الى السادة المجتمعين: اقرأوا معي سيناريو الانتخابات المقبلة
بعد أن صادقت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق على النتائج النهائية لانتخابات المجلس الوطني ومجالس المحافظات، بدأ الكثيرون من إبداء تحليلاتهم لما جرى وكان البعض كالعادة شامتين والآخرون مذهولين.
لا أعتقد أن أحدا سيعترض على مقولة بأن هذه الانتخابات كانت منقوصة باعتبار عدم احتكامها لشرائح كبيرة من المجتمع العراقي، وكاملة مرضية بالنسبة لشرائح أخرى.
أبتهل إلى الله أن ينجيني من مغبة الاحتكام إلى الصوت الواحد أو للطائفية أو للتعصب القومي، لكنني وبعد أن اطلعت على كتابات بعض الإخوة والكتاب أن أسأل كل ذي ضمير حي ما يلي:
- هل أنتم معي بأن عدد نفوس العراق الآن هو ما يقرب من ٢٥ مليون نسمة؟
- هل توافقونني الرأي أن إخوتنا الذين وثقوا بقائمة الائتلاف الموحد قد شاركوا على الأغلب جميعا في الانتخابات؟
- هل توافقونني الرأي بأن إخوتنا الكرد قد شاركوا بنسبة ساحقة في الانتخابات بنسبة تزيد على ٨٥ بالمائة؟
- هل أنتم معي في تصديق ما أعلنته الهيئة المستقلة أن عدد ناخبي هذه الانتخابات كان ١٤ مليونا؟
- هل سمعنا كلنا بما أعلنته الهيئة أن المشاركين في الانتخابات كانوا ثمانية ملايين ونيف؟
- هل يعني ذلك أن ما يقرب من ستة ملايين لم يشتركوا في الانتخاب؟
إذن هناك شريحة شاركت في الانتخاب وسوف لن تزيد نسبتها بشكل دراماتيكي بعد ١١ شهرا في انتخابات مقبلة.
من هذه الشريحة، الائتلاف الموحد الذي حصل على ٤٨ بالمائة من الأصوات أي بما يزيد قليلا على أربعة ملايين.
ومن هذه الشريحة إخوتنا الكرد الذين صوت معظمهم للائتلاف الكردستاني، وإذا أضفنا إليهم الإسلاميين والشيوعيين والأحزاب الأخرى فيكون مجموع أوراقهم الانتخابية مليونين ونصف.
إذن وبكل هدوء، لندمج الذين لم يشاركوا في التصويت ونرى النتيجة للسيناريو الذي سيحدث بعد ١١ شهرا.
إنني لا أسوق هذا الأمر تقليلا من شأن أية جهة أو فرد لا سمح الله، ولكن لحث جميع الأطراف على الدخول في تحالفات مبدئية لا تغلب المصلحة الآنية الضيقة بل الولاء الوطني والحرص على مستقبل العراق، والرجاء من بعض القادة السياسيين أن يخففوا من غلوائهم ففوق كل قدرة، قدرة أكبر!
إن نتيجة افتراض كهذا سيقودنا إلى أن الائتلاف الموحد سيحصل على ٢٩ بالمائة من أصوات الناخبين، وقائمة التحالف الكردستاني على ١٧ بالمائة من الأصوات.
لا تنسوا أيها الإخوان بأن من غابوا كالسنة والتركمان والآشوريين والشبك والليبراليين والعرب القوميين، أو من غيبوا عنوة ومنهم شرائح من كل ما ذكر أعلاه هم ٤٢ بالمائة ويمكن لهم إذا قرروا الانخراط في هذه العملية أن يقلبوا موازين القوى.
إذن لنراجع تنظيم صفوفنا وننبذ التعصب القومي والولاء الإقليمي ولنعمل سوية من أجل عراق ديمقراطي لا نبحث فيه من سيكون رئيسه أو رأس حكومته باعتباره القومي أو الطائفي أو لمكافأته على نضال خاضه ضد الديكتاتورية وهو مؤمن بأنه قد أدى واجبا إنسانيا ليس إلا. ليكن اختيارنا إلى جانب الأصلح والأصوب لكي لا نخلق ماردين جدد ولا أنظمة ديكتاتورية نناضل ضدها خمسة وثلاثين عاما أخرى!
