رئيس الجبهة التركمانية بالموصل: الفيدرالية خطيرة على العراق
زياد طارق رشيد
بغداد -بينما يزداد إصرار مجموعة الخمس الكردية بمجلس الحكم على المشروع الفيدرالي، تبدي الأحزاب التركمانية تحفظاتها على الخطة رافضة تقسيم العراق على أساس قومي تقول إنه يهدف للنيل من سيادة العراق ووحدة أراضيه.
ويريد الأكراد أن يضم إقليم كردستان أربع محافظات هي أربيل وكركوك ودهوك والسليمانية إلى جانب المناطق الكردية بمحافظة ديالى مثل خانقين ومندلي وجلولاء والسعدية. كما يطالبون بضم مدن شيخان وسنجار ومخمور بمحافظة نينوى.
ويحذر رئيس الجبهة التركمانية بالموصل محمد طاهر عبد القادر من خطورة فكرة الفيدرالية على الواقع العراقي الجديد، مؤكدا أن التركمان لا يرغبون بتجزئة العراق ويريدون العيش تحت ظل حكومة وطنية. ويقول إنهم يؤيدون الفيدرالية الإدارية ويرفضون قطعيا تلك القائمة على أساس قومي. ولم يستبعد مطالبة الجبهة بإقليم تركماني أسوة بالكردستاني.
ونفى عبد القادر وجود أي دور لتركيا في موضوع الفيدرالية، داعيا أطراف الخلاف إلى حل القضية عبر القنوات الدبلوماسية والديمقراطية. وقال إن الدستور العراقي الجديد غير عادل ويغبن حقوق التركمان. وضرب مثلا بإهمال التعليم والتحدث باللغة التركمانية في كركوك. مشيرا إلى أن مجلس الشورى التركماني رفع تلك التحفظات إلى مجلس الحكم الانتقالي.
ممثلة التركمان صون كول عمر جابوك في مجلس الحكم: طالباني يريد توسيع رقعة خريطة
معد فياض
لندن - ركزت ممثلة التركمان صون كول عمر جابوك في مجلس الحكم في حديثها على ما طرحه طالباني حول الحكم الفيدرالي وقالت «لقد قدمنا مقترحاتنا كعراقيين اولا وتركمان ثانيا ونحن ضد الفيدرالية وضد اي تقسيم للعراق، والطرح الفيدرالي يعرض العراق للتقسيم». واشارت الى ان طالباني كان قد طرح في وقت سابق في المجلس وثائق تقول ان كركوك مدينة كردية، لكنني اقول ان هذه المدينة هي عراقية تركمانية وما في حوزتنا من وثائق تثبت ذلك، لكن طالباني يريد توسيع رقعة خريطة كردستان لتمس مدناً عربية مثل الموصل ثم وصل حتى محافظة ديالى».
وأشارت ممثلة التركمان في المجلس الى ان مشروعهم يؤكد على وحدة العراقيين وأمنهم وان تركمان العراق هم جزء لا يتجزأ من الشعب العراقي، وقالت «لقد عملنا على ان نثبت في القانون الجديد الحقوق القومية والثقافية والاقتصادية لباقي الاقليات وان يتمتع كل عراقي بكامل حقوقه».
واوضحت جابوك انهم طالبوا المجلس بعدم جعل اللغة العربية وحدها اللغة الرسمية او الاولى والاعتراف بكل اللغات «كل العراقيين متساوون امام القانون ونرفض الحديث عن القوميات». واضافت انها طرحت في ورقتها «ضرورة الاهتمام بالمرأة واعطائها فرصا اكبر في التمثيل في الحكم».
وقال يونادم كنا ان النقاشات ستؤجل حتى يوم السبت، اذ «سنقوم بتثبيت ملاحظاتنا وتقديمها مكتوبة الى لجنة الصياغة اختصارا للوقت». واضاف انه طالب باحترام الاقليات والقوميات والطوائف الدينية واقرار الحقوق الثقافية والجغرافية والدينية لهم واحترام حق تعلم اللغات الام في المدارس الحكومية.
واضاف انه اعتمادا على المجلس الوطني للكلدوآشور والمؤتمر العام للكلد وآشور «فقد قدمنا مقترحا بفصل الدين عن الدولة». وقال «كعراقيين ندعو الى اقامة عراق ديمقراطي فيدرالي تعددي يقبل ويقر بكل لوائح وقوانين حقوق الانسان، وان يكون عراق الشراكة والمساواة بين الجميع». وأشار الى ان «النظام الفيدرالي هو احد الانظمة المتطورة في العالم وجرى تطبيقه في الكثير من البلدان، والفيدرالية ستعمق من اواصر التآخي والوحدة الوطنية اذا كانت هناك فعلا نوايا صادقة من جميع الاطراف واحترام لخصوصية القوميات المنضوية تحت راية تلك الفيدرالية، مع تقسيم الصلاحيات بشكل لا يجعلها تتركز مرة اخرى بيد جهة واحدة هي المركز، اما بالنسبة لوضعنا في العراق فيفترض ان تكون الفيدرالية حلا للعراق الذي عانى من الدكتاتورية زمنا طويلا، والمهم ان يضمن القانون حقوق جميع ابناء العراق».
تعقيبا لما كتبه الأستاذ محمد نبيل حول الديمقراطية
محمد عبدالستار كوبرلو
لقد قرأت في موقع (كتابات) للأستاذ محمد نبيل، حول "الديمقراطية للعراق كان شعاركم يا منتسبوا الحزب الديمقراطي الكردستاني". وأطلعت عليه جيدا، و يقول الكاتب في نهاية المقال (ولازلنا نحمل الأمل بأن هذه تصرفات فردية أفرزتها أخلاقيات النضام البائد) وأنا أقــول أنها ليست تصرفات فردية بل وهي تطبيق الأوامر التي تأتي اليهم من قياديــــــي ومسووءلي في الحزب الديمقراطي الكردستاني وتطبيق منهاج الحزب بحذافيره وعدم فسح المجال في حرية الكلام أوالكتابة لبقية القوميات كما فعله الدكتاتور المخلوع صدام حســــين ولهذا لا نرى الفرق بين حزب البعث وحزب الديمقراطي الكردستاني بل الفرق في التســـمية وهنا أريدأن أوضح بعض الشيء الذي رأيته وسمعته أنا طيلة بقائــــي في شمال العــــــراق وهذا يدل علىعدم وجود الديمقراطية.
فأخواننا العرب عندما سمعوا بأن شمال العراق منطقة أمنة وفيها الديمقراطية بدوأ باللجوء الىهذه المنطقة هاربين من ظلم صدام سوأ مشيا على الأقدام أوأعطاء مبالغ هائلة لضبـــــاط السيطرات. وعندما وصلوا الى المنطقة رأوا العكس هو الصحيح. وبسبب عدم وجود أقرباء لهم في المنطقة أذ عانوا كثيرا ولم يسمحوا لهم المبيت في الفنادق لعدم وجود كفيل يتكفل بهم لأن صاحب الفندق يريد منهم ورقةمن (أسايش) أي من مديرية أمن المنطقة ولهذا عذبــــوا كثيرا وقسم منهم دخلوا الى سجن (المحطة) بدون أي سبب والقسم الأخر فروا أي هــربــــوا أيظا من ظلم البارزاني الى أيران لأنقاذ أنفســــــهم. وفي عام ۱٩٩٦ عندما أتفق البارزاني مع صدام حسين لمهاجمة مدينة أربيل لأخراج حـزب الأ تحاد الوطني الكردستاني الذي يزعمه الطالباني من هذه المدينة. كانت هناك أحــــزاب عربية وتركمانية وأشورية وكردية وكلهم معارضين للدكتاتور صدام حسين.
وعند دخول الجيش وأكثرهم من المخابرات العسكرية العراقية مع بشمركة البارزاني تم ألقاء القبض على قسم من أعضاء هذه الأحزاب وتم تسليمهم الى السلطات العراقية والقسـم الأخر هربوا الى مدينةالسليمانية على أساس منطقة أمنة وهربوا مع جماعة الطالباني الى أيران بعد مشاق طويل والسير على الأقدام لأنقاذ أنفسهم وبقوا في منطقة (سيران بان) في أيران. وبعد ذلك أجبر بعض مسووءلي حزب الأتحاد الوطني الكردستاني على هؤلاء الأعضاء المنتمين الى أحزاب تركمانية وعربية بكتابة برقية أستنكار يستنكرون بدخول الجيش مع بشمركة البارزاني لمدينة أربيل ومن ضمن كاتب هذه البرقيات أخ عربي عضو اللجنة المركزية لحزب معارض لصدام حسين.
وأن أذاعة راديو حزب الأتحاد الوطني الكردستاني كان يبث هذه البرقيات خمس أو ست مرات يوميا وعندما سمعوا قياديي ومسوؤلي حزب الديمقراطي الكردستاني على هذه البرقيات قاموا بكتابة أسماء الذين كتبوا هذه البرقيات ومن ضمنهم الأخ العربي المغلوب على أمره. وبعد المفاوضات بين البارزاني والطالباني أصبحت الوضع قليلا من الهدوء وقام الأخ العربي بزيارة مدينة أربيل الذي يسيطر عليه بشمركة البارزاني وتم ألقاء القبض عليه مجرد أنه كتب برقية أستنكار وبضغط من جماعة الطالباني فالأخ العربي دخل الى سجن (أكري) وهنك الكثير الكثير ولا أريد أن أتطاول في الحديث لأن خير الكلام ماقل ودل.
فأين هي الديمقراطية، الديمقراطية مجرد كلام وشعار يحمله حزب الديمقراطي الكردستاني لتبرير مواقفه الظالمة والأثمة تجاه القوميات الأخرى.
سيدوم نضال ووفاء التركمان تجاه العراق
سعدون كوبرولو
يمر الشعب التركماني في الظروف الصعبة الحساسة بعد سقوط نظام العفلقي الجائر بتأريخ ٩/ ٤ / ۲۰۰۳ وبعد إلقاء القبض على جلاد العراق صدام حسين بتأريخ ۱٤- / ۱۲ / ۲۰۰۳ من قبل قوات الأمريكية وبعد تسعة أشهر من سقوط عصر صدام وإحتلال العراق من قبل الإستعمار الجديد قد تم تدمير ونهب كل دوائر الحكومية ودوائر الأحصاء، والطابو، والنفوس التي يخص التركمان وبعد ظهور مجلس الحكم الإنتقالي التي لم يعترف من قبل الأطراف العراقية كافة وإن المجلس الحكم أخذ يدخل في أمور العراقيين أخذا ّ قرارات بعيدا عن إرادة الشعب العراقي منها تغيير قوانين الجنسية، وفرض الفدرالية وضم كركوك الى ما يسمى؟
مع توقيع معاهدات التجارية والسياسية مع الدول الأجنبية دون أخذ برأي العراقيين، وإن الشعب العراقي المخلص بقوميته وبطوائفه، ومذاهبه تستنكر وبشدة الفدرالية او أي نوع من أنواع الحكم من دون أخذ رأي كل، وإن اختيار أي الحكم يكون بإنتخابات حرة نزيهة شريفة تحت مراقبة وأشراف الأمم المتحدة وبمراقبة مراقبين دوليين لضمان حقوق كافة الجهات، وإن طلب الأكراد الشوفنيين يريدون تمزيق تراب وطننا العراق وضم مدينة كركوك التركمانية الى ما يسمى بمناطقهم ظلماّ وأن مجلس الحكم والعراقيين الذين يوافقون ويأيدون الأكراد يتحملون كل المسؤوليات إن وافقوا على الفدرالية وان مجلس الحكم والأكراد ليس لهم الحق بالبث القرارات الخطيرة وغير موافقة الشعب العراقي وإن المجلس الحكم الآن لا يمثلون الشعب العراق غير أنفسهم ولم ينتخبهم العراقيين، وإن الموافقة على قرارات لتقسيم التراب الوطن سوف يلحقهم لعنة الـتأريخ ويكونون دليلا دامغا مثل البعثين ويثبت علاقتهم مع جلاد صدام ويكونون هم الذين قد غطوا وستروا على جرائم البعثين وإن الشرفاء والنجباء والمخلصين العراقيين والمحبين لشعب العراقي ولتربة وطنه يقفون معنا صفا واحدا لحفظ كرامة ووحدة الأراضي العراقية، ولا يعطون أي المجال لأعداء الشعب العراقي والى أقزامهم الذين يحوكون المؤمرات ضد الشعب التركماني ولضد الشعب العراقي كافة ووحدة ترابه المقدس وإننا دائما بالمرصاد ضد هؤلاء المجرمون والخونه والمأجرون من قبل الإستعمار الذين يريدون ضرب المصالح الحقيقية للشعب العراقي الكريم الشريف، وإنهم هم السبب مع سياستهم الخاطئة وغير المغفورة وجرائمهم التي أنتهكت بحق الشعب التركماني، وبشعب العربي، والآشوري، والكلدان.
وإننا ضد المتجبرين والذين حضنوا وصافحوا صدام أمس وحاكوا المؤمرات ضد شعبهم الكردي وضد الشعب العراقي، واليوم في مجلس الحكم يبين ويستر على جرائمه وفي نظرته المظلومية، وإن كانت هناك محكمة عادلة يجب أن يحكم بأسم الشعب العراقي ضد صدام وأعوانه وضد من تلطخت يداه بدماء الشعب التركماني، وبدماء الشعب العربي، والكردي والآشوري، والكلداني.
وإن جرائم الطرازانية الطالبانية والبارزانية الذين تلطخت أيديهم بدماء العرب والتركمان والأكراد والسريانين والحركة الإسلامية، وإن على الشعب الكردي أن يعرف قادتهم المجرمون وتـأريخهم الإجرامي وبحق الشعب العراقي كافة.
وإن سياسات التكريد بحق الشعب السريان (الكلدوآشوريون) كان قائما بعد إستلاء على قرية أثور ومع نهب خيرتها وبعدها قرية حطارة وتدميرها وقتل من القوش وقرية كلدانية في شمال العراق مئات من المواطنين مع النساء والأطفال وفي بازيدي سريانية تم تكريدها وشمامه أسفل وقتلوا منهم مئات ومن سياسات التكريد المستمرة تعرض لها الكلدان الآشوريون في منطقة الرافدية الواقعة في الشمال حيث بدأ القيادات الكردية بأسكان مجموعات كردية وبعملية منظمة في قرى المسيحية الكلدا آشورية بعد طردهم من سرسنك، برواري بالا وبأعداد كبيرة ونزوح المسيحين من قراهم ومن مدنهم وحولهم الأكراد أمة في المنفى.
وقام جماعة مسعود البارزاني إغتصاب أملاك وأراضيهم في ۳۰ / ٤ / ۱٩٩٤ صدرت منهم وهؤلاء الذين يأخذون الدعم من الإدارة الكردية حيث تعرض أرواح الأبرياء والمساكين بالقتل وفي
۲۲ تموز ۱٩٩٨ تعرض أهالي سرسنك الآشوريون الساكنين في حي حرية كلدان بعد تكريدها ومن قبل مجموعات مسلحة على إعتداء وحشي ووقفت ثلاثة آشوريون بجرح وفي ۲٤ / ۲٥ / ٨ / ۱٩٥٩ تعرض عائلة آشورية في دهوك واصب ٧ بجروح وأودت بحياة الأم منى داود وقيام المسلحون بأطلاق النار على حفل زواج وهكذا أصاب ٦ أشخاص بجروح وتحولت سرسنك الى منطقة الكردية.
وفي بلدة شقلاوة الكلدو آشورية تعرض لازار متي وولده هفال بعد أن ألفق أليهم تهمة باطلة من قبل مجموعة الأكراد وقتلهما بطريقة وحشية أشترك بها الحزب الديمقراطي الكردي وبعد تم اختطاف واغتصاب أبنته لازار رغم إنها صغيرة السن وفي هذه الحادثة قتل والدها وأخيها وهدم منزل العائلة مع۱٤ فردا والذي حدثت في شمال العراق بتأريخ ۱٥/ ۲ / ۱٩٩٧ وبسبب الفزع والخوف هرب كثيرون وتم تكريد البلدة شقلاوة، ويجب نرى العدالة بين كل القومييات والوقوف الى جانب الضعف لإعادة حقوقهم المسلوبة وإزالة التكريد والتعريب وليس لأي أحد حق إقتطاع أجزاء من العراق وضمها أليهم، وإن الفيدرالية كما يقولون حق لأكراد، وكذلك إن الفيدرالية والحكم الذاتي حق طبيعي لكافة الشعوب العراقية وليس أي حق لهم تقسيم العراق وإن كل كتب التأريخ توضح وتبين وبدون أي شك أن الموصل، أربيل، سليمانية، دهوك، كركوك، بغداد، بصرة وغيرها مدن عراقية معروفة وإن الأكراد قدم إليها من جبال ومن قرى المجاورة للعراق في الأزمنه المتأخرة وقام هؤلاء القادمون حملات تكريد شرسة ضد السكان الآصليين التركمان، العرب الكلدوا آشوريون ومنذ بدايات القرن التاسع عشر على لوجودالخارطة الأثنية واللغوية في شمال العراق.
آما بنسبة مدينة كركوك التركمانية إن كركوك مدينة عراقية قديمة تركمانية بكل مقاييس العرف به والتأريخية وعلم أثارها ومواقعها السياسية والإجتماعية ولماذا لا تقبل الأحزاب الكردية العميلة الدولة التركمانية في العراق كما يقبلون لأنفسهم، وإن لتركمان حضارات والدول والأمبراطوريات والأمارات عديدة ونفوسهم معروف لدى الجميع عليهم قيام دولتهم التركمانية.
والتركمان عشوا في شمال العراق منذ آلاف السنين وكان الأكراد يسكنون في الشريد الحدودي في الجبال بين عراق والإيران وإننا لا نقبل أبدا بأن يقال بأن مسقط روؤسنا وبأن أرض أبائنا وأجدادنا أنه أرض الأكراد أو غير وإننا نطلب العدالة والمساواة والحب والتعاون بين كل العراقيين.
وإن أطماع الأكراد ليس في قيام دولتهم ولا كركوك إن أطماعهم في النفط الكركوكي لأن غير محافظات لا نفع منه.
وحتى عوائل آشورييون في عمليات الأنفال أبيدت عن بكرة أبيها. والأكراد كل ما هنالك قاموا بغرض قضيتهم في الساحة السياسية ورفع إعلامهم الصفراء والخضراء فوق الكثير من دوائر الدولة مع تغيير أسمائها الى أسامي الكردية، مثل ما نال التركمان نال الآشورييون عبر القرون الماضية عمليات الإبادة والتهجير الجماعية ومزابح وسفك الدماء على يد كافة الأنظمة الحاكمة في العراق سياسة التكريد التركمان في شمال العراق مع التعريب وكان غايتهم جميعا طمس الهوية التركمانية وسلب إرادة الإنسان التركماني وإلغاءهم لوجودهم القومي مرتبط بأرض العراق وبأرض ولاية الموصل بعمق تأريخي في عهود الماضية السومريين، وبعد زوال الجلاد وإحلال الديموقراطية في كافة أرجاء العراق كثيرا ورأينا بصيص من النور طالما أنتظرناه من مدة طويلة وبدم شهدائنا التركمان الذين ضحوا بحياتهم من أجل تربة العراق وتربة كل مناطق التركمانية تهم تاركين عوائلهم بعد أن سقطوا في أرض التركمان إيلي بدمائهم الطاهرة النقية واليوم من حقنا إبراز ثقافتنا وهويتنا كشعب التركماني عريق له حضارة وثقافة وأصالة والحب الغير.
وإننا نفتخر بتأريخنا عظيم وسوف نثبت وجودنا وإسترجاع حقوقنا ونبدأ من جديد لأعطاء صورة شجاعة واضحة ومجادلة حقيقية عن قادتنا وعن أجدادنا وأحفادنا الأبطال، وإن أجيالنا القادمة في سائر أنحاء العراق سوف يتسرع في تعليم لغة الأم لأطفالنا مع تثقيف شعبنا سياسيا تأريخيا إجتماعيا، شعبنا التركماني لا يخاف اليوم عصابات المافيا التي تمارس الغدر والخداع تجاه العراقيين ولو نظرنا إن الـتأريخ الأكراد عبارة من الغدر لبعضهم البعض فجلال الطالباني تحالف مع صدام لذبح الأكراد ومسعود البارزاني إستعان بجيش صدام لقتل الأكراد والتركمان والعرب والآلاف من الأكراد تطوعوا الى الجحوش لصالح المجرم صدام لمطاردة وقتل الأكراد، و إن الطرازانيين العميليين جلال الطالباني ومسعود البارزاني يريدون تمزيق العراق ووحدة ترابه وأراضيه ومع ضم محافظة كركوك التركمانية لأقليمهم لوجود الثروة النفطية كثيرة في كركوك من أجل دولتهم دائما يحلمون بها ويطلبون الأنفصال شمال العراق عن العراق. إن جلال الطالباني إنفصل من صف مسعود البارزاني وشكل حزبا خاصا لهل وهجم فصائل الكردية المعارضة آنذاك لصدام ودارت معارك شديدة طاحنه بين الفصائل الأكراد وفي عهد الثورة الإسلامية في إيران دعموا جلال ومدهم بالأسلحة والعتا د وكذلك المال وهوسبب الوحيد وله ضلع لقتل عبدالرحمن القاسملوا في إيران، وكذلك في حركة الأنفال، وجاء الدور القبلي الطرازان آخر مسعود البارزاني الحبيب صدام حيث وقف أمام الطالباني بعد أن شكل الجحوش وحرب أخوانه من الفصائل الكردية وفي العام ۱٩٩۱ عندما إندحاره جلاد صدام أمام قوات التحالف وفصل شمال من العراق ومنحت لهم نوع من الحرية والإستقلال والسماح لهم بإنتخاب برلمان لأكراد وإقامة الدولة لا تخضع لحكومة بغداد من أجل مأربهم الخاصة وكان هذه فكرة أنطلقت منهم بغرض الإنفصال التي كانوا يريدنها لسنين طوال وبعدها يتفقان الكرديان الطالباني والبارزاني لغدر الأكراد وكذلك العراقيين ويذهبون الى بغداد ليصافحوا الجلاد والطاغي صدام ونظامه ويحتضنون بعضهم البعض في سنة ۱٩٩۳ ويقدم اليد اليمنى لنظام صدام ويهاجم الأكراد الطالباني والتركمان، والعرب ويقتل مئات من المناضلون الشرفاء وكذلك يقبض على كثير من التركمان هدية لطاغية صدام وينفض عليهم حكم الإعدام.
لا شك إن التركمان أصابها الظلم والإضطهاد مثل ما أصبح الآخرين على يد الأنظمة والحكومات العراقية ولو ألقينا نظرة الى الوراء بأن الأكراد حسب التأريخ العراقي دمروا العراق ودمروا العرب العراقيين وقتلوا منهم كثيرين وسرقوا النفط كركوك العراق في أيام جلاد صدام.
ولا تصدقوا بأن آمريكا سوف تعطي لكم كركوك والتي تعتبر من أهم المصادر النفطية وإن بارزاني وطالباني تواطأت مع الإدارة الإستخبارات الأمريكية والإسرائيلية لتزويدهم الأسلحة تمهيدا لإنفصال مدعومة من قبل الإحتلال تبعون توجيهات أرييل شارون، وبنيامين نتنياهو لإن مصالحهم هو تقسيم وتفتيت العراق وهذا جريمة كبرى بحق العراق وإن خيانه طالباني وبارزاني لتراب ووحدة العراق هذا يأتي من إتباعهم الصهاينة بضم كركوك التركمانية أليهم وإن الطلب أي الفيدرالية يعتبر إنفصالي والآن يريدون إستغلال الظروف التي يمر بها العراق وليس لمجلس الحكم أي الشرعية القانونية ولا الدستورية في إدارة شؤون العراق ولا يملك صفة تمثيلية لعدم وجود إنتخاب وحتى القادة لم يحصلوا على ثقة الشعب العراقي بالإنتخابات.
والشعب الكردي كما هو معروف شعب حاد الطباع يميلون الى الصنف من الإنتقام بسب ظروفه السايكلوجية وظروف طبيعة الجبلية والقبلية التي عاشها والتي تعتمد على الثأر والقتال وعندهم الحب الإستعلاء القومي ويحبون الإنفصالية والأقليمية في البلدان التي يعيشنها وليس لهم أي ولاء لأي الدولة عاشوا في ظلها وفي خيرتها وإنهم السبب في نزيف الدماء الجنود العراقيين الأبرياء في الخمسينات بحرب الشمال حيث قتلت خيرة شباب العراق وقد قتل الأكراد جميع الحكومات بالسلاح توالت على حكم العراق واليوم برهنت مدى تعاونهم العسكري بالعدو الصهيوني مع إيمانهم بالمبدأ الماركسي.
وقد إنتهز الأكراد فرصة قوات الأمريكي لغزو العراق فدخلوا مدينة كركوك التركماني الغنية بالبترول إغتصبوا أراضي ممتلكات التركمان وإحتلوا الدوائر الرسمية النفوس والطابو والتجنيد ونصبوا محافظا كرديا لكركوك بدون أي الإنتخاب مع تعيين مدراء والموظفين الأكراد فقط وقاموا بسرقات الأجهزة كثيرة لكومبيوترات وأجهزة الطب المستشفيات مع تزوير السجلات الرسمية مع تسجيل الأملاك والطبو بأسماء العوائل الكردية المستدقدمين من كافة مناطق العراقية لإقامة فيها وشراء الأراضي والممتلكات ودفع المبالغ وبمساعدة الأمريكان والصهاينة وقاموا زيادة نفوس الأكراد في مدن التركمانية كافة لمحاولة تزوير ديموغرافية كركوك وأربيل وموصل وديالى وغير مناطق التركمانية وقتلوا الرجال والنساء والأطفال والشيوخ بغية فرض هيمنتهم وهذا مثبت بأفلام وثائقية لأعمالهم السلب والنهب والسرقة، واليوم نرى رعاة قطعان الأغنام والماعز النازحون من أقصى الشمال وهم الآمراء والموظفين في دوائر الحكومية.
لماذا أيها الأكراد هذه الكراهية والعدوان والأنانية والحقد تجاه الشعب التركماني، الشعب التركماني له بطولات كثيرة في الفلسطين ومن أبطاله مصطفى راغب باشا، عمر علي، كمال علمدار، هدايت آرصلان، والشهيد عبد الله عبد الرحمن وغيرهم في الجيش العراقي والشهداء كثيرون وقفوا في واجه الطاغية الجلاد صدام وخير شاهد المقابر الجماعية في آلتون كوبري، طوزخورماتو، كركوك، تازه خولرماتو، بشير، تسعين، أربيل، تلعفر.
