نصت المادة ۲٧ من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية للأمم المتحدة في سنة ۱٩٣۲ و الذي وقع عليه العراق بمنا سبة قبوله عضوا في عصبة الأمم المتحدة - وهي أكثر الأحكام الملزمة قانونا و المقبولة على نطاق واسع بشأن االأقليات العرقية والدينية والأثنية ضمن حدود البلد الواحد- بوجوب قيام الدولة بأحترام حقوق الأقليات التي تتكون منها البلد وقيام كل مجموعة بأحترام خصوصية وهوية المجموعة الأخرى امتثالا للمساوات بينهم. وعلى حكومة تلك الدولة المحفاظة على الحقوق الثقافية و الاجتماعية والسياسية و الأقتصادية لتلك الأقليات وتنميتها وتطويرها من أجل تأمين أستقرار البلد نفسه وتحقيق السلم المنشود. أن جميع القوى الخيرة والمحبة للسلام في العالم والقوى الوطنية في العراق و بضمنها التركمان أنفسهم كانوا وما زالوا يؤمنون بهذه المبادىء التي حرموا منها لعقود مضت على أيدي الحكام الذين توالوا على حكم العراق.
قامت الحكومة العراقية بأصدار قرارا في ۲٤\۱\۱٩٧۰ بمنح التركمان الحقوق الثقافية (وثيقة رقم ۲) بتوقيع أحمد حسن البكر آنذاك. و ما لبث النظام أن التف على القرار فيما بعد لكي يحرمهم من تلك الحقوق حينما بقي العالم ساكتا حيال هذه التجاوزات اللا انسانية ضد التركمان. بينما قام النظام نفسه أيضا بمنح الحقوق القومية للشعب الكردي للمنطقة الشمالية و ضمن حدود العراق في ۱\آذار من العام نفسه في بيان أطلق عليه بيان الحكم الذاتي للأكراد ( بيان ۱۱ آذار۱٩٧۰) وما تضمن ذلك من أمتيازات لم يحلم بها الأكراد أنفسهم. ثم ما لبث الأخوة الأكراد أن تنكروا لمحتوى البيان في آذار ۱٩٧٤ مما أدى الى أشعال نار الفتنة بين الحكومة من جهة والأكراد من جهة أخرى حيث حمل الأكراد السلاح لقتال الجيش العراقي في حرب أستمرت لعقود طويلة. وكان السبب في كل ذلك هو استثناء كركوك الغنية بالنفط من بيان الحكم الذاتي للمنطقة الشمالية. وقد كانت الحكومة على علم مسبق بأطماع و نوايا ألأكراد في أستحواذ كركوك ثم الأنفصال وتقسيم العراق.
لقد أثبت الشعب الكردي للعالم عبر نضاله على مدى عقود من الزمن بأنهم شعب حاد الطباع يميلون الى العنف والأنتقام. وقد يعلل ذلك علميا بعلاقته بتركيبتهم السايكلوجية و ظروف و طبيعة حياتهم الجبلية والقبلية التي تعتمد على الثأر المباشر و حبهم للقتال كأسلوب مباشر لحل أي نزاع. ومن الناحية السياسية يتصفون بحبهم للذات الكردية والأستعلاء القومي والانفصالية والأقليمية في جميع البلدان الأربع التي يقطنونها وهي العراق و تركيا و ايران و سوريا. ولم يسجل التاريخ لهم بالولاء لأي دولة عاشوا على أرضها أبدا بل أن ولائهم يقتصر على أنفسهم فقط. و حسب المقاييس الدولية فقد كانوا و مازالوا يشكلون مصدرا رئيسيا للقلق ضد أمن و أستقرار هذه الدول، فتركيا والعراق خير شاهدان على ذلك. بالأضافة الى كونهم كانوا سببا في نزيف الدم للجنود العراقيين الذين استشهدوا دفاعا عن وحدة تراب العراق ووحدة شعبه منذ الخمسينات في معارك سميت بحرب الشمال حيث هدرت فيها طاقات العراق الوطنية وثرواته البشرية و خيرة شبابه من الطرفين. وكلفت الدولة مليارات الدولارات التي كان الأجدر أن تستثمر في اعمار البلد بضمنه المنطقة الشمالية نفسها بدلا من هدمه وهدر امكانياته المتعددة. وقد حمل الأكراد السلاح وقاتلوا جميع الحكومات التي توالت على حكم البلد و منذ زمن عبد السلام محمد عارف وانتهاءا بصدام حسين. ومن ناحية أخرى برهنت الأيام الماضية بشكل قطعي معاداتهم لكل ماهو ليس بكردي. وقد تجاوزوا كذلك جميع القيم الوطنية بارتباطاتهم المكشوفة بالعدو الصهيوني من خلال التعاون العسكري و شراء الأسلحة والتدريب مؤكدين ايمانهم بالمبدأ الماركسي (الغاية تبرر الوسيلة).
لقد انتهز الأكراد فرصة الغزو الأمريكي للعراق فدخلوا مدينة كركو ك الغنية بالبترول كمحتلين خلف الدبابات الأمريكية فاغتصبوا أراضي و ممتلكات لاتعود لهم بتا تا بل تعود لسكان المدينة الأصليين من التركمان والعرب. كما و أحتلوا الدوائر الرسمية كالطابو والنفوس والتجنيد ودوائر أخرى ونصبوا من أنفسهم محافظا كرديا على كركوك و عينوا مدراء لهم من الموظفين الأكراد فقط. و قاموا بسرقة محتوياتها من الأجهزة و الكومبيوترات وغيرها وتزوير السجلات الرسمية و تسجيل الأملاك بأسماء العوائل الكردية المستدقدمين من المحافظات الشمالية كالسليمانية و دهوك والمناطق المحيطة بهما الى كركوك للأقامة فيها وشراء مايستطيعون من الأراضي والممتلكات الخاصة بالتركمان و ضمن حملات منظمة رسمت منذ سنوات بحساب دقيق وتم تنفيذها بعد أحداث آذار سنة ۱٩٩۱ و بأمر من حزب الأتحاد الوطني الكردستاني و ذلك في محاولة لزيادة نفوس الأكراد في مدينة كركوك التركمانية للفوز بالأكثرية في عملية التعداد العام للسكان القادمة في محاولة منهم لأظفاء الطابع الكردي و تزوير ديموغرافية مدينة كركوك. والغاية واضحة للجميع فهي محاولة دمج كركوك مع أقليم كردستان و جعلها عاصمة لهم لغناها بالنفط والثروة المعدنية. ومما ساعدهم لأحتلال كركوك غياب الحكومة المركزية بعد أنسحاب الجيش العراقي والقوات الحكومية الأخرى حيث خلق ذلك فراغا واضحا مما أدى بالنتيجة الى فقدان الأمن وأنتشار الفوضى.
و الفوضى طالت دوائرالدولة الرسمية بأغتصابهم بيوت وممتلكات التركمان والعرب طاردين سكانها الأصليين منها و قتلوا من واجههم من الرجال و النساء والأطفال والشيوخ ما أستطاعوا بغية فرض هيمنتهم عليهم. وهنالك أفلام وثائقية و صور تثبت أعمال النهب والسلب والسرقة على أيدي المسلحين الأكراد ستستخدم ضدهم كدليل ادانة على أفعالهم. وأصبح الآن مألوفا أن ترى رعاة قطعان الأغنام والماعز النازحون من أقصى الشمال يرعونها في شوارع و أزقة كركوك الجميلة و كأنما المدينة- التي لم تعهد لمثل هذه المناظر المقززة للنفس- أصبحت مراعي و أمتدادا لجبال سرجنار ووديان دهوك. وترى سائقي سياراة الأجرة وهم يحملون ركابهم لا علم لهم بلغة أهل المدينة و لا بجغرافية و شوارع كركوك حيث يسوقون سياراتهم بهدى ركابهم من أبناء المدينة من التركمان وهم يهزون رؤوسهم استهزاءا لهذه المشاهد المؤلمة. و قد شاهدت بأم عيني نساءا في شباب عمرهن يتكلمن بلهجة البادينانية التي تشير الى قدومهم من أقصى شمال العراق وهن يتجولن في شوارع كركوك مع أطفالهن و يشحتن من المارة. و مما يزيدنا أسا و حزنا حصول كل هذا و ذاك أمام مرأى ومسمع الأمريكان و بحماية مدرعاتهم. اذن هؤلاء هم القادمون الغربا ء عن كركوك و عن أهل كركوك.
أن الفدرالية التي ينادون بها لهي فعلا مهزلة العصر دون مثيل. فالمعروف عرفا و قانونا أن الفدرالية تعني أتحاد أقاليم قائمة أ ساسا و موجودة أصلا تندمج فيما بينها في أتحاد ضمن أطار الدولة الواحدة وتشترك فيما بينها بأمور تحدد خصوصيات كل أقليم. ويبدو أن كلمة الفيدرالية والغير العربية أصلا ( و هي تعني الأتحاد أو الأندماج) قد أستهوتهم كثيرا فراحوا يرددونها كيفما شائوا ناسين أنفسهم و كونهم جزء من العراق نفسه. فلا أتحاد ولا فدرالية لدولة قائمة أساسا دون أجزاء مستقلة عن بعضها لكي تعود لتتحد فيما بينها من جديد. والحقيقة لا يرغب أحد من العراقيين بتقسيم وأستقطاع البلد الى أشلاء صغيرة بما تشتهي السياسة الكردية.
لقد تعلمنا منذ نعومة أظفارنا و من خلال عوائلنا ومن المدارس والجيش أن العراقي الوطني هو من يعمل من أجل رفعة بلده من خلال العمل الوطني المشترك لجميع القوميات دون فرق ضمن العراق الكبير الموحد. فقد كانت مدينة كركوك الجميلة مدينة للتركمان بشكل اساس يعيشون بأخوة وسلام مع أخوانهم من العرب و الأكراد القاطنين أطراف كركوك الشمالية حين أنكشاف نوايا التقسيم و الأنفصال عن الوطن. أن أي محاولة لتقسيم الكيان الواحد لهو خيانة وطنية واضحة سيجلها التأريخ بأحرف من السم لكونه مشروعا صهيونيا وأستعماريا واضحا يهدف الى اذلال الدول العربية قاطبة و العراق خاصة. و الأكراد هم و حسب المعايير والمفاهيم الدولية جزء من الوطن العربي الكبير شائوا أم أبوا. وقوة العراق تقاس بوحدة شعبه و قومياته الثلاث الرئيسية العرب والأ كراد و التركمان وبوحدة أرضه و سمائه وليس بتجزئته الى أقاليم صغيرة.. فالأتحاد قوة والتجزئة ضعف.
فعلى الأخوة الأكراد الذين يحلمون بتقسيم وتجزئة العراق كالكعكة أن يدركوا جيدا بأن معنى الوطنية ليست مرادفة للتعاون مع الأمريكان والصهاينة. ولا تعني تقسيم البلد، و لا هي مرادفة للعنصرية القومية البغيضة والأستعلاء العرقي على الآخرين ومحاولات السيطرة على التركمان والأقليات الدينية كالكلدان و الأشوريين والأستحواذ على ممتلكاتهم وأحتلال مدنهم و قراهم و أستباحة حرماتهم و تغيير أسماء المستشفيات و الساحات الى أسماء كردية. وليعلموا كذلك أن المصالح الدولية للمنطقة لها أولويات وثوابت قائمة و التي لا يدركها الأخوة الأكراد انفسهم ولا قادتهم الذين يجرونهم الى مهالك لاعلم لهم بها بعد وهي لا تصب في مشتهة أنفس الأكراد كما يعتقدون. وأن كركوك لن تكون كعكة مستساغة للأكراد الحالمين بها.
بعد أحداث كركوك.. الفيدرالية أم الديمقراطية؟
سمير طاهر
بعد أحداث كركوك الأخيرة، التي لم أفاجأ بها على أية حال، أجد من الواجب أن أعلن ما يجول بذهني و أريح ذمتي. و ما حدث هو هذا: تخرج مظاهرة كردية تعبر عن رأيها و يعود المتظاهرون الى بيوتهم بسلام؛ ثم تخرج مظاهرة تركمانية و عربية فيطلق عليها المسلحون الأكراد النار و يسقط قتلى و جرحى ؛ في اليوم التالي ( أو لعله في الليلة ذاتها) يقتل كرديان... هل نقول " و هلم جرا"؟
لا شيء في هذه الأحداث لم يكن متوقعا. كنا بانتظار أن تضيق دائرة الإهتمامات و يشرع السياسيون بتناول القضايا الحساسة، التفصيلية، لكي تنفجر المعضلات الكبيرة في العراق و التي كان الحكم المركزي طوال عمر الدولة العراقية يعالجها بالقمع وحده: التعدد القومي؛ التعدد الديني و الطائفي؛ و.. كركوك! هي معضلات كبيرة حين تكون مشكلة الحكم هي انحيازه الفطري لواحدة منها ينتمي اليها، و إلا فهذه التعددات هي مصدر غنى و جمال للبيئة البشرية.
ان غياب كل أثر لمبدأ المواطنة في الثقافة السياسية في العراق( و بعض دول المنطقة) و الذي يتضمن مساوات جميع المواطنين و بأن ليس لأي منهم حقا في خيرات و إدارة البلاد أكثر من الآخر، قد ترك المجال لفكرة التغالب أن تتجسد في تأريخنا السياسي الحديث: انقلابات و تصفيات سياسية و جسدية وقومية. و و فق هذا المبدأ فان من "يغلب"، أي يستولي على السلطة، يتحتم عليه أن يقهر الآخرين: أولاً بالفطرة، و ثانيا تحوطاًـ و ذلك ليقينه بأنه إن لم يفعل ذلك بهم فعلوه هم به. و ها نحن نتكلم الآن عن شرعة الغاب، أو البيداء، أو أي شيء سابق على عصر دولة الدستور و البرلمان و تداول السلطة (حتى بعد أن تم على عجل تدبيرأشباه دساتير و برلمانات حسب الطلب، و جرى تداول للسلطة.. بالوراثة!). و فيما يخص مسألة التعدد القومي تجسد مبدأ الغلبة هذا بقمع القومية الغالبة لغيرها من القوميات: فالنظام الحاكم يرى في نفسه لسان حال الأمة؛ و عليه فان القومية التي "تغنم" السلطة عليها أن تأمن جانب القوميات الأخرى التي تشاركها الوطن بالمبادرة الى قمعها، فإن تمردت فسحقها! هكذا كان منظور السلطة الحاكمة في العراق، و النتيجة: ان تقديرات عدد ضحايا الإبادة الجماعية من المدنيين الأكراد على يد القوات الحكومية إبان ثمانينيات القرن الماضي بلغت عشرات الالوف. النظام الذي قتل هذه الأعداد من أبناء شعبه العراقي وصف ذلك بالنصر، و استعار له من القرآن الكريم اسم "الأنفال" ليكتسب جلالاً. و ما كان ذلك النظام إلا ضحية ثقافتنا السياسية الراهنة و نتاجا لها و منفذا لتقاليدها الدموية.
الآن جاءنا الأميركان ليلقنوننا الديمقراطية بدروس كان أولها احتلالهم لبلادنا، و لن أذكر المزيد لأنه ليس من مجال هذه المقالة. أريد أن أسأل فقط، لا الأميركان الذين يجهلون و إنما الزعماء السياسيين العراقيين الذين يعرفون كل هذه البحيرة العريقة من الدماء التي تدعى تأريخ السياسة العراقية: هل تصدقون حقا أن مجتمعا ظل كل هذه العقود من السنين ينتج العنف و التصفيات كممارسات تقليدية و كأسهل الحلول و أسرعها لحل الخلافات، مختومة بربع قرن من منع كل ثقافة و تغييب كل فكر و إغلاق كل عقل، يمكن أن ينقلب في سنة أو اثنتين الى مجتمع ديمقراطي مسالم؟! لو علم الأميركان بإجابة هذا السؤال مبكرا لترددوا على الأغلب في غزو العراق، لأنهم سيتراءى لهم مدى المستنقع الذي هم عليه مقبلون!
قلت بدءا انني لم أفاجأ بأحداث كركوك. و لن أفاجأ حين ستنشأ مشكلة الحكم و الحاكم، أو مشكلة "الجماهير" التي تتعطش لليوم الذي تتمكن فيه من أن تعالج، بالطريقة التقليدية و السهلة ذاتها، "مشكلة" تعددها قوميا و دينيا و طائفيا و ثقافيا، و لا حين يأتي أوان حسم مسألة "الفيدرالية" لكردستان العراق فيشتعل الجو داخليا و إقليميا، و لا حين يمتشق الزعيمان الكرديان سلاحهما ضد بعضهما مرة أخرى في صراع جديد على غنائم جديدة أو ولاءات إقليمية متقلبة، و لا حين يوشك القارب أن يفلت من أيدي الأميركان و هم يرون اتجاهات الناخبين تميل بعيدا عن ساحلهم في حال حصول انتخابات، و لا حتى أي استجابة تخطر على البال سيبدونها إزاء ذلك!
