التعداد السكاني في العراق وأسباب الأصرار الكردي الأعتماد على أحصاء ۱٩٥٧؟
كتابات - د. أيوّب البزّاز *
تعتبر عملية التعداد العام للسكان ظاهرة حضارية متطورة تقوم بها الدول في كل عقد من الزمن أو كلما أقتضت الحاجة اليها كأن يكون السبب بعد انتهاء حرب خاضتها تلك الدولة مثلا. وعمليات التعداد لها من حيث المبدأ أهداف سامية حيث تستخدم كأساس لأجراء بحوث ودراسات تنموية مختلفة مثل أجراء جرد رقمي لمواطنيها وتحليل للقدرات التنموية التي تشمل المصانع والمعامل والقوى العاملة والأنتاج وتقسيمات السـكان وأعمارهم والقوى النشطة أقتصاديا والفروق بين المستويات والتقسيم الجنسي للمجتمع و غيرها من ألأمور. ويعتبر الأحصاء أساسا للاحصاء اللاحق من حيث الوقوف على معدل النمو السكاني، و تشخيص أسباب الخلل فيه ولوضع خطط مستقبلية تنموية في المجالات المختلفة كالثقافة و التعليم، والجيش، والأقتصاد، والصحة و الزراعة و الصناعة الخ.
و لقدأجريت في العراق- ومنذ قيام الدولة العراقية- أعقاب الحرب العالمية الأولى - ثمان احصاءات في السنوات ١٩٢٧، ١٩٣٤، ١٩٤٧، ١٩٥٧، ١٩٦٥، ١٩٧٧، ١٩٨٧، وآخرها أحصاء سنة ١٩٩٧. وبينما كانت دواعي وأهداف اجراء الأحصاء العام لسكان العراق تنموية و أقتصادية في السابق الاّ أن الأهداف مابعد عام ١٩٦٨ كانت مختلفة تماما عن سابقاتها حيث تحّولت الى وسيلة خبيثة لجرد القوميات الأخرى الغير عربية ومن ثم صهرها في القومية الكبرى، العربية. والهدف الثاني هو لجرد المعارضين للنظام ومن ثم وضع خطط لتصفيتهم مستقبلا بعد دراسة سبل الظفر بهم. فالأحصاءات التي تمت قبل انقلاب ١٩٦٨ كانت نزيهة مجردة من المعلومات الأمنية، ومن مواقف الأشخاص من السلطة، وممتلكات المواطنين ومنشآتهم وبيوتهم وأراضيهم أو ثرواتهم ولم تتناول مشاعرهم أو معتقداتهم أو نشاطاتهم أو ما الى ذلك كما حصل في أ حصاءات ١٩٧٧ وما تلاها. حيث تركزت أهداف تلك الأحصاءات من قبل السلطة الى نواحي عديدة ترتبط بخطط وتوجهات بعيدة كل البعد عن أهداف ألأ حصاء السامية. بل كانت جميعها ذات أهداف سياسية أو أمنية بحتة حيث أحتوت على أسئلة أستخباراتية والأستفسار عن الأقرباء من الدرجة الرابعة مثلا وكونهم محسوبين على جهات سياسية معينة وكانت الأستمارات تتضمن معلومات عن الأقرباء الساكنون خارج العراق.
وتقول جريدة الحياة الكويتية في عددها ١٢٥٨٥ بتأريخ ١٤\٠٨\ ١٩٩٧ أن أهداف الأحصاء السكاني تلك كانت تتركز على ثلاثة محاور:
أولا: أستخدامها كوسيلة للضغط على الأمم المتحدة من أجل زيادة الحصص الغذائية التموينية في الوسط والجنوب. وكانت المناطق الشمالية مستثناة منها بسبب كون الأخيرة قد سبق وأن طالبت الأمم المتحدة بأجراء أحصاء سكاني في أقليم (كردستان) لكن الطلب رفض بالطبع لكونه يتنافى مع سيادة العراق على كامل أراضيه وكذلك يساعد الأكراد على تأكيد أنفصال أقليم كردستان عن الجسم العراقي.
ثانيا: ما يتعلق بالجانب الأمني حيث يتابع ويلاحق النظام العراقي معارضيه باستمراروقواهم ومواقفهم الفردية والجماعية وعلاقاتهم بأقربائهم بالداخل والخارج ومؤسسات الدولة الرسمية و يتابع كذلك تطورات المزاج الشعبي في الداخل. أما المعلومات الأستخباراتية على ذوبهم في الخارج فكانت تجرى وبسهولة و بأيدي رجال المخابرات في السفارات العراقية والقنصليات ومن خلال الطلبة المبعوثين الى الخارج للدراسة على حساب الحزب والقيادة القومية من الطلبة العرب وبعض الطلبة العراقيين من ذوي المعدلات الواطئة جدا(لكن من ذوي الدرجات الحزبية العالية أو من أقرباء هذا و ذاك!). وكثيرا ما حوسب ذوو الطلبة من العراقيين داخل العراق نتيجة رفض أبنائهم التعاون مع الحزب في الخارج أو رفضهم الأنتماء و العمل في الأتحاد الوطني لطلبة العراق بل وكانوا يتهمون بكل سهولة بالعمالة للأجنبي أو الأنتماء الى الأحزاب العراقية المحضورة آنذاك. أما الذين يرفضون التطوع الى الجيش لقتال الأيرانيين فأن مصيرهم سيكون حتما وصمة الجبن والعار والتخاذل ويتهمون بتهم باطلة تقودهم أو ذويهم الى الهلاك أحيانا والسجن عند عودتهم الى البلد.
ثالثا: الدافع العنصري والطائفي معا حيث أن الأول يرتبط بسياسة التذويب العرقي ضد الأقليات كالتركمان والأكراد والآشوريين والكلدان واليزيديين وغيرهم اما الثاني فكان يرتبط بمقاييس حساب الشيعة والصابئة والمسيحيين. .
ثم أعقبت أحصاء ١٩٨٧ عمليات تهجير للتركمان وتفريغ مدينة كركوك والقرى والأرياف وغيرها من المناطق التي يقل فيها العنصر العربي، وتعرض التركمان الى حملات ابعاد ونقل الى المحافظات العربية كبغداد والحّلة والعمارة وغيرها ونكران خصوصياتهم القومية. ورافق ذلك دفع المزيد من الفلاحين والبدو القاطنين في المناطق الغربية القريبة من الموصل وتكريت وكذلك الجنوب (سموا فيما بعد بجماعة العشرة آلاف) الى الأستيطان في كركوك وازاحة التركمان منها فحقق النظام جزءا كبيرا من خططه في تعريب كركوك ومسخ الهوية التركمانية عنها. وعلى أثر ذلك أنخفض تعداد نفوس التركمان أنخفاضا مذهلا فاق تصور الجميع فأستطاع النظام أذابة ما تبقى من خصوصياتهم القومية وتحوّلت مدنهم الى مدن عربية بحتة بعد ازاحتهم منها. والحق يجب أن يقال بأن بعض العوائل الكردية الساكنين في أطراف كركوك الشمالية قد شملهم سخط النظام هجرّوا أيضا لكن هؤلاء فضّلوا الرحيل الى أربيل أو السليمانية بدلا من الوسط والجنوب وذلك بسبب دعم ووقوف الأحزاب الكردية معهم بينما تلاشت أحلام التركمان عبثا لكون لا ناصر لهم في فاجعتهم. ونال بعض الأخوة من الآشوريين الذين أعتبرهم النظام عربا من الأساس بعضا من حملات التهجير والتفكيك ولكنهم استثنوا من التعريب ففروا الى أمريكا وأوربا ودعموا من قبل المنظمات المسيحية التبشيرية وتجمعوا في ولايات كاليفورنيا و شيكاغو و ديترويت ليكّونوا جالية آشورية هنالك. وهكذا تعّربت مدينة كركوك والمدن التركمانية الأخرى القريبة منها وأنخفض على أثر ذلك تعداد التركمان بشكل لم يحصل في التأريخ قط.
و يبدو أن القيادة الكردية قد استفادت ايجابيا من تجربة سلطة البعث فقد قلّدت أختها في عملية مماثلة تطلق عليها في الأوساط السياسية عملية تكريد كركوك. فقد قامت بمثل ما قامت به السلطة البعثية بل وزادت عليها في تنويع أصول ولهجات المستقدمين الأكراد من الفيليين والبادينانيين واليزيديين اليها حيث لاينطقون كلمتين تركمانيتين عند الحديث معهم وقداحتلوا بيوت عوائل العشرة آلاف عنوة أو حطّوا رحالهم في غرف أو مخيمات معسكر الطلائع سابقا. و كل عائلة اغترفت غرفة مع ماشيتها ثم بنت سياجا حولها وحوّلتها الى مسكن. ومن يدري فأن وثيقة تسجيل تلك الغرفة(أصبحت مسكنا فيما بعد) قد سجّلت في مديرية طابو كركوك و أصبح كاك حمه قادر مثلا من سكنة كركوك وهذه الأفعال تذّكرني بالفلسفة البدوية المشهورة وهي "الحلال ما حل باليد" وقولهم "الحق بالسيف والعاجز يريد شهود"! وتذكّرني أيضا بقول الشاعر الجاهلي المعروف ب "زهير بن أبي سلمة" في معّلقته:
ومن لم يذ د عن (حوضه) بسلاحه يهدم ومن لا يظلم الناس يظلم(بضم الياء)
والأنكى من هذا وذاك أصرار القيادة الكردية على الكذب المتواصل على كون هؤلاء المستقدمين هم أصلا من كركوك ولكنهم هجّروا الى الشمال في عهد النظام السابق! وشر البلية ما يضحك عندما تسمع - في اليوم التالي - أن القادم الجديد قد غّير أسمه الى حمه قادر كركوكي!. .
أما أسباب منادات القيادات الكردية بالتعداد وبكل الثقة بالنفس في هذه الفترة التي يمر بها البلد قبل تشكيل الحكومة المركزية و قبل أنتخاب رئيس ما فهي لأنهم وبعد أن عرّبها النظام البعثي فقد كردوا كركوك فهم أذن نفّذوا نفس فعلة النظام والآن بدءوا بالتحدي. ولا شك بأنهم سيفوزوا في أية عملية تعداد قادمةلأنها ستكون غير نزيهة حتما. وأن أمكانية التلاعب و تزوير الأحصاء واردة ١٠٠٪ لصالح الأكراد ومضمونة لهم ودون تحدي حيث قامت القوى السياسية الكردية - والقصد هنا الحزب (الديمقراطي)الكردستاني والأتحاد (الوطني) الكردستاني بما يلي:
١). تهجير الآلاف المؤلفة من أكراد المحافظات الكردية الى مدينة كركوك منذ آذار ١٩٩ ١ ثم تلاها موجات أخرى وبمئات الآلاف منذ سقوط النظام في نيسان ٢٠٠٣ وهذه الأعداد الغفيرة من هؤلاء الأكراد سيضمنون ألأكثرية الكردية لمدينة كركوك و تغيير ديموغرافية المدينة لصالحهم بالتأكيد!
٢). أستطاعوا شراء ذمم بعض ضعاف النفوس أو بعض الفقراء المحتاجين أو أكرهوهم لكي يغيروا قوميتهم الى كردية وأخص منهم الكثير من العوائل التركمانية في محافظة أربيل الذين تكّردوا للأسف و غيّروا قوميتهم منذ سنوات وهم تركمان أصلا.
٣). من المؤكد سيكون تكليف وتجنيد الغالبية الساحقة من العدادين من القومية الكردية وشراء ذمم الآخرين بالدولارات للتلاعب في الحقل الخاص بالقومية. فما أن يضع حرف الكاف (للكردي) بدلا من التاء(للتركماني) أو عين (للعربي) في أعلى الأستمارة فسيكون قد أزاد عدد الأكراد على أساس عدد أفراد تلك العائلة وعلى حساب القوميتين التركمانية والعربية. وما المانع في ذلك فأن مثل هذا العمل يعتبر بطولة لهم خصوصا أنه سيخدم قضيتهم القومية في ضمان كركوك لهم وأستقطاع البلد وأقامة دويلة كردية؟
٤). ألأعتماد على تعداد نفوس العوائل الساكنين في القرى والأرياف الشمالية والشمالية الشرقية لكركوك (والتي أمتلأت حديثا بالمزيد من العوائل الكردية المستقدمة من المحافظات الكردية كالسليمانية ودهوك) مثل كوي سنجق، جم جمال وغيرها والتابعة من الناحية الأدارية الى كركوك. والحق يقال ان نفوس الأكراد في هذه القرى والنواحي كانت عالية في أحصاء عام ١٩٥٧.
٥). اعتبار العوائل كردية تلك التي يكون فيها أحد الزوجين فيها كرديا والآخر تركماني أو عربيا (الزوج أو الزوجة) حيث سيكون الأطفال قدأستكردوا حسب حساباتهم. ونفس الأحتمالية قد سبق لها وأن أستخدمت وطبّقت أيضا من قبل السلطة البعثية في تعريب أفراد العائلة جميعا في حالة كون أحد الزوجين تركمانيا و الاخر عربيا كما هو الحال في بغداد مثلا. فمنذ أواخر الستينات انتقلت آلاف العوائل من كركوك الى بغداد واندمجت مع مجتمعاتها وتزاوجت وأنجبت. وكانت العقودالأربعة كافية لصهرهم وبسهولة مع أخوانهم من العرب حيث نسوا أصلهم التركماني تماما. ولي تجارب شخصية مع زملاء لي أعرفهم حق المعرفة وكذلك بعض العوائل منذ فترة دراستي الجامعية في بغداد تعّربواتماما ويكادون لايتكلمون اللغة التركمانية. فهم ومن دون أدنى شك سيقللون نسبة التركمان الى أدنى حد على حساب زيادة نفوس القوميتين الأخريتين العربية والكردية.
٦). لقد تم تزوير السجلات المدنية وصور قيد المواطنين في دائرة الأحوال المدنية في كركوك من قبل الموظفين الأكراد وتم أستخراج نسخ جديدة (بدل ضائع) لآلاف من الأكراد مما يدل دلالة قطعية على التلاعب في الوثائق الرسمية التي ستكون الفيصل في عملية الأحصاء القادمة. ولقد شاهدت بأم عيني - أثناء زيارتي للبلد مرتين العام الماضي ومنذ سقوط النظام- مدى التفرقةالتي يقوم بها الموظفون الأكراد في دائرة الأحوال المدنية في كركوك عند التعامل مع الأكراد القادمون الى كركوك حيث التساهل المطلق وبين التعامل مع المواطنين التركمان من أهل المدينة عند متابعتهم لمعاملاتهم وتعقيدها وأمام مرأى ومسمع من المراجعين ناهيك عن الحرس الخاص بالدائرة فهم من المليشياالكردية المسلحة المتأهبين للقتل عند الحاجة!.
٧). أمكانية التنسيق مع ادارة الأحتلال الأمريكي ولو بادرت الأمم المتحدة بالتظاهربأنها ستكون برعايتها للسيطرة على عمليات الأحصاء حيث أن الأكراد يعتبرون من وجهة النظر الأمريكية قوة حليفة لها! وقد كانت أهداف بعض أعضاء المجلس عند زيارة وفد مجلس الحكم الى الولايات المتحدة الأمريكية قبل ثلاثة أيام فقط واللقاء بالسيد "كوفي عنان" لهذا الغرض بالذات بينما تم الأنتهاء من توزيع الأدوار على الممثلين القائمين على التعداد.
فما من شك أن الفترات التي تعقب كل حرب في اي بلد كانت تكون فترات صاخبة من نواح شتى الاّ أن الدول المتحضرة التي خاضت الحروب وخرجت منها مهزومة أو منتصرة أتعضت واستفادت منها دروسا عديدة فحصلت فيها عمليات تطور وازدهار وتقدم تكنولوجي وقفزات نوعية في جميع المجالات بحيث فاقت التصّورات البشرية كاليابان والكوريتين في آسيا والمانيا و فرنسا وغيرها من الدول الأوربية. ألا اننا وبعد دخولنا وخروجنا من ثلاثة حروب دامية عدنا الى حياة البداوة وحملات السلب والنهب والظلم والقتل والدجل والأكاذيب على حساب وحدة الوطن ووحدة ترابه. و يبدومن مجريات الأحداث الحالية في العراق أن القوى السياسية العراقية نسيت برامجها ووعودها وخططها في تطوير البلد التي طرحوها في مؤتمرات المنافي قبل أسقاط السلطة من قبل قوات الولايات المتحدة الأمريكية فبدأوا ينهشون بجسم الوطن الممزق لأستقطاع ما يتمكنون حيث الفرصة سانحة للأكثرية ذات السلطان في مجلس الحكم الأنتقالي ومن بعض الذين قدّموا للأمريكان الغالي من المبادىء ومن الذين قدّموا أخوانهم وأبناء جلدتهم من الأسلاميين كقرابين لأرضاء الأدارة الأمريكية عند غزوها للعراق في آذار ٢٠٠٣. والحقيقة المرة فعلا أنه ليس هنالك حيّز للمقارنة بين بعض القيادات العراقيية وبين سياسيي الدول الأخرى قاطبة. والحق يقال فنحن لانتعض و لانتعلم الدروس من الماضي و بعيدون كل البعد عن الفلسفات الوطنية بل ولا نؤمن بها بتاتا فكيف بنا نحلم بالتطور والنمو!؟ والعاقل يفهم ما أقول. وصدق رسول الله عندما قال " كيف بكم اذا تكالبت عليكم أمم الأرض كما تتكالب الذئاب على الفريسة)".
والواضح أن الوضع الأمني الحالي للعراق والحالة العامة للدولة من شمالها الى جنوبها تتسم بالفوضى و اللا أستقرار وغياب السلطة المركزية المعترف بها لايشجع أجراء أي أحصاء ك (اجراء أحصاء لبعض المحافظات وترك أخرى) أوأي نوع كان بتاتا. وأن أجري وبأشراف أية دولة كانت فسيكون لصالح جهات سياسية معينةعلى حساب الجهات الأخرى حتما وهذا مايريدوه السياسيون الأكراد. حيث يستطيعون في مثل هذه الأجواء أخراج نسبة الأكراد في كركوك بنسبة ٩٩٪ وفي أربيل ١٠٠٪ وفي الموصل ٥ ١٪ ناهيك عن محافظتي السليمانية و دهوك اللتان باتا تسميان الآ ن(بالأقاليم أو الأمارتين) من قبل بعض المحسوبين على المثقفين ومن قبل بعض مقدمي البرامج السياسية في قناتي العربية والجزيرة للأسف!. وأن المنادون بأجراء الأحصاء هم أصحاب المنفعة فيها أو هم من الجهلة الذين لايدركون عدم أمكانية أجراءها بشكل نزيه وعادل.
* (لجنة الدفاع عن حقوق تركمان العراق - لندن)
العشائر والعوائل التركمانية المعروفة في العراق
سعدون كوبرولو
أن نضال الشعب التركماني في العراق كثالث القومية تراوح بنسية نفوسهم أكثر من ثلاثة ملايين وإن نضالهم هو الحصول على حقوقهم المشروعة السياسية، الثقافية وإدانه عمليات التعريب، والتكريد والمسخ السكاني التي تمارس ضدهم في وطنهم كركوك، أربيل، موصل، ديالى وفي مناطق كافة وفي مدنهم وفي قرهم.