احتكموا أيها الأخوة العراقيون إلى منطق العقل، وانسوا لأيام نشوة النصر أو مرارة التهميش واجمعوا مؤتمرا عاما شعبيا تخرجون منه يدا واحدة تنبذ الإرهاب والتعصب والفساد. انتبهوا لما يحاك لنا كلنا هداكم الله فسوف لن يكون هناك منتصر إذا توالت الأمور بهذا الشكل بل نكون جميعا خاسرين.
مع خالص التحيات.
في ديمقراطية منقوصة. . . أين اختفى تركمان العراق؟
في استقراء لنتائج الانتخابات العراقية وسيناريو الانتخابات المقبلة أوضحت بالأرقام ما لم تستطع صناديق الاقتراع من ضمه من أصوات الناخبين.
وهنا أكرر رجائي بأن لا تأخذ النشوة بعض الإخوة فيقرروا على ضوء معطيات غير حقيقية مواقف لا يمكن التراجع عنها بسهولة. فالنتيجة هذه وقتية بقدر أحد عشر شهرا، وقد تكون اللعبة السياسية تخبيء مفاجآت لا تخطر على بال المنتشين حاليا.
كما أود أن أتطرق إلى الصورة التي التقطت لتركمان العراق في معطيات الانتخابات الماضية، والظاهر أن الديمقراطيات المنقوصة، أصلحها الله بفضل سواعد إخوتنا العراقيين دون تمييز، تتبخر فيها بعض القوائم والاثنيات وتبرز أخرى ولا أظن ذلك انتقاصا من قيمة من جرى تهميشه عنوة ولا انتصارا حقيقيا لمن ضخم دوره وبدأ يحيك لنفسه ثيابا أوسع مما يسعها جسمه.
ولنعد إلى عدد نفوس التركمان، فهناك من أفتى بأنهم لا يزيدون على اثنين بالمائة من نفوس العراق، وأن هناك مبالغة صارخة في تقدير عددهم من قبل بعض الجهات التركمانية. وقد أسلفنا مرارا وتكرارا بأن الحكم الوحيد في هذا الأمر هو الإحصاء الدقيق والنزيه. فقد يكون التركماني الشيعي قد أدلى بصوته لصالح قائمة الائتلاف الموحد ولكنه سيؤشر بالتأكيد على قوميته التركمانية في إحصاء كذلك، علاوة على من لم يشارك في الانتخاب فإن استمارة التسجيل تذهب إليه في منزله.
أما المؤشرات فأنها معطيات مقنعة طالما تجنبتم المبالغة والابتعاد عن المنهج العلمي. ولنراجع مع الإخوة الذين غرتهم حصول قائمة انتخابية تركمانية واحدة على أقل من مائة ألف صوت دون حساب المقاطعة والتحايل الذي تم والقسر الذي جرى، فنسأل لماذا صوت للتركمان حوالي ثلاثة آلاف في الموصل؟ هل عدد التركمان في محافظة الموصل ستة آلاف مثلا؟ وقس ذلك على كركوك وديالى وأربيل ومناطق أخرى.
ولكي لا اتهم باختيار الرقم الأصلح فأنني سأختار الرقم الأسوأ من وجهة نظر التركمان في مناقشات ولاية الموصل في أعقاب الحرب العالمية الأولى.
فالبريطانيون في مذكرتهم ومناقشاتهم يقولون أن تلعفر والقرى المحيطة بها تركمانية(ولا اعتقد أن أحدا يدعي بأنها ليست كذلك حاليا أيضا) و يذكرون نفوسها في ١٩١٩ بأنها ٨٩٥ ١٤ نسمة. فإذا كانت هذه المناطق تحوي حاليا على حوالي ٠٠٠ ٣٥٠ نسمة (هل بالغت في هذا؟) فأن عددهم حاليا هو خمسة وعشرون ضعفا.
