إن التركمان العراقيين ينتمون من حيث السلالة العرقية إلى نفس المجموعة التي فيها الاتراك ويرجع اصلهم الى آسيا الوسطى والتي كانت تعرف سابقاً بتركستان (اليوم جزء منها تخضع لسيطرة الصين والجزء الآخر تتشكل منه الجمهوريات الإسلامية التي استقلت حديثاً ـ تركمانتسان وقرغيزستان واوزباكستان وطاجيكستان وداغستان. الخ) حيث كانت لهم ـ للتركمان ـ امبراطورية تمتد من منغوليا إلى شمال إيران، وفي عام ٧۰٥ م وصلت جيوش الفتح الاسلامي إلى تلك البلاد حيث استطاع القائد الإسلامي ((قتيبة بن مسلم)) الوصول إلى ما وراء النهر نهر جيحون ((اموداريا)) في فتوحاته ونشر الدعوة الاسلامية بين القبائل التركية فقبلوها في القسم الغربي من إمبراطوريتهم واعتنقوا الإسلام، ومنذ ذلك الحين أخذوا يفدون بكثرة إلى الشرق الإسلامي حيث لم تنقطع سلسلة هجراتهم. وأصل تسمية هذا الصنف من الأتراك بالتركمان يجرع إلى أنه كل من اسلم من أتراك القسم الغربي في الإمبراطورية كان يقال له صار ((ترجمانا)) لكونه أصبح يجيد لغة المسلمين ((العربية)) ويقوم بالترجمة بين المسلمين الفاتحين وبين بقية الاتراك، حتى صار ذلك علماً لهم أي لمن أسلم منهم ثم قيل بالتحريف والتخفيف ((تركمان))، ومن هنا تمفصل التركمان ـ حيث تطبعت عاداتهم وتقاليدهم بالعادات والتقاليد الإسلامية ـ عن بقية الاتراك الذين ظلوا محتفظين ببعض دياناتهم الوثنية وعاداتهم إلى فترات متأخرة حيث أسلموا بعد ذلك، ولكن بعد أن أصبح بين التركمان والأتراك فاصل زمني كبير تغير فيه الكثير من أوضاعهم وأحوالهم وأحدث في عمق الشخصية التركمانية. وهناك سبب آخر للتسمية لا يبتعد كثيراً عن سبب التسمية الأولى وهي أن كلمة التركمان مركبة من كلمتين هما ((ترك)) و ((إيمان)) أي الأتراك الذين أسلموا وآمنوا وتمييزاً لهم عن الاتراك الوثنين الذين بقوا على وثنيتهم، ومن ثم قيل بالدمج فاصبح ((تركمان)).
تاريخ القدوم إلى العراق
يذهب المؤرخون إلى أن استيطان التركمان في العراق أقدم بكثير من أستيطان الاتراك في الاناضول ـ تركيا حالياً ـ حيث تعتبر سنة ٥٤ للهجرة بداية للتوافد التركماني إلى بلاد الرافدين والاستقرار فيها، ثم توالت الهجرات التركمانية إلى العراق على شكل موجات في العهد الاموي والعباسي ومع جيوش السلاجقة والمغول والبويهيين. . . الخ
وإذا كان فتح العراق من قبل الجيوش الإسلامية قد تم في سنة ۲۱ للهجرة، فعليه أن التركمان دخلوا العراق مع فجر دخول الإسلام إليه، وأصبحوا جزءاً من العراق وشعبه حيث انقطعت كل صلاتهم وعلاقاتهم مع منشئهم الأول حالهم في ذلك حال أكثرية القبائل العربية التي استوطنت العراق واصبحت جزءاً منه والتي سبق وأن هاجرت إليه من اليمن والجزيرة العربية، وللتركمان إسهامات كبيرة في العراق سواء في مجال الدفاع عنه أو المشاركة في بنائه، كما ولهم شخصيات بارزة في التاريخ ساهمت في إنماء الثقافة والحياة ومن شخصياتهم المعروفة في الفترة الأخيرة العالم اللغوي المعروف الدكتور مصطفى جواد
نفوس التركمان العراقيين
ذكرت مجلة اينكوري في (فبراير ۱٩٧٨ م) أن عدد نفوس التركمان في العراق يبلغ أكثر من (۱,٥۰۰,۰۰۰) واليوم يتراوح نفوس التركمان بين مليون ونصف المليون وبين المليونين، وفي تقدير أقرب الى الواقع خلال قراءة الخط البياني لزيادة نفوس العراق بشكل عام والتركمان بشكل خاص انطلاقاً من إحصاء ۱٩٥٧ م.
ويسكن التركمان في المدن والقصبات والقرى الواقعة على الخط المنحني الممتد من مدينة تلعفر في الشمال وحتى مدينة مندلي في الوسط وتعتبر كركوك مركزهم، وهكذا فإنخم من خلال الامتداد السكاني والحغرافي يشكلون المنطقة الفاصلة بين المنطقة الكردية في الشمال والمنظقة العربية في الوسط والجنوب، وتعتبر منطقتهم داخلة من حيث الجرافية والمناخ ضمن المنطقة الشمالية.
اللغة والعادات
للتركمان لغتهم الخاصة والتي تعرف باللغة التركمانية وتتميز بعد وضود ضمائر للتذكير والتأنيث فيها، حيث يستخدم ضمير المخاطب أو غائب واحد للاثنين معاً و، وعدد حروف اللغة ((۳۱)) حرفاً حيث تضاف إلى الحروف العربية الـ ۲٨ المتسخدمة في اللغة التركمانية ثلاثة أحرف اُخرى هي (()).
الحالة الدينية للتركمان:
التركمان في العراق مسلمون قاطبة ويتوزعون على مذهبين رئيسيين حيث أن ٥۰ % منهم من المذهب الشيعي، و ٥۰ % من السنة مقسمين على المذهبين الحنفي والشافعي وهذا التنوع المذهبي في الوسط التركماني كان دوماً عامل ربط التركان بالعراق تربته الطاهرة المقدسة وذلك من خلال علاقة الشيعة التركمان القوية العميقة مع الغالبية الشيعية العربية من الشعب العراقي في الوسط والجنوب من الناحية العقائدية، ومن خلال علاقة هؤلاء ـ الشيعة التركمان ـ مع أخواتهم التركمان السنة من الناحية القومية والأسرية والنسبية.
وإن هذه العلاقة المزدوجة كانت عامل استقترار واطمئنان للتركمان حيث كانت تخرجهم من دائرة الشعور بالاقلية الضيقة، وتمنحهم الشعور الامتداد والارتباط بالدائرة الكبيرة للشعب العراقي.
كتابات
|
الذكرى الثالثة والأربعين لانعقاد المؤتمر المحلي الأول للمعلمين التركمان
محمد الغزالي
|
تحل اليوم، الذكرى الثالثة والأربعين لانعقاد أول مؤتمر للمعلمين التركمان في مدينة كركوك. في كتاب (التركمان والوطن العراقي) يذكر الأستاذ أرشد الهرمزي ما يلي عن هذا المؤتمر نورده لأهميته:
عقد المؤتمر المحلي الأول للمعلمين التركمان في سينما الأطلس بكركوك في الثامن والعشرين من شهر آب/أغسطس ١۹٦۰ واستمر حتى الثلاثين من نفس الشهر. وقد أفتتح المؤتمر بكلمة لوزير المعارف إسماعيل العارف، أعقبتها كلمة نقيب المعلمين حقي الهرمزي،واشترك في المؤتمر العشرات من المعلمين والمدرسين من كركوك كما شاركت وفود ضخمة من معلمي تلعفر والموصل وأربيل وداقوق وطوزخورماتو وكفري وقزلرباط (السعدية) ومندلي (شهربان) وخانقين وبدرة.
قدم المؤتمر أوراق عمل هامة تتناول قضايا التعليم بشكل عام وتطلعات المواطنين التركمان للاستفادة من الحقوق القومية التي كفلها لهم الدستور العراقي. وتفرع المؤتمر إلى لجان عمل تداولت مواضيع محددة درست من قبل لجنة المناهج والكتب، ولجنة المدارس الرسمية والخاصة، ولجنة مكافحة الأمية، ولجنة التعليم الجامعي والبعثات، ولجنة التأليف والنشر،وأصدرت قرارات وتوصيات هامة أهمها:
تدريس اللغة التركمانية في المدارس الابتدائية وضرورة تهيئة المعلمين لذلك بتهيئة دورات خاصة، وتهيئة الكتب المدرسية، ووسائل الإيضاح بهذه اللغة، وتأليف الكتب الخاصة بتعليم كبار السن ومحو الأمية وفتح المراكز التعليمية الخاصة بذلك في القرى والأرياف، وتخصيص مقاعد كافية للطلبة التركمان في الجامعات وإرسالهم في بعثات خاصة إلى الدول الأجنبية، وتقليص النقص الحاصل في عدد المعلمين والمدرسين في المناطق التركمانية، وتأسيس مطابع خاصة لطبع ونشر الكتب باللغة التركمانية، وتشجيع إصدار مجلة باللغتين العربية والتركمانية من قبل نقابة معلمي كركوك مع تعزيز الدراسة العربية وتعميها.
استقبلت توصيات المؤتمر المحلي الأول للمعلمين التركمان بحفاوة وشكلت لبنة أساسية لإقرار الحقوق الثقافية للمواطنين التركمان، كما ظهر التلاحم الوطيد بين مختلف قطاعات المجتمع التركماني إذ نظم الطلبة التركمان في جامعة بغداد بالتعاون مع اتحاد طلبة كركوك حفل استقبال كبير لأعضاء اللجان الفرعية ورؤساء الوفود القادمة من مختلف المناطق التركمانية.
عن كتاب (التركمان والوطن العراقي)
تأليف أرشد الهرمزي ص ٦٦ و ٦۷
هناك مثل شائع يقول: «تعددت الاسباب والحجة واحدة» وقد يشكل هذا القول معادلة رياضية تنطبق على جميع الجوانب، ومن يخالفها يتحمل تبعات الخطأ الناجم عن ذلك، ومن الواضح ان الاحداث الاخيرة التي وقعت بين الاكراد والتركمان في مدينتي طوز خورماتو وكركوك شكلت نتيجة عملية للمعادلة السالفة، وقد تكون مثل هذه الاحداث الدموية التي راح ضحيتها العديد من الجرحى والقتلى تأكيدا على ان الوضع في محافظة كركوك ذات الاغلبية التركمانية حسب احصاء 1957 يجب ان يتم تعديله ومعالجته من خلال مراعاة اغلبية التركمان على صعيد ادارة الشؤون المحلية في محافظة كركوك، وهو وضع يأخذ في الاعتبار حقوق الاقليتين الكردية والعربية في تلك المحافظة الغنية بالنفط، والتي تجاور الشمال الكردي من جهة، والشمال العربي من جهة أخرى.
وكركوك ذات الاغلبية التركمانية، مثلما ذكرنا سلفا، يقيم فيها ايضا الاكراد والعرب بحجم متفاوت، سواء في داخل مدينة كركوك او في النواحي والاقضية، حيث تعرضت هذه المحافظة الى تخريب وتعريب ديموغرافي من قبل النظام المقبور بعد ان سلخ منها اكبر قضاء فيها (طوز خورماتو) واضافة الى مدينة تكريت بعد ان اسماها محافظة صلاح الدين، وكذلك سمى كركوك محافظة التأميم، وهي تسميات لم يهضمها الشعب العراقي وانما بقيت الاسماء القديمة مشاعة التعامل في الاستدلال والعنوان.
قبل ان نلج الى الاحداث الاخيرة من المستحسن ان نعود الى الفترة التي سبقت نشوب الحرب الاخيرة، وهي الفترة التي شهدت تهديدات او تلميحات تركية تتعلق باطماع قديمة حول كركوك والموصل، وكذلك المطالبة بضمان امن التركمان في كركوك من الخطر الكردي عند حدوث الحرب وفي أعقابها، في حين ان الاكراد رفضوا دخول قوات تركية الى شمال العراق، وقد سرهم كثيرا عدم مشاركة تركيا في الحرب المذكورة. وبعد الحرب بفترة تقارب الشهرين اتهمت تركيا القوات الاميركية باحتجاز جنود اتراك في شمال العراق، الامر الذي ادى الى «زعل» تركي كاد ان يتسبب في تدهور العلاقات التركية الاميركية، لكن الجهود الدبلوماسية بين البلدين نجحت في اطلاق سراح الجنود الاتراك الذين كانوا بمهمة تتعلق بحماية مجموعة من التركمان.
وفي الايام الاخيرة عادت كركوك الى واجهة الاخبار في العراق اثر الاشتباكات التي اندلعت بين الاكراد والتركمان في مدينتي طوز خورماتو وكركوك، والتي سقط من جرائها عدد من الضحايا بين الطرفين، وكل طرف يتهم الطرف الآخر بكونه السبب في ذلك. وبغض النظر عن الاسباب التي راجت في وسائل الاعلام فان كركوك الغنية بالنفط كانت سببا مهما وراء مطالبة الاكراد بها، وخاصة جماعة جلال الطالباني (حزب الاتحاد الوطني الكردستاني) الذين رفعوا شعارا منذ عام 1991 مفاده «كركوك قدس كردستان» وها هي الجماعة الكردية المذكورة اصبحت طرفا مباشرا في الاشتباكات الدموية الاخيرة، خصوصا ان الشرطة في كركوك تتشكل غالبيتها من ميليشيات الطالباني، ناهيك عن ان محافظ المدينة هو الآخر من الاكراد.
التركمان يتهمون جماعة الطالباني بتفجير مزار شيعي (علي المرتضى) اعيد بناؤه اخيرا، على قمة جبل مطل على طوز خورماتو بعد ان قام النظام السابق بهدمه، لا سيما ان غالبية التركمان من الشيعة، في حين يرد الاكراد بأن الجبهة التركمانية الموالية لتركيا وبمساعدة عناصر من المخابرات التركية هي التي بدأت بالاستفزاز والهجوم بالاسلحة النارية على افراد الشرطة في كركوك وطوزخورماتو مما اضطر الشرطة الى الرد دفاعا عن النفس، لكن الذي جرى وسيجري في حقيقة الأمر بين الأكراد والتركمان مرده الى عامل الاستحواذ والسيطرة على ثروات هذه المدينة ليكون بالتالي العامل الاقتصادي هو الذي يقف بقوة وراء جميع الاسباب التي تلجأ اليها الاطراف المعنية.
