نتائج الأنتخابات العراقية التي قررت المصير. . .
بين فنون التزوير وغياب الضمير
وبعد أن عانينا من مرارة عملية الأقتراع بجميع جوانبها وبأنتظار نتائجها فقد أطـّل علينا يوم الأثنين الماضي (٢١ شباط ٢٠٠٥) السيد "مسعود البرزاني" وبجانبه (العلم الأصفر) من مقره في محافظة أربيل في برنامج "من العراق" بمفارقات عجيبة لاتخدم القضية الكردية. . . ولا تنفعه شخصيا أبدا كزعيم لحزب يحمل اسم (الديمقراطي)! والسيد أيلي (مقدم البرنامج) بدى وهو يحاور ضيفه وكأن بينهما علاقة صداقة قديمة وحميمة و(ميانة) مع السيد البرزاني وهو يناديه بـ "أبو مسرور"!! وعند الأستفسار عن رأي ضيفه وتوقعاته في نسبة ٢٥٪ التي حصل عليها الأكراد بدى أن السيد "أبو مسرور" غير مسرور من نسبة ٢٥٪ التي حصلوا عليها (بكل ما ما رسها الكم الهائل من الموظفين الأكراد المشاركين في التسجيل والأقتراع من فنون التزوير والتلاعب في أوراق الأنتخابات) بل كان يتوقع نسبة ٢٧٪ على الأقل وهو يتكلم بكامل الثقة بالنفس (مع ملاحظة أن ّ الفارق رقمين فقط!). . . لكـّن خاب ظنـّه بما هو أقل! وقد فـّكرت كثيرا في تأويل منطق وتوقعات "السيد مسعود البرزاني" بـالفوز بـالرقم ٢٧٪ بالذات وثقته العالية بنفسه ففشلت. ولكنني ساحاول في هذه الاسطر توضيح بعض الأمور وأثبات ما هو صحيح وبالأرقام وأترك القارىء بعد ذلك ليفرزن الحقيقة من الوهم:
أستنادا الى مصادر جمعت من المراكز الأنتخابية في داخل وخارج العراق فأن مجموع المشاركين في الأنتخابات من العراقيين الـ (٨. ٥ مليون) غير صحيح بل مبالغ فيه جدا. وأن أفترضنا بصحة الرقم فأنه غير نزيه لأسباب تم ذكرها في الجزء الأول من المقالة. وأن عدد نفوس الشعب الكردي في العراق هو في حدود (٤) أربعة ملايين نسمة حسب الأحصاءات العراقية الرسمية المعروفة من الماضي القريب. ولكي يكون الأنسان واقعيا أكثر لنفترض أن عدد نفوس الأكراد أكثر من هذا الرقم بمليون (أي ٥ ملايين نسمة!) لذا فأنهم يكـّونون ربع سكان العراق (٢٥٪) فقط (من أصل ٢٠ مليون نسمة). ومن الناحية العملية لا يمكن أعتبار النسبة السكانية (الـ ٢٥٪) هي نفس نسبة المصوتين. وبأعتبارهم شعبا ناميا فأن ٤٠٪ منهم فقط يعتبرون من البالغين و مؤهلون قانونا للتصويت فعلا (أي ٢ مليون فقط). والبقية الباقية هم من الأطفال ممن لا تتجاوز أعمارهم ١٨ سنة بعد! حيث لايعقل أن تأهل جميع الشعب الكردي (الخمسة ملايين) بضمنهم الأطفال الرضع ومن هم تحت السن القانونية والذين يعيشون في قرى وجبال الشمال النائية من المزارعين والفلاحين ومن الأميين الذين لا يجيدون القراءة والكتابة وصـّوتوا جميعا لصالح القائمة الكردية!!! ثم أن مجموع العراقيين الذين شاركوا في الأنتخاب (من دون السـّنة) –وخصوصا داخل العراق- فاق مجموع الأكراد بأكثر من خمسة أضعاف. ومن دون الأنتقاص بالشعب الكردي كان المتوقع أن تكون نسبة الأصوات بحدود ± ١٥٪. لذا فأن النسبة ٢٥٪ تشير الى التزوير والتلاعب بالأصوات يا سيدي العزيز. . يا برزاني وأنتم تحملون شهادة جامعية وخير من يعلم بالعمليات الحسابية والأحصائية؟! وكما تعلمون فانّ اّلكلمة الصادقة المخلصة والمثقلة بهموم الشعب العراقي ككل وبجروح الوطن لها أكبر الأثر في الآخرين حين تنطلق من نفس تتصف بالعدل والأنصاف ومخلصة الوجهة والقصد وتتصف بالبلاغة وهي تفرق عن كلام بارد الأنفاس يتطاير في الهواء ويتلاشى دون تأثير ويكون بعد ذلك مثار لسخرية الآخرين!؟.
