...نتائج الأنتخابات العراقية التي قررت المصير
بين فنون التزوير وغياب الضمير
الأنتخابات في الدول المتطورة تدار بتمويل من الشركات العملاقة ونتائجها بالنتيجة تصب في صالح تلك الشركات التي تتبرع بسخاء لحماية مصالحها. أما في العراق فقد تم الأشراف على أنتخاباتنا من قبل المفوضية العليا (المستقلة) والمتكـّونة من أفراد من جنسيات عديدة أضافة الى عراقيين من مختلف الشرائح والقوميات كان معظمهم من الأكراد. أعمال هذه اللجنة كانت مليئة بالأخطاء ومورست فيها المحسوبية والمنسوبية منذ البداية وحتى نهاية الأنتخابات. هذه اللجنة أستلمت ما مقداره ٩٠ مليون دولار أمريكي (لكن لم يصرف ولو ثلثه). وللأسف تلـّوثت أيادي بعض العاملين فيها بالعبث في تنظيمها و بنتائجها لصالحهم ولصالح بعض القوى المتحالفة مع أعداء الشعوب لتحقيق أهدافها الأقليمية في التلاعب في مقـّدرات و سيادة البلد وأستقلاله على أمل تقسيمه. فحسب الأعتبارات الوطنية والشهادات العديدة من داخل وخارج القطر ومن أشخاص شاركوا كموظفين في أعمال ألأنتخابات وفرز الأصوات وأثبتوا ما حصل فيها من التزييف والغش فلم تعد لها شرعية تذكر في نظر الكثير من العراقيين بالرغم ما سيبنى عليها من ترتيبات سياسية للحكومة المقبلة.
رغم كون العراق أصبح الآن دولة أسيرة و محتلة من قبل قوة عظمى ولم تعد لها سيادة قائمة ولكن لابد لنا كشعب أن لا نقف متفرجين ومكتوفي الأيدي بمعزل عن ما يجري حولنا من ترتيبات للحكومة القادمة حسب مشتهى الأدارة الأمريكية والتي لا تخدم مستقبل البلد. بل لا بد من شجب ما هو مرفوض وغير شرعي بالطرق السلمية والطعن في لا شرعية الوضع الراهن الذي لايخدم العراقيين بشي سوى الأضرار بهم وبمستقبلهم. فالأحزاب التي فازت بأكثرية المقاعد في المجلس الوطني ما زالت تراوح في مكانها في تشكيل الحكومة العراقية في الوقت الذي يرفض السيد علاوي (بدعم من سلطة الأحتلال) التنازل عن الحكم بشتى الوسائل والحجج لتأخير عملية تشكيل الحكومة المؤقتة القادمة ويماطل في تسليم السلطة للدكتورالجعفري. وما يثير الدهشة أيضا أن الأحزاب التي حصلت على أقل النسب ما زالت تستقتل وتستميت من أجل أبرام صفقات سياسية والدخول في تكتلات حزبية للتنافس على قمة الهرم العراقي أضافة الى سلطتهم الأقليمية وأدارة الأحتلال ليست بمنىء من العملية بتاتا!!
لذا فقد أريد للعراق ومعظم العراقيين أن يعيشوا حياتهم في تخـّبط سياسي لا حل ولا نهاية له في أجواء مليئة باعمال القنص والأختطاف والتفجيرات وحالة اللا أستقرار الداخلية والخوف من المستقبل المجهول. ولنتسائل لما هذه الفوضى السياسية العارمة بعد مسرحية الأنتخابات المخيـّبة للآمال والى متى ستستمر حالة اللاأستقرار والأنفلات الأمني وحكومة العلاوي؟
يستطيع الأنسان البسيط ربط الأحداث الدامية بالمبدأ الذي تبناه جورج بوش (الأب) هو"تأديب كل من يقف ضد الولايات المتحدة وتلقينه درسا قاسيا" حيث هـّدد بوش قائلا "في الحالات التي تجابه الولايات المتحدة الأمريكية عدوا ضعيفا فأن مهمتنا لا تقتصر على قهره فحسب بل على قهره بصورة حاسمة وسريعة وذلك لأن أي تصـّرف أخر سيكون بمثابة العار لنا وسيقلل من هيبتنا السياسية في العالم" (جريدة الغارديان-لندن ٢٤ أذار١٩٩١).