لذلك، ستظل هذه المشكلة قائمة الى حين تبلور نظام الحكم في المستقبل، وكل طرف يستند الى ركيزته في الاحقية والمطالبة، اذ ان التركمان يستندون الى العامل الديموغرافي باعتبار ان كركوك تركمانية بحكم اغلبيتهم فيها، بينما يرد الاكراد ان كركوك كردية اعتمادا على العامل الجغرافي باعتبارها قريبة من كردستان، او هي جزء منها، كما ان هناك نسبة كبيرة من سكانها من الاكراد، مثلما يتهمون النظام السابق بتهجير العوائل الكردية منها ضمن خطة تعريبها.
عندما سقط النظام الفاشي البعثي في ٩⁄٤⁄٢٠٠٣ المبارك هبّ الاخوة المناضلون الاكراد!!!؟ بمعية القوات الامريكية مدججين باسلحتهم ورشاشاتهم للدخول الى المدن والاقضية والنواحي والقرىالعراقية التركمانية في شمال الوطن ا لحبيب رافعين لواء التحرير والتطهير لتلك المناطق التي كانت ترضخ تحت نير الظلم العفلقي لجعل الناس في امان وتخليصهم من عذاب الافكارا لقومية البغيضة وا لشوفينية والتي جعلت (حزب ا لبعث العربي الاشتراكي) ممثلا عن كل من يرفع لواء القومية، و لم ير الناس من سياسات تلك الافكار ا لقومية البغيضة غيرّ الذل والهوان والسجون والجوع والفقر والمقابر الجماعية والعنصرية والطائفية المقيتة.
والنظام البعثي لم يترك شيئا لحاملي تلك الافكار البغيضة ليتباهوا بها وإنما سوّد سجلهم وكشف عن كل عوراتهم بعد أن أزاح ورقة التوت عنهم واستبشر العراقيون بنهاية حتمية لتلك الافكار على اعتبار ان تلك الافكار اصبحت عار ولا يمكن لاحد ان يجرأ ليتّلبس بها أو يعتنقها ولكن بعد دخول المناضلين الاكراد لتلك المدن وتحريرها مع القوات الامريكية ظهر ما لم يكن بالحسبان وإذا بمعارضي الامس ومناضلي الحرية وإذا بهم يحملون فايروس الحقد القومي الاعمى وكروموسمات وارثهم عفلق واليكم جانبا من تصرفاتهم الثورية !!!!!!؟:
١/ حينما دخلوا مدينة كركوك واول ما وطاّوها إنقضّ البعض منهم على دائرة النفوس فسرقوا كل الملفات التابعة لنفوس كركوك ولا سيما بطاقات الاحوال المدنية الفارغة والدفاتر والمستمسكات الادارية واخذوها الى اربيل والسليمانية..... هنيئا لهم.... وها هو الاكراد الاتراك من جماعة حزب العمال الكردستاني التركي يحملون بطاقات هوية الاحوال المدنية العراقية اذن صاروا عراقيين اصليين ومن اهل كركوك، مبروك لهم الوطن الجديد.
٢/ حين دخولهم كركوك ايضا سحبوا سجلات الطابو واخذوها الى ممالكهم اربيل والسليمانية وها هم عندما يداهمون الامنين من اهل المدينة ويعزمون اخراجهم من منازلهم يظهرون أوراق مزورة(عفوا اصلية وجديدة) تثبت تملكهم لتلك البيوت.
٣/ حينما دخلوا الى ناحية تازة خورماتو واهاليها من التركمان قاطبة وليس فيها بيتا كرديا، احتلوا الدوائر واخذوا كل اوراقها ودفاترها والالات والاجهزة الموجودة فيها وبعد خروجهم منها تركوا بعض الدوائر تلتهب بنيران حقدهم، واما في دائرة البريد فسرقوا المعدات المهمة ولحد الان اتصالات ناحية تازة مشلولة تماما ببركة اخواننا الاكراد المناضلين ضد الافكار القومية االبعثية !!!!!!!!!!!!؟؟؟؟؟؟؟؟؟
٤/وفي ناحية داقوق عملوا نفس الشيء ما عملوا في ناحية تازة وكركوك، ولا يخفى ان اخواننا واعزائنا الاكراد كانوا بحاجة الى كل هذه المواد والدفاتر والسجلات التي اخذوها ليستعملوها في حكومتيهم المستقلتين في اربيل والسليمانية !!!!!!!!!؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
٥/ الموظفين في الدوائر والشرطة صار الاكثرية من الاخوة الاعزاء الاكراد المناضلين !!!!! ولا يتكلمون غير اللغة الكردية واذا تكلمت مع احدهم بلغة اخرى بالتركمانية او العربية في احسن الاحوال لايجاوبك اذا اراد ان يحترمك، اما في اكثر الاحيان واغلبها فانت مهان لأنك لاتعرف الكردية..
٦/ وحينما دخلوا الى طوز خورماتو اعتبروها منطقة مملوكة لهم وكانها ليست منطقة تركمانية وسكانها٨٠ % من التركمان.. وبعد سرقة كل ممتلكات البلدية وارسالها الى المحافظات الكردية بدأوا بفعلتهم المفضلة التي أورثوها من سيدهم صدام في تكريد المنطقة بسرعة فاق سرعة وأداء العفالقة, وقد أعادوا ثلاثة مرات انتخابات مدير التربية في طوز لان الفائز في كل مرة كان تركمانيا, واخيرا التجأوا الى اسلوب التعين لان الانتخاب ليس في صالحهم وجاؤا بشخص نكرة ومن احدى المناطق الكردية وفرضوه على المدينة وهكذا مع الدوائر الاخرى , حتى اصبح مدراء كل الدوائر في طوز من الكرد واصبحت حي الجمهورية(الحي الكردي في المدينة والتي تأسست اصلا بعد قيام الجمهورية في العراق سنة ١٩٥٨) في طوز كقرية العوجة سابقا وبعد أن كانت من افقر الاحياء لان اهلها من النازحين الكرد الى المدينة اصبحت اليوم متميزة في الخدمات بفعل انتماء السيد القائمقام لها, وهكذا كتب على العراقيين ان يعيشوا بين العوجات.
ليعلم كل شريف ووطني مخلص ومحب للعراق واهله نحن التركمان كنا نغض البصر عن كل ما يحدث من الاختراقات القانونية والاخلاق اللانسانية من قبل الاكراد ضد التركمان في مناطق سكناهم حفظا للوضع الجديد الذي دخل فيه الشعب العراقي وكما قلنا سابقا كان املنا في بناء عراق جديد يشعر فيه المواطن العراقي العزة والكرامة في وطنه، وكنا نحمد ربنا على رحمته لنا في ازالة الظلم عن رؤوسنا كلنا وبلا استثناء، ولكن على ما يبدو اخواننا ورفقاء الدرب الطويل اكثر من عقدين من الزمان وهم كانوا مظلومين مثلنا يرفعون لواء الظلم ولواء القومية الفاشلة في تعسفهم وعدم ادراكهم نتائج اعمالهم الوحشية.
واننا ننشر هذه الملفات ليس من دافع القومية التركمانية فاننا غير مستعدين ان نموت من اجل مفاهيم اثبتت لنفسها الفشل في الحياة السياسية لنكون مقابل القومية الكردية او مقابل القوميات الاخر، بل ننشر هذه الملفات دفاعا عن الانسانية وحقوق الانسان، واننا نؤمن ان كل انسان له حق الحياة بكامل حريته ضمن الحدود والقوانين والشرائع السماوية التي نؤمن بها.
وليست غايتنا من نشر هذه الملفات والوقائع التي حدثت وستحدث ربما في المستقبل الاّ للوقوف امام الاخطاء المستقبلية، ليكون العراق لكل العراقيين ويعيش الكل فيه اخوة متحابين ويأخذوا العبرة ممن سبقوهم من الظالمين، وهي في نفس الوقت وضع النقاط على الحروف ليعلم الجميع من المسؤلين ان لايتخيلوا انهم سوف يتمكنون من وضع اللجام على فم الشعب العراقي بعد اليوم، ويجب علينا جميعا نشر كل فعل او عمل يصدر من اية جهة كانت تخالف حقوق الانسان الى الملآ ليفتضح مرتكب الجريمة وليكون عبرة لمن اعتبر.
واننا نحن الجماهير التركمانية تطلب من مجلس الحكم العراقي ارسال اللجنة المشكلة من قبله لتقصي الحقائق حول المجزرة الكردية ضد التركمان في طوزخورماتو وكركوك ونناشدهم في نفس الوقت تقصي الحقائق التي ذكرناها في هذا المقال.
وان عدم ارسال لجنة تقصي الحقائق ونسيانها من قبل مجلس الحكم ليس الا اجحاف في حق التركمان كاملة في العراق، وتشجيع للظالمين لممارسة الظلم والعدوان على بقية ابناء الشعب العراقي، واعادة لنظريات صدام حسين التكريتي في ممارسة الحكم ولكن بلغة اخرى.
شهد قضاء طوزخورماتو التابع لمحافظة صلاح الدين حاليا والذي كان يتبع محافظة كركوك سابقاً وتسكنه أغلبية تركمانية ، شهد يوم الـ ٢٢ أغسطس ٢٠٠٣ أحداثا خطيرة اودت بحياة ٨ من المواطنين التركمان وإصابة ٢٣ منهم بجروح مختلفة. وكانت عناصر من قوات البشمركة الموالية للاتحاد الوطني الكردستاني قد هدمت ضريح الامام موسى بالقذائف بعد ان قام التركمان باعادة تعميره . وعليه سار التركمان مسيرة عقب صلاة الجمعة في طوزخورماتو استنكارا للاعتداء. فبالرغم من هذا الاعتداء السافر على معتقداتهم فقد فضل التركمان في طوزخورماتو الاجابة على ذلك باساليب ديمقراطية، فنظموا مسيرة احتجاجية عقب صلاة الجمعة. إلا ان الموالين للاتحاد الوطني الكردستاني الغير مدركين لمعنى الديمقراطية فتحوا بنيرانهم على المسيرة ومكتب الجبهة التركمانية في طوزخورماتو ، مما أودي بحياة ٨ أفراد من التركمان وإصابة ٢٣ آخرين .
وعليه هرع التركمان في كركوك لمساندة اخوانهم في طوزخورماتو ، مؤكدين على انه لا نزعة طائفية لدى التركمان، ومظهرين بأن الجميع يبغون العيش تحت راية القومية التركمانية والعلم الوطني العراقي . فبينما أراد التركمان إظهار استنكارهم بالمظاهرة التي نظموها يوم السبت الموافق ٢٣ من أغسطس ٢٠٠٣ في كركوك ، تعرضوا لاعتداء مسلح آخر من قبل افراد البشمركة التي تحمل حقداً بغيضاً ضدهم.
فقد سار الآلاف من التركمان يداً بيد لايصال شكواهم بأساليب ديمقراطية لمقر محافظة كركوك والمسؤولين العسكريين الامريكيين هناك. إلا ان بعض الاطراف التي لم تتمكن من هضم مساندة ودعم التركمان لبعضهم البعض ، ومن ادراك مثل هذه النشاطات الديمقراطية لجئوا الى السلاح.
فبينما أشجبُ سلسلة الجرائم النكراء المنفذة ضد حقوق الانسان وحرياته، أناشد المجتمع الدولي وفي مقدمتهم دول قوات التحالف قائلاً : "ها هي صورة الاكراد الحقيقة قد ظهرت مجدداً. لقد أظهروا ولمرة اخرى عنصريتهم وحقدهم الذي يكنونه تجاه التركمان ". ثم أتسائل إلى متى سيجول هؤلاء باسلحتهم بينما تتواصل اعمال نزع السلاح عن الجميع؟
لقد تم وخلال العديد من اللقاءات المختلفة تحذير المسؤولين الامريكيين المدنيين منهم والعسكريين من العاملين في المنطقة ، خطياً وشفوياً ، حول إحتمال اندلاع مثل هذه الاحداث في أي وقت من الاوقات . ونظراً لوقوع مثل هذه الاحداث مسبقاً ، ولأننا نعلم بان هذه الاحداث سوف لن تكون آخر التحريضات التي تقوم بها الاحزاب الكردية في المناطق التركمانية ، نؤكد مجدداً تحذيرنا للمسؤولين ونقول ان العراق ، عراق موحد وليس هناك ما يسمى بالجنوب والشمال. إذاً لماذا يواصل افراد البشمركة حملهم للسلاح ؟ أليس هناك من يتمكن تقلد مهام الشرطة في المناطق التركمانية، ليتم جلب افراد من البشمركة بزي الشرطة من أربيل والسليمانية؟
وأخيراً وبينما استنكر بشدة كافة المتسببين في وقوع مثل هذه الاحداث، والذين يغضون النظر عنها ، أناشد الذين لم ينصتوا لنداءات التركمان لحد الآن ، أناشدهم لإعادة النظر في الامور قبل فوات الاوان .
في العدد (٤٨۲) من صحيفة توركمن ايلى قرأت مقالا تحت عنوان (الدستورالعراقي المقترح والعقدة الازلية) بقلم جنكيز كفرلي، ورغم طروحات الكاتب وملاحظاته جاءت جيدة حول الاخذ بنظر الاعتبار الاسباب الموجبة لوضع الدستور والعوامل المؤثرة في وضعه واختلافه من دولة الى اخرى بذكر بعض الامثلة ثم انتقاله الى الدساتير الموضوعة في الاونة الاخيرة وهضمها لحقوق التركمان مع اعطاء العلل انها جاءت شبه غامضة، ومن اجل اتمام ما بدء زميل القلم وايضاح بعض تلك الغموض وددت ذكر ما يلي:-
۱- من اجل وضع حد للخلافات وعدم اثارة المشاكل من خلال زرع الحقد والضغينة من ناحية والتخلص من ترسبات الماضي التي خلفت انهار الدماء من ناحية اخرى ومنعا لتكرار اخطاء الماضي بحق المواطن التركماني العراقي يجب ان ياتي مشروع الدستور شاملا كاملا ليس فيها ثغرات يتعامل بالتساوي مع كائنا من كان عربا واكرادا وتركمانا واشوريين اقواما واديان وطوائف ولايفرق بينهم في الحقوق طالما الواجبات مناطة ومطلوبة منا كمواطنيين اولا وبشر ثانيا وفق منظور الديمقراطية وحقوق الانسان.