وعلينا التخلص من كل طغيان الفراعنة حكموا ويحكمون العراق حيث لم يجعلوا دورا لواقع التركمان والتعريف لهم وبتأريخهم المشرف ودورهم من ألف عام وإسهامهم البارز في كافة مجالات الثقافية والسياسية.
ولو نظرنا الى المجتمع العراقي إ ن نسبة مهمة من عرب العراق هم من أصول التركمانية مستعربة من أشهرهم عشائر البيات والديوه جي والباجه جي والحيدرية وقاره غولو، الجادرجي، والدفتردار، وكثير من العوائل البغدادية المعروفة وغيرهم.
وإن التركمان قدموا الى الحضارة العربية الإسلامية خدمات كبيرة في جميع المجالات الثقافة، والعلم والحضارة، ومن العلماء المعروفون مثل الفارابي، البيروني، إبن سينا، الطبري، صلاح الدين الآيوبي، مظفر الدين كوكبوري، والرخسي وغيرهم كثيرون.
وإن الشعب التركماني يفتخر بشعراءه فضولي، نسيمي الحروفي، عهدي، روحي، نورس قديم، غريبي، خالص، صافي، شيخ رضا، فائض، قابل، هاشم ناهد أربيل، عبد الحكيم ره زي اوغلو، أحمد الشوقي وغيرهم بأعتبارهم الشعراء التركمان تمكنوا من أغناء، وثراء، ثقافة الكثير من الشعوب التركمانية وهذا مثار فخر للثقافة العراقية.
وإن الحل الأسلم للعراقيين اليوم هو إقرار الديمقرراطية ومساواة بين جميع فئات الشعب واشتراك بأدارة الدولة والمجتمع وكذلك منح التركمان مركز حساسة في العراق من أجل اشعارهم بوطنيتها ومسؤوليتها في ادارة الحكم.
ونظام صدام أراد تذويب جميع الفئات غير العربية، والأكراد حظيت بدعم دولي اشتراكي وغربي مما جعل السياسة الكردية على تكريد الكثير من المناطق التركمانية مثل مدينة أربيل التركمانية وكذلك قرى ومدن ومناطق التركمانية عديدة من كركوك، والموصل، والديالى والواسط، وجلولاء وغيرها بالأضافة الى تسمييات مناطق أخرى بأسماء الكردية، وفي عهد الجلاد صدام بالعربية.
وعلينا وعلى ما جرى لشعبنا التركماني وعلى التيارات السياسية التركمانية تعريف بحقوقهم وتأريخيهم وميراثيهم وفرض حقيقتهم مع تفاعل في الحركات الثقافية والسياسية على صعيد العالمي والعربي، ولأن لشعب التركماني كوادر نزيهة كفوءة ومثقفة له خبرات السياسية في مجال بناء المجتمع، لأن الشعب التركماني له حضارات والدول وأمبراطوريات وآتابكيات التي حكمت آلاف سنين كافة المناطق العالم.
حيث إن القوميةالتركمانية يتألف من الشيعة والسنة ومن المسيحيين التركمان وعليه أشتراك التركمان كركوك، موصل، أربيل، ديالى، تلعفر، تازه خورماتو، آلتون كويري، طوزخورماتو، كفري، مندلي، داقوق، شهربان، قيزلار باط، كومبتلر، خانقين، قازانية، عمر مندان، عزيزية وغيرها، لإدارة بعض المناطق التي تسكنها التركمان وإن التركمان ومنذ ٣٥ سنة لم يشغل أي وظيفة حاسسة مهمة كالعسكرية والوزاراء والمداراء في عهد حزب البعث العفلقي المقبور.
حيث أعدم الجلام كثيرون من المثقفون والعلاماء والقادة التركمان، وبعد سقوط نظام الجلادي ما يقارب ثمانية أشهر، لم يستجاب لكل مطالب التركمان ولم يتحقق أبسط حقوقهم وعدم توسع في تمثيل التركمان في مجلس الحكم الإنتقالي ولم يتم إستجابة لرغبة التركمان وفي حقائب الوزارية سيادية لم يتناسب مع نفوسهم وإن وزارة العلوم والتكنولوجيا، أسندت التركمان لا وجود لها حاليا من ناحية الموظفين.
إن نضال التركمان لإجل الحصول على حقوقهم المشروعة السياسية والحضارية سوف يستمرلأن الشعب التركماني لم يشارك في أعمال السلب والنهب وإحراق الممتلكات العامة والدوائر الحساسة مثل الإحصاء والطبو والنفوس أثر سقوط الطاغية صدام في التاسع نيسان ٢٠٠٣ دليل قاطع مدى وعي التركمان وتعلقهم بالعراق.
وإن التركمان ولم يتعامل مع أي حركات إرهابية في يوم من الأيام، وإن وحدة العراق أولى أهداف التركمان وإن الشعب التركماني تقف دائماّ وبعزم ضد أفكار الخيانه لتقسيم العراق وكذلك ضدتقسيم العراق الى فيدراليات قومية مذهبية عرقية وإن التركمان ينتشرون في عدد المحافظات في شمال ووسط العراق وهذه المحافظات كركوك، أربيل، ديالى، واسط بغداد وغيرها.
ولم يكن التركمان يوماّ حجر عثرة ضد المطالب العراقية والشرعية بل ناضل التركمان لدفاع عن حقوق الآخرين كدفاعهم عن حقوقهم. وإن الديمقراطية والحرية الأحزاب سوف يدوم ولو كره الحاقدين والمنافقين، وإن في تحقيق الديمقراطية ينال فيه كل المواطنين حقوقه وطموحاته ويأخذ كل ذي حق، حقه بالقانون والعدل والديمقراطية.
وإن التركمان في العراق جزء من الشعب العراقي وهم من القبائل التركية يحترمون الحق والقانون والدولة وما يزالون ينادون بحق العيش في وطنهم العراق يحترم خصوصيتهم وحقهم الحرة مع ممارسة حقوقهم الثقافية القومية السياسية بالطرق السلمية الحضارية مع النضال العادل ومسؤولية.
وإن التركمان ينظر لوحدة العراق في ظل نظام دبمقراطي، تعددي، برلماني يحترم حقوق الإنسان ويسود به مبادئي القانون دون أي تمييز مذهبي، ديني، قومي، طائفي مع إحترام الخصوصيات الفردية والمحلية وكذلك توزيع الموارد البلاد الإقتصادية والخدمات الإنسانية بشكل متكافيء والعادل على جميع المناطق العراق.
و لشعب التركماني التأريخ الثقافي والثقافي والإجتماعي والحضاري تربطنا مع إخواننا الأتراك العالم وحدة العرق والمبادئي والدين وروابط الحضاري تأريخي بين أتراك العلم من كافة الجمهوريات وفي كافة بقع العالم مثل التركية، تركمانستان اوزبكستان، آذربيجان، طاجقستان، طراقيا، بوسنه هرسك، تاتارستان، جنين، حلب، لاذقية، كاكاوز، الهنود الحمر، كوسافا، الشيشان، تبريز، جنوب آذربيجان، أردبيل، قاره باغ، كركوك، موصل، أربيل، آنقرة، أسطنبول، أسكندرون، و آدانه كوي فلسطين، سبيريا، آبازا، قافقاس ويوجد وحدة العرق الدين الحضارة الثقافة وأواصر الصلة المتمييزة بين أتراك العالم وهذا لا يضر بالشعب العراقي، وإن الشعب التركي الذي يتراوح نفوسهم أكثر من ٣٠٠ ملايين يريدون إستقرار العراق ووحدة شعبه وترابه وهو جانب مهم من إهتمامات تركيا.
فإن التركمان هم كتلة واحدة مع جميع إخوانه في العراق وفي كافة أرجاء البلدان الشعب التركي، فاللغة المشتركة هي قبل كل شئ، والتركمان لم يعرفوا تفرقة الطائفية، والتركمان جزء من الشعب التركي لا يتجزأ من الشعب التركماني لأجل لخدمة قوميته بالغالي والنفيس.
والشعب التركماني المنتمين بلغتهم الى اورال آلطاي ويتوزعون التركمان في جميع محافظات العراقية وبين الأقضية والنواحي والقرى، ويوجد في بعض بين التركمان نظام العشائري ويعيشون على طول الخط الممتد من زاخو، تلعفر من الشمال منتهياّ بدرة جسام زرباطية وكذلك يتركز التركمان في قضاء (زاخو) وناحية (سميل) أحفاد العثمانيون في موصل و نبي يونس، دواسة، باب طو ب وفي قضاء سنجار كان يسكن مجاميع من التركمان وأهم فخذ العشائر ترك اليزيدية، وفي قضاء الحمدانية (قره قوش) يتركز فيها التركمان البيات – صارليه – شبك – باج آلان.
والعزيزية ووسط في الجنوب العراق ماراّ بالمحافظات دهوك، موصل أربيل – كركوك، ديالى - بغداد
واسط.
ويسكن التركمان في الرقعة الجغرافية من محافظة الكوت في مدينة العزيزية والبدرة جسام وحواليها وكذلك يوجد محافظة بغداد ٨٠٠ آلفاّ من التركمان ويعيشون في الأعظمية، السفينة، رغبة الخاتون، الوزيرية، العيواظية، سلمان بك، الشعب البياع، كرادة الداخل، الكاظمية، تل محمد، حي المنتصرية
الجادرية.
والتركمان كانوا يشكلون من قبل ثلثي سكان مدن طاسلوجة، وبازيان، ودركزين تابعة،
لمحافظة السليمانية، وما يزال يوجد التركمان في كوي سنجاق طاقطاق، آغجالار، جيمن، شهرزور
والعوائل التركمانية المعروفة في أرجاء العراق لعشائرا
اليوم يسكن عشيرة البيات التركمانية مدينة كركوك، خانقين، كيزلارباط، داقوق، قاره تبة، ومحيط الموصل، قاره خان وأطرافه وأهم القرىالبيات:
عبود، البو حسن، بسطاملي، بير آوجيلي، جارداخلي، قاره ناز، وقسم منهم يسكنون مناطق العربية في بصرة، حلة، سامراء، كربلاء، نجف، بغداد، ويوجد كثير منهم في منطقة أخرى، وحسب النفوس سنة ١٩٥٧ إن عدد عشيرة البيات ٤٥٥/ ١٧ وفي سنة ١٩٩٠ فقط في مدينة كركوك كان نسبة عشيرة البيات ٢٠٠ آلف وينتسب لعشيرة البيات: بير أحمدلي، عزدينلي، آللي باللي، محمودلو،
فارس بكلي، علي موسلي، عبدودلو، زنكولو، صيادلي، قاره نازلي، بير آوجيلي، خاصادارلي، قالايلي، كهيه لي، كرملي شوهورلو، تزه كلي، سرهه لي، قوشجولو، كننه لي،
والقرى التي يسكننها علي سراي سفلى وأكبر، سينديق، باسطاملي، بير أحمد عبود، أميرلي، صياد، كوجوك دونبالان ده ره، بويوك دونبالان ده ره، ألبو حسن، بير آوجيلي، خاصادارلي، يشيل تبه، قاره ناز، زنكولو، باشا كله ن، جارداغلي، ةراتلي، بيصاص، بابلان، ينكيجة، اوج تبه، قوشجو، ده له له، أل بوجماز، سليمان بك، إلانجييا، يلانجييا، جاسم بك، آلبو غنام، و كذلك تركمان يعيشون في قرى مدينة موصل مثل آبزاه، بصان، قاره ياتاغ، سلاميه، شننف، شيرين خان ته ز خراب ياريمجا و إن واردون يعتبر من من عشيرة اوغوز التركمانية وإن إمتدادهم اليوم يتوصل مع مدينة همادان صاحب شهرزور همو إبن آرصلان تركماني عائلة أمير قيبجاق من عشيرة يوا جه بني، طات قيزيل باشلار، موصل، أيمور، أميرلي، كركوك، طوز خورماتو، ويعرف بأسماء العشائر بغده لي حاربه ن ده لو، بايات، إها ادللو، قيزيق، اوجاجورلو، قوجلو، بجه نك، دوكر، قينيق، أيمور، با هاديرلو، قاره كويونلو، وكذلك يعرف من العشائر هر بتده لو، صالور، طوزخورماتلو، شبه كلر، صالغريلر، بغده لي، شاملو، رشيديه، شيرينلان، سلامية، اولالو، اوجوشلو، وفي كركوك يعرف جددو ويعرف في تلعفر بيرنادور، جوكجه لو، مراد اوغلو، مراديه، بايات أباغي، باجوانلو، باجوان (باج آلان) في ديالى يوجد قضاء قاره اولوس، وقرية قاره بوغا وتاتار .
وبنسبة عشيرة الصالحي: من أولاد جميل يوجد في كركوك وفي موصل وفي ديالى يوجد خمسة قرى صالحية منها ياغمور، تاتالو، تاتلو، هابب، تاتار ومن جهة عند التركمان يتفرع الى خمسة فروع منها يوا، بكديلي، كورونور، ماويللي، وإن ماويلي يوجد في قضاء تلعفرأيضا.
وإن عشيرة صاريللي، صا ريلي في أربيل، كركوك وكذلك يعيشون في عدد قرى التركمانية مثل خضر، وه رده ك، شبك، ، قاره تبه.
وفي مدينة بغداد يوجد عشائر والعوائل التركمانية ياغجي، اورفه لي، بيتول، اورفه لي ئه وي، ريزه لي أرضوروملو جاديرجي، دفداردار، قلمجي، قازانجي، باجه جي، قايماقجي، أجزه نه جي، صابوجي، عرضحالجي. دفداردار، سلاحدار، بايراقدار، الحيدري، الشيخلي، ديوه جي، مرادلي، اوزبكلي، عرابه جي، عرضحالجي.
وفي مدينة الوصل ده وه جي، صابونجي، قاتيرجي، عجه ملر، آراباغلار، عراقلي، موصللو، ميصلاوي، صوامي، سيدلر طوبجو، سلاحدار اوزبه كلر،
وفي مدينة كركوك من العشائر التركمانية جباري، طالباني، تكريتي، عزاوي إي عز(أوغوز) وهناك العوائل والعشائر التركمانية المسيحية كانوا يعيشون في قلعة كركوك كره بتلر، هينديلر، كيلداني، شامناس، إسحاق، مسيح.
ومن العشائر التركمانية المعروفي أيضاّ بكتاشي، نقشبنديه يعتبر من طرق الدينية أيضا و قوجا، جيجو، ياقوبيلار، بدريلار، عزيري، سيلاولار.
التركمان جزء من الشعب العراقي ونرفض حسابنا على تركيا
رفض ـ أحد قادة الجبهة التركمانية التي تعبر عن تركمان العراق ـ حساب جبهته على تركيا. وقال ان العراق لا يحتمل حالياً تزايد أعداد القوات الدولية فيه. وأوضح ان تركمان العراق جزء لا يتجزأ من نسيج البلاد ورفض التهميش الذي تمارسه الادارة الأميركية تجاه ابناء الطائفة التركمانية وذلك من خلال التمثيل الضعيف في مجلس الحكم «بعضوة» ليس لها علاقة بقضايا التركمان، كما يقول.
وتساءل في حوار مع(جيهان) عن كيفية استعادة العراق لدوره في المجتمع الدولي ودوره كذلك في السياسة السلمية الديمقراطية في المنطقة، وفيما يلي نص الحوار:
النفط ليس السبب
ـ هناك اجتهادات كثيرة عن السبب وراء قيام الولايات المتحدة بشن الحرب على نظام صدام حسين، في رأيك ما هو السبب الحقيقي؟
ـ ليس بسبب النفط لأن العراق كان يبيع النفط حتى وقت تصاعد الأزمة الى أميركا، وكانت معظم الصادرات العراقية من النفط تذهب للولايات المتحدة، والأميركان لم يأتوا الى العراق لاستخراج النفط وكانوا يحصلون عليه بدون أية عوائق، وأعتقد أن إعادة ترتيب الأوضاع في المنطقة هي السبب، والنظام الدولي الجديد يتطلب اعادة ترتيب الأوضاع في العالم، وخاصة في منطقة الشرق الأوسط.
ـ بعد اعلان الأميركان إنهاء الاحتلال رسميا في منتصف العام المقبل بعد تشكيل الحكومة العراقية، هل تعتقدون أن واشنطن سترحل من العراق أم أنها ستبقي على قواعد عسكرية فيها؟
ـ لاشك أن استمرار بقاء بعض القوات الأميركية في العراق سيساعد على استمرارية النضال المشروع ضد هذه القوات.
ـ هل ترون أن مجلس الحكم القائم في العراق يمثل العراقيين تمثيلا عادلا؟
ـ تركيبة العراق تتألف من العرب والأكراد والتركمان والآشوريين قوميا، وهو يتألف من المسلمين والمسيحيين دينيا ومن الشيعة والسنة مذهبيا. . فلا يصح أن يكون هناك حكم عراقي لا يمثل أحدا من هؤلاء وإذا كنا نريد حكومة للشعب العراقي فيجب تمثيلها من كل هذه الاتجاهات والطوائف والقوميات ولذا فمجلس الحكم القائم الآن لا يمثل الشعب العراقي، فهناك قطاعات مهمة لم يتم تمثيلها في هذا المجلس، فتركيبة الشعب العراقي «موزاييك». .
ونحن لا نُقر الطائفية، ولا العنصرية، ولكن مراعاة تركيبة المجتمع العراقي، ولهذا تأتي أهمية تكوين مجلس حكم عادل ومنصف لجميع فئات المجتمع العراقي المبني على التوافق والتكافؤ وحق المواطنة المتساوية. ولهذا فإننا ندعو الى تصور للعراق قائم على أربع قواعد هي:
أولا: حق المواطنة المتساوية، يعني أنا كمواطن تركماني اتساوى في حقوقي وفي واجباتي مع المواطن العربي «الشيعي والسني» المسلم والمسيحي. .
وكذلك الشيعي يجب أن يتمتع بالحقوق نفسها، حق المواطنة المتساوية سوف يذيب الطائفية في العراق ولذلك يجب أن يتمتع كل العراقيين بحقوق متساوية في الحقوق وفي الواجبات، وكل الحكومات السابقة كانت تكرس الحكم الطائفي، فمنذ بداية تأسيس الحكم الملكي كان حكما سنيا ضد الشيعة.
ولم يحرم الأكراد أو التركمان فقط إبان الحكم الملكي من تولي أهم المناصب لكن فليعلم الجميع أن الجيش العراقي لم يعرف قيادة شيعية واحدة طوال تاريخه، في الوقت الذي يشكل فيه الشيعة غالبية الشعب العراقي، وشهد حكم «صدام حسين» تمييزا شديدا بين طوائف الشعب العراقي، واضطهادا لكثير من فئاته.
ثانيا: ضرورة اقامة نظام ديمقراطي حقيقي، لأنه إذا لم تتحقق الديمقراطية لا يمكن أن يتساوى المواطنون ولا يمكن أن تسود العدالة لأن الديكتاتورية دائما تنحاز الى الأقلية.
