ــ بعض العراقيين يطالبون بالفدرالية أسوة لما موجود في كردستان العراق. . ويرى
هذا البعض أن الفدرالية ضمانة أكيدة ضد الاستبداد والديكتاتورية. . بينما يرى
آخرون أنها بداية لتقسيم العراق. . كيف تقيمون النظرتين؟
"الفيدرالية على اساس اثني تكون اساسا للنزعات العنصرية و التوسعية والسعي الدائم لاغتنام اراض لقومية على حساب قومية اخرى و تلحق الضرر بحقوق الاقليات المتواجدة ضمن الفيدرالية الواحدة لهذا ارى الفيدرالية على اساس جغرافي و ليس اثني هي الشكل الافضل لادارة البلاد و لتجنب سلبيات الحكم المركزي. و هناك امور اساسية ينبغي ان تحكم هذه الفيدرالية كي لا تصبح الاواصر التي تربط المناطق الفيدراليات ببعضها لا تتعدى الحدود الشكلية وضعيفة و أهمها ان يكون الجيش و العلاقات الخارجية مرتبط بشكل تام بالحكومة المركزية، و لابد ان يتم اتخاذ قرارا عادلا بخصوص الثروات النفطية، للاسف هناك اصوات بدأنا نسمعها بأن المحافظات الجنوبية تطالب بالاستقلال بمواردها النفطية و هذا الامر نفسه الذي يدفع بالاحزاب الكردية الى المطالبة بان تكون كركوك ضمن اقليم كردستان انا ارى مثل هذه المطالب انانية اذ كيف يمكن لاحد ان يسعى الى حرمان قسم من الشعب من واردات النفط. الشعب العراقي برمته و بدون استثناء عانى الكثير جدا بسبب الثروات النفطية هذه، لهذا لا اجد من العدل ان تنفرد المحافظات التي يتواجد النفط على ارضها بواردات النفط. و ليس هناك جزءا من العراق و شعبه يمكننا الاستغناء عنه و حرمان المناطق الاخرى منه، فكل منطقة لها خواصها التي لا يمكن فصلها عن الاجزاء الاخرى. و لو تقسم العراق ستظهر مشاكل الموارد المائية و مشاكل الطرق التجارية وغيرها و قد تكون حافزا لمنتجي الاسلحة و تجار الحروب الى العمل على تاجيج الخصومات بين الفيدراليات لترويج بضاعتهم و ابتزاز ما يمكن من واردات النفط، لهذا لا اجد بأن النفط يستحق ان نفرط بوحدة ارض و شعب العراق من اجله وان كنتم تتابعون النقاش الاوربي حول البيئة، ستجدون بأن القلق الان في اوجه على مستقبل الحياة على كوكبنا بسبب زيادة نسبة ثاني اوكسيد الكاربون الناتج من استهلاك البترول و لا يستبعد ابدا ان يتخذ العالم قرارات بالحد من استهلاك النفط لان حساب احتياطات النفط العالمية وكميات ثاني اوكسيد الكاربون الذي سينتج منها عندما تحترق يثير دهشة المعنيين بالبيئة العالمية. و هناك توقعات جدية بأن النفط سيفقد الكثير جدا من قيمته بعد عشر سنوات وستم الاستعاضة عنه بمصادر اخرى للطاقة اقل ضررا على البيئة. ما اعنيه هنا انه من الخطأ الكبير التفريط بوحدة الشعب العراقي الذي اكتسب هويته الحضارية و الثقافية من خلال تعايشه معا على مر الاف السنين من اجل النفط الذي لم يمض اكثر من قرن على استعماله و قد ينفذ او يتم الاستغناء عنه بفترة اقل بكثيرمن هذه.
في نظري من الممكن تلخيص بعض شروط الشكل الصحيح للفيدرالية بهذه النقاط:
ـ ان تقوم على اساس جغرافي
ـ ان تكون الدولة الفيدرالية ملزمة بلائحة حقوق الفرد العراقي
ـ ان يكون الجيش و العلاقات الخارجية مرتبطة بالحكومة المركزية.
ـ الموارد النفطية ترتبط بالحكومة المركزية و توزع بشكل عادل على الفيدراليات.