الذي يجعلني أتوقع ذلك ليس فقط مجرد اعتقادي النظري بأن تغيير كامل الثقافة السياسية لمجتمع ما لن ينجز إلا كجزء من عملية تغيير شامل للمجتمع ككل، الأمر الذي يستغرق زمنا يعتمد على مدى عمق و سرعة و شمول التحولات و نجاح و إطراد العملية (و هي عوامل لم يتحقق أي منها في العراق منذ سقوط النظام و حتى اليوم!)، و انما لأن التطور الذي حصل في الوسط السياسي العراقي، على أهميته، ليس كافيا نوعيا، و هو أبعد ما يكون عن أن يكون جذريا. لقد تغير نظام الحكم، لكن ما الذي تغير حقا في الثقافة السياسية في العراق؟ لقد جلس صدام على رأس الحزب حوالي عشرين عاما. حسنا، أعرف عدوا لدودا له يجلس الآن على رأس حزبه منذ ما يزيد على ذلك بكثير، دون أن يكف عن ترديد أنه ديمقراطي! أعرف زميلا له ورث زعامة الحزب عن أبيه، ليدلل على ان ليس العرب وحدهم من برعوا بالتوريث السياسي! عن أية ديمقراطية يتحدثون يا ترى؟
كركوك مدينة عريقة، ذات تأريخ غني حضاريا و ثقافيا. و تأريخها الحديث شهد أحداثا و فعاليات مهمة سياسيا و ثقافيا، كما كانت فعالة أدبيا و فنيا منذ الخمسينيات. انها مدينة متميزة لتنوعها الثقافي، ففيها تسكن منذ القديم ثلاث مجموعات قومية: الأكراد و العرب و التركمان، عائشين معا. التنافس على عائدية المدينة قديم: فكل من هذه القوميات تدعي ان كركوك، أصلاً، مدينتها قبل أن تنزح اليها القوميتان الأخرتان! لكن لم يكن الأمر بهذا االعنف الذي حدث الآن أو بالعنف الأكبر الذي يمكن أن ينفجر في أية لحظة ما لم تتخذ معالجات جدية و نزيهة. لكن لماذا الآن؟ لقد فاتني أن أذكّر بأن كركوك غنية بالنفط، و هكذا ينبثق الحلم الإنفصالي للزعماء الأكراد: منطقة كردستان العراق تحت حكم شبه مستقل، متنعمة بنفط كركوك. حلم جميل، سوى ان ثمة ما يعكره: القوميتان الأخرتان اللتان تتقاسمان كركوك مع الأكراد، و اللتان لن يرضيهما أن يجري تذويبهما قسرا في القومية الكردية (كما انهما لا تعدمان الحلم المذكور ذاته!). هكذا عثرت الزعامات الكردية على الحل في القيام باستعراض للقوة في مظاهرة حشدت لها كل قواها، مطالبة بضم كركوك الى "الفيدرالية"، و يقال ان المظاهرة تضمنت بعض الإستفزاز للعرب و التركمان، إن لم يكن تنظيمها بحد ذاته استفزازا فهذه الفيدرالية لم يتفق عليها مجلس الحكم بعد ( لكن البعض لم يطق صبرا رغم ذلك فباع أحد رجال الحرب حقوق تنقيب عن النفط للشركات العالمية في المناطق الخاضعة لمسلحيه و كأن الوطن ملك ورثه عن أبيه)، و قد يؤجل بحثها حتى قيام حكومة ذات سيادة، فلماذا المظاهرة إذن؟ و يبدو ان العرب و التركمان قد فهموا الرسالة فقاموا بعد يومين بمظاهرة يعترضون فيها على نية ضمهم الى الفيدرالية الموعودة. و كان رد فعل الأكراد مماثلا لرد فعل القوات الحكومية إزاء مظاهرة قام بها في الثمانينيات الطلبة الجامعيون الأكراد احتجاجا على قرار إجبارهم على الدراسة باللغة العربية: لقد أطلق الجنود الحكوميون وقتها النار على الطلبة، و سقط قتلى.
الأقوياء، من ملكوا السلطة وقتها، تعاملوا مع المحتجين بالرصاص، واليوم يحدث نفس المشهد، على يد الأكراد هذه المرة. ما الذي تغير في السياسة العراقية، عربيها و كرديها و تركمانيها؟ و كيف لا يضحك المرء و هو يستمع لتصريحات هؤلاء الساسة و وعودهم بالديمقراطية؟ و بالمناسبة، ثمة شبه عجيب بين تبريرات الحكم السابق و هو يقتل الأكراد و تبريرات الأكراد اليوم و هم يقتلون التركمان: المذنب هو القتيل! لقد قتلناهم دفاعا عن النفس، لقد هاجمونا في حين كنا بالصدفة مسلحين، و هم يريدون إثارة الفتنة الداخلية، و طبعا خدمةً لعدو ما. و في غياب أي تعويض للمتضررين و أي عقاب للقتلة، لنتصور حجم الحقد الذي نشأ لدى الطرف الآخر، الحقد الذي ولد دماً ( قتيلين ) سيلد بدوره دما.
و ما دام الزعماء الأكراد قد كرروا ذات الأساليب السياسية البعثية مع التظاهرات، فهل يفكرون بتكرار أساليبهم الشوفينية أيضا مع القوميات الأخرى؟ أعني ان النظام السابق قد مارس بحق الأكراد التهجير الجماعي من كركوك و جلب مكانهم عربا و ذلك في مسعى لتعريب المدينة بفرض الأمر الواقع بحيث يتعذر ضمها الى إقليم كردستان في اتفاقيات محتملة ( في تشابه شديد مع السياسة الإسرائيلية)، فماذا سيصنع الأكراد بعرب المدينة الأصليين، و بعضهم يشغلون أقضية بكاملها، و بتركمانها؟ هل سيمارسون معهم عمليات التهجير ذاتها لتكريد المدينة بفرض الأمر الواقع؟! ان كركوك تغدو هنا مثل أميرة يتنازع عليها الفرسان، كل يدعي وصلاً بها سوى انهم ليسوا مولعين بالوسائل الشريفة في المنافسة. لكأن المدينة معيار للقوة السياسية:
فكل من تحظى سفينته بريح مواتية يسعى لامتلاك كل كركوك. لكن رب سائل يسأل: و لماذا كل كركوك؟ لماذا على كركوك أن تكون إما عربية كلها أو كردية كلها أو تركمانية كلها (و هذه الأخيرة هي في حكم البديهيات، في نظر تركيا و خاصة جيشها الأتاتوركي!)؟ ما دامت هذه الأقوام كلها عاشت معا و كونت نسيجا اجتماعيا يفخر به الكركوكليون، فلم لا يتركونها لأهلها؟ أعتقد أن الزعماء الأكراد يقفون الآن بين المبادئ التي ظلوا يرددونها طويلا و حملها وراءهم الآلاف من أنصارهم، و بين صفقة سياسية كانت يوما مغرية و باتت الآن متأرجحة. والمحك:
كركوك.. لقد تاق الأكراد دوما الى الإنصاف و الديمقراطية، و كانت مطالبهم تتركز حول ممارسة حقوقهم المدنية كمواطنين، الأمر الذي وحّد آمالهم بآمال أخوانهم العرب في كل العراق الذين كانوا محرومين أيضا من هذه الحقوق. السؤال الآن: لو توفرت للأكراد فرصة أن يمارسوا كل حقوقهم المدنية التي ناضلوا طويلا من أجلها، فهل سيكفي هذا أم ستكون كركوك محور الصراع القادم؟ لقد مثلت كركوك بحقول نفطها إغراء للزعامات الكردية، و لكن الأحداث الأخيرة قد تدق جرسا يوقظ النائم من حلمه الجميل، لتعيده الى المبادئ الأولى: الحاجة الى العيش فقط كمواطن كريم. هل المهم في كركوك أن ينتخب الناس في كل محلة ممثليهم بحرية و أن تسود الشفافية و أن يدير الناس شؤونهم بأنفسهم، أم المهم أن تكون كركوك كردية مثلا؟ هل المهم الديمقراطية أم الفيدرالية؟ كركوك مدينة إشكالية، ليست اليوم فقط و لا في زمن صدام فقط، و لن تفلح مظاهرة مصطنعة في التعمية على تأريخ من العيش المشترك بين الناس من كل قومياتهم، و لن يفلح القتل و الإرهاب، و لا أفلح سابقا، في تخلي أناس عن مدينتهم. فلينس رجال الحرب هذه المدينة و ليفتشوا عن سبب آخر للتقاتل و تيتيم الأطفال.
قد يفهم البعض خطأ انني منحاز لقومية أو فئة، و أسارع بأن أرجو القارئ أن لا يتصور أنه لو قيض للأخوة التركمان أن يمتلكوا السلطة في كركوك فسيكونون أرحم من الأكراد أو من العرب! المسألة ليست أن ثمة قومية شريرة و أخرى طيبة؛ المسألة ببساطة هي تشوه مفهومنا للحكم. الحكم عندنا هو أداة للتسلط، وسيلة لقمع الآخر. الحكم عندنا يفترض وجود "العدو الداخلي"، تعبير ظل يتردد طوال حكم صدام حسين و قلما تمعنا فيه لندرك مقدار بشاعته. أن تعتبر شريكك في الوطن عدوا (لك، أو للوطن الذي ستراه ملكا لك وحدك) فهذا يمنحك تسويغا لقتله. وإلا، فبأي شرع يقوم مسلحون بقتل متظاهرين، إن لم يكن شرع الغلَبة؟ أضف الى ذلك عقدة الشعور بالظلم، و هو شعور قد يغدو قاتلا، قاسيا و ساديا حين يتاح له الإنتقام. وبما أن كل القوميات و الطوائف و الفئات الإجتماعية، بل غالبية الأفراد، قد تعرضوا للظلم الشديد على يد صدام حسين، فلن يبالغ المرء إذا حسب أن كل عراقي اليوم هو قنبلة موقوتة. و لهذا نحن بأمس الحاجة اليوم الى عقليات سياسية نزيهة، حكيمة، شجاعة و ناضجة، تسارع في مثل هذه الحوادث فتكون أكبر من السياسة و أكبر من الحزب و أكبر من نفسها، تعطي مثلا في سلطة القانون و في احترام الإنسان و حقوقه المدنية و في الحياة الديمقراطية السلمية، فتعوض المتضرر و تقبض على الجناة. أتأمل فرسان السياسة اليوم في العراق فأرى كثيرا و لكن لا أرى أحدا.
لماذا كركوك؟
هدى الحسيني - الشرق الأوسط
حتى الآن، يحاول مسؤولو التحالف في العراق تصوير الاحداث التي وقعت في مدينة كركوك، بين الاكراد والعرب والتركمان، خلال الاسبوع الماضي، على انها استثناء وليست القاعدة، لكنهم ضمناً يعترفون بأن المشاكل قد تتزايد مع اقتراب تاريخ الثلاثين من حزيران (يونيو) موعد تسليم السلطة الى العراقيين.
وبعد ان رفض القادة الاكراد خطة اميركية لعراق فيدرالي، لا تضمن الحكم الذاتي لكركوك، وهي الخطة التي ناقشها نهاية الاسبوع الماضي في اربيل، المسؤول الاميركي بول بريمر ونائبه البريطاني السير جيريمي غرينستوك، قررت الادارة الاميركية، عدم ادخال اي تعديلات الى دائرة الحكم الذاتي في كردستان، تاركة الامر لحكومة عراقية في المستقبل، ان تقرر وضع شمال العراق، وهذا فتح المجال وسيفتحه اكثر للصراع على السلطة وعلى النفوذ بين الدول المجاورة للعراق مثل ايران وتركيا وسوريا، وقد اختار الرئيس السوري بشار الأسد قبل البدء في زيارته الى انقرة، توجيه رسالة الى الاكراد، تقربه من تركيا اكثر، بأنه لن يسمح بدولة كردية مستقلة.
من المعروف ان العلاقة السورية ـ التركية لا ترتكز فقط على موقف سوريا من اكراد العراق، انها ابعد وأكثر تشعبا، تدخل فيها وساطات وحمل رسائل الى دول اخرى وحدود واسترجاع اراض. وليس من مصلحة واشنطن ان تصبح منطقة كردستان العراقية وسيلة شد حبال بين الدول المجاورة للعراق، كما انه لن يكون في مصلحة الاكراد ان تصبح كردستان العراق ورقة الضغط التي يحركها كل من له مطلب من الولايات المتحدة، مع العلم ان ايران حتى الآن، لم تدل بعد بدلوها، وقد ينجح الاكراد، اذا حشروا في الزاوية ان يعودوا الى تكتيكاتهم السابقة، بالتحالف مع دول في المنطقة، لينقذوا انفسهم من تهديدات او حسابات دول اخرى، وهذا قد يؤثر لاحقا على استقرار اي حكومة عراقية في المستقبل.
منذ عام ۱٩٩۱، اثر تحرير الكويت من الغزو العراقي، والاكراد في شمال العراق يتمتعون بنوع من الاستقلال، توصلوا اليه بعد اربع سنوات من المواجهات العسكرية ما بين حزبي مسعود البرزاني وجلال الطالباني، وادى الغزو الاميركي للعراق الى تمسك الاكراد بفكرة الحكم الذاتي، ودفع سقوط نظام صدام حسين وتحريك تركيا لمطالبتها بمدينة الموصل، بالاكراد لادخال كركوك في منطقة الحكم الذاتي التي يعتقدون انها تعود اليهم تاريخيا.
ان كركوك مدينة نفطية، واذا نجح الاكراد في السيطرة عليها فسوف تضمن لهم مصدرا ماليا يدعم استقرار منطقتهم، لذلك عندما ستوضع مسألة النظام الفيدرالي امام الحكومة العراقية في المستقبل، لا بد ان يطالب الزعماء الاكراد بحصة كبرى من عائدات نفط كركوك، وهذه النقطة بالذات قد توتر الاوضاع، لأن اي حكومة عراقية مركزية، ستطالب بالعائدات المالية من اجل اعادة البناء. حتى الآن، تقول الولايات المتحدة انها مع «عراق واحد» تاركة مناقشة التفاصيل للحكومة العراقية! لكن، الغارة التي شنتها القوات الاميركية في الثاني من الشهر الحالي، على مكاتب احزاب كردية، تضمنت اشارة للاكراد بعدم تجاوز الخطوط الحمر مسبقا، فواشنطن حتى الآن لم تكسب سنةّ العراق، وتراقب عن كثب الاتصالات التركية ـ السورية وتنتظر مردود وقع تصريحات مسؤوليها تجاه الانفتاح على ايران.
لذلك، على الاكراد الاسراع بالدفع الى الحصول على قرار عراقي ـ اميركي، حول مستقبل الحكم الذاتي في كردستان. لقد وصلت الاوضاع الخارجة عن نطاقهم الآن الى منعطف حاسم، ويجب عليهم قدر المستطاع العمل لعدم جعل مصير الحكم الذاتي الكردي يتحول الى صراع سياسي كبير، فرغم انهم اثبتوا عن قوة وتعاضد، الا ان هناك من يريد ابقاءهم الورقة الاضعف، وقد دلت احداث كركوك المفاجئة على هذا!
ينبغي وضع مدينة كركوك تحت إنتداب خاص
مهدي قاسم – كتابات
اصبح من المؤكد على إن تدهور الآوضاع السياسية و الإجتماعية والآمنية في مدينة كركوك قد وصل إلى حد يتطلب معالجة جديدة.
بل و يستدعي معالجة شاملة و جذرية، بحيث يساعد على تهدئة هذه الاوضاع، كخطوة تمهدية أولى لإستعادة الثقة، بين الآطراف المتنازعة.
و هذه المعالجة يجب أن تقوم حسب رأينا على طمئنة كل القوميات و الآقليات المتواجدة في المدينة و التأكيد على عدم وجود أية تهديدات جدية لوجودهم أو لهويتهم القومية و الشقافية.
و عدم هيمنة قومية أو فئة حزبية على قومية أو أقلية آخرى.
و هذا الآمر يتطلب وجود جهة سلطوية محايدة و مقبلولة من قبل معظم الآطراف المتنازعة و تحوز على ثقتها و تقتنع بحيادها المطلق.
و هذا يعني بالعربي الفصيح أن تقوم قوات التحالف بإدارة شؤون المدينة من جميع النواحي،لحين نقل السلطات إلى محلس الحكم الآنتقالي في النصف الآول من هذا العام،و بعد ذلك سيكون لكل حادث حديث.
و حسب اعتقادنا، بإن خطوات كهذه في حالة تطبيقها ستزيل المخاوف و الهواجس من عند القوميات و ألآقليات التي تخشى - سواء على حق أم على غيرحق - من عوامل خطورة إقتلاعها جغرافيا و كهوية قومية أو ثقافية.
إذ إن تأزيم ألاوضاع قد أتخذ أبعادا خطيرة، بحيث قضت على كل ذرة من الثقة التي كانت متبادلة بين هذه الآطراف المتنازعة، و التي,صلت مع الآسف الشديد إلى كراهية عميقة متبادلة، و متأججة توجت بسفك الدماء.
و لهذا، فقد فعلت حسنا قوات التحالف عندما داهمت وفتشت بدون أي إستثناء مكاتب جميع الاحزاب المتواجدة في مدينة كركوك، بهدف التأكيد علىعدم السماح لآية قومية أو فئة حزبية بالتفوق و فرض أمر الواقع على القوميات و الآقليات الأخرى.
