من الان وصاعدا الاميركان للعراقيين:
سنساعدكم ان ساعدتم انفسكم
كنت امس اتفحص تقريرا قدم مؤخرا من قبل كوردزمان (من مركزالدراسات الستراتيجية) الى السيناتو الاميركي بتاريخ ٢٠٠٤-٠٥-١٩، اي حديث جدا، عنوانه " دروس ما بعد الحرب في افغانستان والعراق " (١)
الدراسة من ٣٠ صفحة، ناتجة عن جهد فكري و تحليلي متميز ولكنه بالطبع ينظر للامور ليس من زاويتنا وانما من زاويته هو و بقراءة متأنية نستطيع ان نرى فيها الكثير من النذر وتضع على عاتق القوى السياسية العراقية والقادة السياسيين والمفكرين العراقيين الكثير من المسؤوليات في المرحلة القادمة لان الشعب العراقي في النهاية سيضع هذه المسؤولية على القادة السياسيين.
و ما رأيته من استطرادي بالقراء جعلني افكر بانه لابد وان يكون هذا هو التقرير الذي وضع على مكتب الرئيس الامريكي بوش لدفعه الى اتخاذ سياسة جديدة تجاه القوى السياسية العراقية بدأ بالحملة ضد احمد الجلبي (٢).
كنا نظن، على الاقل انا كنت اظن، بان الادارة الاميركية كانت لديها خطة محددة لما بعد الحرب، ولكن هذا التقرير يضع يوضوح الحقيقة بانه لم تكن هناك خطة. ربما بسبب الاحداث المتسارعة بعد تسلم ادارة الرئيس الاميركي بوش الحكم، احداث ١١ ايلول، الحرب في افغانستان، محاولة اقناع العالم والامم المتحدة بضرورة شن الحرب على العراق، لم يكن لديهم الوقت لاعداد خطة جدية لليوم التالي بعد دخول القوات الى بغداد، او انها تجرية جديدة لابد من خوضها.
يحاول المحلل ان يشخص اسباب الفشل او الاداء السئ لادارة التحالف في العراق بعد الحرب. و ينجح في الاشارة الى الكثير من الظواهر وبتسلسل دقيق، يدعو الادارة الى نبذ التعالي ولكنه هونفسه لم ينجح في التخلص من هذا التعالي اذ لم يشر من بين العدد الكبير من اسباب الفشل الى الاسباب التي تعتبر فعلا مهمة وهي اشراك اطراف عراقية في القرار وليس أستخدامهم كموظفين ونبذهم او طردهم فجأة كما حدث في مداهمة الجلبي وبيته والادهى توجيه تهم لهم لاتقنع احدا مما يضفي على الاميركان صفة الكذب ويقلل من الثقة بهم.
ولكن النقد الذاتي قبل نقد الاخرين مهم، نلوم الاميركان لانهم لم يشركوا الطرف العراقي في التخطيط وصنع القرار ولكن ما حدث خلال العام الماضي من مجلس الحكم ابعد ما يكون من ان يثبت للشعب العراقي، وللتحالف والعالم بان هذه القوى السياسية على درجة من النضج السياسي او انها استطاعت الحصول على قاعدة شعبية تعزز الثقة بها:
ـ اصرار قادة الاحزاب الشيعية على ان تكون الشريعة المصدر الرئيسي للتشريع والغائهم لقانون الاحوال المدنية، فرضهم الحجاب و تطبيقاتهم للشرائع الدينية على الناس على الاخص النساء حتى اصبحوا يتدخلون في الجامعات ويفرضون الحجاب على الطالبات ولم تسلم المستشفيات من ممارساتهم للبلطجة. اميركا لم تنوي استبدال نظام البعث بنظام اكثر شمولية مثل نظام الملالي وكأن ايران هي المثل الذي يقتدى. كما ان تصرف الاحزاب الشيعية يفتقد الى الاخلاقيات، اي يتفقون مع الاميركان للقضاء على صدام وبعد ذلك ينقلبون عليهم وتبدأ الشعارات المعادية لاميركا تجوب الشوارع العراقية. لماذا لم يتفقوا مع ايران على التخلص من صدام اذن؟
ـ اصرار القادة الاكراد على ضم كركوك وممارساتهم ضد التركمان والاشوريين والاخرين وعدم تبنيهم سياسة تمثل مصلحة الشعب العراقي الذي يسكن تلك المناطق وبدلا منها اتباع الاحزاب الكردية سياسة عنصرية قمعية تجاه السكان مما اثار المخاوف بان هذه الاحزاب ما هي الا نسخة من حزب البعث وان العنصرية التي تفشت في شمال العراق ستضيف كراهية لاميركا تبنى على الكراهية السابقة وانعدام الثقة بسبب دعمها لاسرائيل على حساب الفلسطينيين،
ـ عدم جدية مجلس الحكم في اصدار الدستور،
ـ اعتماد الانتساب القبلي والمحسوبية في الوظائف
ـ تصريحاتهم الغير متناسقة
كلها تشير الىعدم توفر الطرف العراقي المسؤول والمؤهل لقيادة عملية التغيير هذه وبان حساباتهم سطحية وقصيرة الامد.