فلقد قتل ولحد هذا اليوم مليون ونصف طفل عراقي بالسرطان منذ حرب الكويت نتيجة للقصف الأمريكي الوحشي (والمتحالفين معه من الدول الأجنبية والعربية) ضد الشعب العراقي بـ ٢٩٠ طنا من القنابل المغطاة باليورانيوم (تقرير منظمة اليونيسيف ١٩٩٧) كثمن لأحكام الحصار على العراق معتبرين "قتل ألأبرياء أمر لا مفر منه في الحروب!". أضافة الى أستشهاد مئات الالاف من العسكريين والمدنيين وهدم المدن والقرى وأعادة العراق الى ما قبل ٥٠ سنة الى الخلف!.
أن قتل أمريكا للشعوب وتدميرها لبلدان العالم لا يعني تبرئة عملاءها المحليين من القتل أو من ذلك التدمير في الوقت الذي لا يعني التحدث عن الجرائم الأمريكية المرتكبة في العراق على أساس تنزيه الحكام السابقين ولا الحاليين القائمين على أدارة العراق. فالكل لعب ويلعب أدوارا مباشرة أو غير مباشرة في سحق ارادة المواطن وأذلاله أرضاءا لها أو طمعا في منصب زائل أو حفنة مال حرام أو لكي يدخل أسمه في التأريخ ولو كمجرم أوجاسوس أو غير ذلك!!
فبعد الهجوم على المركز التجاري والمالي في نيويورك والمركز العسكري في (البنتاغون) في واشنطن وقتل أكثر من ٤٠٠٠ مدني وعسكري في ١١ سبتمبر ٢٠٠١ أعلن جورج بوش (الأبن) الحرب رسميا على الشعوب المقهورة بحجـّة الدفاع عن الأبرياء من هجمات الأرهابيين. في الوقت الذي أكـّدت الأحداث بأن الموساد (المخابرات الأسرائيلية) ومن فيهم من أعضاء يهود العاملين في المخابرات الأمريكية كانوا على علم كامل بهجمات أيلول لكنهم فضـّلوا عدم الأخبار عنها أو كشفها لمسؤولي أمن المطارات بغية تهيئة الأجواء لمستقبل أسود للدول المقهورة والشعوب البريئة وتوريطها بالأرهاب كي يتم ضربها في الصميم بعد ذلك من قبل أمريكا بأستخدام كافة الأسلحة التي بحوزتها. وفي اليوم الموعود أبعدت الموساد بنفسها أكثر من ألف موظف من موظفيهم اليهود العاملين في كل من المركز التجاري والبنتاغون من العمل في ذلك اليوم بمنحهم أجازات خاصة لحمايتهم من موت كان بأنتظارهم دون أن يحس أعوان جورج بوش!. وبعد حادث ١١ سبتمبر٢٠٠١ (والتي لا علاقة للعراقيين بها بتاتا) صرّح "كولن باول" وزير الخارجية الأمريكي الأسبق وفي مقابلة معه قال: "بأن الذي يقتل مواطنا أمريكيا سنبيد شعبا بالكامل"!! وهو ناسي بأن الحقد عند شعوب العالم ضد أمريكا هي تحصيل حاصل لمكرها ضدهم ورد فعل هؤلاء ضد السياسة الأمريكية القذرة في أستضعاف الشعوب والسيطرة على الكرة الأرضية عملا بمقولة بوش الأب أعلاه. فأمريكا تمكنت أن تكون القوة العظمى الوحيدة التي تفعل ما تشاء في العالم دون رادع ولا معارض! لذا فأن هذه الحروب التي بدأت يعدها على أفغانستان ثم العراق ثم ستليها سوريا وأيران وهكذا ماهي سوى مايسمى بالقصاص الأمريكي المطلق ضد الشعوب (المارقة). أما شعارها المعلن فهو محاربة الأرهاب والتهديدات المستمرة لكل الدول وشعوب العالم "للوقوف أما معنا أو ضدنا". أما أهدافها الغير المعلنة فهي:
١). نشر الهيمنة السياسية والأقتصادية والعسكرية على دول العالم كقطب واحد وتقسيم العالم الى دويلات وتنصيب حكومات صورية فيها لاحول لها ولا قوة الاّ بالأمريكان تديرها طبقة برجوازية طفيلية عميلة. أضافة الى تفتيت منطقة الشرق الأوسط بالذات وشعوبها الى فتات من أجل أحكام السيطرة الكاملة عليها وحرمانهم من تقرير مصيرهم بأنفسهم وأدارة شؤونهم كما يشاءون.