ثالثا: حقوق الانسان.
رابعا: الفيدرالية. . لأن العراق بهذه التركيبة لا يمكن أن يقوم فيه الحكم إلا إذا اعتمد على هذه الأسس الأربعة. هذا ما أقرته بالاجماع فصائل المعارضة العراقية، فضلا عن إقرار من جانب الأحزاب العراقية الفاعلة في المجتمع العراقي، نحن ضد الطائفية، وضد العنصرية، ولن نقضي على الطائفية في العراق إلا بالقضاء على الاضطهاد الطبقي.
الحكومة المؤقتة
ـ هل تعتقدون أنه في حالة إجراء انتخابات حرة لن نرى هذه الوجوه القائمة في مجلس الحكم، وأن الانتخابات ستفرز وجوها جديدة تعبر عن نبض الشارع العراقي؟
ـ يمكن الادعاء بأن هذا المجلس يعبر عن رأي نسبة تزيد في كل الأحوال على ثلث سكان العراق الذين يحق لهم التصويت، ولا يتمتع هذا المجلس بالاستقلالية التامة أو السيادة في اتخاذ قراراته، وهو أمر محبط للغاية، ومع ذلك فهو إذا ما أحسن استثمار عوامل الضغط المتعاظمة على الادارة الأميركية، وسلطة الاحتلال يمكنه أن يكرس حقه في اتخاذ القرارات في مختلف المجالات.
وتنفيذها بالفعل، وحين تتشكل الحكومة المؤقتة لابد أن نعطيها فرصة حتى يمكننا الحكم عليها بشكل موضوعي وسنتضامن معا من أجل تحقيق أهدافها، ونساعدها في انتزاع حقها الكامل في اتخاذ القرارات، وتنفيذها، وفي وضع مسودة الدستور والتحضير للانتخابات وتسليم السلطة لحكومة شرعية منتخبة. .
بشرط أن تكون الحكومة معبرة عن جميع طوائف وتيارات الشعب العراقي المختلفة، حتى تخرج قوات الاحتلال من البلاد واستعادة العراق لموقعه في المجتمع الدولي، ودوره في السياسة السلمية الديمقراطية في المنطقة، عند ذلك يمكن الحكم على طبيعة عمل هذه الحكومة.
ـ يرى البعض أن العراقيين فشلوا حتى الآن في الاتفاق على موقف موحد يمكنهم من سرعة انشاء نظام مستقر ومستقل، فكيف ترى هذا الأمر؟
ـ أسلوب تعامل الإدارة الأميركية في العراق في البداية كان خطأ فلا يمكن أن يتفق الاسلاميون والقوميون والشيوعيون على موقف موحد، ولا يمكن أن يكون لهم جميعا الاتجاه نفسه. .
لكن تم اجبارهم على الانضمام لمجلس الحكم من دون إتفاق فيما بينهم، فالادارة الأميركية حددت الأسماء مسبقا، وأجبرتهم على الانضمام لمجلس الحكم دون اتفاقهم على هذه الشخصيات، وحتى دون أن يتعارفوا، وهذا الأمر يمكن أن نعتبره حالة مصطنعة، وغير طبيعية، وبالتالي فهناك صعوبة في اتخاذ القرارات بالسرعة المطلوبة.
وأنا أعتقد أن كل الأطراف غير متجانسة وهذا الأمر نتاج طبيعي للتعددية السياسية، فالعراق كان به حزب واحد وحاكم لمدة ٣٥ عاما، ونحن نرحب بالتعددية في الأحزاب والآراء فقد كنا في السابق مجبرين على الموافقة على قرارات صدام لكن الآن الوضع تغير. . فهناك حرية وأحزاب متنوعة لكن ما نفتقده هو آلية الوصول الى القرار.
العلاقة مع تركيا
ـ بحكم العلاقة التي تجمعكم بتركيا كيف ترون أهمية تواجد قوات تركية في العراق. خاصة في الشمال فربما وجودها في الشمال يساعد على حماية وجودكم؟
ـ رغم أن الكثيرين يحسبوننا على تركيا إلا أننا نرفض أي تدخل أجنبي مهما كانت صورته، حتى لو كان هذا التدخل التركي بغرض حماية التركمان، فنحن ننتمي الى هذا البلد وحريصون بشدة على أن يبقى عراقا موحدا، ونرى أنه لايوجد ضرورة لزيادة القوات العسكرية في العراق فلن يتم حل الأزمة الأمنية بزيادة القوات الأجنبية، ولا بخلق أجهزة أمنية جديدة.
يجب أن يكون الحل «سياسي» وأن يصبح الشعب له حق اختيار نظامه، وعودة السلطة إليه، وسنكون كعراقيين قادرين على مواجهة القضية الأمنية، ونحن نعتقد أن الوقت غير مناسب الآن لدخول القوات التركية خاصة بعد تصعيد هذه القضية وتعقيدها.
ـ ما هي أهم قضايا شعب التركمان في شمال العراق؟
ـ التركمان ليسوا شعبا بل هم جزء لا يتجزأ من الشعب العراقي، نشاركه أفراحه وهمومه، ويحاول البعض أن يزايد على إنتمائنا العربي، ولهذا حينما جاء مجلس الحكم، والقائمون عليه، حاولوا تهميشنا، فرغم أننا نمثل تكتلا بشريا يزيد عن الثلاثة ملايين نسمة إلا أن نسبة تمثيلنا في مجلس الحكم أقل من ١٪ من خلال سيدة لا علاقة لها بقضايا التركمان، ولكن تم وضعها كجزء من مسرحية الإدارة الأميركية في العراق.
ـ ما هو مضمون مباحثاتكم مع الأمين العام لجامعة الدول العربية. . وهل زرتم عواصم عربية أخرى؟
ـ لقد كنت مع وفد من تركمان العراق قمنا بزيارة لعدة عواصم عربية أهمها القاهرة وفيها استقبلنا عمرو موسى واستمع الى مطالبنا، وأهمها عدم تهميش تركمان العراق لأنهم جزء أصيل من القطر العراقي، ونحن نرى أن عمرو موسى لديه القدرة على أن يلعب دورا مهما في العراق. .
ولذا طالبناه أن يستخدم ثقل الجامعة في مساندة الشعب العراقي للحصول على استقلاله بأسرع وقت ممكن. اضافة الى ضرورة السعي العربي لخلق حوار عراقي ـ عراقي بعيدا عن أي أزمات ربما تؤدي الى الصراع العراقي الداخلي، كما طالبنا بعض العواصم العربية التي زارها الوفد التركماني بمساندة العراقيين على تسلم السلطة في بلدهم في أسرع وقت ممكن، فيجب أن يكون هناك جدول زمني واضح لإعادة السلطة الى الشعب العراقي، وزوال الاحتلال.
ـ ساحة العمل السياسي في العراق مليئة بالأحزاب والجماعات التي تمارس السياسة، كيف تنظرون لهذه الظاهرة خاصة أن هناك خوفا من تحول الخلاف السياسي الى القتال العسكري؟
ـ هذا وضع طبيعي، فنحن شعب عاش تحت القهر والاستبداد لعشرات السنوات، والآن الظروف اختلفت تماما فظهرت هذه الأحزاب والتيارات المختلفة في بقاع العراق، ونتوقع أن تقل تدريجيا أعدادها، والمعيار الحقيقي لحجم هذه الأحزاب في الشارع العراقي هي الانتخابات، وحينها سيتبين من فيها الضعيف ومن القوي، وأعتقد أن تأخر عملية تشكيل حكومة عراقية وطنية تمهد لوجود انتخابات حقيقية تساهم في اختيار الشعب لمن يمثله بصورة سليمة.
الحكومات العراقية فضلت الاكراد وظلمت الكلدوآشوريين والتركمان. . .!؟
تغيير اسم العراق الى عربستان وشماله الى كردستان وتركمانستان واشورستان!
شمعون دنحو
أثارت مطالب الاكراد بالفيدرالية وضم كركوك الى مشروع (كردستان) بحجة أنهم ظلموا اكثر من الاطياف العراقية الأخرى، ردوداً متباينة. وما شجع الاكراد على رفع سقف مطالبهم باتجاه ابتلاح مناطق عراقية جديدة لا يشكل الاكراد فيها الأغلبية، أن النخب العراقية المثقفة والاحزاب التي كانت تعرف بالمعارضة العراقية قد وقفت وتعاضدت دائما مع مطالب الأشقاء الاكراد. بيد أن الحكومات العراقية المتعاقبة منحت حقوقاً للاكراد أكثر من غيرهم. وعندما تبنى الحزب الشيوعي العراقي مسالة الدفاع عن الحقوق الثقافية والادارية والسياسية لأقليات العراق، استثى من ذلك الاكراد حيث رفع الحزب الشيوعي سقف مطالبهم من الحقوق الثقافية. . . الى (الحكم الذاتي لكردستان). وفي واقع الأمر، كانت قضية الاعتراف بالحكم الذاتي للاكراد الشغل الشاغل لهذا الحزب ولمجمل كوادره اضافة الى النخب العراقية المعارضة حلى حساب قضايا عراقية أخرى.
واقر الدستور العراقي عام ١٩٥٧ بالاكراد كشركاء للعرب في الارض العراقية، بينما تنكر الدستور ذاته للوجود الشرعي للشعب الكلدوآشوري "السرياني". وكذلك الأمر بالنسبة للتركمان حيث همش دورهم علماً أنهم قطنوا كركوك العراقية قبل الاكراد بمئات السنين. وعندما وصل صدام الى سدة الحكم، منح للاكراد حكما ذاتيا، في الوقت الذي هضم فيه حقوق الكلدوآشوريين والتركمان إضافة الى اليزيد والمندائيين والعرب الشيعة. ولم يقف صدام ضد مطلب الكلدوآشوريين في الحكم الذاتي فحسب، بل شن حملات قاسية ضدهم لطردهم من قراهم الممتدة من شمالي غرب العراق على الحدود السورية التركية نزولا الى سهل نينوى. وجدير بالذكر ان القرى الآشورية الكلدانية التي أخليت تحت شعار (تعريب شمال العراق) لم تتحول ولا واحدة الى قرية عربية بل الى كردية صرفة!؟ والانكى من هذا، ان صدام حسين هو نفسه من فرض على أبناء شعبنا من (الكلدان والآشوريين والسريان والمندائيين)، (وأيضا التركمان) تسجيل أنفسهم في إحصائيات ١٩٧٧ تحت خانة العرب او الاكراد!؟ وليس هذا فحسب، بل قام صدام حسين رسميا، بتغير مصطلح (المنطقة الكردية) الذي كان سائدا في محادثات واتفاقات الطرف الحكومي العراقي الرسمي مع المتمردين الاكراد منذ العشرينيات من القرن الفائت الى مصطلح (كردستان العراق). أما الاكراد، فيفضلون تسمية شمال العراق بـ (كردستان الجنوبية!)، لأنها تناسب احلامهم الانفصالية المخبئة الى أن تحين فرصة الاستحواذ على أراضي العراقيين والسوريين!
والمذبحة التي ألحقها صدام حسين بأربعة أو خمسة ألاف كردي في حلبجة أثناء الحرب العراقية – الايرانية، أظهرت صورة غير حقيقية عن الروابط التي جمعت صدام حسين مع الزعماء الاكراد وخصوصا (البارزاني والطالباني)، والمبدأ الذي قامت عليه علاقة الجهتين (الكردية – الصدامية) هو بقاء الطرفين ممسكين بزمام الأمور على حساب البسطاء من أبناء الشعبين الكردي والعربي وغيرهم من العراقيين! وبات يعلم الجميع ان ما منحه صدام للاكراد من حقوق تفوق بكثير ما منح للشيعة العرب واليزيد والتركمان والكلدوآشوريين وغيرهم.
واليوم، بعد ان أزيح صدام حسين عن الحكم، وحينما طالب الاكراد بالفيدرالية وكركوك النفطية، بحجة الظلم وسياسات التعريب التي ألحقها نظام صدام بـ (المناطق الكردية)، راح بعض العراقيون يرددون هذه المطالب كالببغاء قبل دراسة المشكلة بشكل كافي وصحيح وقبل سماع رأي جميع الإطراف في كركوك وخارجها! أما لو طالب في الوقت ذاته كل من الكلدوآشوريون والتركمان واليزيد بالفيدرالية لكان العراقيون – ومن ضمنهم الاكراد – قد أقاموا الدنيا ولم يقعدوها، لأن آذان العراقيين تعودت على سماع مطالب الاكراد فقط! ولدينا خير مثال واقعي حدث في الثلاثينات من القرن الماضي حينما طالب الآشوريون بالحكم الذاتي، فكان رد الحكومة العراقية والجيش العراقي النظامي بالذات واضحا في تنفيذ أول مذبحة جماعية رهيبة ضد الآشوريين الكلدان الأبرياء في بلدة سميل القريبة من نوهدرا (دهوك) سنة ١٩٣٣!؟
وبالعودة الى مطالب الاكراد بالفيدرالية وبلع كركوك ومسألة (تعريب شمال العراق)، وكيفية ايجاد حلول عادلة لكل المشاكل العالقة، نقترح تشكيل لجنة عراقية او دولية محايدة، لتبحث بمسألة الحقوق التاريخية للاكراد في اعالي ما بين النهرين، والنتائج السلبية التي افرزتها سياسات وحملات (تعريب شمال العراق) التي جرت قبل وبعد صدام حسين. والهدف من هذا، هو التوصل الى تحديد أسماء المناطق التي كانت بالفعل كردية وتعربت! ومن هي الفئة المتضررة: أهي كردية فقط، أم هناك أيضا متضررين من التركمان والكلدوآشوريين وربما العرب واليزيد، وكم هو عدد السكان الذين الحق بهم الاذى بسبب سياسات التعريب، أي تحديد عدد المبعدين والقادمين، وهل حملات التعريب جرت في كركوك فقط أم في مدن اخرى في شمال العراق مثل أربيل وضواحيها، ونوهدرا (دهوك) وقراها، أسئلة مهمة تحتاج الى روية وبحث وعدالة وسلطة للقانون، والترفع عن الانانية من اجل الإجابة عليها، قبل وضع الحلول المناسبة لها من أجل طي هذه القضية الشائكة التي الحقت الضرر بعلاقات المحبة والأخوة السائدة ما بين مختلف فئات الوطن الواحد، مع طي صفحة صدام حسين، هذا من جهة. ومن جهة أخرى نطرح على هذه اللجنة في حال تشكيلها، بالتحقق – حسب قول الكلدوآشوريين والتركمان واليزيد والعرب – من وجود سياسات تكريد تعرض لها غير الاكراد في شمال العراق بشكل بطيء على غرار سياسات التعريب منذ مطلع الحرب العالمية الأولى حتى يومنا هذا، حيث تم تكريد مناطق كلدانية آشورية في زاخو والعمادية وعقرا وبرواري بالا واردان ونوهدرا، وعشرات القرى الاخرى مرورا بمذبحة الآشوريين التي حدثت في سميل بمحافظة دهوك عام ١٩٣٣، الى ثورة الاكراد سنة ١٩٦ ١ ومدى تأثيرها على القرى والمناطق الغير كردية، وانتهاء بحرب الخليج الأولى عام ١٩٩ ١ التي أدت الى قيام (الملاذ الآمن) خلال ما يقارب ١٣ عاماً، وجرى في هذه المدة هجرة او تهجير ما يقارب ٨٠٪ من العراقيين غير الاكراد الساكنين منذ القدم المنطقة التي سيطر عليها الاكراد. وتتردد في الأوساط العراقية أنباء حول قساوة حملات التكريد تفوق بكثير حملات التعريب ضراوة وظلما وتغييراً للوضع السكاني القائم!
ويبرر الاكراد مطالبتهم بالفيدرالية وكركوك لكونهم ظلموا أكثر من الشرائح العراقية الأخرى، ونستطيع بدورنا سرد عشرات الحجج على فداحة الظلم والغبن والقتل الذي الحق بالكلدوآشوريين بشكل يفوق الظلم الذي الحق باكراد العراق. وكذلك الامر بالنسبة للشيعة وغيرهم. فالدستور العراقي حتى يومنا هذا يعترف بوجود الاكراد ولا يعترف بوجود الاقليات الأخرى. كما ان أول مذبحة جماعية وحملة تطهير عرقي يرتكبها الجيش العراقي النظامي لم تكن تلك التي تعرض لها الاكراد في حلبجة بل هي مذبحة سميل عام ١٩٣٣ (اضافة الى مذبحة صوريا عام ١٩٦٩) وذهب ضحيتها ألاف الآشوريين الكلدان الأبرياء، وهاجر على اثرها أكثر من عشرة ألاف آشوري الى منطقة الخابور في سوريا، ويقدر عدد هؤلاء العراقيين المهجريين اليوم في سوريا وخارجها ما يقارب مائة ألف نسمة، كان يفترض تواجدهم اليوم في محافظة دهوك وليس خارجها. وفي بغداد الان أكثر من نصف مليون كلدوآشوري هجروا بسبب الصراع الكردي – الحكومي من مناطقهم الشمالية في محافظات الموصل واربيل ودهوك. وللتحقق من هذه المعلومة نقترح على كل صحافيي العالم بالتوجه الى بغداد وسؤال أي شخص مسيحي (سرياني كلداني آشوري) في بغداد عن مكان ولادته التي هي حتما في احدي المحافظات المذكورة أعلاه. وعلاوة على هذا يوجد في الولايات المتحدة الأمريكية ما يقارب نصف مليون مسيحي (كلداني سرياني آشوري) في شيكاغو وديترويت وباقي أطراف أمريكا، قد هجروا او طردوا من العراق. فإذا قمنا بإحصاء عدد المهجرين الآشوريين الكلدان السريان من المناطق الشمالية العراقية التي تحولت الى كردية، سنصل الى رقم المليون والنصف على اقل تقدير. وايضاً للتأكد من هذه المسالة وبالتالي ايجاد الحلول المناسبة لها كونها مسألة تخص شريحة عراقية مهمة، نقترح على الحكومة الوطنية المستقلة القادمة تشكيل هيئة مختصة لتقصي هذه الحقائق المذكورة. وضمن هذا الإطار، مثلاُ، يمكن ان تصدر هذه الهيئة عن طريق وزارة الخارجية العراقية تعليماتها للسفارات العراقية في ارجاء هذه المعمورة لإجراء إحصاء رسمي لعدد الآشوريين السريان الكلدان المطرودين والمهجرين من شمال العراق بسبب سياسات التعريب والتكريد على حد سواء، ومقارنة نسبة هجرة الآشوريين الكلدان بالنسبة لعددهم في العراق مع هجرة الاكراد او الاطياف الأخرى! إضافة الى التأكد من المعلومة القائلة ان أغلبية المسيحيين في بغداد هم من مناطق احتلها اليوم الاكراد. وقتها سيتعرف الجميع على فظاعة وقساوة الظلم والوجع والتهجير الذي تعرضت له شريحة عراقية مهمة همشت قضيتها وما زالت مغيبة لحساب قضايا أخرى.