وعلى الأكراد أن يذكروا الشهداء التركمان الذي أعدمهم البعثيين بمعونة حزب الديمقراطي بارتي عندما دخلت قوة صدام الى أربيل حيث قدمنا آلاف الشهداء من أجل قضيتنا العادلة ويجب على الأكراد أن لا ينسوا خيانة مسعود البارزاني الذي قدم أكثر من مئات التركمان لجلاد صدام وتم إعدامهم في السجن أبي الغريب في بغداد مع المعارضين من العرب وهم أبناء عراقيين كان فيهم الأخوة والإبن والزوج والأباء
ولتركمان دور الفعال لبناء العراق إنهم لا يفرقون ويحبون كافة العراقيين وليس في قلوبهم الحقد والأنانية وإن الوفاء الذي قام بها البطل الشهيد الطيار التركماني آيدن مصطفى الذي أعدمه جلاد صدام المقبور مايس ۱٩٨٧ وإن هذا الوفاء لماذا نساها الأكراد الذي رفض ضرب حلبجة بالسلاح الكيمياوي وكان الأكراد أن يعرفوا بطولة شهدائنا التركماني الذي أعدم بسبب رفضه لنظام الطاغية.
وإن التركمان يحب جميع العراقيين ولم يكون يوما من الأيام حجر عثرة من طموحات ومطالب آخيرين بل نضا ل ودفع عن حقوق الآخرين كدفاعهم عن حقوقهم وإن التركمان يؤمنون بنضالهم السياسي من أجل كركوك ومن أجل كافة المدن والمناطق والقرى والأقضية التركمانية وإننا سوف ندافع عن حقنا وعن تربتنا وعن وطننا وعن لغاتنا بدمائنا وبأموالنا وإننا على الجهاد والنضا ل دائما وهذا يليق لشعب التركماني العظيم..
الحصاد المر في كردستان
الاستاذ رئيس التحرير
تحية طيبة وبعد،
لو امعنا النظر في تاريخ الشعب الكردي في المراحل الاخيرة وخاصة بعد منتصف القرن الماضي لنجد ان تاريخ هذا الشعب المغلوب علي امره بين الحيرة والخداع من قبل الذين كادوا ان يرتكبوا جرائم بحق شعبهم وشعب العراق، ومتجاهلين العواقب التي سيتعرضون لها، فلا ينسي الشعب العراقي ما قدمه من ضحايا في صفوف المدنيين والعسكريين للفترة ما بين الخمسينات ولحد يومنا هذا حيث بلغ عدد الضحايا اكثر من مئة الف بين شهيد وجريح بالاضافة الي الخسائر المادية والبشرية والتخريبات المتعمدة في الدوائر والمباني والمؤسسات. ومن هذا النهج فلا بد ان نتطرق الي الاسئلة التي باتت تضجر اذهاننا ويمكن ان نلخصها في عدة نقاط مهمة وبعدها السياسي والاستراتيجي في المنطقة كما وان دول الجوار وشعوب المنطقة خير شاهد علي ذلك:
اولا: اتفاقية ۱٩٦٦ التي اقدم علي توقيعها جلال الطالباني في تنازلات واضحة من الشعب الكردي ومهانة لكرامتهم عندما تم الاتفاق علي تسليم عدد كبير من رجال البشمركة الي الحكومة العراقية في وقته وبطريقة غير مباشرة وتنازلات في عدد من المواد والفقرات من قانون الحكم الذاتي.
ثانيا: اتفاقية ۳۰ اب (اغسطس) ۱٩٩٦ السرية بين مسعود البارزاني والرئيس العراقي المخلوع صدام حسين عندما قامت قوات البشمركة التابعة الي مسعود البارزاني بالتحالف مع قوات الحرس الجمهوري العراقي بالتوغل والهجوم علي محافظة اربيل (شمال العراق) وعندما كانت المحافظة تحت سيطرة جلال الطالباني رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني في وقته. ومن خلال هذه الحملة العسكرية المتحالفة تم اعتقال واعدام اعداد كبيرة من اعضاء الاحزاب والحركات التي كانت معارضة للرئيس المعتقل صدام حسين، وكان من اكثر المتضررين في هذه الحملة هم الذين يمثلون الآن ما يسمي بمجلس الحكم الانتقالي في العراق كالمؤتمر الوطني العراقي الموحد، حركة الوفاق الوطنية، حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، الجبهة التركمانية وبقية الاحزاب والحركات المعارضة. وان المفقودين والمعتقلين في خلال الحملة التحالفية بين صدام حسين ومسعود البارزاني لم يتم العثور عليهم لحد الآن. وعلي مسعود البارزاني ان يتحمل مسؤولية مصير هؤلاء مثلما حُمل صدام حسين مسؤوليتهم.
ثالثا: ان الأهم والاخطر من ذلك هي المؤامرة الكبري التي تقوم حاليا القوي السياسية الكردية بالتعاون العلني والمفتوح من جميع المجالات مع القوات المحتلة وتنفيذ مآربهم وبروتوكولاتهم ومخططاتهم الامبريالية والاستعمارية بقيادة الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا واسرائيل والدور الذي تبناه الحزبان الكرديان في خلق مشاكل طائفية وعرقية في المنطقة وانشاء قواعد عسكرية للسيطرة علي حقول النفط وتحركات دول الجوار والسيطرة مستقبلا علي غاز اذربيجان وخط جيهان التركي، وجلب عدم الاستقرار والامان في المنطقة. داعيا الي تشكيل نظام فيدرالي ديمقراطي من الناحية الظاهرية.
وان كل هذا ليس لمصلحة الشعب الكردي ولا اعتقد انه يخدم هذا الشعب الذي عاني الكثير في ظل الرئيس المعتقل صدام حسين ومن سبقه في الحكم بل وبالعكس سيجلب لهم الويلات وسيعرضهم الي المزيد من الخسائر والاضرار وان زراعة الحقد ودس السموم في نفوس وقلوب العراقيين عربا وتركمانا وباقي الاقليات سيكون حتما حصاده مرا.
رائد بدر تركلان
عبقرية الكورد تجاوزت الواقع في مطلب الاستقلال وعسكرة المجتمع الكوردي ظاهرة غير حظاريية تعود سلبا في بناء اواصر المجتمع المدني المنشود
حسن الطائى
بعد غياب السلطة المركزية في شمال العراق عام ۱٩٩۱ تحول المجتمع الكوردي بشكل تدريجي الى مجتمع مليشيات تتصارع في ما بينها لكسب المغانم وفرض القوى الحزبية وجودها من خلال تفعيل دور العشيرة في العمل السياسي واستغلالها في كسب دفة الصراع كما حصل في القتال بين الحزبيين الرئيسيين الاتحاد الوطني الكوردستاني والحزب الديمقراطي الكوردستاني وظهرت التحالفات مع وضد في فلك القوى الحزبية الرئيسية فقد تحالف السيد مسعود البرزاني مع الشيخ المرحوم عثمان عبد العزيز المرشد الروحي للحركة الاسلامية لكردستان العراق وامنينها العام. اما مام جلال فقد تحالف مع الشيخ عمر السورجي المؤسس لحزب المحافظين الكوردستاني الذي يطالب بضم الموصل لكردستان البطلة والتنافس في كسب ود العشائر ذات النفوذ بين الحزبيين المتقاتلين على اشده وتحولت العشائر الكوردية بين شد وجذب في خظم الصراع الحزبي المرير الذي دفع ثمنه المواطن الكوردي والمرءة الكوردية أنذاك وأصبحت مهنة القتال فرصة عمل للشباب الكوردي تصور ان تقاتل مقابل راتب شهري قدرة ۱۰۰۰دينار. كنا ان ذاك نعمل ضد النظام العراقي وبعد القتال الكوردي الكوردي تحولنا الى لجنة المساعي الحميدة في حقن الدم الكوردي الكوردايتي واضحى احمد قرداغ كما يسموة الكورد باحمد المديون لان العاملين في مكتبه لايدفعون مستحقات الناس المالية رغم الملايين التي دفعتها له الشقيقة س اي. . واحذت الحرب تزاد شدة فقد ححقق السيد كوسرة رسول على انتصارات باهرة ضد الحركة الاسلامية وتم اعدام اسرى الحركة الاسلامية بالجملة في المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكوردستاني الكوردايتي اما الحزب الديمقراطي الكوردستاني فهو الاخر ححق نصرا ساحقا ضد حزب المحافظين الكوردستاني وتم احتلال وتحرير مدينة حرير مقر السيد عمر السورجي وقتلة شر قتلة وتم نهب القصر وكل ما موجود في القرية حتى سموها كويت كردستان المقاتلين الذين شاركوا القتال جزائهم من السيد مسعود هو نهب كل مايعود لعشيرة السورجي وكانهم ليسوا كورد ابناء قومية واحدة ومحيط واحد كان ذالك في ۱٨. ٧. ۱٩٩٦ وقد كنت أقيم في فندق كارخ وشاهدت الغنائم بعيني وقلت في نفسي لاتوجد رحمة عند ما تتحول عسكرة المجتمع في خدمة الصراعات الحزبية وقد استولى مقاتلو السيد مسعود البرزاني على ٥٨مليون دينار سويسري وكافة السيارات الحديثة الطراز وتم اسر مائة وعشرين من عائلة السورجي وكان سبب الهجوم هو ادعاء الحزب الديمقراطي الكوردستاني تأمر حزب المحافظين مع حزب الطالباني ومن بشاعة المعركة اظطرت الحكومة البريطانية للتدخل في اطلاق سراح اسرى عائلة السورجي نعم هكذا كان حال الشعب الكوردي فالصراع تحول من صراع حزبي ضيق الى صراع قبلي ثم الى صراع عائلي حتى يتدرج في كل ميادين الحياة في المدرسة وفي الجامعة وحتى في الاعمال الحرة عندما تسير في المناطق التى يسيطر فيها حزب البرزاني اياك ان ترتدي شئ اخضر اومسبحة خضراء لان الون الاخضر شعار الحزب الطالباني وكذالك نفس الامر اياك ان تحمل شيئ له علاقة بالون الاصفر لان الون الاصفر شعار الحزب البرزاني اعتقد الحركات الكوردية السياسية اخفقت في بناء مجتمع مدني قابل للتعايش مع نفسه فكيف تطلب الاستقلال وبناء دولة كوردية لاتمتلك اي مقوم حضاري يجعل الاخر يطمئن لها لانها لم تستند في تكريس التفاعل الثقافي بين ابناء الجلدة الواحدة ففي سياق التقديم في المقالة يعكس مدى عنف القوى الساسية الكوردية في ما بينها فكيف هية مع الاخر. . . . نعم انا اتمنى على القوى الحزبية الكوردية الاهتمام بمدا التفاعل الثقافي الحظاري بين ابناء الشعب العراقي وتقوية الحمة بدل التركيز على المصالح الضيقة لقد ادهشتني المضاهر التى خرجت في السليمانية مطالبة الاستقلال عن العراق اسأل المثقف الكوردي هل هاذا ينم عن وعي ان عن عبقرية كوردية معهودة دوما
هل تقوم دولة كردية فعلاً؟
عبدالحميد العماري
طافت شوارع مدينة السليمانية تظاهرات قيل عنها انها شعبية مطالبة بالانفصال عن العراق وتشكيل دولة كردية مستقلة موحدة القوى، هكذا كان الخبر. . أتى دون سابق إنذار ودون معرفة الاسباب والدوافع التي حملت المتظاهرين للخروج مطالبين بالانفصال غير المبرر!!
واذا كنا نعلم نحن في العراق تماماً ان أي من المتظاهرين الذين طافوا الشوارع لم يجرؤ على التظاهر والمطالبة بما رفع من شعارات مالم يتسلم توجيه حزبياً او حكومياً، فان توقيت هذه المظاهرة يفسر أمرين. . الأول، ان النخب السياسية الكردية تحاول وبقدر معين التذكير بان حلم قيام دولة كردية قائم على الدوام رغم شعارات العراقية والوحدة والفيدرالية الوحدوية مع العراق الواحد ارضاً وشعباً، والثاني. . محاولة الضغط على دائرة القرار سواء في مجلس الحكم او سلطة التحالف المؤقتة قبيل موعد تسليم السلطة للعراقيين في الثلاثين من حزيران المقبل والانتهاء من كتابة الدستور.
وعليه. . فأن هذه المحاولات سوف تستمر ما لم يحصل الأكراد في العراق على النظام الفيدرالي، ومحاولة التهديد بين الحين والاخر بالأنفصال وكأن الامور لن تسوى إلا بالطريقة هذه التي شاهدناها عبر القنوات الفضائية العربية، لكن الحقيقة التي ربما غابت عن اذهان النخب السياسية الكردية او الدوائر الرسمية السياسية، هي ان ضمان الحقوق لا يعني التلويح بالأنفصال مطلقاً، سيما وان هناك روابط متجذرة في باطن الأرض تجمع القوميتين الرئيسيتين في العراق العربية والكردية لا يمكن تجاهلها أو الفصل بينها مهما تكن المحاولات.
قد يعتقد من يقرأ هذا المقال ان كاتبه يكن الحقد أو الكراهية أو يقف ضد تطلعات الشعب الكردي نحو الحريةأو حتى حلم قيام دولة كردية، لكن الحقيقة أنني كنت ومازلت من أشد مناصري القضية الكردية لا سيما وانني عشت (٦) سنوات في ظهراني ربوع كردستان يوم كنت أقارع النظام الديكتاتوري المخلوع، ولي صداقات حميمة أتشرف بها مع النخب السياسية والصحفية والثقافية الكردستانية، لكن الواجب الوطني والحرص على عدم تدويل القضية الاساسية المشروعة التي يطالب بها الاخوة الكرد بالحصول على كامل حقوقهم القومية والوطنية، ولطالما تحدثت مع تلك النخب التي أشرت اليها ورجوتهم بإلا يحصروا أنفسهم داخل إطار كردستان، بل ان العراق مفتوح أمامهم من زاخو حتى الفاو، وأمامهم فرصة تاريخية للتحرك بهذا الاتجاه اذا ما سقط النظام الذي كان وقتها قائماً في بغداد.
ان من بين أهم مقومات قيام الدولة هي التمتع بالأستقلال التام سياسياً وإقليمياً، ومن ثم تبرز الحاجة الى بناء إقتصاد قوي متين، وهو مالم يتوافر حتى الآن في كردستان، حتى لو افترضنا جدلاً إنضمام كركوك الى مناطق كردستان بأعتبارها غنية بالنفط، إلا أن النفط وحده ليس بكاف لبناء دولة دون الحلقات الاخرى المكملة الواحدة منها للأخرى كالصناعة والزراعة والتجارة فضلاً عن الأعتراف الدولي بكيان هذه الدولة دون الدخول بالتفاصيل الأخرى.
إذا كان قيام الدولة الكردية والأنفصال عن العراق يرضي طموح الشعب الكردي فلا بأس من قيامها، أما إذا كان الهدف من المطالبة الآن هو الضغط ليس إلا، فنحن نعتقد ان حل المشاكل داخل البيت الواحد لا يعني استخدام هذه الوسائل التي تزيد من تلك المشاكل تعقيداً كما لو ان أحد أطراف البيت يحمل الآخرين ذنب لم يقترفوه، أو منة الوحدة بين أطياف العائلة، ولا اعتقد ان الأشقاء الكرد تناسوا الرفض الدولي عموماً والاقليمي خصوصاً لفكرة قيام أقليم كردستان، فما بالك بدولة كردية منفصلة؟! مع الود للأشقاء الكرد.
العراق والفيديرالية. . . المصطلح والأمنيات
يحيى الجمل - الحياة
قد يكون النظام الفيديرالي هو المنقذ للعراق من كل المهاوي، وقد تكون الفيديرالية هي باب كل الشرور وهي المقدمة لتقسيم العراق، والأمر يتوقف على كيف تنظم هذه الفيديرالية وكيف تقوم.
ويحسن في البدء أن نعرف ماهية النظام الفيديرالي، ذلك أن كثيراً من الناس يرددون كلمات من دون فهم واضح لمعناها. ومن ثم يدور الحوار حولها مثل حوار الطرشان، كل واحد يتكلم في موضوع غير الموضوع الذي يتكلم فيه الآخر. ومن هنا كان تحديد معنى المصطلح أمراً ضرورياً لإمكان الحوار حوله. والدول عموماً في عالمنا المعاصر تنقسم من حيث شكلها الى دول بسيطة أو موحدة ودول مركبة أو فيديرالية. ومصر وفرنسا من الأمثلة القديمة والمستمرة على صورة الدولة البسيطة والموحدة. والكلمتان، البسيطة والموحدة - في فقه القانون الدستوري - بمعنى واحد. والولايات المتحدة الأميركية منذ نشأتها، والهند منذ استقلالها والمانيا منذ وضع دستورها الاخير بعد قهر النازية وانتهاء الحرب العالمية الثانية وحتى الآن. . . كلها دول مركبة أو فيديرالية. وهناك أركان للدولة وخصائص مشتركة تشترك فيها كل الدول سواء كانت موحدة أو فيديرالية، ذلك أن هذه الأركان والخصائص لا تكون الدولة، أي دولة، إلا بها.
السيادة واحدة في الدولة أياً كان شكلها. . . فالدولة الموحدة مثلها في ذلك مثل الدولة الفيديرالية لها سيادة واحدة ولا تتعدد فيها السيادة بتعدد الولايات التي تتركب أو تتكون منها الدولة.
والسيادة تعني في إيجاز شديد استقلالية الدولة في قراراتها الخارجية والداخلية وأنها تصدُرُ عن إرادتها الذاتية وتعبر عنها ولا تخضع في ذلك إلا لمقتضيات القانون الدولي ولا تخضع لإرادة دولة أخرى. وهكذا فالدولة، أي دولة، لها سيادة. والسيادة في الدولة أياً كان شكلها لا تتعدد. كذلك، فإن لكل دولة شعباً، وهذا الشعب يقيم على إقليم الدولة. والشعب واحد سواء في الدولة الموحدة أو المركبة، في فرنسا، في شمالها وجنوبها وشرقها وغربها، وفي ألمانيا في كل ولاياتها، وفي مصر في صعيدها ودلتاها وشرقها وغربها يعيش شعب واحد: الشعب الفرنسي والشعب الالماني والشعب المصري. الشعب واحد سواء كانت الدولة موحدة او مركبة (فيديرالية) ويرتبط أفراد الشعب بالدولة برابطة قانونية تسمى الجنسية. والجنسية في الدولة الواحدة واحدة ينظمها قانون واحد. ويقيم شعب الدولة على إقليمها. واقليم الدولة ايضاً واحد في الدولة البسيطة كمصر وفي الدولة المركبة كالهند.
كذلك، فإن في الدولة، أي دولة، الأصل أنه يوجد جيش واحد يتلقى أوامره من قيادة عليا واحدة. سواء في ذلك الدولة البسيطة أو الفيديرالية. وغير ذلك (الشرطة أو قوات الأمن الداخلي) فإنها يمكن أن تتعدد في الدولة الفيديرالية بتعدد الولايات. والنقد والمصرف المركزي هو نقد واحد ومصرف مركزي واحد أياً كان شكل الدولة. هذه هي الأركان والخصائص التي لا بد من أن تتوافر في الدولة سواء كانت دولة موحدة او فيديرالية.
فالعراق أياً كان شكل دولته في المستقبل لا بد من أن تكون سيادته واحدة وجنسيته واحدة واقليمه ونقده ومصرفه المركزي كلها واحدة، وإلا إذا حدث غير ذلك كنا في مواجهة أكثر من عراق وأكثر من دولة، لا قدّر الله ولا كان.
بعد هذه الخصائص المشتركة، ما الذي يفرق بين الدولة البسيطة والدولة المركبة؟ ما الذي يفرق بين الدولة الموحدة والدولة الاتحادية أو الفيديرالية. وكيف يتم تركيب الدولة الاتحادية؟
الدولة الحديثة تقوم على أساس توزيع السلطات. هناك في الدولة - أي دولة - سلطات ثلاث هي: السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والسلطة القضائية. ودستور الدولة هو الذي يحدد اختصاصات هذه السلطات وكيف تأتي وعلاقتها ببعضها وعلاقتها بالمواطنين وحقوق هؤلاء المواطنين وحرياتهم في مواجهة السلطات العامة وكيفية ضمان نفاذ أحكام الدستور، والدستور هو الذي يقرر ما إذا كانت الدولة بسيطة أم فيديرالية.
وبناء على ذلك، فدستور العراق المقبل، الذي يفترض ان تضعه جمعية تأسيسية منتخبة من الشعب - حتى وإن استعانت ببعض الخبراء الدستوريين - هو الذي سيقرر شكل دولة العراق وما اذا كانت بسيطة او فيديرالية.
وكون الدولة بسيطة لا يعني ان كل شيء يدار من المركز، أي من العاصمة وبواسطة السلطة المركزية. لم يعد ذلك ممكناً بعد ان تشعبت وظائف الدولة الحديثة وتعددت.
عندما كنا طلاباً ندرس القانون الاداري في السنة الثانية من كليات الحقوق منذ أكثر من نصف قرن، كان هناك مثل على المركزية الشديدة في فرنسا يقول إنه إذا كسر لوح زجاج في مبنى حكومي في مرسيليا في جنوب فرنسا، فإن اصلاحه يقتضي توقيعاً من السلطة المركزية في باريس على بُعد أكثر من ألف كيلومتر.
لم يعد ذلك ممكناً الآن حتى في الدولة البسيطة بالنسبة الى السلطة التنفيذية على الأقل. وإذا كان من الطبيعي ان تظل السلطتان التشريعية والقضائية في الدولة الموحدة سلطة مركزية، فإن السلطة التنفيذية لا يمكن أن تبقى كذلك ولا بد من أن يجري توزيعها وتقسيمها على الأقاليم المختلفة وفقاً لما يحدده القانون ووفقاً للقدر الذي تأخذ به دولة من الدول من المركزية ومن اللامركزية. وليس هناك دولة من الدول الحديثة الآن لا تأخذ بقدر من المركزية وقدر من اللامركزية، ويجرى إحداث التناسب بين النظامين وفقاً لحاجات الدولة وظروفها ومدى تطورها واتساع وظائف الدولة فيها. هذا في الدول البسيطة. اما في الدول الفيديرالية، فإن الأمر مختلف. فدستور الدولة نفسه وليس القانون العادي هو الذي يحدد طريقة اقتسام السلطة بين السلطة المركزية او الفيديرالية من ناحية والولايات من ناحية أخرى. والدستور في الدولة الاتحادية (الفيديرالية) كما هي الحال في الدولة الموحدة دستور واحد للدولة كلها. وهناك استثناء واحد في الدولة الفيديرالية على قاعدة الدستور الواحد، يتمثل في الولايات المتحدة الاميركية حيث يوجد الدستور الاتحادي او الفيديرالي وهناك في بعض الولايات دستور ايضاً، والسبب التاريخي في ذلك هو أن بعض ولايات الاتحاد كانت دولاً سابقة على وجود الاتحاد وهي التي اوجدته واحتفظت بدساتيرها السابقة. ولكن هذه الدساتير تأتي في مرتبة ادنى من الدستور الاتحادي. واذا تعارض حكم في احد هذه الدساتير الولائية مع حكم في الدستور الاتحادي، فإن الاخير هو الذي يسود.
وكون الدستور هو الذي يقسم الاختصاصات بين السلطة الفيديرالية والسلطات الولائية وليس القانون العادي، فإن ذلك يعطي ضماناً للولايات أن اختصاصاتها تستند الى الدستور ولا يمكن تعديلها الا بتعديل الدستور نفسه. وهذا أمر عسير في بلد مثل الولايات المتحدة الأميركية. والدساتير الفيديرالية في تقسيم الاختصاصات بين السلطة الفيديرالية وسلطات الولايات تلجأ الى طرق عدة منها:
أولاً: التقسيم الحصري للاختصاصات بين السلطة الفيديرالية وسلطة الولايات وذلك بأن يعدد الدستور حصراً اختصاصات هذه واختصاصات تلك. والعيب الاساس في هذه الطريقة هو انها لا يمكن أن تحصر جميع الاختصاصات الحالية والمستقبلية وأن المستقبل قد يأتي بأمر غير موجود عندما أجرى الدستور التقسيم. ويقترح البعض من أجل التغلب على هذا العيب ان ينص الدستور نصاً اضافياً يقول فيه "ان الاختصاصات غير المنصوص عليها تؤول الى هذه الجهة او تلك، بحسب تفضيل واضعي الدستور".
ثانياً: ان ينص الدستور على اختصاصات السلطة الفيديرالية ويترك ما عدا ذلك من اختصاصات للولايات.
ثالثاً: ان ينص الدستور على سلطات الولايات ويترك ما عداها للاتحاد.
هذه هي الطرق المختارة لتقسيم السلطات بين الاتحاد والولايات. وقد تجمع الدساتير بين طريقة وطريقة او قد تعدل في ذلك كله التعديل الملائم لها.
ومع ذلك، يتصور في الدولة الفيديرالية ان يكون للسلطة الفيديرالية الحق في التشريع في بعض أمور معينة على مستوى الدولة كلها، وأن تعطى الولايات الحق في التشريع في امور محددة حصراً، وبحيث لا تتعارض تشريعاتها مع التشريعات الفيديرالية ولا مع الدستور الاتحادي من باب أولى.
وفي أمور الضرائب يتصور ان تكون هناك ضرائب فيديرالية تفرض بتشريعات فيديرالية، وضرائب في الولايات تفرض بتشريعات من المجالس التشريعية للولايات. كذلك، فإن في الدولة الفيديرالية - كما هو جارٍ في الولايات المتحدة وفي الهند - يتصور ان توجد محاكم فيديرالية الى جوار محاكم أخرى في الولايات.
هذه فكرة عامة عن كيفية تنظيم توزيع السلطات بين المركز والولايات، ولكن الدستور الاتحادي لا يمكن أن يتضمن نصاً يعطي الولايات حق الانسحاب او حق الانفصال او حق تقرير المصير. اننا بذلك نخرج تماماً عن اطار الدولة الفيديرالية. ولذلك، فإن ما يجري الحديث عنه الآن في السودان من اعطاء بعض اجزائه حق تقرير المصير بعد فترة معينة هو أمر يخرج عن نطاق التنظيم الفيديرالي.
ونعود الى بداية المقال: كيف يمكن أن يكون النظام الفيديرالي منقذاً للعراق وكيف يمكن أن يكون على العكس بوابة لتقسيم العراق وتدميره كدولة.
الأصل أن يقوم التقسيم الفيديرالي على أسس جغرافية فقط، هناك محافظة البصرة والرمادي وبغداد وكركوك وما إلى ذلك من محافظات. على أساس المحافظات او حتى على أساس دمج بعض المحافظات الصغيرة المتجاورة مع بعضها يجرى توزيع الاختصاصات (التنفيذية) وليس على أي اساس آخر. وقد يحدث في مثل هذا التقسيم ان تُعطى بعض المحافظات اختصاصات اوسع من غيرها من المحافظات لأسباب موضوعية. مثل ذلك المحافظات الكردية في شمال العراق. فالأكراد يمثلون أقلية اثنية متميزة ولا بد من أن يكون لهم قدر من التنظيم الخاص بهم. وعلى أي حال فقد كان هذا موجوداً من الناحية النظرية حتى في ظل الحكم الديكتاتوري السابق. ولكن المحظور كل المحظور أن يجرى تقسيم الدولة أو أن يقوم النظام الفيديرالي على أساس ديني، فيقال هذه محافظة الشيعة وتلك محافظة السنّة وما الى ذلك. هنا نكون بدأنا خطوة تقسيم العراق الى دويلات.