والظاهر أنكم لا تعـون مأخذ ومخاطر ما تتفوهون به من أرقام خيالية وعبارات سياسية كبيرة أثناء المقابلات؟ أمّا خيالكم بالفوزبهذه الدرجة من اللا معقولية فأنما تأكيد على أثبات تهمة التزوير الذي حصل في أعمال الأنتخابات على أنفسكم؟ ّ وأستغرب فيكم هذه الثقة العالية بالنفس أن لم تكن هنالك أمور خافية علينا نحن بسطاء القوم ونجهل ما يجري في كواليس أدارة الأحتلال من ترتيبات؟ ولا أعلم أن كنتم تضحكون على شعبكم الكردي المسكين الذين يفعلون ما يؤمرون به فقط دون تفكير ودراية عن مخاطرها مستقبلا. . . أم تستخفون بالعراقيين الذين خبروا تجارب الحياة بذكاء وخرجوا منها بتجارب علـّمتهم الكثير! أم توهمون شعوب العالم وتظنون أنهم سيصدقون ما لايصدق من باطل الكلام وزيف الأرقام التي فاقت حدود المعقول؟ وياترى بأي منطق أعتقدت بأن النسبة ستكون ٢٧٪ بالذات. . .! أقنعونا بالله عليكم عسى أن نبصر الحقيقة في تصريحاتكم التي لا نستطيع أستيعابها ولا حل رموزها ولا نكاد نجدها بين صفحات كتب القانون ولا التأريخ ولا كتب الدين ولا في السياسة!! ولعلكم تكسبوننا لصالحكم فنخرج من الدوّامة والمتاهات التي نعيشها عندما نسمع تصريحاتكم الخطيرة وتصريحات المسؤلين الأكراد الآخرين كلما ظهروا على شاشات التلفزيون!
- أستحلفكم بالله: بأي وجهة حق تستخـّفون بالعراقيين الى هذا الحد وترددون مشاريع أعداء البلد وتتجرأون على تصنيف الشعب العراقي الواحد- ومن دون أدنى تردد- الى سـنـّة وشيعة وأكراد!؟ حينها يتسائل المتسائلون أين ياترى تبـّخر أكثر من ٣ مليون تركماني ومئات الآلاف من الكلدوأشوريين واليزيديين وغيرهم من أرض العراق وأنتم تطلقون على أنفسكم بالديمقراطي!؟ أليست هذه طروحات عنصرية بغيضة تطلقونها في كل المناسبات محاولين فيها الغاء شعوبا واقواما قائمين بحد ذاتهم على أرض العراق قبلكم بكثير؟ ماهو فرقم أذن عن نظام "صدام" الذي كان يمارس سياسة ألغاء الشعب التركماني من خارطة العراق وسياسة التعريب لمدنهم وقراهم؟
شخصيا أبارك لكم تطلعات الشعب الكردي في أستتخدام لغتهم فيما بينهم في المناطق الكردية فقط كلغة (رسمية) وفي المخاطبات ولكن لا أحد سواكم (لا العرب ولا التركمان ولا الكلدوأشوريين) يريدون تعلم اللغة الكردية في المناطق الغير الكردية! كيف تريدون كسب أحترام الآخرين من العراقيين لكم بهذه المطاليب التعجيزية والمرفوضة من غيركم وبالأدعاءات الواهية وبهذه الدرجة من الهيمنة والطغيان على الأخرين؟ هل في الأستخفاف والكلام الخالي من المنطق واطلاق أرقام خيالية بعيدة عن الواقع وفرض أمورعلى العراقيين وهي تخص الشعب الكردي فقط؟! هل هذه هي ديمقراطيتكم التي تدعـّون بها وتنشدونها في منطلقات وفكر حزبكم؟ وياترى من الذي سمح لكم المطالبة بتغيير هوية العراق من دولة عربية، وهو جزء من الوطن العربي الأكبر، الى دولة (ديمقراطية فيدرالية و تعددية)!!؟
