حقائق عن طبيعة الأنتخابات العراقية في لندن... بشهادة شاهد!
شاركت في الدورة التدريبية في لندن والتي دامت ثلاثة أيام ثم بدأنا بالعمل في تسجيل الناخبين العراقيين في السبعة أيام الأولى (١٧- ٢٣) من شهر يناير. وقد حصلت خلال هذه الفترة القصيرة مفارقات أدارية وأمنية غير طبيعية وأمور غير صحيحة ولا تخدم القضية الوطنية العراقية بعكس ما يردده البعض من تضخيم الدعاية للحدث من قبل من لهم غايات شخصية أو مصالح حزبية ضيقة أو مطامح قومية وعنصرية مشبوهة. وأوّد أن أنشرها للمهتمين بالحقائق من المسؤولين لكي يعلم القاصي والداني عن ما يدور في القاعات الأنتخابية من أحداث غريبة وأنتهاكات وخروقات عجيبة مؤكدة فشل العملية برمتها. فالملاحظات التي لاحظتها والقناعات التي خرجت بها هي مايلي:
١). ان اللجنة التحضيرية للأنتخابات العراقية والتي تسمى بـ(المفوضية العليا المستقلة للأنتخابات) والمتكونة من عناصر من جنسيات مختلفة (بريطانية، كندية وعراقية) تدعـّي بأستقلاليتها –ككيان- عن التأثيرات الخارجية والمؤثرات السياسية العالمية غير أن العكس هو الصحيح. فقد وجدتها تحت تأثير اللوبي الكردي في الخارج والمستمد قوته من الأدارة الأمريكية المحتلة للبلد. فاللجنة تحاول أنجاح أنتخابات كتب لها الفشل منذ الساعات الأولى لأعلانها من قبل الأدارة الأمريكية المحتلة لأسترضاءها وللمستفيدين منها من القوى السياسية في العراق وكدعاية للأدارة الأمريكية نفسها!
٢). الغالبية العظمى من الأعضاء الأداريين المشرفين على اللجنة الأنتخابية هم من الأخوة الأكراد (وأكثرهم من المقيمين في بريطانيا من اللأجئين) وهم الطاغين على مجريات الأمور الأدارية والأمنية كاملة وقليل منهم من اخوتنا العرب من الشيعة. أما نسب المشاركين في اللجان الخاصة بالتحضير للأنتخابات أستنادا الى أحصاء شخصي أجريته بنفسي بعد عـّد المشاركين: نسبة الأكراد فيها هي أكثر من ٧٠٪ وبنسبة ما يقرب من ٢٧٪ من العرب معظمهم أن لم يكن جميعهم من أخواننا الشيعة ومنهم من الأحزاب الشيوعية والبقية الباقية والتي لا تشكل أكثر من ١٪ فهم من التركمان والمسيحيين.
٣). كان من المفروض أن يرفرف العلم العراقي على سماء القاعة أستدلالا للأنتحابات العراقية ورمزا للوطن لكونها أنتخابات عراقية غير أنه غاب للأسف ولم نره. و يأتي قرار المفوضية العليا (المستقلة) للأنتخابات وتعمّـدها في عدم رفع العلم العراقي في قاعات التسجيل أسترضاءا للأكراد الذين فرضوا أنفسهم على اللجنة ومنعوهم من رفعه أستنادا الى تصريح أحد أعضاء المفوضية العليا المستقلة للأنتخابات لي شخصيا (لا أود هنا ذكر الأسم بل سأذكره عند أجراء تحقيق صحفي معي). وبالعكس فقد رفع بما يسمى (بالعلم الكردي الغير معترف به) في القاعة عدة مرات ومن قبل شباب من الكرد دخلوا القاعة بالزي الرياضي وبحوزتهم ما يرمز لهم وبعلم بعض أعضاء اللجنة المنظمة للأنتخابات من الأخوة الأكراد. فأنتهز بعض الصحفين المناسبة والتقطوا صورا لهم مع (العلم) ثم ما لبثوا وان طووه بعيدا أمام ضغط العراقيين من أخوتنا العرب والوطنيين المستقـّلين والتركمان الذين أعتبروا العملية تحدي للوطن وأستخفاف واضح بالعراق وأشارة واضحة الى نوايا القوى الكردية بتقسيم العراق والأنفصال. ثم هرعوا لطويه والخروج من القاعة تحت ضغط وأستنكار العراقيين من غير الكرد... وهم يهتفون باللغة الكردية (بزي كورد) أي (يعيش الأكراد). وقد تم تقديم عدة شكاوى من بعض الشخصيات الوطنية والتركمان (ومني شخصيا وبخط يدي) الى اللجنة الأمنية الخاصة بالمفوضية العليا المستقلة للأنتخابات. والأخيرة وللأسف لم تقم بمحاسبة الأعضاء الأكراد العاملين في اللجنة والمتواطئين مع هؤلاء الشباب والذين سمحوا لهم بالدخول سوى أعطاء الوعود للمحتجين بعدم السماح للحالة أن تتكرر مرة أخرى.