والذي لا أشك فيه هو أن الشعب العراقي يدرك تماماً ما يراد به من وراء تقسيمه وأنه سيرفض ذلك. ويستبشر الإنسان خيراً بحركات التقريب بين علماء المسلمين السنّة والشيعة ورفض محاولات الإيقاع بينهما.
مشروع الفيدرالية الكردي يصعد الموقف في كركوك مرة اخرى
عادل الجبوري
ما جرى في مدينة كركوك من مواجهات بين ابنائها من العرب والاكراد والتركمان اواخر الاسبوع الماضي لم يكن خارج نطاق الحسابات والتوقعات، ولم يكن شيئا جديدا خلال الشهور التسعة الاخيرة التي اعقبت سقوط نظام صدام في التاسع من شهر نيسان - ابريل الماضي، فهناك عوامل كثيرة، وظروف مناسبة، وأرضيات مهيأة تساعد لظهور مثل تلك المواجهات التي تتداخل فيها السجالات الكلامية مع قعقعة وازيز الرصاص.
فالاكراد يعتبرون كركوك مدينة كردية، والتركمان يرون انها تركمانية، والعرب يقولون انها مدينة لكل الموجودين فيها وليست حكرا لفئة معينة، ويشكل وجود البترول فيها عامل اغراء، وشكلت سياسات النظام السابق الشوفينية والعنصرية على امتداد سنين عديدة عامل تأزيم الى جانب عامل الاغراء، هذا فضلا عن طموحات وتطلعات خاصة لدى كل طرف من الاطراف.
وهذه المرة جاءت ورقة مشروع الفيدرالية التي طرحتها الاطراف الكردية في مجلس الحكم الانتقالي العراقي بمثابة الصاعق الذي اشعل فتيل الازمة في كركوك، حيث ان تلك الورقة تضمنت خطة لاقامة نظام فيدرالي على اساس قومي، اي ان يصار الى اعتماد الصيغة الفيدرالية في العراق التي تمنح للاكراد سلطات واسعة على اقليم يشمل المحافظات الثلاث - السليمانية واربيل ودهوك - اضافة الى كركوك وقضاءي خانقين وجلولاء التابعين لمدينة ديالى.
والاكراد لا يترددون في الافصاح عن تصوراتهم وطموحاتهم في هذا الشأن، فآخر تصريح جاء على لسان الدكتور برهم احمد صالح رئيس وزراء الحكومة التابعة للاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال الطالباني ومقرها مدينة السليمانية، قال فيه "ان كركوك جزء لا يتجزأ من كردستان اداريا وجغرافيا وتاريخيا، وان الاكراد سيطالبون بضم المناطق ذات الاقليات الكردية في مدينة ديالى - ويعني خانقين وجلولاء - الى الكيان الفيدرالي الكردي".
ولعل رد الفعل من قبل الاوساط التركمانية في المدينة على الطروحات الكردية كان هو الاقوى، وخصوصا ان هناك تراكمات من الخلافات والاختلافات بين الجانبين ادت مع مرور الزمن الى زرع حالة من عدم الثقة بينهما.
ردود الفعل هذه وغيرها ترجمت الى سلسلة من اعمال العنف المسلح في الشوارع، التي اسفرت عن سقوط اعداد من القتلى والجرحى. وبما ان عناصر الشرطة ومسؤولي الدوائر والمؤسسات في المدينة من الاكراد المرتبطين حزبيا بالحزبين الكرديين الرئيسيين، الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني، فإنه بدا ان عملية التصادم كان لا بد منها، ولم تنفع محاولات البعض لاحتواء الازمة وتطويقها قبل استفحالها.
أياد خارجية
وبينما راحت التفاعلات تأخذ مديات اوسع واخطر، بعد ان جابت شوارع المدينة مسيرات غاضبة شاركت فيها احزاب وتيارات عربية وتركمانية، وبعد ان تعرضت مقرات تابعة للحزبين الكرديين الرئيسيين في المدينة لمداهمات واعتقالات على ايدي القوات الاميركية، فإن اكثر من طرف معني بتحليل حقيقة وجوهر الازمة اعتبر ان هناك ايادي خارجية دلت بدلوها في الازمة لتحقيق اهداف ومكاسب خاصة.
ففضلا عن المعلومات التي تداولتها بعض وسائل الاعلام عن القاء القبض على اشخاص من جنسيات عربية واجنبية كانوا يزمعون تفجير مبنى عمدة المدينة ومؤسسات ودوائر حكومية اخرى، فإن الحديث عن دور تركي خفي فيما حصل كان له صدى واسع على خلفية حقيقتين، الاولى هي مخاوف انقرة من حصول اكراد العراق على كيان مستقل لهم تحت اي عنوان من العناوين، والثانية سعيها الدائم الى ان يكون لها موطئ قدم ونفوذ على المسرح السياسي العراقي وذلك من خلال التركمان العراقيين، وتحديداً الجبهة الوطنية التركمانية ذات الاتجاه العلماني القومي.
أما واشنطن فمن الواضح انها تعاملت هذه المرة حيال ما حصل في كركوك بالاسلوب المتعارف نفسه الذي تعاملت به في مواقع سابقة، مثل كربلاء حينما حصلت فيها مواجهات مسلحة قبل ثلاثة شهور تقريبا، والموصل وكركوك نفسها وغيرها، وهو اسلوب لا يخلو من براغماتية تكمن وراءها أهداف عديدة، منها ابقاء الوضع متوترا بدرجة ما، مع ضمان القدرة على توجيه مساراته واتجاهاته، والامساك بخيوطه بقوة، وكذلك الحؤول دون تحول اي طرف من اطراف المعادلة السياسية العراقية الى قوة نافذة ومؤثرة ومهيمنة على الساحة.
اتهامات متبادلة
وفي خضم هذه التشابكات والتداخلات المعقدة، فإن كل طرف راح ينحو باللائمة على الطرف الآخر ويحمّله مسؤولية تبعات الأزمة مستندا إلى حجج ودلائل خاصة به، بصرف النظر عن واقعيتها ومقبوليتها وسط اتهامات متبادلة بالارتباط بجهات خارجية كانت صريحة وحادة خلف الكواليس، برغم الاتجاه العام للتهدئة.
ولا شك في ان مثل تلك السجالات الكلامية ومعها المواجهات بالسلاح تعكس وجود واقع قلق وهش يحتاج الى حلول ومعالجات عقلانية تتجاوز الخروج بمسيرات جماهيرية تندد بالعنف والارهاب وتستنكره فقط، وتتجاوز ايضا محاولات فرض امر واقع بطريقة ما.
وقد يكون من الخطأ التعويل على سلطة الاحتلال الاميركية لمعالجة مثل تلك الازمات، لان على الاطراف المعنية بالازمة ان تبحث عن حلول ومعالجات متوازنة ومرضية تستند الى حقائق الواقع لا الى حسابات الخارج الذي لا يكن للشعب العراقي أي نيات حسنة ولا يريد له بناء وطن حر ومستقل بحسب البعض من أصحاب القرار أو المساهمين في صنعه داخل مجلس الحكم الانتقالي وخارجه، وهو واقعي الى حد كبير، ولكن يبقى السؤال التالي قائماً. . هل يمكن التوصل الى حلول ومعالجات مرضية ومقبولة من خلال التلويح بالسلاح، والتهديد باللجوء الى هذا الطرف او ذاك لقلب المعادلات؟
قد يكون هذا السؤال بحاجة إلى وقفة أخرى تتناول بصورة مفصلة إمكانيات فرض الصيغة الفيدرالية في بلد مثل العراق، وما يعزز هذا الطرح، وما يقف عائقاً أمامه، حيث تبقى كركوك وعموم المنطقة الشمالية محوراً مهماً لا غنى عنه عند الحديث في ذلك الموضوع.
ضم أفواج الدفاع الوطني ومجرمي الامن والمخبرات العراقية من الكورد أحد اهم الاسباب في الاقتتال الكوردي الكوردي
عندما اندلعت شرارة الانتفاضة الشعبانية المباركة وعم الفراغ السياسي في جنوب وشمال العراق وتحول الموقف الكوردي الى التصالح مع النظام وشهاهدنا القبلات الحارة بين الجلاد وضحاياه قادة الحركة الوطنية الكوردية السيد مسعود البرزاني والسيد جلال الطالباني. في الوقت التي كانت المجازر على قدم وساق بحق ابناء الجنوب اعلن السيد مسعود البرزاني العفوالعام عن كافة منتسبي افواج الدفاع الوطني وضم عددا كبيرا منهم الى صفوف الحزب الديمقراطي الكردستاني وتم توزيعهم على دوائر الامن والاجهزة الحزبية المهمة بمعنى اخر تحول هؤلاء المجرمين والقتلة الى كوادر مهمة في صفوف الحزب الديمقراطي وكان ماضيهم وجرمهم لايعني شيئا بالنسبة للسيد مسعود البرزاني ولم يؤثر تعاونهم ضد ابناء جلدتهم مع نظام قاتل مجرم لايعرف غير فن البقاء في السطة بأي ثمن.
نعم أن قرار السيد مسعود ذات ابعاد تكتيكية لموازنة القوى في الساحة الكوردية لان منافسه كا ن له اكثر تاثيرا في الساحة الكوردية فبالتالي تحول الصراع بين الحزبين الى صراع نفوذ وسيطرة على الساحة عندها اختفت المثل والقيم والحديث عن الحرية والديمقراطية وما الى ذالك من الاستهلاك الشائع في منهجنا السياسي. من هنا انطلقلت بداية الصراع بين الحزبين وتحول اهتمام النظام البائد بالحزب الدمقراطي اهتماما ظاهرا الى نهاية القصة.
ان ذوي الاختصاص الذين كانوا معنا في شمال العراق يعلمون ذلك بشكل تفصيلي.
ارجوان لاتتكرر نفس التجربة الكوردية في بقية مناطق العراق. لان تحول التنافس السياسي الى صراع يعيد صياغة الدكتاتورية من جديد ويحول الحياة الى نمط واحد غير قابل للتجديد كما هو الحال في شمال العراق
(مستقبل العراق، الانتماء الوطني أولا (الجزء الثاني والثالث
يكدان نيسان - كتابات
الجزء الثاني
لماذا (المؤتمر القومي لمسيحيي العراق؟؟)
تحدثنا في الجزء الأول من مقالنا هذا وبشكل عام، عن تعدد الإنتماءات الثانوية لشعوبنا المشرقية على حساب الإنتماء الوطني، وبالأخص شعب العراق. اما هذا الجزء فسنخصصه لفئة مهمة وأصيلة من فئات الأمة العراقية، والتي بقيت تعاني الأمرين في ظل الثقافة الخاطئة والسائدة لقرون عديدة، والتي كانت السبب الرئيسي في استمرارية توليد وديمومة الأنظمة العنصرية والدكتاتورية المتعاقبة على حكم بلاد الرافدين " العراق " إن كان في العصر الحالي، أو في العصور السابقة.
هذه الفئة هي " العراقيون المسيحيون " أتباع الكنائس المشرقية الوطنية، والفروع التي إنسلخت عنها لاحقا وتبعت المذاهب الأرثوذكسية والكاثوليكية والإنجيلية فيما بعد. . .
فإن مسيحيي العراق بشكل خاص، والمسيحيين المشرقيين بشكل عام، قد عانوا ولقرون طويلة نوعين من الإضطهاد وفي آن واحد، إضطهاد عرقي وآخر إضطهاد ديني
۱- الإضطهاد العرقي
أو الإضطهاد الإثني (القومي) وكان مصدره بالدرجة الأولى من الأقوام الغريبة التي توالت على غزو بلاد مابين النهرين " عراق اليوم " وإحتلاله وحكمه منذ سقوط الحكم الوطني في نينوى ٦۱۲ ق. م ومن بعدها بابل سنة ٥۳٨ ق. م عاصمتي الرافدين "العراق " على أيدي الفرس والميديين، وماتلا سقوطهما من تهيئة الفرصة الملائمة للأقوام الأخرى الأقل تحضرا للقيام بغزوات مماثلة للبلاد فيما بعد من كل حدب وصوب، كالإغريقيين والعرب والمنغوليين والعثمانيين والأوربيين الغربيين. . .
-۲الإضطهاد الديني
هذا الإضطهاد كان الأكثر إيذاءا للعراقيين ولحضارتهم وهويتهم، فقبل إعتناق سكان الرافدين (العراق) الديانة المسيحية إضطهدوا دينيا من قبل الفرس المجوسيين، والساسانيين لأنهم – أي أبناء الرافدين - كانوا يدينون بديانة رافيدينة توحيدية غير الديانة الفارسية المجوسية، وكانوا العراقيون يعبدون الإله آشور إله السماء، أما الفرس المجوسييون فكانوا يعبدون النار ويقدسونها.
هذا قبل العهد المسيحي. أما خلال العهد المسيحي، حيث تنصر غالبية شعب الرافدين (العراق) لأن معتقد الديانة المسيحية التوحيدية كان قريبا جدا من المفهوم العقائدي لشعب الرافدين، بل كان مطابقا لما كانوا يؤمنون ويعتقدون به قبل مجيء المسيحية. إلا أن عملية إعتناقهم للديانة الجديدة لم تسعفهم أيضا أمام عمليات الإضطهادات الوحشية التي كان يمارسها الفرس والروم في آن واحد لمسيحيي المشرق.
فقد إستمر الوضع المأساوي لشعب الرافدين وسوريا حتى القرن السابع الميلادي عندما بدأت أولى طلائع الغزو العربي الإسلامي لبلاد الرافدين وسوريا قادما من الصحراء الغربية الجنوبية للبلاد. فإندفع شعب الرافدين (العراق) وسورية لتقديم المساعدة والدعم المادي واللوجستي والبشري الكبير للقوات العربية الإسلامية القادمة من الجنوب، وليس سرا أن نقول بأنه لولا تلك المساعدة لما تمكن الجنود العرب المسلمون من دحر المحتلين الفرس الساسانيين في الشرق، والرومان في الغرب - حيث إعتبروا القوات العربية الإسلامية - آنذاك- قوات صديقة ومًحررة وليست قوات محتلة، وذلك لما كان يجمع بينهما من أواصر ورابط لغوية وبشرية وثقافية مشتركة، فرحبوا بها كل الترحيب على أمل التخلص من ظلم الفرس الساسانيين الذين أحتلوا البلاد منذ سنة ٦۱۲ قبل الميلاد. وبالفعل أستطاع العرب المسلمون وبدعم من أبناء الرافدين(العراق) وسوريا أن يحرروا البلاد من سيطرة المحتلين الفرس في الشرق ومن الروم في الغرب في زمن قياسي. إلا أن بريق الأمل بالتخلص من المحتل الأجنبي للبلاد لم يدوم طويلا لشعب الرافدين، فكل ما حدث هو أن زال محتلا غريبا وحُل محتلا آخر صديقا مكانه " هذه حقيقة - وإن كانت مُرة - يجب أن نعترف بها".
فبدلا من أن تخرج الجيوش العربية الأسلامية من البلاد، بعد أن قامت بطرد الغزاة الفرس والروم، آثرت البقاء وأستعباد شعب الرافدين ونهب خيراته والإستيلاء على أملاكه وتزوير تارخه وحضارته.
مرة أخرى وقع شعب الرافدين أمام إحتلال آخر ومن نوع آخر أيضا. حيث المحتل الجديد لم يكتفي بأحتلال البلاد ونهب خيراتها وتسخير أبناءها فحسب، إنما فرضوا الديانة الإسلامية على معظم شعب الرافدين "العراق" بالترغيب حينا وبالترهيب أحيانا وبقوة السيف. لقد حولوا الأديرة والكنائس ومعظم الحواضر الوطنية المسيحية الى جوامع وحواضر عربية إسلامية من النجف الى تكريت إلى المدائن إلى كركوك وأربيل والموصل وحمص ودمشق وحماه. . . . بل وأخذت عملية التعريب والاسلمة تنتشر أفقيا وعموديا في كل بلاد الرافدين وسوريا، مما أخذ عدد المسيحيين بالتقلص تدريجيا في البلاد لصالح المسلمين، وإنحسرت لغة البلاد السريانية (الآرامية) الرسمية، لتحل محلها وليدتها اللغة العربية لغة المحتلين الجدد ولغة الدين الجديد منذ أن سيطرت الجيوش العربية الإسلامية على البلاد في القرن السابع الميلادي. فبعد أن كانت نسبة المسيحيين في بلاد الهلال الخصيب (سوريا والعراق اليوم) في بداية القرن السابع الميلادي أكثر من ٩۰٪ ونسبة المسلمين كانت صفر مطلق، نرى اليوم إن نسبة المسلمين في البلاد زادت على ٩۰٪ ونسبة المسيحيين إنحسرت الى أقل من۱۰٪. طبعا هذا الأمر ليس طبيعيا إطلاقا.
إضطهاد المبشريين المسيحيين
فبالإضافة الى الإضطهاد العرقي والديني لمسيحيي العراق، سواء كان من الفرس المجوس والروم الوثنيين، أو من العرب والكرد والترك المسلمين فيما بعد، فقد كان هناك إضطهاد آخر لا يقل خطورة وضررا من الإضطهادات السابقة على مسيحيي الرافدين، وهو إضطهاد البعثات التبشيرية (المسيحية) الأوربية ضد ماتبقى من المسيحيين المشرقيين في العراق أو في سورية، او ما كان يعرف حتى وقت ليس بالبعيد بأتباع الكنيسة المشرقية الوطنية في سورية والعراق بشقيها الشرقي والغربي. وإنه يمكننا أن نشبه إضطهاد المبشرين هذا بالشعرة التي قصمت ظهر البعير، حيث جاء إضطهاد المبشرين المسيحيين الغربيين موازيا للإضطهادات السابقة بل ومكملا لهم. فاستطاعوا المبشرون الأوربيون بحيلهم ومكرهم المعروف عنهم أن يجزؤوا الكنيسة الوطنية المشرقية إلى طوائف وكنائس عديدة متناحرة، وبات أبنائها محصورين بين سندان المسلمون المتعصبون (بالأخص ابان العهد العثماني المشؤوم) ومطرقة المبشرون الدجالون الذين كانوا يُعلمون بعكس تعاليم الدين المسيحي، بل وبما يخالف رسالة المسيح، فبدلا من أن يبشروا " برسالتهم " في الشعوب والأقوام الغير مسيحية، كما علمهم السيد المسيح (إذهبوا تلمذوا وعمدوا جميع الأمم باسم الرب)، فإنهم بدلا من ذلك ركزوا كل همهم وشغلهم الشاغل على مسيحيي الكنيسة المشرقية الوطنية والتي يوما ما كانت كنيسة كل أسيا من شواطئ المتوسط وحتى الهند والصين واليابان بل وكانت الأم والمهد للكنيسة الأروربية الغربية.
وطنية المسيحيين العراقيين وأصالتهم.
إن كل تلك الإفرازات السلبية تجاه شعب الرافدين " العراق " الأصيل وتحت أي مبررات كانت لم تتمكن من القضاء على وطنية وإخلاص وإعتزاز ما تبقى من مسيحيي العراق بوطنهم بلاد الرافدين وبحضارتهم وثقافتهم الرافيدينية الأصيلة. حيث بقيوا ولازالوا متعلقين بوطنهم وحضارتهم ولغتهم كتعلق اللحمة بالعظم،وكإرتباط الروح بالجسد رغم كل الممارسات الخاطئة الغير وطنية ضدهم، وعمليات التشكيك بهويتهم الوطنية. . . فرغم كل ذلك بقيوا القدوة في الوطنية والإنفتاح على الغير والإعتراف به.
فمسيحيي العراق ليسوا بالغرباء وإن كان المبشرون قد فتتوا وحدتهم الكنسية وجزؤوهم الى طوائف عديدة تابعة لهم تحت أسماء ومسميات مختلفة، إلا إنهم بقيوا مخلصين لوطنهم بلاد الرافدين مدافعين عن حضارته وأرضه وتراثه في كل العصور. هؤلاء المسيحيين هم عرقيا أو إثنيا (آشوريون ) تلك الفئة من الأمة العراقية الذين إعتنقوا الديانة المسيحية منذ بدايتها وحافظوا على مسيحيتهم لالفين سنة، مضحين بالآلاف بل بالملايين من أبنائهم لاجل الحفاظ على وطنهم وهويتهم الوطنية. فهؤلاء المتبقون من المسيحيين العراقيين هم جزء مهم وحيوي لا يمكن تجاوزه أو إغفال رؤيته وخصوصياته فهم إستطاعوا أن ينفذوا من عمليات الأسلمة والتعريب والتكريد والتتريك بسبب طبيعة مناطقهم الجبلية المستعصية والتي ساعدتهم على الحفاظ على تراثهم الديني والثقافي والإثني، ولم تتأثر فيهم موجات التعريب والأسلمة التي تأثرت بأشقائهم في الجنوب من البلاد ووسطها فتعربوا وأسلموا وإدعوا بإنتمائهم الى العربية والإسلام بالدرجة الأولى قبل إنتمائهم الى الأمة العراقية، أما هؤلاء العراقيون المسيحيون فبقيوا حتى اليوم يعتزون ويفتخرون بإنتمائهم الى الثقافة والحضارة العراقية رغم كل عمليات التهميش لهم ولثقافتهم ولدورهم الوطني في العراق.
فنجاة المتبقين من مسيحيي العراق من موجات التعريب والتتريك والتكريد والتفريس في القرنيين الماضيين لايعني إن تلك العمليات اللا أخلاقية قد توقفت، بل لازالت ماضية – وللأسف - على قدم وساق في الكثير من مناطق شمال العراق لغاية تكريد المنطقة كليا وذلك في غياب الإنتماء الوطني الصحيح.
الحقيقة فإن مسيحيي العراق قد عانوا أكثر من كل فئات الامة العراقية، ونراهم اليوم يقعون أيضا ضحية الثقافة الطائفية والدينية والعشائرية الخاطئة والسائدة في المجتمع العراقي بشكل خاص والمجتمع المشرقي بشكل عام.
المؤتمر الكلدوسرياني آشوري في بغداد
ففي نهاية شهر تشرين الاول عقد ولاول مرة المؤتمر الوطني لمسيحيي العراق في بغداد وتحت إسم المؤتمر القومي (الكلداني السرياني الأشوري) في العراق لتداول ودراسة أوضاع هذه الفئة العراقية المسيحية في ظل الأوضاع المستجدة في العراق، ورغم تحفظنا شخصيا على تسمية المؤتمر بالمؤتمر القومي (الأشوري الكلداني السرياني) لما لها من مدلول طائفي أكثر منه قومي وطني، وكان الأفضل – حسب رأينا - بأن يسمى المؤتمر ب(مؤتمر مسيحيي العراق). لكن نحن نؤمن بأن التسمية ليست مشكلة إطلاقا بقدر ما نتطلع للايجابيات التي تمخض عنها المؤتمر على الساحة الوطنية العراقية بشكل عام، وعلى مسيحيي العراق بشكل خاص، فليس مهما تسمية المؤتمر بقدر ما يهمنا نتائج المؤتمر. فلا نريد أن نعيش في دوامة النقاش البيزنطي المعروف حول جنس الملائكة، فالمؤتمر كان صوت وطني عراقي أكثر منه طائفي أو فئوي كما أراد أن يصوره البعض، بل كان الصوت الوطني العراقي الحقيقي لفئة عراقية أصيلة هُمش دورها الوطني، وخنق صوتها، وسرقت هويتها الوطينة وأهملت بل أبعدت هذه الشريحة العراقية عن ممارسة دورها الحقيقي في خدمة وطنها لأكثر من ألفين سنة متواصلة لا لشيء إنما لكونها شريحة عراقية أصيلة تنتمي للعراق ولحضارته العظيمة.
هناك أكثر من مبرر بأن يطلق على هذا المؤتمر هكذا تسمية أو أي تسمية كانت فكل تلك التسميات هي تسميات وطنية ومن التراث العراقي الأصيل وليست تسميات مستوردة، أو مبتكرة حديثا، فليس الإنسان هو الذي يعيش للأسماء، إنما الأسماء تعيش للإنسان. فقد أطلق على البلاد منذ القديم أسماء وتسميات عديدة قبل أن يكتسب الإسم الجديد " العراق " في نهاية الحرب العالمية الأولى. قبل ذلك كان العراق يسمى بالولايات العثمانية (ولاية البصرة وولاية بغداد وولاية الموصل) لأكثر من أربعة قرون إبان الإحتلال العثماني، وقبلها بالعباسية إبان الإحتلال العربي الإسلامي، وسُمي بالفارس أو الساسانية إبان الإحتلال الفارسي للبلاد، وقبل سقوط العاصمة الوطينة نينوى ومن بعدها بابل كان إسم آشور يطلق على كل العراق وسوريا الداخلية ولأكثر من ألف عام متواصل، وسبق التسمية الأشورية تسمية بابل وأكد، وسومر، وبالإضافة الى ذلك كان يطلق على البلاد تسميات أخرى مثل بلاد السريان، ميزوبوتاميا، بلاد الرافدين، الهلال الخصيب. . . فالتسمية لا تغير من الشيء إلا الإسم وهذا أمر طبيعي جدا وحدث لكل شعوب وبلدان العالم خلال حقب مختلفة. فإيطاليا مثلا كان إسمها روما، وتركيا كانت تسمى الإمبراطورية العثمانية، وقبلها البيزطية. فان هذا لايهم بقدر مايهم الإنتماء الوطني الصحيح للعراق وللهوية العراقية.
إنَّ المطلوب اليوم وبالدرجة الأولى هو توحيد كل شرائح الأمة العراقية ومن ضمنها الشريحة المسيحية العراقية (الكلدانية السريانية الآشورية) وتجاوز كل مفردات التسميات وإشكالياتها والترفع عن كل الأنتماءات الطائفية والإقليمية لصالح الإنتماء الوطني الصحيح.