فلماذا لا يكون نفوس كركوك التركمان في محافظة كركوك خمسة وعشرين ضعفا أيضا. لقد ذكر البريطانيون واللورد كورزون نفسه بأنهم يبلغون ٠٠٠ ٣٥ نسمة، فلماذا هم الآن لا يبلغون ٠٠٠ ٨٧٥ نسمة؟ وهذا على أضعف الفروض وبقبول طروح البريطانيين آنذاك كمسلمات؟
بل إن الجدول الذي أورده البريطانيون أنفسهم يقول بأن الأكراد في مجمل لواء كركوك هم أقل من النصف وحيث أن التقرير يذكر أن نفوس مدينة كركوك من التركمان و غلبة الأكراد هي في الأقضية والنواحي التابعة لها، فلماذا لا يطالب الأكراد بضم المناطق الكردية الصرفة من كركوك مثل جمجمال (سابقا) وقرة عنجير وقرة حسن وما إلى ذلك؟ ولماذا لا تبقى مدينة كركوك بوضع خاص يتلاحم فيه الأكراد والتركمان ويحترمون تطلعات بعضهم، بدل الادعاء بأنها قبلة الأكراد أو جوهرة كردستان أو قدسها؟
لقد أورد التقرير والدراسة المذكورة أن هناك ٠٠٠ ١٥ شخصا تركمانيا في أربيل وآلتون كوبري، فأين اختفى هؤلاء وبغض النظر عن وجوب كونهم الآن ٠٠٠ ٣٧٥ بنفس المنطق فلماذا نقصوا حتى عن الخمسة عشر الخاصة بعام ١٩١٩؟ هل لديكم من تفسير؟
إن نفس منطق التقرير المذكور وعلى علاته وبإضعافه الخمسة وعشرين فقط تدل على أن ٦٦ ألفا من التركمان في حدود الألوية الشمالية باستثناء ديالى وبغداد يجب أن يكونوا مليونا وستمائة ألف نسمة يضاف إليهم لنقل عشرة بالمائة في خانقين ومندلي وبدرة وبغداد وما إليها أي ما يبلغ مليونا وثمانمائة ألف؟ هل أخطأت في الحساب؟
هذا إذا كان البعض يعتبر طروحات البريطانيين آنذاك خاطئة إلا عندما يتعلق الأمر بالتركمان، فإذا أخذنا بسجلات الدولة الرسمية آنذاك وقدمت أيضا في مفاوضات ولاية الموصل فأن الرقم أكثر بكثير.
وما هو الفرق إذا كان عدد التركمان لم يزد إلا بعشرة أضعاف أو تسعة من ذلك التاريخ مثلا؟ واذا كانوا لا يبلغون خمسمائة أو ستمائة ألف مثلا؟ هل هناك حاجز يجب أن تجتازه أية جماعة لكي تحترم كرامتها الإنسانية المعتمدة من قبل المواثيق الدولية والعرف الإنساني؟
إذن فإن الكرة في ملعبكم الآن، فأفيدوني ناشدتكم بالله أين اختفى تركمان العراق في هذه المعادلة إذا لم يكن هناك خطأ ما أو موقف ما أجمع عليه التركمان في غالبيتهم وتعاون على ذلك من له المصلحة في التغطية على واقعهم الإنساني.
لقد سألني أحد مقدمي البرامج في لقاء حي مرة، ما هو برأيي مدى العدل في تمثيل التركمان في الحكومات المقبلة، واليكم جوابي:
- لقد أجبت بأن عدم تمثيل أية قومية في الحكومة باعتبارها القومي أمر غير مرفوض لدي، فما دمتم تقرون بحقوق التركمان السياسية والقومية والثقافية، وما دام أولادي وأحفادي يستطيعون التكلم والتعلم بلغتهم وإنشاء جمعياتهم الثقافية ومنتدياتهم السياسية بكل حرية، وممارسة حقوقهم السياسية دون أن تصادرها جهة معينة، فماذا أجني من كوني وزيرا للمواصلات في العراق مثلا؟ ألا يوجد هناك من هو أكفأ مني في تنظيم المواني وخطط وصل البصرة بالعمارة بطرق حديثة مثلا؟ فلماذا يتم اختياري لذلك ككردي أو تركماني أو سني أو شيعي؟ ألستم معي في ذلك؟
إذن لننتظر الإحصاء الشامل والنزيه. ولنحتكم إلى العقل والضمير والمنطق وليقدم الكل أقصى ما جعبته من تنازلات فيبنوا عراقا حرا سعيدا، لا يستحوذ فيه البعض على آمال آخرين ولا يعارض فيها أحد حق الآخرين في العيش الكريم أو في نظام فيدرالي.
