قراءة بسيطة في عناوين الأنباء العالمية وتلك القادمة من العراق والمشاهد المأسوية التي تعرضها القنوات الفضائية عنه تدعو للأ سى والحزن على هذا البلد المغتصب والشعب الجريح وعن حجم الدمار الهائل الذي فاق تصور الأنسانية في عالمنا المتحضر وعن مسرحية المؤتمر الدولي الحالي في شرم الشيخ! أضف الى تلميحات وتهديدات ومخاطر جسيمة تلوح في الأفق عن أحتمالية تدمير مدن عراقية أخرى قريبا.وأن رصيد المواطن العراقي من الصبر على الأذى والمكاره والظلم قد طال جدا وفاق حد التحـّمل من دون أنصاف من العالم.فبحجة القضاء على فلول الأرهاب دمـّرت القوات الأمريكية مدن سامراء، الفلوجة وتلعفر والنجف وغيرها وتقتل كل يوم النساء والأطفال والشيوخ والجرحى في المساجد وأمام عدسات التلفزيون دون رادع دولي ودون أن ينبس العالم بكلمة تنديد ضد الأدارة الأمريكية ألأرهابية ومرتزقتهم.
فالمجازرالأخيرة في الفلـّوجة - والتي أصبحت أطلالا الآن- أكـّدت بأن العراقيين في تأريخهم الحديث قد تعرضوا الى نوعين من الظلم: سلطوي، على شكل دكتاتوريات فردية وأضطهاد سياسي مورست من قبل أنظمة الحكم الفردية المتتالية عليه منذ تموز ١٩٥٨ من أجل أستضعافه وأستذلاله ثم السيطرة عليه..و غطرسة أخرى أمريكية من قبل جحافل القتلة المحتلين الذين أمعنوا فعلا في طغيانهم وفق أضخم المكاييل الدكتاتورية عملا لتركيع العراقيين وأبادتهم وأهانة مقدساتهم ودينهم وشرفهم وعرضهم.وقد خاب ظن الشعب العراقي بالأمريكان الذين جاءوا لا لتحرير العراق وأقامة الديمقراطية بل ألى تدميره وتقسيمه!
فالعراقيون (من دون الأكراد) يعيشون الأن الغدر الأمريكي بأبشع صوره، الغدر الذي فاق الغدر النازي في ألمانيا والغدر الصربي على مسلمي بوسنه والغدر الروسي على مسلمي جيجينيا والغدر الأمريكي في فيتنام.وما يحـّز في النفس فعلا ضلوع بعض القوى السياسية العراقية بالتحالف مع الأمريكان وزج بعض المقاتلين العراقيين لقتل أشقاءهم العراقيين بأسم أو تحت غطاء قوات الحرس الوطني أو القوات المسلحة الكردية وأفراد من قوات الشرطة وغيرهم.علماء ورجال دين كبار يدفعون حياتهم ضريبة للمجاهرة بكلمة حق أمام سلطان جائر ويقتلون بأيدي عراقية أثمة أوبأيدي جنود بوش.
بالمقابل، تتنامى المقاومة الوطنية (وليس الأرهاب كما يحلوللبعض من الذين في قلوبهم مرض و كذلك الأعلام الغربي والصهيوني في وصفها) كـرد فعل على العدوان الأثم على البلد وتنتشر في كل مكان من العراق من أجل طرد الغزاة والقتلة من أرضنا الطاهرة.وأعداد القتلى الأمريكان في تزايد مستمرفي الوقت الذي تنقل مروحياتهم الجرحى والقتلى الى قواعد أو قدمات طبية كانت بالأمس القريب (قصورا لصدام)!! وبدأت قواعدهم المنتشرة في كل مكان من العراق تتعرض دون توقف الى صواريخ ليل نهار.وشبّان أبطال في عمر الزهور ينشدون أغاني الشهادة قبل تفجير أنفسهم ليقتلوا ولو جنديا غازيا أو مرتزقا واحدا على الأقل لينالوا شرف الشهادة من أجل الوطن و لتلقين هؤلاء درسا في الدفاع عن العرض والأرض.شباب عراقيون بدى عليهم أنهم يحبـّون الشهادة أكثر من حب بعض خونة الشعب للحياة الذليلة ومباهجها التي واعدتهم أمريكا بها.رجال عادوا الى دينهم بعد أن أيقنوا أن الأفكار الوضعية أضّـلتهم في الحياة.وأخرون صابرون ينتظرون الوقت المناسب ليلحقوا بمن سبقهم من الشهداء.في الوقت الذي يتعرض رجالات الحكومة العراقية المؤقتة الى محاولات للتصفية عقابا لهم ولأ دوارهم الخيانية في مستقبل "عراق ما بعد صـّدام".