فبعد أن زاد شعور مسيحيي العراق - والذين جلهم من الآشوريين الكلدانيين السريان- بالإضافة الى الصابئة المندائيين واليزيدين، بالتهميش لدورهم السياسي والثقافي والوطني في البلاد، وحتى لا يُغيب دورهذه الفئة من الساحة الوطنية والتي حُرمت منه لقرون طويلة نتيجة الثقافة الخاطئة التي تمارسها النخبة المثقفة في الوطن، بل حرمت من ممارسة الحد الأدنى من حقوقها الوطنية والثقافية والسياسية والدينية، لما تعرض له مسيحيي العراق بشكل خاص والمسيحيين المشرقيين بشكل عام ـ مثلهم مثل مَنْ كان يُطلَق عليهم التسمية الغير صحيحة (الأقليات)، هو قمة المأساة. فمآسي بلدة سميلي وقرية صوريا في شمال العراق والمجازر التي أصابت مسيحيي العراق (الكلدو سرياني آشوري) وعمليات التهجير التي كانت تجري بحقهم لازالت محفورة في الذاكرة، وعمليات منع التسميات الخاصة بهم ولأطفالهم والتسجيل في الإحصاء الوطني في خانة القومية: عربي أو كردي لا عراقي أو كلداني أو آشوري كمسعى يهدف لتغيير الهوية القومية والوطنية لهم لازالت ماثلة للعيان. . . وإنه بعد كل تلك المعاناة الطويلة لهم جائت الظروف المناسبة لعقد هذا المؤتمر على الإقل لتوحيد بعض الشرائح الأصيلة من الأمة العراقية تحت خيمة الوطن العراقي والأمة العراقية وليكون الكلدان السريان الأشوريين أول من وضع حجرة الأساس لفتح صفحة جديدة لتوحيد الأمة العراقية بكل شرائحها وطيوفها المختلفة. لو إن الأمور كانت تسير بشكلها الصحيح في الوطن دون وجود للتكتلات الحزبية والطائفية والعرقية والعشائرية والدينية على ساحة الأمة العراقية الواحدة، ودون وجود دعوات إنفصالية مبطنة، ولو كان هناك حد أدنى من الإطمئنان بعدم ممارسة التمييز الديني والطائفي والإثني بحق هذه الفئة العراقية الأصيلة. . لما كان داعيا أصلا أن يعقد مؤتمرا عام يجمع شريحة معينة من الشعب العراقي، ولو كان كل العراقيين يعمل لاجل العراق والأمة العراقية بالمقام الأول، لما سُمي المؤتمر بالمؤتمر القومي، ولو أن هذه الفئة العراقية المسيحية كانت مطمئنة بمساواتها مع بقية فئات الأمة العراقية في حقوقها، لما سُمي مؤتمرها، بالمؤتمر الكلداني السرياني الآشوري،أو (بالمؤتمرالمسيحي). فالسؤال المطروح منطقيا وواقعيا هو ماذا يُنتظر من فئة لا هي إسلامية دينيا، ولا هي عربية أو كردية قوميا، أن تفعل في ظل ثقافة أنتماءها أسلاموي عروبي، أو إسلاموي كردوي قبل أن يكون وطني عراقي؟؟ وهل كتب على هذه الشريحة الأصيلة العراقية أن تبقى تمارس عملية الإستجداء والتوسل لاشقائهم ومواطنيهم المسلمون عربا وكردا في آن واحد، للحصول على حفنة من حقوقهم الوطنية والقومية؟ أم كتب عليه أن يتركوا وطنهم ويهاجروا في دنيا الله الواسعة كما جرى لهم ولمعظم مسيحيي المشرق لسبب واحد وهو (الثقافة الإسلاموية والعروبوية) الخاطئة التي رفضت ولا تزال ترفض الإعتراف بالطرف الآخر والتعايش معه على قدم المساواة؟ فلا أحد يمكنه أن ينفي مالدور الدولة والثقافة الإجتماعية السياسية الخاطئة في خلق عوامل الشك والريبة وعدم الثقة بالآخر ضمن المجتمع الواحد والوطن والواحد. فهذه الأمور تعكس الحالة الشاذة والمأساوية التي تعيشها الأمة العراقية في ظل ثقافة الإنتماءات الدينية والطائفية والعرقية. وذلك في ظل غياب الفعل الثقافي التربوي الوطني الصحيح والتي هي من مسؤولية النخبة المثقفة العراقية بالدرجة الأولى.
الجزء الثالث
(ماذا يريدون زعماء الأكراد، الفدرالية أم الإقتطاعية؟؟)!!
أقول: إقتطاعية ولا أقول انفصالية، لان كلمة الانفصال لا تنطبق على وضع الأكراد في شمال العراق، فالشمال العراقي - الذي تنكر له الأكراد، وأطلقوا عليه تسمية (كردستان) - لم يكن في الماضي وطنا كرديا ثم ضُم قُسرا إلى العراق حتى يُطالب الأكراد بفصله عن العراق تحت ستار (الفدرالية). فشمال العراق - مثل جنوبه ووسطه- هو أرض عراقية أصيلة وجزء عزيز من الوطن العراقي مهد الحضارات. كل ذرة من ترابه، وكل صخرة من جباله، وكل قطرة من مياهه، وكل نسمة من هوائه تنطق وتشهد بحضارتها الآشورية العراقية في كل الحقب والعصور التاريخية، ومنذ بداية تدوين التاريخ البشري. كما لم يكن شمال العراق جزءا من دولة أخرى أو وطن ما، ثم ضُم إلى العراق في إحدى مراحل التاريخ حسب ما يزعم رئيس ما يسمى
بـ (نقابة صحفيي كردستان) السيد فرهاد عوني في إحدى تصريحاته عندما قال: " كنا جزءا ضُم قسرا إلى العراق وبقرار من الاستعمار، والآن نطالب بفك هذا الضم. . . " فالاستعمار ـ يا سيد فرهاد ـ لم يضم أي جزء إلى العراق، وإنما العكس تماما؛ حيث قام باقتطاع أجزاء غالية من العراق وضمها إلى دول أخرى، فليراجع الأكراد سجلات الأمم المتحدة والمراجع التاريخية ليعرفوا الحقيقة من مصادرها. أما تزوير الحقائق التاريخية وطمس الهوية الوطنية لشمال العراق عبر إيديولوجيات حزبية شوفينية عنصرية، فلن يعطي الشرعية للأكراد- الذين لا يمثلون سوى أقـل من ۱٥٪ من سكان العراق- لاقتطاع الجزء الشمالي من الوطن، تحت غطاء تسميات ومصطلحات مختلفة؛ كحق تقرير المصير، والحكم الذاتي، والفدرالية العراقية الكردية.
في الحقيقة، ما يسعى إليه الأكراد من خلال فدراليتهم هذه ليس بناء وطن واحد وأمة واحدة تضم كل المواطنين على اختلاف انتماءاتهم القومية والعرقية والدينية، كما هو حال الكثير من الأمم في العالم، كألمانيا والولايات المتحدة وغيرها. . .، إنما يسعون إلى (اقتطاع) شمال الوطن العراقي، وتنظيفه عرقيا من كل المجموعات الإثنية العراقية الأصيلة، وعزله عن الوطن الأم تمهيدا لإقامة كيان كردي مستقل على حساب الأمة العراقية والشعب العراقي. وما شحذ الأسنان الكردية على مدينة كركوك النفطية إلا لتأمين الجانب الاقتصادي كأحد المقومات الأساسية للكيان الكردي المنتظر (لاسمح الله). لقد قتلت القيادات الحزبية والعشائرية الكردوية روح الانتماء الوطني لدى لشعوب الكردية وعززت فيهم روح الانتماء العشائري والحزبي والعنصري، زارعة فيهم الحقد والكراهية لكل ما هو غير كردي، وذلك كنتيجة حتمية للثقافة الخاطئة التي يغذون بها شعوبهم الكردية من خلال مدارسهم وإعلامهم وكُتابهم ومثقفيهم الحزبيين.
فاقد الشيء لا يعطيه
لو تصفحنا كل مراحل التاريخ البشري فلن نجد هناك على هذا الكوكب وطنا ما دعي يوما بـ (وطن الأكراد)، كما يزعم الكردويون، حتى يطالب الأكراد اليوم بـ (تحرير وطنهم ) المسمى بـ (كردستان الكبرى) المحتلة ـــ حسب ادعاءاتهم ـــ من قبل خمسة دول، هي: تركيا والعراق وإيران وسوريا وحتى أذربيجان. فحيثما حل الأكراد يوما صار بالضرورة جزء من (كردستان الكبرى). ولا نعرف إن كانت هذه (الكردستان) ستشمل مستقبلا جزءا من الأراضي الألمانية حيث يعيش فيها الآن أكثر من مائة ألف كردي مهاجر!!!
فالمنطقة التي يسمونها زورا بــ (كردستان العراق) ما هي إلاَّ الموطن الأصلي للآشوريين منذ بداية التاريخ، وكل المؤرخين، والكتاب، والباحثين، والواقع تؤكد هذه الحقيقة. أما الأكراد فلم يظهروا في هذه المنطقة إلا في عهود متأخرة جدا، وكانت بداية استقرارهم في مناطق تواجد الآشوريين حوالي عام ۱۲٩٥ ميلادية إبان المذابح الجماعية التي قام بها المغول بالتحالف مع الأكراد. وقد ساهمت المذابح العرقية التي قامت بها الإمبراطورية العثمانية ضد الآشوريين، أصحاب الأرض الأصليين، بإحلال الأكراد مكانهم مكافأة لهم على المشاركة في تنفيذ تلك المذابح.
أكراد العراق لهم ميزات خاصة لم يحصل عليها غيرهم.
إذا قارنا وضع الأكراد في العراق مع الأكراد في كل من تركيا وإيران والدول التي يتواجدون فيها نرى إن ما يتمتع به أكراد العراق من ميزات وخصوصيات ثقافية وقومية وإدارية وسياسية لم يحظَ بها الأكراد في تركيا أو إيران أو سورية، ولا حتى باقي مكونات الأمة العراقية
كـ الكلدوأشوريون، واليزيديون، والصابئة المندائيون، أصحاب الأرض الحقيقيين، ولا أيضا التركمان اللذين يعتزون بأمتهم العراقية ووطنهم العراق حيث أن أكراد تركيا ورغم أن عددهم يبلغ أضعاف عدد أكراد العراق، فإنهم لا يزالون في نظر الأتراك مجرد قبائل تركية الجبلية، ولم تُمنح لهم أية ميزات خاصة بهم، ولا يسمح لهم حتى التكلم بلغتهم الإثنية.
فلماذا، يا أكراد العراق، كل هذا الحقد والتجني على وطنكم الذي احتضنكم وقدم لكم أكثر مما كنتم تحلمون به؟ نأسف كل الأسف أن نقول بأن أحزابكم الكردوية، وقياداتكم العشائرية قد تأصلت فيهم روح الحقد حتى العظم لكل ماهو عراقي، بل أخذت هذه القيادات تضلل الشعب الكردي أينما كان بأبواقها الدعائية، وتوهمه بأن شمال العراق ما هو إلا الجزء الجنوبي المحتل من وطنهم الأكبر المسمى بـ(كردستان الكبرى). فأين هم المثقفون الأكراد اليوم ليتحملوا مسؤولياتهم الوطنية تجاه وطنهم وأمتهم، ويفندوا الدعوات الغوغائية العنصرية لقياداتهم الحزبية وإلى متى سيبقى الشعب الكردي يدفع ثمن أخطاء زعمائه السياسيين والعشائريين؟؟ فهل لهذه الزعامات العودة إلى الرشد والتعقل، والتخلي عن أحلام إقامة الدولة القومية العنصرية والعودة إلى أحضان وطنكم العراق معززين مكرمين بين إخوتكم من العرب والكلدوآشوريين والتركمان واليزيديين والصابئة المندائيين؟ ألا يكفي وطننا ما قدم من ضحايا نتيجة السياسة العنصرية وإلغاء الأخر؟
ـــ ما أشبه اليوم بالأمس
إن المتتبع للأحداث في المنطقة يرى بأنه كلما توترت الأوضاع في مناطق تواجد الأكراد في الشمال العراقي، كلما تيقنا بأن هناك مؤامرة تحاك خلف الكواليس ضد العراق وشعبه. وهناك علاقة طردية بين المؤامرة على العراق من جهة، وبين استفزازات وتحركات الأكراد في شمال العراق من جهة أخرى. ومن الملاحظ أيضا بأنه كلما ألمت أزمة بالعراق كلما تصاعدت مطالب الأكراد بالاستقلال وكأنه لا شأن لهم بالعراق!!. ففي الآونة الأخيرة، لاحظ الجميع، بأن حدة هذه التوترات والاستفزازات والمطالب العنصرية قد تصاعدت بشكل مثير ومفاجىء في شمال العراق، مع اقتراب موعد تسليم السلطة للعراقيين، وبالأخص في مدينة كركوك النفطية، موضع أطماع القيادات الكردية، حيثُ يقوم مسلحو الأكراد بالاستفزاز والتحرش بالسكان المحليين في كل مدن المنطقة الشمالية من العراق التي تضم التركمان والعرب والكلدوآشوريين واليزيديين دون إي إحساس وطني تجاه من عاشوا بينهم في مدينة واحدة وقرية واحدة! وهذا التحرش ليس بغرض الإسراع بتفريغ المنطقة من كل ماهو غير كردي وتوطين أكراد قادمين من سوريا وإيران وتركيا في هذه المدن على حساب السكان الأصليين فحسب، وإنما هو جزء من مخطط مرسوم ومؤامرة أكبر تحاك ضد العراق والمنطقة، وتعود الأكراد بأن يكونوا جزءا من هذا المخطط / المؤامرة طالما أنه ضد رغبات العراقيين. فإذا كان طبخ المؤامرة يتم في مطابخ واشنطن ولندن وتل أبيب، فإن عامل التنفيذ هو، كالعادة، القيادات الحزبية الكردية التي تتقن هذا الفن أكثر من غيرها.
لقد أطلقت قوات التحالف يد الميليشيات الكردية المسلحة المسماة (البيشمركة) في كل مدن العراق، تجول وتصول، تنهب وتسرق ممتلكات دوائر الدولة، وكأن ما يجري في العراق من دمار ومعاناة لا يعنيهم بشيء، بل يتصرفون وكأنهم إحدى فصائل قوات التحالف وليس طيفا من طيوف الشعب العراقي! مستغلين بذلك غياب القانون والأمن، وانتشار الفوضى السياسية في العراق، بل مستفيدين من التغاضي الأمريكي المقصود عن تلك الممارسات غير الوطنية واللاأخلاقية للقيادات الكردوية في شمال العراق، ومحاولة هذه القيادات الاستفادة قدر المستطاع من حالة الفوضى في العراق لفرض الأمر الواقع على الأرض، وكأنه عادت بنا الأيام لنعيش فترة الأحداث التي سبقت تمرد الأكراد بقيادة المرحوم الملا مصطفى البرزاني في نهاية الخمسينات بعد إسقاط النظام الملكي، فبعد أن خاب أمل القيادات العشائرية الكردوية آنذاك في تحقيق ما كانوا يحلمون به، لجئوا إلى حمل السلاح بوجه السلطة الشرعية في بغداد سنة ۱٩٦۱ وافتعلوا حربا أهلية في العراق ـــ كان الشعب العراقي بشكل عام والأكراد بشكل خاص بغنى عنها ـــ مما اضطر الحكومة العراقية آنذاك إلى استخدام جيشها الوطني لوقف التمرد الكردي المسلح الذي قام به الملا مصطفى البرزاني في شمال العراق، واستمرت هذه الحرب الاستنزافية التي افتعلها البرزاني لأكثر من ستة عشر عاما متواصلا وما تلاها من عمليات تدمير وتخريب وتهجير قسري للسكان الآمنين في هذه المناطق من الكلدوآشوريين والتركمان والعرب واليزيديين. كان هدف مسلحي الملا مصطفى البرزاني خلال الستة عشر سنة من حربهم الاستنزافية تقويض تطور الأمة العراقية من جهة، وتفريغ المنطقة بشريا من سكانها الأصليين ليسهل عملية تكريدها فيما بعد من جهة أخرى. فما أشبه وضع الشمال العراقي اليوم بما كان عليه بالأمس.
ـــ ماذا يريد زعماء الأكراد؟
هذا السؤال مطروح على كل الشرفاء من أبناء الشعب الكردي: يا ترى ماذا يريد زعمائكم اليوم؟؟ هل يبحثون عن حرب أهلية أخرى تضاف إلى حروب أسلافهم السابقة، ويكون وقودها الشعب العراقي بعربه وكرده وأشورييه وتركمانه؟؟ أم كُتب عليهم بأن يكونوا معبرا للآخرين إلى قلب الأمة العراقية؟ ألا يكفي ما ناله العراق، وطنا وشعبا، من حروب ومآسي وتشرد كنتيجة حتمية للممارسات اللاوطنية التي انتهجها القادة والزعماء الذين تحكموا بمقدرات الشعب العراقي والأمة العراقية، ومن بينهم زعماء أحزابكم الكردوية؟؟ وهل سألتم زعمائكم ماذا يريدون من إثارتهم للنعرات القومية والإثنية في مدن الشمال وبالأخص في هذا الوضع المأساوي الذي يعيشه أبناء العراق اليوم؟؟ حيث كل العراقيين يسعون بكل الوسائل للتخلص من الوضع الشاذ الذي هم فيه الآن، وكلهم ينشدون الحرية والأمن، والماء، والكهرباء، والخبز، والدواء، والمدرسة. .
. باستثناء قادة أحزابكم، حيث لهم موال آخر وأهداف وغايات أخرى رُسمت لهم مسبقا. إنهم وبكل أسف، يستغلون هذا الوضع الشاذ الذي يعاني منه الشعب العراقي اليوم بكل طيوفه، تماما كما سبق واستغل قادة عشائركم هكذا أوضاع، وإنهم ــ للأسف كل الأسف ــ يعتبرون هذا الوضع الشاذ في العراق فرصتهم الملائمة، التي يجب أن لا تفوت، للانقضاض على ما تبقى من العراق، واقتطاع شماله العزيز، متجنين على وطنية الشعب الكردي وإخلاصه ومصالحه وأمنه ومستقبل أجياله، ليجعلوا منه رهينة طيعة بيد أعداء الأمة العراقية والشعب العراقي على حد سواء. وكأن المقابر الجماعية المزروعة في كل أنحاء العراق لا تكفي شعوبنا إنما يريدون المزيد.
ـــ قادة الأكراد حصان طروادة قيد الاستعمال
هذه حقيقة ملموسة يدركها الجميع، والنطق بالحقيقة لا يعني بالضرورة إساءة إلى الإخوة الأكراد، إنما هي مساهمة مشتركة لمعالجة مكامن الخلل في الجسد الوطني للأمة العراقية، حيث كل العراقيين بمختلف اتجاهاتهم، يسعون معا جاهدين إلى جعل الانتماء الوطني في الدرجة الأولى لأنه الرابط الوحيد الذي يجمع بين كل طيوف الأمة العراقية، كما ويسعون إلى نبذ كل أنواع التطرف القومي والديني والطائفي والعشائري والتي كانت سببا في كل المشاكل والأزمات التي حلت بالأمة العراقية قديما وحديثا.
يؤسفنا أن نقول بأن قادة الأكراد العراقيين اليوم ماهم إلا نسخة طبق الأصل عن القادة الأكراد السابقين والذين جعلوا من شعوبهم حصان طروادة قيد الاستعمال، يمتطيه أعداء العراق متى يشاؤون. فلا هؤلاء القادة يريدون أن يتميزوا عن أسلافهم ــ لأنهم خريجو نفس المدرسة العنصرية ــ ولا هم قادرون أن يطوروا أنفسهم بما يتلاءم والتطور الاجتماعي والسياسي والدولي في العالم.
ليست المرة الأولى التي يقوم الزعماء الكردويون فيها بدور العمالة للأجنبي ضد وطنهم وشعبهم، فالتاريخ مثقل بأدوار العمالة التي اقترفها زعماء العشائر الكردوية بحق شعوبهم وشعوب المنطقة. العمالة كانت دائما ديدنهم وثقافتهم ونهجهم، فليس من السهل عليهم التخلي عنها. هذا ما عبر عنه السيد أنور الماي، أحد الكتاب الأكراد في كتابه الموسوم بـ(الأكراد في بهدينان) في الصفحة ٧٤ حيث يصف الزعامات الكردية بقوله: { أعتقد كل الاعتقاد أن قادة الأكراد وزعماءهم السياسيين إذا أرادوا أن يوجهوا هذا الشعب إلى الخير والرفاهية والسعادة والتقدم، وأن يعملوا لما فيه مصلحته وصلاحه، لوفقوا إلى ذلك بسهولة، و لنجحوا نجاحا سريعا، غير إن هؤلاء الزعماء بخلاء على نفوذهم الذي لا يستقر لهم رغم بخلهم وأنانيتهم وخيانتهم. لذلك فهم لا يريدون الخير لهذا الشعب إذا تقدم فقد تتزعزع مكانتهم ويذهب مركزهم الاجتماعي }.
ـــ دور الأكراد في المنطقة
المتتبع لدور الأكراد في المنطقة منذ بداية غزوهم واستيطانهم لأعالي أرض الرافدين منذ القرن الثالث عشر الميلادي، سيرى أن معظم زعماء العشائر الكردوية قد لعبوا دورا ــ نستطيع أن نسميه ــ غير مشرف على الإطلاق في تحالفاتهم مع الغزاة بدءا من المغوليين والعثمانيين إلى الغربيين والأمريكان، ضد السكان الأصليين من جهة وضد رغبات شعوبهم الكردية من جهة أخرى. حيث لم يتورع هؤلاء الزعماء عن توريط الشعب الكردي بالقيام بجرائم القتل والنهب والسلب والتدمير والخطف ضد الشعوب المسالمة في المنطقة لمجرد رغبة دول استعمارية، وشعوب غازية، وإمبراطوريات مستبدة، لها مصالح في المنطقة.
فالزعامات الكردوية ليست وبالاً على الشعوب التي استوطنوا بين ظهرانيهم وفي أوطانهم فحسب، وإنما على الشعب الكردي أيضا. ¸حيث أن القيادات الكردوية الطائشة كانت دائما تجعل من الشعب الكردي كبش الفداء لمصالحها الذاتية والعشائرية، حتى جعلت منه شعبا تحت الطلب وجاهز للاستخدام والاستعمال من قبل الجهة التي تدفع أكثر، مادام ذلك يصب في مصلحة هذا الزعيم أو ذاك الحزب. وليس مهما من سيدفع الثمن، الشعب الكردي، أم الشعوب الأصيلة في المنطقة، إنما ما يهمها بالفعل هو مصالحها الذاتية والحزبية والعشائرية.
وقبل أن نطرح سؤالنا على الأكراد الذين أقاموا الدنيا ولم يقعدوها بادعاءاتهم بأنهم كانوا ضحايا العنصرية العربية وأنظمتها المختلفة لعقود من الزمن، وقُتل منهم بالآلاف نتيجة تلك السياسة العنصرية، قبل ذلك لا بد من التوضيح بأنه ليس الأكراد وحدهم كانوا ضحايا تلك الأنظمة العنصرية التي هي مرفوضة وطنيا ودوليا، وإنما دائرة الضحايا كانت أكبر. وتجاوزت كل الحدود والخصوصيات الإثنية في العراق لتشمل جميع الطيوف العراقية، بما فيها العرب أيضا. فنطرح على الأكراد هذا السؤال لعلهم يجيبون بصدق وأمانة : يا ترى من قتل وذبح وشرد من الشعب الكردي أكثر، الزعامات الكردية أم الأنظمة العربية الحاكمة ومن ضمنها نظام صدام حسين التكريتي كما تدعون؟
هذا ليس دفاعا عن الأنظمة العربية الدكتاتورية، ولا عن سياستها العنصرية التي طالت الجميع بدون استثناء، بقدر ما هو توضيح للحقائق التي يجهلها معظم الأكراد، أو يخشون التفوه بها من بطش رجال ما يسمى بـ (الأمن الكردي)، علما بأننا لا نجد فرقا يذكر بين دكتاتورية الأنظمة العربية ودكتاتورية الزعامات الكردية الحالية. فإذا كان نظام صدام حسين التكريتي مثلا قد قتل خمسة آلاف كردي في قرية حلبجة بالغازات السامة - حسب مزاعم القيادات الكردية – فإن القتال(الأخوي) بين أعداء الأمس وحلفاء اليوم ــ بين ميليشيات جلال الطلباني وميليشيات ومسعود البرزاني ــ قد فاق أضعاف ضحايا قرية حلبجة.
وحتى نوضح الصورة أكثر، ونعرف من قتل من الأكراد أكثر، سنورد غيض من فيض لبعض ما اقترفه الزعماء الكردويون عبر تاريخهم القصير لهم في المنطقة من ممارسات خاطئة ليس بحق الشعوب الأصيلة في المنطقة فحسب، وإنما بحق شعوبهم الكردية أيضا، وذلك من خلال تحالفات ومؤامرات بينهم وبين الأعداء، وكذلك لدورهم المشين في شن الحروب والمذابح والإبادة العرقية في المنطقة، لا لشيء إنما تنفيذا لرغبات الغزاة الطامعين بحضارتنا وتراثنا ووطننا، وحفاظا على مصالحهم ومراكزهم الشخصية كزعماء إلى الأبد للشعوب الكردية التي ابتليت بهم:
۱ـــ - تحالف الزعامات الكردوية مع الغزاة والمحتلين عبر التاريخ.
أن التاريخ دائما يعيد نفسه، وإن كان بصور مختلفة.
ـــ ففي سنة ۱۲٩٥ تحالف الأكراد مع المغول واشتركوا معهم في المذابح الجماعية ضد السكان الأصليين في المنطقة والتي كانت البداية في تغيير الخارطة الإثنية للمنطقة، بل وكانت بداية الاستيطان الكردي في المنطقة.
ـــــ وفي الحرب العثمانية الإيرانية سخر زعماء العشائر الكردية شعوبهم في خدمة السلاطين العثمانيين، ذووا المذهب السني لمحاربة الصفويين الإيرانيين ذووا المذهب الشيعي، فكان صراع وحرب بين إيران وتركيا ذي طابع طائفي (سني- شيعي) على أرض العراق، أداتها قادة العشائر الكردية، أما الوقود والضحية فكان بالدرجة الأولى الشعب الكردي المخدوع والمنقاد وراء افتراءات زعمائهم وقياداتهم المتهورة، بالإضافة إلى ما سببته هذه الحرب من دمار وتخريب بحق الوطن، وتشريد السكان الآمنين من بيوتهم وقراهم.
ـــــ وفي سنة ۱٨٤۳ استخدم العثمانيون الأتراك عشائر الأكراد بقيادة السفاح الكردي بدرخان بك في إبادة الآشوريين في منطقة حيكاري وجبال طور عبدين في جنوب شرق تركيا، وما إن أكمل دوره الإجرامي في قتل الأبرياء أبناء الوطن الواحد، حتى سارع أسياده الأتراك بالانقضاض على ما تبقى من عصاباته وبأقل الضحايا، وإلقاء القبض عليه ونفيه إلى خارج البلاد كمجرم وقاتل سفاح.
والمضحك المبكي هو إن هذا الخائن والمجرم السفاح يعتبر في نظر البرزاني والطلباني
(الزعماء الكردويين الحاليين) رمزا وبطلا قوميا ويدرس تاريخه الأسود في مدارس شمال الوطن كبطل تحرير قومي وليس كمجرم وقاتل سفاح! و هذه عينة من الثقافة الخاطئة، اللاوطنية التي ينتهجها القادة الكردويون ويثقفون تلامذتهم وأطفالهم بثقافة منحرفة بعيدة عن القيم الإنسانية والوطنية وبعيدة عن الحقيقة والمنطق وليكونوا بالأخير هم أول ضحاياها، وأول من يدفع الثمن لتلك السياسة غير الوطنية.