أن غياب العلم العراقي ورفع (العلم الكردي) دليل صارخ على أن العملية الأنتخابية هي مهرجان لأنتخابات كردية لا علاقة لها بالعراق. وهذا العمل يعد من أكبر الأهانات التي توجه الى الوطن بأيدي أعضاء اللجنة من الأكراد المدعومون من المفوضية العليا للأنتخابات والمرتبطة أرتباطا واضحا مع الأدارة الأمريكية وفي الوقت نفسه أعلان واضح للنوايا الأنفصالية للقوى الكردية مما يضفي الصبغة الكردية على الأنتخابات برمتها.
٤). الشعارات مكتوبة باللغتين العربية والكردية فقط وفي كل مكان وكأن العراق لا يحوي سوى هاتين القوميتين. وبتعبير أدق تعد أيحاءا لأعتبار اللغة الكردية لغة رسمية للعراق لا مناص منها قبل الأعلان الرسمي!!! وعندما قام السيد "ديفيد كاهرمان" العضو في الهيئة العاملة بتزويد الاخوة التركمان على ترجمة الشعارات الى اللغة التركمانية لتوزيعها او لعرضها في القاعة قامت سيدة كردية بمنح نفسها الصلاحية بمنع توزيعها مدعـّية بأن اللغة التركمانية ليست لغة رسمية!! وكاد الجدال يتطـّور ويتعـّقد أكثر لولا تدخل أحد المسئولين من المفوضية العليا بفض النزاع والأنتهاء بأبقاء الترجمة للتوزيع فقط. وتكررت الحالة في اليوم التالي أيضا وانتهت بنفس النتيجة ومع نفس العضوة الكردية. وهذا تأكيد على النظرة الأستعلائية القبلية والعنصرية للقومية الكردية على القوميات الأخرى ومحاولات ألغاءها وخصوصا التركمانية مما يؤكدون تناقضهم في شعاراتهم في الديمقراطية وجهلهم المدقع لها والعتمة السياسية.
٥). أعداد العراقيين الراغبين بالتسجيل قليلة جدا نسبة الى الأعداد الغفيرة للجالية العراقية المقيمين في بريطانيا. وبالأمكان تصنيفهم كالآتي: منهم من الأخوة الشيعة، والأحزاب الأخرى المرشحة للأنتخابات و نسبتهم لا تتجاوز ٢٠٪ من مجموع المسجـّلين للأنتخابات. أمّا نسبة الأكراد الذين سجلوا في الأيام الستة الأولى فهي أكثر من ٨٠٪. نصف رجالهم يرتـدون الزي الكردي ويتجوّلون في القاعة لأستعراض أنفسهم. وفي خارج القاعة يرقصون ويدبكون ويلوّحون بأعلامهم قاطعين المرور في شوارع "ومبلي" في لندن أمام أنظار البوليس البريطاني. أما الأخوة المسجلين من السـّنة فهم لا يتجاوزون عدد أصابع اليد ومعظمهم كبار السن أو من غير المسـّيسين ويجهلون بكوامن الأمور.
٦). بلغ العدد التقريبي للمسجلين من العراقيين في خارج القطر حسب احصاء جريدة "مترو" ليوم ٢٤ يناير أقل من ١٠٪!!! وهذه نسبة واطئة جدا ودليل رفض العراقيين للأنتخابات لعدم ثقتهم بها ودليل على فشلها.
٧). كانت شروط التسجيل في بداية الأمر حيازة الناخب على وثيقتين تثبت عراقيته (كالجنسية العراقية، أو هوية الأحوال المدنية مع جواز سفر عراقي أو بريطاني). وبسبب قلة الناخبين فقد تراجعت اللجنة المنظمة تدريجيا عن هذه الشروط الى حوزة الناخب على أية وثيقة حتى وان كانت صورة مستنسخة من هوية الطلبة أو أجازة السياقة وأن كانت بدون صورة!! مما يشير الى مهزلة لا نظير لها في عالم الديمقراطية والى ضربة كبيرة الى نزاهة الأنتخابات وشرعيتها!! وقد أستغل هذا الشرط الأخير من قبل الأكراد فسجّل العديد منهم بشهادات مزّورة وبأسماء مختلفة وذلك لزيادة عدد الناخبين (بعضهم من أكراد أيران والذين لا يمكن تمييزهم عن أكراد السليمانية حيث يتكلم الأثنان بنفس اللهجة تقريبا). أضف الى أن البعض منهم سجـّل في أكثر من مركز أنتخابي واحد كـ (لندن ومانجستر أو كلاسكو). أما الغاية في ذلك فهي لزيادة عدد أصوات الأكراد مستغلين عدم أستخدام الكومبيوتر في التسجيل وأمكانية التزوير!!!