هذه المشاهد الوطنية التي يظهرها هؤلاء الشباب كما رأيناها يوم أمس في قناة الجزيرة الفضائية تثير في النفس العـّزة والكرامة والنخوة العراقية المعروفة في قهرهم للطغاة ومقارعة الظلم والعدوان لأنقاذ بلدهم من دنس الغزاة.
مقابل هذه المواقف الرجولية من المقاومين العراقيين نقرأ تصريحات فضفاضة وأكاذيب رخيصة يطلقها بعض المسئولين العراقيين الحاليين فتثير في النفس الأشمئزاز والتقزز الى ما ألت اليه الأوضاع الحالية في البلد في ظل حكمهم المشبوه و قيام بعض الأحزاب العنصرية الحاقدة على جموع الشعب العراقي بالأدلاء بتصريحات كاذبة عن تواجد بعض المطلوبين من أجل أستفزاز القوات الأمريكية للشروع في شن هجمات جديدة للأنتقام ممن تبقى من بقية العراقيين وأبادتهم!!
- يقول السيد أياد علاوي بأن "قواته العسكرية والقوات المتعددة الجنسية (يتفادى أستخدام تسمية قوات الأحتلال أو القوات الغازية!) غير مسئولة عن مذابح الفلـوجة"!!!
فأذا كانت قواته المزيجة من بعض المتطوعين ممن دخلوها لغاية الأرتزاق فقط والمسلحين الأكراد والمندسين ممن في قلولبهم مرض أو لتصفية حسابات سابقة..أذا كانت غير مسئولة عن تلك المجازر فياترى من المسئول يا دكتور عـّلاوي؟! هل طيور الأبابيل هي المسئولة عن مذابح الفـلوجة؟؟!! هل القنابل والصواريخ التي أسقطتها الطائرات الأمريكية هي حجارات من سجيل؟! هل تريدنا أن نـّكذب ما تراه أعيننا ونصـّدق تصريحاتك!! بالله عليك يادكتور كفى..أرجوك (خلينا نحترمك!).
- تقول الأنباء بأن مؤتمر شرم الشيخ الحالي الذي تشارك فيه ما مجموعه عشرون دولة من ضمنها بعض دول الجوار و السيد "هوش يار زيباري" سيحل مشكلة العراق الذي دمـّر وينهي مشكلة الأرهاب!! أقول:
لا والله، فالمؤتمرات العربية لا تحل ولا تربط...بل أن مؤتمر شرم الشيخ (راح يشـرّمها بالزايد!)، ومشكلة الأرهاب سوف لن تحل الاّ عندما تبادر أمريكا هي نفسها بالتوقف عن أرهابها ضد الأخرين وتسحب مرتزقتها من العراق!.فلقد أنتهى المؤتمرالمهزلة بــ(رضا تام) من قبل الدول المشاركة و ببيان ختامي يثير السخط والضحك الا وهو "الدعوة لتظافر الجهود العربية والأمريكية لدعم العملية السياسية في العراق"! (الحمد لله، هذا كل ما كنـّا نريده لحل الأزمة...فقد تمخّـض الجبل فولد فأرا!) (أللهم أنعم وأكرم!!).
- نقلا عن شائعات وأخبار كاذبة نشرت هذا اليوم في "جريدة التأخي" و الناطقة بأسم الحزب الديمقراطي الكردستاني بأن المدعو "الزرقاوي" قد شوهد وهو في سيارة أسعاف من قبل أحد أفراد المليشيات الكردية المسلحة التي تسيطر على كركوك في مدينة طوزخورماتو التركمانية (جنوب كركوك)!