وبعد هذا الشرح المختصر لمعاناة الكلدوآشوريين السريان، أفلا يحق لهم المطالبة بالفيدرالية وتقديم الدعم والتأييد الكامل لهم لكي يستطيعوا إقامة فيدراليتهم - بعد إعادة المهجرين - الى أرض (آشور). ويمكن تسميت المنطقة الآشورية الكلدانية السريانية بـ فيدرالية (آشورستان) على رتم (كوردستان). ولأننا ظلمنا مرتين، مرة من الأنظمة المتعاقبة في بغداد ومرة من إخوتنا الاكراد، فستكون مطالبنا شرعية ولا لبس عليها! وفي هذا المضمار يحق للاخوة التركمان أيضا إقامة فيدرالية خاصة بهم تسمى (تركمانستان)، وأخرى لليزيد تسمى (يزيدستان). أما إذا سئم ومل العراقيون من اسم (العراق) فيمكنهم تغييره على سبيل المثال الى (عربستان)، وهكذا سوف يتساوى العراقيون مع بعضهم البعض في عراق جديد خاليا من صدام حسين وأتباعه البعثيين، وستكون الجمهورية الجديدة موحدة بأربعة أحرف على الأقل وهي (ستان)!؟ وبهذه الطريقة سوف يضع العراقيون حدا لمعاناتهم بسبب انتمائهم الوطني لأرض الرافدين واسم العراق، وستتحقق الأهداف البعيدة للحملتين الأمريكية والصهيونية في تمزيق اللحمة الوطنية لأبناء آشور ونينوى وبابل وبغداد وميشان!؟
ولكي لا يساء فمهمنا، علينا التأكيد هنا، بأن العراقيين على مختلف مشاربهم وأطيافهم هم اليوم بأمس الحاجة للديمقراطية والمساواة والعدالة وسلطة القانون الذي يفرض على الجميع بدون استثناء أو تفرقة. فعندما تزال آثار التعريب، لماذا لا تزال اثار التكريد أيضاً! فالديمقراطية القادمة وحرية الرأي والتعددية، وحل مشكلة القوميات في العراق من خلال حصولهم على كل الحقوق الثقافية والإدارية والسياسية بغض النظر ان كانوا اكرادا او تركمانا او كلدوآشوريون او يزيد او غيرهم، كفيلة بوضع حد لمعاناة العراقيين وخلق مساحة اكبر للتعايش الاخوي السلمي ما بين مختلف الشرائح العراقية وبالتالي إزالة كل الإشكاليات والمنغصات القومية التي تفاقمت عبر ثمانين عاما نتيجة تلاعب القوى الغربية بمصير العراق وأقلياته، لكي يبقى العراقيين في دوامة وديمومة القلاقل والصراعات خدمة لمصالح الغرب الذي يود استنزاف خيرات المشرق وخصوصا العراق. وفي حال توصل العراقيون لوضع حلول منطقية لمشكلة "الأقليات" في العراق الجديد على ضوء منح حكم ذاتي او فيدرالية لقومية معينة، فلماذا لا يمنح الحق ذاته الى كل القوميات العراقية بغض النظر عن عددها، فالمساواة والعدالة والديمقراطية لا تعترف بمبدأ القوي يأكل الضعيف!
كركوك ارهاب التآخي وتآخي الارهاب
نور الدين موصللو
لكل مدينة في بلدنا طابع خاص، وكركوك المدينة العراقية الوحيدة الاكثر تجسيدا لمكونات المجتمع العراقي بطابعها التركماني الغالب على ذلك التكوين حينما انسوا التآخي مع كل قادم اليها وجسدوا الفكرة على ارض واقع بما تملي عليهم صفاتهم الانسانية والحضارية والثقافية في فترة قيام شركات نفطية فيها وحتى مع الذين استقدموا اليها بالمغريات وفرضوا قسرا على مدينة من قبل النظام السابق في سياسته عنصرية اتجاه المدينة.
وما بين تلك الحالتين عبر حقب الزمان مع تلاوين انظمة الحكم بقيت كركوك محتفظة على طابعها رغم تعرضها لاشكال الصهر العرقي وبقي اهلها في تعاملهم مع كل قادم جديد يحافظ على كيان مدينة وهيبتها بمثابة اخ ودليل يأخذ بيد الغريب في سبيل تسهيل وتسيير حياته يومية الاعتيادية مع رفضهم في قرارة نفس سياسة النظام الشوفينية واحتفاظهم بالسلوك الانساني والاجتماعي بالتعايش السلمي.
هذا السلوك ان دل على شيء فيدل على ان التركمان كانوا عنصر استقرار في الدولة بغض النظر عن موقف النظام وسياسته السلبية في التغيير الجغرافي والديموغرافي اثروا السكون والسكينة في الولاء الوطن. وعندما هبت المحافظة العراقية بانتفاضتها في وجه النظام كان التركمان في كركوك ادوارا ايجابية بقدر استطاعتهم في حماية اخوانهم العرب وتستطر عليهم بحكم الجيرة والعلاقات الاجتماعية من ايدي الميليشيات الكردية التي دخلتها انذاك، وكان لهم نفس الدور ازاء اخوانهم الاكراد القاطنين فيها عندما عادت قوات النظام وسيطرت عليها ولم يكونوا التركمان ايضا ادلاء سوء او عيون ضد ابناء المدينة المتعايشين معهم، هكذا برهنوا على حسن نيتهم ولم يستغلوا الفرص في اخذ مواقف سلبية ضد كائنا من كان من ابناء سكان المدينة وخصوصا الطارئين عليها لسبب بسيط متعارف عليه كونهم لا يؤمون بالعنف والارهاب ولم تسجل عليهم طوال تاريخ العراق أي إيذاء او اضطهاد تعرض له العربي او الكردي او الاشوري على أيديهم، او حملوا السلاح بوجه الساكنين معهم الا في فترة محدودة معروفة لدى الجميع تلك هي تصفية رموز العناصر المشاركة في المجزرة ١٩٥٩ الذين كانوا لهم الدور الفاعل في قتل وسحل الابرياء من التركمان.
اما ان تتحول هذه المدينة الوديعة مدينة المحبة والوئام والتآلف او مدينة التآخي كما يصفها البعض واذا كانت كذلك فأنها بفضل دور ومواقف التركمان فيها الى مدينة رعب والارهاب وترهيب المواطنين بفعل المارقين او المتطفلين هدفهم بسط النفوذ والسيطرة علبها بشتى الطرق واسباغها بطابع غير طابعها الاصيل المعروف عنها فأنها مدعاة للاشمئزاز والسخرية مرفوضة من قبل التنوع العراقي في المدينة ذلك التنوع الذي لم يكن يوما مصدر صراع في ما بين تشكيلتها العرقي والمذهبي الا ان التغيرات التي طرأت على كركوك بعد انهيار النظام ساقتها الى اهتزازات خلخلت وضعها الامن الاجتماعي وهددت استقرارها وهدوئها العام والخاص لمرات عدة غايتها فتح ثغرة او احداث شرخ في بنية مكونات المدينة للولوج منها بالقوة والاستقواء الزائلين لضمها او سلخها من خارطة العراق الادارية والجغرافية والسياسية.
ومن اجل اعادة اوضاع التوتر السائدة الى طبيعتها الاولى لا بد من اتخاذ الاجراءات الفورية التالية اضافة الى ما جاء في رسالة مجلس مدينة كركوك:-
١- اجراء انتخابات مجلس المحافظة بشكل نزيه وسليم بعيدا عن منح الامتيازات لطرف دون اخر على ان يكون الناخب والمنتخب من ابناء المدينة المتواجدين والمقيمين فيها الى قبل ٩/٤ وبالاعتماد على بطاقة التموينية الحالية وهوية السكن او بأية طريقة اخرى تبرهن شخصيتهم.
٢- لا بد من اعادة النظر في هيكلة اغلب الدوائر الحكومية الرسمية بعد ان تعرضت الى تغييرات مفاجئة لا تلائم واجواء العمل السائدة بين العاملين فيها.
٣- ازالة كل المظاهر المخلة بطابع المدينة وسمتها استهدفت اصالتها وواقعها التي تذكرنا بالممارسات العنصرية النظام السابق.
٤- الاعتماد على خبرات وكفاءات ابناء كركوك من التركمان والعرب والاكراد والاشوريين لانهم الاكثر حرصا عليها في ادارة شؤونها والاعرف بامورها وكما يقول المثل (اهل مكة ادرى بشعابها).
٥-اعادة كل الموضفين المدنيين والعاملين في سلك الشرطة القادمين الى المدينة والمعينين فيها بعد ٩نيسان الى مصادرهم الاصلية باستثناء اولئك الذين لديهم ما يثبت انهم لن سكنت كركوك وفق احصاء ١٩٥٧ او بطاقة السكن.
٦- التخلي عن التقسيمات العرقية والمذهبية للدوائر والمؤسسات الادارية والخدمية في المدينة وترك ذلك لابناء المدينة الاصليين بغض النظر عن انتماءاتهم شريطة ان لا يقل خدمة مدرائها في نفس او المؤسسة عن(١٠) سنوات
٧- واخيرا ومن اجل قطع دابر الدعوات والادعاءات المهددة لاوضاع المدينة التي تزعزع كيانها وواقعها بما يجعلها ان تبقى مدينة عراقية بطابعها التركماني ضمن عراق موحد ارضا وشعبا لا بد من اجراء استفتاء عام بطرق ديمقراطية سليمة باشراف جهات محايدة وطنية او دولية لاستبان موقف اهالي المدينة وعلى ضوء النتائج اصدار الحكم النهائي عن مصيرها.
كركوك قد تسبب حربا في المنطقة
سورية: جبهة مشتركة مع تركية بمواجهة أكراد العراق
المشاهد السياسي
وجهت سورية وتركيا في السادس من الشهر الحالي تحذيرا مشتركا موجها ضد كل من يحاول المس بوحدة أراضي العراق، وذلك خلال اليوم الأول من الزيارة التي قام بها الرئيس السوري بشار الأسد الى تركيا والتي وصفها هو نفسه بأنها >تاريخية< في وقت اعتبرت فيه ممثلة التركمان في مجلس الحكم العراقي ان قضية كركوك التي يدور حولها خلاف واسع بين العرب والأكراد والتركمان في شمال العراق، حالة خاصة.
جسدت زيارة الدولة التي استغرقت ثلاثة ايام، وهي الاولى التي قام بها رئيس سوري الى تركيا، تحسن العلاقات بين البلدين اللذين كادا ان يخوضا مواجهة عام ١٩٩٨. وارتفعت الاعلام التركية والسورية على مفترقات الطرق الرئيسية في انقرة حيث تتساقط الثلوج.
وقال الاسد في ختام محادثاته مع نظيره التركي احمد نجدت سيزر >اتفقنا على حقيقة انه يجب قطعيا حماية سلامة الاراضي العراقية والحفاظ على وحدتها<. واضاف >ندين جميع المطامع التي قد تشكل خطرا على وحدة الاراضي العراقية<.
وتخشى تركيا، كما سورية، حيث تعيش اقليات كردية عدوى الانفصال في حال حصول اكراد العراق على حكم ذاتي ضمن اطار نظام فدرالي. ودعا سيزر الى عودة الاستقرار للعراق في اسرع وقت ممكن.
لكن زيارة الاسد تمت قبل اي شيء تجسيدا لتطبيع العلاقات بين بلدين كادا ان يتواجها عسكريا بسبب دعم دمشق للمتمردين الاكراد في تركيا. وقال الاسد >لقد انتقلنا من اجواء عدم الثقة الى اجواء من الثقة< واصفا زيارته بانها >تاريخية<.
ومن جهته، قال سيزر >من دون اضاعة مزيد من الوقت، يجب احلال السلام والاستقرار والازدهار محل البغضاء وعدم الثقة وعدم الاستقرار في منطقتنا<.
وفي ١٩٩٨، هددت تركيا حليفة الولايات المتحدة واسرائيل في المنطقة باللجوء الى القوة ضد سورية بسبب دعمها لحزب العمال الكردستاني. ولم تحل الازمة الا بعد ان طردت سورية الزعيم الكردي عبد الله اوجلان المسجون اليوم في تركيا. ومنذ ذلك الحين وقع البلدان اتفاقات امنية واقتصادية.
وقد وقعا الشهر الماضي خصوصا اتفاقا لمكافحة الجريمة والارهاب بعد ان ابعدت دمشق ٢٢ مشبوها تطاردهم تركيا في اطار التحقيق حول العمليات الانتحارية التي وقعت في اسطنبول في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي.
وشارك الاسد وسيزر في توقيع ثلاث اتفاقيات اقتصادية حول تشجيع الاستثمارات والسياحة والضرائب.
والتقى الاسد بعد ذلك رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان ثم وزير الخارجية عبد الله غول واتبعهم باجتماع مع قائد هيئة الاركان الجنرال حلمي اوزكوك.
وشارك الرئيس السوري في منتدى حول السياحة الثنائية اقيم في اسطنبول وتضمن لقاءا مع رجال اعمال. وخلال محادثاته، أثار الاسد الاوضاع الاقليمية في وقت يحاول فيه اعادة اطلاق مفاوضات السلام مع اسرائيل. وكانت تركيا قد عرضت >تسهيل< الحوار بين البلدين. وابلغ سفير الدولة العبرية في تركيا بنحاس افيفي الذي سيلتقي اردوغان في وقت قريب وزارة الخارجية التركية الاجراءات التي بامكان دمشق اتخاذها من اجل تشجيع معاودة الحوار، وفقا لما ذكرته مصادر دبلوماسية.
ويبدو ان دمشق وأنقرة وافقتا على عدم اثارة نقاط الخلاف بينهما اثناء الزيارة مثل تقاسم مياه الفرات وسيادة تركيا على اقليم هاتاي.
والى جانب الموقف السوري الواضح من قضية مستقبل العراق، افصحت تركيا على نحو ما عن موقفها من هذا الامر مرارا غير ان ممثلة التركمان الشيعة في مجلس الحكم الانتقالي صون كول جابوك ربما تعدت الحدود في بيان هذا الموقف عندما قالت ان التركمان يشكلون >السكان الاصليين< في مدينة كركوك في شمال العراق التي يطالب الاكراد بضمها الى منطقتهم، متهمة الاكراد بمحاولة >تغيير الواقع الاجتماعي والديموغرافي< في المدينة.
وتقول ممثلة المجموعة في مجلس الحكم التي تضع الحجاب >كركوك مدينة تركمانية عريقة ونحن اهلها الاصليون، قبل ان يمتد اليها الاكراد من الشمال ويتم اسكانهم في عهد عبد الكريم قاسم< الزعيم العراقي السابق.
وتضيف >الاكراد يعتبرون ان الفدرالية تشكل الحل الافضل لضمان حقوقهم، نحن لا نرفض الفدرالية في حد ذاتها فهي نظام جيد، لكننا نرفض ان تولى فئة مسؤولة عن الاخرين كما لا نقبل بتغيير ديموغرافية الارض والواقع الاجتماعي للمدينة<.
وتتهم المجموعة الكردية في كركوك بانها >غيرت كل معالم المدينة، فشارع >بغداد< على سبيل المثال اصبح اسمه >السليمانية<، معظم الشوارع غيرت اسماؤها الى الكردية، وكذلك المستشفيات والدوائر، والاعلام الكردية ترفرف في كل مكان، أليس هذا تغييرا لواقع الحياة في المدينة؟<.
وتشهد المدينة التي تحوي مزيجا إتنيا من الاكراد والعرب والتركمان والكلدانيين الاشوريين، توترا بين مجموعاتها ظهر الى العلن اثر سقوط النظام العراقي، وخصوصا مع مطالبة الاكراد بضم المدينة الى اقاليمهم واعتماد الفدرالية كنظام للحكم في البلاد.
وتعتبر المجموعة الكردية التي تبسط سيطرتها منذ ١٩٩ ١ على محافظات اربيل ودهوك والسليمانية في الشمال، ان مدينة كركوك الغنية بالنفط تشكل قلب >كردستان< وتطالب بضم المدينة التي شهدت عملية تعريب قاسية في عهد النظام السابق، الى منطقتها.
وقد شهدت المدينة تظاهرتين ضخمتين، الاولى مؤيدة للفدرالية نظمها الاكراد الذين قدموا مشروعا بهذا الصدد الى مجلس الحكم، والثانية مناهضة للفدرالية نظمها العرب والتركمان.
وانتهت التظاهرة الثانية بصدامات ادت الى مقتل ثلاثة عراقيين وجرح ٣٤ اخرين برصاص القوات الكردية)البشمركة) بالقرب من مقر الاتحاد الوطني الكردستاني في المدينة.
وتحمل جابوك مسؤولية الصدامات التي تشهدها كركوك حاليا على عاتق ادارة المدينة اذ >كان الاجدر بها ألا تسمح بوجود مسلحين في تظاهرات الاكراد في حين طلب من العرب والتركمان ألا يحملوا السلاح<.
وترى ممثلة التركمان، وهي واحدة من ثلاث نساء في مجلس الحكم، ان تمثيل المجموعات داخل مجلس المدينة غير متوازن معتبرة ان ثمة >تحيزا كبيرا للاكراد، فهناك مثلا عشرون مديرا عاما كرديا من غير محافظة كركوك<.
وترى جابوك التي تحمل شهادة في الهندسة المدنية، ان >كركوك حالة خاصة< في الوضع العراقي الراهن معتبرة ان >التعددية التمثيلية المتوازنة< هي الحل لوضع المدينة، مطالبة في الوقت نفسه بتعيين رئيس تركماني لمجلس المدينة. تقول >نحن مع الاكراد اذا لم يتدخلوا في شؤون التركمان، واذا طالبوا بالفدرالية لكردستان فنحن ايضا سنطالب بتركمانستان العراق<. وتضيف >مناطقنا كانت دوما تشكل الحد الفاصل بين العرب في الجنوب والاكراد في الشمال، كنا دوما منطقة محايدة، لسنا منحازين الى اي من الاطراف لأنهم اهلنا<.
وتشدد على وجود >تعايش اجتماعي< في كركوك >فنحن نتزوج من الاكراد والعرب ونزوج لهم، نحن كلنا في النهاية مسلمون<.
تضيف >طلبت من قوات التحالف جعل منطقة كركوك منزوعة السلاح لتحقيق المساواة بين الجميع، فالاحزاب التركمانية لا تحصل على اي تراخيص لحمل السلاح في حين ان الاكراد في المقابل مدججون بالسلاح، لم كل هذا؟ هل نحن في حرب؟<.
وترد التوتر الحاصل حاليا في المدينة بين مجموعاتها الاتنية الى >غياب العدل< في المعاملة بينها. وتقول >يجب ان تكون السياسات المتبعة عادلة بين ابناء المحافظة الواحدة، ويجب الاستماع الى كل الناس وليس الى طرف واحد في حين نضع البقية في الركن< من دون ان تحمل تبعة ذلك الى قوات التحالف بشكل صريح.
وتقدر الاحصاءات المعتمدة حجم المجموعة التركمانية في العراق بخمسة في المائة من السكان اي حوالي المليون نسمة، الا ان ممثلة المجموعة ترى ان الارقام الواقعية تفوق ذلك بكثير. وتقول >طلبت من مجلس الحكم اجراء تعداد عام للسكان على وجه السرعة، لان هذا يرضي الجميع ويحل الازمات، ولو كان تعدادا جزئيا في البدء< معتبرة ان البطاقة التموينية التي كان يستخدمها النظام السابق ولا تزال سارية يمكن ان تشكل الاساس لاجراء احصاء من هذا النوع.