٨). بعض الأكراد المسجّلين يفرض كتابة تولّده أو جنسيته (كردستان) وأخرين يرفضون التحدث باللغة العربية اما أنطلاقا من نظرة عنصرية صرفة لفرض الذات الكردية أو لجهلهم المطلق باللغة العربية وكونهم من أكراد تركيا أو أيران. وهذ العمل يعد خرقا أخرا لشرعية ولنزاهة الأنتخابات ودليلا كبيرا على فشلها.
٩). في كل من أسواق السليمانية في العراق وشارع "أدجور رود" في لندن يمكن أقتناء أية وثيقة (رسمية) عراقية كـ(جوازات السفر العراقية الحديثة، الجنسية العراقية وهوية الأحوال المدنية العراقية وهوية نقابة المهندسين العراقية وغيرها) مزّورة وفق أرقي تقنيات التزوير العالمية. هذه الوثائق تباع حسب الطلب بما يعادل ١٠٠ باوند لمن يحتاج اليها في الأنتخابات!!.
١٠). بسبب هبوط نسبة التسجيل فقد تم تمديد فترة التسجيل من قبل المفوضية العليا (المستقلة) للأنتخابات الى تسعة أيام في محاولة يائسة الى أمكانية زيادة عدد المسجلين وأعطاء فرصة للآخرين للتسجيل.
١١). تم تجنيد بعض الشباب من الأكراد الذين بالكاد تجاوزت أعمارهم ١٨ سنة ممن لا خبرة لهم في الحياة ولا دراية لهم بالأنتخابات أعضاءا في اللجنة وأنيطت لهم مسؤولية تفوق أمكانياتهم الذاتية: كمراقبة الموظفين المسئولين عن التسجيل وكمخبرين عنهم الى اللجنة العليا!! وهم في مشيهم وتبخطرهم ذهابا وأيابا من أمام الموظفين أنما يثيرون أشمئزازهم الى حد الأستفزاز والتقزّز حيث يتصرفون وكأنهم في محافظة السليمانية ويقومون بتصرفات غير طبيعية وتسيئ لهم.
١٢). أضف الى أن بعض هؤلاء المجنّدين الشباب أنيطت لهم مسئولية التسجيل في محطات التسجيل فينسون أنفسهم الصغيرة فيقومون بالتصرف من موقع المسؤولية الأعلى ويتدخلون في كل صغيرة وكبيرة ويتجاوزون على الموظفين الأخرين الى درجة التهديد بالقتل. وقد حصلت لي شخصيا حالة مع أحد الشباب من موظفي التسجيل الذي بدى من تصرفه بأن عمله السابق في العراق كان (بيشمركة)!!! فهدّدهي وبدون تردد وامام شهود من الأخوة أكراد مردّدا تهديد أسياده في القيادة الكردية قائلا "الذي لا يرضخ لنا نعتبره عدوا لنا ويستحق العقوبة"!! وقد رفعت هذا التهديد في تقرير خطي الى المسئولين في لجنة المفوضية العليا للأنتخابات غير أنه أهمل متعمدا وذلك لتحيّـزاللجنة العليا للأنتخابات للجاني!!! ثم كرّر تهديده في مناسبة أخرى بعد أن سمع من رفاقه بالشكوى فجائني ووجه لي تهديدا أخرا قائلا: "أقسم بالقرأن ثلاثة مرات ان كنت قد رفعت شكوى ما ضدي فأني سأقتلك"!!! ورفعت شكوى أخرى ضده و لكن بدون جدوى ولا أستجابة من قبل المفوضية العليا فأضطررت أخيرا الى الأتصال بالبوليس البريطاني من أجل تثبيت الجناية لديهم والتدخل في الأمر بعد أن تخاذل الرجل الأول المسئوول في المفوضية العليا المستقلة للأنتخابات (مستر ستيوارت باوجر) وهو بريطاني الجنسية لتمييع المسالة وأمتنع عن أتخاذ أي أجراء قائلا لي "ألمسألة لا تستوجب الشكوى للبوليس وحلّها لدي وهو أهمال الحدث وكأن شيئأ لم يكن وأعتبار الجاني طفلا" فأجبته "أن هذا المكان هو مكان رسمي في بلد ديمقراطي وليس زقاقا للأطفال.. فأنك ان أعتبرته طفلا لم يعن تهديده فعليه اللعب مع الأطفال لا العمل مع الرجال... وأنا وللأسف غير مقتنع بطريقة حلك للقضية وسأرفعها الى جهات عليا وستسجوب من قبلهم... وهذه أستقالتي من العمل فأنا غير مقتنع بكم ولست مقتنعا بالأنتخابات جملة وتفصيلا". فقدّمت أستقالتي له ثم أنصرفت الى البوليس. والأخير يحقّق في الموضوع الأن بشكل جدي والمسألة ستأخذ أبعادا سياسية وأعلامية ليست في صالح الأنتخابات أبدا.!