ـــــ وفي الحرب العالمية الأولى شكل العثمانيون الأتراك جيشا من الأكراد أطلقوا عليه اسم الفرسان الحميدية وأنيطت بهذا الجيش مهمة متابعة عملية الإبادة العرقية ضد الأرمن والآشوريين غير المسلمين في منطقة جنوب شرق تركيا التي كانت حتى نهاية الحرب العالمية الأولى جزءا من شمال العراق. فأين كانت وطنية الأكراد آنذاك يا ترى؟؟
۲ـ ضحايا تمرد الزعيم الكردي الملا مصطفى البرزاني
أما ضحايا هذا التمرد فلا تحصى ولا تعد. لقد جعل الملا مصطفى البرزاني من الشعب الكردي أداة تخريبية في يد شاه إيران لضرب مصالح الشعب العراقي والأمة العراقية ومنعها من التفرغ للنهضة الاقتصادية والعلمية في البلاد. فاستطاعت إيران أن تشن حربا طويلة غير معلنة على الشعب العراقي والأمة العراقية عبر عصابات القتل والنهب بزعامة الملا مصطفى البرزاني، الذي تستر بشعار ما يسمى (الدفاع عن حق الشعب الكردي في تقرير مصيره). وأي مصير يتقرر للأكراد عندما تستنزف موارد وخيرات وطنهم العراق ويتزعزع أمنه وتشل إمكانياته التي كان من الممكن أن يستخدمها مستقبلا في تطوير البلاد وبناء المدارس والجامعات وإنشاء المعامل والمصانع التي قد يستفيد منها الشعب العراقي بكل طيوفه بما فيهم الأكراد أنفسهم؟ إلا إن السافاك الإيراني قد أوهم الزعماء الكردويون ــ آنذاك ـــ بان قيام دولة قومية كردية عنصرية في العراق أمر بات قاب قوسين، وإنه مرهون بشل كل قدرات العراق الاقتصادية واستنزاف موارده وتدمير بنيته التحتية حتى يرضخ العراق وشعبه للأمر الواقع. فاستمرت رحى هذه الحرب دائرة لأكثر من ستة عشرة سنة متتالية. تحرق الأخضر واليابس بين مسلحي وميليشيات البرزاني المدعومين من إيران وإسرائيل في آن واحد، وبين الجيش العراقي. وقد ذهب ضحية حرب البرزاني وعصاباته عشرات الآلاف من الشعب العراقي بعربه وتركمانه وأشورييه وأكراده. وتم تدمير مئات القرى وعشرات المدن في الشمال وتشريد مئات الآلاف من السكان في تلك المدن، نتيجة السياسة اللاعقلانية التي دأب قادة الأكراد على ممارستها كلما سنحت لهم الفرصة ضد وطنهم وشعبهم دون أي إحساس وطني إنساني على الإطلاق. فيا ترى أين كانت الغيرة الوطنية والقومية الكردية آنذاك؟
۳ـــ اتفاقية الجزائر ۱٩٧٥
ما إن بدأت لعبة المصالح بين نظامي طهران وبغداد تتخذ منحا آخر دون حاجة شاه إيران إلى استخدام عامل الضغط الكردي في المعادلة الجديدة، حتى سارع شاه إيران إلى عقد اتفاق مع قادة العراق في الجزائر سنة ۱٩٧٤ سميت بـ (اتفاقية الجزائر) والتي قضت على العصيان الكردي في شمال العراق عندما توقف الدعم الإيراني لهم. وكانت النتيجة أن خرج الزعيم الكردي الملا مصطفى البرزاني من هذه المراهنة مرة أخرى خاوي اليدين، إلا من فضائح التعامل مع أعداء الوطن، ومئات الألوف من الأرامل واليتامى والمشردين والقتلى من العراقيين عربا وكردا وتركمانا وكلدوأشوريين. فأين هي الوطنية في قاموس الزعامات الكردية؟ ومن قتل من الأكراد أكثر؟
فلا دولة كردية قامت كما وشوش له السافاك الإيراني والموساد الإسرائيلي، ولا من يحزنون.
٤ ــ- الحرب الإيرانية العراقية
في هذه الحرب القذرة العراقية الإيرانية والتي رفضها كل عراقي مخلص شريف، وفرضت على البلدين والشعبين الجارين بأوامر من أعدائهم مباشرة، نرى إن حليمة قد عادت لعادتها القديمة، فانحاز القادة الكردويون العراقيون إلى الطرف الإيراني ضد وطنهم العراق، وكانوا يغضون النظر عن التسلسل الإيراني إلى شمال العراق، بل وكانوا يتعاطفون معهم أكثر من تعاطفهم مع العراقيين، ليدخلوا إلى المدن والقصبات العراقية ويحتلوها كلما سنحت لهم الفرصة، على أمل الاستفادة من ضعف العراق بعد الحرب ليتسنى لهم تحقيق أحلامهم العنصرية باقتطاع شمال العراق وإقامة كانتونهم العنصري عليه. وكأنهم لم يتعلموا من دروس شاه إيران!
بعكس العراقيين الشيعة في الجنوب الذين أثبتوا وطنيتهم - آنذاك – أكثر من غيرهم، حيث قاتلوا الإيرانيين بكل بسالة وصدوا هجماتهم في القصبات والمدن الجنوبية، رغم حقدهم الشديد على نظام صدام وعلى حربه ضد الجارة إيران الشيعية لم يتغلب الانتماء الطائفي والديني على الانتماء الوطني لشيعة العراق إطلاقا. وإن موقفهم هذا يعتبر مفخرة سجلها التاريخ بأحرف من نور، ليس لشيعة العراق فحسب، وإنما لكل العراقيين الشرفاء.
ففي هذه الحرب أيضا أثبت القادة الكردويون مرة أخرى عدم إخلاصهم لوطنهم العراق ولا لشعبهم الكردي عندما وضعوا أيديهم في أيدي أعداء العراق. وما كارثة قرية حلبجة، التي سبق وأن تم ذكر مأساتها، إلا إحدى نتائج هذا التعامل، والأكراد أبناء حلبجة أدرى بذلك من غيرهم.
فيا ترى أين هو الإخلاص الوطني عندما نسمح للآخرين باستباحة وطننا وتدمير قرانا ومدننا وتقتيل أبناءنا؟؟
٥ ــ انتفاضة ۱٩٩۱
في عام ۱٩٩۱ عندما قام الشعب العراقي بانتفاضته المشهورة ضد نظام صدام في بغداد كان هدف الشعب العراقي من الانتفاضة بالدرجة الأولى هو تخليص العراق من نظام صدام الدكتاتوري وإقامة نظام تعددي ديمقراطي، يضمن حقوق جميع أطياف الشعب العراقي بالتساوي دون تمييز عرقي أو ديني أو طائفي، وليس سرا إن قلنا بأن القادة الكردويين كان هدفهم غير ذلك، بل كانوا يأملون من هذه الانتفاضة تفريغ شمال العراق من كل ماهو غير كردي وبالأخص من الكلدوآشوريين أصحاب الأرض، ومن التركمان والعرب، وتكريد مدنه وقراه وقصباته. ولتحقيق ذلك، قاموا بحرق وتدمير ونهب كل المنشآت المدنية والمباني الحكومية في المدن العراقية التي دخلوا فيها عن قصد وإصرار، وطردوا كل الموظفين العرب والتركمان والآشوريين، ونكلوا فيهم، وحرقوا محتويات الدوائر الرسمية للدولة، بحجة منع أي احتمال لعودة العناصر الأمنية والموظفين البعثيين إلى هذه الدوائر مستقبلا، وفرض الأمر الواقع تحت حماية ومرأى دول الحلفاء الذين عرفوا كيف يستخدمون الورقة الكردية لصالحهم ضد العراق. فما أن انتهت ميليشيات الأكراد من مهمة تخريب منشآت الدولة ومؤسساتها حتى أوعز الحلفاء لجيش صدام ليفتك بهم ويقتل منهم بالآلاف أمام أنظار ومرأى قوات الحلفاء أيضا والتي لم تتدخل لحمايتهم كما سبق وأن وعدت الأكراد قبل الانتفاضة. وكان ثمرة تعامل زعماء الأكراد مع أعداء الوطن قتل الآلاف وتشريد الملايين، وليس هذا فحسب، إنما اغتنمت قوات الحلفاء هذه الفرصة لإقامة قاعدة تجسسية لهم في شمال العراق تحت غطاء ما يسمى بــ (حزام المنطقة الآمنة للأكراد) في شمال العراق، وإن الأكراد في هذه المنطقة ــ يعلموا قبل غيرهم ــ بأن هذا الحزام لم يكن لسواد عيون الشعب الكردي الذي لازال يدفع ثمنا باهظا للسياسات التهورية التي يتبعها قادته، وإنما الغاية من هذا الحزام هي جعل شمال العراق بأكمله محطة تجارب واختبارات لكل الأجهزة المخابراتية والتجسسية والعسكرية في العالم على حساب الشعب العراقي وأمنه وسيادته بما فيهم الأكراد. فأين كانت غيرتهم على شعبهم الكردي؟؟ بل وأين كانت النخوة الوطنية لدى الزعماء الأكراد عندما جعلوا من شمال وطنهم وكرا لكل أعداء العراق
ففي هذه المنطقة المحمية حصل الأكراد على شبه استقلال وإدارة ذاتية تحت حماية قوات الحلفاء، وأداروا شؤونهم بأنفسهم، بعيدا عن الممارسات العنصرية للسلطة المركزية في بغداد. إلا أن أحزاب الأكراد وقياداتهم بعد ما استتب لهم الأمر في شمال العراق، بدؤوا يمارسون سياسة التفرقة العنصرية، و يعتدون ويظلمون و يهجرون و يهددون و يغتالون و يرهبون كل ما هو غير كردي في شمال العراق بشكل أسوأ وأقسى مما كان يمارسه نظام بغداد بحق الأكراد. لقد سطوا على أملاك وقرى الكلدوآشوريين، سكان البلاد الأصليين، في الشمال ليصبح أكثر من ثلاثة أرباعهم مهجرون من وطنهم نتيجة تلك الممارسات العنصرية واللاإنسانية التي تمارسها السلطات الكردية في شمال الوطن. لقد مارسوا السياسة العنصرية ليس ضد العرب، و التركمان، واليزيديين، والكلدوآشوريين فحسب، وإنما مارسوها حتى ضد الأكراد أنفسهم الذين يرفضون الانصياع لأوامرهم وسياستهم العنصرية. بل إنهم تفوقوا على نظام صدام في تعاملهم اللا أخلاقي ضد غير الأكراد في شمال الوطن. وهناك مئات التقارير من المنظمات المهتمة بحقوق الإنسان التي تفضح تلك الممارسات، وتندد بالجرائم التي يقترفها الأكراد ضد الشعوب غير الكردية في شمال الوطن. وكم من الناس حتى من الأكراد أنفسهم المبتلين بتلك الزعامات ترحموا على أيام نظام صدام مقارنة بما يعانونه اليوم من ظلم واضطهاد وتمييز يقوم به الكردويون في جميع قرى ومدن شمال العراق
٦ ـ الأخوة الأعداء
إن الحرب الطاحنة التي دارت بين حزبي (الطلباني – البرزاني) والتي أودت بحياة العشرات الآلاف من الأكراد لم تكن لأجل محاربة نظام صدام إطلاقا، ولا كانت لمواجهة الجيش التركي الذي دخل شمال العراق بجيوش جرارة بحجة ملاحقة مقاتلي حزب العمال الكردي، ولم تكن تلك الحرب لمنع التسلل الإيراني إلى شمال العراق ومنعه من تأسيس خلايا إسلامية مسلحة مواليه له من الكرد أنفسهم ليجندهم ويستخدمهم متى يشاء لزعزعة الاستقرار في العراق. ولا أيضا كانت للدفاع عن تراب العراق ووحدته. . . بل كانت حربا لأجل السيطرة على موارد المعابر الحدودية ومدخول الجمارك بعد غياب القانون والسلطة المركزية في بغداد، تماما كما يفعل قادة العصابات في أفلام هوليود يتفقون معا ويتحالفون في مقاتلة الضحية، وما إن يفوزوا بالغنيمة حتى تراهم قد أعماهم الجشع والطمع والأنانية، فيفسخوا كل العقود والاتفاقيات، و يحتكموا إلى القتال فيما بينهم للإنفراد بالغنيمة كلها. فيخسروا أنفسهم والغنيمة معا.
هذا ما جرى في هذه الحرب الأخوية والتي يسميها العراقيون بــ (حرب أم الجمارك) على غرار(حرب أم المعارك)، حيث كشفت هذه الحرب ورقة التوت الأخيرة التي كانت تغطي عورتي البرزاني والطلبان، وعرف الأكراد قبل بقية العراقيين أصل معدنهم ونهجهم اللاوطني واللاأخلاقي تجاه شعوبهم ووطنهم بالدرجة الأولى.
فبعد أن تيقن مسعود البرزاني من عدم إمكانية إحراز نصر عسكري حاسم على غريمه وابن قومه ورفيق نضاله القومي، وحليف الأمس، جلال الطلباني، بعد أن تيقن من ذلك، ما كان منه إلا أن يؤكد مدى تمسكه بالنهج المصلحي الذي اتبعه أسلافه في التعامل مع العدو حتى ضد أبناء جلدته وقومه، فاستنجد بعدو الأمس صدام حسين وعقد صفقة معه يسمح من خلالها بتدخل الجيش العراقي إلى جانبه ضد غريمه الطلباني، على أن يقوم البرزاني بتسليم رؤؤس المعارضين العراقيين الشرفاء المتواجدين في أربيل إلى النظام العراقي ليصفيهم دفعة واحدة.
وليس هناك أية غرابة في ذلك!! فكل المعارضين الذين ائتمنوا البرزاني هم من العراقيين، والتضحية بالعراقيين في قاموس قادة الأكراد مُباح، بل إنه يعتبر بطولة وفخر، ليس التضحية بالعرب والآشوريين والتركمان واليزيديين فحسب، وإنما حتى بالأكراد الوطنيين الذين ليسوا من عشيرته ولا من منتسبي حزبه، تماما على نهج والده المرحوم الملا مصطفى البرزاني الذي برر لنفسه التعامل حتى مع الشيطان لأجل خدمة مصالحه الآنية هذا ما عبر به عندما سأله أحد الصحفيين عن مدى صحة الأنباء حول تعامله مع إسرائيل إبان العصيان الذي قام به ضد العراق.
أما غريمه السيد الطلباني فإن القُبلة (المُذلة) الشهيرة التي طبعها على كتف صدام حفرت صورتها في مخيلة أرامل وأبناء الشهداء الكرد قبل أرامل وأبناء شهداء العرب والكلدوآشوريين والتركمان، يتذكرونها كلما وقفوا حدادا على أرواح شهداء حلبجة.
فكيف إذا يمكننا أن نثق بزعيم يعانق ويقبل كتف من قتل خمسة آلاف كردي في قرية حلبجة؟ كيف نثق بزعيم يطالب بحكومة فدرالية في العراق، وكان حتى سقوط صدام حليفا له؟ كيف نثق بزعيم يستنجد ــ بمن كان يفترض بأنه عدوه ـــ ضد أخيه لأجل سرقة حفنة دينارات أو دولارات من مدخول الجمارك؟ كيف نأمن ونطمئن لمن يبيع شعبه ووطنه من أجل منصبه؟ ونعود ونسأل مرة أخرى إخوتنا الأكراد: يا ترى من قتل من الأكراد أكثر: (صدام حسين) الذي رفضه جميع العراقيين، أم الطلباني والبرزاني، الذي قبله الأول، وتحالف معه الثاني؟؟
٧ـ الحرب بين الطرزاني وحزب العمال الكردي
مرة أخرى كتب على الأكراد أن يدفعوا ثمنا باهظا للسياسة الملتوية التي ينتهجها زعمائهم الكردويين في المنطقة وذلك من خلال الحرب الأخوية الثانية بين الطلباني والبرزاني من جهة، وبين حزب العمال الكردي التركي من جهة ثانية. وكنتيجة حتمية للنهج اللاوطني الذي يتبعه هؤلاء القادة، ودون أي تقدير لمصالح شعوبهم ووطنهم، فيكون الضحية أيضا هو الشعب الكردي. ففي هذه الحرب التي شنها الثنائي (الطلباني – البرزاني) ضد أشقائهم أكراد تركيا تحت ذريعة محاربة أعضاء حزب العمال الكردي، فقد سقط آلاف القتلى من الجانبين، فلمصلحة من يا ترى قام هذا الثنائي الطرزاني بهذه الحرب التي لا تصب إلا في مصلحة تركيا لتخلص من كلاهما؟؟
فما هو جواب البرزاني الطلباني يا ترى لآلاف اليتامى والأرامل من الأكراد الذين فقدوا آباءهم وأزواجهم وأبنائهم وقراهم في تلك الحرب غير المبررة والمسماة بالحرب الكردية الكردية؟
لقد تنكر الطلباني والبرزاني لجميل أكراد تركيا، هؤلاء الذين فتحوا بيوتهم وقلوبهم لهم وسارعوا لنجدة وإغاثة وإطعام أكثر من مليوني كردي فروا نحو الحدود التركية هربا من بطش قوات النظام العراقي التي كانت تطاردهم في جبال ووديان شمال العراق كنتيجة للسياسة غير الوطنية للزعامة الكردية. مرة أخرى نسأل الأكراد ونقول: يا ترى من قتل من الأكراد أكثر؟
٨ ــ بيض الأكراد كان دائما في السلة الخاسرة.
لقد تعود الزعماء الأكراد بأن يضعوا كل بيضهم دائما في سلة واحدة ولسوء حظ الأكراد تكون هذه السلة هي الخاسرة دائما. فقبل وخلال الحرب العالمية الأولى، وضع قادة الأكراد كل بيضهم في سلة العثمانيين الأتراك فخسروا البيض للسلاطين العثمانيين ولم يجنِ الأكراد سوى قشور ذلك البيض فقط. وفي سنة ۱٩٦۱ عادوا ووضعوا بيضهم في سلة شاه إيران الذي طمأنهم بأنها السلة الأكثر أمانا، لما كان الشاه يتمتع بقوة عسكرية وتأييد أمريكي بدون حدود، فصدقوا القادة الأكراد كلام الشاه المعسول، ووثقوا به للتقارب الإثني بين الإيرانيين والأكراد ذوو الأصول العرقية المشتركة. وكان أملهم كبيرا بأن يفقس البيض يوما ما عن دولتهم العنصرية في شمال العراق الحبيب. إلا إن شاه إيران بعد أكثر من ستة عشر عاما من اللعب بورقة الأكراد ضد العراق، باع البيض والسلة معا لصدام حسين في سنة ۱٩٧٥ في اتفاقية الجزائر، وحصل في المقابل على شط العرب العراقي. فخسر الأكراد بيضهم وسلتهم وشطهم أيضا. وفي سنة ۱٩٩۱ وضعوا بيضهم في سلة مزركشة بالديمقراطية، وعبارات حق تقرير المصير قدمتها لهم هذه المرة قوات الحلفاء الغربيين. لكن الحلفاء لم يأكلوا البيض فحسب، وإنما دخلوا البيت وأكلوا ما طاب لهم، بل وباتوا فيه ليلتهم حتى الفجر. فخسر الأكراد البيض والبيت معا. وفي سنة ۲۰۰۳ راهنوا على قوات التحالف ليس ببيضهم وبيوتهم فحسب، وإنما راهنوا بوطنهم وحريتهم ومستقبل شعبهم أيضا. لكن حتى لو لم تعلن النتائج النهائية لهذا الرهان، إلا إن كل الدلائل تشير إلى أن هذه المراهنة لن تكون أفضل من سابقاتها، بل ستكون أسوأها إطلاقا، وأكثرها ضررا على الشعب الكردي بشكل خاص والأمة العراقية بشكل عام، مادامت هذه المراهنة تتم على حساب والوطن والشعب والأمة العراقية. ويقينا لن يكون فيها الخاسر الأكبر سوى المراهن نفسه. فإلى متى لا نتعلم من دروس التاريخ ونجنب شعوبنا مآسي الحروب وويلاتها؟
ألعب زايد و أُخذ زايد
حسن تيسينلي
عندما أتمعن في الوضع العراقي تتجسم في ذهني صور الشخصيات الشاذة و الجرثومية في المجتمع التي تنخر دعاءمه و تقوضها. تقودني الذاكرة الى أيام العيد التي بالأضافة الى كونها أسعد أيام السنة بالنسبة للأطفال و الأحداث فأنها لم تكن تخلي من المشاهد الشاذة. هذه المشاهد الشاذة أيام العيد كانت تتمثل في الزيادة النسبية في أعداد (القمرجية) الذين كانوا ينصبون ألعابهم في زوايا الشوارع و ساحات اللعب المزدحمة بالأطفال و الأحداث. العيد بالنسية للأطفال كان يعني أمتلاء الجيوب بالعيدية التي كان الكبار يجودون بها لأحباءهم. أيام العيد كان الأطفال أغنى أغنياء العالم و هؤلاء الشواذ مديري ألعاب القمار و النصب و الأحتيال كانوا يعلمون بذلك جيدا و لهذا كانت تكثر أعدادهم و تسيل لعابهم لجيوب
الأطفال. كانوا، و لأجل استدراج الأطفال الأبرياء ألى ألعابهم القذرة، يروجون لألعابهم صائحين: " ألعب زايد و أُخذ زايد". و الحقيقة أنه كلما كان بعض الصغار يلعبون أكثرا كان هؤلاء الجراثيم يملؤون جيوبهم أكثر و يحولون عيد البعض من الصغار الى أتعس حال.
تحضرني تلك المشاهد و أنا أتابع الشؤون في العراق الذي تحول الى ساحة لأولئك الشواذ حيث ينصبون ألعابهم و يلعبون بها على الشعب العراقي. نعم فالوضع العراقي يشبه تلك الصور بالضبط. مقامرون و أصحاب مصالح و أمراء حرب يديرون العراق على أساس ألعاب القمار تلك " ألعب زايد و أُخذ زايد". هؤولاء المقامرون تعرفونهم جيدا. و هنا أخص بذكر المقامر المتميز الأول و أمير الحرب و أستاذ الأنتهازية المعروف الذي و بتهوره و بلامسؤوليته وقّع صكاً على بياض للأمريكيين عندما كان يرأس مجلس موظفي بريمر. فحسب جريدة الحياة
(۱٥-۲-۲۰۰٤) فأن أمير الحرب هذا قد سير تظاهرة في أمارة السليمانية للمطالبة " بضم كركوك والموصل و ديالى و خانقين الى حكومة [أقليم كردستان] بأعتبارها مدنا كردية". ربما سأم الكثيرون من سماع مثل هذه الأخبار و أنا من ضمنهم. لكن لا. مثل هذه الأفعال و الألعاب على الرغم من قرفنا منها لازالت فعالة للكثيرين و خصوصا للذين يلعبون على قاعدة "ألعب زايد و أُخذ زايد". فأذا أردت تحقيق هدفك الجهنمي فما عليك ألاّ المطالبة بأكثر مما تستحق و زيادة كي تخرج من اللعبة بغنائم أكثر و أكثر.
لم تنادي التظاهرة التي سيرها الطلباني في أمارته السليمانية بضم مدن عراقية أضافية الى الدولة الموعودة فقط بل نادى المتظاهرون أيضا بأستقلال منطقتهم (من ضمنها الموصل و كركوك و ديالى)" أسوة بشعوب العالم الأخرى ". هذا أيضا أستنادا على قاعدة "ألعب زايد و أُخذ زايد" و كأن لسان حالهم يقول: " أيها العراقيون هل تكثرون علينا مطالبتنا بكركوك؟ أن لنا حقوقا ليس فقط في كركوك بل في الموصل و ديالى أيضا. و هل تكثرون علينا مطالبتنا بالفدرالية بكل هذه المدن؟ أن لنا حقا ليس فقط في الفدرالية بل في حق تقرير المصير و أنشاء دولة أيضا و الذي لا يعجبه يشرب. . . " والحق، أذا كانت هذه هي نية الأكراد و لا يريدون البقاء في العراق فلهم ما أرادوا و لكن. . . لكن عليهم أن لا ينسوا بأن هناك قوميات أخرى ستطالب بما تطالب به الأكراد و في مدنهم. و على الطلباني أن يعلم جيدا بأن المطالبة و الأستحواذ على مدن عراقية مثل الموصل و كركوك و ديالى مستفيدا من الظروف لن تجديه نفعا و أن هذه المدن ستبقى عراقية و أن أهلها سيحمونها مع أخوانهم الشرفاء و الوطنيين العراقيين. هذا أولاً، و ثانيا، فكما يطالب الطلباني و أمثاله بالأستحواذ على أراضي الآخرين فعليه أن يعلم جيدا بأن الأمارات التي يحكمونها حاليا و أقصد بها السليمانية و أربيل و دهوك هي ليست أراضي كردية خالصة. فأربيل و الى عهد قريب كان مجموع التركمان و الآشوريين فيها يفوق عدد الأكراد. كذلك دهوك المعروفة بطابعها الآشوري. على الطلباني و غيره أن لا ينسوا حقوق هؤولاء في أربيل و دهوك. أخيرا أقول: ألعبوا غير هذه الألعاب.
ندوة المركز التركماني الكندي في تورنتو حول مستقبل التركمان في العراق
المكتب الاعلامي
للمركز التركماني الكندي في كندا
يعتبر المركز التركماني الكندي في كندا من المراكز التركمانية المهمة والتي تخدم القضية التركمانية والجالية التركمانية في كندا. وقد شاركت الهيئة السياسية للمركز في جميع الاجتماعات داخل وخارج كندا واستضافت العديد من الشخصيات العراقية في مدينة تورنتو.
لقد استضاف المركز التركماني الكندي في تورنتو السيد عاصف سرت توركمان ممثل الجبهة التركمانية في بريطانيا في ندوة حول مستقبل التركمان في العراق وذلك في قاعة (درفت وود) في بلدية تورنتو حيث شارك في الندوة ممثلوا المراكز والجمعيات التركمانية في كندا مع بعض الشخصيات العراقية وجمهور غفير من أبناء الجالية التركمانية في كندا.
نوقشت في الندوة رؤية التركمان لمشروع الفيدرالية المقترحة في العراق وأسباب رفضهم لهذا المشروع انطلاقا من مبداء المحافظة على وحدة العراق أرضا وشعبا ومطالبة التركمان بكافة حقوقهم المشروعة. كما تناولت في الندوة اسباب تحجيب التركمان من مجلس الحكم الانتقالي ووجوب ذكر التركمان كعنصر اساسي ثالث في الدستور العراقي القادم.