وترى جابوك ان >الاحصاء الوحيد الموثوق به هو احصاء عام ١٩٥٧ وهو يؤكد ان التركمان هم المجموعة الكبرى من السكان في كركوك<.
الا ان المسؤولين الاكراد يعتمدون ايضا على الاحصاء نفسه في إشارة الى انهم يشكلون الغالبية في المدينة. وكان عادل مراد عضو المكتب السياسي في حزب الاتحاد الوطني الكردستاني قد صرح ان >احصاء عام ١٩٥٧ الذي يعتبر الاكثر نزاهة يؤكد ان ٨٠ في المائة من سكان كركوك هم من الاكراد<.
بريمر يصرح. . . اعلاميا. . . بانه ضد الفدرالية القومية. . . ولكنه يشجعها. . . عمليا
بسم الله الرحمن الرحيم
بالرغم من ان بريمر لا يترك فرصة للتصريح بانه ضد الفدرالية العرقية. . . الى درجة تصريحه بان الفدرالية (القومية) هي نواة للحرب الاهلية (وهي كذلك). نرى في الواقع انه يعطي صلاحيات الى افراد القومية الوحيدة المنادية بهكذا فدرالية. والذين بدورهم يحاولون تسليط نفوذهم على اكبر مساحة من الاراضي العراقية
فاذا كان بريمر هو ضد الفدرالية العرقية كما يدعي. . . فلماذا ما يلي
تعيين افراد هذه الاحزاب كمحافظين ومدراء في كل المؤسسات البلدية والخدمية في بلديات كركوك وطوز خورماتو، ذواتا الغالبية التركمانية، وفي غيرها من المناطق ذو التعدد العرقي الواضح
وفي حال تشكيله، جعل نواة الجيش العراقي من الاكراد
تعيين ما لايقل عن خمسة اعضاء في مجلس حكمه من الذين يطالبون بفدرالية قومية. وهذا العدد هو اكبر مما اعطي لاوسع شريحة في المجتمع العراقي، الا وهم الشيعة المتدينين، وحجم هذه الشريحة قد ثبت في التظاهرات المليونية، المنادية بالانتخابات وتظاهرات ضد الفدرالية
السماح فقط للاحزاب الكردية، المصرة على الفدرالية العرقية، بالاحتفاظ باسلحتها
سكوته على اطلاق النار من قبل هذه الاحزاب على كل مظاهرة تركمانية (وعربية) خرجت ضد هكذا فدرالية في كركوك وطوز خورماتو، وقتل مجموعة من المتظاهرين في كل مظاهرة
المجلس الشيعي التركماني
Turkman Shiia Council (TSC)
www. tsc. ٤shia. Net
tsc@tsc. ٤shia. net
الاراضي. . أراضٍ. . والفيدرالية العراقية
علي الكلاواي
بعد حرب الايام الستة وحدوث النكسة عام ٦٧ التي مكنت الدولة العبرية من أحتلال الاراضي العربية في الضفة الغربية المرتبط أداريا بالاردن ووادي عربة الاردنية وقطاع غزة المرتبط بمصر وسيناء المصرية وهضبة الجولان السورية وبعض من اراضي لبنان بدأت الدبلوماسية تحاول أن تستعيد عن طريق المفاوضات ومجلس الامن ما فقدته عن طريق الحرب وبدأ التلويح بالضغوط والصداقات والتحالفات لينتج عن ذلك قرارا من مجلس الامن وافق عليه وعلى صيغته التي عدلها المندوب البريطاني قليلا بالاجماع ولم يعترض عليه أحد. . التعديل البريطاني الذي اجراه مندوبها هو حذف (ألـ) التعربف من كلمة الاراضي المحتلة , وجعلها اراض محتلة. . للوهلة الاولى لم يخطر على البال مدى وخطورة ذلك الحذف وذلك التعديل الذي تم أجراءه. . ولكن عند التطبيق تبين مدى الخدعة التي تعرض لها العرب بموافقتهم على ذلك التعديل. .
أنسحبت الدولة العبرية من مدينة القنيطرة السورية التي أصلا هي سقطت دون قتال اذ أنسحب الجيش السوري منها. . أنسحبت الدولة العبرية من مدينة السويس المصرية وأن بقيت محيطة بها. . الدولة العبرية أدعت أنها طبقت القرار أذ أنسحبت من أراض غير محددة وان الانسحابات هي دليل ألتزام وأن كان للدول العربية أعتراض فعليهم الدخول في مفاوضات مباشرة معها لتحديد معالم الاراضي التي حددها مجلس الامن في قراره. . ووقت ذاك كان مجرد التفكير في الاتصال بالدولة العبرية يعني ما يعنيه من معاني الخيانة والتخاذل والاستسلام. . والخ كما حدث مع السادات حين أسترجع عن طريق المفاوضات المباشرة سيناء كل سيناء وهو ما فشل في الحصول عليه في حرب ٧٣. .
أسترجعت تلك الافكار حين طالب الاكراد بما أتفق عليه في مؤتمر لندن بخصوص الفيدرالية. . فبرز من يقول نعم نحن أتفقنا على الفيدرالية ولكن أي فيدرالية؟!. . هل هي فيدرالية أدراية لكل المحافظات. . أم فيدرالية قومية تخص الشعب الكردي؟! سيقرر الشعب نوع الفيدرالية التي يريد. . كما صرح الربيعي. . ولكن أي شعب سيتم أستفتاءه هل هو الشعب الكردي الذي سيقرر مصيره أم الشعب العراقي بالمجموع. . فهل ناضل الاكراد كل تلك السنوات وقدموا كل تلك التضحيات من أجل هويتهم وقوميتهم ووطنهم فهل سيتركون الامر يقرره غيرهم. . الاكراد مثلما قرروا بداية القرن الماضي بملء أرادتهم الانضمام الى الدولة العراقية الحديثة والانفصال عن الدولة التركية في قضية ولاية الموصل الشهيرة ذلك دليل وبرهان أنهم لن يتخلوا عما ارتضوه هم الان وأرتضاه أجدادهم من قبل في البقاء الى جانب العرب في دولة عراقية واحدة ولكن ذلك لا يعني تخليهم عن هويتهم وقوميتهم وارضهم. .
والان بالعودة الى ما قرره المؤتمرون في لندن علينا أن نطرح تلك التساؤلات ومن حقنا أن نتساءل
ــ هل كان الاكراد غير واضحين في طرحهم لموضوع الفيدرالية الى الدرجة التي تترك المجال لكل هذا اللغط الان.
ــ هل كانت الموافقة للمؤتمرين مسايرة للأكراد خوفا من أن يوافق صدام على منحهم الفيدرالية لتأمين على الاقل جبهته الشمالية أو كسب ود الاكراد أخيرا حتى يتم توفير ملاذ آمن له في الجبال الوعرة لكردستان كما حدث لأبن لادن في حال الهزيمة. . وخصوصا أن لصدام سوابق في تنازله مقابل بقاءه في الحكم مثلما حدث في تنازله عن نصف شط العرب وزين القوس وخضر وهيلة وسيف سعد لأيران الشاه عام ٧٥.
ــ ماهي التصورات للفيدرالية التي تولدت في ذهن أغلب المجتمعين في لندن , ولم لم يناقشوا الاكراد في منحهم الفيدرالية ضمن حدودهم الادارية للمحافظات الكردية (دهوك , اربيل , السليمانية).
ــ ما هي التخوفات التي يحملها أغلب الرافضين الان للفيدرالية والموافقين عليها سابقا ولم لم يصرحوا عنها وقتها. . أن كان الانفصال هو التخوف الاساسي لهؤلاء فسيكون القادة الاكراد من الغباء أن أنفصلوا عن العراق لأنهم سيكونون لقمة سائغة لتركيا أو حتى أيران.
ــ هل هي الضغوط التركية والايرانية والسورية على أعضاء مجلس الحكم أو قادة الاحزاب ليكونوا معارضين للفيدرالية الكردية العراقية لكي لا تؤجج الفيدرالية الكردية العراقية أكرادهم ليطالبوا بما تحصل عليه اخوتهم في العراق. . هل ستوقظ الفيدرالية وتنفض الغبار عن الظلم والاضطهاد الذي يتعرض له الاكراد في تلك الدول.
ــ ألم يحسب أعضاء مجلس الحكم وقادة الاحزاب المعارضين للفيدرالية عن ردة الفعل الكردية حيال ذلك فهل سيقمعون الاكراد مجددا لعيون تلك الدول. . هل ستعاد الكرة من جديد وتقام أسوار عالية لمديريات الامن لا يعرف ما يجري خلفها من قتل وتعذيب وأسكات للرأي.
ــ ألا يخشى أعضاء مجلس الحكم وقادة الاحزاب أنهم يضعون مصداقيتهم في ميزان الرأي العام أذ سيتقول الرأي العام أنهم يقولون ما لا يبيتون. . وخصوصا أن الانتخابات هي المحك الرئيسي للوصول. . فهل سنصدق نحن البسطاء أمثال هؤلاء ونعطي أصواتنا لهم؟!
أسئلة كثيرة بحاجة الى أجابات واقعية منطقية قابلة للتصديق ختى لو كانت أكاذيب لقد علا القادة العرب بضجيجهم بعد أن أكتشفوا الخدعة التي انساقوا اليها بحذف (الـ) التعريف من مسودة القراروشرعوا يتباكون ويتظلمون تارة للأتحاد السوفيتي آنذاك وأخرى لأوربا دون طائل. . ومازالوا يعانون من أثار تلك الخدعة الى الان وأقول بشأن الفيدرالية العراقية أن كان المجتمعين في لندن قد بيتوا الخدعة للأكراد فأهديهم قول الشاعر:
لا تنه عن خلق وتأت بمثله
عار عليك أن فعلت عظيم
شعب الله المختار والفدراليه الموعودة
خضير عباس - كتابات
شكرا لكم ايها الاخوة اخوتنا في الوطن لآنكم انتظرتم كل هذه السنين الطويله ولتعلنوها الان انفصالا. . . . . شكرا لصبركم. . . . . كم كان طويلا. . . . . حقا انكم اخيار ومقتدرين. . . . . . لااحد يلومكم في ذلك فهو. . . . (العراق) ملككم وحدكم من شماله الى جنوبه بنخيله وقصبه وناسه والارض ملعبكم فلكم منها ماتشاؤون. . . . . الوقت وقتكم والايام رقموها كما يحلوا لكم.
شكرا لكم لانكم جلبتم اناسا من قوميتكم ومن بلدان الجوار ليسكنوا ببلادنا تحسبا للانتخابات القادمه التي قد يجور عليكم الزمن بها ويتقرر مصيركم وهل انتم محتاجون لذلك. . . . . . . . حاشا وكلا. . . حيث كنتم ومنذ الازل ابطالا للتزوير والتحريف فما من احد فينا يوما حتاج الى جواز سفر او هويه احوال مدنيه او اي وثيقه اخرى الاوذهب اليكم لانكم ملوك التزوير بحق فلا تعصى عليكم مثل هذه الاشياء البسيطه جدا.
وشكرا لموقفكم هذا فالوطن ومايعاني الان محتاج اشد الحاجه الى وقفتكم معه ولتزيد ظهره كسرا وشكرا لكم لانكم أزحتم عن الجميع غشاوة كانت جاثمه على اعيننا وهي انكم مساكين مظلومين. . . . . واثبتم مع الايام انكم الظالمون ولم تكونوا يوما بالظالمين.
شكرا لكم لانكم صبرتم على ايران وسوريا وتركيا ولم تدوسوها باقدامكم، كما تتصورون ولو كان بايديكم لفعلتم ولكنكم اضعف بكثير من ذلك.
واخيرا شكرا لكم لانكم اثبتم لنا انكم شعب الله المختار بعدما كان اليهود قبلكم يتبجحون بها وها انتم تضعون انفسكم مكانهم بنفس الصلف ومن دون حياء.
وكما قالها ابا فرات الجواهري للبعثيين الطغاة من قبلكم اقولها لكم واذكركم بما قال
لكم الارض ملعب ماتشاؤون فاصنعوا
!. .اين الموقف الآشوري الموحد من الفدرالية المطروحة؟
مكتب التوجيه والإعلام - حـزب شــورايا - كتابات
بعد زوال نظام صدام حسين البوليسي الجائر، والذي دام أكثر من ثلاثين عاما من الظلم والقتل وكم الأفواه وانتهاك حرمات المواطنين العراقيين بكل انتماءاتهم الدينية والقومية. ساد جو من التفاؤل والأمن والاستقرار وحرية إبداء الرأي والكلمة في ظل الديمقراطية التي حلم بها أبناء العراق دون استثناء.
فالكابوس قد أزيح عنهم وأصبح في مزبلة التاريخ. وبات الجميع يتطلع إلى عراق الغد المشرق الذي سيشارك كل أبنائه في صياغته ضمن دستور يراعي خصائص ومقومات كل أقلياته القومية أم الدينية.
لكن هذا التفاؤل قد بددته بعض الغيوم المصطنعة التي أرادها البعض ذريعة لطرح أفكار مرفوضة من قبل الجميع، تلك الأفكار التي كانت تراود مخيلة البعض منهم والتي كانت أحلاما منذ عشرات السنين، ظنا منهم بأن المتغيرات التي طرأت قد تجعلهم أكثر دنوا من تحقيق تلك الأهداف.
فما مطالبة بعض الإخوة الأكراد (أبناء الشعب العراقي) بالفدرالية العرقية أو القومية ومناداتهم بها، ليس إلا إسفينا يدق في تلك المسيرة النضالية التي خاضها الشعب العراقي بعربه وكره وآشورييه وتركمانه ويزيدييه. . . . ومنذ أكثر من ثلاثين عاما.
فالدعوة بالفدرالية (التقسيمية)، أي تقسيم العراق إلى قسمين (عربي وآخر كردي)، ليس إلاّ تنكرا لحقوق باقي مكونات الشعب العراقي وتلك الدعوة لن تؤدي إلا إلى المزيد من المآسي وبالتالي إلى جر المنطقة كلها نحو الهلاك والتفتيت وخلق كونتونات وقضم أخرى. فإذا كان عدل التاريخ ظالما بحق الآشوريين والتركمان وغيرهم، كونهم أقلية في هذا الشرق، فذاك لا يعني على الإطلاق أن تهدر حقوق القوميات الصغيرة بمنحهم جوائز ترضية من خلال إعطائهم حقوق إدارية في مناطق جغرافية محددة. فالقومية الآشورية (السريان/الكلدان) هي امتداد للحضارة الآشورية العريقة التي عمرها يتجاوز السبعة آلاف سنة، وهذه المرة سوف لن يرحم التاريخ كل القيادات الآشورية (سياسية كانت أم دينية) إذا ما تلاعبت بمصير شعبنا وإذا تماطلت أو ترددت في اتخاذ المواقف الشجاعة والصريحة.
فإذا كان النظام الفدرالي مطلب أبناء الشعب العراقي بكل أطيافه، فلا يسعنا إلا أن نحترم هذا القرار أسوة بباقي قومياته ومذاهبه، شريطة أن تضمن فيه حقوق كل القوميات التي يتألف منها العراق، وأن لا يحرم أي فريق أو طرف من حقوقه الشرعية التي هي حق مكتسب.
لذلـــــــــك، ندعو كافة تنظيمات شعبنا السياسية إلى:
١- أخذ المبادرة في هذا الصدد وتكثيف جهودها من أجل تشكيل " هيئة سياسية " لا يستثنى منها أحد، تتولى مهمة الدفاع عن قضيتنا المشروعة وذلك من خلال إيصال صوتنا إلى أعلى المحافل والمؤسسات السياسية والإنسانية الدولية وإلى الدول الخمسة العظمى وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية وتلك المجاورة لأرض الوطن، وشرح الموقف الآشوري الواحد والموحد من كل التطورات الجارية.
٢- فتح قنوات اتصالات رسمية ومستعجلة مع باقي القوميات العراقية المتضررة من المشروع الفدرالي الجاري فرضه على العراقيين، وخلق جبهات سياسية تعتمد الحوار المتمدن والمتحضر والراقي، أسلوبا لحل وتذليل العقبات التي يحاول البعض زرعها في مسيرة التقدم والإصلاح التي حلم بها كل العراقيين.
٣- نتمنى على كافة القيادات العراقية الروحية منها والسياسية وأهل العلم والثقافة، إلى اتخاذ موقف وطني مشرف يقطع الطريق أمام محاولات البعض التي إذا ما تحققت، سوف تنال من العراق شعبا ووطنا وكيانا موحدا.
استقلال الاكراد يحرر العراق من الابتزاز ومن الحرب الاهلية
د. بشير موسي نافع
لم يكن غريبا ان تنفجر مسألة الفيدرالية علي كل مستويات التدافع والعمل السياسي في العراق المحتل. الغريب ان انفجارها قد تأخر الي هذا الوقت. الفيدرالية كما تطالب بها الاحزاب الكردية، خاصة الحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة البارزاني والاتحاد الوطني الكردستاني بقيادة الطالباني، هي مشروع يهدد وحدة العراق وينذر بانفجار حرب اهلية. تشمل الخارطة التي تقدم بها الحزبان للمنطقة الكردية المفترضة محافظات السليمانية، دهوك، واربيل (التي تتمتع منذ مطلع التسعينات بحكم ذاتي تحت حماية امريكية)، اضافة الي محافظة التأميم (كركوك)، نصف محافظة نينوي (الموصل) ونصف محافظة ديالي (بعقوبة). هذه المناطق معا تصل الي ثلث مساحة العراق. اما الصيغة الدستورية المفترض ان تقوم علي اساسها الفيدرالية فتتلخص في ان تتمتع هذه المنطقة بحق تقرير المصير، بحيث تعلن ادارتها المستقلة (حكومة، جيش، امن، رئيس دولة. . الخ)، ثم تختار بعد ذلك الوحدة الفيدرالية مع العراق الذي يوصف بالعراق العربي. بكلمة اخري، يستبطن المشروع الكردي انفصال ثلث العراق، تحت سيطرة كردية، عن باقي البلاد الا بالاسم. هذا مشروع خطر، غير منطقي وغير مبرر تاريخيا وبشريا.