لقد كانت مدينة كركوك معروفة بكونها مدينة لجميع القوميات و الآقليات العراقية المتعايشة بعضها مع بعض, ولو بشكل نسبي, بوئام و سلام. إلا إن النظام البعثي العنصري الشوفيني البائد قد أفسد و خرب كل شيء من خلال عملية التعريب الآجرامية.
و مما لا شك فيه، هو إن ما حدث و يحدث في مدينة كركوك، ليس خاليا من الآصابع التخريبية، لاتباع النظام البائد.
و كان ينبغي على المسؤولين الآكراد، الانتباه و التيقظ و الحذر، من هذه الخطط البعثية الجهنمية، و عدم إرتكاب أخطاء تدفع بالآمور إلى هذا التأزيم، و الآجواء المسمومة.
من خلال المطالبة بضم مدينة كركوك إلى كردستان العراق، وبشكل ملح.
بينما كان من المفروض عليهم أن يقوموا بخطوات إيجابية تدفع نحو حسن النية و صفاء المقاصد من شأنها تعميق الثقة المتبادلة و ترسيخ الآخوة العراقية و العيش المشترك.
لقد كانت مدينة كركوك معروفة بكونها مدينة القوميات و الآقليات العراقية المتعددة، تماما مثل حديقة ورود و أزهار ملونة و متنوعة!.
و هنا كانت تكمن روعة جمالها و أصالتها و تعدد و تنوع ثقافتها و تقاليدها الغنية، و بغض النظر عن من كان يشكل الآغلبية فيها.
و المطلوب الأن هو المزيد و المزيد من اليقظة و الحذر و الأستعانة بالحكمة و التعقل لموجهة الاخطار المحدقة بالعراق وطنا و شعبا و ارضا وقوميات و أقليات، وخاصة في هذه المرحلة العصيبة.
و لا يظن أحد ما، بإنه سيكون بعيدا عن الحرائق التي سيشعلها هذا الجانب أو ذاك..
لقد آن الأوان، ليدرك الجميع بإننا نعيش في عراق جديد، و كلنا نتمتع بحق المساواة في المواطنة العراقية.
و لا يوهم نفسه احد ما، بإنه سيتمتع بامتيازات خاصة بغض النظر عن قوميته وحزبيته و ارتباطاته السياسية.
كتاب عام ۲۰۰٣.... خيانة السياسي.... كركوك.... ابطال ولكن
كتابات - قاسم سرحان
خيانة السياسي:
يدرك من عمل معي في الشأن الوطني وقضية الشعب العراقي المظلوم من اني كنت دائما وابدا في الواجهة, كنت وما زلت املك الروح الوطنية العراقية وصرخات الملايين من ابناء شعبي الجريح, كنت اولهم وما زلت في السعي لتحقيق الرفاهية والديمقراطية والامل العراقي المنشود في ظلّ عراق قوي موحد ومتماسك, لا لم اكن غافلا ولم اكن ساذجا ازاء مطامحهم واحلامهم في تحقيق مايصبون اليه من المجد والثروة على حساب اهلنا في العراق المظلوم, نعم الان بعضهم في مجلس بول بريمر وبعضهم في لجنة الجواسيس التي اطلق عليها اسم لجنة اعمار العراق - وهذه اللجنة لي مقال خاص بحقها سانشره قريبا - وبعضهم يعمل من ضمن شركة بكتل الامريكية العملاقة في العراق التي سيطرت على ثروات اهلنا الجياع لحساب بعض المستهترين بالشعب العراقي والقضية العراقية, العراق والشعب العراقي ليس بجديد عليه تسلط العملاء والمرتزقة والعجم والبربر وممن لااصول لهم في العراق وتحكمهم في ادارة شئوونه الداخلية, لعنة الزمان والطغاة على الشعب العراقي وعلى الوطن العراق ان يحكمه البربر والعجم واللقيط, نعم التأريخ يتجدد, وها نحن الان نشاهد ماضينا في حاضرنا, نحن امّة ميتة, او نحن امّة جبانة......................................... الحديث في هذا يحتاج الى الكثير من التوضيح وانا حقيقة ليس لدي الوقت الكافي للخوض في الهمّ العراقي الكبير.... يشكو بعضهم من واقع الانتماء الى العراق.. يشكوا بعضهم او معظمهم من الخراب في العراق... خراب الامة..... يبكون على الشعب العراقي وعلى وحدة العراق ارضا وشعبا؟!
لكن هؤلاء وغيرهم يذبحون الشعب ويمزقون الوطن العراق من اجل حفنة من الدولارات... او من اجل منصب مرموق في لجنة ذبح العراق او مجلس احتلال العراق..... اشرفهم يرفع سيف الحرية والديمقراطية من اجل الشعب العراقي ووحدة العراق......... لكن هؤلاء وعند ايّة فرصة ذهبية لهم في تحقيق الاموال ومنصب في ظل الديكتاتورية والعملاء يقتلون الامة والشعب والعراق وكأن شيا لم يكن........ العراق والشعب العراقي عاش ازمات طويلة تحت ظل الاستعمار الاعجمي والبربري وحديثا الاستعمار الصدامي او الامريكي الحديث, هناك كادر عظيم من الخونة والعملاء ومصاصي دماء الشعب العراقي بينهم, وهؤلاء واشباههم سوف لايمنحوا الشعب العراقي المظلوم تحقيق مصيره في العيش بكرامة وحرية وديمقراطية كما تنعم بها شعوب الله في الارض, نحن العراقيون من شدّة حبّنا ومصداقيتنا واخلاصنا امسينا فريسة لكل الغزاة وكل مصاصي الدماء وكل القتلة والارهابيين... لا.. ليدرك بعض العاملين في الشأن الوطني العراقي ممن يتربصون الفرص في القضاء على الشعب العراقي وتحقيق احلامهم المريضة, من انّ شعب العراق وقواه الوطنية العراقية سوف لاتمنح الفرصة هذه المرة في النصب على العراق الجريح وشعبه المظلوم... نحن لكم بالمرصاد والقرار للشعب العراقي وقواه الوطنية الحيّة.
كركوك:
منذ اكثر من عشرسنوات وقاسم سرحان يحارب وحده في الساحة الوطنية العراقية من اجل هوية الشمال العراقي وعراقية اربيل ودهوك.. حذرت ونبهت معظم القوى الوطنية العراقية الى سعي الاحزاب العشائرية الكردية وطموحها في قتل الشعب العراقي وتمزيق كيانه الوطني, حتى وصل الامر بأحد الاغبياء السذج من الذين لايدركون الشأن السياسي ولا الوطني ولا حتى الانتماء الى الوطن العراق وبمهزلة انترنتية فاضحة من اني عدو الاكراد, وهذا المغفل وامثاله كانوا ومازالوا سببا في معاناة الشعب الكردي في العراق.....
نعم قاسم سرحان يتحدث ويدرك ماهي مصلحة الاكراد العراقيين في الوطن العراق, الاكراد في العراق حقوقهم افضل من كل حقوق القوميات الاخرى..... في العهد الملكي كان الاكراد في سدّة الحكم, وفي العهد الجمهوري كان الاكراد شركاء العراقيين في الوطن, ولو نظرنا الى حقوق الاكراد في العراق قياسا الى الوجود الكردي في دول الجوار, نجد انّ الاكراد امّة وكيان وحقوق عظيمة تفوق حتى على العراقيين انفسهم, فالشمال العراقي ولفترة قريبة لاتزيد عن ۱۰۰ عام من الزمن كان ملكا لاشوريين والتركمان والعرب, وما توسع القبائل الكردية وانتشارها في منطقة الجزيرة كان ليتم لولا دعم الامبراطورية التركية لهم واستخدامهم اداة قمع وارهاب للارمن في جنوب تركيا والاشوريين في الشمال العراقي وهذا تمّ بعد سقوط اليونان من الامبراطورية العثمانية وهزيمتهم الشهيرة وتاسيس دولة مسيحية محاذية للدولة العثمانية التي كانت تشهر الاسلام مبدأ لها ولنفوذها على الشعوب الحرة.......
لا انا لست غافلا ولا الشعب العراقي المظلوم غافلا عن التوجه الصهيوني الارهابي الذي يقوده السفاح مسعود البرزاني والحرباء جلال طلباني, نعم نحن العراقيون امّة كريمة وشريفة, لاتدليس ولا نفاق لنا مع من يلجئ الينا ويطلب ان يكون منا ومن كياننا, لكن ان يعتدي الضيف والغازي على صاحب البيت والوطن فهذا شأن آخر...
الاحزاب العشائرية الكردية وبدعم من الدولة الفارسية وزعماء صهيون كانوا ومازالو سببا في معاناة الشعب العراقي واسقاط العراق وتشتيته, اليوم وبعد سقوط النظام القمعي الارهابي الصدامي الذي كان سببا في كيان مايدعى - كردستان - ودعم صدام حسين نفسه للاحزاب العشائرية الكردية, استفحلت النزعة الشوفينية العدوانية البربرية الاعجمية للاحزاب الكردية القبلية بضم مدينة كركوك العراقية وتوسيع حدود مايدعى - كردستان - الى مدينة الكوت الجنوبية الشرقية والى ضمّ معظم مدينة الموصل الحمدانية العربية وديالى ونصف مدينة تكريت..... وهذا حقيقة ليس مطلب نهائي للاحزاب الكردية التي تتبع مبدأ الوجود الكردي في العراق, فالاكراد اين ماكانوا في العراق وفي الوطن العربي هم جزء من كردستان, وعلى هذا ستكون كردستان من المحيط الى الخليج حسب قناعة الاحزاب الصهيونية الكردية الحاكمة في شمال العراق, انّ القضية الكردية في العراق في خطر, وعلى الاكراد العراقيين الشرفاء انقاذ مايمكن انقاذه لسلامة الابرياء من الشعب الكردي المسكين, والا ستكون النتيجة انتفاضة الشعب العراقي بكل قومياته وطوائفه وقمع الابرياء من الاكراد العراقيين الذين سيمسون ضحيا سياسة الاحزاب الكردية المعادية للشعب العراقي والوطن العراق........... وقد اعذر من انذر...... والله من وراء القصد.
ابطال ولكن:
هو خليل لحسين كامل, وهو ايضا زميل لعلي حسن المجيد الكيمياوي, وهو ايضا يعرف صدام حسين....... الان هو بين مخالب صدام حسين وعلى الكيمياوي, قصته مرحة ورائعة لانسان فاشل وارهابي قمعي باع نفسه لعلي حسن المجيد وحسين كامل وصدام حسين وقاد هذا الفطحل قوات النظام الارهابي بقيادة علي الكيمياوي ضدّ اهله في الناصرية, جميل وعظيم ان تكون سفاحا وقاتلا وارهابيا وجزارا في مامضى.... لكن عندما تريد ان تكون وطنيا او تريد ان تكون شجاعا او حتى بريئا مما انت وتأريخك فيه, عليك ان تعرف مبادئ اللعبة... وعليك ان تكون حذقا وليس غبيا الى هذا المستوى.....
لا انت اكثرهم ذكاءا وعظمة واشهد لك بهذا وكلبك ايضا يشهد بهذا, نعم انت عظيم واكثر عظمة حتى من طه الجزراوي, وهذا كردي عراقي وطني, وانت ايضا وطني, قصتك جميلة ورائعة... اعظم نصر عراقي لهذا وذاك من الجيل السابق ان يحصل على شهادة وطنية من الجزار الارهابي السابق فاضل البراك مدير الامن العام في العراق.... حقيقة ان معظم ابناء الشعب العراقي ولنقل ان اكثر ٩٩,٩٩٪ يفقدون هذه الشهادة العظيمة من السيد قتيل صدام حسين فاضل البراك اليك... نعم انا الان وكل الشعب العراقي وكل المثقفين العراقيين ننظر اليك وكأنك واحد ممن حقق نصرا وطنيا عراقيا وفاز بنوبل... نعم شهادة البراك لك في الوطنية العراقية تعادل مايملكه الفائز بجائزة نوبل, الفرق بسيط هو انّ جائزة نوبل تمنح اقل من مليون دولار بسمعة مشوّهة.... لكن جائزة فاضل البراك مدير امن نظام القمع الارهابي في العراق تمنح جائزة ب۱۰ مليون دولار وسمعة طيبة...؟! فهنيئا لك ولأمثالك ولتحيا روسيا البيضاء والخضراء وسينما الحمراء في الديوانية... وليحيا ابطال الانترنت.
كتاب عام ۲۰۰٣:
في فهم شبكات الانترنت ومسؤوليها لك ان تحقق ماتريد.... لك تصنع من طباخ في مطعم للمكدونال محررا ومكتشفا لأمريكا الشمالية وامريكا اللاتينية, ولك ان تجعل من باغية وعاهرة بمنزلة مريم العذراء عليها السلام, ولك ان تصنع من قاتل وسفاح ارهابي مثل مسعود برزاني وصدام حسين الحسين بن علي عليه السلام, لما لا, مثقف عراقي كبير فتح سوق هرج عراقي في الاشهر الماضية واخذ يمنح شوارع العراق ومدنه لرعاع ولقيط لافهم لهم في الوطنية ولا العراقية, وآخر ايضا اخذ ومن شدّة استهتاره بالادب والسياسة والثقافة تعظيم الجهلة والمتخلفين ومنحهم مالم يصدقوه في حياتهم... ماشاء الله حسن كبرت!!!....
مااعظم الكتاب ومااعظم المناضلين وما اعظم الفطاحل في عام ۲۰۰٣... ارهابي قاتل ومجرم مطلوب من قبل ابناء الشعب العراقي مناضل كبير... يالفرحة الشعب العراقي.......... قزم بعثي خرج من العراق بعد ان منح صدام حسين المخصصات العينية له كتب في الانترنت وتملق لهذا وذاك وقسم انّه اسقط عروبته لنصر الاسبان والعبيد في غانا.... امسى لنا مثلا وصراطا نسير عليه.... واسفي عليك ياعراق... واسفي على الكادر العلمي الاكاديمي العظيم الذي تربينا على اياديهم وعلى برنامجهم الاكاديمي العظيم.... رحم الله الاستاذ الدكتور علي جواد الطاهر ورحم الله مصطفى جواد ورحم الله محمد بهجت الاثري ورحم الله محمود البريكان ورحم الله الامام اية الله العظمى محمد باقر الصدر..... ولعنة الله على الجهلة والمتخلفين والمتملقين وممن لاشرف لهم ولا فهم في الاداب والسياسة وقضية الشعب العراقي المظلوم.
احذروا يا عراقيين من الفيدرالية الطائفية!
د. حسن المغترب - كتابات
قبل البدء، انا لستُ ضد الفيدرالية التي تخدم الشعب العراقي ولكني ضد الفيدرالية التي هدفها تقسيم العراق الى دويلات طائفية عرقية ليس لها سلطة مركزية. ولكني نكون قريبون من الحقائق لابد لنا تعريف ما هي الفيدرالية.
فالفيدرالية حسب ما ذكره د. منذر الفضل (الصيغة الفيدرالية للحكم) هي نمط أو شكل من أشكال الأنظمة السياسية المعاصرة، وتعني وحدة مجموعة أقاليم أو ولايات أو جمهوريات (دويلات) في إطار الارتباط بنظام المركزية الاتحادية، مع التمتع بنوع خاص من الاستقلالية الذاتية لكل إقليم. فالنظام الفيدرالي يضمن للقوميات حق إدارة أمورها بنفسها، مع بقائها ضمن دولة واحدة. والأقاليم أو الولايات المكونة للدولة الاتحادية تعتبر وحدات دستورية، لا وحدات إدارية كالمحافظات في الدولة الموحدة، ويكون لكل وحدة دستورية نظامها الأساسي الذي يحدد سلطاتها التشريعية والتنفيذية والقضائية، ولكن الدستور الاتحادي يفرض وجوده مباشرة على جميع رعايا هذه الولايات، بغير حاجة إلى موافقة سلطاتها المحلية.
من خلال التعريف اعلاه فالفيدرالية لا تعني تقسيم البلد الواحد الى عدة اقسام حسب الطائفية او الاسس العرقية، ولكون العراق من البلدان الذي يضم مختلف الطوائف الدينية والعديد من القوميات والتنوع العرقي فلا يمكن تنطبيق الفيدرالية التي تعتمد على القوميات وعلى الطائفية لكون اكثر من قومية واحدة او طائفة دينية واحدة تسكن في موقع جغرافي واحد، وهذا الموقع الجغرافي هو ضمن اراضي العراق المعترف بها دوليا من اول يوم حصل العراق فيه على استقلاله من المحتل الاجنبي. لهذا فالافضل للعراق ان يكون جمهورية واحدة لها رئيس دولة واحد ينتخب من قبل الشعب بأنتخابات ديموقراطية ۱۰۰٪ كل اربع سنوات او أقل. ولا يمكن للعراق ان يعيش الا تحت سلطة مركزية وذلك لما قلناه سابقا بسبب التعددية الطائفية والقومية لكي لا يكون لاي قومية او طائفة حق التحكم بمقدرات الشعب كما فعل الرئيس السابق صدام حسين (لعنة الله عليه)، واختيار اعضاء الحكومة ايضا يقوم على اساس انتخابي لا تسوده الطائفية او العقائدية او الحزبية، اذن الحل الوحيد لحل ازمة العراق الحالية هو الانتخابات الاصولية والديموقراطية الخالصة ۱۰۰٪ والتي يديرها العراقيون الشرفاء انفسهم وليس اعضاء مجلس الحكم الانتقالي او السفير بول بريمر او الاحتلال. ولا ضير ان تكون تحت اشراف عالمي محايد وشريف.