٢). حماية مصالحها النفطية من الأنقطاع من أجل تمويل مشاريعها العملاقة في أمريكا والدول الأوربية وتمويل شركاتها الأحتكارية في المناطق الخاضعة لنفوذها. وتحويل هذه الدول وغيرها الى مجالات رحبة للعولمة وسوقا مفتوحة لتلك الشركات العملاقة.
٣). أجراء بحوث وأختبارات عملية على مدى فعـّالية وتأثير أسلحتها ومعداتها الحربية الفتـّاكة المصنّعة والمكـّدسة في مخازنها في كل من أمريكا والغرب في حروب فعلية بدلا من مناورات عسكرية أو حروب رمزية. وتعزيز ثروة الشركات المنتجة للأسلحة التي تتبرع بسخاء وتساند انتخاب اعضاء الكونكرس ورؤساء أمريكا.
٤). أستخدام شعوب العالم الثالث والشعوب المسلمة بالذات (كحيوانات بشرية) في تجاربها الحربية من أجل دراسة فاعلية أسلحتها عليهم.
٥). تقوم بعد ذلك بأسترداد تكاليف صنع أسلحتها الفتـّاكة أعلاه أضعافا مضاعفة من سرقة الثروات النفطية لبلدان المنطقة و من خلال أستغلال هذه الدول كسوق لصرف عتادها الحربي المصنّع.
٦). تعتبرهذه الحروب حروبا صليبية واضحة لضرب الأسلام والمسلمين أينما كانوا بحجة أن الأسلام يمثـّل بؤر الأرهاب وأنه تهديد للديمقراطية الأمريكية. وقمع اية حركة من شأنها أن تكون بديلا لنموذجها الرأسمالي.
٧). تدريب أفرادها المسلحة وبعض أفراد الدول السائرة في ركابها في حروب فعلية من أجل زيادة كفائتها القتالية.
٨). خلق و زرع مراكز للتجسس في المناطق والدول القريبة من كل من الصين وروسيا العملاقتين وكذلك ضرب طوق حول الدول الأسلامية المجاورة للدول المحتلة (كأيران وتركيا وباكستان وغيرها) وتهديدها. (تمتلك أمريكا في الوقت الحاضر ٣٢ مركز تجسس عالمي في مختلف دول العالم).
٩). تمكين أسرائيل في الأرض وتحقيق حلمهم من الفرات الى النيل وتصفية القضية الفلسطينية بعد تصفية ياسر عرفات نهاية العام الماضي.
١٠). تشجيع الحركات الأنفصالية والقومية في تلك البلدان من أجل زعزعة أمن البلدان وخلق عناصر وشخصيات وأحزاب عميلة وأستغلالها لخدمتها ولو بشكل مرحلي ثم الأنقضاض عليها فيما بعد قضاء حاجتها منها. والتأريخ الحديث يعطي عشرات الأمثلة لدول وحكومات العالم الحاليين لدعم هذا الكلام لا داعي لسردهم فهم معروفون جيدا من قبل شعوبهم.