أيها الأكراد والتركمان، ويا أهل العراق قاطبة، احتكموا إلى الضمير الإنساني ومباديء حقوق الإنسان تكسبوا.
لماذا يتنازلون عن المناصب الرئاسية مقابل ضم كركوك؟
لاحظ الجميع ما أفادته الأنباء وتصريحات المسؤولين الرئيسيين للأحزاب الكردية في العراق من أن الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية مثلا يمكن أن تتنازل عنه القيادات إذا تم الاتفاق على قبول مطالب الأكراد في ضم كركوك إلى منطقة إقليم كردستان.
كما أدلى الكثيرون بأن القيادات الكردية مستعدة للتحالف مع أية جهة إذا أقرت بعائدية كركوك إلى المنطقة المذكورة.
ويعلم الجميع أن مثل هذا القبول أو التعهد لا يشكل التزاما قانونيا لأنه ببساطة يتعارض مع قانون إدارة الدولة العراقية المؤقت والذي ينص في مادته الثامنة والخمسين بشأن هذا الموضوع نصا على ما يلي:
" تؤجل التسوية النهائية للأراضي المتنازع عليها، ومن ضمنها كركوك، إلى حين استكمال الإجراءات أعلاه، وإجراء إحصاء سكاني عادل وشفاف، والى حين المصادقة على الدستور الدائم، يجب أن تتم هذه التسوية بشكل يتفق مع مبادئ العدالة، آخذا بنظر الاعتبار إرادة سكان تلك الأراضي "
وهذا يدلنا على أمرين:
١- إن المناطق المتنازع عليها ليست كركوك وحدها، بل بضمنها كركوك. وستطرح المشاكل التي حصلت لمدينة دهوك وبعشيقة، كما الأمر لقضاء تلعفر وما حواليها من تهجير وتشريد وتغيير للواقع القومي على بساط البحث إن عاجلا أو آجلا.
٢- إن هذه التسوية يجب أن تتم (بعد) إجراء إحصاء سكاني عادل وشفاف و(بعد) المصادقة على الدستور الدائم.
علما بأن نفس المادة تنص على وجوب تعويض المتضرر تعويضا عادلا إذا تعذرت التسوية، فإذا كان هناك عربي قد سكن في ملك مصادر يعود لكردي أو تركماني أو حتى لعربي لم يكن مواليا للنظام، وإذا تعذر إخلاؤه بسبب تشعب العائلة ومتطلبات دراسة الأبناء أو فقد المعيل، فانه يقتضي تعويض المتضرر، ولما كان المتضرر ينال تعويضا عادلا ويعود إلى مدينته فلماذا الإصرار على طرد عوائل لا ذنب لها إلا أنها سكنت في هذا الجزء أو ذاك؟
إذن فلنبحث معا عن سبب هذا الاستعجال في الأمر وتجاهل القانون الذي كانت الأحزاب الرئيسية قد أسهمت بشكل بارز في صياغته بهذا الشكل! إن السبب يعود إلى النتائج التي حصلت عليها الأحزاب الكردية مجتمعة، فإنها تعلم أن أية انتخابات حرة نزيهة بعد أقل من عام سيتيح لها ١٧٪ من الأصوات ولا يمكن لها أن تحظى بأكثر من ٤٥ مقعدا على أكثر تقدير، حين ذاك سيصعب إملاء الشروط وتهديد الآخرين بالانسحاب أو عدم المساندة، آنذاك سيقرر الشعب العراقي بحرية وروية ما لمصلحته في مثل هذه الأمور الحياتية.
فهل فهمتم الآن سبب هذه التصريحات المرتبكة وسبب هذه التنازلات أو الاستعجال في الأمر؟