالية قياسا بالفئات الأخرى وحاليا في محافظة الموصل ممثلين في مجاس المحافظة وكثير منهم ضمن دوائر الدولة وبشتى الوظائف بدليل لم أقرا أو اسمع الكلام الذي طرحه الأستاذ زهير وأنا ابن مدينة الموصل وعلى علاقة طيبة بالكثير منهم واقول أيضا أن قسما منهم يتمنى عودة النظام السابق للفائدة التي جناها منه ليس ألا.
اليزيديون:
أما بالنسبة لليزيدية وما طرحه الأستاذ زهير من الظلم الوقع عليهم التغييب لدورهم والدعوات المريضة للنيل منهم.
أقول الحمد لله أن اليزيديه عاشوا قرون طويلة مع العرب والمسلمين من دون أصابتهم بأي أذى بدليل بقائهم على ديانتهم لحد ألان وبقيت رموزهم الدينية قائمة فضلا عن أمير اليزيدية في العالم اجمع مقيم في العراق أما ما ذكره الأستاذ زهير من تعرض قسم منهم للتسمم بواسطة المياه وفي قرية خانكة فالحمد لله هذه القرية تقع ضمن إقليم كردستان وليست ضمن القرى العربية ضمن محافظة الموصل والتي يسكنها قسم كبير منهم وهي قرية كردية وليست عربية.
أما عن واقع حال اليزيدية ضمن العراق عامة وضمن الموصل بصورة خاصة فهم يقطنون في منطقة بعشيقة وضواحيها شرق الموصل وكذلك في منطقة الشيخان وضواحيها شمال الموصل وفيها مرجعيتهم الدينية ومرقد الشيخ عادي وهو مزار له قدسية خاصة بالنسبة لهم أما القسم الأكبر منهم فيقطن منطقة سنجار والقرى المجاورة لها وكما قلت لليزيدية مرقد وطقوس خاصة بهم يمارسونها بكل حرية ضمن العراق ولغتهم هي الكردية واغلبهم يمارس الزراعة وتربية الحيوانات وفي العقود الأخيرة انتظم الكثير منهم في الوظائف الحكومية وفي مجالات الحياة العامة فظهر منهم الأطباء والمهندسين والمحامين وقادة عسكريين لابل وصل قسم منهم مراحل قيادية في صفوف حزب البعث المنحل حتى أن النظام السابق اصدر قرارا بإعفاء العسكري اليزيدي من حلق شعر ذقنه وظفائر رأسه والتي لها أهمية دينية بالنسبة لليزيدي بينما العسكري المسلم ملزم بحلاقة الذقن والمسلم أولى بإطلاق اللحية باعتبارها سنة مؤكدة.
وفات على الأستاذ زهير مسالة مهمة جدا وهو الذي ألف كتابا عنهم هذه المسالة هي ازدواجية الولاء وابين كيفية ذلك فالدارس لهم يجد دائما قياداتهم اومرجعياتهم منقسمة إلى شطرين الأول مع السلطة المركزية للدولة ويدين لها بالولاء ويتمتع بامتيازاتها واخر ملتحق مع القيادة الكردية وهذا ما حصل لحين سقوط النظام السياسي في العراق ولا أريد أن اذكر الأسماء ضمن هذا المقال فمثلا نجد شخصية يزيدية مرموقة مع الجانب الكردي في حين شقيق هذه الشخصية مع السلطة الحاكمة وربما يكون بدرجة وظيفية خاصة لا يستطيع الانسان العربي أن ينالها إذا كان أحد أقربائه خارج العراق فكيف الحال إذا كان مع المعارضة! فهل اليزيدية في العراق مغيبين سياسيا واجتماعيا؟ لا اعتقد ذلك.
أن الدارس المنصف للمجتمع العراقي يجد كافة الاقليات العرقية تمتعوا بمزايا وحقوق في ظل النظام السابق تفوق ما تمتع به العرب وما دراسة الشبك واليزيدية إلا خير دليل على ذلك وكل من يقول العكس عليه إثبات قوله بالدليل الملموس لا بالكلام فقط فاليزيدية والشبك كان لهم تمثيل حتى في ماكان يسمى بالمجلس الوطني وتمثيل أوسع في الأجهزة الحزبية والأمنية القمعية فهل اغمط النظام السابق حقوقهم وهمش دورهم.
ما ارجوه من الأستاذ زهير بعدما ابتعد عن العراق هذه الفترة الطويلة أن يبتعد عن العزف على الوتر الطائفي واقسم لك بان الكثير منهم يتمنوا عودة النظام السابق لكثرة الفوائد التي جنوها وعلى حساب باقي القوميات مستغلين عبارة(الأقلية) ضمن الشعب العراقي واخيرا أقول وفقكم الله لما فيه الخير لهذا البلد.