اختتمت الندوة بقراءة الفاتحة على ارواح شهداء التركمان والعراقيين جميعا الذين استشهدوا قبل وبعد الاطاحة بالنظام العراقي البائد ودعوة جميع الاطياف العراقية الى العمل جميعا من اجل وحدة العراق أرضا وشعبا.
الاكراد يفتشون حقائب التركمان فقط في ابراهيم الخليل
المنظمة الدولية للدفاع عن حقوق التركمان
أن الاعمال اللاانسانية التي ترتكب كل يوم في المناطق التركمانية (توركمان أيلي) من قبل الحزبين الشوفينيين الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة جلال الطالباني ومسعود البارزاني من النهب والسلب والاعتداء على التركمان والعرب في زيادة مستمرة. فبعد الاعتداءات التي ظهرت بصورة واضحة أمام المجتمع ال عراقي والدولي حول عمليات القتل في طوز خورماتوا وكركوك في شهري آب و ۳۱ كانون الاول ۲۰۰۳م تطاولت أيادي هذين الحزبين هذه المرة لتفتش حقائب التركمان وأمتعتهم وحجز الكتب والوثائق وأشرطة الفيديوا والافلام من الذين يتوافدون الى وطنهم العراق.
ان تطبيق مثل هذه العمليات بحق المواطنين التركمان لدليل واضح على عجرفة ومدى قساوة الحزبين محاولة منهم لمنع التركمان من العودة الى وطنهم العراق والى المناطق التركمانية خوفا منهم لاظهار الاعداد الحقيقية للتركمان والذين يمثلون الشريحة الاساسية الثالثة في العراق.
ان مثل هذه الاعمال الاجرامية سوف لن يمنع التركمان الذين يتوافدون على شكل القوافل للمساهمة في استقرار واعمار العراق. ولقد بات للجميع حقيقة صورة هذين الحزبين عندما منعوا العوائل العربية من الدخول الى شمال العراق والاعتداء على البعض منهم تأكيدا منهم على نواياهم الحقيقية بالانفصال من العراق وتجزئة الوطن.
وهل أن شمال العراق هو خاص بالاكراد فقط أم أن العراق من شماله الى جنوبه وطن للجميع.
وتستنكر المنظمة الدولية للدفاع عن حقوق التركمان هذه الاعمال اللاانسانية والتي ستؤدي الى رد فعل شديد وتوسع الفجوة بين التركمان والعرب والاكراد في العراق.
المنظمة الدولية للدفاع عن حقوق التركمان
كركوك العراقية ذات الخصوصية التركمانية
في الثاني عشر من شباط ۲۰۰٤م
السليمانية درة المدن العراقية
د. علي ثويني
تعقيبا على البيان الذي اصدرة الأخوة الكرام في المجلس الشيعي التركماني (الاشكال الشرعي في استخدام مصطلح "كردستان" بدل شمال العراق) والذي ورد فيه هامشا مايلي: (مدينة السليمانية سميت كذلك نسبة الى السلطان العثماني سليمان الذي اسسها لتكون مسكنا لأحد فصائل جيشه، والتي كانت تتكون من الاكراد. . . والله اعلم). ومن أجل إضافة بعض المعلومات أو تسديد بعض ما ورد، ومن أجل إثراء النقاش في تاريخ وأحوال مدينة السليمانية التي أسميها شخصيا (درة تاج العراق)، والتي تحتاج الكثير من العناية والإهتمام والبحث في تراثها وتاريخها ومعالمها العمارية. وللسليمانية منزلة إستثنائية في نفوسنا جميعا، وذلك يكتنف في حيثياته أمل و منظورا للتحاب والتواصل والإنفتاح بين اطياف الشعب العراقي الجميلة، فالسليمانية مصيف العراقيين وعاصمة شمالهم الحبيب. وأذ أقتبس هنا بعض الفقرات التي سبق أن نشرتها قبل خمسة أعوام في (الزمان) وقرأتها في المذياع (صوت تموز) عن تلك المدينة العراقية:
مدينة السليمانية
من أمهات مدن شمال العراق وأقليم كردستان العراقي وأجملها وأكثرها انفتاحا إجتماعياً. وتعود قلعتها ومحيطها الى حقب سابقة ونجد في محيطها آثار قديمة منها آثار مايطلق عليها (قلعة بازيان) وهي في تحليلنا الأولي العماري لها تبدوا وكأنها دير وتحتضن في كنفها كنيسة تحاكي كنيسة المدائن التي تعتبر من أوائل ما شيد في العراق بما يجب ان نسميه (العماره المسيحية العراقية) (تجدوه في الشكل). ولكن مدينة السليمانية تحديدا تعود بواكير تمصيرها الى الأمارة البابانية في شمالي العراق في القرن الثامن عشر للميلاد.
لقد كانت قد عمت في حينها حمى إنشاء الإمارات في إطار الدولة العثمانية "العلية"، فكان الدايات في الجزائر و البايات في تونس والقرمنيلية في طرابلس وليبيا والمماليك في مصر والشهابيه في لبنان والكرجية المماليك في العراق إبتداءا من سليمان ابو ليلى عام۱٧٥۰، حتى داود باشا عام ۱٨۳۱. ونشأت الإمارة البابانية في طرف العراق الشمالي الشرقي و أتخذت (قلعة جوالان) مركزاً لها. وفي سنة ۱٧٧٨ م تقلد شؤونها محمود باشا بابان واعتزم توطيد نفوذه وتقوية مركزه فأنشا قلعة حصينة في قرية (ملكندي) عام ۱٧٨۱ م والتي هي اليوم اسم إحدى المحلات المعروفة في مدينة السليمانية.
وتقع "السليمانية" وسط سلسلة من الجبال متصل بعضها ببعض فتجعلها كالفردوس الزاخر بمناظرها الطبيعية فإذا جاء الربيع كساها حلة من العشب الأخضر، و إذا كان الشتاء البسها من الثلج ناصعة فتبدو تحت وهج الشمس كملائكة تسبح بحمده. أما في الصيف فالهواء معتدل، والمياه عذبة تجري دافقة من الجبال والعيون فتمر في اكثر البيوت. وتهب فيها تيارات هواء شرقية في أوقات مختلفة يسمونها "ره شبا" اي " الهواء الاسود" فتعطل الحركة احيانا فيها.
وكانت القلعة أول عمارة رسمية تشاد هناك، فلما آلت الامارة الى ابراهيم باشا ابن احمد باشا بابان بعد عامين، طمح الى تعزيز شؤون ملكه والسير على منهج سلفه، لانه عاش في بغداد مدة طويلة وتذوق خلالها طعم المدنية و"تبغدد"، فانشأ حول القلعة المذكورة عام ۱٧٨٤ م دورا عديدة، وحوانيت، ومسجدا جامعا، وحماما، ثم نقل اليها مركز الحكم من (قلعة جوالان) فتحول اليها جموع من طبقات الشعب المختلفة، وكتب الى صديقه سليمان باشا الكبير الوالي المملوكي الشيشاني المعروف، والي بغداد يومئذ، يخبره بذلك، وانه سمى هذه المدينة الجديدة بـ (السليمانية) تيمنا باسمه – على رواية دائرة المعارف الإسلامية – وعلى اسم جده سليمان باشا – على رواية بعض المؤرخين –.
فلم تزل تلك الحاضرة في تقدم وتوسع حتى غدت مدينة كبيرة، ولكنها عادت بعد سنوات فانحطت بسبب الثورات والحروب الخارجية والداخلية التي توالت عليها، ولم تجد فرصة للتجدد والنهوض من كبوتها إلا بعد أن آل أمرها الى الحكومة العراقية سنة ۱٩۲٤ م فأنطلقت وتوسعت وأخذت قيمتها الحقيقية. حيث فتحت فيها الشوارع الفسيحة، و أقيمت العمارات وشيدت الانزال والقيساربات والمخازن والحدائق العامة، والمباني الرسمية الضخمة كالسراي والمستشفيات والبنية التحتية ومخازن التبوغ والمدارس المختلفة،، فاستردت منزلتها القديمة وفاقتها و أصبحت من المدن العراقية المشهورة بحسن تخطيطها. ومن الغريب أنها لم ترد كثيرا في ذكر الرحالة الغربيين في تلك الأزمنة لإنعزالها عن طرق القوافل العابرة للعراق، وقد أختفت تماما من خارطة تداولها الرحالة السويدي سفين هودين (sven Hudin) عندما زار العراق عام ۱٩۱٦ وكتب عنها موسوعته (بابل وبغداد ونينوى)، ونشره عام ۱٩۱٧.
وفي عام ۱٩٥٦ شيدت في مدخ مدينة السليمانية مجموعة من المدن العصرية فزاد توسعها ومكانتها. ومن أقدم معالمها اليوم " المسجد الكبير " الذي أسس في زمن إبراهيم باشا بابان.
وتبعد السليمانية عن كركوك شرقا ۱٤۰ كيلومترا. والتي تتوسطها منطقة دربند الجبلية التي ليس في شمال العراق بكثرة ثمارها و حاصلاتها، وسعة التجارة وخاصة القادمة من إيران. وفي مدخلها – لمن يأتيها من كركوك – مصيف جميل جدا يسمى "سرجنار" يقصده العراقيون لقضاء أوقات راحتهم فينعمون بخرير مائه وكثرة أطياره ومناظره و أشجاره. وبجوار هذا المصيف معمل للاسمنت انشىء في عام ۱٩٥٦م وأخر للسكر انشىء عام ۱٩٥٨ م وثالث للسكاير وبالقرب منه مزرعة نموذجية فيها كل ما لذ وطاب من أشجار الزينة والفواكه وغيرها.
وعلى مسافة ستين كيلومتراً من شمالي غربي مدينة السليمانية يقع (سد دوكان) وهو سد خرساني طوله (۳۲٥) مترا وارتفاعه مائة وثمانية أمتار على نهر الزاب الصغير في مضيق دوكان، ويستوعب زهاء سبعة مليارات مكعبة من المياه، و يستعمل لتوليد الكهرباء،. أما أهم أهداف هذا المشروع فكان حينئذ حجز مياه الزاب الصغير من الانسياب في دجلة فيخفف وطأة الفيضان فيه. وقد كان بدأ العمل به عام ۱٩٥٤ م.
والغابات هنا دانية بمختلف الأثمار، أما العسل الذي يجنى في هذه المدينة وفي القرى المجاورة لها، فلا نظير له في الجودة، وسكانها يعملون للنحل خلايا يأوي إليها فإذا صار الخريف باشر الناس جمعه، باساليب بدائية. وترى الآهلين يتداركون الأخشاب والاحطاب التي جادت بها الطبيعة بكثرة ليصطلوا بنارها وليدفئوا من قر شتائها.
وسكانها يصنعون من الاخشاب الجبلية المتينة أدوات منزلية فولكلورية. ويتعاطى بعضهم الصناعة وحياكة البسط والسجاد لحاجتهم. وجل الناس هنا من الكرد المسلمين مع أقلية من النصارى بين ظهرانيهم، وتنتشر في "السليمانية" طريقتان من الطرق الصوفية المعروفة، تدعى الأولى الطريقة النقشبندية نسبة الى الشيخ محمد النقشبندي المتوفى عام ۱۳٨٨ م. وتسمى الثانية الطريقة القادرية نسبة الى الشيخ عبد القادر الجيلي (الكيلاني)المتوفى عام ۱۱٦٥م وقد نشر الطريقة الاولى في هاتيك الاطراف الشيخ خالد النقشبندي الملقب بضياء الدين المتوفى سنة ۱٨۳٥ م. ونشر الطريقة الثانية فيه الشيخ محمد النودهي المشهور باسم الشيخ معروف المتوفى عام ۱٨۳٤ م وما الزعيم المعروف الشيخ محمود المتوفى عام ۱٩٥٧ م انما هو حفيد الشيخ معروف المذكور. وهو مدفون في الجامع الكبير الى جوار جده الشيخ كاكا احمد. . ولهاتين الطريقتين آداب وطقوس يتوارثها الأحفاد عن الأجداد.
ويرتبط بمركز قضاء السليمانية اربع نواح وهي تانجرو، قره داغ، سورداش وبازيان.
"ناحية تانجرو " مركز قرية جميلة تقع فى الجنوب الشرقي لمدينة السليمانية، وتبعد عنها ۲٤ كيلومترا،، ومناخها جبلي، وأهلها أهل ورع، وحاصلاتها وفيرة والطريق اليها سهل منبسط.
" ناحية قره طاغ ": مركزها القرية المسماة باسمها، وهي قرية جميلة، غزيرة المياه مشهورة بهوائها العليل، وهي على مسافه ٤٨ كيلومترا من مركز السليمانية جنوبا، وربما اعتبرت من المصايف المهمة هناك.
" ناحية سورداش ": تبعد عن السليمانية ٥۱ كيلومترا الشمال الغربي، وهي قرية جميلة ذات مناظر حسنة، وسكان هده الناحية معروفون بصلابة عودهم، وقوة شكيمتهم وخشونة طباعهم.
" ناحية بازيان ": مركز هذه الناحية قرية " تايرنال " الواقو" على مسافة ٤٨ كيلومترا عن غربي السليمانية، وتحيط بها رياض وغياض تجعل لها منظرا جميلا وموقعا ممتازأ ويقال انه كان في هذه المنطقة عشيرة اسمها "باسيان " فانقرضت وبقي هذا الاسم المحرف لها، وفيها الدير كما نوهنا.
وترفل السليمانية اليوم بأجواء الحرية التي شملت كل العراق وتنتظرعودة المياه لمجاريها وبداية مواسم التصيف والتبضع وحركة الناس التي سوف يفتح لهذه المنطقة أفاقا من الرخاء وفك العزلة ورجوع الى حالة التكامل مع وسط وجنوب البلاد ويعود نصاب الحياة النابضة بالرفاه والعمران و الآمان.
العلويون في تركيا
حنان أتلاي
قبل البدأ في الحديث عن العلويين في تركيا، هناك امران اود توضيحهما للقارئ:
۱) ليست نيتي الترويج للطريقة العلوية، انا فقط احترم ان يكون للناس دين وتقاليد يحاولون المحافظة عليها واحترم حرصهم علىان تنتقل من جيل الى آخر. مهما كانت هذه الديانة فالعالم غني بهذا التنوع. وهذا هو احد اهم الاسباب التي تجعلني ادافع عن علمانية الدولة التي تضمن لمنتسبي جميع الطوائف والاديان ان يمارسوا شعائرهم بحرية وتمنع الاكراه والتعسف. . ما اكتبه هنا عبارة عن مشاهداتي وانطباعاتي الشخصية وددت مشاركتها مع القراء العراقيين، ومع هذا لا اخفي باني اجد طريقة المجتمع العلوي جيدة للغاية من الناحية الاخلاقية والاجتماعية والاهم من كل شئ تمسكهم القوي بمبدأ مساواة المرأة واحترام مكانتها. وعدم التفريط بهذا المبدأ على الرغم من كل الاذى الذي لحق بهم من قبل القوى الحاكمة في زمن الدولة العثمانية.
۲) وجدت احيانا صعوبة في العثور على المصطلحات العربية التي تقابل التسميات التركية بالرغم من ان اغلبها تعود لاصل عربي ولكن بعضها ربما فارسي، حاولت البحث عنها في المواقع العربية ولكني رأيت اغلب المواضيع التي تطرقت للعلويين كانت عبارة عن تهجم وافتراءات، حتى التسميات والاحداث كثيرا ما نقلت الى العربية بشكل غير امين، فقررت ان اتركها على ما هي عليه.
هناك احصاءات مختلفة لنفوس العلويين لانهم اضطروا لاخفاء هويتهم منذ عصور طويلة بسبب الضغط الذي كانوا يتعرضون له. ولكن يعتقد بانه يعيش ما يزيد عن ال۱٥ مليون علوي في تركيا وقد يشكل ثلث السكان. وهي نسبة كبيرة من اصوات الناخبين مما يجعلهم احيانا يلعبون دورا مركزيا في الحياة السياسية ونرى تحسنا ملحوظا في اوضاعهم وهم يمارسون طقوسهم بحرية الان وبيوت الجيم تتمتع بحماية القانون، واصبح الحديث عن الديانة العلوية امرا اعتياديا وكثيرا ما تتناوله اجهزة الاعلام كموضوع للنقاش، واليوم (۲۰۰٤-۰۲-۱۱) اعلن وزير التربية حسين تشليك بان المذهب العلوي سيكون ضمن مفردات درس "الدين والاخلاق" في المناهج التعليمية.
. المعتقدات العلوية وصلت يومنا هذا عن طريق مصدرين، شفاهي و مدون. الشكل الشفاهي بشكل تقاليد وممارسات ومعلومات حافظ عليها الشيوخ (تستعمل كلمة الجد بدل الشيخ) و انتقلت من جيل الى جيل.
من الناحية الاجتماعية العلويين كانوا محرومين من امكانية تعليم اسس عبادتهم ومفاهيمهم في المؤسسات التعليمية الرسمية والمدارس و لمواجهة هذا العجز اخذت الاديرة البكتاشية على عاتقها تنظيم امور الجماعات العلوية وطقوسهم.
المؤسسة البكتاشية والدراويش المتواجدين في هذه الاديرة وصلوا الى درجة متقدمة من التنظيم نراه بسهولة في ارشيفاتهم. اما الاجداد فقد عملوا على نقل التقاليد من جيل لاخر بشكله الشفوي والممارسات. مارست الطبقات الحاكمة ضفوطا مستمرة على الجماعات العلوية. الاسباب كانت سياسية بالطبع من اجل الحد من التاثيرالايراني الذي قد يؤدي الى شكل من الولاء بين صفوف هذه الجماعة للدولة الصفوية التي كانت في تنافس ونزاع مستمر مع الدولة العثمانية.، ولكن تلك الضفوط تركت اثارها الواضحة على جميع مجالات حياة ومعيشة هذه الجماعات.
من معتقدات العلويون
من تجوالي في القرى العلوية رايت بان لهم وجهات نظرهم الخاصة فيما يتعلق بشكل العبادة، يفسروه بكونهم يأخذون المحتوى اساسا اما شكل العبادة فهو في نظرهم ماهو الا وسيلة. الهدف الاساسي هو ان يصل الانسان الى مرحلة النضج من الناحية الاخلاقية. حضور جلسات العبادة (الجيم) او الصيام امور غير كافية، يقول احد الاجداد الذين التقيت بهم: الذي لايحكم يده ولسانه وحزامه (مقولتهم الاساسية وهي ذات قافية في اللغة التركية) *، والذي لايحترم الانسان وهو اقدس المخلوقات، ولا يهتم بالمحافظة على ما في هذه الارض من اشجار وحيوانات خلقها الله، فهو لم يبلغ مرحلة النضج بعد وعبادته غير مجدية ومثل هؤلاء الاشخاص "الغير ناضجين" لا يقبلون في بيوت العبادة (الجيم) ويصبحون منبوذين من قبل اهل القرية.
ولكن اساس الايمان العلوي يستند الى حب " الحق" (الله)، محمد و علي، وهنا وبحذر شديد وجهت سؤالا للجد: " ولكن الاخرون يقولون بان العلويين لا يحبون النبي بل يفضلون الامام علي ". كنت خائفة ان يغضبه سؤالي هذا. ولكنه ضحك وقال، لو لم نكن نحب النبي لما احببنا اهل بيته.
الولاء لاهل البيت والائمة الاثنى عشر
اهل البيت تلفظ كما هي باللغة العربية Ehl-i Beyt وهم: محمد، علي، فاطمة، الحسن والحسين.
الائمة الاثنى عشر ينحدرون من نسب علي وفاطمة وهم: علي، الحسن، الحسين، زين العابدين، محمد باقر، جعفر الصادق، موسى الكاظم، علي رضا، علي النقيب، الحسن العسكري، المهدي.
حسب معتقدات العلويين، المسلمون بعد النبي ينقسمون الى ٧۳ فرقة. من يتبع طريق اهل البيت والائمة الاثنى عشر هم (الفرقة الناجية) ـ Firkayi Najiye ـ والاخرون مصيرهم جهنم اي من لا يتبع طريق اهل البيت والائمة الاثنى عشر.
شعارهم " تولى و تبرى " Tevella ve teberra ـ بمعنى " اتبع اهل البيت والائمة ومن يسير في طريقهم واترك من لا يحبهم ".
ليس الائمة الاثنى عشر فحسب يل هناك:
الاربعة عشرالابرار: محمد اكبر، عبد الله ابن الامام الحسن، عبد الله ابن الامام الحسين، قاسم، زي العابديم، قاسم بن زين العابدين، علي عفتار، عبد الله ابن الامام جعفر الصادق، يحيى الهادي، صالح، طيب، جعفر ابن محمد تقي، جعفر ابن الحسن العسكري، قاسم ابن محمد
القمر بست، Kemerbest السبعةعشر: الامام الحسن، الامام الحسين، هادي اكبر، عبد الواحد، طاهر، طيب، تراب (؟)، محمد حنفي، عبد الرؤوف، علي اكبر، عبد الوهاب، عبد الجليل، عبد الرحيم، عبد المؤمن، عبد الله عباس، عبد الكريم، عبد الصمد (على الاقل اعرف الان مصدراسماء الناس).
اربعة ابواب واربعين مقام:
يعتقدون ان الانسان عليه ان يرتقي اربعين درجة (مقام) فبل ان يلتقي بالرب بالشكل الذي ثبته الولي بكتاشي، وهناك تفسير آخر: الشريعة بالولادة، الطريقة بالاقرار، معرفة النفس، الحقيقة هي ان تبحث عن الحق وتجده في داخلك. الابواب الاربعة هي: الشريعة، الطريقة، المعرفة، الحقيقة
وكل باب عشرة درجات (مقام).
باب الشريعة: درجاتها
۱) حب الائمة ۲) السعي وراء العلم ۳) العبادة ٤) الابتعاد عن المحرمات ٥) ان يكون نافعا لعائلته
٦) ان لا يلحق الاذى بالبيئة. ٧) اتباع اوامر النبي ٨) ان يكون مشفق وذي رحمة. ٩) ان يكون نظيفا
۱۰) الابتعاد عن الاعمال الضارة والغي مجدية.
باب الطريقة:
۱) التوبة ۲) اتباع نصائح المريد "الاجداد" ۳) الهندام النظيف ٤) الحرب و خوض الصرا من اجل الخير
٥) انيحب تقديم الخدمات ٦)الخوف من ضياع الحقوق ٦) تجنب اليأس ٨) اخذ العبرة. ٩) توزيع الخيرات.
۱۰) ان يرى ذاته فقيرة.
باب المعرفة:
۱)التحلي بالادب. ۲) الابتعاد عن الحقدوالانانية وسوء النية. ۳) عدم الافراط. ٤) الصبر والقناعة.
٥) الحياء. ٦) الكرم. ٧) العلم. ٨) التسامح واحترام الاخرين على اختلافهم. ٩)معرفة الذات. ۱۰) المعرفة.
باب الحقيقة:
۱) التواضع. ۲) التغاضي عن عيوب الاخرين. ۳) عدمالتردد في تقديمالمعونة عند المقدرة.
٤) حب كل مخلوقات الله. ٥) ان يرى الناس متساوين. ٦) التوجه نحو الاتحاد والتوجيه له.
٧) عدم اخفاء الحقيقة. ٨) التفرس. ٩) التوجه لمعرفة السر الالهي. ۱۰) الوصول الى الوجود الالهي.
شعارهم: (كن حاكما ليدك و لسانك وحزامك)
مقولة مهمة تعكس الاساس الاخلاقي عند العلوي ملزم بمراعاتها طيلة حياته. و تسمعها من اي علوي تلتقي به *.
تعني ان يكون ملزما بما تفعله يده، لا يأخذ ما ليس له. ان يكون ملتزما بما يتفوه به لسانه لا يقول مالم يراه بعينه ولا يقول كل مايراه ويحافظ على اسرار الاخرين. ان يكون ملتزما بحزامه اي يتجنب العلاقات المحرمة والممنوعة.
هذه المقولة هي موجزالنظام الاخلاقي عند العلويين وكما يصفها الشيوخ " ارق من الشعرة واحد من السيف ". من لا يلتزم بهذا القانون يعتبر (ساقط) وينبذ من قبل المجتمع العلوي. او يتلقىعقاب يتناسب مع الخطأ الذي ارتكبه.
في المجتمع العلوي الرجل والمرأة متساوون في جميع المجالات
الرجال والنساء معا في العمل وفي العبادة، تعدد الزوجات ممنوع عند العلويين. الزوج او الزوجة لهما حق متساوي في ابلاغ شكايتهما للشيخ (الجد) ومن يثبت عليه ذنب كبير يعلن (ساقط).
مساواة الرجل والمرأة عند العلويين اثارت حفيظة المتزمتين من السنة الذين لم يترددوا من اطلاق مختلف الاشاعات والافتراءات بهذا الصدد واطلقوا عليهم الكثير من الاسماء والكنايات مثل (الرؤوس الحمر) والملحدين وحتى كلمة البكتاشي يعقتد بانها احدى التسميات التهكمية التي اطلقها السنة على العلويين.
ومارسوا اشكال مختلفة من الحرب النفسية لاجبارهم اما لانكار هويتهم (اليوم في تركيا والبلقان جماعات لها تسميات مختلفة مثل تختاجي، جبن، أموجالي، بدرالديني، سراجي، هي في الحقيقة جماعات علوية اضطرت لتغيير هويتها بسبب الضغوط) او لممارسة طقوسهم بسرية وهذا اعطى المسلمين الارثودوكس (السنة) فرص اكثر لتلفيق الروايات حول العلويين.
مراسيم وطقوس
يطلق العلويين على طفوس عبادتهم كلمة (جيم) وهي تقام بشكل منتظم، بالاضافة الى الجيم ومثل جميع المجتمعات، هناك مناسبات مهمة لديهم: نوروز، صيام محرم، صيام الخضر، خضرالياس، عيد الاضحى، لقمة موسى الرحال. العلويون لا يصومون شهر رمضان، ولكني لاحظت في العوائل العلوية التي تسكن المدن يشاركون الناس الاخرين في صيام رمضان والذهاب الى الجامع احيانا.
يعتبر العلويون نوروز بداية الربيع ويوم للاحتفاء بمولد الامام علي ويطلقون على ليلة ۲۱آذار " نوروز السلطان " ويقام فيها "جيم".
و في اشهر الشتاء يقومون بترتيب " لقمة موسى الرحال"، يطوفون البيوت لجمع الطعام، تذبح القرابين، يقام الجيم، تطبخ الاطعمة وتوزع في اليوم التالي. ويعتقد بان الفائدة التي تحققها لقمة موسى للجماعة تاتي بالبركة للمحصول.
يعبر العلويون عن حزنهم على مقتل الامام الحسين بالصيام في شهر محرم،. يصومون اثنىعشر يوما لذكرى الائمة الاثني عشر، وبعضهم يصوم اربعة عشر اياما اخرى من اجل الاربعة عشر الايرار، ولذكرى حرمان الحسين من الماء في كربلاء واستشهاده فانهم لا يشربون الماء ولايذبحون القرابين والرجال لا يحلقون، وفي الاماسي يقرأون الكتب التي تروي احداث كربلاء.
