بعد الانتفاضة الباسلة عام ۱٩٩۱ وافتتاح اول مكتب للحزب الوطني التركماني العراقي في مدينة اربيل التحق الينا السيد نجم الدين القصاب وعدد اخر من الاخوان من تركيا تاركين اعمالهم وعوائلهم هناك من اجل تنظيم اعمال وفعاليات الحزب. وقد بذل القصاب جهود كبيرة في تنظيم الامور في المقر وتقديم ارشاداته القيمّة للزملاء وتنظيم امور الحراسة والتدريب العسكري للكوادر الجديدة من اجل حماية المكاتب والابنية التابعة للحزب. اضافة الى تعليماتة بخصوص التعامل مع الاهالي في المدينة وتقيم الدعم اللامحدود لهم لكسب ثقة الجماهير. وقام باعمال ادارية وحركية كبيرة كانت له الاثر الكبير في انخراط عدد كبير من الشباب في صفوف الحزب
من صفات هذا الرجل بساطته وخفة دمه وله شعبية كبيرة بين كوادر الحزب والشعب التركماني. وكان يجلس مع الحراس وكوادر الحزب بكل بساطة ويأكل معهم ويستعمل المفردات البسيطة والانسانية من خلال التحدث ولم نحس في يوم من الايام انه مسؤول حزبي وله منصب.
كان الرجل ولايزال مجاهدا صابرا ولايتنازل في النقاش ويتحدى أقرب الناس اليه لصالح القضية القومية التركمانية وحقوقه المشروعة. والرجل لايبهى بأي شيء سوى النضال من أجل المستقبل لاطفالنا التركمان في العراق. ولايبالي بالتهديدات أو الخوف من أي أنسان يعادي حقوق التركمان. وأحقية عودة التركمان لمدينة كركوك. وبعد سقوط صدام كان من اوائل المناضلين الذين دخلوا مدينة المدن التركمانية كركوك، مدينة الاباء والاجداد، مدينة نار الازلية بابا كركر، مدينة الذهب الاسود. هذا الذهب الذي أدى الى الى طمع الدول الكبرى قبل دول الجوار أو القوميات الاخرى في العراق للاستيلاء على الموارد! ومحاولة طرد العوائل التركمانية والتقليل من وجود التركمان في المدينة.
في احدى ايام عام ۱٩٩۲ كنا جالسين في المقر وعلى غفلة قال.. يا أخوان سنذهب غدا الى كفري لزيارة أخواننا في القضاء ومناقشة أمكانية وضع مقر للحزب هناك. كان الرجل يعرف خطورة الذهاب الى هناك لتواجد قوات الحرس الجمهوري بالقرب من القضاء. حيث أن المعسكرات ونقاط التفتيش كانت متباعدة حوالي اقل من كيلو متر واحد! اضافة الى تواجد عناصر المخابرات والامن والعملاء داخل المدينة. ومنافسة الاحزاب الكردية لباقي القوميات والاقليات وفي مقدمتهم حزب الطالباني..
وبعد مناقشة قصيرة تم الاتفاق على تجهيز السيارات من كافة النواحي وأحضار المؤون والمواد الضرورية لشعبنا التركماني هناك. وطلب القصاب منا بذل كافة جهودنا في أنجاح هذه العملية من أجل أعطاء الشعب التركماني هناك دافعا قويا للظهور الى الوجود بعد ان نكون لهم سندا.. وفي الصباح الباكر أنطلقنا في موكب بهيج من حوالي سبعة سيارات. حيث تقدم عدد من المناضلين مع سياراتهم والحضور شخصيا للمهمة النبيلة. وكان علينا بذل جهود كبيرة من أجل الوصول الى القضاء والالتفاف حول مدينة السليمانية لعدم وجود الطرق الى كركوك أنذاك. في طريقنا شاهدنا قضاء كويسنجق ومن هناك الى سلسلة جبال هيبة سلطان ثم دوكان ودخلنا مدينة السليمانية وثم دربندخان ثم كفرى.. وكنا في الطرق نتوقف للراحة والاطلاع على أمور القافلة وأحتياجاتهم و كان القصاب هو الذي يشرف على كافة الامور وكان الرجل يدفع من جيبه الخاص كافة المصاريف وخصوصا عند التوقف في المطاعم. وباستمرار كان يقدم تعليماته.
دخلنا قضاء كفرى وأستقبلنا من قبل بعض الشخصيات التركمانية والمناضلين هناك ومن ثم ذهبنا جميعا الى احد البيوت وأجتمع القصاب مع بعض الوجهاء من التركمان وبحضورنا. وطلب منا التكتم على كافة الامور وأخذ الحيطة والحذر من تحركات العملاء وعدم التفريط بهذه الفرصة.
والمهم بعد بقاءنا لمدة حوالي ثلاثة أيام شاركنا في مراسيم عديدة لاهالي المدينة وكانوا سباقين في أحضار وجبات الاكل. ثم تم أختيار بناية للاستئجار كمقر جديد للحزب الوطني التركماني العراقي وأنتخاب مسؤول المكتب وأعضاء الهيئة الادارية والمشرفين وتوزيع الاعمال. وجهز المقر بالاسلحة الخفيفة للحراس وحماية المقر. وبعد تنظيم كافة الامور أعلن الخبر للاعلام وللاهالي ولاأقدر وصف فرحة أهالي كفري والنصر الكبير للشعب التركماني في القضاء باعلان الخبر. واندفاعهم للانضمام في صفوف الحزب وتقديم خدماتهم وخبراتهم من اجل انجاح المهمة.
أثناء تواجدنا قمنا بزيارة الشعراء والادباء والشخصيات في المدينة وزيارة مكاتب الاحزاب الاخرى لتقديم مد يد التعاون مع الجميع وأظهار حسن النية. اضافة الى زيارة الاماكن التاريخية والاثرية.
وهكذا رجعنا الى أربيل وأعلن النصر الكبير في وسط دهشة الاخرين. حيث تم التعتيم على الزيارة من كافة النواحي وانهال علينا برقيات التهنئة من الجميع وباركونا بالعمل الجبار وسط لهيب من النار..
وللتاريخ فأن نواة تأسيس المقر كان من عمل المناضل الجريح نجم الدين القصاب وبذل جهودا كبيره وخصوصا بعد عودتنا حيث كنا نقوم بزيارات متواصلة ومتابعة أعمال ونشاطات المقر.
وأخر الكلام.. هو أدعو الله سبحانه وتعالى أن يشفيه ويساعده من العودة مرة أخرى الى ساحة النضال وهو واقف على رجلية ليتحدى الاعداء من الامريكان والحاقدين علية وعلى الشعب اللتركماني الاصيل.
ومواصلة النضال المشروع من أجل نيل حقوقنا القومية والوطنية. فالف تحية لنضال هذا الرجل العظيم الذي تذوق أيضا أيام عصيبة في سجن ابو غريب عندما حكم مع بعض المناضلين ايام البعث البائد. وكان محكوما بالسجن سبعة سنوات ولم يشمله أي عفو. والف تحية لجميع مناضلينا.