أذا كان الخبر هذا صحيحا وأذا كان هذا المسّلح صادقا في كلامه وذو نيـّة سليمة ياترى لماذا لم يبادر بقتله بسلاحه مباشرة عند ما رأه لأنقاذنا من ورطة الأحتلال وكما عهدنا سابقا عندما أردوا بعض القياديين التركمان صرعى داخل سياراتهم في كركوك؟؟ من ناحية أخرى لا نعلم بالضبط هل أن السيد مسعود البرزاني -و بعد أن فشلت مساعيه في تكريد المدينة- قد خطـّط فعلا لتدمير مدينة كركوك بأفراده المسلّحة ولكنه بأنتظار ساعة الصفر بمبادرة أمريكية بعد أستفزازها بحجة رؤية الزرقاوي من قبل أحد أفراده في كركوك لكي يجهز بعد ذلك هوعلى كركوك ويشـّرد أهلها!!؟ ثم ماهو ياترى سر أختيار "الزرقاوي" لمدينة كركوك بالذات من دون كل مدن العراق ليختبأ فيها!!! ثم ياترى لماذا لم يشاهد الزرقاوي في محافظة السليمانية أو دهوك مثلا حيث المليشيات المسلحة هناك؟! فالمسموع عنه أنه أردني الجنسية وليس بكردي..و ليست له أية أطماع في كركوك كما هو الحال لمسعود البرزاني.!! ألا يعني ذلك أن دور كركوك في القائمة قد حان لتدميرها بحجة تواجد وأختباء الزرقاوي فيها أستنادا الى تصريح جريدة (التأخي) ونقلا عن (شاهد) مسـلّح واحد فقط؟!.
- يعـّبر السيد جلال الطالباني عن فرحته ويدعـّي بأن ماحصل للفـّلوجة وأهلها هو أبسط وأهون مما لحق لمدن العراق الأخرى في زمن صدام!! وهذا تصريح شخصي ثان مشابه لسابقه يطلقة الطالباني تشـّفيا بالعراقيين و لضحايا حلبجة.صحيح أن مدن النجف وكربلاء ومدينة الثورة في بغداد والعديد من قرى التركمان والأكراد قد تعرضت الى جرائم القصف والدمار في عهد صـّدام لتحقيق أهداف معروفة للجميع..ولا يمكن نسيان الماضي! الاّ أن هذا الكلام الجارح خطير جدا ومبالغ فيه يا "مام جلال" و لا يليق بسياسي رفيع المستوى مثلك بأطلاقه بشكل مستمر!!.وهو كلمة حق لكن يراد بها باطل مردوده الخطير سيرد عليك.والجدير بالذكر بأن المنطقة الشمالية سلمت منذ أذار ١٩٩١ وبفضل حليفتكم الأمريكان من تحرشات صدام عليكم الى حين سقوطه في أذار ٢٠٠٣.والشعب الكردي (من دون كل العراقيين) يعيش بنعيم كامل منذ ذلك الوقت في منطقة الحكم الذاتي والملايين تتقاطر عليكم كل يوم من معبر زاخو ومن عائدات البترول المسروق ومن مكافئات دولية عديدة من هنا وهناك..وقد أوصلتكم الأدارة الأمريكية الى قمة السلطة في العراق.فلم هذه الأطماع التوسعية والمطاليب التعجيزية وأرهاق الشعب العراقي والتشفي على ألامه؟؟
فلا طائل للتضليل السياسي ولا للأدعاء بالقوة العسكرية الأمريكية في العراق التي يظنون أنها لن تقهر ولا عذر ولا غفران للدول و لا للزعامات والشخصيات الجبانة الطائعة لأمريكا والذليلة لها!!.ولا فائدة لتعليل النفس بالأمال والتثاقل عن قول كلمة الحق دفاعا عن العراق الجريح.والجبان هنا هو الذي يدعـّي بماليس عنده من حول ولا قوة سوى التضليل والتمويه وخلق المعاذير لفشله! وأدعو جورج بوش وحلفاءه بأن يقرأوا التأريخ جيدا ليعلموا عن مصير قوم عاد و فرعون وهامان وغيرهم الذين استكبروا في الأرض وجعلوا أعزة أهلها أذلـّة...وكيف كانت نهايتهم."فأمـّا عاد فأستكبروا في الأرض بغير الحـق وقالوا من أشد منـّا قوة أو لم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة" (سورة فصّلت - ١٥).فللعراق ولشعبه المضطهد رب يحميه من الطغاة والجبابرة المحتلين...والتأريخ يسـّجل على الأنتهازيين والعملاء مواقفهم الغادرة بالعراقيين ولا بد لهذا الليل أن ينجلي..يوم لا تنفع الندامة.