لماذا نرفض الفيدرالية التي بدأ بطرحها الاكراد بتحريض امريكي يهودي، نرفضها لان هدفها تجزئة البلد وتوليد الاحقاد والكراهية بين افراد الشعب الواحد، لانه بالحقيقة اذا وافقنا على فيدرالية الاكراد (والذين ينادون بالاستقلالية) فلا بد ان ننفذ مطلب الشيعة فيما اذا ارادوا فيدرالية شيعية جنوبية، والكل يعرف ان شيعة العراق يقودها أناس ليسوا عراقيون (.... )، واذا وافقنا جدلا على منح الاكراد والشيعة حق الفيدرالية وادارة شؤونهم بأنفسهم، فلابد لنا ان نعطي الاخوة السُنة حق الفيدرالية اذا ما طلبوا ذلك، وكذلك السيريان والارمن والاشوريين والمسيح واليهود وغيرهم.. اذن سوف ينقسم العراق الى عدة دويلات صغيرة الحجم كثيرة المشاكل تتصف بالطائفية والقومية، اذ يكون من حقها بعد ذلك منع دخول العراقيون غير المنتمين الى هذه الفيدرالية، وهذا بحد ذاته مبتغى الاستعمار (فرق تسُد) وان ما سيتولد في العراق هو عبارة عن كم هائل من الحقد الطائفي والقومي والعرقي، وربما ستصوب البنادق في صدور ابناء الشعب الواحد كما حصل في كركوك والبصرة والموصل.
خلاصة الكلام، لا يمكن تطبيق سياسات الغرب التي عاشت مئات السنين على المجتمع العراقي بشكل خاص والمجتمع العربي بشكل عام، فلكل شعب خصوصياته وتقاليده وتعصبه، فالمعروف عن الشعب العراقي انه شعب متعصب ديناً وعقائدياً وحزبياً وان ما نراه في الوزارات ومؤسسات الدولة في الوقت الحاضر خير دليل على هذا الكلام. اذن اتركوا العراق وحدة واحدة والذي لا يريد العراق لا يريده العراق وكفاكم انصياع الى المحتل يا اوغاد يا خونة يا من تريدون تدمير البلاد على حساب المصلحة الشخصية..
الفيدرالية بحاجة الى تثقيف وتوقيت
المحامي سلام الياسري - كتابات
هدد احد القادة الاكراد في شمال الوطن باستخدام العصيان المدني والانسحاب من مجلس الحكم الانتقالي, اذا ما اصبحت الفيدرالية هي الكلام اليومي في المجلس المؤقت والمعين وفي الشارع حتى يصبح حقيقة واجبت التنفيذ في العراق الجديد۰
مهلا ايها القائد الفذ وساقولها باللهجة العراقية الشعبية... انك تطلب من الحافي نعال
كيف نعطيك فيدرالية ونحن لا نملك شيئا من العراق الذي هو خاضع لاحتلال اجنبي؟؟؟؟؟؟؟؟
كيف نعطيك فيدارلية من دون تثقيف للشعب ومن دون توقيت مناسب لها؟؟؟؟؟؟؟
مؤتمرات المعارضة العراقية في المنفى كانت تعبير عن معاناة الشعب العراقي ولم تكن تمثل الشعب العراق, وبالتالي من جاء من طرح حول الفيدرالية في بياناتها انما يعبر ولا يمثل غالبية الشعب العراقي, اما موافقة البرلمان الكردي سواء في السليمانية ام اربيل انما يمثل طموح الشعب الكردي وهو طموح مشروع ولا غبار عليه ولكنه يمثل الاقلية في شمال العراق, على الرغم من اعتراض اقليات اخرى هناك, مثل التركمان والاشور_ كلدان۰
الفيدرالية.. انها نظام سياسي واداري ناجح ويمكن تطبيقه في العراق ولكن اليس من باب اولى ان يكون هناك تثقيف وتوقيت مناسب لهذا النظام العملاق ام انها مزاجية القوي المسلح على الضعيف الاعزل؟؟؟
لابد من التثقيف اولا لجميع العراقيين عن ماهية الفيدرالية واهميتها ونسبة نجاحها في العراق, يجب اعادة الثقة بين العراقيين, خصوصا بين اهالي ضحايا حلبجة والانفال والاهوار والمقابر الجماعية من جهة والاقلية التي حكمت العراق بالنار والحديد, اهالي تكريت وانصارهم من طائفيين وعشائرين.
لابد من اعادة الثقة بين السنة والشيعة وبين الكراد والعرب والتركمان والاشوريين والكلدان والصابئة, اعادة ثقة حقيقة وليس شعارات وصلوات سياسية في جامع ابي حنيفة وموسى الكاظم او احزاب سياسية تركمانية واشورية لصاحبها احد الاحزاب الكردية۰
ثقة حقيقة بين الجميع وهذا بحاجةالى تثقيف وطني وليس حزبي او عشائري اوطائفي, تثقيف قادر على اعادة بناء الهوية الوطنية العراقية۰
عشرات السنين من الظلم والارهاب والاذلال اليومي للغالبية العراقية الى درجة اسقاط الجنسية العراقية وتشريدهم الى ايران ومنافي اخرى تحت عنوان همجي التبعية الايرانية, بل الى المقابر الجماعية۰
عشرات السنين من الظلم والاضطهاد العنصري الرسمي ضد الاكراد والتركمان والمسيحين وتشريدهموالغاء قوميتهم وذبحهم علنا وبالاسلحة الكيمياوية۰
التثقيف اولا.... التثقيف اولا بالفيدرالية حتى لا يقول غير الكردي وماهي الضمانات, الضمانات التي يتحدث عنها الكردي ايضا... حين يقول من يضمن لي ان حلبجة والانفال لن تتكررا؟؟؟
بالتثقيف للشعب واعادة الثقة تنتفي الحاجة الى ضمانات سوى وجود القانون ودولة المؤسسات۰
بالتثقيف نستطيع ان نبني عراقا تكون فيه المواطنة قدس الاقداس, المواطنة وليس الطائفية والعنصريةوالعشائرية... لا يمكن بناء نظام الفيدرالية الشاهق على رمال متحركة من عدم الثقة والطائفية والعنصرية۰
ثم النظام الفيدرالي بحاجة الى التوقيت المناسب
التوقيت الان في غير صالح الفيدرالية, لان العراق غير مستقر سياسيا وامنيا وهوتحت احتلال لا نعرف نواياه حتى هذه اللحظة, ونشك فيها بسبب المماطلة والتسويف وعدم حدوث اي تطور على الساحة سوى عمليات انتحارية وقتل ابرياء۰
الذين يطالبون بالفيدرالية الان الان وليس غدا هم اشبه بالذين يطالبون من الشعب العراقي المقاومة المسلحة ضد الاحتلال الان الان وليس غدا, اما سياسي ساذج او سياسي انفصالي وسنسميه علنا انفصالي وساسميهم انفصاليين.
هذا الانفصالي او هؤلاء الانفصاليون يريدون استغلال الوضع المتشرذم في العراق, اي الاحتلال ومجلس الحكم والمقاومة المسلحة التي اسميها علنا وصراحة ( جرائم قتل ضد المدنين الابرياء) والاحزاب الكارتونية التي تنتظر من المحتل ان يدفع لها مخصصات مالية بسبب وجودها في الساحة العراقية۰
الكردي الذي يطالب بفرض الفيدرالية الان وليس غدا هو انفصالي واكررها انه انفصالي يريد استغلال الظروف التي يمر بها العراق ليملي شروطا على مجلس حكم معين ومؤقت لا يملك الشرعية القانونية ولا دستورية في ادارة شؤون البلاد بل هو وسيط بين الاحتلال والشعب العراقي, انه وسيط ولا يملك الصفة التمثيلية, لعدم وجود انتخاب.. انه معين ومؤقت... معين ومؤقت.... انه وسيط اكرر وسيط.. نعم انه يمثل شريحة لاباس بها من العراقين سواء احزاب او قوميات او طوائف, لكنهم اي هؤلاء القادة نفسهم لم يحصلو على ثقة جماهيرهم بالانتخابات بل على الطريقة الشرق الاوسطية القائد يولد قائدا ( اللهم صلي على محمد واله محمد وعين الحاسود بيه... ) القائد الرمز من الولادة الى الموت دون انتخابات وان وجدت فهي ٩٩و٩٩ بالمئة۰
لماذا هذا الاستعجال في طرح الفيدرالية وماهي مشروعيتها دون وجود برلمان منتخب في دولة مستقلة ذات سيادة؟؟؟
لماذا لانطالب في تحديد زمن لانسحاب القوات الاجنبية من ارض العراق اولا؟؟
لماذا لا نطالب الاحتلال في تطبيق وعوده في اعادة اعمار ماخربته الحرب؟؟
لماذا لا نطالب بارجاع السيادة الكاملة للوطن؟؟
لماذا لانطالب ونهدد بالعصيان المدني والانسحاب من المجلس الانتقالي اذا ما جرت انتخابات وحكومة عراقية ممنتخبة في العراق في فترة زمنية محدده؟؟؟
لماذا والف لماذا؟؟؟؟
ولكن لماذا نطالب ونهدد الاحتلال ونعمل على اعداد الجماهير الى يوم المواجهة من اجل حقوقنا الوطنية المشروعة في السيادة الكاملة على اراضينا؟؟؟
فعلا لماذا؟؟ اننا مزرعة بصل كلنا رؤوس...... ثم ان كل لما لديه فرحون ويرقصون ويحققون امانيهم الشخصية ويغنون على ليلاهم... آه يا ليلاهم... ليلاهم التي تدعي انها تقرأ الممحي ومفتشه باللبن والحقيقة انها لا تقرأ المكتوب ولا ترى في وضح النهار۰
علينا ان نفهم جميعا ان مصلحتنا تكمن في عراق موحد عنوانه القانون ودولة المؤسسات۰
الكردي الذي يحلم بالانفصال عليه ان يتذكر ان الاحزاب الكردية الان في شهر عسل وغدا حين تتضارب المصالح والعناوين ستكون الحرب والهجرة الداخلية ولكن الى اين؟؟ لا احد سوى العراق الموحد الديمقراطي الذي يحترم حقوق الانسان ويسود فيه القانون, هذا العراق هو الذي يحمينا جميعا من معارك الاخوة الاعداء, وهذا الكلام ينطبق عن الفلوجة التي يغني لها بعض الطائفين وكأنها القدس, ينطبق على الاقلية السنية, فلا دمشق ولا عمان ولا الوهابية ولا بن تيمية سيفتح لكم ذراعية حين تدق طبول الطائفية والحرب الاهلية والانفصال, وينطبق هذا الكلام على الغالبية الشيعية,, فلا ايران ولا غيرها وهل لنا غيرها وسط هذا الموج المتراكم من الطائفين, لا ايران وما ادراك ما ايران للذين جاهدو في صفوفها, تستطيع ان تفتح ذراعيها لكم حين تشتعل الحرب الطائفية والانفصال.. لا احد سيهتم بنا سوى العراق الذي هو لنا جميعا... الله يا عراق انت لنا جميعا۰
الفدرالية القومية ليس خيارا طوعيا.. بل اجباريا
مالوم ابو رغيف -كتابات
الاختيار الطوعي هو افتراض المقدرة على اتخاذ القراربدون اي اجبار،حيث تكون كل الظروف والمستلزمات مهيئة لعملية الانتقاء الايجابي،و ان يكون اكثر من بديل او نموذج مطروح في سلة الخيارات،والاختيار يعني ايضا المضي الى الامام في تحمل المسؤليات التي سوف تنشئ جراء هذه العملية. اما اذا كانت الظروف لا تسمح الا باتباع هذا السبيل او المضي الا بهذا الطريق فهذا لا يعني اختيار بل نوع من المسايرة ريثما تكون الظروف مواتية للسير بأتجاه الهدف.
الفدريالية في العراق لا يمكن ان نسميها بالاختيار الطوعي، لا من جانب العرب ولا من جانب الاكراد ،فهي اولا مشروع سياسي اتفق عليه بين قوى المعارضة بصفته الحل المناسب والاكثر ملائمة لبلد مثل العراق الذي عانى شعبه كثير جراء تسلط عصابة البعث على قدره ومقدراته، وهو ليس اختيار بمعنى توفر بديل اخر غير هذا المشروع امام بقية مكونات الشعب العراقي من دون الكرد،الذين لا يوافقون بشيئ اخر غير الفدرالية،وهو ليس اختيار طوعيا للكرد ايضا اذا لا يمكنهم الانفصال عن جسم الدولة العراقية،في الوقت الحاضر على الاقل، نتيجة عوامل خارجية مرتبطة بمصالح دولية معقدة.
من هذا المنطلق يمكن القول ان الفدرالية هي ليست منة من الكرد على العرب او من العرب على الكرد، فكلاهما لا يملك خيارا اخر غير هذا الخيار. ومن هذا المنطلق ايضا تصبح كل تصريحات الاخوة الكرد حول استطاعتهم الانفصال ولكنهم فضلوا عدم ذلك تصريحات لا تعبر عن الواقع الفعلي.
لئن ذلك يعني انكار حقيقة ان الاحزاب الكردية تفضل الانفصال على العيش مع باقي مكونات الشعب، ولكنها في الوقت الحاضر مضطرة الى القبول بالفدرالية وقد جاء ذلك عبر تصريحات الكثير من مسؤلي الاحزاب الكردستانية بما يشبه القناعة الراسخة من ان الشعب الكردي سوف يختار الانفصال لو خًير.
لا احد يستطيع انكار ذلك على الشعب الكردي ،فمن حقه كبقية الشعوب الاخرى تأسيس دولته القومية ولا يستطيع احد ان يجحد نضالات الشعب الكردي في سبيل حريته وانعتاقه من بوتقة الظلم السياسي والتمييز العرقي، غير ان الواقع شيئ والاحلام شيئ اخر، ولهذا فهم مضطرون للقبول بالفدرالية لانعدام اي خيار اخر دون الانجرار الى ما لا يحمد عقباه ليس خوفا من مكونات الشعب العراقي الاخرى ولكن خشية مغامرة قد تقود الى صراع مع قوى تتربص بهم وتتحضر للانقضاض عليهم.
وبما ان طريق الفدرالية طريق لا بد منه، ولا رجعة عنه، فهو يحقق مصلحة مشتركة لجميع الاطراف بما فيها المجموعات القومية او الدينية الاخرى ،اذ سيوفر اساسا راسخا وقانونيا للتعامل والالتزام بين جميع الاطراف المشاركة،فلا بد ان تكون مقبولة من الجميع في افق من التفاهم وعدم فرض الرأي على الاخرين بالقوة او بالتهديد باستخدام بدائل اخرى.
ويجب ان لاتكون محصورة بالافق القومي الضيق فقط بل وفق رؤية وطنية واسعة.
من وجهة نظر الاحزاب الكردية،الفدرالية القومية هي الحل الامثل والاضمن لهم لانها تعني اعتراف كامل بهم كشعب متساوي بالحقوق مع القومية الغالبة عدديا، ولانها تؤسس ايضا الى تكوين دولة قومية اذا سمحت الظروف بذلك، او على الاقل تحقيق طموحا ولو على مستوى الاحلام الممنوعة من البوح. والفدرالية القومية من الممكن ان توافق عليها جميع الاطراف التي ترفضها الان لولا مشكلة كركوك والمطالبة باعتبارها مدينة كردية. فالرفض مبني على هذا الاساس وليس على مبدأ الفدرالية القومية وهذه حقيقة واضحة الجميع يعرفها ولا يود الافصاح عنها بتفضيله فدرالية المحافضات ،التي لا تعني فدرالية ابدا مهما تفلسفنا او اعملنا الفكر والمغالطة الكلامية في تسويقنا لها.. فلم تكن الدولة العثمانية دولة فدرالية في يوم ما، ولم تحضى الولايات العثمانية برعاية او اهتمام متساوي رغم ما تحويه او ما تقدمه هذه الولايات من اموال تذهب برمتها الى العثمان.
الفدرالية القومية التي تطالب بها الاحزاب الكردية وان كانت تمثل طموحا كرديا مشروعا لكنها بنفس الوقت لاتمثل طموحا عراقيا كاملا اذ انها ستبنى على قبر فدرالية وطنية تشمل جميع العراق وليس جزء منه.. واذا كان عدم الثقة بالحكومات العراقية او بالقومية العربية هو السبب في التمسك بهذا النوع من الفدرالية فان من حق الشيعة ان يكون لهم فدراليتهم الخاصة ولنفس السبب ايضا.. فالاستحواذ على السلطة من قبل الطائفة السنية وحجبها عن الشيعة واضطهادهم واقامة المجازر لهم ومعاداتهم، ولحد الان، قد ولد ليس شكا او توجسا من الطائفة السنية بل يقينا قويا بعدم امكانية التعايش معهم خاصة في ضل انتشار المذهب الوهابي والسلفية المغرقة بلغة التكفير والقصاص من الشيعة بصفتهم قوم قد ارتدوا عن الاسلام. ومن حق الشيعة الانفصال عن العراق بفدرالية حسب التقسيم الطائفي او لنقل الديني واعتبار الاكراد مع العرب السنة اذ انهم من نفس المذهب، كتلة واحدة مغايرة، وقد اثبتت الاحداث ان التعصب المذهبي هو اقوى من التعصب القومي او الوطني وما وجود جماعة انصار الاسلام الكردية وتاسيسها وسط المجتمع الكردي في عداء سافر للمذهب الشيعي الا دليلا واضحا على صحة هذا القول.. بل حتى الجماعات الكردية الاسلامية الممثلة بمجلس الحكم، الحزب الاسلامي والصوفيون قد انظموا الى مجلس الشورى الطائفي على حساب ولائاتهم القومية...