۲- اقول للذين يعتبرون التركمان من بقايا الدولة العثمانية وان ليس لهم حقوق في العراق، اقول لهم انهم يقعون في اخطاء وليس في خطا واحد لان معنى ومفهوم الترك او التركمان ينبعان من اصل واحد لغة واصطلاحا، وليس مثل العرب العاربة او العرب المستعربة، واقول لهم لماذا لايعتبرون التركمان من مخلفات الخلافة العباسية رغم ان ادوارهم ومراكزهم ومناصبهم كانت اعلى واقوى وكان لهم الاثر الفاعل والفعال في تلك الفترة واكثر مما كان في عصر الدولة العثمانية هذا اضافة الى ان التركمان كانوا موجودين في العراق قبل قيام الدولة العثمانية ووجودهم ضارب الجذور في التاريخ، وليعلم اصحاب الادعاءات القاضمين حقوق التركمان ان واجبات التي اداها المواطنون التركمان كانت ولازالت على احسن مايرام لانهم من بني قوم يكرهون معاداة الاخرين ويرفضون العصيان لولاة الامر بقدر ما يتعلق الامر بالقانون والنظام، ولو اجرينا احصائية بعدد الفارين من خدمة العلم اذبان الحرب العراقية الايرانية بين نسبة عددية ثابته نجد التركمان في اخر قائمة الاحصائية، وعليه فان الذي يؤدي واجبه الوطني لابد ان يتمتع بحقوقه كاملة دون انتقاص. ومع كل ذلك لو سلمنا فيما يقول هؤلاء فرضا فان العُرف الشائع في المثل يقول (من عاشر قوما اربعين يوما صار منهم) والقاعدة تقول (المعروف عرفا كالمشروط شرطا).
۳- ان مسالة تقييم التركمان مذهبيا الى قسمين السنة والشيعة هي احدى محاولات حلقات مسلسل التقليل من شأنهم وكعادة الحلقات التي تعرض بين اونة واخرى، وقد نسوا ان هؤلاء التركمان القومية الوحيدة التي تعرضت بل واجهت (الاضطهاد المزدوج) دون بقية القوميات العراقية وعليه فان التركمان واحد سنة وشيعة.
٤- اما مسالة العقدة الازلية تجاه الترك او التركمان من قبل اطراف تؤمن بالنزعة القومية العمياء فقد اثارها بعض الكتاب المحدثين المدفوعين بتلك النزعة اعلاءا لشان العصبية التي تركت اثرا عميقا في التاريخ من خلال تشويه كثير من الحقائق بقصد خلق نعرة قومية تجاه الترك او التركمان بتاثير التيارات السياسية السائدة انذاك بعد ان لونوا الحقائق بالصبغة القومية في العراق حتى انتقلت تلك الفايروسات بالتعاقب بين الاجيال ورغم عدم شدة درجتها عند الانتقال الا انها اصابت بعضهم، ولا يسعني هنا الا الاشارة الى واحدة من تلك الحوادث التاريخية التي رواها بعض اولئك المؤلفين المحدثين وقد اطلقوا العنان لاهوائهم عندما جعلوا اقلامهم مطية لها مقارنة بما فصلها فتاة المؤرخين والمعاصرين لتلك الحوادث ومنهم الطبري واليعقوبي ومن يريد ان يتعمق في الحقيقة الناصعة البياض عليه العودة الى صفحات (۲۳۱) و (٤٨۰) على التوالي لكتب تاريخهما المدونة والتحقق لصحة روايتهما.
ففي كتاب ظهر الاسلام ج۱ ص٨ يقول احمد امين (نكل قواد الاتراك بكثير من الاعراب في مواضع مختلفة من جزيرة العرب فمرة حول المدينة ومرة باليمامة وكان على راس جيش بغا الكبير … ثم يضيف وكان بغا يحضر الواحد تلو الواحد من اسرى بني نمير ويضربه ما بين الاربعمائة الى الخمسمائة واقل من ذلك واكثر ولهذه الحادثة وامثالها اثر في ضعف نفسية العرب امام الترك). وعند العودة الى رواية الطبري نجده يقول ( ان بني سليم وغيرهم من البدو عاثوا في طريق الحجاز فنهبوا الاسواق وامتد اذاهم الى كثير من الناس وقطعوا الطريق واوقعوا بجند والي المدينة – المنورة – فارسل اليهم الواثق جيشا بقيادة بغا الكبير فقتل منهم نحو خمسين رجلا واسر مثلهم وقبض على نحو الف رجل منهم ممن عرفوا بالشر والفساد وحبسهم بالمدينة ثم عاد بغا الى سامراء بعد ان اقر الامن في الجزيرة الشمالية). بينما يفسر اليعقوبي نفس الحادثة قائلا (كانت بطون قيس قد عاثت في طريق الحجاز وقطعوا الطريق حتى تخلف الناس عن الحج ونصبوا رجلا من بني سليم وسلموا عليه بالخلافة! فوجه الواثق بغا الكبير وامر ان يقتل كل من يجده من الاعراب).
وهنا من واجبنا ان نسال هل ما قام به قواد الاترك كان انتقاما من العرب ام انصياعا لاوامر الخليفة على تأديب الاعراب في الجزيرة بعد انشقوا عصا الطاعة على الخلافة؟ ألم يكن ما قام به قواد الاتراك حماية لمركز دولة الخلافة والدفاع عنها وان ما قام به قواد العرب من التنكيل ازاء الاعراب في الجزيرة العرب انتقاما وهدرا لدماء بعضهم البعض؟. ومن قبيل ما قام به الحجاج عندما قضى بجيشه على العرب حول الطائف وفي المدينة حتى وصل مكة وحاصرها وضرب الكعبة بالمنجنيق. الم يخطب خطبته البتراء بحق اهل العراق والمشهورة في التاريخ عندما ولاه عبد الملك العراق وكلها استهتار وتحقير لهم عندما شقوا عصا الطاعة على بني امية؟ والواردة تفاصيلها في ج۲ ص ۱۳٧ من البيان والتبين للجاحظ.
والان نتسال مع اصحاب تلك الدعوات العنصرية المقيتة من كان ابلغ اثرا في نفسية العرب واضعافا لها قواد الاتراك بتاديبهم ام قواد العرب بتحقيرهم للعرب؟.
ان العالم اليوم يعيش عصر الانفتاح والتأقلم مع معطيات السياسة الجديدة في ظل حماية حقوق الانسان والدفاع عنها والعمل على ارسائها ونشر مبادئ الديمقراطية وتحقيق التعامل السلمي ومن خلال محافل ومنظمات عالمية تعنى بمشاكل الدول والامم وهي تسمع دبيب النملة على الارض، فمن غير المعقول ان يبقى التركمان مكتوفي الايدي لاحول لهم ولاقوة بعد ان قطعوا اشواطا من النجاحات على الصعيد التعامل الدولي لتبقى حقوقهم مهضومة في وطنهم العراق الا ان رغبتهم الصادقة وايمانهم بالحوار البناء لايعني
يبدو ان المعارضة العراقية بحاجة الى تعريفهم على ملف نضال التركمان السياسي الذي يمتد في خط متوازي مع نضال عموم الشعب العراقي ضد الاحتلال البريطاني الذي كان يعد التركمان عائقاً امام تحقيق رغباته الاستعمارية في العراق عامة وكركوك خاصة سواءاً كان ذلك في مواقفهم الايجابية ازاء مخططات الاستعمار في التصدي والمواجهة المباشرة له ولقواته العسكرية او عن طريق اعلانه الرفض لسياسة الانتداب والوصاية على العراق ليسجلوا صفحات الرفض والمعارضة من شمال العراق من كركوك او اربيل وتلعفر مع اخوانهم في الوسط والجنوب بكل اشكال الاحتلال الاجنبي لوطنهم، رغم انهم لم يتعرضوا الى ما يتعرضون اليه من سياسات الاضطهاد والقمع ومسخ الهوية التركمانية الموجهة ضدهم من الحكومة الوطنية وفي ظل الاخيرة ايضاً يشهد التاريخ انهم كانوا اول المعارضين لسياسة النظام الحاكم عندما اعلنوا اضرابهم العام من داخل كركوك والمناطق التركمانية الاخرى احتجاجاً على الغاء المدارس التركمانية ودفاعاً عن حقوقهم المشروعة، وبذلك يعدون من اول نخب المعارضة العراقية في الداخل يواجهون سوط النظام وآلته القمعية بعد ان طالتهم عمليات الاعتقال حيث توجت تلك الاضرابات عن استشهاد (حسين علي موسى) احد قادة الاضراب آنذاك.
ويشهد التاريخ ايضاً على دور التركمان في قيادة الجحافل المسلحة اثناء وبعد الانتفاضة الربيعية في منطقة مصلى وتسين (تسعين) في كركوك، وفي تازة وداقوق وطوز خورماتو وان استشهاد (۱۰۲) تركماني في آلتون كوبرو في عملية قتل جماعي الا استذكار للمعارضة العراقية على ضحاياهم في واحدة من المواقف المشرفة.
ويبدو ايضاً ان المعارضة العراقية قد نسيت تواجد التركمان في نوات تشكيلاتها قبل ان تطرأ عليها وجوه جديدة عندما عقدت اولى اجتماعاتها على ارض عراقية في صلاح الدين، وان المعارضة التركمانية كانت ضمن المعارضة العراقية التي تعرضت الى اذى اجتياح قوات النظام عام ۱٩٩٦ لمنطقة الملاذ الآمن، واختلطت دماؤهم مع دماء المعارضة العراقية، فقد بلغ حينها عدد الذين اعتقلوا واغتيلوا على ايدي قوات النظام (۲٧) مواطناً تركمانياً من اربيل وكركوك ولايزال مصير المعتقلين منهم مجهولاً.
ان تواصل التركمان مع مسيرة المعارضة العراقية المقرون بالتوسع في هيكل مؤسساته وتنظيماته المتمثلة بالجبهة التركمانية العراقية واحزابها وجمعياتها السياسية والثقافية المنتشرة في انحاء متفرقة من العالم قد اعطت للمعارضة العراقية زخماً اضافياً تضاف الى قوتها المادية والمعنوية اكثر من بعض الذين اقحمت اسماؤهم في لجنة المتابعة والتنسيق بأسم التركمان وهم لايشكلون صفراً الى الشمال ولا يمثلون التركمان في شرعيتهم ولم يكونوا الا اداة نفي او نهي لإظهار التركمان منقسمين قومياً لغاية توخت منها اطراف معينة من عدم درج التركمان في قائمة الهيئة القيادية للمعارضة العراقية، ولو كان المقصود يدرك حقيقة الامر ذلك ويعتبر نفسه حريصاً على التركمان حقاً لما قبل هذا الدور في هذه المسرحية التي وضعت خطوط اخراجها منذ مؤتمر لندن الاخير لدفع التركمان المتمثل بجبهته التركمانية العراقية الى الانسحاب منه.
وان ما يؤكد تلك النوايا المبيتة ان من بين المتحدثين التسعة امام المجتمعين في بداية جلسات صلاح الدين ثلاثة من التركمان (وهذا يعني ان الغلبة العددية كانت لهم) كان من بينهم رئيس حزب تركماني مصنوع ليس له اية قاعدة جماهيرية ولا يمتلك شرعية تمثيل التركمان.
ان استثمار القدرات والمواقع المركزية في خلق معارضة داخل المعارضة العراقية من خلال زج عناصر خاصة غير كفوءة تفتقر في اقل التقديرات الى شهادة حسن السير والسلوك في ماضيها السياسي سابقة خطيرة تعطي مؤشرات سلبية بما تنعكس على اطر العمل المستقبلي القادم في ظل غياب منهج موحد ورؤية موحدة تجتمع حولها فصائل المعارضة العراقية التي عانت الكثير من جمع شملها ولازالت تعاني من وجود معارضين فيها لإجراءاتها ومقرراتها وصلت الى حد مقاطعة بعض الشخصيات الرئيسية للأجتماع الاخير لها، ورفض شخصيات اخرى المشاركة في هيئتها القيادية.
انها مواقف تؤدي الى احداث شرخ في صفوف المعارضة العراقية التي لم تلتئم جروحها بعد فكيف ستعالج الجروح الشعب العراقي الذي مابرح ينتظر ساعة الخلاص من الظلم والاستبداد لا ليتلقى ظلماً واستبداداً جديدين في دراما خلافات ونزاعات المعارضة العراقية بما يقلل من دورها، عندها يتحول الشعب الى معارضة المعارضة العراقية.
السؤال هنا… اذا كانت المعارضة العراقية تسمح لنفسها هيمنة اطراف معينة عليها من الآن…؟ اذن كيف ستكون مواقفها في المستقبل. . ؟ وبالتالي تهيمن على مقدرات الشعب العراقي. . ! واين دعواتها الى الديمقراطية والمساواة في عراق المستقبل.
احلام تراود العراقيين في مقدمتها عودة الحياة الى طبيعتها باعادة الروح لعواملها الاولية التي كانت سائدة قبل الحصار والحربين (حرب الخليج الاولى والثانية) بعد تغيير النظام الحالي، وفي الجعبة ملايين الاهداف والآمال للأبناء لا تلتقي مع رغبات وطموحات المعارضة العراقية الا في واحدة… الحياة الحرة السعيدة بعد حتمية التغيير الهادف:-
اسقاط النظام.
تدمير اسلحة الدمار الشامل.
الحفاظ على مصادر الثروة العراقية.
تواجد القوات الامركية في العراق.