يقوم المشروع الكردي في تصوره لجغرافية المنطقة الكردية علي استدعاء انتقائي او علي اعادة كتابة للتاريخ. فالمنطقة الكردية تعرف الآن بأنها اية منطقة يتواجد فيها الاكراد او تواجدوا فيها في اي مرحلة من مراحل التاريخ. لو كانت الدول والهويات الجغرافية ـ القومية تقوم علي هذا الاساس فينبغي ان نعتبر خراسان جزءا من العالم العربي لان اكثر من مليون من العرب كانوا يقطنون جنباتها في نهاية العهد الاموي، وينبغي ان تصبح اسبانيا (لأسباب اكثر وجاهة) عضوا في الجامعة العربية، كما ينبغي ان نعتبر حرب صدام حسين علي ايران ومخططه ضم خوزستان للعراق (وهي التي تقطنها اغلبية عربية) حربا شرعية ومبررة. ملايين من ابناء ماليزيا وعشرات الملايين من الاندونيسيين والاغلبية العظمي من سكان الساحل الكيني، هم عرب اصلا، فهل ينبغي ان تقوم الحروب من اجل انفصالهم عن دولهم؟
لقد عرف المؤرخون والجغرافيون المسلمون منطقة المرتفعات الواقعة علي جانبي الحدود العراقية والايرانية الشمالية الحالية وامتدادها نحو اذربيجان وارمينيا باعتبارها جبال الكرد. وعرفوها ايضا باعتبارها جزءا من عراق الجبل، تمييزا عن ارض السواد التي تمثل وادي الرافدين من عبدان الي الموصل. تاريخيا، ليس ثمة ادلة علي تواجد كردي ملموس في السهول العراقية الشمالية. ولكن الاكراد، كما كل شعوب المنطقة، لا ينتمون الي اصل عرقي واحد، بل الي اصول عرقية مختلفة، كردية قديمة، فارسية رعوية، عربية، تركية وتركمانية، وارمنية واشورية. من يسمون اليوم بالأكراد الفيلية لا علاقة لهم بالاكراد، بل هم من اللر، قبائل رعوية فارسية. وتنتشر بين الاكراد اليوم ثلاث مجموعات لغوية رئيسية، تختلف عن بعضها البعض خلافات جوهرية. الاكراد، كما العرب والايرانيين والاتراك، ينحدرون من شعوب مختلفة وليس من شعب واحد، والقومية الكردية، كما كل الحركات القومية في المنطقة، هي حركة حديثة تعود الي نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين. قبل ذلك، لم يتصور الاكراد انفسهم امة واحدة ولا عبّروا عن طموحاتهم بخطاب قومي.
ان التطور الحديث للفكر القومي حمل دلالتين هامتين. فالقومية من ناحية هي نتاج متغيرات موضوعية في المسيرة الانسانية، وتلعب من هذا الجانب دورا احيائيا هاما لثقافات الشعوب وتعزيز التعاضد الاجتماعي، كما تسهم في توطيد فكرة الاستقلال ورفض السيطرة الامبراطورية الاجنبية علي الشعوب الصغيرة او الاضعف. من ناحية اخري، فقد اكدت تجربة القرنين الماضيين علي ان حدود القوميات هي في اغلب الاحيان حدود دامية، وان المشاريع القومية قد تسببت في سفك الكثير من الدماء. لدي كل الحركات القومية نزوع أصيل ووراثي لاعادة كتابة تاريخ وجغرافيا الامم والشعوب وللتعدي علي تاريخ وجغرافيا الامم الاخري. من اجل توكيد الهوية القومية، تصطنع الحركات القومية اساطير كاملة لتاريخ شعوبها واسهاماتهم وتروج لهذه الاساطير في وسائل الاعلام الشعبية والمكتوبة، في برامج الاحزاب ومنشوراتها، في المناهج الدراسية والمتاحف والاعمال الفنية، وتجعل منها جزءا من الضمير الجمعي للشعوب.
وبالرغم من ان القرنين الماضيين كانا قرني الفكرة القومية بامتياز، فلم تستطع الشعوب ذات الوعي القومي جميعها ان تعبر عن وعيها في اطار دولة قومية مستقلة. في حالات عديدة انتهت الكتل القومية الي الحصول علي حقوق ثقافية واجتماعية بينما استمرت في العيش ضمن اطر سياسية اكبر واوسع من الحدود القومية، كما هو حال الكثير من الشعوب الاسبانية، الفرنسية، البريطانية. . الخ. في حالات لم تحصل الكتل القومية حتي علي حقوقها الثقافية، كما هو حال الاكراد في تركيا والعرب في ايران وتركيا وشرق افريقيا. وفي حالات اخري، لم تسمح الموازين الدولية بأن تتحد امة ذات وعي قومي واحد في دولة واحدة، كما هو حال الشعوب العربية، الاكراد، الايرلنديون. . الخ. الدرس الكبير للقرنين الماضيين ان علي الحركات القومية ان تضع حدا لنزعاتها العدوانية الهجومية، ان تعيد النظر في خطابها الانشائي المترع بالاساطير والتصورات الوهمية للتاريخ والجغرافيا، ان تربط مطالبها بحقائق وامكانيات الواقع، وان تدرك التبعات الدموية للمشاريع القومية التي اشعلت الحروب الطاحنة في المئتي عام الماضية.
ان من حق الاكراد في العراق، كما في ايران وتركيا، ان يتمتعوا بحقوق ثقافية قومية كاملة، وبحقوق المواطنة. من حق الكردي ان يتحدث بلغته، ان يحافظ علي تقاليده الموروثة، وان يطالب بعدالة توزيع الثروة والسلطة في بلاده. ولكن الواقع الآن ان القيادات الكردية السياسية في العراق بالذات، حيث يعيش الجزء الاصغر من اكراد المنطقة، مقارنة بأكراد ايران وتركيا، تمارس عملية ابتزاز غير محمودة العواقب. لقد لعبت القيادات الكردية دورا مباشرا في غزو العراق من خلال تحالفها مع القوات الامريكية وتقديمها كل عون ممكن لهذه القوات. وعند سقوط النظام العراقي، لم تظهر القوي السياسية الكردية لباقي العراقيين تسامحا وترفعا واحساسا بالمسؤولية، بل اطلقت عناصرها تعيث فسادا في الموصل وكركوك وتكريت، كما وضعت يدها علي مقدرات هائلة للجيش العراقي وتصرفت في هذه المقدرات، ونشرت الرعب بين المزارعين العراقيين العرب في مناطق الشمال دافعة الآلاف منهم الي الهجرة عن بيوتهم ومزارعهم. ثمة تواريخ محددة تضعها القوي الكردية السياسية لتحديد هوية منطقة ما، ولكن الجميع يدرك ان التاريخ هو شأن متحرك ومتغير. في حقبة ما من تاريخ العراق كان الاكراد يعيشون في المناطق الجبلية فقط ولم يكن لهم تواجد ملموس في السهول الشمالية. وفي مرحلة اخري تواجدت عشائر او اسر كردية في السهل الشمالي كما في سهل الاناضول، بل وفي مدن بعيدة كبغداد ودمشق وبيت المقدس. كانت اربيل في مرحلة ما مدينة يغلب عليها الطابع العربي ـ الاسلامي، ثم تحولت الي مدينة ذات اكثرية كردية. اما الوجود الكردي الملموس في كركوك فقد بدأ بالفعل بعد ازدهار الصناعة النفطية فيها في الثلاثينات. وقد كانت سهول الشمال العراقي منذ ما قبل الفتح الاسلامي وحتي مطلع القرن العشرين ساحة جذب واستقرار لموجات متلاحقة من الهجرات القبلية العربية، منذ بكر وربيعة حتي العبيد والجبور وعزة، تماما كما كانت ساحة استقرار للعشائر التركمانية منذ ما قبل الموجة السلجوقية في القرن الحادي عشر الميلادي حتي الفتح العثماني الثاني علي يد مراد الرابع في القرن السابع عشر. هذا، ناهيك عن الوجود الاشوري القديم في المنطقة. فلماذا يعطي الاكراد لانفسهم الحق في اعتبار العراقيين العرب في الشمال غرباء ولا ينظرون لوجودهم في الموصل وبغداد وكركوك كوجود طاريء وغريب؟ من اي نقطة في التاريخ ينبغي البدء وكيف يمكن ان ترسم حدود جغرافية عادلة في هذه البوتقة الغنية للحضارات والثقافات والشعوب؟
امام المعارضة الواسعة التي واجهها مشروع الفيدرالية المقدم من الاحزاب الكردية، بدأ مسؤولو هذه الاحزاب حملة من العلاقات العامة تستهدف تقديم المشروع للرأي العام العراقي علي انه جغرافي وليس عرقيا، وان الاقليم المزمع انشاؤه هو اقليم لكل سكانه من اكراد وتركمان وعرب واشوريين. ولكن الحقيقة هي بالتأكيد شيء آخر. فالمشروع الكردي للفيدرالية لم يكن له من مبرر اصلا لولا الفرضية العرقية، والا فلماذا لا تقبل القيادات الكردية فكرة الفيدرالية الجغرافية لكل العراق بحيث تتمتع المحافظات جميعها بقدر من الاستقلال في تولي شأنها المحلي؟ ولماذا الاصرار علي ان يكون لكردستان المفترضة وضع خاص ومميز عن بقية العراق؟ ان جوهر المشروع الكردي هو تصور العراق كوطن ثنائي القومية: قومية عربية وقومية كردية، وان لكل منهما الحق في تقرير مصيره. ما يغفله المشروع الكردي ان العراق هو وطن متعدد القوميات والطوائف، وان كردستان المفترضة ستبني علي اساس سيادة القومية الكردية علي مجموعات قومية اخري تقطن شمال العراق منذ مئات، ان لم يكن آلاف السنين. والي جانب التصور الجغرافي المبالغ فيه للاقليم الكردي المفترض، فان هذه التراتبية القومية ستكون سببا رئيسيا لانفجار العنف. كلما اتسع نطاق مشروع كردستان كلما ازداد احتمال ضمها لمزيد من التركمان، العرب، الاشوريين، واليزيديين، واغلب هؤلاء لن يقبل العيش في اقليم كردي الطابع، مستقل فعليا عن العراق حتي وان لم يستقل رسميا، ويقوم علي اساس سيادة القومية الكردية. هذا الانفجار للعنف لن يؤدي فحسب الي حرب اهلية في شمال العراق، بل ايضا الي تدخل قوي ومجموعات عراقية اخري وغير عراقية، ويهدد من ثم وحدة البلاد جميعها.
يجد المشروع الكردي، اضافة الي ذلك، معارضة لا تخفي من دول الجوار الرئيسية الثلاث، تركيا وسورية وايران. تعود المعارضة التركية، التي هي الاكثر حدة، الي الاطار القومي التركي الشوفيني للجمهورية التركية، الاطار الذي ينفي اصلا وجود تعددية قومية في تركيا. ولكن الدول الثلاث معا يجمعها ايضا الخوف من ان يكون المشروع الكردي للفيدرالية مقدمة لتقسيم المنطقة ككل، ومدخلا لعنف اهلي في العراق يمتد ليقوض السلم الاهلي في كل دول الجوار. لقد رسمت القوي الامبريالية عقب الحرب الاولي حدود دول المنطقة بدرجة كبيرة من التعسف وعدم الالتفات لحقائق التاريخ وعلاقات السكان، وسيشكل تقسيم هذه الدول من جديد كارثة لشعوبها وامكانات نهوضها. وليس من شك في ان فرض المشروع الكردي للفيدرالية علي العراق الجديد سيؤدي الي تدخلات مباشرة وغير مباشرة لهذه الدول في الشأن العراقي.
ان واحدا من اخطر وجوه المشروع الكردي انه يطرح بعد غزو اجنبي للعراق لعبت الاحزاب الكردية دورا فاعلا فيه، وفي ظل احتلال تعتبر هذه الاحزاب شريكا مباشرا له. يستبطن المشروع الكردي فرضا قسريا بقوة الاجنبي وسلطته، وليس توافقا وطنيا وارادة حرة. واذا اضيف هذا الوجه للمشروع الكردي الي انعكاساته ودلالاته السابقة فان من غير المتوقع ان يجد المشروع دعما من قوي الشعب العراقي مهما كانت الاتفاقات والتفاهمات بين الاحزاب الكردية واحزاب مجلس الحكم الاخري. في النهاية، فان احدا لا يعرف حتي الان الوزن الحقيقي لاحزاب مجلس الحكم وما ان كانت هذه الاحزاب ستجرؤ علي اتخاذ مواقف واتباع سياسات تمس وحدة العراق ومستقبل وجوده في مواجهة معارضة شعبية واقليمية واسعة. فما هو الحل اذن؟ الحل المنطقي والاسلم لجميع الاطراف هو التراجع عن التصور الجغرافي المبالغ فيه للمشروع وعن الاساس العرقي له، والعودة الي الاطار العام لاتفاق ١٩٧٦ الذي يعطي للمنطقة الكردية، بحدودها الواقعية ادارة ذاتية ضمن العراق الواحد. مثل هذا الحل ينزع من المشروع الفيدرالي المفترض الكثير من عناصره المتفجرة، ويوفر لاكراد العراق (بخلاف اكراد ايران وتركيا) حقوقهم الثقافية القومية وقدرا هاما من تميزهم السياسي. الحل الآخر، وهو الافضل لمستقبل العراق واستقراره، ان تعطي المنطقة من شمال العراق ذات الكثافة السكانية الكردية القاطعة (والتي لا تتجاوز حدود الاقليم الذي يتمتع بالحكم الذاتي المدعوم امريكيا منذ ١٩٩ ١) استقلالها الناجز. هذا الاستقلال يجب ان يكفل لأكراد العراق جميعا، سواء اولئك المتواجدون داخل المنطقة المستقلة او خارجها، بما في ذلك بغداد حيث يوجد اكبر تجمع حضري كردي، الحق في الاحتفاظ بمواطنيتهم العراقية والبقاء ضمن العراق او الانتقال اليه من المنطقة المزمع استقلالها. بذلك توضع القيادات الكردية امام مسؤولياتها تجاه شعبها وتجاه العراق والوضع الاقليمي ككل، وتتحمل الاحزاب الكردية اعباء خيار الاستقلال، مهما كانت هذه الاعباء. وبهذا يتحرر العراق من الابتزاز السياسي الكردي الطويل ومن مخاطر الحرب الاهلية.
…………. . شروط الفدرالية
نورالدين موصللو
كثر الحديث في الاونة الاخيرة عن موضوعة الفدرالية نتيجة طرح المشروع في هذه الظروف الحرجة التي يمر بها وطننا العراق على مجلس الحكم الانتقالي من قبل القوى الكردية، ذلك الطرح الذي ولد انفجار لغم موقوت خصوصا بعد المطالبة بضم كركوك لجغرافية تضاريسية معينة. ومهما كانت ردود الافعال الداخلية والخارجية التي احطنا بها علما الا ان طرح هكذا مسائل وفي هذه المرحلة وعلى هذا المجلس الذي لا يمتلك الصلاحيات الكاملة يضعنا امام النقاط التالية:-
لو فرضنا على سبيل المثال موافقة المجلس على قبول المشروع، كيف ستكون التطبيقات الشرعية للفدرالية المطروحة والمجلس نفسه لا يمتلك الشرعية الدستورية والقانونية في اتخاذ مثل هذه القرارات لانه مجلس معين غير منتخب في وطن ليس له اية سيادة وهذا يعني بطلان القرار، ولان فاقد الشىء لا يعطيه.
الحالة العراقية السائدة الملموسة من قبل الجميع في وضع لا يحسد عليها تطلب توجيه كل الجهود واستجماع كل النوايا الخيرة من اجل تحسينها وتضييق الخناق على السلبيات والحد من المعاناة التي تراكمت على سابقاتها في محاولة على اعادة الاستقرار والامان اليها واعادة الامور الى نصابها ووضعها الطبيعي واستعادة وطننا عافيته ثم طرح الأفكار والمشاريع التي تخدم ولا تهدم وتهدد وحدة وتماسكه مثيرة الخلافات والنزاعات بين ابناء شعبه الواحد.
ان طرح مثل هذه المشاريع تتعارض مع الوصف السابق لنفس الجهات صاحبة المشروع في وصفها للشعب العراقي بـ (العائلة، الموز ايك، الطيف، الفسيفساء، النسيج، الخ……. العراقي) وهي اشبه بفعل المعول في هيكل البناء والمشرط والسكين في الجسد.
النتيجة التي يمكن استخلاصها من المحاولة والعراق في ازمته الحالية في غرفة العناية المركزة فاقد الوعي لم يصحو بعد من ازماته السابقة ليدخل في ازمة جديدة هو في غنى عنها، ان مثل هذه المحاولات لا تعني الا شيئا وحدا فقط هو استغلال الفرصة المؤاتية التي لا تتكرر وفي هذه الوقت بالذات وصاحبها في صف الطبيب المعالج للوضع العراقي.
ر
عدم مراعاتها المصلحة الوطنية العامة للارض والشعب العراقي عامة، لانها جاءت باتجاه عكس التيار الشعبي لارادة ابناء العراق عموما من خلال تفضيل مصلحتها على مصلحة الجميع من خلال نوايا كشفت حقيقة التوجه الخاص الخادم للجزء دون الكل تلك النوايا التي تجزء الوطن جغرافيا وتقسمه قوميا رغم انه وحدة متكاملة متداخلة كذرتي الماء من الاوكسجين والهيدروجين.
ان الاصرار على فدرالية قومية جغرافية بحجة التخلص من المعاناة السابقة جراء ما لاقوه من الجور والظلم في الماضي على يد النظام السابق لا يعني بالضرورة قيامها لان اسباب ومسببات المعاناة السابقة ازيلت اصلا فلا داعي للخوف والتخوف من المستقبل الى لم يكن وراء ذلك غايات واهداف مستترة.
اذا كان من بد للفدرالية فيجب افتاء الشعب العراقي والعودة الية لمعرفة رأيه في استبيان عام حول شكل ونوعية الفدرالية المراد تطبيقها والتي يجب توفر الشروط التالية فيها:-د
ان تكون مرتبطة بالمركز في نظام لا مركزي.
ر
لا تقبل القسمة الجغرافية ولا القومية.
بعيدة عن الافكار العنصرية او التمييز العنصري التي طالما عانينا منها.
تحافظ على وحدة العراق ارضا وشعبا.
لاتسمح الانفراد في السلطة او الحكم على جزء معين وتعزله عن باقي العراق بعد خلاصه من الدكتاتورية والاستبداد.
يؤمن حقوق كافة الالوان العراقية بالكامل ولا يجعل هذا الجزء او ذاك جزءا فيه لان جميع الاجزاء من الكل المتكامل.
توفير الحماية والصيانة بما تؤمن وحدة الارض العراقية.
تجنيب العراق والعراقيين من كافة انواع النزعات وابعاده من بث الخلافات بين ابناء شعبه ليصبح التعايش السلمي في الداخل والسلام مع دول الجوار رأسماله ومصدر قوته.
لا قوة ولا قسر في تطبيقها حتى لا تكون نتائجها المستقبلية وخيمة.
وجوب توفر الشرط القاضي بما يعزز الاصالة العراقية عبر حقب التاريخ الطويل المشترك في التراث والحضارة للبلاد والعباد.
تضمين بنود بعض فقراتها التي تمس حقوق الانسان العامة والخاصة لعموم الشعب العراقي دون انتقاص في الدستور.