١٢). نقلا عن شهود من داخل القاعة وفي اليوم السابع من التسجيل والمشاكل تكثر بسبب تدخل بعض شباب الأكراد في كل صغيرة وكبيرة في العملية الأنتخابية حيث تم التجاوز على سيدة عربية موظفة في التسجيل وحصلت مشادّة كلامية كادت تصل الى معركة بالأيدي بين الطرفين تجاوز أحد الشباب الأكراد على أحد الأخوة العرب وشتمه وطعن في شرف شقيقته!!!
١٣). لسان حال المفوضية العليا للأنتحابات العراقية يقول وعلى لسان أعلى المسئولين فيها شيء واحد فقط وهو"كل شي من أجل أنجاح الأنتخابات وبأي ثمن"!!!!
من حيث المبدأ ليست لي شخصيا اية ضغـينة تجاه الاخوة الاكراد ولكن الحق يقال لما رأته عيناي من مواقف غير طبيعية من قبل بعض العاملين في اللجنة الأنتخابية ومن تجاوزات وخروقات تطعن في صميم العملية الأنتخابية وفي شرعيتها. وبأختصار شديد أن العمليات التحضيرية للأنتخابات تؤكد بأنها ليست أنتخابات عراقية، وهي أهانة للعراقيين لعدم رفع العلم العراقي في قاعاتها بل رفع بدلا منه ما يشير للأكراد، وهي فاشلة فشلا ذريعا وذلك لأنخفاض عدد المسجلين فيها الى حد هذا اليوم. وهي غير نزيهة بل ومزّيفة لكثرة التزوير والتلاعب فيها. وهي تجرى تحت السيطرة الكاملة للأخوة الأكراد على مجرياتها ومن خلال تلويح بعض المتحمسين منهم بالتهديد بالقتل لمن يقف حجر عثرة في طريق مشروع أنفصالهم عن العراق.
انا في كامل الأستعداد للأدلاء بتحقيق صحفي أيا كان شكله لكشف الحقائق (التي شهدتها بأم عيني وعايشتها) لكل المنصفين والمحبي لحقوق الأنسان و مناضلي العدالة والأنسانية من الأشخاص والمنظمات ولتعرية ما هو مستور من التزوير والتلاعب في مقدّرات الشعب العراقي. وسيترجم نص هذا التقرير الى اللغة الأنكليزية ويرسل الى المسئولين في العالم لأطلاعهم على الحقائق الخافية على الآخرين ولأجراء ما هو أنسب.
حول الأنتخابات العراقية... ومستقبل العراق المرسوم سلفا!
أن أدارة بوش ومعها دول العالم مشغولة جدا هذه الأيام وتترقب ما تتمخض عنه الأنتخابات العراقية من مفاجئات غريبة والـ ٢٧٥ عضو في المجلس الوطني ومن ثم يختار هؤلاء ممثلا واحدا للرئاسة والأخير سيختار نائبين له ومن ثم تشكيلة من الوزراء لحكم البلد!. وكلمة "الديمقراطية" -التي مازالت لم تبارح فم بوش كـّلما ظهر امام عدسات المصـّورين- يريد تصديرها الى العراق المنكوب لا يبدو بأننا سنراها لأنها في نظرنا سراب. فالفترة التي تلت الأحتلال ولحد الأن أصبحنا على قناعة كاملة من أن الديمقراطية تعني في مفهومنا "لشعوب العالم الحق أن تقول ما تريد ولأمريكا الحق أن تفعل ما تريد". فلقد تحدّثنا وكتبنا الكثير وكشفنا زيف ومخططات أمريكا وحلفاءها في الداخل والخارج وحول أهدافها الحقيقية في غزوها للعراق ومازالت أمريكا ماضية في نهجها العدواني في تحطيم الشعب والبلد وتقسيمه ومن ثم الأتيان بدمى لحكم العراق نيابة عنها بعد تجزئته. فالنتائج الخاصة بالأنتخابات الحالية (في حالة نجاحها)... لا أقول متوقعة بل محسومة سـلفا من قبل الغرب أستنادا الى معلومات غربية بدأت تدريجيا بالظهور في الصحف وتنكشف حديثا. فللأسف الشديد أن المخابرات المركزية الأمريكية أما وأنها تجهل الكثير عن التوزيع الجغرافي لسكانه وطبيعة المجتمع العراقي وتركيبة نفسيته وحقيقة كرهه الشديد للأستعمارعبر التأريخ أو أنها تريد تزوير الحقائق وفرض واقع الحال من أجل تمرير خططها في تبرير التقسيم رغما عن أرادة الشعب العراقي وعن أرادة العالم.