عند الحديث عن تلك الاهداف التي باتت معروفة يقودنا الى فتح الملف العراقي الذي اصبح حديث الساعة بكل جوانبه منذ لحظة ارتكاب الخطأ القاتل (غزو الكويت) وتعدد فصوله المطولة حتى مل المجتمع الدولي عربياً اقليمياً وعالمياً موضوع العراق والنظام ووصل الملل من الاخير لدى الشعب الى حد الاشباع وانتفت المنفعة منه. وبلغ رصيد الثقة به في الداخل والخارج صفراً الى درجة لا يضر عدواً ولا ينفع صديقاً وعكس ذلك (ينفع العدو ويضر الصديق) عاشه ويعيشه العراقيون اولاً ودول الطوق العربية والاجنبية ثانياً خلال اتباعه سياسة العنف والتحدي والتزمت في القرارات، تلك السياسات التي لم تجلب لنا سوى الدمار والخراب والتشرد عن الوطن ناهيك عن عدم الانتفاع من خيراته وثرواته، ولازالت نتائج وخيمة تنتظرنا جراء استمرار النظام في سياسته السلبية والعراق مقبل على موسم هبوب الرياح العاتية التي لا تبقى ولاتذر.
ازاء هكذا حال تتسع مساحة مسؤولية المعارضة العراقية في الوضع الراهن وقد تكون فوق طاقتها لكنها لو تمكنت ان تنجح فيما فشل فيه النظام (النظام لم يعرف كيف يفاوض امريكا) تمكنت من تغيير سرعة واتجاه الرياح وهي القريبة من مركز صناعة القرار الدولي حققت خطوة هامة من انقاذ العراق وابنائه من ويلاتها سواء قبل او بعد هبوبها ذلك عن طريق معرفة سلوك التفاوض مع امريكا بعد ان تبرهن انها اسير تحمل المسؤولية التاريخية، وانها كسرت طوق الخلافات فيما بينها وتجاوزت اخطائها السابقة في مؤتمر لندن في تمثيلها المجتمع العراقي بكل مكوناته تمثيلا صادقا بعناصر من كوادر كفوءة يتم اختيارها من بين الشخصيات القادرة على صنع القرار وادارة البلاد في اجتماعها القادم، تعمل لخدمة المصلحة العامة لا لمصلحة جماعة او كتلة معينة دون اخرى. خصوصا اذا وضعنا في الحسبان ان امريكا رغم تجييشها العسكري لا تريد تقديم ادنى خسائر مادية او معنوية في صفوفها، ولديها الاستعداد الكامل في تجنب المواجهة العسكرية الشاملة في سبيل تحقيق مصالحها حفاظا على مصادر الثروة العراقية وعلى رأسها النفط الذي قد يتعرض اباره الى مثل ما حصل في الكويت.
في خضم اسوء التوقعات القادمة ليس للمعارضة الا ان تعمل على احتواء شدة الرياح القادمة والتخفف من حدتها لا تعميقها، وتلعب دورها في جعل تبعات نتائجها على عراق المستقبل ايجابية يتحسسها المواطن العراقي في البصرة كما في الموصل، في بغداد كما في كركوك وكربلاء، في اربيل كما في ديالى والديوانية وهكذا باقي المدن الرافدين، وهم يجنون ثمار الخيرات بعد طول الصبر والانتظار وسنين المر العجاف …. ويد العربي تطول ما على المائدة من النعم مثلما تطولها يد الاشوري والكردي، وكذلك التركماني، وليست هناك يد اطول او افضل من غيرها في شركة ترفض الانحياز ورجحان كفة على الاخرى و تقبل القسمة بالتساوي بعد هدوء رياح التغيير … وخلاف ذلك يعني ولادة نقيض المعارضة (معارضة جديدة) وديمومة عدم الاستقرار وعودة رياح التغيير مرة اخرى … وكأنك يابو زيد ما غزيت.
الشهادة الحقيقة المدونة وصدق توثيقها لا تحتاج الدفاع عنها بقدر ما الادعاء العام الذي يمثل التاريخ نفسه يرفع مذكرة شكوى احتجاج واستنكار ضد اولئك الذين يختلجهم ادنى شعور الشك بسلوك التركمان وانتمائهم الوطني بالطعن في مواقفهم الوطنية وأحاسيسهم بالمواطنة الحقة في الدفاع عن ارض العراق وسيادته المقرون برفض صور الاحتلال الاجنبي وقد سجلت سطورها شهادة التاريخ بمداد الفخر والاحتجاج وهم يواجهون الاستعمار منذ ولادته في العراق.
لقد كان التركمان ولايزالون تعنيهم عراقيتهم وخير بلدهم قبل أي شئ اخر وان ما قدموه طواعية من اجل العراق وعزته ليس الا شهادة تذكر الجهلاء او المتجاهلين بدورهم المشرف وهي تدحض تقولات الالسن التي لا ضريبة مباشرة عليها ولارسوم كمركية، وردا على اولئك الذين يشككون من تصرفات التركمان يقف التاريخ بشموخ في وسط ألغام الجاهزة التي تنفجر بين الفينة والاخرى والتي لا تؤذي الا مروجيها (مفجريها) الذين غفلوا عن استخدام اجهزة الكشف عن حقيقة تلك الالغام.
عندما استجوبنا الشاهد بالسؤال (هل للتركمان سلوك يبرهن على عدم تصرفهم كعراقيين …. ؟ أم هل لهم مواقف سلبية ازاء الوطن …. ؟) اجابنا الشاهد مبتسما…. سبحان الله، رغم ان السؤال ليس في موضعه الا انني سوف اذكر لكم بعض الوقائع والاحداث ثم ابحثوا انتم عن الجواب مع ان الجواب معروف سلفا:-
ان شرارة ثورة التركمان (تلعفر) التي اندلعت في ۳ حزيران ۱٩۲۰ بوجهة العسكر البريطاني كانت دافعا لثورة عراق الشهيرة المعروفة بـ (ثورة العشرين) والتي اندلعت في ۳۰ حزيران ۱٩۲۰ أي بعد ثورة تلعفر حيث عمت العراق، وخطط التنسيق بني قادتها العراقيين بما فيه التركمان كانت على اتم الوجه في نقل اخبار والمعلومات فيما بينهم الا ان اجراءات الاستعمار بفصل المدن عن بعضها وقطع المواصلات وخصوصا المناطق التركمانية حالت دون تحقيق بعض اهدافها، وتفاصيل ذلك نجدها في العديد من مصادر عراق المعاصر يمكن بالعودة اليها.
لقد شارك التركمان في الاستفتاء الذي جرى عام ۱٩۲۱ لانتخاب الامير فيصل ملكا على العراق واسمعوا صوتهم المدوى باصرار على رفض تنصيبه ملكا على العراق دحضا للخطط الاستعمارية، وكتب التاريخ تذكر ذلك بشرف عن موقف التركمان حيث جاء في الصفحة (٦) من كتاب (العراق …دراسة في تطوره السياسي، للسير ايرلاند) ما نصه (ان لواء كركوك صوت ضد فيصل) واشار الى هذه الحقيقة ايضا الاستاذ عبدالرزاق الحسني في الصفحة (۳٩) من الجزء الاول من كتابه (تاريخ الوزارات العراقية) قائلا (يجب ان نذكر للتاريخ فقط ان لواء كركوك صوت ضد فيصل ) وكل هذا يعني ان التركمان ضد أي احتلال اجنبي وضد كل ما يمس سيادة العراق.
عدم تجاوب التركمان في كركوك و اربيل وموصل وباقي مناطق التركمانية الاخرى مع فقرات (۳۰-۳٦) من مقررات مؤتمر لوزان عام ۱٩۲۳حيث سنحت لهم فرصة اختيار اية دولة ليكونوا من رعاياها، لكنهم فضلوا البقاء على ارض الاجداد واضاعوا الفرصة على المستعمر خلال عدم تفضيلهم اية ارض على ارض عراقهم.
حادثة ليفي عام ۱٩۲٤وتصدى التركمان لقوات ليفي البريطانية داخل كركوك بالسلاح الابيض وهم مدججون بالاسلحة النارية تفاصيلها مشهودة في التاريخ.
ازاء المواقف الوطنية للتركمان التي كان يقودها الطبقة المثقفة وخصوصا المعلمين نجدها تعرضوا الى النقل والنفي الى مناطق نائية في عام ۱٩۲٤، ۱٩۳٩، ۱٩٤۰. وعندما اضرب العاملين في شركة نفط العراق عام ۱٩٤٦ تعرضوا الى القمع والتعسف في مجزرة رهيبة عرفت في التاريخ ايضا مجزرة (كاورباغى).
وفي فترة حرب الثمان سنوات حرب الخليج الاولى كان ابناء التركمان عموما مع عوام ابناء الشعب العراقي تحصدهم أتون الحرب بقساوة ضارية مع ذلك كان التزام التركمان بأداء خدمة العلم الطوعية والإجبارية على احسن ما يرام ولم يتخذوا وقتها موقف التهرب من أدائها والفرار من صفوف جيشه الباسل.
اما دور الشعراء التركمان في القديم والحديث الذين كانوا ينشدون للعراق بقصائدهم وخورياتهم في كل مناسبة من امثال هولاء (محمد صادق، مصطفى كوك قايا، اسماعيل سرت توركمن، نسرين اربيل، محمد عزت خطاط، واخرون) اسوة بالشعراء الوطنيين العراقيين من غير التركمان، وقسم من هذه القصائد كانت تلقن للطلاب في المدارس ومنها (من بير كوجوك عسكرم وطانمدا كزه رم، وطانما كيره نى طوب تفنكتن ازه ره م) ويعني (انا جندي صغير في هذا الوطن من يدخله من الاجنبي ادمره بالمدفع والبندقية ) و (عراقليم من اوزوم توركمنه م صاغدى سوزوم) ويعني (انا لست الا عراقيا توركمانيا وكلامي هو الحد). ولا ننسى ما قيل عن رمز العراق الشامخ دار السلام مدينة الرشيد وقلعة الفكر والعلم بغداد (آنا كيبي يار اولماز بغداد كيبي ديار) ويعني (ليس مثل الام حبيبة وليس مثل بغداد وطن).
لم يفكر التركمان يوما ولا يزالون بالانفصال عن العراق او تسقيطه او المساس بوحدته الوطنية ارضا و شعبا، ولم يقفوا موقفا سلبيا ضد بلدهم ولم يتعاونوا ولو لحظة مع اعدائه، ولم يتخذوا موقفا سلبيا ازاء الحكومات المركزية المتعاقبة والى الان الا بقدر ما يتعلق الامر في مصادرة حقوقهم القومية والسياسية والثقافية والى اخره من حقوق المواطنة الحقة.
واخيرا وليس اخرا عندما ولدت الجبهة التركمانية العراقية قامت وهي تحمل بذرتها العراقية تحت عنوان تؤكد عراقية التركمان والجبهة في أن واحد باسم (الجبهة التركمانية العراقية) وفي رايتها (العلم) رموز اشارة الى الدول التركمانية التي قامت على ارض العراق، وان مؤتمراتها اُستِظلت بالعلم العراقي.
كانت هذه شهادة سفر واحد من اسفار التركمان امام من يريد سرقة تاريخ التركمان الاصيل، ولو استدعينا بقية شهود الازمان بما فيها زمننا المعاصر تبين لنا مدى الظلم الذي يلاقية التركمان ومدى الصبر والتحمل الذي يتصف به، الذي ان دل على شىء يدل على حرصه في عدم اثارة الفتن و خلق الخلافات والنزاعات التي لا تخدم الا اعداء الوطن.
بغض النظر عن عناوين تنظيمات العمل السياسي القومي والاسلامي المعبرة تعبيراً صادقاً لآمال وطموحات التركمان وتعددها وتنوع اهدافها العامة والتي تمثلهم بحق، الا ان الملاحظ ان محور النضال الحقيقي لهم ليس فيه اية اختلافات او خلافات فكرية حول جوهر القضية الاساسية:-
القومية التركمانية ليست اقلية وانها ثالث اكبر القوميات الموجودة في العراق ومن حقها التمتع دستورياً بنفس الحقوق المتساوية التي يتمتع بها اخوانهم العرب والكرد.
تركمانية كركوك وباقي المناطق المتخذة مراكز اقامتهم وسكناهم، رغم ما تعرض بعضاً منها الى عوامل النحت والتعرية السياسية والثقافية والاجتماعية مما جعلها تفقد مع تقادم الزمن صفتها القومية في عملية صهر باردة ظهرت نتائجها على الاجيال القادمة.
الرفض كل الرفض ما يمس وطنية التركمان.
وعلى هذا الاساس التفت الرجال حول القضية وناضلت وجاهدت مع كل القوى السياسية التركمانية دون ان يعتري طريقها أي نوع من الحساسيات المذهبية وقد جمعهم الهدف المنشود واشتدت اواصر التلاحم بينهم وارتفعت العزيمة والاصرار والصمود كلما زادت عمليات القمع والتعسف ضدهم من قبل رحى النظام وماكنته التي لم تكن تعرف هي الاخرى غير طحن التركمان وتفتيتهم وكل ما له صلة بالقومية التركمانية، وعندما اوشكت اتهاماته لهم بالنفاذ بدأ بنشر بذور الفرق المذهبية بينهم وقد فاته ان ذلك يقوي من عزيمتهم ويشد من ازرهم اكثر من ذي قبل.
فتارة يعدم هذا لأسباب قومية بحتة وتارة اخرى يعدم ذاك بدعوى انتمائه الى جهة اسلامية، وكلها تصب في عملية الصهر القومي للتركمان. اما ازالة المدن والقرى ومصادرة املاكها واراضيها الزراعية فإنها كانت ايضاً بنفس الحجج… فاذا كانت قرية بيشير وتسعين القديمة مثلا قد هدمت وشرد اهلها بدعوى ان ابنائها التركمان يعملون في التنظيمات الاسلامية، فان قرية (ناحية) يايجى سويت مع الارض بحجة ان صورة الرئيس تعرضت لاطلاقات رصاص واضرمت النار فيها في ليلة ظلماء وان اهلها التركمان لم يحافظوا على الصورة. حتى اصبحت لكل قرية تركمانية مشطوبة من الخارطة الادارية لمدينة كركوك قصة وحكاية في وحدة سياسة النظام لها، وكأنها لوحة الهدف التي توجه اليها رصاصات القتل واهلها احياء اموات بعد ان سلبوا من جميع حقوقهم الا ما خف وزنه وسهل حمله من الاثاث.