في شهر شباط يصومون ثلاثة (صيام الخضر). وكل عام ٦ مايس يحتفلون بخضرالياس، لان الاعتقاد هو ان الخضر يعين الناس في الثلج وخضرالياس في البحر. ومن هنا تأتي مقولتهم: (اسرع يا خضر لامدادي) او (جائت المساعدة بسرعة الخضر)!
تقديم القرابين من العادات الشائعة لدى العلويين وتجري في اغلب المناسبات عدا محرم. يعيش العلويين في مناطق تركيا المختلفة ووسط اسيا واوربا الشرقية عباداتهم وطقوسهم متشابهة مع فروق بين مجموعة واخرى.
ومن التقاليد الاجتماعية لدى العلويين هي انهم لا يتزوجون من الاقارب، ويعتبرون ابناء العمومة والاخوال اخوة، وهناك تقليد آخر هو ان الشاب يختار من بين جيرانه او اصدقاءه والشابة من بين جاراتها او صديقاتها (اخ او اخت الاخرة) وهي علاقة تستمر طيلة حياتهم. وعندما يتزوجون ويصبح عندهم اولاد فان هم ايضا يعتبرون ابناء وبنات خالة، عم. . الخ. لهذا غالبا ما يتم اختيار الزوج او الزوجة من قرى اخرى مجاورة.
وكذلك لاحظت في القرى العلوية في المناطق الغربية من تركيا وخاصة في تراكيا المشهورة بزراعة العنب وصناعة النبيذ، بانهم يتناولون النبيذ. وكثيرا ما يصنعونه في بيوتهم ويقيمون مهرجانات لاختيار افضل انواع العنب وتذوق الخمر، وهذا يعود الى طبيعة المنطقة التي يعيشون فيها فهي اوربية وتمتد السهول نفسها الى بلغاريا وتلك المناطق من بلغاريا و دول اوربا الشرقية يقطنها الكثير من الاتراك والكثير منهم علويون. ومادام الحديث جاء الى هذه النقطة اود ان اشير الى شئ أخر، قبل الحرب العالمية الثانية، عندما قررت بريطانيا بان آن الاوان لاقتسام أرث " الرجل المريض " ومن ضمن التحضيرات التي كان الانكليز يعدون لها قبل البدأ بالحرب، وهي سياسة انكليزية معروفة وربما تشكل الحجر الاساسي في ستراتيجيتهم ومازالت كذلك، ارسلوا الكثير من بعثات التحري لمناطق نفوذ الدولة العثمانية على شكل بعثات تبشيرية، من اجل الاتصال بالافليات وممثلي الطوائف والعشائر لاقناعهم بالتعاون مع الانكليز، وعندما رأوا القرى العلوية احتاروا في الامر ثم قرروا بان العلويين ماهم الا مجموعات "مفقودة" من المسيحيين اضطرت لتغيير هويتها تحت اكراه المسلمين. ولكن العلويين رفضوا فكرة التعاون مع الانكليز، كانوا يسعون الى الحصول على المزيد من الحفوق والحرية في العبادة فحسب، وكان الانكليز فد واجهوا مواقف مشابهة من طوائف اخرى مثل " اللاز" في منطقة البحر الاسود.
جيم
ال"جيم" هو بمثابة الجامع واساس العبادة لدى العلويين. غالبا ما يقام بعد الحصاد و في ليلة الجمعة اي مساء الخميس (عندنا في العراق ايضا يطلق ليلة الجمعة على مساء الخميس، اتذكر هذا جيدا من جدتي التي كانت تحب ان تقيم وليمة في "ليلة الجمعة" من اجل ارواح الموتى واحيانا من اجل الامام علي)، الشيوخ ياتون لزيارة القرية العلوية، ويتم ابلاغ السكان بان الجيم سيقام. المشاركون في الجيم ياتون معهم باطعمة يطلق عليها اسم (نياز او لقمة)، يقام الجيم في البيوت الكبيرة والشيخ (الجد) يتصدر المجلس، للجيم اثني عشر خدمة ولكل خدمة صاحبها المسؤول عن تاديتها:
۱) الشيخ او الجد (مرشد).
۲) الدليل
۳) الناطق
٤) مساعد الدليل
٥) الذاكر " يؤدي نوع من الغناء من الشعر التصوفي ويعزف آلة وترية خاصة تسمى الساز.
٦) الفراش " صاحب المكنسة " ـ للمكنسة معنى رمزي: يكنس الارض يضع الغيار المتجمع بشكل رمزي تحت السجادة اشارة الى السعي لازالة الاخطاء وحل المشاكل (الكنس) ولكن حفظ اسرار الغير وعدم الثرثرة (وضع الغبار تحت السجادة).
٧) الساقي (صاحب الابريق)
٨) صاحب القربان والمائدة.
٩) الدائر.
۱۰) الداعي.
۱۱) خدمة الميدان
۱۲) الخقير
الجيم هو اهم مراسيم عبادة الجماعة العلوية ويتكون من هذه الخدمات الاثني عشر. ويمكن ان يتضمن طقوس السماح واقوال من بير سلطان وحطوي. توزع المؤكولات و تذكر احداث كربلاء. اثناء الجيم: تتم مصالحة المتنازعين، ويتم اعلان المحق من غيرالمحق امام الحضور وان كان هناك مذنب يتقرر عقابه، العقاب لا مفرمن تحمله والا ينبذ من المجتمع. هذه المراسيم تجرى في انحاء مختلفة من تركيا وفي اوقات مختلفة. * ياتي اليها مئات الالاف من الناس وتاخذ شكل المهرجانات.
العلوي والبكتاشي
العلوي كما تدل عليه التسمية متعلق بالامام علي ومن اتبعه وسارعلى نهجه. العلوية هو حب الامام علي واهل بيته، اي اهل بيت النبي، في دول العالم المختلفة هناك الكثير من الجماعات تنتمي للمذهب العلوي وتعرف نفسها باشكال مختلفة ولكن جميع هذه الجماعات تعود الى واقعة تاريخية معينة، خلافة علي واحداث كربلاء.
العلوي والبكتاشي تسميات مترادفة للعلويين، ترجع الى الولي بكتاش، ولكن بصورة عامة الاديرة البكتاشية اتسمت بالتدوين والمخطوطات والفلسفة وهي مراكز العلويين في المدن اما العلوية فهي في القرى والبدو الرحالة، و يتم الاشراف على ممارساتهم طقوسهم من قبل الاجداد اوالشيوخ، و تنتقل العادات والتقاليد من جيل لاخر بهذا الشكل اذ ليس لديهم الا القلة من الكتب وهي على الاكثر بشكل كتيبات صغيرة يحتفط بها الشيوخ في بيوت الجيم *.
انا شخصيا اعتبر العلوي هو حالة من التسامي من العبادة القديمة ا للطورانيين حيث كانوا يؤمنون برب السماء الى الاسلام عن طريق التعرف بالامام علي واهل الييت واعتمد في هذا الاستنتاج على تمسك العلوين بالمساواة التامة للمرأة كاساس لحياتهم الاجتماعية و مفهومهم في العبادة ــ المرأة عند الطورانيين كان لها مكانة مميزة ولم يكن عندهم تعدد الزوجات وكذلك المرأة كانت تتدرب على القتال لحماية البيوت والاطفال والشيوخ والحيوانات عندما يذهب الرجال الى الحرب ــ بالاضافة الى الكثير من العادات والمفاهيم الاخرى مثل الاهمية التي يعطوها للمحافظة على البيئة واحترامها حبث كان الطورانيون يقدسون التربة والبحر، واحتفالهم بعيد النوروز الذي هو من اعياد الطورانيين منذ زمن تيومان مؤسس دولة الهون، ۲۲۰ قبل الميلاد ويسموه عيد الربيع ويعتقد بانهم اتوا بهذا التقليد عندما استقروا شمال ايران. ولهذا نرى بان عيد النوروز يحتفل به في جميع الجمهوريات التركية وسط اسيا.
وضع المرأة الاجتماعي هو ايضا احد الاختلافات التي لفتت نظري بين العلوي البكتاشي و الايرانيين في تشيعهم.
انا في اعتقادي بان تشدد الايرانيين ايضا يعود الى جذور عبادتهم القديمة قبل الاسلام ***.، لان هذه الظاهرة تتواجد في اكثر الاديان، سكان اميركا اللاتينية، مراسيمهم الدينية تتفق مع طبيعة الانسان اللاتيني وكذلك السود في اميركا، نرى في طقوس كنائسهم الكثير من الملامح الافريقية، وانا ارى هذا امر جيد يساعد في تقوية العلاقة بين الجماعة والكنيسة، الجيم، الجامع (اتمنى ان تنتبه المرجعيات الدينية لهذه المسالة قبل فوات الاوان بدل انشغالهم بالحسابات السياسية التي ستقضي على الدين والسياسة معا!). ومن الاختلافات الاخرى هي ان العلويين بسعون للاقتداء بالامام علي عن طريق التمسك بفلسفته وسلوكه في الحياة، ويذكرون احداث كريلاء عن طريق الاستماع الى سرد الاحداث في المناقب وصيامهم في شهر محرم بينما الايرانيون يسترسلون في المغالات في طقوس ذكرى كربلاء والضرب بالسلاسل الحديدية بحيث حولوها الى حالة من اليأس وحب الانتقام.
كيف ولد المذهب العلوي
من تسميته نفهم بانه متعلق بالامام علي، العلوي هو حب علي واهل بيته واتخاذ طريقهم سلوكا.
جذور المذهب العلوي بشكل عام تستند الىالتطورات التي حدثت بعد وفاة النبي محمد.
ولكن في نفس الوقت تتداخل في تكوين المذهب العلوي عناصر اجتماعية وثقافية ودينية مختلفة.
تكونت بذور مسألة السنة والشيعة مع الخلاف على من سيكون خليفة بعد وفاة النبي محمد، نواة الشيعة كانت المجموعات التي ارادت ان يكون خليفة النبي من يأتي من صلبه وهذا يعني الامام علي الذي هو ابن عمه وزوج ابنته فاطمة ويؤمنون بان محمد في حياته ذكر مرات عديدة بانه يريد ان يكون علي خليفة له وبان النبي عندما هاجر ترك بيته وعائلته واعماله امانة عند علي وان النبي عين علي قائدا لاغلب الحروب التي خاضها.
الاحداث كما يسردها الشيعة والعلويون
مازال الشيعة يحتفلون بعيد الغدير الذي هو اسم المكان الذي القى فيه النبي خطبة الوداع واعلن خلافة علي بعده. وبان المسلمين الذين حضروا خطبة الوداع ومنهم الخليف عمر هنؤا علي. ويؤمن العلويون بان النبي قبل وفاته طلب من من حوله ان ياتوا له بقلم وورق ليملي عليهم وصيته ولكن لم يلبى طلبه هذا وتوفي النبي قبل ا يكتب وصيته ــ اعتقد بانهم يحملون على زوجة النبي عائشة بهذا الخصوص بانها كانت تريد ان تكون الخلاف لوالدها اولا ــ ةبينما كان علي مشغولا باعمال الدفن فان مجموعة من الانصار والمهاجرين وبينهم عمر وابو بكر كانوا يناقشون مسالة الخلافة من جديد وانتهوا الى الاتفاق بان تكون الخلافة لابي بكر، عمر وعثمان بالتوالي اي انهم لم يراعوا الوصية بان تكون لاهل بيت النبي مما سبب اختلاف بين المسلمين دام مئات السنين، علي وفاطمة بالرغم من عدم تصويبهما لهذا التلاعب صبرا تجنبا خلق توتر بسبب الخلافة. .
ما حدث لااهل البيت في امر الخلافة واهمها ما حدث في كربلاء ادت الىنضوج المذهب العلوي من الناحية الدينية والسياسية وبدأت تنتشر بين الاقوام الغير عربية:
الخلافات التي زرعت بذورها بعد وفاة النبي اخذت تظهر على السطح في زمن الخليفة الثالث عثمان (٦٤٤ ـ ٦٥٦ م) الذي كان يقرب افراد من عائلته اي الامويين ويمنحهم امتيازات دون غيرهم، يعينهم ولاة ومظاهر اخرى من سوء استعمال السلطة. واصبح الناس في مصر وسوريا والحجاز يتذمرون من سوء معاملة هؤلاء الولاة الامويون لهم ومن حماية الخليفة عثمان لهم. وفي نهاية الامر خرجت مجموعات من مصر والبصرة والكوفة، حاصروا بيت الخليفة عثمان وقتلوه. (٦٥٦ م)، بعد عثمان اصر الصحابة على علي فقبل الخلافة. ولكن الاضطرابات كانت علىاوجها بعد حكم ثلاثة خلفاء على التوالي، وكان هذا السبب في قبول الامام علي تولي الخلافة.
طلحة والزبير وعائشة زوجة النبي حملواعلي مسؤولية قتل عثمان وبدأوا "حرب الجمل " ضد علي ولكنهم هزموا، وبعدها حاول الامام علي حل الخلافات مع والي الشام معاوية الذي رفض مبايعته ولكنه رفض وبدأت حرب صفين (٦٥٧م) وكان علي على وشك ان يهزم جيش معاوية ولكن عمر بن العاص اشار على معاوية ان يلجأ الى الحيلة الشهيرة برفع صفحات من القرآن على رؤوس رماحهم مما جعل علي يوقف القتال. عندها خرجت مجموعة من جيش علي كانت حانقة بسبب بسبب ايقاف الحرب التي كانت على وشك الانتهاء بانتصارعلي وسموا بالخوارج، وبعد وفاة علي (اغتاله احد الخوارج وهو يصلي)، اعلن معاوية تاسيس الدولة الاموية ولكن ماعدا مصر والشام كل الولايات الاخرى بايعت الامام الحسن اكبر ابناء علي الذي اعتبره معاوية خطرا عليه فلجأ الى تسميمه. وبدأ بالحاق ما استطاعه من اذى بأهل البيت وامر ائمة الجوامع ان يلعنوا علي في خطبهم وعين ابنه يزيد خليفة من بعده.
بعد تسميم الحسن اعتبر الحسين اكبر خطر على حكمه. فارسل خطاب الى قريبه وليد والي المدينة يامره باخضاع الحسين او يقتله ان رفض. بطبيعة الحال لم يقبل الحسين باطاعة حاكم ظالم مثل يزيد، وفي ٤ مايس ٦٨۰م جمع الحسين كل افراد عائلته وتوجه الى مكة وسمع اهالي الكوفة بما حدث فارسلوا الرسل الىالحسين يدعوه الى الكوفة لمبايعته. فارسل الحسين ابن عمه مسلم الى الكوفة للتحضير لقدومه. ولكن رجال يزيد قطعوا الطريق على مسلم واعدموه. وقد علم الحسين بمقتل مسلم وهو في طريقه الى الكوفة. وعندما وصل الحسين مع اهله الى كربلاء فوجؤوا بجيش يزيد من الاف الجنود يحاصرهم ورفض عبيدالله طلب الحسين بالتفاوض او التوجه لعبور احدى حدود مناطق نفوذ يزيد وتركوهم لايام بدون ماء.
اوامر يزيد كانت التخلص من الحسين واهل البيت جمبعهم لانه يعلم بانه لن ينعم بالراحة ماداموا على قيد الحياة. جيش كبير يطلق على نفسه صفة جيش المسلمين قرر ان يقتل اخر فرد من اهل بيت النبي الذي اسس دينهم. في النهاية ۱۰ اكتوبر٦٨۰م (۱۰ محرم ٦۱ هجري) اقترب الحسين من جيش يزيد ووجه اليهم خطبة ولكنها لم تؤثر فيهم، كانت مواجهة خالية من التوازن، ۲۳ سواري و٤۰ من المشاة مع الحسين في مواجهة الالاف من الجنود المدججين. وبامر الشمر احيط بالحسين من جميع الجهات وقتل. ثم نهبت الخيم وكان زين العبدين مريضا هموا بقتله ثم تركوه، وكان اصغر ضحية في هذه الحرب السيئة الصيت ابن الحسين، الحسن العسكري فقد كان لايتجاوز الستة اشهر. كان عدد القتلى من جانب الحسين ٧۲ (يفوق عدد المحاربين ال ٦۳ لانه ضم اطفال ونساء).
احداث كربلاء القت بظلالها علىالمجتمعات الاسلامية لمئات السنوات التي تلت و كان لها حينها تأثير عميق على المسلمين في مختلف ولايات الدولة الاموية وهزتها من جذورها وعندما وصلت الانباء الى ايران والحجاز اصبح الناس يضمرون كراهية عميقة للامويين مازالت مترسخة الى يومنا هذا وبدأت حركات التمرد والعصيان تعصف بالدولة الاموية وكانت مهاجمة الامويين لمكة والمدينة آخر قطرة افاضت الكاس.
الخلاصة: شتم الامام علي في الجوامع الاموية، قتل الحسن ومن بعده الحسين واهله بدون رحمة خلق اسس لمعارضة فكرية وسياسية للامويين ومن الممكن القول بانها بداية المذهب العلوي.
كيف انتشر المذهب العلوي
كتبت المناقب التي تصف اخلاق وبطولات الامام علي و مناقب تسرد احداث كربلاء. هذه المناقب كانت محببة جدا في الاناضول وايران وخراسان وحتى يومنا هذا يمكن ملاحظة تاثيرها. مع انتشار الدين الاسلامي كانت اعداد متزايدة تدخل الدين الاسلامي وفي زمن العباسيين كان الايرانيون والاتراك ينضمون الى الجيوش الاسلامية بشكل كبير، على سبيل المثال البوركاج الاتراك من اماكنهم البعيدة جدا عن " ما وراء النهر " (كما كان يسمى) غيروا ديانتهم الاولى (الايمان برب السماء) الى الديانة العلوية في بداية القرن الرابع الهجري. الولاء للامام علي وحب اهل البيت ومناقب كربلاء استمرت بالانتشار مع انتشار العلويين.
هذا يعني ان شخصية علي وكذلك احداث كربلاء وجدت طريقها بسهولة الى قلوب الناس بمختلف قومياتهم وخلقت بينهم رابطة معنوية قوية تتعدى النزعات القومية. اثناء زياراتي للقرى العلوية تعاملهم معي كان يتغير مباشرة بعد ان اخبرهم باني من عائلة شيعية و من النجف، ياخذوني لرؤية بيت الجيم ويسمحون لي بتفحص الكتب هناك. وانا اسمح لنفسي بالاستمتاع بالشعور باني احمل هالة من القداسة حول رأسي، ولكن لفترة قصيرة بالطبع، عند اعتناق اقوام من غير العرب الاسلام فانهم سرعان ما يتاثروا بشخصية علي يجدون فيه رمز للبطولة والشهامة والعدل والترفع عن الاطماع وفي كل مكان تنتشر المناقب التي تصفه. ومن هنا ايضا بدأ تيار التصوف بالانتشار واتخذت شكل طرق مثل: كاليندر، حيدري، وفاء، خروفي، ظهور هذه التيارات والطرق ربما كان اولى اشكال الحركات المعارضة للحكم السائد والتعسف (هيترودوكس) وكنتيجة طبيعية اثارت هذه التيارات حفيظة الاوساط الحاكمة من السنة وتعاملوا معها باساليب متشددة وكانت الاتهامات التي يوجهونها للعلويين وشيوخهم ودراويش التصوف بشكل عام بهذا الشكل:
لا يقومو ابواجباتهم الدينية وان اشتراك النساء بالطقوس والمراسيم الدينية بشكل امر غير اخلاقي، وهذا كان يضع اللشيوخ والدراويش تحث ضغوط كبيرة يضطرون معها الى اخفاء هوياتهم مما دفع الىظهور (الطريقة العلوية الباطنية). من اجل الاستمرار. وحماية ديانتهم من الزوال.
* الاجداد، هو درجة تعطى لكبير القرية العلوية الذي يتولى شرح المفاهيم والاشراف على الطقوس. يتم ترشيحه من قبل اهالي القرية.
Eline Diline Beline Hakim Ol *
* بعض الكتب التي رأيتها في بيوت " الاجداد" اثناء زياراتي لهم:
منقبة الامام جعفر الصادق، خطبة الامام، منقبة سيد صافي، ما يعرف عندهم ب(الامر الصغير)،
كتيب بعنوان " رسالة سيد عبد الباقي افندي من ديرعلي للمؤمنين المحبين للائمة "،
مخطوطة عثمانية بعنوان " مقالة الولي حجي بكتاشي"
*** الراهب اوغستينوس ۳٥٤-٤۳۰) م) قبل ان يعتنق المسيحية تجول بين عدة معتقدات ومنها المانيكيزم Manicheaism وهي ديانة مستندة على الديانة الفارسية (زرادشت) معروفة بتشددها بحدودها القاطعة بين الخير والشر ولكنه عزف عنها فيما بعد واعتنق الكاثوليكية، كما جاء في اعترافاته: " اعطني اشد العقاب، ولكن ليس الان"!
"مثلكم الأعلى "صدام اللعين
عبد الحميد الموســوي
قبل كل شئ عندما نقول بأن شخصاً ما أو طرفاً ما يتخذ فلاناً مثله الأعلى، يتبادر الى الذهن بأنه يقلده في أعماله وأفعاله سواءً كان هذا الفعل حسناً أو قبيحاً. لذا نرى العبد يقلد سيده والولد يقلد والده. . . وهكذا. كما أن الفرد يمكن أن يتخذ واحداً أو أكثر مثله الأعلى.
ففي الساحة العراقية نرى أطرافاً يتخذون صدام اللعين مثلهم الأعلى ويقلدونه في أفعاله القبيحة الظالمة التي لا يقبل بها الشرع والعرف والإنسانية، وسأسرد بعضاً منها على شكل نقاط:
أ: كان النظام المقبور شديداً، غليظاً، قاسياً وظالماً مع الشعب العراقي وخصوصاً خصومه وكان يتعامل معهم بأبشع الأساليب فقام بقتل الأكراد بشكل واسع والأنفال خير شاهد على ذلك، فأتهمهم بالمخربين كما إتهم الأكراد الفيلية بالفارسية وطرد الكثير منهم الى إيران. كما تعامل مع التركمان بقسوة وإتهم قسماً منهم بالطورانية وإعتبرهم عملاء وجواسيس لتركيا والبعض الآخر بالإنتماء الى الأحزاب الإسلامية فأعدم عدداً كبيراً منهم، وكذا الحال بالنسبة للكلدانيين والآشوريين حيث إتهمهم بالإرتباط بالغرب الإستعماري، أما بالنسبة للشيعة فالتهم كثيرة وواضحة للجميع ولا داعي لذكر تفاصيلها.
بعد سقوط النظام الكافر ودخول الأحزاب الكردية الى المدن التركمانية (كركوك، طوزخرماتو، داقوق، ألتون كوبري، قرة تبة. . . الخ) بدأوا إستخدام نفس الأساليب وبنفس التهم الجاهزة حيث التركماني متهم بالطورانية وبقايا العثمانيين وأيتام أتاتورك، وأنا على يقين بأن غالبيتهم لا يفهمون معنى الطورانيه (الطورانية ليست شتيمة ولا تهمة)، أما موضوع أتاتورك: فالتركمان لم يعيشوا ولو ليوم واحد تحت حكم أتاتورك وقد فضلوا وإختاروا البقاء ضمن العراق عندما سمحت لهم معاهدة لوزان بإختيار المواطنة العراقية أو التركية (أتاتورك كان وقتئذٍ زعيم تركيا) لأنهم عراقيون أصلاء لا يقبلون الإنتماء إلا الى العراق العظيم. وكذلك يتهمون العرب في كركوك بأنهم أعوان وأنصار النظام السابق.
أليس هذا النهج هو إمتداد لذلك النهج القبيح؟!
ب: النظام الصدامي العنصري إنتهج أساليب عديدة لتعريب المناطق التركمانية حيث كان كل مواطن عربي من خارج منطقة كركوك ينتقل الى كركوك يحصل على منحة عشرة آلاف دينار )مبلغ كبير في السبعينات)، وقد كبر هذا الرقم في الثمانينات، مع قطعة أرض مجانية وإن قسماً منهم حصلوا على بيوت جاهزة بعد أن طردوا أهلها بحجج واهية. وضمن مسلسل التعريب غيروا إسم المحافظة وأسماء بعض الشوارع والمدارس الى أسماءٍ عربية.
أما الآن فالأحزاب الكردية والميليشيات المسلحة التابعة لها بدأوا بعملية تكريد واسعة النطاق للمناطق التركمانية وبشكل أبشع بكثير من التعريب السابق، والأخبار المتداولة بين الناس في المنطقة هي أن أي كردي من محافظات الحكم الذاتي ينتقل الى كركوك أو المناطق التركمانية الأخرى يحصل من الأحزاب الكردية على مبلغ عشرة آلاف دولار. كما قامت هذه الأحزاب بنفس الطريقة بتغيير أسماء الشوارع والمدارس والمستشفيات الى أسماء كردية.
أليست ممارساتهم من سلسلة ممارسات الطاغية؟!
ج: قام النظام الصدامي الفاشي بتشكيل أحزاب كردية كارتونية في بغداد وسمى واحدة منها بحزب الديمقراطي الكردستاني وآخر بحزب الثوري الكردستاني وذلك لمواجهة الأحزاب الكردية المتواجدة في شمال العراق وتفرقة الأكراد، والكل كانوا يعرفون بأن هذه الأحزاب ليست ذات عمق جماهيري بين شعبنا الكردي وكانت هذه الأحزاب متكونة من عدد قليل من الأشخاص يتلقون الدعم والأوامر من أركان النظام ويرفعون البرقيات بأسم الشعب الكردي الى القائد (المهيب الركن!) في المناسبات مؤكدين ولاء الشعب الكردي لشخصه المريض والقيادة (الحكيمة!) والشعب الكردي منهم براء.
هذه الحالة تتكرر الآن حيث الأحزاب الكردية الشوفينية قلدوا صدام بشكل مخزي فشكلوا أحزاباً تركمانية كارتونية بمعنى الكلمة مثل حزب الأخاء التركماني الكردستاني مسجلة بأسم مسعود البرزاني وحزب الشعب التركماني لصاحبه جلال الطلباني، وكذلك جمعية الثقافة التركمانية الكردستانية صنيعة حكومة أربيل. هذه الأحزاب والجمعيات متكونة من عدة أشخاص بعضهم أكراد يتقنون اللغة التركمانية ويتلقون الدعم والأوامر من أسيادهم، كما أنهم يرفعون البرقيات بأسم الشعب التركماني الى قادتهم والشعب التركماني منهم براء. وفي لقاء بعض من هؤلاء مع البرزاني كانوا يتحدثون بأسم الشعب التركماني وكانوا يريدون أن يظهروا موافقة التركمان على فدراليتهم العنصرية وشكروا البرزاني على رعايته للتركمان؟! ولكن كل الشعب التركماني يحتقرون هؤلاء الحثالة ويرفضون الفدرالية المزعومة رفضاً قاطعاً، ولا ندري عن أية رعاية يتحدثون ـ قتل المتظاهرين العزل أم محاولاتهم تهميش التركمان.
