١- من الذي سيقاتل؟
تباطئنا أنا و أبنة الجيران في الدخول الى الحمام بعد أن أنزعتنا والدتي قائلة " لا تتأخرا " . بعد الجري واللعب في دهاليز المنزع أخيرا دخلنا الحمام. حمام النساء. أنا و أبنة الجيران. كانت في السادسة من عمرها و أنا كذلك. دخلنا وأختنقنا بصراخ النساء. نساء و صراخ. صراء و نساخ. كنتُ صغيرا ... ذكرا صغيرا لا يتجاوز الستة من عمره. لماذا تصرخن أيتها النساء؟ كالعادة فأن أمي هي التي جلبتني هنا. مرة أخذني أبي مع أخوتي الذين يكبرونني الى حمام الرجال. لم أحبه أبدا. أجلسني الى جانب أحد الأحواض حيث الماء الحار يتدفق أكثر من الماء البارد. أمسكني من ذراعي بشدة وأخذ يسكب الماء على رأسي. أردتُ أن أصرخ " الماء حار جدا يا أبي" . لكني بقيت صامتا وشعرتُ بالعار من مجرد التفكير بذلك. أنا رجل في السادسة من عمري. فأذا كنتُ قد قلتُ له " أحترقتُ يا أبي" ربما كان يجاوبني " يا للجبان". وكما تعلمون فأن سماع كلمة "الجبان" ثقيل على المسامع. بالأضافة الى ذلك من الذي كان سيقاتل في الحروب القادمة؟
٢- الكلب
منذ الليلة الأولى من انتقالي للسكن في هذه البناية أخذ كلب جارتي بالنباح في وجهي حالما رآني. واصل نباحه في الليلة الثانية، في الثالثة، وفي العاشرة ولم ينقطع. هذا الكلب لم يألفني بأي شكل من الأشكال.
في الليلة الحادية والثلاثين أشتقتُ الى نسمة تمسد الشعر والى عاصفة تخمد النار المتأججة في القلب. ولكن هيهات. تذكرتُ كلب جارتي. ذلك الكلب الذي لم يألفني بأي شكل من الأشكال. قلتُ يا أبن الجاووش قم وأذهب أليه وقف أمامه كي ينبح في وجهك ما شاءت نفسه. لا أثر له. فلقد كانت جارتي أخذته الى النزهة.
٣- الحشرة الغبية
حشرة كبيرة طائرة تحلق حول المصباح الذي يتدلى مباشرة فوق سريري. أنظرُ اليها. تطير وتدور. حدسي يقول بأنها من الحشرات اللادغة. يا لها من خبيثة. تدور متظاهرة بأنها أنجذبت نحو الضياء. لكنني أعلم بأنها تنتظر أطفائي للنور وخلودي الى النوم وحينها تهبط وتتسلل تحت الغطاء كي تلدغني. يا لها من غبية. أتعتقد بأنني حمار الى هذه الدرجة ولا أعلم بما يدور في خلدها؟ أغلقتُ الكتاب الذي كنتُ أقرأه. وقفتُ على رجلي. أخذتُ وضعا وركٌزتُ بيدي والكتاب معا وفي اللحظة المناسبة ضربتها بالكتاب ضربة لم تنلها من قبل. وقعتْ على الأرض ثم سحقتُها.