- الم يكفيكم الحكم الذاتي في الأقليم الشمالي من الوطن فتطمعون في عموم العراق و السلطة المركزية في ظل تحالفكم مع أعداء العراق؟ وكذلك مدينة كركوك وغيرها و التعددية والفيدرالية وو. . .! وياترى ألم تنسوا شيئا أخر غيرها؟؟ ألا تريدون حكم دول البحر الأبيض المتوسط مثلا وأحتلال مضيق جبل طارق أم أن الوقت لم يحن بعد للمطالبة بها وأنتم بأنتظار مبادرة من أمريكا؟! كفاكم الطموحات التعجيزية التي أخرجتكم عن طوركم وأنستكم أنفسكم! وكفاكم أنتهازية وحب الذات والأستخفاف بالآخرين والغائهم! يبدو أنكم لا ترون سوى أنفسكم فقط وتريدون تحويل العراق الى دولة كردية! بصريح العبارة أن طروحاتكم وتوجهاتكم السياسية تؤكد خطورتكم على مستقبل الشعب العراقي وسيادة العراق و أمن المنطقة برمتها!!
و كان الأجدر بكم أن تكونوا أول المنادين برفع الظلم الواقع على الشعب التركماني في عهد النظام البعثي والحكومات السابقة. التركمان الذين شاركوكم معانات شعبكم في التهجير والقتل وأنواع الظلم والتمييز العنصري. كيف بكم وقد عدتم تمارسون عليهم ما كان يمارسه النظام البائد بعد أن حظيتم بقليل من الحرية بفضل أدارة الأحتلال؟ هل تريدون أن تبرهنوا للعالم بأنكم الوجه الثاني لنفس عملة النظام السابق؟
وكان الأولى بكم أن تطالبوا برد أعتبارهم بعد أن سلب وتمرغ في وحل العنصرية القومية وأن تطالبوا بأحقاق حقوقهم المسلوبة والتي يجب أن تثبت في دستور العراق الجديد وتحاولون كسبهم الى جانبكم. ولكنكم –وللأسف- تمارسون معهم أشد أنواع الضغط والأستخفاف والغطرسة وتفرضون عليهم أقسى أنواع العنصرية في محاولة لألغاء وجودهم بشتى الوسائل المتاحة بعد أحتلال مدنهم وقراهم لتهميشهم بل ومسحهم من خارطة العراق قسرا. كيف بكم وقد زّور أفرادكم القائمين على الأعمال التحضيرية والمشاركين في الأنتخابات مستقبلهم الذي كانوا يتطلعون له من خلال الأنتخابات الأخيرة. ألستم بهذه الأفعال الغير الديمقراطية والغير الأنسانية تؤكدون أيمانكم بفلسفة القوي يأكل الضعيف!!
وهل سمعتم يوما عن كلمة أسمها "العدالة" التي ننشدها ونسعى أليها من أجل نيل حقوقنا بعز وشرف وبالكلمة الهادفة!؟ وهل علمتم أن أحد معانى الديمقراطية هو المساوات الأجتماعية والسياسية لشرائح الشعب والأعتراف بحقوق الآخرين أم أنها فقدت –وللأسف - من قواميس (قادة) اليوم من(الديمقراطيين والوطنيين)!
للمقالة تكملة. . .
(أعتذر على الخطأ الحاصل في الجزء الأول من المقالة فالآصح أن الأنتخابات الأمريكية السابقة جرت في نوفمبر ٢٠٠٠ وليس في نوفمبر ١٩٩٩).