اين نحن من الفدرالية؟
اينـانـا سـاوا - كتابات
تزدحم هذه الأيام وتتسابق بعض الفضائيات العربية في دعوة واستضافة العديد من الشخصيات العربية والكردية في شمال العراق وعلى نفس المنوال تعقد في الوطن الندوات والاجتماعات لتهيئة المواطن في المنطقة مسبقا لمثل هذا الطرح في هذه الظروف الصعبة التي يمر بها وطننا العزيز واستغلال هذا الظرف وهشاشة الوضع الداخلي في طرح مثل هذه المواضيع وفرضها على المجتمع العراقي بصورة او باخرى. وبما اني لست بالضد من مطاليب الشعب الكردي الذي عانى الكثير على ايدي السلطات المتعاقبة على الحكم في العراق كما عانت القوميات الاخرى من نفس الاضطهاد لهذا اجد نفسي في الوقت ذاته بالضد من طروحات القيادات الكردية التي تعتبر نفسها وصيا على كافة مكونات الشعب العراقي في المنطقة وخاصة انهم يطالبون بالفدرالية على مساحة تساوي ثلث مساحة العراق وفي ارض ليست ارضهم أي من زاخو وخانقين ومندلي والى جنوب الكوت أي دولة كردستان المستقبلية وهذا ما لا يرضاه اي عراقي ووطني شريف يغار على وطنه ووحدة اراضيه وان هذا الشعور وعدم الرضى موجود لدى معظم ابناء الشعب العراقي من العرب والتركمان والآشوريين واليزيديين وحتى من ابناء الشعب الكردي الذي يدرك الحقيقة والواقع الجغرافي لهذه المنطقة. علما ان معظم القيادات الكردية يرددون في مقالاتهم ولقاءاتهم بان يكون العراق موحدا وديمقراطيا وان يحفظ حقوق جميع مكونات الشعب العراقي من خلال الدستور الذي نترقبه جميعا ونتلهف لرؤيته وفي هذه الحالة اعتقد بانه لا حاجة لنا بالفدراليه ما دام الدستور يضمن حقوق الجميع وبدون أي انتقاص وخلاف ذلك فان في المسألة غاية في نفس يعقوب.
ومن ناحية اخرى فان الاثني عشر سنة الماضية والتي يتبجحون بها كون الغير اكراد يتمتعون بكامل حقوقهم ليست الا اكذوبة تعلموها في مدرسة القائد الضرورة حيث لا تجد شيئا من هذا القبيل على ارض الواقع سوى احزابنا القرقوزية الرابضة في مواقعها الخيانية والشبيهة بالحزب الثوري الكردستاني وشخصيات امثال طه محي الدين معروف نائب الرئيس المخلوع وكل ما يقال عن الحق و الحقوق هو للأستهلاك
اليومي ولتحسين الواقع المزري الذي نعيشه اعلاميا فقط والأمثلة كثيرة والأدلة اكثر على ذلك.
ولنبدأ بالمغدور فرنسو حريري الذي ناضل في الحزب الديمقراطي الكردستاني لفترة تقارب الخمسون عاما وقضى سنين عمره في خدمة قادة الحزب المذكور وكانت النتيجة اغتياله امام منزله في اربيل وتسجيل الجريمة ضد مجهول لكونه مسيحي وآشوري وكذلك الذين سبقوه أمثال ماركريت وماريوالا وادم ويوخنا وغيرهم الكثير فانني اتساءل اذا كان مصير هؤلاء الذين قدموا كل ما يملكون من اجل القضية الكردية هو
الاغتيال فماذا سيكون مصير البقية ممن لا ينتمون اليهم بالتاكيد ليس بافضل من مصير الشهيد فرنسيس يوسف شابو من الحركة الآشورية والشهيد ابونصير من الحزب الشيوعي والشهيد رؤوف من كادحي كردستان وان الحقوق والديمقراطية التي نتمتع بها تكتمل في اغتصاب وقتل الفتاة هيلين ساوة من قبل عزالدين برواري عضو المكتب السياسي في الحزب الديمقراطي الكردستاني والشهداء ادور وسمير وبيرس والبرت
ونينوس وغيرهم الكثير الكثير ام ان ديمقراطيتهم وحفاظهم على حقوق الأخرين تكمن في التجاوزات وتكريد القرى والأراضي الآشورية والتي لا تزال مستمرة لحد الان ام انها في التعينات الذي لا يحق لاحد التعين في الدوائر الا بعد ملىء استمارة الانتماء الى الحزب المذكور (لا فرق بين النظام الصدامي والبارزاني) ام ان الحقوق هي التي شاهدناها في انتخابات مجالس البلدية والطلابية او في الدستور الكردي العنصري الشوفيني الذي تم اقراره من قبل الحزبين الكرديين لمسعود وجلال وغيرها من التصرفات والممارسات والقائمة طويلة جدا.
واثناء زيارة مسوؤليهم للمهجر والأستفسار منهم عن سبب السلبيات والتجاوزات والأضطهاد الذي يعاني منه شعبنا الآشوري تكون الاجابة (بخوا آكام ليه نيه) أي والله لا علم لي بذلك ولكننا سنقوم بالتحقيق والتحري عن ذلك فور عودتنا وسنتخذ الاجراءات اللآزمة وسنحاسب المسوؤلين عن هذه التصرفات ولكن للأسف تبدأ جولة جديدة من الأضطهادات والتجاوزات وبصورة ابشع من سابقاتها حال عودتهم ولا نشعر
بأي فرق بما كان سائدا ايام صدام التكريتي وايام مسعود البارزاني وبالتحديد هذه الايام التي يتجول فيها ازلام مسعود وحزبه العنصري على القرى والقصبات الآشورية وداخل المحافظة بيتا بيتا لجمع اكبر عدد من التواقيع الآشورية المطالبة بالفدرالية مع التهديد المبطن للحصول على النسبة المعروفة في الدكتاتوريات العربية وهي ٩٩. ٩٪ ليقدموها الى الامم المتحدة ومجلس الحكم والامريكان ويثبتوا للعالم بان جميع سكان المنطقة وعلى اختلاف قومياتهم موافقون على الفدرالية الكردية و في الحقيقة تجد جميع الآشوريين والتركمان واليزيديين اضافة الى الكثير من الأكراد غير موافقون على مطالب الحزبين الكرديين المتسلطين على رقاب اهل المنطقة , اضافة الى كون المناطق التي يطالبون بها غير كوردية والتاريخ يثبت ذلك وان ما اصاب الآشوريين خلال الاربع عقود الماضية من تكريد وتعريب لمناطقهم وقراهم هو بسبب الحركة الكردية ولكن مع كل هذا نتطلع لبناء عراق جديد مزدهر تسوده الألفة والمحبة بين جميع مكوناته واطيافة بدون تمييز او تفريق ولن نقبل يوما ان يكون للكردى او العربي حقوقا زائدة على الآشوري او التركماني او اليزيدي وعلى أي اساس نرضى بهذه المعادلة العنصرية والتي نحتسب فيها غرباء عن
الوطن في حين نستطيع ان نثبت العكس تماما , ولهذا ندعوا الى عراق موحد ارضا.
مناقشة هادئة لمسوغات إستكرادية
د. علي ثويني*
شعر الكثيرون من العراقيين أن إلحاح الأخوة الكرد على الفدرالية في تلك اللحظات الحرجة من تاريخ العراق يحاكي المثل العراقي (مثل الخرسه يوم عرسها)، فهموم الناس والإحتلال وتسميم الماء وفلول البعث وجملة من جلل المصائب لم تهمهم ليطالبوا بالفدرالية الناشزة، وعلى الطريقة العنترية العروبية. . اليوم. . اليوم وليس غدا.
كانت لي مداخلة في برنامج (أكثر من رأي)على قناة الجزيرة مساء الجمعة ٢٣-ك٢، وورد أسمي خطأ (عوني الثويني)، وارتأيت أن أدون ماقلته في مداخلتي، عسى أن أستجلي بعض الغموض في مسألة الفدرالية، على أن لا يتهمني الأخوة الكرد بالشوفينية أو الرجعية، أو العمالة أو الظلامية. . الخ، ورجائي عدم ممارسة الإملاءات، و مناقشتها بهدوء ودون تشنجات أو صياح على مبدأ "خذوهم بالصياح" أو بالتهديد والوعيد أو ممارسة حركة بهلوانية أنطلقت أخيرا على قدم وساق للعلاقات العامة، أو لشراء الذمم.
ونقر أولا بأن كلامنا هو نقاش بين الأحبة والأخوة وتبقى الكلمة الفصل للأمريكان الذين لهم أجندتهم التي لايفصحون عنها حتما، ولكن دلائلها تظهر للمتبحر. وحتى لو أراد الكرد الفدرالية أو الانفصال فهذا ما يقرره الأمريكان وليس العراقيون بالنتيجة. والذي يزيد الأمر غموضا هو عدم تصريح مجلس الحكم عن نوع الفدرالية التي يناقشها الفرقاء. وراينا الشخصي هنا أن الفدرالية الإدارية للمحافظات مع حقوق ثقافية واسعة هي الصيغة المقبولة من طرف النخبة السياسية والمثقفة، دون الرهان على الرأي العام الذي لم يفهم بعد معناها. أما الفدرالية القومية فقد رفضها العراقيون جلهم ومنهم حتى الطبقة المثقفة قبل أن يرفضها الجيران، وما المظاهرات في المدن العراقية التي شارك بها الجميع اليوم إلا إنعكاس صريح لها. ولا يفوتنا هنا أن نلفت النظر الى أن عنوان"فدرالية" الذي أختاره أخوتي الكرد هو عريض وهلامي وغيبي، وتكمن وراء أجمته الكثير من الحيل الأستكرادية**، التي تعودنا عليها وزرقنا بلقاح ضدها خلال حقبة البعث الكلحاء، التي سوقت الكثير من الشعارات الفضفاضة حتى سأم الناس وملوا، وحفظوا الدرس.
والأجدر هنا تحديد الكلمة أو حتى استعارة مفاهيم أكثر مطواعة ومفهومة، مثل أتحادية البلديات أو أتحاد القوميات العراقية، أو الإدارة الذاتية للمقاطعات. . الخ. وخشيتي في ذلك تسنتد الى معطيات لمسناها خلال ثلاث عقود من الغربة، كنا نسمع فيها الأخوة الكرد عندما يسألهم سائل من أين أنتم فيجاوبون غريزيا من كردستان دون زيادة. واليوم وقد نزل عليهم وحي العراقية وأصبحوا عراقيين أكثر من العراق نفسه، مما يثير الريبة فينا بعملية "إستكراد" إنفصالية، لا نرضى عنها مجمعين ودون أدنى مجاملة أو تدليس. و يجب الإقرار هنا أن ليس كل الأكراد مؤمنين بذلك الحل فثمة الغالبية الصامته أو (العراقجية) الرافضين، والذين عانوا ومازلوا الويلات من أخوانهم من غلاة الكرد أو (القومجية). وعلى أي حال فثمة مسوغات يطرحها غلاة الكرد أو "القومجية" يمكن مناقشتها بهدوء وهي:
١. المسوغ التاريخي: وهو أن الكرد كانوا منذ الأزل في تلك الأصقاع، وأن الأرض لهم، وهو ما يخالف كل حقائق الدنيا بأن لا يوجد شعب لم يتبدل أسمه أو جسمه، وأقول من تجربتي المتواضعة أن كل الدلائل الحفرية منذ تنقيبات بوتا الفرنسي عام ١٨٤٠ حتى اليوم لم نطلع خلالها على أي أثر أو حضارة اسمها حضارة كردية ملموسة، مما جعل بعضهم يلجأ الى الحضارة الساسانية التي هي فارسية سياسيا وأرامية ثقافيا. ونجد أن كل شئ هنا ينطق بعقل ولسان أكدي ثم اشوري أو أرامي عراقي لايقبل الدحض، وأن المدينتين العريقتين كركوك وأربيل أو (أربع ايل) "الآله الأربعة لم يؤسسها الكرد البته، وبقيت أربيل محافظة على قلعتها وتسميتها المقدسة ثلاثة الأف عام، ولكنها كردت خلال الإثنا عشر عام الماضية الى (هه ولير). ولحين أن نجد اثرا يؤكد مذهبنا هذا في المستقبل، نظن حضاريا أن الحل لهذا اللغط سوف تحسمه مفاجآت معاول الحفريين، وانه من الأجدر ترك الأمر برمته الى المؤرخين والحفريين، وفتح مراكز بحوث خاصة به، وعدم المتاجرة السياسية به. ومن الجدير ذكره أن الحق التاريخي هذا كانت قد سوقته إسرائيل عند إحتلالها لفلسطين، ولم تجد الحفريات أي أثر لدولتهم أو لهيكل سليمان المنشود. وإذا كان "جدلا" الحق التاريخي فيصلا فان الأشوريين هم الأجدر.
٢. مسوغ المظلومية: وهنا نسمع أن الكرد أكثر من ظلمه البعث وصدام، ويكررون جريمة حلبجة والأنفال. . الخ. ونحن متفقون ومقرون على ذلك، وليس لنا أن نعتذر لهم لسببين الأول أننا غير مسؤولون عن جرائم صدام والبعث الذي كان حليف للقومجية الكرد بالأمس، والأمر الثاني والأهم أن كل العراقيين ظلموا، والبعث القومي كان عادلا في ظلمه، وهنا نتسائل:أن كان ما يقابل المظلومية إستقطاع أجزاء من الوطن فأن أهل كربلاء أولى بذلك فقد قتل حسين كامل ١٦ الف في يوم أو يومين عند الإنتفاضة العراقية عام ١٩٩ ١، ولهم فرصة تكوين دولة يأمها من السياح مليونين على مدار السنة ولديهم البساتين والزراعة التي تكفيهم. ثم نقول أن مدينة الدجيل التي سبى أهلها صدام أولى بإعطائهم كل بغداد، وأخيرا نقول أن الفيلية دفعوا ضريبة إخلاصهم للعراق ثلث مليون مهجر واكثر من ٢٠ الف قتيل تشهد عليها المقابر الجماعية، واليوم لم يذكرهم أحد، أو يعطهم منصبا أو وزارة أو يستقطع لهم وطنا وأرضا، ولو أن العراقيين وهبوا للفيلية كل عائلة طفل وفلذة كبد من أبنائهم، وهو أغلى من المال حتما لا يكافئوهم عن جرائم البعث ضدهم، وإذا كان الثمن الأرض فكل أرض العراق لا تكفي لتعويضهم.
٣. مسوغات الواقع السكاني الراهن وجرائم التعريب: ويدور حول كون الكرد يشكلون أكثرية في بلدة أو أنهم متواجدون في منطقة يشفع لهم أن تشملها كردستان بما يطلقون عليه اصطلاح "الكردستانية". ونقول لهم أن ديدن البشر كان ويبقى بالانتقال الى حيث الرزق والكسب الوفير مثلما رحل الناس للخليج ووطأت أقدام الشاميين أمريكا اللاتينية، فما بالكم إذا كان الانتقال داخل البلد الواحد، ونقصد الهجرة العربية أو غيرها الى كركوك التي حدثت إبتداءا من الثلاثينات لما كان يتوفر بها من مصادر الكسب. فهل يعلم الأخوة الكرد الكرام أن ربع بغداد يقطنها الأكراد وثمة مئتي ألف كردي في البصرة وأن أعداد معتبرة منهم حتى في الرمادي، سعيا وراء الرزق، فهل يعقل أن نصنع لهم جدر برلين كردستانية ليطمئنوا على حالهم ومستقبلهم.
ونعلم جميعا أن جل بلدان الدنيا تهب المهاجرين الجدد جنسيتها بعد خمسة أعوام، فنتسائل أليس يستحقوا هؤلاء المساكين جنسية كركوكية وشهادة حسن سلوك بعد نصف قرن من التزاوج والتوالد هناك. هب يا أخي أن الحل يكمن في إرجاعهم على أساس أن مجيئهم كان من جراء سياسة التعريب البعثية كما يدعون، وهنا نطلب منهم مراجعة كل قرارات البعث ومنها الحكم الذاتي في ١ ١ أذار ١٩٧٠ الذي سنه البعثيون بصفقة إبليسية بينهم وبين برزاني، حينما ساعدهم على الإطاحة بسلطة الجمهورية، و ثار بهلوانيا، وشغل ثمان فرق عسكرية عراقية في المنطقة الشمالية من أصل اثنا عشر، ليترك خواءا دفاعيا يحيط بسلطة الزعيم قاسم الذي سهل على البعثيين إستثمارها، وبالمقابل تعهدوا له بتنازلات الحكم الذاتي. لقد أعطى البعثيون ما لايملكوه من جيوبهم السخية، دون الرجوع لرأي الشعب أو من خلال التخويل عبر صناديق الإقتراع، وهو ما يعطيه صفة البطلان من الجوهر، وبحسب القاعدة الشرعية والفقهية فأن كل ما يؤسس على باطل فهو باطل. وبذلك فالحكم الذاتي الذي تستند عليه وتسترسل منه مطالب الفدرالية هو باطل.
٤. مسوغ أن الفدرالية أقرتها قوى المعارضة العراقية خلال مؤتمراتها في فيينا وبيروت وصلاح الدين ولندن. . الخ. فان المعارضة كما هو معروف تمثل نخب سياسية وتجمعات ومصالح لا يمكن الإستناد الى حساباتها وإتفاقاتها في أمر يهم الوطن فقط. فمن خولهم وهو مشردون، وكيف مثلوا صوت الشعب وهم لائذون الفرار. وحتى لو مثلوا صوت الجاليات المهاجرة، وأنا واحد منهم منذ ثلاث عقود، وهذا غير واقعي فانه غير كاف لإتخاذ مثل هكذا إتفاقات. كل ذلك يدخل في باب الصفقات والمصالح التي لا يعلم عنها سواد الشعب الأعظم.
٥. مسوغ الفترة التسعينية التي تمتع بها الكرد من ظلم صدام، وهي فترة ذهبية تمتعوا بها بالحرية وكذلك بموارد النفط العراقي، دون حصار أو يشاركوا في المقابر الجماعية، ويتقولون اليوم بان كان لهم إمكانية الإستقلال ولكنهم رفضوا"هكذا". ونريد أن نعلم الأخوة أن تمتعهم بهواء الحرية كان قدرهم الذي أرتاه الأمريكان، لعزل صدام أو ربما الحصول على موطأ قدم أو التجسس على الجيران، ولكن ليس حتما حبا بالكرد أو عطفا على مظالمهم، فهم يقرون أن الجنوب ظلم أكثر من الشمال. وإذ أؤكد أن وفد من الكرد (ومنهم الأخ ع. ح) طلب لقاءا مع وزارة الخارجية السويدية، لبحث إمكانية فتح مكتب إرتباط أو قنصلية أو سفارة كردية. فكان رد السويديين حازم بانهم وطأوا خطوطا حمراء لا يمكن التمادي بها. وهذا يعني أنهم كانوا أبعد مما يسوغوا من إمكانية الانفصال.
٦. مسوغ العداء التركي والفارسي القومي لهم والذي جعلهم يتكتلون سدا ضد الفدرالية، وهذا محض ديماغوجية، فقد كان الطلباني صديقا حميما لإيران ثم اصبح حميما لتركيا، حتى نتذكر تصريحه في نهاية التسعينات عندما تمنى من تركيا أن تقبل دخول أقليم كردستان العراقي من ضمن ممتلكاتها، وأن يكون ذيلا أمينا لها، وكم يتمنى أن يكون مواطنا تركيا ويستعمل الليرات التركية في كردستان. أما البرزاني فقد لعب على جميع الخطوط فتارة صديق لتركيا وتارة صديق لصدام ثم شهر عسر مع إيران، فكيف تحول هذا العشق اليوم الى عداء قومي سافر ودفين منذ القدم.