بعد كل هذا وذاك قد يتساءل متسائل: "ماعلاقة عنوان المقالة بمحتواها ولماذا التركيز على الولايات المتحدة الأمريكية بالذات" والجواب هو أن الأنتخابات العراقية هي جزء من اللعبة السياسية الأمريكية للضحك على ذقون الشعوب الأسلامية المستضعفة وتبرير تحقيق الأهداف الغير المعلنة أعلاه. وكل من صـدّق من العراقيين أو غيرهم بأن الديمقراطية الأمريكية قد قضت على دكتاتورية صـدّام وستنشر الحرية وتحقق الأمن والأستقرار للعراقيين وستأتي بحكومة وطنية وديمقراطية لسلطة العراق فهو مخطىء و(متـّوهم). فهي (أمريكا) أنما تصرف أو تخسر ملايين من الدولارات على مشروع أحتلالي أو حرب قذرة لتعود فتجني بعدها ببلايـيـن من الدولارات. وأن قتل لها جندي واحد فأنه يقتل ١٠٠ أو ألفا من أفراد الشعب. . . . فكل شيء لديها بحساب!!!
وبعد خلق الحروب الأهلية في دول العالم الثالث كالبلدان العربية مثلا وفي االعراق بالذات بتشجيع العصابات من الأقليات القومية والعرقية ضد الحكومات المركزية من خلال خلق ذرائع مختلفة. . . أو خلق الحروب بين الدول المتجاورة أحدى الوسائل الفعـّالة و(الناجحة) التي تلجأ لها الأدارة الأمريكية في عملية السيطرة على شعوب العالم بغية أنهاكها ثم تبدأ بعد ذلك ببيع الأسلحة لهذه العصابات ولتلك الدول المتحاربة لتخريبها ولنشر الفساد فيها أضافة الى تحقيق أهدافها المذكورة أعلاه تدريجيا.
أمـّا أعمال التفجيرا ت والأغتيالات التي تحصل في المدن العراقية الوسطى والجنوبية وتفجـّر السيارات المفخّخة على المستوى اليومي فهي تشير الى تورّط اليد الأمريكية والموساد وحلفاءهم الأقليميون في العراق الذين هم وراءها لا محالة. وأحسن دليل وبرهان على صحة هذا التحليل هو:
١). تصفية القيادات العراقية المختلفة وشخصيات وطنية عديدة من قبل عملاء محليين وفي مناسبات منتقاة في المدن الكبيرة كبغداد والموصل و كركوك وبوسائل شتى منذ سقوط النظام. ثم أن هذه الجرائم والأغتيالات وأعمال القتل المتعمـّد تمت ومـّرت بدون تحقيق ولا محاسبة للجناة لا من قبل أدارة الأحتلال الأمريكية و لا من قبل المسئولين الحاليين في هذه المدن!. وقتل الشعب وتدمير المدن والمساجد ودور العبادات في الوقت الذي ألقت القبض على أفراد النظام السابق الواحد تلو الآخر وأبقتهم دون محاكمة من بعد قيامها بأستعراض عضلاتها بالأمساك بهم لأغراضها الدعائية الصرفة فقط. و واقع الحال في العراق لا يشير بأن أمريكا عازمة على فعل شيء تجاههم ولا هي تسعى لحل جذري لأستقرار البلد و لا مؤشر لحد الآن لعزمها سحب قواتها من البلد! ولا هي أستطاعت ألقاء القبض ولو على أحدى ما تصفهم بالعصابات الأرهابية لتبرهن عكس ذلكّّ!!
٢). عدم حصول أية أحداث دموية تذكر (ما عدا فضيحة سجن البصرة وبعض التفجيرات التي وقعت في أوقات متفرقة) في مدينة البصرة التي هي تحت سيطرة الأدارة البريطانية فقط. فالأستعمار البريطاني له خبرات طويلة عبر التأريخ في التعامل بحكمة مع الشعوب و في البناء وليس كالأستعمار الأمريكي المخرّب. أما المدن العراقية الأخرى والتي هي تحت قبضة الأمريكان فهي تأن من الجرائم اليومية المختلفة.