ففي مقالة ملـّفقة نشرت في جريدة "أوبزيرفر" في لندن يوم ٢٣ يناير ٢٠٠٥ تتحدث عن توزيع القوميات والمذاهب الدينية في العراق أحتوت على الكثير من الدجل والأكاذيب والمغالطات ونشرت معها خارطة صغيرة للتوزيع الجغرافي للعراقيين تعتبر وهم كبير لكل من يعرف ولو شيئا بسيطا عن جغرافيا البلد حاول كاتبها تزويرالحقائق عن العراق لتحقيق الغايات الخبيثة المعروفة لجميع الخيرين من ابنائنا ولشرفاء العالم أود تلخيصها والتعقيب عليها.
١). بدون الأستناد الى أي مصدر كان يدّعي كاتب المقالة بأن نسبة الشيعة في البلد هي (٨٠٪) ونسبةالسـّنة هي (٢٠٪) أي بنسبة ٤ الى ١. وهذه مغالطة غربية كبيرة ومتعمّدة لعدة أسباب أهمها أفتقارنا الى أحصائية دقيقة وطنية رسمية أو دولية لتحديد هذه النسبة حيث لم تكن صفة المذهب عاملا في أية عملية أحصائية سابقة أجريت في العراق من قبل. ولم يكن المذهب صفة مهمة لتمييز الشعب العراقي المسلم فيما بينهم لتصنيفهم الى مذهبين في السابق. حيث أختلطت دماء العراقيين فيما بينهم بالمصاهرة والتناسب عبر العقود الماضية. وتعود مسألة أثارة المذاهب الى أحدى أهداف الماسونية العالمية من أجل زرع بذور الفرقة بين أبناء الشعب الواحد تمهيدا لخلق العداء الطائفي بين المذهبين وتمهيدا لتقسيم البلد من خلال الأيحاء بأن نسبة شيعة العراق هي الأكثر وأن الحكم كان يدار في الماضي من قبل الأقلية السـّنية. ولكن واقع الحال المعاش في العراق يشير ألى أن النسبة بين المذهبين متساوية ان لم تكن نسبة السـّنة هي الأعلى. أما مسألة أدعـّاء العكس فهي سلاح حاد أستخدمته أمريكا في السابق وما تزال من أجل زرع بذور الفتنة الطائفية و خلق العداء والأحتراب بين أفراد الشعب الواحد من أجل تقسيمه فيما بعد! هذا في الوقت الذي كان حكم صدام –كما هو معروف للجميع- حكما قوميا وعلمانيا صرفا وبعيدا كل البعد عن الدين والمذهب السـّني. هذا في الوقت الذي كان العديد من العراقيين الشيعة في مواقع حسّاسة وعالية جدا في السلطة وفي "حزب البعث" واستمروا مع صدّام منذ البداية والى حين سقوطه في نيسان ٢٠٠٣ مثال د. سعدون حمادي (شيعي من مدينة كربلاء... وغيرهم).