اما الحسينيات العائدة للتركمان فانها هدمت او اغلقت بعد اعتقال العديد من شبابها واعدامهم على مرأى ومسمع منظمات حقوق الانسان بتهمة معارضتهم لنظام الحكم، مثلهم مثل اولئك الشباب التركمان الذين تعرضوا الى نفس المصير عند خروجهم من الجوامع والمساجد بعد اداء الفرائض فيها… وفي السجون والمعتقلات كانوا جميعاً يتقاسمون الهموم والمصير المشترك بغض النظر عن التمذهب يجمعهم (القاسم المشترك) الانتماء القومي.
لقد كان التركمان صيداً سهلاً امام النظام بحكم طبيعة ارض المناطق التي يعيشون فيها وعليها وكذلك بحكم طبيعة ممارستهم اسلوب النضال السلمي الذي تمرسوا عليه في مواجهة سياسة السلطة المركزية، لهذه الاسباب وغيرها كانوا ضحية جاهزة للذبح وتقطيع الاوصال سياسياً وقومياً وثقافياً وادارياً. فقد كانت قوائم (فاتورة) نضالهم السياسي باهظة الثمن خلال المسيرة.
من هنا فان التنظيمات السياسية للتركمان الاسلامية منها والقومية رغم محاولات اثارة الفتنة بينهم تحتضن ابناءها دون ان تعير الى المذهبية اية اهمية مادام يجمعهم الهدف والمصير المشترك، ولطالما كانوا كذلك في السابق تجمعهم صفحات كتاب يروي صور الرفض والتصدي للظلم والاضطهاد الذي يلاقيه التركمان …. فهذا المرحوم نظام الدين وكيل وزير الزراعة يعتلي المشنقة عام ۱٩٦٩مع اخويه المرحومين نشأت محمد عسكر ونجاة خورشيد، وذاك قائد المسيرة الطلابية وخلفه جموع مؤلفة من الطلبة التركمان اثناء قيادته اضراب الطلبة المحتجين على اغلاق المدارس التركمانية عام ۱٩٧۱، اما المرحوم الزعيم عبدالله عبدالرحمن الرئيس الاسبق لنادي الاخاء التركماني (قارداشلق اوجاغي) المقر العام فقد نسف كل اشكال التفرقة المذهبية في السابق واللاحق عندما اوصى بدفن جثمانه في مدينة كربلاء المقدسة بعد اعدامه عام ۱٩٨۰.
ان هذه الحقائق وغيرها كثيرة تؤكد التفاف الرجال التركمان حول قضيتهم ماهي الا دليل تتحطم فوق صخرتها الصلبة كل محاولات شطر النهج السياسي بقصد اضعافها وهي تؤكد عكس ما في مخيلات المغرضين. لانها تضيف قوة وزخما لرصيد ذلك النهج في الساحة السياسية وهم على تنوع نضالهم يشغلون حيزا اوسع في ساحة العراق السياسية.
عادت المعارضة العراقية بعد غياب طويل الى أحضان الوطن وبعد رحيلها القسري قبل سنوات من الآن، عادت وهي تحمل على عاتقها مهام ومسؤوليات بعد سنين من تجارب العمل السياسي في المهجر. بينما كان المفروض حضورها الدائم في ساحة العراق السياسية قبل هذه الفترة لممارسة دورها داخل الوطن مبرهنة على مشاركتها معاناة الشعب على ارض الواقع حالها حال بعض فصائلها المتواجدة في منطقة الملاذ الآمن.
ان انعقاد اجتماع لجنة التنسيق والمتابعة للمعارضة العراقية في اربيل له دلالات ومعاني كبيرة على الصعيد الوطني في مقدمتها اعادة الروح لها من خلال ادامة الصلة وبناء الثقة بينها وبين الشعب العراقي خصوصا وانها تضم فيها ممثلين عن جميع اطياف العائلة العراقية رغم وجود بعض التحفظات على نوعية ونسب التمثيل التي تمخضت عن مؤتمر لندن الاخير الذي كثر الحديث عنه وعن بعض السلبيات التي اعترته مع الاخذ بنظر الاعتبار الاستفادة منها ومحاولة تخطيها في هذا الاجتماع خاصة ونحن مقبلون الى مرحلة حساسة جدا وان مخاطرها وويلات وتبعات نتائجها تصيب الجميع لاتفرق بين القوميات العراقية مثلما طالتهم تسلط النظام الديكتاتوري ولم تمييز بينهم عند ممارسة العنف والارهاب والتعسف ازائهم.
عليه يجب ان يكون الاجتماع المرتقب للمعارضة العراقية عند مستوى المسؤولية في اتخاذ القرارات ويعي الواقع الذي يعشه العراقيون كافة وطالما الخطر القادم يهدم الاخضر واليابس لابد من العمل من اجل عراق المستقبل بما تملي مصلحته العامة لا مصلحة فئة او جزء دون اخرى … عراق ديمقراطي تعددي برلماني دستوري موحد، هنا لابد الخروج من الاجتماع بقرارات ايجابية صائبة يخدم الشعب الذي ظل يعاني ويلات الحروب والحصار والحرمان من التمتع بخيرات بلاده.
ومن اجل ان لا تنجر جلسات الاجتماع الى هاوية الصراع السياسي لتحقيق المكاسب السياسية الخاصة لابد من نبذ الخلافات ان وجدت وتنجنب العمل في الغرف المغلقة واقامة تحالفات جانبية حتى لا يتحول الاجتماع كما حصل في مؤتمر لندن الى عملية الحصاد السياسي للاطراف المشاركة.
نسمع ونقرأ أنباءا متناقضة عن الحرب على العراق، تارة تقول انها اصبحت وشيكة وقاب قوسين وتارة اخرى انها ليس حتمية وان الحل الدبلوماسي ما زال قائما طالما ساعة الصفر مجهولة، بينما معطيات المؤشرات تنذر بقدومها لامحال، فكلا قطبي الطرفين يجري استعداداته على خوضها ويتخذ التدابير في مواجهة الطرف الاخر بكافة السبل المتاحة لديها.
وما يدور حولنا من التحركات السياسية والعسكرية على الصعيد الدولي والاقليمي كذلك على الصعيد الداخلي تعكس حالة التهيئ لها تحسبا لاندلاعها في محاولة احتواء افرازات نتائجها اثناء وبعد نشوبها.
لقد جد الجدُ فيما يبدو واوشكت مواقف المداولات على تعددها واختلافاتها في الاراء والتصريحات على النهاية لاصدار القرار الاخير رغم ان الولايات المتحدة الامريكية قد اتخذت قرارها في الكونكرس حول تحرير العراق منذ سنوات … الان بعد تهيئة اجواء الحرب لم يبقى سوى اشارة الضغط على زر انطلاقة الشرارة الاولى لتبدا معها العمليات العسكرية يدوي اصوات انفجاراتها، العجيب المحير في الامر غياب دور المعارضة العرقية في خضم مجريات الاحداث المتسارعة. ! هل ينتظرون انتهاء فعاليات الحرب كي يستلموا مقاليد ادارة البلاد من دول التحالف …؟ ام سيفاجئون العالم بممارسة دورهم الفاعل والفعال في احداث التغيير المنتظر باعلان الثورة من الداخل ليبرهنوا بذلك على وجودهم ودورهم ويصبحوا حق اهلا للمسؤولية فيما يدعو ن…؟؟؟
يبدو الامر غريبا بعد شبه فشل المعارضة العرقية في عقد اجتماع لجنة المتابعة المنبثقة من مؤتمر لندن الذي كثر الحديث عنه وعن سلبيات بعض إجراءاته اولا، وثانيا بقائها خارج حدود الوطن بينما كان المتوقع انتقالهم شمال العراق لممارسة نشاطاتهم المختلفة وقيادة جموع المعارضة من هناك في هذه الفترة الحساسة، وثالثا عجزها فيما يبدو من توحيد صفوفها بالشكل المطلوب لحد الان.
الظاهر للعيان ان دورها هُمِّشت بعد تجربة مؤتمر لندن استنادا الى:-
اجتماع زلماي خليل زاد مستشار الرئيس الامريكي في انقرة مع روؤساء بعض اطراف المعارضة العرقية المتواجدين فعلا على ارض الواقع العراقب ويشغلون حيزا ملموسا خلال ممارسة نشاطاتهم السياسية في شمال العراق عكس الاطراف الاخرى.
تسرب انباء عن سيناريو جديدة وضعتها الولايات المتحدة الامريكية بالاتفاق مع الدول المتحالفة معها ضمن خطة الادارة المستقبلية للعراق مدتها ثلاث سنوات مفادها ان بريطانيا ستتولى ادارة المنطقة الوسطى باكملها، بينما تتولى امريكا ادارة الجنوب مع الاجزاء الشمالية الشرقية اما ادارة المناطق الباقية فلا زالت مجهولة تنتظر من يقوم بادارتها.
التحليلات المتوقعة في اراء المفسرين ازاء تسارع الاحداث تزداد يوما بعد يوم معها تزداد كثافة الجهود الدبلوماسية الموجهة نحو التوصل الى حل الازمة الشاغلة للعالم في خط متوازي مع تلك الجهود يزداد قصر المدة الزمنية بين حالة السلم والحرب، وتبقى المعارضة العراقية تلعب دور المتفرج امام صراع المصالح الدولية ليس على ابار النفط العراقية فحسب انما امام تداعيات استراتيجية المرحلة القادمة التي ستغير واقع الحال ليس في العراق بل في منطقة الشرق الاوسط عامة، نامل ان يظهر دور المعارضة العراقية من موقع القوة والاقتدار في ادارة عراق المستقبل بعد ان يعود الى احضان المحافل الدولية ويمارس دوره الايجابي معهم.
التعسف، التسلط، الانفراد، الاحتكار، التحيز …. . وغيرها من الممارسات خبرناها في الدول ذات الأنظمة الديمقراطية قبل الأنظمة الديكتاتورية التي تدعي الديمقراطية، وعندما ُتجرد الأخيرة من حرية التعبير وأبدا الرأي وممارسة المواطن حقوقه المشروعة في التمثيل الصادق عن نفسه عبر اختياره الحر لمندوبيه في لبرلمان المنبثق من بين ابناء الشعب، وعندما توضع القيود الصارمة على سلطات الدولة التشريعية والتنفيذية والقضائية، وعندما تتعامل السلطات مع الشعب بالحديد والنار، وعندما تكبل كل مؤسساته بالشروط المجحفة الخادمة المسخرة لمركز القرار فقط … تكون الديمقراطية قد خضعت لقانون الثابت المتغير، وهذا يعني ثبوت الشكل والصورة بعيدا عن واقع التطبيق خصوصا اذا تحكمت على مقدرات الشعب ومصيره ومصير البلد سلطة الحزب الواحد المتفرد في اتخاذ القرارات وسن القوانين مع الأخذ بالحسبان ان كبح هكذا أنظمة خارج إرادة وقوة الشعب المسلوب من ابسط حجج المواجهة المعلنة أمام قيام الوجه الآخر للديمقراطية.
ان جسور الثقة بين الشعب والمؤسسات الديمقراطية تصبح معدومة طالما لا تعبر عن حقيقتها وليس فيها ادنى تطبيقات وان وجدت فإنها في خندق خدمة السلطة ومصالحها تعمل على إظهارها بالشكل المطلوب الى درجة تصبح الديمقراطية شامخة لامثيل لها وقد سبقت كل الديمقراطيات العالمية رغم أنها في قائمة المفقودات هذا هو حال العراق وشعبه تلك الحالة التي دفعت ألوانه القومية والدينية والمذهبية البحث عن الديمقراطية وحقوق التمتع بها بطريقتها الخاصة بعد الحرمان منها، الشيء الوحيد الذي يفهمه هذا الشعب من خلال الديمقراطية (الانقياد) الى صناديق الاقتراع تحت انواع هواجس الخوف من نتائج عدم الانصياع لتلك الديمقراطية المعبرة عن امال وطموحات السلطة الحاكمة والحزب الحاكم.
اما ما يجري في مراكز الاقتراع فان الناخب مجرد وصوله اليه يتجرد من وجوده وكيانه ويصبح آله يوجه ليكتب (نعم) او يختار عشرة اشخاص من بين اسماء القوائم المرشحة دون سابق معرفة.
لذا نجد الديمقراطية وثقافاتها اصبحت اكثر دكتاتورية منها مع ان الديكتاتورية قائمة بحد ذاتها تلعب دورها، والجميع يعلم بذلك ويعلم ايضا ان كلا المفهومين على طرفي نقيض مع بعضهما لذا يمكن ان نطلق على ديمقراطية العراق ان صح التعبير تسمية (ديكتاتورية الديمقراطية) او الوجه الاخر للديمقراطية طالما تحكمها تناقضات التمتع بمفرداتها التي لابد من ازالة تلك التناقضات والتخلص منها ومن رواسبها سيما نحن مقبلون على مرحلة عراق المستقبل …. . عراق الوجه الواحد للديمقراطية.
لو تجردنا من نظرة التعصب (التفرقة)، ونظرة الانحياز (التمييز)، ونظرة المفاضلة (الاستعلاء) مع مجانبة النظرة الشمولية للأمور من باب القضاء على السلبيات واسبابها التي لا يد لنا فيها اولاً، واحتواء مساحة الفايروس المسلط علينا من التوسع والانتشار ثانياً. نجد الكم في الحجم والكتلة للأرقام الحسابية ضمن المجموعة الرقمية على الرغم من تباين الشكل والصورة في المعنى والمضمون من صفر الى التسعة المتشكلة لجميع الارقام نجد لا معنى لهما في الحسابات الدقيقة والواسعة طالما لا يمكن التخلي عن أي من تلكم الارقام المراد منها انشاء او تكوين اية قيمة حسابية حالها حال تكوينة المجتمع العراقي العرقية، الدينيية، المذهبية، فإن النسبة العددية لأي من هؤلاء مهما كانت صغيرة او كبيرة فإنها لا تخلق خلافات حقيقية حتى تكون طبيعية الا اذا كانت مكتسبة مع الاخذ بنظر الاعتبار ان الجري وراء الكم العددي لا يعول عليه في تحديد الحقوق والواجبات ووضع القانون الاساسي امام اقامة العدل وتحقيق المساواة في دائرة تكافؤ الفرص بالاضافة الى ان جدار المفاضلة يخلق التنافر والتباعد بين مجموعة المكونات الصغيرة والصغيرة جداً. . وهنا بيت القصيد. .
