العلم العراقي الجديد الذي أقره مجلس الحكم العراقي المؤقت يجافي المنطق ويضرب بالأسس الدستورية عرض الحائط. فمجلس مؤقت يقر علما مؤقتا هو من إرهاصات زمن الاحتلال ومحاولة غريبة من قبل بعض السادة الذين جاءت بهم الأقدار لتخطيط مقدرات الوطن العراقي.
وقرار العلم العراقي غير نافذ ويعلم الكل أن ما بني على باطل فهو باطل. فالمادة الثامنة من (قانون) إدارة الدولة العراقية المؤقت تقر بأن علم الدولة ونشيدها وشعارها يحدد بقانون. وعدم إصدار قانون تقره هيئة تشريعية شرعية لتحديد شكل العلم العراقي ومحتواه يجعل العلم المؤقت المذكور غير قابل للأخذ به.
والمادة الثانية عشرة من القانون المذكور تنص على أن العراقيين متساوون في حقوقهم بصرف النظر عن الجنس أو الرأي أو المعتقد أو القومية أو الدين أو المذهب أو الأصل وهم سواء أمام القانون. ويجب أن نعلم عن الحكمة في وضع هذه المادة كمبدأ أساسي في القانون المذكور، فإذا كانت تقليدا لا معنى له لمباديء القانون الدستوري وعملية تجميلية للصورة العراقية في الحقبة الجديدة فاقرءوا على المستقبل العراقي السلام. أما إذا كان واضعوها يعنون ما يقولون وتتبناها الجماهير العراقية فان ذلك يناقض جملة وتفصيلا ما ذهب إليه العلم العراقي من إبراز للاكراد العراقيين وحدهم في العلم دون العرب والتركمان والكلدوآشوريين وبقية القوميات وإهمال للأقليات الدينية في الوطن العراقي الموحد.
إن الغريب وكما تناوله بعض السادة الكتاب أن العلم العراقي قد أشار إلى الإسلام في رمز الهلال والى الأكراد في اللون الأصفر وفي هذا إجحاف واضح بالإخوة الأكراد الذين يدينون بالإسلام قلبا وقالبا ولا يرضون بسلخهم عن الهوية الإسلامية السمحاء.
ولا يغيب عن ذكاء القاريء أن التركيبة الجديدة للعلم العراقي ما هي إلا محاولة مكشوفة للابتعاد عن الألوان التقليدية الأربعة للأعلام العربية على طريقة المادة السابعة من القانون المذكور والتي اكتشفت أن العرب العراقيين هم عرب، بنص المادة التي تقول بان الشعب العربي في العراق هو جزء من الأمة العربية! مما حدا بهم إلى استبعاد أي لون يمت للشعب العربي في العراق بصلة.
ويعلم العراقيون أن المادة السادسة والعشرين من القانون الغريب أعلاه تنص بأن القوانين النافذة في العراق في ٣٠ حزيران ٢٠٠٤ تبقى سارية المفعول إلا إذا نص هذا القانون على خلاف ذلك والى أن تقوم الحكومة العراقية الانتقالية بإلغائها أو تعديلها وفقا لهذا القانون. وبما أن القانون المذكور لم يقم بإلغاء قانون العلم العراقي النافذ أو تعديله فان قرار العلم العراقي الجديد غير نافذ حيث لا يجوز تعديل القانون بقرار بل يقتضي لتعديله إصدار قانون جديد وطبعا من جهة تشريعية تملك صلاحية إصدار القوانين.
لقد سبق وان ابدينا الرأي في مقال سابق و في رؤية تركمانية للعلم العراقي بأن العلم ليس ربطة عنق تستبدلها كلما استبدلت لون الملابس أو عندما تقام دورة رياضية، فليت السادة والسيدات في مجلس الحكم المحلي يتحلون بشجاعة الاعتذار عن الخطأ ويتركون الأمر لمساره القانوني.
وحبذا لو كان الأعضاء قد أخذوا بمشورة السيدة صونكول جابوق التي أبدت شجاعة فريدة في طرح حلول عملية للموضوع برمته دون أن تتجاوز النصوص القانونية، وليتنا نرى قرارا شجاعا يشطب كل القوانين الاستثنائية ويكرس الوحدة والتمازج بالعودة إلى العلم العراقي الذي بدأت به الدولة العراقية دون إشعار احد بالغبن أو التمييز أو الاستبعاد.