ـ ان يكون هناك قانون يحكم الموارد المائية و الطرق التجارية و منافذ الحدود وفق لمنفعة البلاد العامة. "
٢ــ كيف تقرأون المستقبل السياسي للعراق في ضوء المشاركة الكبيرة للعراقيين في
الانتخابات، وغياب بعض الأوساط. . وبعبارة أخرى هل تتوقعون بروز تحالفات سياسية
بين الكيانات التي شجعت العملية السياسية وشاركت فيها، في مقابل تحالفات أخرى
للكيانات التي وقفت بالضد منها، وهل الديمقراطية يمكن ان تتحق مع التوافق
والوفاق؟؟.
" لابد من التفريق بين الدولة و الحكومة، المجلس الوطني الان على عاتقه وضع اسس الدولة العراقية التي ستتوالى على ادارتها برلمان و حكومات منتخبة. المجلس الوطني سيضع الاسس التي ستحكم الانتخابات و قانون الاحزاب و قبل كل شئ و اهم من كل شئ ان يقر لائحة حقوق الفرد العراقي بغض النظر عن دينه و قوميته و جنسه بشكل ينسجم مع قوانين الامم المتحدة لحقوق الانسان. لهذا انا كنت اتمنى لو كان انتخاب المجلس الوطني ليس من خلال احزاب و تكتلات بل انتخاب الشخصيات العراقية التي تحضى بتقدير و احترام العراقيين و ممن لهم كفاءة في مجال الحقوق و ميزات قيادية و دبلوماسية و عسكرية و غيرها، و هذا لم يكن ليمنع ان تدعم الاحزاب هذه الشخصية او تلك و لكانت الصعوبة في اختيار رئيس الدولة اقل الان. التكتلات السياسية ستظهر اثناء و بعد الانتخابات البرلمانية و هذا امر اعتيادي، مادام كل حزب مجبر على اتباع قانون الاحزاب الذي اهم ما يجب ان ينص عليه هو ان لا يمتلك الحزب السياسي ميليشيات و لا يلجأ الى السلاح والعنف باي شكل بل الى الحقوق وكذلك ان لا يستلم تمويلا من دولة خارجية او جهات مشبوهة و غير قانونية، الدولة ستدفع تخصيصات معينه للاحزاب السياسية المستوفية للمواصفات، عندها ستكون المنافسة حرة بين الاحزاب و سيعمد كل حزب الى تقديم افضل الخدمات لناخبيه و من خلال مؤتمراتها و الانتخابات الديمقراطية داخل الاحزاب نفسها ستتطور و تزداد كفائتها مع مرور الزمن و قد تلجأ الى الائتلاف فيما بينها للحصول على عدد اكبر من المقاعد البرلمانية، المهم الان التقدم بالخطوات الصحيحة على هذا الطريق. "
٣ــ هل تتوقعون أن تتوصل الأحزاب السياسية داخل الجمعية الوطنية لصياغة دستور
لا يسقطه ثلثا ثلاث محافظات؟.
لا شئ يمكن ان يحل محل الوعي لدى المواطن العراقي و تعقيبه الحذروالمستمر لمجريات الامور في هذه الايام التاريخية فهذا سيشعر اعضاء المجلس الوطني بجسامة المسؤولية التي امامهم وبان مستقبل الاجيال القادمة سيتوقف الى درجة كبيرة على مدى كفائتهم في تحملهم لهذه المسؤولية، المواطن العراقي لا ينبغي ان يترك المجلس الوطني لوحده بل لا بد ان يشعره بحضوره ودعمه ويحيط من انتخهم بمطالبه المشروعة وتوقعاته منهم لاسيما و نحن الان نتمتع بهذه الامكانيات الكبيرة في مجالات الاعلام و الاتصال بشكل لم تكن تحلم به الاجيال السابقة.
٤ــ كيف يمكن للجمعية الوطنية ان تكتب دستورا حقيقيا يضمن وجود ديمقراطية
تعددية وليس مجرد دستور شكلي قد يسقطه أي انقلاب عسكري؟.