وكذلك القومية التركمانية التي لا يمكن اهمالها في معادلة الفدرالية او اقناعها بوطنية الكرد او انسانيتهم في التعامل مهما كانت درجة حسن النوايا اذا ما اشتملت الفدرالية القومية على كل المناطق المقترحة من الاحزاب الكردية في المشروع الذي عرُض على مجلس الحكم والاحداث الاخيرة التي جرت في كركوك ما هي الى مؤشرات على مدى الصعوبات التي يمكن ان تعصف بالمنطقة كلها في حالة الاخذ بالفدرالية القومية اظافة الى الاطماع التركية او التخوفات الايرانية والسورية.. التي من الممكن ان تصدر الارهابين الى كردستان ويكون الثمن باهضا جدا..
فدرالية تقسيم العراق الى مقاطعات على اساس ادراي ياخذ بنظر الاعتبار التقارب المذهبي والانتماء القومي كاساس للتقسيم هو حل جيد في ضل اجواء من الديمقراطية وحقوق الانسان والتمثيل المتساوي في البرلمان على اساس الكفاءة والاخلاص الوطني وليس على اساس قومي او مذهبي واعتبار اللغة الكردية لغة رسمية الى جانب اللغة العربية والزام تعلمها في المدارس لكل المراحل وكذلك نشر الثقافة الوطنية واعلام الفكر والادب والترجمات من والى القوميات المتعدة والاديان المتعددة يقرب بين مكونات الشعب العراقي ويخلق شعورا وطنيا موحدا كما ان العلمانية في الحكم اساس لا يمكن الاستغناء عنه للقضاء على الاختلافات المذهبية التي جرت على العراق الفرقة والعداوة، ومنع استخدام الدين كغطاء سياسيي او هدف سياسي من شأنه ان يبعد خطر الارهاب والتطرف الديني...
ممارسات الأكراد لإرباك الوضع في العراق
محمد يونس الموصلي
في هذه الأيام يقوم مجلس الحكم الانتقالي بوضع دستور مؤقت للحكومة المؤقتة القادمة للعراق على أساس المبادىء التي وردت في وثيقة الاتفاق والتي تم التوقيع عليها في ۱٥/۱۱/۲۰۰٣م بين مجلس الحكم وممثل سلطة الاحتلال الامريكي، ولما وصلت النقاشات الى نقطة الفيدرالية، قدم الأكراد مسألة ضم كركوك إلى كردستان العراق ففاجئوا المجلس وممثل الاحتلال بها.
ويبدو أنهم أحسوا بأن الأجواء في غير صالحهم في مسألة الفدرالية لذلك أرادوا الضغط أو خلط الأوراق بالتصريحات غير المسؤولة والمظاهرات الخجولة والتي تفوح منها رائحة الفتنة العرقية والعنصرية عبر حملهم الأعلام واللافتات التي تدل بشكل واضح على أوهامهم وأحلامهم التي فقدوا من خلالها وطنيتهم وحبهم للآخرين من العرب والتركمان والآشوريين من سكان العراق فأصبحوا أدوات هدامة بيد الاستكبار ومن ورائه اسرائيل يتحركون وراء خططهم وينقادون اليهم في نداءاتهم، فتغيرت مسيرتهم من الاستقامة إلى الانحراف وبثمن بخس للوصول الى تحقيق أمانيهم التي تراودهم ليلا ونهارا بالرغم من عدم امكانية تحقيقها لأسباب يعرفها الأكراد قبل غيرهم إلا بقدرة قادر، ورغم كل هذا فهم ماضون نحو ذلك غير آبهين بالأوضاع السياسية المحيطة بهم نتيجة جهلهم أو تجاهلهم أو تعصبهم الأعمى بقوميتهم ومنطقتهم الجغرافية والتي أصبحت من أقدس المقدسات في حياتهم السياسية والاجتماعية، بحيث أثرت على أفكارهم التي أصبحت غير متوازنة، وكذلك على سلوكهم في التعامل مع أبناء جلدتهم ومع الآخرين، فأصبحوا عدوانيين وغرائزيين وبدلوا الحب بالكره والانفتاح بالانغلاق والحوار بالانفصال فهم الآن بحاجة ماسة إلى تقوى القلوب وتقوى العقول والعاطفة لتحصين عقولهم وقلوبهم وعواطفهم من وسوسة شياطين الانس والجن فبذلك يوفرون لانفسهم وللاخرين جملة من الامور يمكن استخدامها لخدمة العراق وطنا وشعبا في هذا الظرف الحساس التي يمرون بها.
وعلى هذا الاساس نأتي ونقول: إن قولكم يا أكراد العراق بأن كركوك جزء من كردستان لا يستند إلى أي دليل عقلي ونقلي ومطالبتكم بضمها الى كردستان العراق مطلب غير شرعي وغير قانوني لاعتبارات كثيرة منها:
أولا: إن المدينة ليست كردية ولن تكون، وإنما هي مدينة أغلب سكانها من التركمان بالاضافة الى الكرد والعرب والآشوريين، وأن الأكراد أقلية بالنسبة للقوميات الأخرى مجتمعا.
ثانيا: إن المعالم الاجتماعية والأثرية في المدينة تدل على تركمانيتها بالاضافة الى الوثائق التاريخية التي تثبت بشكل قطعي بطلان الادعاء المزعوم، وعليه نسأل في أية وثيقة أوخريطة جغرافية كانت كركوك ضمن حدود كردستان أن كانت لها حدود...
ثالثا: إن الادعاء يحتاج الى بينة شرعية أو قانونية لاثبات ذلك وفي حال عدم وجودها يمكن الرجوع الى الشعب لاثبات أو نفي هذا الادعاء عبر استفتاء ديمقراطي حر، وهذا ما يخاف منه الطرف الكردي.
وبعد هذه المناقشة العلمية للمسألة نرى أن الاصرار الكردي عليها لا يخلو من أمرين:
الأول: وجود أيادي خفية تعمل لارباك مسيرة مجلس الحكم الانتقالي في العراق بعد أن أحسوا ـ وكما أسلفنا ـ بأن الأمور أصبحت تسير لغير صالحهم وبذلك أرادوا بهذه الطريقة الضغط على المجلس لتغيير موقفه من سلطة الاحتلال علما أن تغيير تركيبة المجلس وارد، بانسحاب الأكراد منه في حال عدم الموافقة لمطالبهم وباشارة من سلطة الاحتلال...
ثانيا: ربما أرادوا من إثارة مشكلة ضم كركوك إلى فدراليتهم المعلنة من جانب واحد لتثبيت الواقع الحالي الموجود في المحافظات الثلاثة في الدستور بعد أن تبين لهم بأن الشعب العراقي غير راض عن تصرفاتهم بالنسبة لمستقبل العراق وكذلك دول الجوار والتي تشم منها رائحة تقسيم العراق أو أحسوا أن الاستفتاء على الفدرالية في الدستور المؤقت في غير صالحهم.
ورب سائل يسأل ما هي العوامل التي أوصلت الأكراد الى حالة الانتفاخ الذاتي حيث صاروا لا ينظرون إلا بمنظار الفدرالية أو الكونفدرالية الى العراق، بل أصبحوا يطالبون أكثر من حجمهم ويمدون أيديهم الى ما ليس لهم، والجواب:
۱ ـ شعار المصلحة الوطنية العليا والتي تمسكت بها الاحزاب والحركات الاسلامية والقومية في المعارضة العراقية قبل سقوط النظام أدت الى تعاملهم مع الأكراد بالعاطفية والسطحية ومداراتهم من دون النظر إلى عمق المسألة والتوقف عندها شجعت الأكراد على التمسك بالفدرالية أو الكونفدرالية تارة، وتارة بحق تقرير المصير في جلسات ومشاريع المعارضة وبالتحديد بعد سنة ۱٩٩۱.
وبالفعل استطاعوا انتزاع ما يريدون من بعض الاحزاب والحركات بشكل رسمي ويتمسكون بها الآن كوثيقة رسمية في نقاشات مجلس الحكم الانتقالي حول مسألة الفدرالية وكذلك في مجلس صياغة الدستور.
۲ ـ الوضع الحالي وعدم الاستقرار في العراق سياسيا وأمنيا واقتصاديا، باستثناء المنطقة الكردية التي تتمتع بالحماية في ظل المظلة الأمريكية بعد أن أنشأوا لهم منطقة آمنة في السابق استفادوا منها لبناء مؤسساتهم الادراية والعسكرية وتشكيل حكومتين (حكومة جلال) و(حكومة مسعود) بالتواطىء مع النظام ومباركة أمريكا لهم جزاء خدماتهم السابقة والمتواصلة للاستكبار العالمي ومن ورائهم اسرائيل، فالحالة هذه شجعتهم بالاصرار على تجزئة العراق باسم الفدرالية أو الكونفدرالية.
٣ ـ الحاجة الاميركية لهم لأن الأكراد يعرفون جيدا بأنهم ما زالوا حاجة استكبارية في العراق والمنطقة لم ينتهي دورهم بعد لتمرير مخططاتهم فيها وبذلك يحاولون الحصول على اكبر قدر من المكاسب بمساعدة أميركية قبل أن ينقلب الوضع الحالي لغير صالحهم لانهم أصحاب تجربة مع الاستكبار العالمي، وكما قال السيد محمود عثمان في قناة المستقلة يوم ۲٨/۱۲/۲۰۰٣م: لقد خذلنا في كافة اتفاقاتنا مع جميع الاطراف حول حقوق الاكراد، أي بالأحرى فشلوا في تقسيم العراق وسيفشلون هذه المرة أيضا.
أكراد العراق بين أحلام الدولة وعقد التاريخ
فارس الخطاب - الاتحاد
منذ مئات السنين وأكراد العالم يعيشون في بيئات منفصلة من حيث التركيبة العرقية مندمجة من حيث الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي مع أمم كانوا وما زالوا يشكلون فيها أقليات تتفاوت نسبها حسب اختلاف الدول، فهم عبر خط تواجدهم الجغرافي الممتد بين جنوب دول ما كان يسمى بالاتحاد السوفييتي حتى الجمهورية العربية السورية مرورا بجمهورية أيران الاسلامية فالعراق وتركيا لم يتمكنوا من تحقيق استقلال سياسي منفصل عن ادارات تلك الدول وربما لم يرغبوا بذلك كون حالة التعايش مستمرة الى درجة الاندماج في المجتمع المدني العام بالاضافة الى تعايش معظم الامم التي عاش الاكراد ويعيشون معها بسلام ومودة واحترام معهم حتى بات الاكراد لا يشعرون بفارق القومية الا من خلال اللغة الكردية التي تشكل اكبر واهم العوائق التي تستشعر الاكراد وسواهم بفوارق تلك القومية عن غيرها حتى تدخلت القوى العظمى في مجريات الامور بتلك الدول فباتت تستخدم الاكراد كما تستخدم غيرهم لاثارة الازمات وخلق الفتن المقلقة لحكومات الدول حسب تقاطعها معها او مع مصالحها او مصالح اعدائها •
أكراد العراق والنزف المميت!
منذ بداية تشكيل الدولة العراقية في عام۱٩۳۰ كان للاكراد العراقيين حضور في المسرح السياسي والعسكري العراقي حتى كانت وزارات عراقية توصف بالاغلبية الكردية او ترادف الصفة الكردية بانقلابات عسكرية بعينها كانقلاب بكر صدقي مثلا، وشارك الاكراد في الحركات الوطنية العراقية لمكافحة ومحاربة القوات البريطانية في شمال العراق وكبدوا البريطانيين خسائر كبيرة في الاشخاص والمعدات حتى اضطرت هذه القوات الى استخدام وسائل أكثر عنفا ضد معاقل الاكراد العراقيين ثم الاضطرار ايضا بعد فشل استخدام القوة الى الايعاز للحكومة العراقية حينها للتفاوض مع قادة الاكراد لايقاف تعرضهم للقوات البريطانية•
لقد نبّهت حالة الاكراد تلك وطبيعتهم كمقاتلين أشداء ثم طبيعة مناطقهم الوعرة جدا البريطانين الى ضرورة تحقيق وجود وحضور لهم بين عناصر منتخبة منهم ليكونوا متعاونين مستقبلا مع دوائر مخابراتهم مما يتيح لهم التدخل وفتح جيوب مرهقة عسكريا واقتصاديا لأية حكومة عراقية قادمة تتقاطع مع استراتيجيات ومصالح المملكة المتحدة، وبالطبع لم تكن بريطانيا صاحبة القراءة الاوحد لهذا الامر بل شاركها في ذلك الاتحاد السوفييتي وبعض من دول الجوار ثم اسرائيل فالولايات المتحدة الاميركية •
العصاة الأكراد
وبعد الاعلان عن سقوط الملكية في العراق فنهاية الاحتلال البريطاني العسكري له عام ۱٩٥٨ بادر الزعيم العراقي عبد الكريم قاسم الى الاتصال بالزعيم الكردي مصطفى البرزاني المنفي حينها الى خارج العراق (الاتحاد السوفييتي) طالبا منه العودة الى بلده العراق وأعدّ له عند وصوله الى ميناء البصرة (٦۰۰ كلم جنوب بغداد) استقبالا رسميا وجماهيريا لم يقم حتى لرؤساء الدول طيلة فترة الحكم الجمهوري العراقي منذ ذلك العام وحتى الان، ثم نقل بموكب رسمي الى بغداد العاصمة حيث أعدّ له دارا سكنية فخمة في منطقة العيواضية ببغداد وراتبا شهريا يعدّ كبيرا جدا في ذلك الوقت، وبعد اقامته بتلك الدار لفترة بسيطة طلب البرزاني الاذن بالانتقال الى شمال العراق حيث لم تمض فترة طويلة حتى أعلن العصيان ثم التعرض الى القوات العسكرية العراقية مما أستدعى الرد فكانت بداية العمليات العسكرية ضد ما كان يسمى بـ (العصاة) الاكراد وبدأت قوافل جثامين الجنود والضباط من الجيش العراقي بالقدوم الى بغداد وغيرها من المحافظات وانشغلت الدولة بموضوع لا يمكن أهماله يتعلق دائما بتدخل عسكري واجب لمعالجة تمرد مسلح لبعض الاكراد المسيسين في شمال العراق مما يعني هدر في اموال العراق على حساب موازين التنمية والتطوير وضمن مداخيل بسيطة في ذلك الحين لا تسمح مطلقا في البناء والقتال في آن واحد •
لقد أستمرت حركة التمرد الكردي بقيادة الملا مصطفى البرزاني رغم مقتل عبد الكريم قاسم (٨/۲/۱٩٦۳( ولم يفلح عبد السلام عارف الزعيم العراقي الجديد في أحتواء الحالة في شمال العراق ولكونه عسكريا لم يجد بدا من الاستمرار في نهج محاربة المتمردين مضيفا أسلوبا جديدا يتمّثل بخلق قوة كردية عسكرية مقابلة لقوة البرزاني تعلم جيدا فنون القتال في المناطق الجبلية ولها القدرة على جمع المعلومات الاستخبارية كانت تسمى بالفرسان وكانت بقيادة جلال الطالباني! ورغم ما حققه كل من الاكراد المتمردين او القوات المسلحة العراقية مع الفرسان الا أن الحالة الواقعية على الارض بقت على ماهي عليه حتى وصول البعثيين الى الحكم بانقلابـ ۱٧/٧/۱٩٦٨فكان المنعطف الاهم في مسيرة الاكراد ليس في العراق فحسب بل في جميع دول الجوار، ذات التواجد الكردي، حيث أقرّ الانقلابيون بضرورة حل المشكلة الكردية حلا سلميا من خلال اعطاء الاكراد حكما ذاتيا يعترف بحقوقهم القومية في العراق مما أشعل شمال العراق فرحا بما آل اليه أمر تمردهم الطويل وأثار حفيظة وقلق تركيا وأيران ذات الاغلبية الكردية الاكثر مقارنة بالعراق •
ماذا يريد الأكراد؟