الملاحظ ان التركمان والآشوريين يأتون في التسلسل الثالث والرابع من حيث القومية بعد العرب والاكراد، وان الصابئة واليزيديين يأتون في التسلسلات الأخيرة من حيث الديانة، وكذا المذاهب في الاديان. لم يبق الا ان نخوض في العشائرية وتفرعاتها في ظل نظم السياسة القبلية التي لا تلائم روح تطورات عصر الحديث.
ان زوايا المثلث الطبيعية موجودة شئنا ام ابينا، لكن المؤسف انها لا تمثل حقيقتها في القياسات المتعارف عليها بعد ان رسمتها ايدي اصحاب نوايا الشر التي ارادوها لنا كأن تكون زاوية التعصب، زاوية الانحياز، زاوية المفاضلة واصبحت وكراً للنظرات الضيقة بمساهمة جماعية في شركة رأسمالها ليست محلية (وطنية) موروثة لنا منذ الاحتلال الاجنبي للعراق عام ۱٩۱٤.
وبدلا من أن ننقض على تلك الافكار الدخيلة ونقتنصها تربينا عليها حتى ترعرعت وتقوى عودها ثم تحولت الى مادة سامة تسري في عروقنا تلعب دورها تعمل عملها يوما بعد يوم في نخر جسم المثلث بعد ان سارت الحكومات المتعاقبة على نهج ما أوت الزوايا واصبحت المادة السامة قاتلة لا محال بعد ان سيطر النظام الحالي على دفة الحكم وسلك طريق التعصب والتمييز والتفرقة والتفاضل بين أبنائه في إدارة البلاد سياسيا ثقافيا تربويا اجتماعيا وكذلك اقتصاديا بالاضافة الى قوميا ودينيا ومذهبيا …. . والحالة هذه صارت تعيش في نفوسنا حتى اصبحنا جزءا منها واصبحت جزءا منا أفرزت الخلافات والصراعات التي نحن فيها بعد ان تحولت عدوى سياسة النظام إلينا، وهكذا شهدت البلاد المأسي والويلات المدمرة لابنائه الذين يجمعهم القاسم المشترك الأعظم (الاخوة) في الوطن اولا، ثم في الدين والقومية، تلك النزاعات التي طالما ولدت الاقتتال الداخلي بين الاخوة، او ابقت على الخلافات بين الاخوة أيضا في الدين او المذهب او القومية …. و أخيرا عادت بنا الى استخدام مصطلح (الأقلية) التي لا تستخدم الا في المجتمعات المتخلفة والمتخلفة جدا في مناحي الحياة المختلفة وقد تجاوزتها اصغر المجتمعات ونحن لا نزال نثيرها رغم الدوامات التي عشناها قابعين في تلك الزوايا الثلاثة ضمن خارطة العراق الشبه المثلثة.
من المعروف ان سياسة النظام الحالي واسلوب تطبيقاتها لتلك السياسة الاحتكارية والتسلطية ازاء مكونات المجتمع العراقي عامة والتركمان خاصة تختلف اختلافاً عما كانت عليها قبل اكثر من ثلاثة عقود من الآن رغم ان اهداف ومباديء الحزب الحاكم وشعاراته منذ عام ۱٩٦٨ هي نفسها لن تتغير بقدر ما يتعلق الأمر في كيفية التعامل معها في تطبيقاتها النظرية وتوافقها مع سياسة النظام الدكتاتوري بالتزاوج بين فكر الحزب الواحد وسلوك ادارة البلاد في ظل سياسة استراتيجية تضفي عليها صفة الصهر القومي للتركمان بقصد الغاء وجودهم وعدم الاعتراف بهم الا إننا نجد أن إعلان الحقوق الثقافية بموجب القرار ٨٩ الصادر في ۲٤/۱/۱٩٧۰ من قبل أعلى سلطة في الدولة العراقية ولحد الآن (مجلس قيادة الثورة) بقصد اظهار حسن النية وكسب ودهم وتأييدهم جاء متعاكساً مع سياسة الحكومة المركزية وفي غفلة من الزمن إتجاه التركمان، اما ما افرزته المرحلة من معاني ودلالات منذ اعلان القرار الى لحظة التحايل عليه واجهاضه فهي:-
ان صدرو القرار اعتراف صريح من قبل النظام بوجود التركمان رغم كل الممارسات والاجراءات التي جاءت قبل وبعد صدور القرار ضدهم.
ان القرار المذكور اعلاه لم يلغى بقرار آخر، انما تعرض الى محاولة التمييع والتحايل عليه من قبل النظام بعد ان اصبح هاجسه الخوف من التركمان ومن توسع نشاطهم بعد ان حققوا انجازات كبيرة وتفانوا في سبيل كسر الجمود المخيم عليهم وهذا يؤكد في معناه على حقيقة وجود التركمان وبدلالة بقاء بعض فقرات القرارات حيز التنفيذ ولحد الآن رغم تضييق الخناق عليها.
عدم الغاء القرار يعني انه لا يزال قائماً ومن حق التركمان ممارسة تلك الحقوق في المناطق التي يتواجدون فيها بغض النظر عن الزمان.
اول اجراءات التمييع جاءت تستهدف المدارس التركمانية بالإعلان عن غلقها في ۲/۱۱/۱٩٧۱ التي قوبلت بالإضراب العام والشامل من قبل جميع شرائح المجتمع التركماني منطلقاً من كركوك ليشمل باقي المناطق التركمانية الأخرى، الا ان قوات النظام تصدت للمضربين واستطاعت احتوائه بعد اعتقال ومطاردة العديد من المضربين واحتجاز اصحاب المحلات المغلقة واجبارهم على العودة الى الحياة الطبيعية بالقمع والتعسف واستخدام القوة تحسباً لإنتشارها وتوسعها حيث توج الاضراب بإستشهاد (المرحوم حسين علي موسى) اول شهداء المسيرة الطلابية للتركمانية.
٥- نستنتج من ذلك ان الإضراب كشف النقاب عن الوجه الحقيقي لسياسة التمييز العنصري للنظام في اول مواجهة داخلية من قبل الشعب في المدينة وهي تحت سلطة المركز، تلك المواجهة التي جاءت تصرح خلال عقد السبعينيات عن دور التركمان في معارضة النظام داخل العراق وليس خارجه كما هي الآن، ومع ذلك لم يؤخذ هذا الموقف نظر الاعتبار في مؤتمر لندن للمعارضة العراقية عندما حاولت تهميش دور التركمان رغم أن الأخير يعد اول المعارضين للسلطة المركزية وهي في مرحلة عنفوان قوتها واستقرارها في وقت ليس بمقدور أحد من معارضتها والوقوف أمامها وأمام اجهزتها الامنية، وكان للتركمان بذلك شرف السبق في تجاوز جدار الخوف من الانظمة الحاكمة.
قبل حوالي سنتين من الآن نشرتُ في صحيفة نداء المستقبل مقالا تحت نفس العنوان عندما أثيرت آنذاك مسألة توطين الفلسطينيين في العراق وتحديدا في المناطق التركمانية، وقبل أيام استجد الحديث حول التوطين مرة أخرى حيث عرضت إحدى الفضائيات برنامجا خاصا عن ذلك ونشرت موسوعة النهرين مقالا عن نفس القضية، حيث بدا عليهما الدعاية لنفس غرض سياسة النظام الهادفة الى تغيير الحقيقي لواقع مدينة كركوك وإظهارها في غير صورتها التركمانية المعروفة عنها، تلك الدعاية المسخرة رغم تعاكسهما نحو توجهين، الاول يعمل وبشك متواصل استبدال هوية مدينة كركوك من موقع القوة والاقتدار السلطوي، والثاني يحاول بث ادعاءاته وتغيير حلتها سبيلا للاستحواذ عليها في المستقبل.
ترى من سيكون بينهما (بين المطرقة والسندان ) التركمان ام الفلسطينيون كمواطنين جدد …؟ وهل يولد الصراع انتفاضة حجارة جديدة كالتي اندلعت في فلسطين …؟.
وللأهمية أعيد الى الأذهان مقتطفات من تلك المقالة المنشورة في ۲٨/۲/۲۰۰۱ في الصحيفة المذكورة أعلاه ….
عقودا تلد عقود حتى قاربت القرن ولازالت قضية فلسطين ومشكلة اللاجئين تدور في فلكها الواسع الفسيح تسير كالسلحفاة نحو الهدف باحثة عن الحلول التي تشعبت وتفرعت عن مركز القضية خدمة لغير صالحها وقد تضاربت الأنباء مع بعضها عن توطين الفلسطينيين من بداية الشريط الممتد من خانقين الى كركوك منها من يضخم الخبر ومنها من يحجبه ويتستر عليه، ومنها انباء مقصودة تقيس نبضات رد الفعل والأخرى تخرج من الصميم حسب القرب والبعد من الحدث حيث الصلة والعلاقة، إما الإتيان بجموع اللاجئين الفلسطينيين وإسكانهم في ارض الرافدين محاولة مقصودة ذات نوايا تسير بعكس تيار الهدف.
السؤال الذي يطرح نفسه … لماذا العراق بالذات …؟ ولماذا كركوك بالتحديد …؟ ولمصلحة من …؟ ولماذا اختيار هذه الفترة …؟ …؟
ان عقود التشرد والتشرذم الذي عاشه ويعيشه الشعب الفلسطيني لم تاتي الشرعية الدولية بتطبيقات جادة لوضع حد لها، وان واحدة من مشاكل عدم نجاح جولات المفاوضات … مطالبة ودعوة عرفات بثلاثة ملايين فلسطيني لاجئ للعيش في دولتهم المزمع إنشائها. وربما تفرز المفاضات اللاحقة في احدى جولاتها على ان يكون واحدا من الملايين الثلاثة حصة العراق، وقد خصصت لهم ارض فيها جبال من الحجارة لتنطلق ثورتها هذه المرة من كركوك ولكن ضد من ولصالح من …؟.
الكل يعرف ان عملية التوطين صحيحة كانت أم لا فإنها تحمل في طياتها أبعادا ذات مردودات سياسية اقتصادية واجتماعية وقومية تخدم مصالح كل من له مصلحة في العملية. ويكفي ان نعرف انها محاولة لخلق فاصل قومي وطائفي للعائلة العراقية ضمن الشريط المخصص للاسكان (التوطين) محققا غايات تخدم سياسة الصهر والقهر ضد التركمان في كركوك وما يرافقها من سلب لما تبقى من حقوق الانسان التركماني بعدما توفر الحكومة المركزية كل سبل التمتع بالحياة للاجئين من مستلزمات الراحة والامان وعلى حساب الاخرين من مواطني كركوك، ويظهر ذلك واضحا بالعودة الى الأوضاع العراق العامة والاقتصادية خاصة نجده محطما اقتصادي والشعب يفتقر الى ابسط مقومات حقوقه الإنسانية وهو مسلوب الإرادة يعاني ما يعاني من تفشي البطالة وانهيار العملة مع الارتفاع المستمر لاسعار السلع والخدمات ليقف الشعب عند حافة الفقر المتقع وقد نخر الجوع والفاقة والحاجة عظامه بحيث لاتسمح ظروفه لادنى درجات الضيافة.
ان ما يجري على التركمان في كركوك من إخلاء أبنية المحلات التي يشغلونها منذ سنوات والعائدة للدولة، وعدم إعطائهم فرصة المشاركة في المزايدة عليها أسوة بالآخرين من اخوانهم العرب إلا بعد جلب الشريط الإحصائي تتضمن تغيير القومية خير شاهد على ذلك.
لقد جاءت فكرة التوطين في توقيت معين غايتها توظيف سياسي تستخدم كورقة ضغط ضد أطراف العلاقة ولتكون ذات حدين تعمل على سلب حقوق العودة عودة اللاجئين الىديارهم وتضع فواصل قومية وطائفية بين مكونات الشعب العراقي بالاضافة الى خصوصياتها المقرونة بالنفع والضرر على المستويين القطري والاقليمي حسب المصالح الدولية التي لا تعير الأهمية للشعور والراي العام.
والان كيف تحل المعادلة التي تقول (شعب بلا ارض – ارض بلا شعب) بين ارض كركوك وشعبها وضيافة الفلسطينين فيها، وعلاقتها في صهر واذابة التركمان والقضية الفلسطينية وربطها بقضية عموم الشعب العراقي المترنح بين الويلات والماسي والغائص في محيط بلا قاع.
يبدو ان التركمان الذين طالما كانوا ولا يزالون جزء متجانس من مزيج تراب العراق الذي قامت على ارضه دولهم واماراتهم وتركت لمسات مساهماتها على حضارة العراق قبل قيام الدولة العثمانية صاروا مادة دسمة لدى اولئك الذين اصبحوا مطية اهوائهم وتوجهاتهم العنصرية معتبرين اياهم من مخلفات الدولة العثمانية وهم بذلك يتخبطون بميولهم المتعصبة في بحر الظلمات بعد ان اعمتهم نظرتهم الضيقة للامور رؤية الحقيقة القائلة …. ان التركمان لم يطالبوا يوما الانفصال من العراق ولم يفكروا في اقامة كيان منفصل لهم، وعندما توفرت لهم فرصة اختيار بلد غير العراق قبل حوالي اكثر من ثمانين سنة ابوا الانصياع لها وفضلوا البقاء في وطنهم العراق، ولم يلعبوا يوما دور ابن العلقمي او ابو رغال.