٢). الكثير من أبناء العراق وأنا أولهم ضد جميع أعمال العنف والتفجيرات المنتشرة في جميع مدن البلد تقريبا والتي تحصد العشرات كل يوم وأتمنى أن تتوقف في أقرب وقت من أجل حقن الدماء وتحقيق الأمن والأستقرار. ولكن الأدارة الأمريكية تعتقد بأن هذه الأعمال التي تنفذ من قبل المقاومين و(التي تسميها بالأرهابيين) تتركز في ثلاث مدن رئيسية فقط وهي بغداد والموصل والرمادي وكذلك الفلوجة وتكريت وان أفرادها ينتمون الى المذهب السني فقط في محاولة منها بالأيحاء بأن بقية الشعب العراقي مع الأحتلال ومع بقاء القوات الأجنبية.. وتحليل هذا الأعتقاد الخاطىء هو محاولات يائسة لتشويه سمعة السـّنة من خلال لصق التهم الباطلة (الأرهاب) بهم في محاولة لأبعادهم عن الساحة السياسية الوطنية ومن ثم لتحييد الشيعة جانبا وتهديدها من مغـّبة التورط في أعمال عنف مشابهة ضدها من جهة أخرى. وهي في الوقت نفسه ورقة تلعب الأدارة الأمريكية بها من أجل أسترضاء الشيعة (بشكل مؤقت) الى حين الأنتهاء من ألأنتخابات لكي تلتف عليها فيما بعد لتتهمها وتصفها بالأرهاب الشيعي!. فالعالم يدرك جيدا بأن أمريكا لاتحفل بالشيعة لأسباب سياسية وأقليمية معروفة أهمها رغبتها في تحجيم وتحديد دورها في البلد خشية من تأثير أيران عليها والخوف من أنفلات الوضع السياسي في البلد مرة أخرى مستقبلا في حالة وصولهم للسلطة والخشية من تكرار "تجربة الخميني" في العراق... علما أن أمريكا سوف لن تغادر العراق قبل عشرة سنوات من الآن! لذا فهي ستعطي للشيعة القليل وتبقيها ضعيفة في الوقت الذي ستعطي للأكراد حصة الأسد في حكم البلد وقد تقسمه الى شمال وجنوب (لا قـدّر الله) وذلك لسببين: أولهما: تكريم القيادات الكردية على أدوارالتحالف الخيانية لتراب ولشعب العراق. و ثانيا: تنفيذ المخططات الصهيونية في تجزاءة البلد وتحطيم بنيانه وتدمير شعبه من أجل تمكين أسرائيل في الأرض. وما يحـّز في النفس فعلا الدعوات المستمرة للدكتور علاّوي لأبقاء القوات الغازية في البلد مبررا ذلك بأن وجودهم من شأنه تقليل الفوضى والأنفلات الأمني في مدن العراق ومتناسيا بأن وجودهم الحالي وطول بقاءهم سيزيد الطين بلّة وسيقود البلد الى حرب أهلية كبيرة. هنالك أحتمال قائم أكدّته الأيام بأن أعمال العنف والتفجيرات المستمرة في أنحاء عديدة من العراق وبنفس المعدل اليومي أشارة واضحة بأن منفذي بعض هذه التفجيرات قد لا يكون من المقاومين أنفسهم بل من جهات خارجية أو أجنبية أو داخلية مندسّة لها مصالح خبيثة في خلق حالة ديمومة الفوضى واللا أستقرار من أجل تبرير المطالبة ببقاء هذه القوات المحتلة في البلد.
٣). العراقيون السـّنة منتشرون في عموم أنحاء العراق ومنهم من القوميات الثلاثة العرب والكرد والتركمان وكذلك الحال بالنسبة للشيعة والأدارة الأمريكية تنسّب المقاومة الوطنية للسـّنة فقط وتسميها بـ(الأرهاب). فالتعريف البسيط للأرهاب (هو كل عمل من شأنه أيقاع الرعب في النفوس) ولكن الأدارة الأمريكية تستخدمها بشكل مغالط لغسل أدمغة الشعوب وقلب الحقائق لعكس معانيها تماما لصالحها متناسية نفسها وما فعلت بمدن وقرى العراق من رعب ودمار وقتل وتشريد. وقد سبق للقوى الشيعية في الجنوب أن وقفت بوجه الأدارة الأمريكية بقيادة مقتدى الصدر.. ثم أنتهت سريعا بتسليم أسلحتها مقابل بضعة دولارات أمريكية والرضوخ الى أمريكا. ولكن الأدارة الأمريكية فشلت في أطفاءها في شمال ووسط البلد ورغم ذلك فهي ما زالت مستخّفة بأعمال المقاومة ضدها الى درجة أنها مستمرة في أدعاءاتها الفارغة بأنها سوف لن تؤثر على سير الأنتخابات. ولكنها لا تخفي التلميح عن حرب أهلية وأعمال عنف ستندلع مباشرة بعد أعلان النتائج. وفي نفس الوقت تتجاهل أهدافها وتتنكر لها وتدّعي بأن لا هدف لها رغم ما قامت بها للتعبيرعن رفضها للأحتلال وأخراج المحتلين من البلد والكف عن دعم القوى الكردية الطامعة في تقسيم العراق. فالأدارة الأمريكية ترفض الرضوخ والأقتناع بأهدافها بسبب غطرستها ومن منطلق الأستخفاف وحكم الجبروت والعظمة التي تمتلكها مقارنة بالقوة المتواضعة للمقاومين. وهكذا حال جبابرة العالم عبر التأريخ حيث لايؤمنون بأحتمالية الفشل والهزيمة أبدا! وللتأكيد هنا بأن جميع العراقيين الشرفاء والوطنيين هم ضد الأحتلال وجميعهم يتمنى أو يعمل بشكل أو بأخر في أخراجهم من البلد بأسرع ما يمكن بعد أن أدّوا مهمتهم في أسقاط النظام أن كان ذلك هدفهم الأساسي فعلا..