و لو نقارن ما ورد في التقرير واجراءات الادارة الاميركية في الايام الاخيرة لوجدنا بانها تنفيذ حرفيا لما جاء فيه.
نتمنى ان لا يؤدي الامر الى المزيد من التخبط والفوضى لان الفشل الاميركي في العراق يعني فشل مشروع الديمقراطية ودولة الحقوق.
المقترحات التي تضمنها التقرير من شأنها ان تثير لدينا قلقا جديا:
ـ العودة الى العمل مع حزب البعث في المناطق المعادية (السنية والشيعية) وقد رأيت في الوثيقة التي نشرت (ان كانت حقيقية) عن اختراق البعثيين والوهابيين لجماعة الصدر ما يؤكد هذا الاتجاه.
ولكن التقرير يوصي بالاحتفاظ بمشروع الديمقراطية في المناطق الصديقة (الكردية).
وهذا يرينا بان العداء للتحالف سوف لن يجر على العراق غير المزيد من الدكتاتورية والحكم الاحادي ولن يكون لنا اقتصاد حر بل اقتصاد يرتبط بدولة غير دستورية تعقد ما تريده وما يريده الاخرون لها من صفقات وهذا يعني الاستمرار في التخلف والعبودية لبلدنا.
ـ ان تبقى الامور في دول الشرق الاوسط وفي العراق على ما هي عليه. لكن السماح بقدر قليل من الاصلاحات. والابتعاد عن ترديد بان اميركا تنوي تغيير الانظمة في المنطقة.
هذه توصية لا يمكن غير القبول بها لان عدم النضج السياسي لدول المنظقة سواء من ناحية وعي شعوب المنطقة او كفاية احزابها السياسية سيؤدي الى تهاوي العملية برمتها. الافضل وضع سياسة بعيدة الامد، استمرار النهج الميركي في دعم الاتجاهات الديمقراطية وعدم التسامح مع السياسات القمعية للحكومات الدول العربية. على سبيل المثال كما حدث عندما هددت اميركا بقطع المعونات بمقدار مليار دلار سنويا لمصر ان لم تفرج الحكومة المصرية عن د. سعد الدين ابراهيم الناشط في نشر مفاهيم المجتمع المدني.
ـ العدول عن النوايا في تشجيع الاقتصاد الحر
هذا الاقتراح يمكن ان ينظر الي من زوايا مختلفة:الانفتاح الاقتصادي الكامل يخيف العراقيين، العراقي في وضعه الحالي لا يمتلك القوة الاقتصادية التي تمكنه من الوقوف امام المنافسة، وقد رأينا من خلال الصفقات الاقتصادية بان المنتفع هم الاجانب الذين يمتلكون رأس المال والتجربة والتكنولوجيا والانفتاح الغير مبرمج سينتهي بالعراقيين بان يكونوا عمال يعملون بالاجرة في الشركات المستثمرة ولم يتم وضع اية رؤية او خطة توضح كيفية الاستفادة من الثروة النفطية لرفع المستوى الاقتصادي للانسان العراقي.
ولكن من الناحية الاخرى غياب الاقتصاد الحر يؤدي الى تغلب الدولة وتضخم دور الحكومة وحجمها ويولد النظام الشمولي والدكتاتورية من جديد. وتكون الصفقات الكبيرة بيدالحكومة مما يشجع على الفساد الاداري.
ـ يوصي التقرير ياعطاء دورا اكبر للامم المتحدة التحالف مع الدول الامربية واعطاء الدول العربية المجاورة دورا اكبر.