لم يرد العراقيون الإمعان والتعمق في أسئلتهم عن الحركة الكردية في شمال العراق الذي يتعايشون مع كل سكانه بمحبة وانسجام وتداخل اجتماعي واقتصادي رائع فمن هم إذن الذين يقومون بالعمليات المسلحة ضد قوات الجيش والمصالح الحكومية؟ ومن أين يحصل المتمردون على التمويل اللازم لادامة زخم حربهم الضروس ضد الحكومة بكل ماتعنيه هذه الحكومة من مصادر نفطية ومصادر اخرى متعددة، لم يكونوا يجهلون العلاقة بين قيادة التمرد في الشمال و(إسرائيل) ولم يكونوا يجهلون كذلك ما كانت تفعله دولة جارة للعراق من اجراءات لزيادة جرعات العمليات العسكرية حسب المواقف المطلوبة للضغط على الحكومة العراقية، وبالطبع لم يكونوا جاهلين بدور المملكة المتحدة والاتحاد السوفييتي وغيرهم في كل ما كان يجري في قمم جبال كردستان العراق وبعض مدنه لذلك كان الاعلان عن قانون الحكم الذاتي مطلع السبعينات من القرن الماضي عملية ذكية لسحب البساط من تحت أقدام كل من ذكروا سابقا وإعادة الضغط بالاتجاه المعاكس على من أرادوا للعراق عمليات أستنزاف لا نهاية لها •
لم تمض فترة طويلة حتى تلّقى البرزاني ما يدفعه الى اعلان الحرب من جديد على الحكومة المركزية ببغداد مما يعني هذه المرة ان تواجه تلك الحكومة ضغطا عسكريا مختلفا عن سابقاته من السنين الماضية وبخاصة من بعض دول الجوار التي أحرجها بشدة قانون الحكم الذاتي الذي سنّ لأكراد العراق بينما يرزح الاكراد لديهم في حالة بائسة دون أي أعتراف بحقوق أو ممارسة لواجبات تتعلق بقوميتهم الكردية، وخاضت قوات الجيش العراقي معارك شرسة مع المتمردين الاكراد وبدأت قوى رئيسية في العالم تضغط على حكومة بغداد التي سبق وأن أممت نفط العراق قبل ذلك ببضعة سنين من خلال دعم المقاتلين الاكراد من جة وقطع التموين والامداد عن بغداد عسكريا من جهة أخرى مما أوصل الاوضاع الى الى نذر خطيرة فدفع ذلك الحكومة العراقية ممثلة بنائب رئيس مجلس قيادة الثورة حينها صدام حسين الى توقيع اتفاقية الجزائرعام ۱٩٧٥ مع شاه إيران لينقلب الوضع خلال ۲٤ ساعة لصالح الجيش العراقي الذي كان حينها قد أستنفذ جميع ذخائره وبخاصة الدفاعية منها •
أكراد اليوم والدرس السياسي
من خلال النهج المعلن والممارسة التي شاهدها الجميع للفصائل الكردية المسلحة بعد الاحتلال الاميركي البريطاني للعراق نلحظ عودة النزعة الكردية الداعية الى الانفصال عن العراق (الأم) وانشاء دولة كردستان العراق بفرعيها في السليمانية وأربيل ناسين (وهو ديدنهم دائما) أن للمنطقة قواعد وضوابط لا تسمح للاعبين بلعب اوراقهم حسب ما يشاؤون دائما بل ان بعضها لا يسمح حتى بالاعلان عنها كالقضية الكردية مثلا، ففي تركيا وإيران وسوريا أكراد يمثل اكراد العراق امتدادا جغرافيا وقوميا لهم ولم يحدث ان جمعتهم دولة في أشد فترات التاريخ ظلاما فهل يمكن أن يكون ذلك الان والعالم يعيش على بث فضائي واحد للحظات مشتركة؟ وهل يمكن أن يكون ذلك والقانون الدولي معلوم للجميع ولا يمكن أن يستثنى منه إلا ما كان لمصلحة دولية مطلقة تمنع نزاعا او تلغي خطرا متوقعا وهو يمنع مثل انفصالات كهذه وبخاصة في ظروف الاحتلال الاجنبي؟ ثم الا يتعلم الاكراد من درس الشاه عندما اتفق مع صدام حسين فاوقف دعمه لهم ثم نصحهم بالانسحاب الى أراضيه او الاندماج مع المجتمع العراقي؟
ان التاريخ الحديث جعل من القضية الكردية وبخاصة في الحالة العراقية ورقة (فقط) بايدي من يريدون التأثير أو التحكم بالشأن العراقي وعندما يكون لهم ذلك فان الاكراد لن يكون لهم أكثر مما كان ولا أعلم سبب عدم تعلمهم ذلك الدرس رغم تكراره أهو جهل منهم أم عملا بنصيحة يبدو أن شارون قد قدمها لهم ليقلب موازين منطقة الشرق الاوسط رأسا على عقب؟
كركوك القاتلة
تبدو مطالبة القيادات الكردية بضم محافظة كركوك العراقية الغنية بالنفط ضربا من الهوس الذي أملته حالة الفراغ السياسي والامني والرسمي للعراق الحالي متصورين ان حالة الغزل الاميركي معهم استراتيجية وثابتة في حين ان هذا المطلب بحد ذاته يعتبر مقتلا للاكراد من الناحية السياسية جراء تقاطعهم بالجملة مع الاميركان الذين يشكل النفط عندهم شيئا مهما جدا لا يجوز المساس به أو الحديث عنه (الجزء الوحيد من الدولة العراقية الذي لم يصبه الاذى خلال الحرب وبعدها)، ومع الاتراك الذين يعتبرون ضم كركوك واحدة من موجبات قيام دولة لتأمينها غطاء اقتصاديا لها بالاضافة الى وجود نسبة من التركمان فيها، ومع العرب بكل طوائفهم والذين تتواجد أهم وأكبر وأشرس عشائرهم فيها كعشيرة العبيد والجبور•
الشعار الشوفيني للاحزاب الكردية
صلاح صلاح – كتابات
المراقب للشأن العراقي والشمالي تحديدا سوف يفاجأ بالشوفينية المقيته التي تتعامل بها الاحزاب الكردية مع المواطنين العرب والتركمان والاشوريين والكلدان وغيرهم.
وفي الواقع ان هذه الاحزاب لاتتصرف بعيدا عن شئ خارج اخلاقياتها وممارساتها العنصرية والشوفينية والنازية. بل هي في الواقع تتصرف وتسير وتتماثل مع فلسفة هذه الاحزاب في رؤيتها للاحداث ونظرتها الى الاخر الذي تريد ان يكون امامها عاريا تماما ومستلبلا, وحتى بهذه الصفات فأنها لاتريده, بل تمارس عليه سلطة القمع والقتل او التهجير.
من اجل فهم اكثر عقلانية وموضوعية لظاهرة الاحزاب الكردية, يجب بالضرورة الرجوع الى ثنائية التكوين التاريخي لهذه الاحزاب.
في بدايات القرن المنصرم واواخر القرن الذي قبله, ظهرت العديد من الشخصيات الكردية على المسرح العثماني من التي تمتاز بشوفينيتها الراسخة, وقد استفادت الدولة الايرانية ثم الدولة العثمانية بعد ذلك من هذا الغلو والتطرف حيث دفع هؤلاء القادة قبائلهم الى المشاركة في حملة ابادة الارمن وتاليا اليزيدية. بعد ذلك تحالفت القبائل الكردية مع العثمانيين لطعن الفرس وموطنهم الاصلي ايران. ولعل هذه الحالة هي التي شكلت الوعي الاول للقادة الاكراد من ضرورة التحالف دائما لخيانة الوطن الاصلي. في الواقع انا استغرب الكيفية التي تعمل بها عقلية القبائل الكردية ومن ثم الاحزاب تاليا في الاصرار دائما على العمل ضد الوطن الام. لقد بدأ ذلك كما اشرت في تحالفات القادة الاكراد ضد الدولة الايرانية ( موطنهم الاصلي ) ثم التحالفات التالية الحالية بالعمل ضد العراق الذي احتضنهم, كما يجب ان لاننسى مسألة الخيانات التي اشار لها ستالين حين تعامل مع الاكراد في الاتحاد السوفيتي. لذلك يعامل الكردي دائما في تركيا على انه خائن بالضرورة والممارسة, كما ان الدول التي تدعم الاكراد مثل اسرائيل والولايات المتحدة تتصرف معهم ايضا ضمن مفهوم الارتزاق والخيانية.
شخصية الكردي ممثلة بقيادات القبائل وهي المرحلة السابقة لتأسيس الاحزاب, تشير ايضا الى تكون وعي يمجد القوة والبطش والدكتاتورية والقتل, ولعل هذا الشيء هو الذي دفع مثلا البارزاني الاب الى البطش بكل العشائر الكردية الرافضة لنزعته التسلطية حينما جاء من ايران الى العراق وليؤسس في المكان الذي وصله سلطة القتل والبطش والاستحواذ. وامام الهيمنة البارزانية تشكل وعي اخر بالقوة وضرورة ممارستها على الاخر كما ان هذه السلطة الممثلة بالبرزاني وسمكو وشخصيات دموية اخرى تركت ظلالها راسخة في التكوين النفسي للكردي وتحديا للقادة الاكراد.
يذكر معاصرين للحروب الاولى التي حدثت مع البرزاني (العهد الملكي ) ان البرزاني كان شرسا جدا في التعامل مع القبائل التي ترضى بالتعامل مع الحكومة المركزية وكان وقتها مدعوما من قبل المخابرات السوفيتية للعب دور مناهض لتوجهات الحكومة الملكية الليبرالية وكان السوفيت يضغطون على العراق عبر البارزاني الاب. وكان نصيب رؤساء القبائل الذين يتعاملون مع الحكومة القتل الفظيع والتمثيل بجثث القتلى, اما النساء فكن يؤخذن كسبايا وفي كثير من الاحيان كان البرزاني الاب يمنح مرؤسيه صلاحيات الاعتداء على اعراض هذه السبايا, وهنا لابد ان نتذكر نفس المشهد الذي كرره مسعود الابن حين هجموا على عشيرة السورجية عام ۱٩٩٦ وقاموا بقتل الرجال واغتصاب النساء, في حادثة مروعة كتبت عنها حتى الصحف الاجنبية كما اعلنت ذلك صحف الاتحاد الوطني الكردستاني.
ان عقلية رؤساء العشائر الكردية ومن ثم رؤساء الاحزاب الذين هم قادة قبليين اصلا, تعتمد في الاساس على نفي الاخر واستلابه, حدث ذلك من خلال العشرات من الحالات التي اعتدى فيها هؤلاء القادة على اعراض الاشوريين في شقلاوة على سبيل المثال, كذلك حالات متعددة اخرى في قرى الاشوريين ضمنها بلدة عين كاوة في اربيل. العقلية الاستلابية عند القادة الاكراد تتضخم في العادة حينما يكون لهؤلاء القادة تحالف مع قبيلة اخرى او مع طرف خارجي وقد حدث هذا على سبيل المثال لا الحصر في تعامل البارزاني مع الامريكان والاسرائيليين حينهاا قتل مجموعة كبيرة من الشيوعيين العراقيين الذين دخلوا العراق من الحدود الشمالية ليكونوا فصائل الانصار وقد بلع الحزب الشيوعي العراقي الحادث وابقى على تحالفه مع البارزاني بالرغم من معرفته ان البارزاني له تحالفاته المشبوهة وان التحالف معه ليس الا محاولة مسك المياه في اليدالتي سرعان ماتتسرب.
لقد اعتمدت العقلية الكردية (القادة) ومن خلال تاريخها على ازاحة العشائر غير الكردية من امكنتها واحلال عشائر كردية مكانها ومن ثم تغيير الاسماء ومحاولة دفن تراث المدينة – المنطقة – العشيرة, وكل مايمت بصلة الى تاريخ معين. في الواقع ان هذا التصرف لم يتأتى من تقليد السلطة الحاكمة – الحكومة العراقية – نموذجا انما هو ينبع من اصول بعيدة عن تأثير الحكومات المتعاقبة, انه ينبع من عقلية القادة انفسهم ومن تراث هائل من القتل والتدمير وممارسة العنصرية والشوفينية, منذ اواخر القرن الثامن عشر وهو تاريخ تبلور الاكراد كفصيلة بشرية وانعتاقهم من الايرانيين وتحالفهم مع الاتراك العثمانيين والدولة الروسية.
في الحقيقة ان المجتمع الكردي مجتمع قبلي غارق في رجعيته ومن اثارهذه الرجعية والقبلية هو الانقياد الاعمى الى شيخ القبيلة الذي يفضا الاكراد الانقياد له عوضا عن اي سلطة ثانية سواء كانت دينية او حضرية او حكومية. واعتقد هنا ان المرحلة القبلية لاتزال قائمة حتى الان وربما جرى تغير عليها, لكن هذا التغيير اتجه الى الولاء للحزب وللشخصية القيادية على اعتباره شيخ القبيلة والعشيرة,لقد لمست هذا لمس اليد اثناء تواجدي في شمال الوطن هاربا من سلطة صدام الى سلطة اكتشفتها اكثر دموية وتسلطية ودكتاتورية من سلطة صدام حسين وكان القليل جدا من الاكراد الذين تعرفت عليهم من يصرح انه يتناقض مع البرزاني, فلقد كان الخوف عامل مهم ويشكل الهاجس الاكبر والخوف من الانتقام. كان قادة الاحزاب الكردية ( الاتحاد والحزب الديمقراطي ) عبارة عن شيوخ عشائر او مافيات يكون فيها الولاء للحزب ولاءا مقدسا وهو نفس العقلية والافراز العشائري.
المجتمع الكردي في الحقيقة لم يتحلل من العقلية العشائرية وحتى حينما تشكل الاتحاد الوطني كحزب بزعامة العم جلال الطالباني علىاعتباره حزب يساري طليعي, فأنه انزلق الى عقلية شيخ العشيرة والقبلية ولم ينج من الدوار العشائري وبالنتيجة تحول حزب جلال الى عشيرة اسمها الاتحاد الوطني الكردستاني فيما تحول حزب مسعود الى عشيرة اسمها الحزب الديمقراطي الكردستاني. تكشف بعض الوثائق والمذكرات التي كتبت عن مراحل تأسيس الحزب الديمقراطي الكردستاني, انه البعض من القيادات الكردية الذين يشبهون رؤساء الافخاذ اقترحوا على الملا مصطفى انشاء حزب الا انه رفض هذه الفكرة, حيث لم يكن يستطيع التخيل ان لايكون رئيس عشيرة, لكن القادة الاصدقاء افهموه ان الحزب ليس الا عشيرة كبيرة وكان لهم ماارادو وتم تأسيس الحزب من تحالف عشائر ولازال هذا الحزب حتى اليوم عبارة عن تحالف عشائري من العشائر التي اخصاها البرزاني, اما الضريبة التي تدفعها اي عشيرة من تلك العشائر المتحالفة فيما اذا فكرت بالخروج من التحالف, فهو القتل والاغتصاب والتشريد. وربما هذا هو السبب او هو احد اسباب الصراع الخفي بين جماعة جلال وجماعة مسعود.
عند زيارتك للمنطقة الشمالية سوف تفاجأ بكثرة السيطرات او نقاط الكمارك, حيث ان كل منطقة عشيرة تتواجد بها سيطرة ونقطة كمرك, اما الهدف فهو جمع الاتاوات ( الكمرك ) وهذه الاتاوات تذهب الى جيب شيخ العشيرة الذي يمر الشارع في ارضه. وهو يستعمل هذه الاموال المتجمعة على مأربه الخاصة اما فقراء الكرد فلهم الانطحان تحت الفقر المدقع. لم يتوصل مسعود وجلال طيلة العشر سنوات الماضية الى تأسيس بنية حديثة لادارة المنطقة, والسبب في ذلك الى ان اسباب وجود احزابهم يتطلب الابقاء على الوضع على ماهو عليه, ذلك ان اي تطوير للمنطقة او لعقلية الانسان الكردي فأنه سوف يدفع هذا الانسان الى الانسلاخ عن الواقع الذي يعيش فيه, ويبدوا ان هذا سبب رئيس في هروب الالاف من الاكراد الى خارج العراق وبشكل خاص من منطقة السليمانية واربيل حيث ان الوعي في هذه المناطق اكبر من المناطق الاخرى – البادنانية – والاكراد وقادة الاحزاب الكردية يعرفون هذه القضية ويعرفون ايضا انه كلما كان الوعي اكبر, فأن رفضهم يزداد في علاقة اطرادية من الشعب الكردي.