٤). نشرت خارطة صغيرة مع المقالة لتوزيع القوميات العراقية مع مذاهبها على مساحتها الى ستة أصناف (دون ذكر مصدرها لكونها مفبركة). يشكل محتواها مغالطة لايمكن تصديقها نهائيا لسبب بسيط جدا وهو أن المخابرات الغربية تجهل كل الجهل عن كيفية تواجد العراقيين في بلدهم وعن توزعهم الجغرافي الا اللّهم أن تكون هذه الخارطة قد قدّمت للكاتب من جهات عميلة منحرفة ذي غايات خبيثة فعلا، بادية بـ: الكرد، العرب السنة، العرب السـّنة مع الكرد، العرب الشيعة، العرب الشيعة والسنة معا وأخيرا التركمان!. والغريب في الأمر بأن لا ذكر للمسيحيين (الكلدوأشوريين) أبدا ولا اليزيديين وكأن العراق قد خلى منهم و كذلك تجاهل الأكراد الشيعة (الفيليين) والتركمان الشيعة. والخارطة تظهر أن ٥٠٪ من الأراضي غير مسكونة (صحراء قاحلة) والنصف الآخر يقطنها الأكراد بكثافات مختلفة. وتظهرالخارطة بأن الأكراد يتركزون بكثافة عالية في شمال القطر بضمنها مدينتي كركوك ذات الأغلبية التركمانية والموصل ذات الأغلبية العربية وهم (الأكراد) في الوقت نفسه موزعون في كل محافظات القطر الـ ١٨ ومن شماله الى جنوبه وحتى تواجدهم على أمتداد محافظة الأنبار وفي الصحراء الغربية قرب طريبيل و"عنه" و"راوة" وغيرها من المدن السـّنية العربية!! نعم هذا هو محتوى الخارطة (جريدة الأوبزيرفر ٢٣ يناير ٢٠٠٥) أضف الى أمتدادهم نحو البصرة جنوبا عبر جميع المحافظات العراقية قاطبة!!! ثم يحصر كاتب المقالة العرب السـّنة في مساحة لا تتجاوز محافظتين فقط وهما بغداد والرمادي وجزء صغير من البصرة!! أما التركمان فقد حصر تواجدهم وتوزعهم على شكل نقاط صغيرة جدا في كل من محافظات الموصل وأربيل وكركوك فقط أمعانا بالأستخفاف بهم... ولكن أيما أستخفاف!!. وبتعبير أدق فأن الكاتب يريد القول بأن الأكراد هم الغالبية العظمى في العراق وهم منتشرون في عموم العراق والبقية الباقية هم الأقلية السـّنية وقليل جدا من التركمان وقليل من العرب الشيعة وكفى! وبتعبير أخر أن العراق -حسب أدعاءه- هو دولة (كردية) أو ذات الغالبية الكردية وفيها بعض القوميات الأخرى!!!