هذه توصية من الضروري أخذها بعين الريبة والحذر لان الدول العربية المجاورة كان لها دائما مواقف معادية لتطلعات الشعب العراقي وهي نفسها التي قدمت الدعم لصدام وساعدته في قمع كل انواع المعارضة. وهي التي تثي الفوضى وترسل ارهابيين لافشال دور التحالف، ان التعاطف مع هذه الدول وتمكينها من التدخل في شؤون العراق سيكون بمثابة استجابة لتهديداتها وافراغ مشرع بناء عراق دستوري وحكومة منتخبة من محتواه الحقيقي ويجعل دور اميركا لايزيد عن كونها دولة احتلال.
ـ والتوصية الاخرى التي لا يمكننا ان نلوم الباحث عليها هي اقتراحه بان تجعل الادارة الاميركية أمرا واضحا للعراقيين
وهو انه: نساعدكم ان تساعدوا انفسكم!
احمد الجلبي بذل الكثير من الجهود في اقناع الاميركيين بتبني الاصلاحات الديموقراطية في العراق ودعمه لمشروع تطوير مفاهيم المجتمع المدني ولكن ما ان ازيح نظام صدام حتى لم نعد نسمع عن هذه الامور وانشغل قادة الاحزاب بتقاسم السلطة والمحاصصات الطائفية والعائلية. الى ايام قليلة مضت كان الجلبي وحزب المؤتمر الوطني يحصلون على دعم مادي من اميركا يصل الى نصف مليار دولار شهريا كما تشير الاخبار التي نقلت اخبار قطع هذه المعونات عن حزب المؤتمر اضافة الى الدعم الاعلامي، بالطبع هذه الاموال لا تاتي من جيب احد وانما من المواطن الاميركي واقناع المواطن الاميركي يحتاج الى الكثير من الجهود والعمل ويجب ان يكون الامر له ثمار ملموسة في العملية كلها. ولكن في الاونة الاخيرة بدأت ظاهرة غريبة تظهر على سطح تطورات الاحداث وهي ان اميركا تدفع للجلبي وايران تستغله، نتيجة خطيرة بدأت الادارة الاميركية تراها وهي ان ايران استغلت الجلبي من اجل تخفيف القبضة الاميركية ضد ايران وايران لم تضع زمنا في العمل على التغلغل في الساحة العراقية واثارة الفتن والاضطرابات. و لا احد يدري كيف انزلق احمد الجلبي في هذا الطريق. ولا احد يدري كيف ان الجلبي لم يعترض على مبادرة عبد العزيز الحكيم في الغاء قانون الاحوال المدنية واعتماد الشريعة هي القانون ولم يوقف الكارثة الا فيتو السفير الاميركي بريمر.
ولكن الجلبي او غيره ينزلقون لان الطريقة السائدة في الدول المتخلفة هي ما ان ياتي القادة الى منصب الحكم حتى ينقطع تواصلهم مع الرأي العام وتطورات الاحداث، ربما ينشغل بالبروتوكولات والسفرات وتوازن القوى في الدائرة الضيقة من المناصب مما يضعفهم ويدفعهم الى الاعتماد على القوى الخارجية بعد ان فقدوا الثقة بين صفوف شعبهم، لهذا نرى قادتنا السياسيين منهم من يعتمد علىعلاقته بايران ومنهم من يعتمد على ارتباطاته بادارة شارون ومنهم من يعتمد على الدعم السعودي وهلم جرا. ولكننا نرى كيف ان الدول المتقدمة تعتمد الدراسات والتقارير والتحليل السياسي من اجل وضع ستراتيجية، هل سمع احدا بان هناك ستراتيجيية ما لاي دولة عربية غير الحسابات البسيطة والقرارات الارتجالية وتبجيل الشخص بدلا من الاتجاه والاجراءات، والتهريج وترديد الشعارات التي لا يمكن تغييرها مع تسارع الاحداث فتبقى سياسة الدولة العربية تلهث وراء الاحداث ولا تستبقها ويبقى الانسان في هذه الدول تائها لا يدري الى اين سينتهي به المطاف.
Walk firmly and openly away from the losers in the IGC like Chalibi. Open up the political structure and deal with Shi’ite oppositionists، Sunni insurgents، ex-Ba’athists to the maximum degree possible. Drag in as many non-IGC leaders as possible، and give Ibrahimi's council idea the strongest possible support. Lower the US profile in shaping the political future of Iraq as much as possible and bring in as broad a UN international team as possible.