٣). عدم حصول أية حوادث تفجيرات مماثلة في المدن الشمالية التي تسيطر عليها القوات الكردية (ما عدا أحداث ١ شباط ٢٠٠٤ في محافظة أربيل). وهذا لايعني سيطرة القوات الكردية المسلحة على الجانب الأمني ولا على أمكانياتها في بسط الأستقرارفيها بل لأن أمريكا لاتريد الحاق الضرر لحلفائها وعملاءها في العراق! لكن وفي المقابل هنالك جرائم من نوع أخر الا وهي أختطاف بعض أغنياء مدينة كركوك من التركمان أو أطفالهم والمطالبة بأموال طائلة كفدية لأطلاق سراحهم. أو أشعال حريق في المعامل أو في دور السينما عندما يرفض أصحابها بيعها للعملاء كما حصل عندما رفض صاحب سينما صلاح الدين في كركوك "السيد نوزاد أوجي" بيعها فتم تهديده ببيعها فرفض. . . فشب فيها حريق بعد يومين. وهذه الأعمال الأجرامية أنما تهدف الى نشر الرعب والخوف في النفوس لأضعافهم وتهجيج أهالي مدينة كركوك من التركمان وتفريغها منهم.
٤). عدم نفاذ المؤون الحربي المستخدم للتفجيرات منذ البدء بها بسقوط النظام ولحد الآن مما يشير الى أن تموين العتاد الحربي المستخدم في هذه التفجيرات هو من مصادر خارجية تضخ بشكل مقصود ومستمر لتحقيق هذه الأغراض.
٥). أما أحداث مدينة الحـّلة الدامية التي أدمت القلوب وأودت بحياة ١٢٥ عراقيا من الأبرياء ومئات الجرحى فأنما جاءت لتحقيق غصّة عميقة في نفوس القوى الشيعية و لتحطيم معنوياتهم بعد الفوز الذي حققه التحالف الشيعي في الأنتخابات (رغم أعمال التزوير والغش اللتان مورستا من قبل الأقطاب السياسية الأخرى للحيلولة دون فوزهم فيها). و قد تكون تلك الحادثة الدموية تهديدا أوليا من الأدارة الأمريكية لتخويف القوى الشيعية من مغـّبة الأنطلاق والشعور بالحرية السياسية التي يمنحها لهم فوزهم بالأستفراد أو حتى الشعور بشيء من الأستقلالية بالحكم أو التـقـّرب من أيران. . . والاّ فأن يد الموساد و(الس أي اي) وعملائهم (طويلة)!!.
والأخبار القادمة من مصادر موثوقة من العراق تؤكدعلى أن العديد من أعمال التفجيرات والسيارات المفخـّخة لا تبدو وأنها من تدبير وتنفيذ المقاومة الوطنية كما يحلو للأعلام المضاد في طرحها بل من صنع جهات غيرهم كالموساد وعملاءهم في الداخل والذين يعملون كمرشدين وأدلاء على أنتقاء الأهداف البشرية والأوقات والمناسبات الخاصة بالعراقيين وأماكن تواجدهم بما يلحق أكبر الضرر في قتل أعداد العراقيين وعلى معنوياتهم ونفسياتهم وكذلك من أجل تبرير الحاجة لبقاء القوات الأمريكية من جهة و لديمومة حالة اللا أستقرار الأمني كعامل زمن لأستكمال أهداف تلك القوى العميلة في تقسيم البلد من جهة أخرى. والواضح أن التفجيرات في بغداد بالذات تأخذ معدلات يومية ثابتة مما يشير الى أن القائمين عليها هم أنفسهم قد عزموا القيام بها بمعدلات ثابتة (حيث لا يمر يوم والاّ فيه تفجير ما. . . وهكذا) للأيحاء بأن هذه الأعمال هي موجهة ضدهم وضد المناصرين للأحتلال وتنفـّذ من قبل الأرهابيين والسلفيين والبعثيين والوهابيين والزرقاويين والبنلاد نيين ومسمّيات كثيرة أخرى وجديدة نسمعها كل يوم.