أليس نفس منهج التفرقة والإحتواء؟!
د: قال أحد الأئمة (ع): " ليست العصبية أن تحب قومك ولكن العصبية أن ترى أشرار قومك أفضل من أخيار غيرهم" فالنظام الصدامي العنصري الملئ بالعصبية القومية كان يفضل أي عربي من أقصى الوطن العربي حتى إذا كان شريراً على العراقيين وكان يتمتع بحقوق أكثر من إبن البلد لكون الأخير غير عربياً (كردياً، تركمانياً أو آشورياً أو فارسياً لأن الشيعة من الفرس حسب نظرية صدام الخرف(.
نرى اليوم الأحزاب الكردية والميليشيات التابعة لها على خطى النظام الجائر فيجلبون الأكراد من إيران وتركيا وحتى من إسرائيل الى المناطق التركمانية والآشورية ويفضلونهم على العراقي غير الكردي ويزوّرون لهم الوثائق والهويات لكي يستقروا في المناطق التركمانية ويضمنوا تفوقهم العددي، ولكن هيهات فالشعب العراقي سيكشفكم وسيحاسبكم عاجلاً أو آجلاً.
أليست عصبيتهم كعصبية صدام العنصري؟!
أقول: لولا إتخاذهم صدام مثلهم الأعلى لما قلدوه في أفعاله الشريرة وتفكيره العنصري، ولكن أقول لكم إن صدام بظلمه وجبروته لم يستطع أن يلغي أو يمحي القوميات الأخرى الغير العربية وإنتهى الى هذا الخزي في الدنيا وينتظره عذاب أليم في الآخرة، فإنكم سوف لن تستطيعون أن تمحوا أو تلغوا القوميات الغير الكردية ونهايتكم سوف لن تكون أفضل من نهاية مثلكم الأعلى "صدام اللعين".
عاش العراق حراً بشرفائه والموت لأعدائه
...أبلغت سماحته
عبد الزهرة عبد الرسول - كتابات
بوجهه المكفهر كعادته، والذي يزداد اكفهراراً يوما بعد يوم (ولا أدري السبب على وجه الدقة)، قال المام جلال طالباني والى جانبه الحليف الدائم (رغم دعوات التقسيم) عبد العزيز الحكيم: أبلغت سماحته (والكلام لطالباني موجها الى السيد السيستاني) أن الفيييدرالية هي من أجل توحيد العراق وليس تقسيمه!!، ثم استدرك وقال: أنها ستكون على أساس جغرافي وليس عرقي أو قومي.
فبعد الأيام والليالي الحالكة التي قضاها هو وحليفه الانفصالي اللدود محاولاً أن يظهر الى العلن تأييد قوى الاحتلال لفصله العرقي العنصري لشمال الوطن عن بقية أوصاله باسم الفدرالية القومية (والتي شجعته مع الإسرائيليين على ذلك)، وبعد كل نشاطاته اللصوصية في سرقة الوثاق والأموال من كركوك، واستقدام الكرد السوريين والإ يرانيين واخرين من كرد تركيا لاسكانهم في كركوك للتأثير على البنية السكانية فيها، ماذا كانت النتيجة؟ لقد فشل بشكل ذريع في ذلك كله، ولسبب بسيط، وهو أن الإدارة الأمريكية وضعت مصالحها مع دول الجوار في كفة الميزان مع مصالحها مع الكرد في الكفة الأخرى، وخرجت بنتيجة أنهما ليسا سواء!!! فكان أن لعب بريمر بالكلمات (كما فعلت غلاسبي قبل احتلال الكويت) وأفهمهم ما لم يقله، ثم. . . . . . غدر بهم (كما أصبحوا يصرخون) ولم تنفعهم الضغوطات المكشوفة التي قام بها اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة، بسبب أن الرائحة أصبحت تزكم الأنوف في مقدار ضغط هذا اللوبي في هذه المسألة.
أدرك طالباني ومعه السيد بارزاني الموقف!! وابتدئا أن الكرد لا يمكنهم التنازل عن الحالة التي كانت قبل غزو العراق، وفيها إشارة للامريكان أنهم مستعدون لقبول الحدود السابقة للفدرالية، وانطلق طالباني يغرد مستفيدا من قدرته على تغيير المواقف مائة وثمانين درجة، وأصبح يدعو لما كان يعتبر ه هراءً بل وخيانة للكرد، ألا وهي الفيدرالية الجغرافية على أساس المحافظات (هكذا أبلغ سماحته)، وعندها سيضمن عدم توسع الغريم البارزاني الى إمارته على الأقل، فيبقى هو في فدرالية السليمانية، ويبقى بارزاني في فدرالية أربيل
ولا بد من القول أن ماء الوجه يجب أن يُحفظ، فقام هذا المام بتسيير مظاهرة (مليونية ضخمة وصاخبة!!) من بضع مئات في السليمانية (تشبه بطريقتها التي كان يسيرها صدام ولكن بمئات الالاف والعتب على الفرق السكاني) وتطالب هذه التظاهرة بإعلان استقلال كردستان. وما كان ذلك الا ليأكل بهم خبزا كما يقولون، فسيقول أمام حلفائه في مجلس الصم والبكم أن الأمر لم يكن سهلا وعليه ترويض الشارع الكردي الذي يصر على الاستقلال، وسوف تتطلب إقناعه بفدرالية المحافظات، أو الفييييدرالية الجغرافية كما يسميها، جهودا مضنية!!!
يضحك بريمر عليهم جميعا، فقد ضم تحت مضلته قادة القوميين الأكراد وجعلهم يتنازلون عن مطالبهم التي كانت رأسهم وألف (كيوة) إلا لينفذوها.
وجاء بحزب الدعوة ولوثه ابتداءً من معلقات السيد الجعفري في أثناء دورته الشهرية لمدح اطروحة المجلس وانتهاءً بإدخال كوادرهم المعروفة في تركيبة دعم الاحتلال.
وجاء بعمائم الولاية وعلى رأسهم السيد عبد العزيز الحكيم، الذين كانوا وحتى الأمس القريب لا يرتضون عن ولاية الفقيه بديلا، ولا غير الولي الفقيه زعيما، وفجأة ينقلب كل شيْ فيكونوا حلفاء أمريكا منذ العام ۱٩٩۲ ومستقبلي وولفوويتز على موائد العشاء، ويا لها من عاقبة.
وجاء بالإخوان المسلمين، وبزعاماتهم وعلى رأسها محسن عبد الحميد، ليطبلوا للمحتل ويصبحوا كالغراب الذي أراد أن يرقص، فلا هم يمثلون السنة ولا أحد يقبلهم من الشيعة.
وجاء بمناضلي البروليتاريا والوطن الحر والشعب السعيد، وأصبحوا يأخذون كرسيهم في المجلس محسوبين على الطائفة الشيعية (ونحن منهم براء) وجعلهم واجهةً للامبريالية (وياله من نضال طبقي)، في خليط أعجب من (جوبية الجبايش)، ولا أعرف كيف يفسرون هذا التحالف ديالكتيكيا.
وجاء بالسيد الجادرجي الذي ما فعل بعد أبيه غير إدارة معمل (البيرة العراقي) ذات الماركة المسجلة والتي زاحمه عليها عدي المقبور ابن بطل الجحور، وأنجز هذا أخيرا زرع ابنه وكيلا لوزارة فهذا غاية ما يبتغيه.
وجاء بنكرة في جميع أوساط العراق (أحمد الجلبي) وخلق منه قيادة فيها كل أنواع اللصوص، وصولا لنهب ما يسد به الفم الأردني الذي هو كجهنم، لا تقول إلا هل من مزيد.
وجاء بالبعثي الذي لو غُسل بألف بحر لبقي السفاح الذي تقطر الدماء من يديه، ولن يتوقف عن الدعوة لاعادة البعثيين تحت إمرته.
غير كل هؤلاء جلودهم بلمح البصر من أجل الكرسي الذي لن يطول المقام حتى يسحب بريمر. . . . . . . . . . . . . . . . السيفون (وألف عذر للقراء) فليس الأمر سوى هذا، ولكم أن تتصوروا حالهم بعد ذلك.
وهو يقول للجميع منذ اليوم: هؤلاء من كنتم تتصورونهم قادة العراق، لا فرق بينهم وبين الطاغية الذي سلطناه عليكم ثلاثة عقود ونيف، هذا هو خطاب السيد الأمريكي للشعب العراقي، وهو يدعو هذا الشعب للاستسلام فكريا وسياسيا واقتصاديا، فلا فائدة حسب الأمريكي من مقاومته ومقاومة وجوده، فمن كان دكتاتورا أرعبكم كل هذه المدة، ه و بالنسبة لنا جرذ وليس أكثر، يختبئ في جحر كي ينجو بنفسه. استخدم الأمريكي كل هؤلاء ليستسلم الشعب له عن يد وهو صاغر.
وما ستكون الخطوة المتوقعة التالية عاجلا أو آجلا؟
الجواب هو: الرجل القوي للشعب الصعب، فهنالك(صديم صغير)، في مكان ما، يكبرونه ويقوونه شيئا فشيئا، لنبدأ نفس المأساة مرة أخرى.
ولكني أعرف ويعرف من يمشي في شوارع بغداد، ولا يعيش في عالمه الخيالي الذي يسبح في الأحلام، أن في العراق رجال (كالياقوت الأحمر) لم يبدلوا خطابهم، ولم يغيروا جلودهم، وكلما رحلت منهم أمة الى بارئها، وقفت منهم أمة أخرى.
تصبحون على خير
خصوصيات عراقية
نــــــــــزار حيدر
جاء موضوع السجال الدائر حاليا في العراق، حول الدعوة لإجراء الانتخابات، لتشكيل المجلس التأسيسي المرتقب، مناسبة، ليثير الكثير من المخاوف، بشأن إحتمالات تكرار تجربة الحكم الديني على الطريقة الإيرانية، خاصة، وأن من أبرز الذين يتبنون نظرية الانتخابات ويصرون عليها، هو المرجع الديني الأعلى المقيم في مدينة النجف الاشرف، آية الله العظمى السيد علي السيستاني، من جانب، وكون الأكثرية في العراق، وهم الشيعة، أعلى الآخرين صوتا في تبني الدعوة.
إن الكثير ممن يرفض فكرة الانتخابات المبكرة، سواء من الساسة العراقيين أو من قادة التحالف الاميركي، لا يقصدون برفضهم، أصل الفكرة، التي لا يختلف عليها إثنان، على إعتبارها من أبرز مصاديق أية ديمقراطية في العالم، كما أنهم لا يرفضونها لاستحالة تنفيذها، وإنما يعنون برفضهم، من يقف وراءها ويتبناها، لدرجة، أني سمعت بعض من تحدثت إليه منهم، يقول، إن القبول بالفكرة، يؤسس لسابقة خطيرة في العراق الجديد، ولمنهج خاطئ لا يجوز التورط فيه، لان أي تنازل لصالح الفكرة، هو تنازل للسيستاني ـ النوعي ـ، ما يعني منحه حق الوصاية بامتياز على الحياة العامة، والذي يعني، فيما يعني، تمكين علماء الدين من أن يلعبوا الدور الأول والأساس في الحياة السياسية العراقية الجديدة.
ويضيف بعضهم ؛ لو جاءت الفكرة من غير علماء الدين، لأمكن دراستها وربما الأخذ بها وتنفيذها، أما وقد نطقت بها المرجعية الدينية، فمن غير الممكن أبدا، حتى مجرد التفكير بها ومناقشتها، فضلا عن الأخذ بها والتنازل عن بقية الطروحات، لأنها ستمنح المؤسسة الدينية، وصاية وقيمومية وحق النقض ـ الفيتو ـ على كل المجريات السياسية في العراق الجديد، ما يعني تعبيد الطريق لتكرار التجربة الإيرانية في الحكم الديني من جديد، وهل يعقل ذلك؟ يتساءلون بعصبية.
فما مدى صحة هذا الكلام؟، وما هو مدى صحة مثل هذه المخاوف، التي أثارتها دعوة السيستاني للانتخابات؟.
شخصيا، لا أخفي تفهمي لبعض هذه المخاوف، وتعاطفي معها، ربما لحد التبني، لأننا، وبصراحة، لا نريد أن نرهن العراق الجديد وشعبه بيد رجل واحد، مهما كان موقعه الاجتماعي، لان ذلك يتناقض كليا مع مبادئ الديمقراطية، كما يتعارض مع نظرية الشورى التي يتبناها الإسلاميون المتنورون في العراق، فهو نوع من أنواع الاستبداد السياسي، الذي يلغي الرأي الآخر وصوت المواطن، بحجة وبأخرى، لما للفتوى الدينية من تأثير ساحر على الناس، يصل في بعض الأحيان إلى حد الإقفال كليا على العقل، ومنعه من مجرد التفكير بحرية، كما يلغي الإرادة.
ولكنني، في نفس الوقت، أرى أن هنالك تهويلا وتضخيما كبيرا في أغلب هذه المخاوف، خاصة، عندما يقارن موقف السيستاني مع سلطة علماء الدين في التجربة الإيرانية، والتي أجزم أن لا أحد يحب أن تتكرر، بأية صورة من الصور، في العراق، كونها تجربة لا يحسد عليها أصحابها، بعد أن فشلت في الصمود أمام تحديات الواقع الاجتماعي الإيراني، الذي تصوره المراقبون وقتها، بأنه الأرضية المناسبة والخصبة لنموها واستمرارها، بسبب عدم قدرتها على تطوير نفسها ذاتيا لتنسجم وتطورات الحياة ومتطلبات الزمن الجديد.
وما أخشاه هنا، هو التوظيف السيئ للتهويل والتضخيم المقصود لهذه التخوفات، من أجل إجهاض الجهود الرامية للانتقال إلى الديمقراطية في العراق، من خلال وضع العصي في عجلة عملية التحول الديمقراطي، التي تسير بشكل متنامي، وإن كان بطيئا، والحيلولة دون تمتع الأغلبية بحقوقها السياسية، من خلال تخويف الآخرين منها.
إن التهويل من مخاوف تكرار التجربة الإيرانية في العراق، سببه الجهل بالفروقات الجوهرية، الكثيرة والكبيرة، بين البلدين، بالإضافة إلى تجاهل الفارق الجوهري بين السيستاني، صاحب فكرة الانتخابات ـ والخميني، قائد ومؤسس التجربة الإيرانية الفريدة ـ، فلا العراق، إيران ثانية، ولا السيستاني، خميني آخر، وذلك للفروقات التالية ؛ ـ
أولا ـ ليس في العراق أغلبية مطلقة، لأية شريحة من شرائح المجتمع، كما هو الحال بالنسبة إلى المجتمع الإيراني، الذي يشكل فيه الشيعة، النسبة المطلقة تقريبا ـ أكثر من ٩٦ في المئة، حسب الإحصاءات الرسمية القديمة والحديثة ـ، ولذلك لا يمكن لأية شريحة من شرائح المجتمع العراقي، المتعدد الشرائح دينيا ومذهبيا وقوميا، أن تستفرد بطروحاتها ومشاريعها وأجندتها السياسية للعراق الجديد، ما لم تتوافق عليها مع بقية الشرائح، لأن العراق وتركيبته الاجتماعية المتنوعة والمتعددة، لا تسمح له بذلك، ما يعني أن كل الشرائح يلزمها أن تعتمد مبدأ التنوع والشراكة، لبناء العراق الجديد، المستقر والمسالم.
ثانيا ـ حتى الشيعة في العراق، الذين يمثلون الأغلبية العددية، حسب مختلف الإحصاءات، لا يتبنون نهجا سياسيا واحدا، أو حتى منهجا مرجعيا واحدا، ولذلك لا يمكن حسابهم جميعا ضمن تيار واحد، عند حساب تأثير التيارات السياسية في الساحة، وأن من الخطأ حسابهم جميعا ككتلة واحدة وصوت واحد، مع تعدد الآراء والاجتهادات والاتجاهات، على عكس الحالة في إيران، إبان الثورة على الأقل، عندما اصطف الشعب بكامله خلف الخميني، لدرجة، أن الشيوعيين الإيرانيين تبنوا كذلك شعارات الخميني في مواجهته لنظام الشاه، الأمر الذي دفع بالناس إلى تسميتهم تندرا بــ، الشيوعيين السائرين على خط الإمام ـ.
ثالثا ـ تعرف المرجعية الدينية، كما تعرف غيرها من القوى الشيعية الأخرى المؤثرة في الساحة، أن في العراق قوى وتيارات قومية وليبرالية عديدة لا يمكن لأحد تجاوزها أو تجاهل تأثيرها في الساحة السياسية، فضلا عن فرض أجندات سياسية خاصة ومحدودة، بالرغم من أن موضوع الانتخابات ليست مطلبا شيعيا أو حتى إسلاميا فقط، بل إنه مطلب وطني عام تبنته ودافعت عنه مختلف شرائح المجتمع العراقي، بغض النظرعن انتماءاتها الدينية أو المذهبية أو القومية، أو حتى اتجاهاتها الفكرية والسياسية.
قد تتفاوت هذه التيارات، في تأثيرها وفاعليتها في الشارع العراقي، إلا أنها، مع ذلك، تبقى ذات وجود وتأثير، حسب هوية التيار، ومناطق وجوده الجغرافي، ونوعية برنامجه السياسي، وإن كان التيار الديني، وعلى رأسه المؤسسة المرجعية الدينية، هو الأقوى، ولكنه ليس الوحيد أبدا.
رابعا ـ إن تعاطي المرجعية الدينية في العراق، بالشأن العام، وإبدائها لرأيها في القضايا السياسية، لا يعني بالضرورة، أبدا، الدعوة إلى إقامة نظام ديني على طراز التجربة الإيرانية، فهناك فرق كبير وشاسع بين الدعوة إلى احترام الدين، وآراء علمائه وفقهائه، في مختلف القضايا العامة، وبين الدعوة إلى تبني نظرية إقامة نظام ديني، الذي يقوم على أساس واضح من الأجندة السياسية، لا أعتقد أنه يخفى على المعنيين والمتابعين، فضلا عن القادة والسياسيين.
حتى أكثر التيارات المرجعية تطرفا في العراق، نفت أن تكون قد دعت إلى إقامة نظام ديني، لا على أساس التجربة الإيرانية، ولا على أساس غيرها من التجارب، فضلا عن السيستاني، الذي عارض تدخل ـ رجال الدين ـ بالأمور التنفيذية بشكل مباشر، والاكتفاء بدور التربية والتوجيه والنقد والمراقبة.
لذلك، فإن تعاطي العلماء والفقهاء والمراجع بالشأن السياسي العام، هو من باب ممارسة حقهم الطبيعي، كمواطنين، في المشاركة السياسية، والتي يكفلها أي نظام ديمقراطي قيد الإنجاز في العراق، ليس أكثر.
خامسا ـ إذا كان الإيرانيون قد التفوا حول الخميني بصفته زعيما سياسيا، وقائدا لثورة شعبية، ضمن سياق تاريخي طويل، فأطاعوه في كل طروحاته السياسية التي كان يتقدم بها إلى المجتمع الإيراني بكل فئاته، فإن العراقيين لم يلتفوا حول السيستاني، إلا بصفته مرجعا دينيا، يشخص أفضل الطرق الممكنة لصيانة حقوقهم، من الانتهاك أو التجاوز، فهم لم يتبنوا مشروعه حول الانتخابات مثلا، بصفته زعيما سياسيا، أو قائدا لثورة شعبية، أو ما أشبه، بقدر ما يعتبره العراقيون، لسان حالهم في المطالبة بحقوقهم السياسية، في إطار دعوة الاحتلال لإقامة الديمقراطية في العراق الجديد.
إلى جانب ذلك، فإن المرجعية الدينية في العراق، لم تتبن في طروحاتها الفقهية، مطلقا، نظرية ولاية الفقيه، التي أقام الخميني على أساسها نظريته السياسية، التي توجها بتأسيس النظام الديني القائم حاليا في إيران.
بل إن المدرسة المرجعية، التي ينتمي إليها السيستاني، وبقية المراجع الدينية الحالية في العراق، عارضت الخميني في مشروعه السياسي، ورفضت تفسيره لنظرية ولاية الفقيه المطلقة، ولذلك فهي لم تذهب إلى ما ذهب إليه الخميني في سعيه الحثيث لتأسيس الحكومة الدينية، منذ إنطلاقته قبل نصف قرن تقريبا، وعلى هذا الأساس، إعتبرت مدرسة السيستاني المرجعية، مدرسة محافظة بكل معنى الكلمة.
سادسا ـ وإذا كان الخميني قد قاد ثورة شعبية شاملة ضد نظام الشاه السابق، ما منحه الحق المطلق في التصرف بشؤون البلاد، وبلا منازع، حاله حال كل قادة الثورات في العالم ـ من خلال ما كان يرسمه للآخرين من خطوط حمراء في العلاقة مع الولايات المتحدة الاميركية، التي إعتبرها الخميني الشيطان الأكبر، فإن الأمر يختلف كليا بالنسبة إلى العراق.
فلا أميركا بمثابة الشيطان الأكبر من وجهة نظر العراقيين، وهي التي ساعدتهم على التخلص من نظام المقابر الجماعية، الشمولي الديكتاتوري البائد، ولا السيستاني أو غيره، قاد ثورة شعبية لوحدة أسقطت الحكم البائد، ليتصرف لوحده في رسم الخطوط الحمراء للآخرين، وبالشكل الذي يراه مناسبا، كما أن العراق لم يشهد، بالأساس، ثورة شعبية أطاحت بالحكم، ليتصرف قادتها كيف يشاؤون، ولكل ذلك، فإن إستحقاقات الحالة العراقية، تختلف كلية عن إستحقاقات الحالة الإيرانية آنئذ، فليس في العراق طرف واحد، يرسم حدود الخطوط الحمراء في الخارطة السياسية والاجتماعية الجديدة، كما أنه ليس في العراق مؤسسة واحدة فقط، يحق لها أن تتصرف كيف تشاء ومن دون منازع، أبدا.
قد يختلف الدور والتأثير، إلا أنه لن ينفرد أبدا.
وإذا كان الخميني هو اللاعب الأول والأخير في الساحة الإيرانية، إبان التغيير الذي شهدته إيران في العام ۱٩٧٩، وهو الذي كان يحدد لوحده الخطوط الحمراء للآخرين الذين لم يكن من حقهم أن يتجاهلوها، فضلا عن تجاوزها، وإلا واجهوا السقوط، وبشأن كل القضايا السياسية، فإن السيستاني، أو أية قوة دينية أو سياسية أو إجتماعية أخرى في العراق، ليس هو اللاعب الأول والأخير، وأن الجميع يدركون، بمن فيهم المرجعية الدينية، أن عليهم أن يحترموا أصول اللعبة، فلا يتجاوزوا الخطوط الحمراء، التي إرتسمت في خارطة العراق الجديد، بالتوافق فيما بين الجميع، من جانب، وبينهم وبين الولايات المتحدة الاميركية، وحليفاتها، من جانب آخر، ولقد رأينا ماذا حل بمن حاول تجاهل الإشارات الضوئية الحمراء، المنصوبة على طول الطريق، عندما صعد، أكثر من اللازم، سقف مطاليبه السياسية، في مسعى منه لاستغلال الظرف الطارئ وإبتزاز الآخرين.
سابعا ـ وإذا كان الخميني قد حرم على أتباعه والملتزمين بنهجه السياسي، التعامل مع الولايات المتحدة الاميركية، كونها العدو اللدود للشعب الإيراني، وأن العلاقة معها تشبه إلى حد بعيد علاقة الذئب بالحمل الوديع ـ على حد وصفه ـ، فإن العمامة الشيعية العراقية دخلت البيت الأبيض من دون إحراج، كما أنها جابت أروقة المؤسسة السياسية الاميركية منذ مطلع العقد الأخير من القرن الماضي ولحد الآن، ما يعني إنفتاحها على العلاقة مع الولايات المتحدة الاميركية، من جانب، وعدم تأثرها بالاستراتيجية السياسية للنظام الديني في إيران، من جانب آخر.
أضف إلى ذلك، فإن للعلاقة بين العمامة الشيعية العراقية، والولايات المتحدة الاميركية، تاريخ إيجابي طويل، يعود إلى أيام الاحتلال البريطاني للعراق مطلع القرن الماضي، عندما تبادلت المرجعيات الدينية آنئذ، وعلى رأسها قائد ثورة العشرين الإسلامية التحررية، المجدد الشيخ محمد تقي الشيرازي، الرسائل السياسية مع زعماء البيت الأبيض، وعلى رأسهم الرئيس الاميركي آنئذ، ويلسون، والتي دعتهم فيها إلى التدخل لصالح إنتزاع حقوق العراقيين من المحتل، من خلال دعوتهم البيت الأبيض لممارسة الضغط على بريطانيا العظمى آنذاك للوفاء بتعهدها الذي قطعته على نفسها في منح العراقيين الاستقلال الكامل، مرورا باللقاء التاريخي المشهور الذي جمع بين السفير الاميركي في بغداد، نهاية الخمسينيات من القرن الماضي، والمرجع الديني الأعلى آنذاك السيد محسن الحكيم، والذي إستقبله في بيته في مدينة النجف الاشرف.
إن كل ذلك وغيره الكثير من الشواهد، يشير إلى أن المرجعية الدينية في العراق تختلف جذريا في إستراتيجيتها السياسية، بشأن العلاقة مع دول المجتمع الدولي، وعلى وجه الخصوص الولايات المتحدة الاميركية، عن تلك التي تبناها الخميني، والذي كان، منطلقها، ولا يزال، في رسم هذه الاستراتيجية، هو الانفتاح في العلاقة، بما يضمن إنتزاع حقوق العراقيين، من المحتل مطلع القرن الماضي، وللمساعدة في التخلص من النظام الشمولي البائد مطلع هذا القرن، وللمساعدة في بناء النظام الديمقراطي في العراق الجديد، حاليا.
كما تؤكد كل هذه الوقائع، على أن المرجعية الدينية في العراق، تفكر وتخطط بطريقة مستقلة، لا تتأثر بإيحاءات خارجية أبدا، وهي التي ظلت المرجعية العليا في كل الظروف، ومنذ أكثر من ألف عام، حتى في العصر الذهبي الذي مرت فيه الجارة الشرقية إيران بقيادة الخميني، طوال الفترة الزمنية الممتدة من ـ ۱٩٧٩ لغاية ۱٩٨٩ ـ.
تأسيسا على كل ذلك، لا أرى أية أوجه شبه في المقارنة بين العراق وإيران من
جانب، والسيستاني والخميني من جانب آخر، والتي يسوقها المتخوفون من دور المرجعية الدينية في العراق الجديد، ربما لحاجة في نفس يعقوب يريدون قضاها، لا أدري.
إن رؤية الصورة كما هي، وقراءة الواقع كما هو، من دون تهويل أو تضخيم، يقلل من الأزمة، ويقدم خدمة تاريخية كبرى، للعراق والعراقيين.