٥). أما توزيع القوى السياسية العراقية فالمقالة ركزت على ثمانية أقطاب وكالآتي: أياد علاوي، غازي الياور، عبد العزيز الحكيم، أحمد الجلبي، د. أبراهيم الجعفري، د. عدنان الباججي ومسعود البرزاني ثم الطالباني وأسمتهم بـ(التحالف الكردي). أما الأثنان الأوائل فأن مواقعهم في قيادة العراق مضمونة سلفا ولا داعي للتحدث بها في هذه المقالة. وأما السيد أحمد الجلبي فقد انتهى دوره وأصبح في عداد (يحكى أن) وذلك لتقلباته في طروحاته حول مستقبل العراق ولماضيه الذي لا ينفع مستقبله. وألأمل ليس ضعيفا في حصول الدكتور الباججي على موقع ما في الدولة بعد الأنتخابات. أما السيد الحكيم فأنه سيحصل على مساحة سياسية محدودة في السلطة بسبب أصوات الشيعة له ولكن دوره سيحدد جدا من قبل الولايات المتحدة وذلك خوفا من الشيعة أنفسهم وأرتباطهم المذهبي مع أيران. أما الدكتور الجعفري فسيحصل على موقع مرموق في السلطة لا كعنصر شيعي بل لأنه (مفـضـّل أمريكا) من الشيعة حيث يتصـّف بالتعقـل والنضوج الفكري مقارنة بغيره. وما تبقى من حديث المقالة يركز على القوى الكردية التي توحدّت فقط من أجل حصة الأسد في السلطة (قبل أن تعود لتتحارب مرة أخرى). والأدارة الأمريكية تلمّح بأستحياء الآن بأن من المحتمل جدا أن تفوز القوى الكردية بأكثرية الأصوات وبذلك سيحصلون على قمة السلطة. وهذا الأحتمال لا يبدو غريبا بعد أن مهـّد كاتب المقالة في بدايتها عن الأنتشار الواسع للأكراد على مساحة العراق الكبيرة وما يتضمن ذلك معنى واضح في كبر نفوسهم وتوزعهم الجغرافي الكاذب مقارنة بالعرب والتركمان.
فالعراقيون يعلمون جيدا بأن موطن الأكراد هو شمال العراق فقط وبالأخص مدينتي دهوك والسليمانية وأربيل (بعد تكريدها) ولكنهم نزحوا الى مدن كركوك وديالى والوسط من أجل فرص العمل وقوت العيش في بداية الأمر ومن ثم لغايات سياسية في الأنتشار والتوسع وأحتلال مدن لا تعود لهم. أما تواجدهم في المحافظات العراقية الأخرى فهو قليل جدا ولا يمكن أعتباره توزيعا جغرافيا أو مواطن لهم لكي يثّـبـتّوا على الخارطة. والعرب السـّنة يتركـّزون في محافظات الموصل، وبغداد والرمادي وديالى والبصرة وتوزيعهم في المحافظات الأخرى يتفاوت بنسب مختلفة. أما التركمان السـّنة فهم متمركزون في مدن كركوك وأربيل وديالى أما الشيعة منهم فيتركزون في مدن تلعفر شمالا وطوز خورماتو، داقوق (طاووق)، كفري والبيات (وجميعها أسماء تركمانية) وأقضية ونواحي أخرى عديدة الى الحدود الشرقية للعراق. هذا أضافة الى هجرتهم بمئات الآلاف من العوائل منذ بداية السبعينات من مدينة كركوك والأستقرار في محافظة بغداد أما خوفا من بطش السلطة بهم أو طمعا في مستوى معيشي أفضل.
٦). بالعودة الى أقبال الأكراد الشديد والمبرمج والموجّه في التسجيل للأنتخابات العراقية في خارج القطر وبعضهم من الأكراد الفيليين (الذين لايمكن تمييزهم عن العرب الأصليين حيث ينطقون اللغة العربية بطلاقة) ومقاطعتها من قبل السـّنة العرب يبدو أن الثمار ستجنى من قبل القوى الكردية المتحالفة مع الأمريكان والصهاينة والذين تسللوا الى كراسي لا تليق بهم والله وقد يحكمون البلد بأمرة أمريكا. وهذا ما خطـّطت له أمريكا مكافأة للقوى الكردية أولا ومن ثم كتمهيد لحرب أهلية ستعم كل أنحاء البلد بعد ذلك.
وهنا أود أن أكرّر كما أكدّت في السابق بأن القيادة الكردية شيء والشعب الكردي الشقيق شيء أخر وأنا لا أقصد هنا الخيّرين والعقلاء من الشعب الكردي والذين يرفضون تقسيم العراق ويرفضون كذلك أحتلال وتكريد كركوك والمدن التركمانية الأخرى فهؤلاء في قلوبنا وقياداتهم فقط ستتحمل تبعات تحالفهم مع الصهاينة والأمريكان.
وما يثير دهشة وسخط العراقيين قبل العالم بأن الرئيس الأمريكي يقوم بنفسه بدعوة وتشجيع العراقيين لتسجيل أسماءهم والتصويت لأنجاح الأنتخابات وكأن العراقيون يستلمون الأوامر من (رئيسهم) جورج بوش!! أما أدعاءه بأن عدد العراقيين المسجلين هو ٢٥٠ ألف من أصل مليون عراقي في الخارج (أي ٢٥٪) فهو وهم لأن الأرقام التي حصلنا عليها من مراكز التسجيل في عموم أوربا هي أقل بكثير من رقم بوش!!