ولسوء الحظ فأن هذه الأحداث الدامية من القوة والتقنية العالية بحيث لا تبقي أحد ولا تذر كالسـّواقين مثلا أوالمسافرين الجرحى ليشهدوا للعالم أسرار هذه التفجيرات لسياراتهم أمام أو قرب بعض الأهداف العراقية جهلهم لما تحمل سياراتهم من عبوات ناسفة ومتفجرات وقنابل مزروعة و لا عن الأيادي الآثمة التي زرعتها والتي كثيرا ما تنفجر بواسطة (الريموت كونترول). وما أستهداف الصحـّفية الأيطالية قبل أيام من قبل القوات الأمريكية سوى دليل دامغ وقطعي أخر على تـّورط وضلوع أدارة الأحتلال في هذه الأعمال المنكرة ضد أحدى المناصرات لقضايا الشعوب المضطهدة والتي كانت ستفضح خسـّة الأدارة الأمريكية في العراق من خلال أفلام الفيديو والصور التي ألتقطتها والتي تدينهم أدانات قطعية لا مفر منها.
يستطيع القارىء الأستنتاج من ما ذكر أعلاه من دقة أصابة الأهداف والتنظيم العالي في التوقيت والتنفيذ بأنه لايمكن منطقيا أن توّجه أصابع الأتهام - في كل مرة - الى المقاومة العراقية العفوية و الأقل تقنـّية من تقنّـية أدارة الأحتلال وسواهم. أضف الى حقيقة أن الضحايا معظمهم من العراقيين الأبرياء والقـّلة القليلة من أفراد قوات الأحتلال. أما عدد الأكراد الذين يقعون ضحايا هذه التفجيرات فتكاد تكون في حكم الصفر عدا حالات قليلة وقعت في مدينة الموصل! وبعد كل حادث يصاب فيه جندي أمريكي يقوم رفاقه برشق المارة الأبرياء و المتواجدين في مكان الحادث بشكل عشوائي من أجل قتل أكبر عدد من الذين يصادف تواجدهم في موقع الحادث وأسقاط أكبر عدد من الضحايا العراقيين بغية (تلقينهم درسا تأديبيا) من مغـّبة تكرار هذه الأعمال ضدهم. أما حوادث الدهس المتعـّمد للعراقيين بالعجلات أو بالمركبات الأمريكية في الشوارع وفي الأماكن المكتضة فحـّدث ولا حرج!!
والتأريخ الحديث يؤكد على أن المستعمرون الأمريكان مختصون في قتل الأبرياء دون رحمة مستخدمين القنابل الذرية والكيمياوية والقنابل المغطاة باليورانيوم والعنقودية وغيرها. وليس أزاء هذه المواقف الأمريكية العدوانية الحاقدة ضد العراق والعراقيين والمنحاز للقوى العميلة فيه من خيار سوى خيار العمل على خروج المحتل من البلد. فالأستعمار الأمريكي سبق له وأن فشل في قهر الشعوب الصغيرة أمام صمودها البطولي في كل من فيتنام وكوبا والصومال وغيرها من الدول التي أستطاعت أن تهزم أمريكا برغم عنفوانها وجبروتها في أذلال الشعوب تلك. ففي الصومال خسر الأمريكان خمسة جنود فقط مقابل أستشهاد ٥٠٠٠ صومالي في غزوها لها في أعقاب حرب الكويت. وأنسحبت بعد أن قام الشعب الأمريكي بلعب دوره في تفعيل الأعلام المضاد ضد أدارة بوش وأجبارها على الأتسحاب أعقاب رؤيته مصير الجنود الأمريكان القتلى بأيدي الصوماليين على شاشات التلفزيون. فأنسحبت دون أن تحقق هدفها في أنهاء الحرب الأهلية فيها.
لذا لا يمكن تصديق أدعاءاتها الفارغة بأنها أحتلت العراق لنصرة كـّل العراقيين ولا لتحقيق الديمقراطية لهم بالأنتخابات اللاشرعية!! بل أحتلتها من أجل أستغلال شعبنا وستبقى فيه دون جلاء من أجل تحقيق أهدافها الخبيثة. ولا يدري أحد ماذا أخبأت لنا أدارة الأحتلال من مفاجئات قاسية - بعد قنابل اليورانيوم والتفجيرات اليومية وتصفية النخب الوطنية وويلات المجازر ودمار البلد ومن نتائج التزوير وتنصيب المتحالفين - من مأسي وبؤس من أجل (تأديب) شعبنا العراقي ولتلقين غيرنا من شعوب العالم درسا. . . . لكن من خلالنا!