عملت الاحزاب القومية الكردية ومن اجل ضمان ولاء الافراد والعشائر لها الى صيغ فكرية مخيفة ومأسوية اذا صح التعبير. تمثل هذا باوضح صورة في كره العرب والعربية كما تمثل ايضا في ابعاد الاكراد عن الدين الاسلامي, وايضا البدء بمحاولات استخدام الحروف اللاتينية بدلا من الحروف العربية, اضف الى هذا البدء بحملة شاملة من اجل اجتثاث العربية والمسميات العراقية من واجهات المحال التجارية والشركات والخوض عميقا في ابعاد المجتمع الكردي عن التواصل مع المجتمع العربي ومنه عدم الاهتمام بتدريس اللغة العربية في المدارس. لقد بدأت المحاولات تأتي بنتائجها المريرة حيث بدأ جيل جديد من الاكراد الحاقدين على العرب والعروبة وكل مايتصل بالعرب, ضمنه بالطبع القرأن الكريم والدين الاسلامي. ومن اجل اتاحة المجال اكثر من اجل الاسراع بعملية عزل الشعب الكردي عن محيطه الوطني, سمح للبعثات التبشيرية بفتح المراكز المتعددة حتى وصلت اعدادها الى العشرات واصبح المبشرين يجوبون ( المنطقة المحررة ) من اجل التبشير بالاناجيل والمسيحية, اضف الى هذا, ان بدأت عملية واسعة لتسفير الاكراد الى الدولة العبرية من اجل استخدامهم كوقود حرب في الماكينة الاسرائيلية. وبالطبع فأن هذا الذي يجري هناك ليس يتم بدون تخطيط مسبق, انما على العكس تماما فأن مايجري هناك قد تم التخطيط له جيدا والغرض منه عزل الشعب الكردي عن باقي الشعب العراقي وكذلك قطع الصلات التي تجمع هذا الشعب بالشعب العراقي بشكل عام. هذه المحولات قد اتت نتائجها ويجب ان لاننسى ان محاولات الاحزاب الكردية في قطع صلة الاكراد بوطنهم العراق هي محاولات قديمة جدا, لكنها بعد العام ۱٩٩۱ اتخذت اشكال علنية وواضحة. في الواقع ان محاولات الاحزاب هذه تتم وفق سياسات اشك في انها مقدمة من قبل جهات خارجية, وعلى اية حال فسواء اكانت مقدمة من جهات خارجية ام لا, فأنها في النتيجة تطبق من قبل هذه الاحزاب. لقد ابتدأت كما قلت مرحلة اجتثاث العربية كمسميات وغيرها من الحياة الكردية وضمنها طبعا الموسيقى حيث تم الرجوع الى طرق الغناء الفارسي واستخدام حتى الايقاعات الفارسية التي اعتقد ان الاكراد تركوها قبل فترة لكنهم عادوا اليها الان وربما بتوجيه. كذلك ارتبطت هذه الحملة بترك الاسماء العربية والتسمي باسماء فارسية. لقد نجحت هذه الاحزاب الى حد بعيد في جعل الكردي يشعر انه ليس عراقيا وهذا كان واضحا فحينما تسأل اي كردي ان كان هو عراقي ام لا فسيقول لك على الفور انه كردي او كردستاني, هذه الكلمة كردستان التي رسختها الاحزاب الكردية القبلية في رؤوس الناس حتى ظنوا انها حقيقة, وبالطبع فأنه بعد مرور فترة زمنية سوف تتحول هذاالفكرة الى شيئ مقدس والانسان بطبيعته عبد للمقدس.
هناك اشياء اخرى تجري في المجتمع الكردي لاتقل خطورتها عن خطورة مااشرت اليه, الا وهو الكذب والدجل الذي تمارسه الاحزاب الكردية على المواطن الكدري البسيط والطيب. ذلك هو الافكار التي تزرع في ذهن المواطن الكردي ومنها كردستان وان كردستان تم تقسيمها في الحرب العالمية الاولى واشياء عديدة تشمل ختى التاريخ البعيد من مثل تلك المتعلقة باصول الكرد وانه اصلاء في المنطقة – العراقية – وان هذه الاصول تمتد الى الميدين وغيرهمن مثل ان الاكراد هم قومية متميزة واصيلة في هذه المنطقة. وعلى العموم فأني لااناقش اصول الكرد لكني اعترض على تاريخ وجودهم في الجهة الشمالية من الوطن, اذ اعتقد وهناك العديد من البحوث التي تقول بأن اصول الكرد من ايران وان هجراتهم هي هجرات قريبة وشخصيا اعتقد بالرغم من اني لست مؤرخا لكني قارىء انة هجراتهم الى العراق تمت في القرن التاسع عشر وفي فترة صرع الدولة العثمانية مع الدولة الصفوية الايرانية حيث عملت السلطة العثمانية على الاستفادة من خدمات الكرد للعمل ضد الدولة الايرانية وهي وفقا لهذا المفهوم تم اسكانهم في المناطق الشمالية الشرقية للعراق ليقوموا بدورهم في اشغال الدولة الايرانية وبما ان السلطة العثمانية لاتهتم الا بجمع الاموال وتحصيل الضرائب, فأن القبائل الكردية استطاعت التوسع افقيا في الارض واخضاع القبائل الاخرى المجاورة لها ومن ثم تحصيل الضرائب ودفعها الى الباب العالي في الاستانة, وبما ان الباب العالي لايهتم الا بالضرائب فقد سمح للاكراد بالتوسع كيفما شاؤا وقد ارتبط هذا بمجازر فظيعة تم ارتكابها من قبل رؤساء العشائر الكردية بحق القبائل الاخرى – الاشورية – الكلدانية – اليزيدية – العربية, التركمانية.
ان نموذج البارزاني واخضاعه للعشائر المتمردة على سلطته والقسوة التي تعامل بها هي دليل واضح على الطريقة التي يفكر فيها القادة الاكراد من اجل الاستيلاء على الارض, هناك امثلة اخرى معاصرة في هذا المجال, وهو مدينة كركوك واربيل ففي الاولى لايعود تواجد الاكراد فيها الى بدايات القرن الماضي وتحديدا منذ بدء صناعة النفط حيث جاء العمال الاكراد الذين طحنهم الاقطاع الكردي للعمل في الصناعة النفطية وبما ان هذه الصناعة كانت صناعة جديدة وتحتاج الى الايدي العاملة, فقد تدفق العشرات من العمال للعمل كأجراء و بأجر يومي. وكان معظم العمال يعودون الى بيوت الشعر التي كانو يعيشون تحتها حتى تم بناء منازل لمعامل النفط والتكرير وتم توظيف الاجراء كعمال دائميين وبدأ منذ ذلك الحين تأريخ تواجد الاكراد في كركوك.
ان التاريخ والوقائع في نموذج كركوك واضحة وهي ليست قديمة حتى تضيع, لذلك يمكن دحض الافتراءات الكردية في ضم كركوك الى مايسمى ( كردستان ) المقدسة. لكن المشكلة هنا ان الاحزاب الكردية ومنذ اكتشاف النفط فيها غرسوا في عقل المواطن الكردي ان كركوك كردية وان هذه المدينة هي قلب كردستان. لقد كان التثقيف في هذا الاتجاه كبيرا حتى اصبح المواطن الكردي ينظر الى كردستان وكركوك اشبه مايكون بالاسطورة والمقدس, وبالطبع فأن الانسان يقدس المقدس ويشعربدونه انه ضائع حتما. لقد كذبت الاحزاب الكردية على المواطن الكردي فصدقت هي كذبتها وصدق المواطن العادي الكذبة حتى اصبح يراها حقيقة ويتعجب كيف ان الاخرين لايصدقون مايراه, وهنا فانني اتذكر المثال الهندي لعبادة البقرة, اذ اننا نتعجب للهندي الذي يعبد بقرته ويجللها بالمقدس والبخور, فيما نحن لانشعر بهذا المقدس والبقرة عندنا هي ماكينة للحليب واللحم الاحمر. نفس الشيئ بالنسبة لنا كمسلمين, اذ اننا نعتبر القرأن شيئا مقدسا للغاية ولايمسه الا المطهرون, لكن الاخر لاينظر الى القرأن كشيئ مقدس للغاية وهو يتعامل مع القرأن كنص وككتاب. كردستان شيئ من هذا القبيل وتقسيم كردستان بين الدول الاخرى شيئ اخر ايضا ضمن منظومة المقدس. ان المقدس في الحقيقة مشكلة يعاني منها الجميع وهي ثوابت لايمن الاقتراب منها... التقيت في احدى المرات بأحد الاصدقاء الاكراد ودار بننا حديث متنوع عرجنا من خلاله الى تسمية كردستان وتقسيمها بين البلدان, فعرضت وجة نظري والقائلة بأنه لم تكن في تاريخ المنطقة دولة كردستان, لذلك فلا يمكننا القول انها قسمت اذ ان العلة غير موجودة اصلا. فقام صديقي بسرعة قاطعا الحوار وبدا عصبيا للغاية وقال انه كانت هناك دولة كردية وانها قسمت بين الدول الاربع – ايران – العراق – تركيا – سوريا. وانني لو لا اني صديقه لقال بحقي انني شوفيني عربي. لقد صدمتني ردة فعله المبالغة لكني حينما عشت في شمال الوطن عامين متصلين عرفت الحقائق على الارض وعرفت ان غسل الدماغ الذي تمارسه الاحزاب الكردية قد وصل الى مراحل متقدمة جدا وان علاجها صعب للغاية اذ لم يكن مستحيلا, على الاقل بالنسبة لهذا الجيل وللاجيال السابقة.
ان الشعب الكردي يعيش مأساة كبيرة بتسلط هذه الاحزاب على ارضه وعقوله وكل المثقفين المتنورين من غير الشوفينيين والذين يعرفون الحقائق بدون تزوير, اما قتلوا او شردوا في اصقاع الارض من قبل العصابات الشوفينية. ان تحرير المجتمع الكردي من الاوهام, في الحقيقة هي مهمة صعبة وهي مهمة الجميع بدون استثناء اما العمل ضد الاحزاب الشوفينية فهي رسالة مقدسة لكل من يساهم فيها. انها في الحقيقة او كما اعتبرها شخصيا جزء من عراقيتي التي اعتز بها,العراقية كمفهوم انساني رائع للتعايش بين الكل في وطن الحليب والعسل الذي يحسدنا عليه الجميع في الارض.
الخيار المصيري للأكراد
حمزة الحسن
ان الاكراد بحاجة الى تحقيق العبور التاريخي بهم نحو السلم والعدالة والديمقراطية والسعادة البشرية بعد معاناة ومساومات وضحك ولعب وتسويات دفع ثمنها الشعب الكردي البريء غاليا.
ابتداءً نعني بالأكراد هنا الحركة القومية الكردية وليس الشعب الكردي الأعزل لنقطع الطريق على الأفواه المرتعشة والراجفة من كل صوت أو رأي مخالف أو مختلف وهي ظاهرة فاشية برزت على نحو واضح في الفترة الأخيرة بعد سقوط النظام.
وكما هو واضح فان مكاتب حزبية قد شكلت لهذا الغرض ومهمتها الرد بالتشنيع والتهديد على كل من يرفع صوته المخالف أو يده أو رأسه أو حتى يفكر بذلك في سلوك أسوأ بكثير من سلوك النظام الفاشي.
وهذا أمر طبيعي كنا نقوله منذ سنوات حتى أننا في مقال رفضت جريدة لندنية نشره قبل خمس سنوات يقول بالحرف الواحد في تحليل يستند إلى خبرة صعود القوميات الوليدة والمنتصرة: إن القومية الفتية المنتصرة في لحظة نصرها وزهوها ما لم تنعطف نحو البناء الاجتماعي والديمقراطية والمؤسسات المدنية والقانونية، فإنها ستتجه حتما نحو الفاشية.
وهذه الفرضية كان قد ركز عليها كثيرا الفيلسوف الفرنسي الشهير فرانز فانون في مراقبة دقيقة وتاريخية لصعود القوميات الفاشية وبعد ذلك تناولها المفكر ادوارد سعيد في كتابه "الإمبريالية والثقافة" مثنيا على تحليل فانون العميق والثاقب الذي أكدته من بعد تجارب صعود الفاشية في إيطاليا والنازية في ألمانيا وفي العالم العربي معتمدة على ذات الفكر العنصري العرقي الكريه في النقاء القومي وفي الدم.
واليوم يتحقق ذلك التحذير الذي لم ينشر بسبب هيمنة قوى على بعض مطبوعات الأعلام المعارض حتى على حساب قضايا وطنية مصيرية وهذه الهيمنة كانت ولا تزال عن طريق الإغواء أو التهديد.
وليس غريبا أن تنحدر القوى الكردية المسلحة، وهي تكوينات عسكرية معبأة حتى الأسنان بفكرة الحرب حتى النفس الأخير من اجل الدولة الكردية، ومعبأة حتى الأسنان أيضا بفكرة الكراهية لكل ما هو عربي وتركماني، نحو سلوك العنف الدموي في مواجهة أبسط الاحتجاجات الشعبية فهذا هو التماهي وتقليد الضحية لجلادها القديم.
وهذه التكوينات الحربية المقاتلة كانت بحاجة، ولا تزال، لو توفرت النية والرغبة والحماس والوعي، لكي تنتقل من العقل "المليشياوي" إلى البناء الاجتماعي السلمي، إلى قيادة واعية بخطورة "لحظة العبور" من مرحلة النصر القومي ومقاومة إغراءاته إلى البناء الاجتماعي والديمقراطي.
عكس ذلك جرى وهو الاندفاع خلف هوس بناء الدولة الانفصالية وتحويل المنطقة الشمالية إلى مزرعة لكل ما هو عدو للعرب والعمل بصورة دائمة على عرقلة بناء الدولة العراقية الحديثة ولحس كل شعارات الحركة السابقة في النضال الديمقراطي ومن أجل العدالة الاجتماعية مع المحافظة على خطاب استهلاكي إعلامي كاذب عن الوطن "العراقي"!
طبعا ستجد هذه القوى الانفصالية من يدعمها في صفوف الانتهازيين وبدعم من ذلك الحزب "اليساري" العراقي المعروف عنه اللعب في كل حقب العراق على كل الحبال: من المشاركة في تصفية الحركة الكردية مع الجيش العراقي في سنوات ۱٩٧٤ - ۱٩٧٥، وتصوير الحركة بـ"الجيب العميل"، إلى القتال معها في سنوات لاحقة، وحتى التحالف اليوم مع مؤسسة الاحتلال: كأن الغاية النهائية لسلوك هذا الحزب العريق هي الحصول على كرسي في سلطة ما حتى لو كانت سلطة فاشية (تحالف عام ۱٩٧٣) أو سلطة احتلال كما هو الحال اليوم وبالطبع تتكفل البلاغة والافتتاحية وبيان المكتب السياسي في تحويل الجرادة إلى فراشة وبالعكس ومن يقف ضد التيار يقاوم بنفس أساليب الحركة القومية الكردية والنظام السابق: الإغواء أو التهديد كأن هؤلاء من مدرسة واحدة!
إن الحركة الكردية اليوم في "ساعة حسم" وفي لحظة منعطف مصيري، وأمام تقاطع طرق حساس: إما المضي قدما نحو البناء الاجتماعي المؤسساتي والعمل الجدي المخلص (والكف عن اللعب والعبث بالدولة العراقية القائمة اليوم) وتكوين منظمات المجتمع الأهلي الديمقراطي، واحترام شعارات الحركة التي جعلت حتى العرب من مختلف القوى من قوميين ويساريين وناصريين ومستقلين وعسكريين وغيرهم يقاتلون معها ضد الدولة العربية "الفاشية" في سابقة لا مثيل لها في الدول المجاورة، أو الخيار الفاشي الذي سيقود حتما نحو الكيان المسعور الذي يطلق النار على كل صوت، وعلى كل رأس، وعلى كل فكرة مغايرة، وعلى كل قومية تحلم حلما مختلفا، كتعويض غلط وفي غير الاتجاه الصحيح عن سنوات الإذلال.
وفي هذا نهاية الحركة الكردية ومقتلها الذي عملت كل الأنظمة العراقية المتعاقبة عليه، أي في تحويل الصراع بين الحكومات والأكراد على أنه صراع أهلي انفصالي عرقي قومي ولم تنجح، وجاءت الأحداث هذه السنة كي تحقق هذا الحلم البغيض الذي قدمته القيادات الكردية على طبق من ذهب دون وعي مخاطر المستقبل والاصطفافات القادمة وحشد القوى والتحالفات وهي مقدمات أو البنية التحتية لحرب أهلية وشيكة.
عندها لن ينفع أسلوب الابتزاز والتهديد الذي تمارسه ضد الرأي الآخر أو ضد أفراد معروفين في مجلس الحكم بطردهم أو عدم قبول ترشيحهم مرة أخرى في حال عدم خضوعهم لرغبات القوى الانفصالية في ظرف حرج يتطلب بناء دولة من الصفر وهذا كل ما تخشاه هذه القوى.
إن بعض الزعامات الحالية الكردية غير مؤهلة بحكم عوامل نفسية وفكرية وتاريخية وعائلية وقومية على تحقيق هذا العبور التاريخي بالأكراد نحو السلم والعدالة والديمقراطية والسعادة البشرية بعد معاناة ومساومات وضحك ولعب وتسويات دفع ثمنها الشعب الكردي البريء غاليا.
وكل ما ستفعله مثل هذه الزعامات في القادم من الأيام هو دفع القوى المسلحة التابعة لها نحو مزيد من العسكرة والعنف لأن هذه هي كل خبرة هذه القوى الأمر الذي سيقود إلى مأزق خانق سياسي خطير وهو خاتمة منطقية لكل قومية تقودها زعامة تبحث عن ضحية للتعويض عن ذل قديم بدل التوجه نحو الفرح العادل والمشروع والمحبة والسلم الأهلي وتعايش المصالح.