ان اوروبا التي عاشت الحروب والصراعات والنزاعات منذ العصور الوسطى نراها اليوم رغم خلافاتها واختلافاتها تتحد تعمل لاجل اسعاد شعوبها … لماذا …؟ بماذا يتفوقون علينا …؟
انهم تخلوا عن افكارهم البالية وعن كل ما كان يعيقهم من تحقيق خطوة نحو الامام، اتعظوا واستفادوا من سلبياتهم السابقة وحولوا كل فشل الى نجاح … اما نحن فلا زالت اسلحة القذف الكلامي تستخدم عندنا بشكل رمي عشوائي عيار طلقاتها من نوع … كيل التهم، التنابز، الافتراءات الباطلة، سوق الاشاعات والاكاذيب والنعوت … و. . و… وجملة من محاولات اكساء الحقائق رداء التزييف والتزوير والتحوير.
الشعوب والامم متنوعة الثقافات والحضارات المنتشرة في ارجاء المعمورة المنحدرة من اصول قومية واحدة ذات اعراق تمتد جذورها في الدولة التي هم فيها الى مصادر البذرة التي ربت واتسعت واحتفظت بخصائص ومميزات اصولها الاصيلة مع الاحتفاظ بخصوصياتها اينما كانوا … فلا عجب ان يعتز الامريكي، الهولندي، الكندي والسويدي والى اخره من الدول الأوروبية بانتماء مواطنيهم الى العرق الانكليزية، وكذلك الجزائري والسعودي والسوري والعراقي والى اخره من ابناء الدول العربية بانتمائهم للعائلة العربية، كذلك بالنسبة الى القرغستاني والتركمانستاني الاذربيجاني والقبرصي والى اخره من الدول الناطقة بالتركية او التركمانية بانتمائهم الى العالم التركي او التركماني، ان هذه الانتماءات لاتعني باي شكل من الاشكال التبعية او الولاء لهذه الدولة او تلك، بقدر ما تعني انتمائهم للوطن او الدولة التي يعدون من رعاياها.
اما ان تقوض دور ومكانة التركمان بالولوج من خلال عقليات القرون الوسطى فهذه لاتنال منهم شيء ولا تمس وطنيتهم طالما هم واثقون منها وان سلوكهم الوطني وواجباتهم ازاء الوطن تؤكد ذلك، ويكفيهم شعورهم واحساسهم وتشبثهم بارض آباءهم واجدادهم صناع التاريخ وبناة الحضارة فيه.
التسائل المثير للجدل … اذا كان التركمان … مخلفات … ضيوف … غير عراقيين، فلماذا لم يأتوا بعمل مشين يمس وحدة وسيادة العراق في الملمات واثناء الازمات والظروف الحرجة، ولم يستغلوا الفرص اثنائها في تحقيق ماربهم…؟.
انهم كانوا وقود حرب الخليج الاولى والثانية مع اخوانهم العراقيين من جهة، ومن جهة اخرى كانوا يتعرضون لابشع محاولات الصهر العرقي والتمييز العنصري وعمليات التعريب السيئة الصيت ومع كل ما يعانون لم يقفوا فى خندق مضاد للعراق لانهم جزء منه، وعكس ذلك يعني الوقوف ضد انفسهم.
لم يحقد النظام العنصري البائد على البشر فقط، بل وصل حقده إلى مدن عراقية معينة، وكانت كركوك في مقدمة هذه المدن. فمع بدء حملة التعريب في ۱٩٧٤، سلخت الأقضية التاريخية عن كركوك (طوزخورماتو ـ تم ربطه بتكريت ـ وكفري ـ تم ربطه بديالى ـ وآلتون كوبري ـ تم ربطه بأربيل) وقرر النظام الدموي باسم حفظ وصيانة الآثار التاريخية،اغتيال قلعة كركوك، بتخصيص (۲٥۰) مليون دينار لعمليات هدم أحياء القلعة في زمن الحصار والجوع واغتيال كرامة الوطن. حيث نشرت صحيفة(صوت التأميم) في عددها المزدوج السادس والسابع ۱٩٩٨ ما يلي:
((تنفيذاً لأمر الرئيس القائد صدام حسين حفظه الله تتواصل في محافظة التأميم أعمال رفع الأنقاض وصيانة الأماكن الأثرية التي سيتم الإبقاء عليها في قلعة كركوك وذلك بتخصيص ۲٥۰ مليون دينار وستقوم لجنة رئيسية تضم في عضويتها مجموعة من الكوادر المتخصصة من ديوان المحافظة ودائرة آثار التأميم لغرض تنفيذ العمل بطريق (أمانة) وبإشراف السيد الفريق الأول الركن أياد فتيح خليفة الراوي محافظ التأميم وسيتم إنجاز هذه المهمة خلال فترة زمنية أمدها ٧۰ يوماً)).
تحت مبرر الحفاظ على الطابع التاريخي المزعوم، تم تشريد سكان قلعة كركوك الذين عاشوا مئات السنين جنباً إلى جنب مع جامع النبي دانيال، وأثار كنيسة الأحزان، وبيوتها التراثية. فلهذه الآثار مكانة مقدسة لدى سكان القلعة الأصلاء توارثوها هذه المشاعر أباً عن جد هذه المشاعر حتى قبل أن يولد ميشيل عفلق بقرون. والبيوت التراثية لطيفور، وصديق العلاف، وعلي اَغا، وعبد الغازي أفندي بقيت مصانة ومعروفة. ولم تكن ثمة حجة جديدة لدى (حكومة الثورة !) يبرر كل هذا الحقد على هذا الجزء الغالي على قلب وروح كل تركماني عراقي سوى إكمال عملية الرتوش الأخير لتعريب مدينة كركوك (وهي العقدة المزمنة التي لم يستطع النظام التخلص منها ورافقته حتى انهياره في مزبلة التاريخ) الذي بدأ يتغيير اسم كركوك إلى (التأميم) وتغيير الطابع الديموغرافي للمدينة والذي أعلنه صراحة علي حسن المجيد في شريط كاسيت لاجتماعاته حينما كان محافظاً لمدينة كركوك والذي عثر عليه بعد اقتحام مقره على اثر اضطراره للفرار من المدينة أتناء الانتفاضة في ۱٩٩۱. وفيه يتحدث عن خطط لمسح الطابع التركماني عن أحياء وأسواق كركوك. يرد في الشريط مايلي :
((. . سوق القورية مثلاً نبني سوق غيره. اشويه اشويه ويجي يوم وأكول هذا تعويض أو أمسح السوق كله لأنه جاء شارع طويل. . أنا مخطط ۱۰،۲۰، ۲٥ سنة أكول السوق ينشال. بعد عشرين سنة يروح سوق القورية. خلاص مات سوق القورية. . حتى المدينة حاضرة لخطة كلش بعيدة).
وعند اقتراح لأحد أعضاء الحزب في إعطاء التركمان بعض المناصب، يرد هذا الجواب من قبل علي الكيمياوي : ((إذا ماعندو كارت الإيمان بالحزب والثورة، وصاير عضو شعبة أو فرقة في الحزب، والله ما أنطيه رتبة فراش في طابو كركوك (…) كل مدينة إلها تراث ولها كذا بس بكركوك ماجاعد تراث عدها. تراث نسويله فد زي و نكول هذه تراث كركوك، وان كركوك تنطق بالعربي مو بالتركماني. . هذا موضوع ينرادله دراسة خاصة. هذا ما مخلوق ونريد نخلقه مثل ما موجود طلائع من قبل وصار طلائع. بس نريد نسوي فد زي جديد ما مخلوق ونريد نخلقه. . )).
منظر من سوق (القورية)
عندما بدأ النظام البائد بحملته الحاقدة ضد مدينة كركوك، كانت قلعة كركوك التي تضم أحياء تركمانية عتيدة (زندان، آغاليق،حمام) هدفا رئيسا للنظام البائد.
قلعة كركوك كمعلم تاريخي
تقوم مدينة كركوك القديمة (القلعة) فوق مستوطن أثري قديم ورد اسمه في الألواح المستخرجة منه وعددها ٥۱ لوحاً يعود تاريخها إلى منتصف القرن الثاني عشر قبل الميلاد، وقد تم العثور عليها في سفح القلعة صدفة عام ۱٩۲۳. وتقول المصادر أن البابليين سموها (أرابخا) وسمى الأشوريون المستوطن القريب منها (أرافا) والتي حرفت في التاريخ القريب إلى (عرفه).
تؤكد الكتابات المسمارية في الرقم التي تم العثور عليها في قلعة كركوك عام ۱٩۲۳ أن مدينة كركوك هي في الأصل مدينة ارابخا ,وهي الدولة المستقلة التي ظهرت في الألف الثاني قبل الميلاد. وكانت تقوم على مجرى نهر (خاصة صو).
تقوم مدينة كركوك القديمة (القلعة) فوق مستوطن أثري قديم ورد اسمه في الألواح المستخرجة منه وعددها ٥۱ لوحاً يعود تاريخها إلى منتصف القرن الثاني عشر قبل الميلاد، وقد تم العثور عليها في سفح القلعة صدفة عام ۱٩۲۳.
قلعة كركوك، هي المدينة القديمة،وهي من أعرق المناطق التي تضم أحياء يسكنها التركمان منذ القدم. تقع في الصوب الكبير من مدينة كركوك شرقي نهر (خاصة جاي). يبلغ ارتفاعها عن مستوى الأرض المجاورة لها حاولي ۱٨م. تنحدر نحو الأسفل تدريجياً، شكلها العام دائري تقريباً. ولها أربعة أبواب. من الأماكن التاريخية الموجودة فيها :
-۱جامع النبي دانيال : معروف بمئذنته المعروفة التي يعود تاريخها إلى أواخر العصر المغولي، ويمتاز بناؤه بالعقادات،والأقواس الجميلة التي تقوم على قاعدة مثمنة.
-۲. الجامع الكبير (اولو جامع)ويسمى أيضاً جامع (مريم اَنا) ويعود تاريخه إلى القرن الثالث عشر الميلادي.
-۳. القبة الزرقاء (كوك كنبد) بناء مثمن الشكل ذو طراز معماري جميل حيث تتخلله الزخارف الاَجرية النباتية، مطعمة بالقاشاني الملون، ومزينة بشريط من الكتابة في أعلى البناء من الخارج. يستدل منها أن القبة استخدمت في عام ٧٦۲ هـ ،وتضم رفات الأميرة التركمانية بغداي خاتون.
-٤. جامع عريان : يعود تاريخه إلى ۱۱٤۲ هـ. يقع وسط القلعة،ويتميز بقبته الكبيرة التي تقوم على أربعة أضلاع متساوية،ترتكز عليها ثمانية أضلاع تعلوها ستة عشر ضلعاً، تشكل قاعدة القبة التي يبلغ ارتفاعها خمسة عشر متراً.
- ٥. كاتدرائية أم الأحزان : وتسمى أيضاً (الكنيسة الكلدانية) وقد بنيت على أنقاض كاتدرائية قديمة. وهي مشيدة بالحجر والجص. تقوم سقوفها،و أروقتها على أقواس، وأعمدة من المرمر تعتبر بتيجانها الفخمة أية فنية في البناء المعماري. يعود تاريخ بنائها إلى سنة ۱٨٦۲
وأما بخصوص المسيحيين الذين كانوا يسكنون القلعة، المسيحيين الذين كانوا يسكنون القلعة فهم من أصول تركمانية وليست لهم لغة اخرى. يقيمون بها شعائر الصلاة والعبادة في الكنيسة الخاصة بهم والتي تدعى (قرمزي كيلسه) أي الكنيسة الحمراء، نظراً لوقوعها على تلة ذات تربة حمراء. يرتلون صلواتهم باللغة التركمانية من الكتاب المقدس (مدراش).
في كتاب (كرد وترك وعرب) لمؤلفه سي. جي. ادموندز (ترجمة جرجيس فتح الله، منشورات جريدة التآخي، ۱٩٧۱)يذكر عن (مسيحيي القلعة) مايلي :
((كانت كركوك في أيام الإمبراطورية الساسانية مركزا مشهورا من مراكز النساطرة، وكرسيا لرئيس أساقفة (بيت كرمي ـ باجرمي). هذه الطائفة يمثلها اليوم (الحديث في العشرينات) زهاء مائة وخمسين أسرة كلدانية. يسكن معظمها في الأحياء القديمة من التل (يقصد به القلعة) يدير أمورها الدينية مطران يدعى اسطيفان جبري. يتزعم الطائفة ثلاثة من أغنياء تجارهم وملاكهم هم : ميناس غريب،قسطنطين،وتوما هندي) . . ))
٦ ـ بوابة طوب قابي : تقع في الجهة الغربية من القلعة، وتطل على نهر خاصه، وهي البوابة الوحيدة المتبقية من البوابات الأربع (حلوجيلر،يدي قزلار،مصلى قابيسي)، ويعود تاريخها إلى أكثر من مائة وخمسين عاماً. تتميز بأقواسها المدببة والنصف دائرية، وقبوها الشبه البيضوي.
٧. ـ البيوت التراثية : تزخر قلعة كركوك بالعديد من الدور التراثية ذات المواصفات النادرة والفريدة. ومن هذه الدور (دار طيفور) التي تمثل الطراز المعماري التركماني القديم. تتكون الدار من ثلاثة دور متداخلة. الأولى ذات أعمدة مرمرية دقيقة، مداخل غرفها،ونوافذها مؤطرة بالمرمر والزخارف. الدار الثانية تتكون من مجاز وسرداب و كوشك،أما الدار الثالثة والتي تسمى (بيت العروس) فتتكون من ردهة صغيرة (طارمة)،وغرفة مستطيلة الشكل. تتميز هذه الدور بعقودها، وأقبيتها، وزخارفها الجصية، والنباتية، والحيوانية. ولكل دار من دور القلعة التراثية ميزات خاصة نكاد لا نجدها في الدور الأخرى التي اعتادت ان تروي همومها،وسرورها في جلسات سمر تركمانية.