" كما اشرت سابقا بان يصدر المجلس لائحة حقوق الفرد العراقي التي تستند على اساس لوائح حقوق الانسان المثبتة في قوانين الامم المتحدة. انا من تواجدي في تركيا البلد الذي شهد ثلاث انقلابات عسكرية خلال الواحد و ثمانين عاما من عمر الجمهورية التركية لاحظت بان الشعب التركي يثق و يحترم مؤسسة الجيش و ذلك لتاريخه الطويل في حروب التحرير، اذا ما تذكرنا حرب الدردنيل و كيف اجتمعت الجيوش الاوربية لاقتسام تركيا. اثناء حرب التحرير كان مجلس المبعوثين ممثلا بمندوبين من المدن التركية يتحرك مع مركز القيادة العسكرية في جبهات القتال، بالطبع الظروف كانت عسيرة و قاسية جدا، و ما ان تم اعلان النصر حتى تم افتتاح البرلمان واعلان تاسيس الجمهورية التركية الحديثة و لكن لم تكن هناك في ذلك الوقت احزابا سياسية مما دفع أتاتورك ان يشير الى بعض جنرالات الجيش ان يستقيلوا من المؤسسة العسكرية ليؤسسوا احزابا سياسية و بعض الاحزاب الحالية هي امتدادا لتلك الاحزاب الاولى و لكن بالطبع برامجها واشكالها تغيرت مع تغير الظروف. اما الدستور فيتغير بشكل بطئ جدا ان الحت الامور المستجدة وفق التطورات التي يشهدها المجتمع كما هو الحال الان ضمن عملية الانسجام مع الاتحاد الاوربي تتم مناقشة بعض البنود و تغييرها. الانقلابات العسكرية كانت تحدث عندما تعجز القوى السياسية عن ادارة دفة الحكم و عندما تكون البلاد على حافة حرب اهلية و وصول التناحرات بين الاحزاب السياسية الى طريق مسدود عندها تتدخل قيادة الجيش و لكن في كل مرة تم تسليم الامور الى حكومة و برلمان منتخب بعد فرض استتباب الامن. انفتاح تركيا على العالم الغربي ساعد الى حد كبير على رجوع الامور الى مجراها لان الحكم العسكري ان دام سيتحول الى حكم دكتاتوري و هذا بالتالي سيؤدي الى الانغلاق عن دول العالم المتطور التي تسير وفق قوانين و اسس معينة و يسئ الى الجيش نفسه و الى دوره الذي تاسس من اجله و هو حماية حدود البلاد ووحدتها.
و سوف يسرني اطلاعكم على رأيي في مقالة نشرت سابقا (١) حاولت فيها ان اشرح الكثير من تفاصيل هذا الامر الهام.
٥ــ أية ملاحظات أو إضافات. .
نعم، اتمنى ان يتم اختيار رئيس الجمهورية من بين الشخصيات العراقية التي تحضو بحب و تقدير العراقيين و التي عرف عنها بحسن السيرة وعدم الانحياز لفئة او دين او مذهب بل انحيازها الى اسس العدالة و الى الحقوق و ان تكون على معرفة بالقوانين التي يسير بموجبها العالم البشري و العالم المتقدم اليوم، لان المثالية لوحدها لن تكون ذات جدوى و من شأنها ان تسير بالشعب و البلاد على طريق خاسر و نحن في المنطقة العربية لنا الكثير من الامثلة على هذا. وان يكون الانسان العراقي قد استفاد فعلا من التجارب المريرة ليقف الى جانب القيادة السياسية التي يختارها و يدفعها الى ان تكون اجرائاتها في صالح مستقبل البلاد و بعيدا عن المغامرات و الشعارات العديمة الجدوى. الانتخابات البرلمانية تعتبر مدرسة جيدة للاحزاب السياسية فالحزب الذي يخسر الانتحابات يراجع اسباب الفشل و يحاول التوصل الى الطرق التي تجعله يكسب شعبية اكبر وهو في موقع المعارضة وان خسر الحزب الحاكم الانتخابات فسيراجع الصعوبات و الهفوات التي اعترضت طريقه و قللت من شعبيته. و اتمنى ان يبتعد العراقي عن عبادة الشخص و ان تكف الاحزاب السياسية عن تزيين هذا الامر له، الاجراءات هي المقياس و ليست الوعود الكبيرة.
مع الشكر و التقدير
حنان أتلاي
1 ـ http://www. atalay. info/general2. php?id=257
دراسات و مقالات اخرى للكاتبة
http://www. atalay. info/general. php?TYPEID=2
http://www. atalay. info/general. php?TYPEID=6&KONUID=33