من الوان الاضطهاد الفيدرالية الكردية
يشار احمد غائب
على مرالتاريخ نرى الأكراد لم يستفيدوا من الدروس والعبر.. ومن لم يندم ينتظر العواقب. ها انهم مرة اخرى ضمن مخطط وحشي يحملون رآية الانفصال والارهاب التي تفوح برائحة الدم والغدر والخيانة وانهم يحاورون بافكار رجعية عنصرية ويقاتلون في خندق واحد مع الصهيونية ضد العراق وشعبه..! ان مشروع الفيدرالية الكردية ليست بديلاً حقيقياً ولايشبع حاجات الأنسانية المتعطشة للحرية والديمقراطية، بل الحاجات الانفصالية العنصرية.. ان ثنائي الاجرام (الطلبزاني) وحاشيتهما يخططون بخبث وبدون بصيرة انسانية وضمن مخطط صهيوني في حمل الشعب الكردي وايصاله الى الانفصال وتعبئتهم حول المنهج الانفصالي غير القويم لتهديد مصلحة العراق! وامام ذلك كله ‘ الشعب العراقي المجاهد من العرب والتركمان والاثوريين وباقي الاقليات الذين يتصدون لنظام فاشي كردي شهده عالمنا الحاضر، بشجاعة وهم يدافعون عن ارضهم وشعبهم ويقدمون دمائهم الزكية قرابين من اجل كسر القيود الاغلال للفيدرالية الكردية التي يحاول الطغاة تقييد ارادة الشعب العراقي بما فيهم التركمان وفسخ هويتهم العراقية وسلب ارادتهم الحرة. ان الشعب التركماني جزء من ضمير الشعب العراقي الحر وقلبه النابض، قدم ولايزال يقدم للوطن التضحية والوفاء النادر وسوف يوصل ماضيه بحاضره ومستقبله من اجل بناء عراق موحد حـــر... وتجد عندهم الموقف الوطني والنهج الفكري والروح الكبيرة التي تتـقد حباً وحناناً للوطــن... وانهم السـد المنيع امام مخططات الاكراد في اسـتعباد الشعب العراقي واضلا له، فهم يخططون للقضاء على الوحـدة الوطنية والجغرافية للعراق. ونحن العراقيون الطيبون نجاهد في مسيرة طويلة وشاقة للوصول الى شـاطئ النصـر للعـراق وشعارنا انشــودة يرددها العراقيون على الظلم والظالمين والانفصاليين في كل زمـان... وسائلين العلي القدير أن يسدد خطى الوطنيين الجاهدين الساعين لخدمة عراق ديمقراطي موحد يعيش اهله بحب ووئام... انه ولـي التوفيق.
زعماء اكراد العراق نسخة من الصدامية
عادل الياسري - كتابات
كتبت هذا المقال بإسم [يعسوب الاحناف ] عام ۱٩٩٨ وهو الاسم الذي كنت انشر به في الصحافة او الحديث في الفضائيات ؛ واعتقد ان الاسباب معروفة لا تحتاج ايضاح،ولكن الحاجة قبل كل شيئ هي لماذا؟ اعد نشر هذا المقال بعد ان مضى عليه ستة سنوات عجاف...! وهذا نصه
لا شك ان الإقتتال بين الحزبين او بالاحرى بين الشخصيين جلال الطالباني و مسعود البرازني منذ اكثر ومن ثلاث سنوات قد اكل الاخضر واليابس وعثى في الارض فسادا؛ ومن المدهش بين الحين والاخر أن يطلع الملاء على البيانات المتضاربة من كلا الطرفين لانتهاكات حقوق الانسان المستمرة..! قد لايصدق المرء لتلك البيانات في الوهلة الاولى ؛ وربما في المرة الثانية والثالثة، وقد يعتقد انها تراشق بالاتهامات من مكاتب الحزبين البعيدة عن حمامات الدم ؛ ولكن عند الوقوف على نص الرسالتين المتبادلتين بين طالباني وبرزاني يقف المء حائرا مذهولا على الجرائم التي ارتكبها الطرفين بحق الاخرين.
ولعل عرض هذه الفقرة لكلا الرسالتين او هي الفقرة المشتركة في الرسالتين ؛ يتحول الشك الى يقين والتي جاء فيها: ـ ((ايقاف تهجير المواطنيين وتحريمه ؛ وإعادة المهجريين الى ديارهم ومدنهم وقراهم مع ضمان أمنهم وسلامتهم ؛ وتشكيل لجنة من الاحزاب الكردستانية وممثلي الطرفين للاشراف على ذلك )).
أن المتابع لحملات التهجير في العراق؛ والممعن للنظر في مفردات تلك الفقرة، يرى ان تاريخ العراق الحديث لم يشهد حملات التهجير القسري إلا بعد سيطرت البعث العراقي على السلطة عام ۱٩٦٨ ويمكن تقسيم مراحل التهجير كالتالي: ـ
المرحلة الاولى:ـ بدأ هذه المرحلة عام ۱٩٧۰ بتهجير اكثر من نصف مليون عراقي الى ايران بعد توتر العلاقات العراقية في عهد الشاه... صالح مهدي عماش اعتبرها فرصة ذهبية لتقليص نفوذ المسلمين الشيعة في العراق ؛ وكان المشرف عليها ـ ناظم اكزار ــ ويمكن تسميتها بمرحلة البكر ــ اكزار
المرحلة الثانية : ــ بدأت عام ۱٩٨۰ للمناطق الشيعية في فحافظات الوسط والجنوب تحت ذريعة التبعية الايرانية واسقاط الجنسية العراقية لكل معارض لايؤمن بأهداف انقلاب البعث او ما يسمى ثورة البعث ويمكن تسميتها بمرحلة صدام ــالبراك
المرحلة الثالثة: ــ بدأت عام ۱٩٨٧ بعد ان اصبح علي حسن المجيد الحاكم المطلق للمحافظات الشمالية ومسؤولا عن مكتب تنظيم الشمال فهي إذن مرحلة صدام ــالمجيد
المرحلة الرابعة: ــ بدأت منذ إقتتال الحزبيين الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الكردستاني ويمكن الاصطلاح عليها بمرحلة البرزاني ــ طالباني ؛ ولكنهذه المرحلة تختلف عن جميع المراحل ؛ فلم نجد للنظام العراقي قرارا يدعو للتهجير المواطنيين من سكنهم. والتساؤل ياترى ماهو الفرق بين نظام صدام الدموي والحزبين المتقاتلين ؟... ولماذا؟ نطالب العالم بمحاكمة صدام واعوانه على جرائمهم ولا نطالب بمحاكمة خصوم صدام على جرائمهم؟.. ولااريد ان استطردبالحديث لكل الفقرات مثل تدمير البنية التحتية وغيرها ولكني اكتفي بعرض هذه الفقرة والتي جاء فيها: ــ
إيقاف حملات المطاردة بحق اعضاء و مؤيدي الطرفين ومؤيدي حلفائهما في جميع كردستان على الفور.. )
الحق ان هذه الفقرة لا تختلف عن قرار مجلس قيادة الثورة لمعاقبة منتسبي حزب الدعوة والتي تصل العقوبة الى الاقارب من الدرجة الخامسة ولكنها لم تصل الى حلفاء الاقارب..! اذ تعتبر الاحكام التي صدرت بحق حزب الدعوة أقسى عقوبة عرفتها الاحزاب السياسية منذ نشوئها وليس خفيا ان صدام والبعث العراقي اتخذ من حزب الدعوة ذريعة للإنتقام من المسلمين الشيعة في العراق
لقد عدته لاني لم ار جريمة قتل المتظاهريين في كركوك مسؤول عنها الشعب الكردي في العراق وانما الاحزاب الكردية ليس الا ؛ ولايمكن قبول التبريرات بأنها هي من صنيعة أيتام النظام السابق. ولايختلف اثنان انهم وراء كل فتنة في العراق ؛ ولكن هذا لايعني كل من هتف لصدام وحمل صورته يسري عليه قانون القتل المباح ؛وماذا؟ كان يفعل صدام واعوانه وايتامه مع الاكراد حين يروا صورة ( ابي ريشة ) او صورة اخرى في الجنوب و الوسط... غير انهم لم يقتلوهم في الشوارع العامة ولكن في دهازيل الاستخبارات و الامن او في مقبرة جماعية... قتل المتظاهريين ذكرني بافعال النظام الليبي الارهابي وكيف قتل المتظاهريين امام سفارته في لندن... قتل المتظاهريين في كركوك أعاد لذاكرتي قراءة وثائق النظام وارقام قتله للمتظاهريينففي الانتفاضة الشعبية ۱٩٩۱ كانت التعليمات قتل ٩٥٪ من المتظاهريين وعند احتلاله للكويت كانت ۱۰۰٪ والاختلاف طفيف. بين شعب العراق والكويت في القتل الجماعي.... ولكن لاادري كم كانت التعليمات لحزب الفاعلين.
قبل عدة اشهر قرات في صحيفة نيويورك تايمز مقالا لبرهم صالح قال فيه ــ اعطوا للاكراد والعرب والتركمان وقتا لنشر الديمطراطية في العراق.... الخ ولاادري كم يريد صالح من الوقت لحماية المتظاهريين...! وكما ان تصريحات صالح الاخيرة بأن كركوك مدينة كردية ليست هي اقل من نعرات صدام القومية او شفونية صدام ولاشك ان تصريحاته ملؤها هوس الوطنية... وقبل ان اختم هذا المقال اقول ان إجراءات مجلس الحكم لتحقيق في الحادث ومحاسبة الفاعلين جديرة بإحترام المراقب ويجب ان تعلن عند الانتهاء منها ؛ ولكن على مجلس الحكم نشر ثقافة التظاهر واولها حماية المتظاهريين وعلى المتظاهريين حدود التظاهر ؛ ولاشك انها تحتاج الى مزيد من الوعي في بلد صارت فيه لغة الاحتراب بين افراده وهتافات المعتدي على الاخرين هو ( سب قائد الضرورة ) وما نراه اليوم العكس هو الصحيح ؛ ولكن الفرق هو الهتافات من الاحزاب وليس من الافراد.... وبقي القول ان من نظم المظاهرات من اجل ضحايا حلبجة والانتفاضة وتارة من اجل ضحايا مجزرة الدجيل لهو قادر ان يفعلها ثانية من اجل حماية حقوق الانسان في العراق.
القنبلةالكردية
جوزف سماحة
رمت القيادة الكردية حجراً في بركة عراقية متموجة فزادتها تموجاً. قدمت تصورها للوضع الكردي في ظل الفدرالية الموعودة. لا يهتم التصور بكيف يتدبر عرب العراق أحوالهم. يطالب بأن تشمل كردستان كل بقعة شكل الأكراد فيها، عام ٧٥، أكثرية. ويعني ذلك إعادة رسم خريطة التقسيمات الإدارية الحالية لتعانق الديموغرافيا العرقية بحيث تكون كركوك (ونفطها) مشمولة بذلك.
رد العرب والتركمان في المدينة بغضب. واعترض الأعضاء العرب في مجلس الحكم. وأعرب قادة الدول المجاورة عن القلق. وتدخلت الولايات المتحدة، بتردد، لاقتراح مخرج.
ومن اللافت أن الروزنامة تضغط لطرح تصورات في حين أن القضايا في منتهى التعقيد والخطورة. والروزنامة الضاغطة لها علاقة، أساساً، بالحسابات الانتخابية لجورج بوش وبما يعتبره الورقة الأفضل في حملته الرئاسية. وليس مستبعداً أن <<يرسو>> الأمر على صيغة انتقالية تمهّد لصيغة انتقالية إلى حين إجراء انتخابات في العراق. بكلام آخر، إن المطلوب، خلال أسابيع معدودة، أجوبة عن أسئلة عمرها قرون.
انتقل الخلاف إلى مجلس الحكم، أي إلى من اختارهم الاحتلال بصفتهم الأقدر على التعايش في ما بينهم ومعه. ويتشكّل المجلس من نواة اختبرها الأميركيون سابقاً ومن أعضاء جدد انضموا إليه نتيجة اكتشاف متأخر ل<<الواقعية>>.
والمعروف أن النواة السابقة أنتجت، على مدى سنوات، تصورات مستقبلية للعراق بقيت غامضة وفضفاضة. ولعل الواجب استذكار كم كانت اجتماعاتها صعبة، وكم كان التفاهم بين أطرافها قسرياً، وكم كانت تنعكس تباينات الإدارة الأميركية عليها بحيث ينطق أحمد الجلبي باسم مدنيي وزارة الدفاع الليكوديين في حين يمثل أياد علاوي تحالف المخابرات ووزارة الخارجية.
فضلاً عن ذلك كانت هذه النواة تشكو من تمايزات فاضحة في مدى تمثيلية أطرافها. فالقوى الكردية فيها تستطيع الادعاء أنها تنطق باسم قومها، والقوى الشيعية (بعضها) يمكنها القول إنها تملك امتدادات داخلية، أما الشخصيات السنية فواجبة الوجود من أجل اكتمال النصاب الشكلي. لقد كانت هذه التوليفة ممكنة في لندن إلا أن احتكاكها بالواقع، بعد الاحتلال، فرض عليها عدم الاكتفاء بصورة إعلامية كاذبة. ومع الاقتراب من لحظة حقيقة شرعت الخلافات تخرج إلى العلن ليتبيّن أن كلمات قليلة توافقية عن الفدرالية والديموقراطية لا تشكّل مشروعاً حقيقياً.
الاقتراح الكردي قنبلة يمكن لها أن تفجّر عراقاً قابلاً للتشرذم. فهو يضر السنة العرب لأنه يعزز وضعهم الأقلوي المذهبي ويرغمهم على التواضع في الحصة المطلوبة في العراق <<الأميركي>>. ولكنه يجرّد الأرجحية الشيعية المحتملة من بعض معناها إذ سيُظهر استعدادها لتغليب شبق الأرجحية على وحدة البلد. إن الاقتراح الكردي قنبلة، بالضبط، لأنه مطلب قومي يفترض أن القومية الأخرى، العربية، منقسمة مذهبياً، وأن الوطنية العراقية لا تجمعها.
والاقتراح الكردي قنبلة تطال شظاياها المنطقة كلها وتدفع بها نحو شفير بلقنة مميتة وولاّدة لمواجهات أهلية. ثمة مشكلة كردية في بلدان مجاورة للعراق. ولكن، أيضاً، ثمة مشكلة شيعية في دول خليجية يكفي لمن يريد التعرف إليها أن يطلع، سريعاً، على سجالات داخل المملكة العربية السعودية، وعلى محاولات إصلاح تصطدم بتشنجات لم يكن ينقصها إلا <<اضطهاد>> سنة العراق لتزداد انغلاقاً وتقرباً من <<القاعدة>>.
الاقتراح الكردي، ببساطة، مدخل إلى التقسيم لا وعد
بالديموقراطية. ويمكن إسناد هذه الفرضية إلى النموذج الكردي نفسه خلال السنوات الماضية، والذي يريد كثيرون الإعلاء من شأنه. هل مارس الأكراد حقاً الديموقراطية طالما أنهم تعايشوا في ظل إمارتين تحاربتا، وخضعتا للميليشيات، وعجزتا عن التوحد، ومارستا، في ما بينهما، ما هو أفدح من الفدرالية؟
ليست الديموقراطية أن تدير كل مجموعة عرقية أو طائفية شؤونها بنفسها إذا كانت هذه الإدارة هي ما شهدناه في لبنان مثلاً، أو في العراق. إن مجموعة من الديكتاتوريات لا تساوي ديموقراطية.
ليس مستبعداً أن تتراجع القيادة الكردية عن مشروعها. وقد يغلب الرأي الداعي إلى حل موقت ينتظر اقتراعاً عاماً. وقد يبقى سراً ما إذا كان حق الانفصال، ضمن وطن واحد، رهناً بإرادة طرف من الأطراف فقط. غير أن الوجهة الإجمالية لما ظهرت ملامحه تنبئ بتهديدات جدية.
وتتعزز هذه التهديدات من عوامل أخرى يجدر رصدها.
أولاً إن المزاج العالمي، اليوم، هو مزاج انبعاث الإثنيات والطائفيات وأشكال الانطواء التي تستولدها العولمة أكثر ممّا تكافحها. ولا وجود لدولة مركبة واحدة لا تعاني صعوبات.
ثانياً إن تجارب الانتقال من المركزية إلى الفدرالية غير مشجعة إطلاقاً حتى في بلدان لا تختزن العنف العراقي ولم يُقيَّض لها حكم من النوع الذي رزح البلد تحته.
ثالثاً إن الجهة المحتلة تملك مشروعاً غامضاً في نواح عديدة لكنه واضح جداً في سعيه إلى إضعاف الدولة. إن الجانب الأيديولوجي في سلوك الاحتلال ينهض على الفكرة القائلة بأنه كلما ضعفت الدولة كلما كان الوضع أفضل. ولا يخفي المحتلون أنهم يعتزمون طرد الدولة العراقية من إدارة اقتصاد البلد أو جوانب استراتيجية فيه. ولا يعني ذلك، في الشروط الراهنة، إلا دعم القوى النابذة على حساب أي مركز.
رابعاً إن دول الإقليم تعاني ضعفاً فادحاً يقلل من قدرتها على تمتين الوشائج العراقية وعلى تشكيل قوى ضغط وإقناع تحول دون انفجار داخلي.
لهذه الأسباب، ولغيرها، يبدو الاقتراح الكردي قنبلة. ولهذه الأسباب يتوجب تعطيل مفعولها. ولا تعطيل لهذا المفعول إلا بالتجاوب مع المطالب الكردية المشروعة شرط التوافق على رسم حدود لها وإقناع الأكراد بأنهم أصحاب مصلحة في ذلك.