المؤسف هو صمت العالم أمام هدم هذا المعلم الحضاري،التاريخي بحجة حماية وصيانة الآثار،وتشريد سكانها وهدم أحيائها تحت أنظار الرأي العام العالمي، الذي أقام الدنيا وأقعدها عند هدم تمثال بوذا في أفغانستان من قبل حكومة طالبان !
منظر من قلعة كركوك
ثمة أغبية تركمانية قديمة يبدو أن ذلك التركماني، الذي أودع فيها لوعته، كان يقرأ مصير القلعة منذ عشرات السنين في أغنيته الشعبية الخالدة :
ثلاث شجرات تين
في أعتاب القلعة
في معصمي قيود
وفي رقبتي أغلال
لا تشد سلاسلي
فذراعاي تؤلماني !
ويبدو القاص المبدع جليل القيسي في عباراته التالية التي وردت في مقابله له نشرت بمجلة الأقلام (العدد الثاني ۱٩٩٩)، وكأنه يقرأ ما لقلعة كركوك من مكانة أثيرة في نفوس أبنائها،وفي وعيهم ولا وعيهم :
((. . لقد ولدت على مسمع من ـ القلعة ـ. . ومنذ أن بدأت أعي، دربت أذني على (الخوريات)*الساحرة. . وأنا صغير كنت أغني تلك الأغنية الخالدة الذكر " ليتني كنت حجرا في أساس القلعة /لأصادق أولئك الذين لديهم أخوات حلوات /" أم أغنية " في أسفل القلعة يزرعون الذرة، ويقاسمونها بأنصاف ". حتى الآن أغني كل يوم أغني الخوريات، وأحلم أن أكون حجرا في أساس القلعة، ربما شمس من شمس ذلك الحجر أو أساسه أحلق واحلق)).
-الخوريات : رباعية شعرية تعتد على الجناس، تغنى بواحد وعشرين مقاما.
سمع العالم والفضائيات ووسائل الإعلام ووكالات الأنباء العالمية باسم قضاء (طوزخورماتو) علي أثر الحوادث المفجعة والمؤسفة التي وقعت فيها، وراح ضحيتها العديد من الأبرياء قبل فترة قصيرة.
تعد طوزخورماتو التي تقع جنوب شرقي كركوك، علي مسافة ٨٨ كم، درة المناطق التركمانية في العراق. تختلف الروايات حول تسميتها فطوز، تعني بالتركمانية (الملح) و(خورما) تعني التمر أي أنها بلدة الملح والتمر. لكن ثمة رواية أخري تقول أنها سميت باسم خوري كان يدعي (متي)، وكان يقوم بجمع الملح في الأرض التي كانت مملوكة له فتم بذلك تحريف اسم المنطقة مع الزمن إلي (طوزخورماتو) التي يوجزها العامة إلي (طوز).
تم سلخها عن مدينة كركوك مع بدء حملة التعريب البعثية للمناطق التركمانية في ۱٩٧٤، حيث تم ربطها إداريا بتكريت التي تم تحويلها الي محافظة. وهي الحملة التي تم فيها سلخ الوحدات الإدارية التابعة تاريخيا الي كركوك مثل قضاء كفري الذي تم إلحاقه بمحافظة ديالي، وناحية (آلتون كوبري) التي تم ربطها باربيل حتي عام ۱٩٩۱.
يعد قضاء طوزخورماتو من أغني الأقضية العراقية بالثروة المعدنية لما ظهر فيه من النفط والمعادن الأخري كالكبريت وحجر الأسمنت والملح والقار.
هوية ثقافية
تمتاز طوزخورماتو بثرائها الثقافي المتميز، وليس من المبالغة القول أنها بلد الشعراء والمثقفين والمطربين الذين أثروا ولا يزالون الثقافة التركمانية المعاصرة. ولعل الكثير من قراء (الزمان) يجهلون أن الرسام محمد بيات،الذي فاز بالجائزة الأولي عام ۱٩٦۰ في مهرجان الكندي، عن لوحته للعالم العراقي الكندي، في المسابقة التي نظمت بالمناسبة في عهد عبدالكريم قاسم، هو من أبناء هذا القضاء الجميل.
أما الشاعر البصير حسن گوره م (۱٩۲٤ ــ ۱٩٩٥) صاحب ديوان (رؤيا ــ الحلم) الذي ولد بقضاء طوزخورماتو، فيعد من أهم الوجوه الشعرية فيها. وعلي الرغم من فقدانه لنعمة البصر، إلا أنه واصل الحياة بتفاؤل حيث أصبح التفاؤل وحب العمل والحياة، الصفة الطاغية لقصائده الشعرية. لم يكتف بأن يكون أحد فرسان الشعر التركماني الكلاسيكي بل نهل العلم حتي نهاية حياته فتعلم العربية والفارسية وتشبعت روحه بإبداعات الحضارة العراقية. عزم علي إتقان اللغة الإنكليزية من خلال لقائه بالعاملين في شركة النفط. وقد طور معرفته باللغة الإنكليزية إلي درجة أن طلبة المرحلة الثانوية كانوا يقصدونه ليشرح لهم ما غمض عليهم من قواعدها. تعرف علي مثقفين عراقيين مثل عبدالرزاق الحسني وعباس العزاوي وعلي الوردي إلي جانب شخصيات سياسية بارزة مثل نوري السعيد الذي كان معجبا بطلاوة حديثه وسلاسة اسلوبه مع مخاطبيه.
عبرت قصائده دائما عن روحه الاشراقية المتفائلة وعن الهموم الوطنية والإنسانية. ولم يتوان النظام المنهار، من اعتقال هذا الشاعر الضرير، لمدة ثمانية أعوام، وبرغم ذلك لم يفقد إيمانه وتفاؤله بالحياة. لقد أسعفني الحظ في لقاء هذا الشاعر، الذي أذهلني بسعة إطلاعه. بل انه ذكر عني أمرا لا يعرفه أحد عني، وهو نشري أول إنتاج قصصي لي في مجلة (العاملون في النفط) التي كان يشرف عليها جبرا إبراهيم جبرا. وكان من المعروف عنه اهتمامه المفرط بهندامه الذي كان يتألف من الزي الشعبي التركماني. زرته آخر مرة وهو علي فراش المرض مع صديقي الشاعر المرحوم (عصمت أوزجان). وقد انتظرناه فترة ليست بالقليلة في صالة المنزل، وعلمت بعد انه حتي وهو علي فراش المرض لا يقابل زواره إلا بعد أن يحلق ذقنه ويرتدي ملابسه كاملة.
حلم
حسن گوره م
شاهدتني في الحلم في رحلة
وصلت عالما لا أثر فيه للحزن
وجدت أناسا في صفاء ونشوة
لم يسحق الحزن أيا منهم
كانت بيوتهم من زجاج وطرقاتهم من بلور
ستائر بيوتهم من الأزهار
سالت فما وجدت للجهل مكانا بينهم
يعمل الجميع للعلم والفن
الكل يفكر في الآخر
سألت عن الظلم، لم يعرفه احد
علمت أن لامكان للشر هنا
لنكن نحن أيضا في جدهم
كي لا نقهر ونسقط في بحر الذل
من لا يتعظ بهمومه الماضية
لا ينال بغيته
لكل شيء عالم غير مرئي
ما الذي أوقعنا في نفس الداء ألف مرة ومرة؟
سيتحقق حلمك حتما يا (كوره م)
في يوم ما سيشفي القلب
من ألف داء وداء.
(ت. د. محمد مردان)
ومن ابرز وأهم الوجوه الفنية في طوزخورماتو التي أنجبت أساطين الغناء والمقام التركماني المطرب أكرم طوزلو (۱٩۳۳) الذي ما يزال يرفد الموسيقي التركمانية بأغانيه الممتعة، والذي تعرض مرتين الي الاعتقال خلال الحرب الإيرانية وبعدها. في أمسية جمعتنا معا في (نادي الفنانين) بكركوك، حدثني كيف أن رجال في مديرية الأمن العامة كانوا يقودونه كل مساء الي مكتبهم، بعد أن يعصبوا عينيه ثم يطلبون منه الغناء، فيغني لهم المقامات العراقية معصوب العينين وهم يكرعون كؤوس الويسكي!
في هذا (الخوريات) الذي يولع بقوله معظم التركمان الشاعر منهم و الأمي، ينكبون عليه تأليفا و إنشادا من خلال مقامات مختلفة. وهو نمط شعري مؤلف من أربع اشطر و سبعة مقاطع صوتية وفق حساب التهجي،موزون و مقفي، ويتسم بالوحدة العضوية يعتمد علي الجناس. في النموذج التالي يسخر المطرب أكرم طوزلو سخرية حادة، من مشروع إيصال نهر (العظيم) المستمر منذ أربعة عقود دون نتيجة إلي نهر (خاصه) الجاف صيفا الذي يمر من وسط مدينة كركوك:
ارفع رأسك
وتأمل الـ(خاصه)
بلغ الماء كل مكان
لم لا ينساب في الـ(خاصه)؟
ارفع رأسك
وتأمل الـ(خاصه)
بلغ الصاروخ القمر
ولم يبلغ بعد الـ(خاصه)!
أما علي معروف أوغلو (۱٩۲٧) فهو شاعر وباحث فولكلوري وقاص ولغوي مهم، لا يضارعه كاتب تركماني في اكتشاف جماليات اللغة التركمانية وتحليلها والوقوف علي ثرائها، ويُعد احد أمهر شعراء الخوريات. من إصداراته (ده ره مت)، و(أولايلار قونوشيور ــ حوادث ناطقة) مجموعة قصصية. وهو ما يزال يواصل بهمة الشباب الغوص في أعماق اللغة التركمانية ليقتنص منها الدرر، ليشبعها تأليفا ودراسة وبحثا.
سألت فقال
علي معروف أوغلو
(۱٩۲٧)
سألت المعدم عن حزنه
قال: أنا سابل ودوائي خيال
سألت العاشق عن نار الحب
قال: أنعش من الماء، وأبهج من الربيع
سألت الأستاذ عن السكير
قال: قزم يري نفسه ماردا
ما السعادة؟ قال: طائر عنقاء
ذو ألف جناح، فر من قفصه
ما الدنيا إلا وجه مرائي
له قلب وحش ووجه ملاك
سألت عن المقدام فتغير صوته:
انه كالخضر يغيث المكروب
ومن الوجوه الثقافية المعروفة التي أنجبتها بلدة (طوزخورماتو) المعطاءة، الشاعر عبداللطيف بندر أوغلو، الذي تأثر بحكم انتماءه السياسي بناظم حكمت وحاول محاكاته، ويُعد أكثر الشعراء التركمان إنتاجا بحكم توليه مديرية الثقافة التركمانية لأكثر من ثلاثة عقود.
الوطن
عبداللطيف بندر أوغلو
(۱٩۳٧)
سـتأخذني غفوة
وأنا أعود يا وطني
يا بغداد
يا كركوك
ياطوز
وربما سيوقظني شخص ما
من حلمي السعيد
لكنني سأصيح
يا وطني. . يا عراق
أنت أجمل الأشياء!
كما ما يزال الشاعر الحداثوي المتميز رمزي چاووش يواصل ابداعه في مدينته، ويثري القصيدة التركمانية في العراق بالجميل والأجمل.
الأصباغ الملونة
رمزي چاووش
(۱٩٤٥)
لو اشتري لي أبي
أصباغا ملونة
سأرسم أولا بيتا صغيرا
سيكون للبيت
شباك مفتوح
سأزرع في مقدمته
أشجارا خضراء
سيكون في البيت
ورود وزهور
تضطجع خلفه
جبال متراصة
خلاف التلال
ستكون هناك
شمس
سأرسم
مدينة
حيا
وطنا
سيكون لشعاع وطني
ألوانا زاهية
وسماء ذات غيوم سخية
قافلة الشعراء
شهرة طوزخورماتو الثقافية لا تنحصر في من تم ذكرهم، بل لا بد من الإشارة الي الشاعر والباحث محمد بيات، الذي يعتبر أحد أهم المتخصصين في شعر فضولي البغدادي (أمير الشعر التركماني) والذي سلط أيضا الضوء علي النصوص الشعرية باللغة العربية للشاعر فضولي. إضافة الي شهرته في مناظرته الشعرية التي كتبها علي نمط قصيدة (حيدر بابا يا سلام) للشاعر الأذربيجاني (شهريار) وهو من أهم وأكبر شعراء الأذربيجانيين في إيران.
كما لا يمكن إغفال الإشارة الي الشاعر والباحث الراقي هاني صاحب حسن، الذي كتب أهم بحث أدبي في تاريخ الأدب التركماني المعاصر عبر كتابه المهم (أزهار القرنفل ــ دراسة في الشعر الحر التركماني في العراق) ومن الوجوه الثقافية في هذه البلدة المعطاءة، د. فاضل مهدي بيات الذي رفد الثقافة التركمانية بالعديد من النتجات اللغوية، إضافة الي قاموس عربي ــ تركي عن المصطلحات الاقتصادية والعسكرية. والباحث بهجت صادق طوزلو الذي كتب كتابا مهما هو (الدليل الثقافي)، والشاعر حسين علي مبارك صاحب المطولة الشعرية (طوزخورماتو) وشقيقه الشاعر مصطفي علي مبارك، وعبدالحسين عمران الذي كتب أول رواية تركمانية هي (كوك تپه ــ التل الرمادي).
قائمة الشعراء في العزيزة طوزخورماتو تطول: ياووز جعفر قره گونول، رضا قنبر دميرجي، كوثر ساقي باغوان، أكبر حميد صالح، عاصي إسماعيل طوزلو، صباح زين العابدين طوزلو، أيهان رشيد اورانقاي، أيهان عاشق أوغلو، عريان ولي دميرجي، دويغون نوري أحمد، عدنان عزت عساف، الذي فازت قصيدته بإحدي جوائز مهرجان الشاعر فضولي في ۱٩٩٤.
لا يمكن لمسيرة الشعر أن تتوقف في طوزخورماتو، بل أنه يبشر بالخير والعطاء الوفير من خلال التوصل لنبض الحداثة في قصائد الشعراء المتميزين وفي مقدمتهم: جودت قاضي اوغلو ويالچن بللو والشاعر فوزي أكرم ترزي.
|