وفي السياق ذاته فأن حملة شعواء يشنها غلاة الكرد على الأخوة التركمان ويسوغوا تاريخ ورودهم الى العراق أو عددهم أو كونهم بقايا العثمانيين، بانها تنفي أي حقوق لهم. وطبعا كلها حجج واهية، فالتركمان شريحة عراقية مرموقة، و لم تتبنى يوما دعاوى إنفصالية مثل الكرد بالرغم من حضورهم الغني في التاريخ من خلال دول مشهودة ومعتبرة، وكانوا دائما عراقيين لذا تحملوا إزدراء بعض الطورانيين من غلاة الترك، ولم يفتعل أحدهم ممن قابلناه في المهاجر بأنه لا يتكلم العراقية مثل الكرد. وللحقيقة نقول أن نصاب تركمانستان "لاسامح الله" أكثر واقعية من كردستان، بسبب وجود دولة أسمها تركيا تضمهم الى صدرها، ولكنهم أبوا ورفضوا لسمو سجاياهم العراقية.
كل تلك الحقائق تستجلي في حيثياتها حالة من الاختلاف في وجهات النظر وصلت الى حاجة لصحوة عقل ومنطق، مفاده أن الأمريكان جاءوا من أجل النفط، وهاهم حصلوا عليه في كركوك، فماذا يجبرهم على تقاسمه مع الكرد، إلا من باب الصدقة التي هي ليس من أعرافهم أو في أدبياتهم، أو هم سذج، و التي لا نظنها متوفرة في عقلية اليهود المسيرين لسياساتهم الإبليسية.
ولا يمكن هنا التدليس وتقبيل اللحى على الطريقة العروبية أو كما كانت قبلة الطالباني على كتف صدام، أو لقاء البرزاني به وهو مطأطأ الراس، أو الاستناد الى تصريح يصدره فلان أو علان ليصبح دستور، فالأمر جلل ويمكث وراءه مصير أمه أسمها الأمة العراقية وبلد اسمه(ميزوبوتاميا) وليس ترقيع (أيالات) تأسس منذ ثمانية عقود كما يذهب بعض الأخوة المغالين من الكرد الذي يقرأون التاريخ بالقسمة على مئة. وهنا نخلص الى أن صندوق الإقتراع هو الفيصل والحكم وليس نزوات الساسة وقرارات مجالس هنا أو هناك على طريقة مجلس قيادة الثورة البعثي، مع إحترامنا الكبير لمجلس الحكم.
*معمار وباحث عراقي
** صيغة الإستكردا يستعملها القوم في مصر وبعض الشام دون العراقيين، وتعني الإستغفال والأستخفاث بعقل المقابل.
الأكراد بين الفرصة التاريخية والخطأ التاريخي
حسين العودات - السفير اللبنانية
تعتقد أحزاب كردية وتيارات سياسية كردية عديدة أن الظروف التاريخية الراهنة في العراق والمنطقة والعالم تشكل فرصة تاريخية للشعب الكردي ليحقق بعضاً من أهدافه ابتداء من أن ينص القانون الأساسي (الدستور المؤقت) الذي سيصدر في العراق بعد شهرين على فيدرالية قومية في العراق يمكن تطويرها إلى كونفدرالية في الدستور الدائم تؤهل الشعب الكردي في كردستان العراق لإعلان الانفصال والاستقلال في أي وقت لاحق عندما تتوفر شروط مناسبة، وفي ضوء ذلك تقدم الحزبان الكرديان الرئيسيان إلى مجلس الحكم المؤقت في العراق بمشروع هذه الفيدرالية، وأصدر الحزبان بيانات وكتب السياسيون مقالات حول هذا الأمر طالب بعضها بإعلان العصيان المدني إن رفض المحتل الأميركي ومجلس الحكم المؤقت هذه الاقتراحات، وأصدرت أحزاب كردية أخرى في البلدان المجاورة بيانات مماثلة وأثيرت المشاعر القومية لدى أبناء الشعب الكردي في كل مكان، وكادت تنحي جانباً الظروف والشروط السياسية وغير السياسية القائمة ويتم تجاهلها لحساب وهم المشاعر القومية التي يوحي بعضها بالتعصب والعنت، وربما يشكل بعضها الآخر رد فعل على العذابات التاريخية والظلم التاريخي الذي تعرض له الشعب الكردي وما زال يتعرض له من ظلم ذوي القربى وظلم السياسات الدولية خلال مايقارب مئة عام، والكل يعتقد أن اللحظة التاريخية والفرصة التاريخية قد حانتا ولا ينبغي إفلاتهما.
بادئ ذي بدء إن للشعب الكردي الحق بتقرير مصيره وإقامة دولته شأنه شأن كل شعوب الأرض، ولا يحق لأحد أن ينكر عليه هذا الحق، ويمكن فهم وتفهم طغيان المشاعر القومية لدى شرائح من هذا الشعب، ولكن هذا لا يبرر مواقف الحزبين الرئيسيين في كردستان العراق وبعض التيارات السياسية الكردية خارجها في أن تصاب بلوثة الاستسلام للأماني والمشاعر القومية (مهما كانت محقة) وتجاهل الظروف السياسية المحلية والإقليمية والدولية القائمة وعدم أخذها بعين الاعتبار والاستفادة منها في ظروف الزمان والمكان لتحقيق ما يمكن تحقيقه، دون الوقوع في مطب المغامرات والتأسيس لأحقاد مقبلة مع الشعوب الشقيقة الأخرى وخسارة ما كان يمكن كسبه، أي لا ينبغي لهذه القوى السياسية الخروج عن اللعبة السياسية والشرط الموضوعي دون تبصر، وإيقاع الهزائم ثم الظلم بالشعب الكردي مرة أخرى كما حصل خلال القرن الماضي.
من المهم أن يتذكر أبناء الشعب الكردي أنهم خسروا رهاناتهم على الأجنبي طوال تاريخهم، فقد خدعهم البريطانيون قبيل وأثناء وبعد معاهدة سيفر (وقطعوا الحبل بهم) وخدعهم الحلفاء قبيل نهاية الحرب العالمية الثانية عند إعلان جمهورية مهاباد، وخدعهم الأميركيون والإسرائيليون وشاه إيران بعد ثورة ١٩٥٨ في العراق ثم بتوقيع اتفاقية ١٩٧٥ بين الشاه وصدام حسين، وخدعهم الأميركيون مرة أخرى عام ١٩٩ ١ عندما حولوهم بعد حرب الخليج الثانية إلى مطية وأدخلوهم عاملاً في استراتيجيتهم في المنطقة وها هم يوظفونهم الآن في تنفيذ سياساتهم التي لا يعرف أحد أبعادها، وخرجوا من كل (تحالفاتهم) السابقة صفر اليدين، وما من سبب يقنع أن رهانهم الحالي على الأميركيين سيحقق آمالهم.
مرة أخرى للأكراد الحق بتقرير مصيرهم، ولكن ذلك ضمن الظروف الإقليمية والدولية ويرتبط ارتباطاً وثيقاً بمواقف دول قريبة وبعيدة ومصالحها، وبتوازنات إقليمية ودولية لا يمكن تجاهلها أو تخطيها، وهي وإن كانت لا تبرر حرمانهم من حق تقرير المصير لكنها تشكل عاملاً أساسياً في الوصول إليه، وعلى رأس هذه الظروف فهمها واستيعابها والتواصل العاقل والمتعقل والمتوازن مع دول المنطقة في إطار احترام مصالح الجميع (وظروف الجميع) وأخذها بعين الاعتبار لا الاستقواء بالقوة العظمى أو بعدو الجميع الخارجي واقتناص فرص تحت خيمة الاحتلال، لأن ذلك يؤسس لأحقاد بينهم وبين الشعوب الشقيقة لن تكون في النهاية لصالحهم، فينتقل عداء الأنظمة التاريخي لهم إلى عداء مع الشعوب، وهي طامة كبرى ستقع نتائجها أساساً عليهم أكثر مما تقع على رؤوس أشقائهم، ويتأسس عداء بين الشعوب لا يريده أحد.
يزايد كل من الحزبين الرئيسيين في كردستان العراق على الآخر، في طرح مشاريع ترضي مشاعر الجماهير الكردية دون أن تكون واقعية أو موضوعية، وتهدف لكسب (العامة) بغض النظر عن فائدتها لحقوق الشعب الكردي، وكلنا يعلم أن الحزبين عجزا عن إقامة إدارة واحدة في كردستان منذ عام ١٩٩ ١ حتى الآن، وشكلا (دولتين ومجلسين وجيشين وإدارتين) وتحاربا، فكيف يمكن ان نصدق الآن أنهما يعملان فعلاً لمصلحة الشعب الكردي وليس لمصالح ذاتية (لزمرة من الزعماء) أو المتطرفين حتى التهور من التيار القومي الكردي.
لقد ارتكب الساسة الأكراد منذ سقوط النظام السابق عديداً من الأخطاء، فأطلقوا الميليشيات الكردية (البيشمركة) على المدن المتاخمة لكردستان، وصادروا البيوت والأموال وقتلوا الناس واستبدوا بهم، وشكلوا إدارات محلية أغلبيتها كردية على سكان أكثريتهم من غير الأكراد، ووزعوا خرائط توصل حدود كردستان العراق إلى بغداد، وطالبوا بحق الفيتو على قرارات الحكومة المركزية المحتملة، وعادوا للتاريخ لإثبات ما لا يمكن إثباته، وتصرفوا كالمحتلين تماماً تجاه السكان، ووصل الوهم ببعض السياسيين الأكراد أنهم سيحكمون العراق (ويكرّدونه)، وحولوا المسألة إلى ما يشبه الانتقام من الشعب العراقي وكأنه هو الذي ارتكب الجرائم بحقهم، ووصل التهور والاستفزاز ببعض القادة الأكراد إلى تهديد قادة أنظمة سياسية في دول مجاورة، وارتكبوا كثيراً من أعمال (الجنون السياسي)، وتجاهلوا أن كل الشروط القائمة مؤقتة، وأنه من العبث السياسي اعتبار اللحظة الراهنة لحظة دائمة.
لعله من حسن الرؤية السياسية أن يساهم الأكراد في العراق مع أشقائهم الآخرين في العمل الجاد والمسؤول لإقامة عراق ديموقراطي موحد يضمن لهم حقوقهم، كما يساهمون في إقامة أنظمة ديموقراطية في البلدان التي يعيشون فيها تضمن لهم آجلاً أو عاجلاً حقوقهم الثقافية والسياسية تمهيداً للوصول لحقوقهم الأخرى، وأن لا يقع أكراد العراق في مستنقع الوهم والاعتقاد أنهم طلائع تحرير كردستان في (تركيا وإيران وغيرهما) وإقامة الدولة الكردية. ومهما كانت مشروعية هذا الهدف فالأمر يتعلق بتوازن القوى والشروط المحيطة وليس بالمشروعية وحدها أو بالألاعيب السياسية، وإذا كان ذلك كذلك فلماذا الوقوع في الخطأ والتأسيس للأحقاد والجري وراء المشاعر القومية ووهم القوة بالتعاون مع المحتل وتشويه عدالة القضية الكردية وقطع الطريق الموصلة للأهداف.
إن أنظمة ديموقراطية في البلدان التي يعيش فيها الأكراد والتعاون الوثيق والمنسق والجاد مع تياراتها السياسية الأخرى وشعوبها هو الكفيل بالوصول إلى حقوقهم المشروعة التي لا توصلهم إليها لا المغامرات السياسية ولا (المشطرة السياسية) واللعب على الحبال والتعاون مع المحتل.
إنها فرصة تاريخية للنضال المتعقل لا المغامر، وإلا تحولت إلى خطأ تاريخي لا تحمد عقباه.
ألا يتذكر الاكراد كيف انتهت دولة مهاباد؟
بارزان جمشيدي
بينما اظهرت كردستان العراق تطورا كبيرا منذ عام ١٩٩١ وبمساعدة قوات المطرقة، ادي التطور السياسي لاكراد العراق واعتبارا من عام ٢٠٠٣ الي هدر الدماء. واخذ يؤثر سلبا علي العلاقات الكردية ـ العربية، والكردية ـ التركية، والكردية ـ الشيعية وكذلك الكردية ـ الفارسية. لقد واصل الطالباني خاصة قبل الاحتلال الامريكي علاقاته مع نظام صدام علي المستوي السياسي اساسا ومن أجل مصالحه التجارية نوعا ما. وقبل الاحتلال كان لاكراد العراق خطة ومشروع حول الفيدرالية ايضا. فلو لم يتعرض العراق للاحتلال الامريكي وانهار نظام صدام نتيجة تحركات داخلية وجرت مخططات لانشاء دولة فيدرالية بتوافق العرب والشيعة في الجنوب، لما كانت هناك مشكلة الشرعية من الناحية الحقوقية والسياسية.
الا ان الاخبار الاخيرة تشير الي ان مخططات القيادة الكردية في العراق اخذت تتسبب في عدم ارتياح حتي لدي حاكم الاحتلال بريمر، بحيث شرعت سلطات الاحتلال بالقبض علي مسؤولي الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الوطني الكردستاني في مدينة كركوك. كما ان استقبال المسؤولين الامريكيين (غارنر وبريمر) كالابطال والمنقذين في القري الكردية كان منظرا مأساويا. ان الاكراد يؤمنون في انهم يتمكنون من ملء الفراغ السياسي الذي تولد نتيجة الاطاحة بنظام صدام في العراق، وذلك عن طريق موافقة الولايات المتحدة الامريكية او غضها النظر عن ذلك. ولو تتذكرون ان البارزاني والطالباني توجها الي بغداد عقب سقوطها وفتحا لهما مكتبا في العاصمة العراقية. ان هذه الرغبة في تأسيس السيادة التي لا يمكن ان يتقبلها بسهولة بقية الشركاء في هيكل فيدرالي، باتت عاطلة بالضغوط الامريكية. واحتمال آخر لم يحسب له الاكراد، هو سقوط ادارة بوش من البيت الابيض خلال الانتخابات القادمة. فلو كان تأسيس الحرية والخلاص والديمقراطية والسلام والهدوء وتأسيس دولة اتحادية او فيدرالية وحتي منطقة ذاتية لو كانت جميعها تتحقق بالاستناد الي الولايات المتحدة، لكانت اليوم اسرائيل اجمل وافضل بلدان العالم. ان الحرية والخلاص مفهومان قيمان اكثر من ان يتم تركهما للآخرين، الا يتذكر الاكراد ان تمرد جبل اغري قد اخمد بمساعدة ايران، وانتهت جمهورية مهاباد بصمت السوفييت. وكان اتفاق مماثل قد جري بين الملا مصطي البارزاني وغولدا مائير رئيسة وزراء اسرائيل انذاك. فعندما تتفق مع الولايات المتحدة الامريكية ستجد امامك العرب والشيعة بطبيعة الحال. ولكن عندما تقف ضد بغداد وانقرة وطهران ودمشق، فهل ان الولايات المتحدة الامريكية هي التي ستكون الي جنبك ومن ورائك؟ ان سياسة الاكراد الحالية واجراءاتهم المؤيدة للامريكان نابعة من وجهة نظر قصيرة المدي جدا. فعندما تضطر الولايات المتحدة الامريكية غدا الي الانسحاب من العراق فالي متي سيدوم بناء يستند الي تواجد المحتل؟ ان بذور الصراع الوطني والاثني يتم نشرها بسهولة في الشرق الاوسط. والاكراد يجب ان تكون لديهم بعض الدروس التي يتعظون منها بسبب الحرب الاهلية بين البارزاني والطالباني. ويفيد مسعود البارزاني في مقالته الشهيرة: اننا نحارب منذ عشرات السنين وقدمنا الآلاف من الشهداء وعانينا الاما كثيرة فلم نقم بكل ذلك من اجل فيدرالية علي اساس الولايات. فهل تم تقديم كل هذا النضال والخسائر من اجل الانضمام الي صف الولايات المتحدة الامريكية والانعزال عن المنطقة وكسب اعداء جدد؟
الفيدرالية في العراق هاجس يحمله أردوغان إلى واشنطن
هدى الحسيني
يحذر بعض المراقبين من احتمال ما قد تتعرض له تركيا في المستقبل، وينطلق هؤلاء في تحذيرهم هذا مما يجري او سيجري في العراق، على اساس ان الفيدرالية حسب المفهوم التركي تعني تقسيم العراق، وما قد يترك من تداعيات على وحدة تركيا. وقد تكون هذه المخاوف مبالغا فيها، غير ان انقرة، القلقة على مستقبل عراق غامض حتى الآن، بدأت في تكثيف اتصالاتها الديبلوماسية، فاذا كانت واشنطن مشغولة بأزمتها مع آية الله علي السيستاني ومطالبه بانتخابات عامة قبل نقل السلطة الى حكومة عراقية انتقالية، فقد رأت تركيا ان تنشغل هي بمستقبل الاكراد، لا سيما بعدما سمعت رد فعل عبد العزيز الحكيم، الزعيم الشيعي المؤثر القريب من السيستاني وأحد اعضاء مجلس الحكم العراقي.
وصل عبد العزيز الحكيم الى تركيا في الثاني عشر من الشهر الجاري، وأجري له استقبال كبير، ورغم انه ليس الرئيس الحالي لمجلس الحكم العراقي فقد استقبله رئيس الوزراء، رجب طيب اردوغان، وكذلك وزير الخارجية عبد الله غول. لدى وصوله صرح الحكيم بانه ضد الفيدرالية في العراق القائمة على التوزيع العرقي. وفي لقاء مغلق بينه وبين اردوغان، كان رئيس الحكومة التركية واضحا عندما قال، ان الدول المجاورة للعراق ستتدخل لمنع تقسيمه حسب الوجود الاثني، وانه سيتم توقيف الاكراد عند حدهم اذا ما رغبوا في تحقيق طموحهم بالسيطرة على المناطق الغنية بالنفط في الشمال، وبالذات منطقة كركوك. ويبدو ان رد فعل الحكيم لم يكن حسب التوقعات التركية، بمعنى رفض الفيدرالية بالكامل. فهو عندما طُلب منه التعليق حول التحرك الكردي في اتجاه الفيدرالية اجاب: «ان وجهات نظرنا تلتقي مع تلك التركية. اننا نريد الديمقراطية للعراق وهذا ما تريده تركيا ايضا»! ولما شعر بان هذا التعليق لم يثلج قلب القيادة التركية، اوعز الحكيم لاحد المرافقين له للتصريح للصحف التركية بان الشيعة في العراق، والسنّة العرب، اقنعوا الاكراد في اجتماع اربيل بان يخففوا من مطالبهم بالنسبة الى كركوك وحتى بالنسبة الى الفيدرالية.
وحسب المعلومات، اتفقت الاطراف العراقية على ان المناطق الشمالية الخاضعة الآن للزعيمين الكرديين مسعود البرزاني وجلال الطالباني تبقى على حالها وتحت حكمهما حتى عام ٢٠٠٥، اي حتى يصادق الشعب العراقي، عبر الاستفتاء، على الدستور الجديد، بعدها يصبح شمال العراق جزءا من عراق فيدرالي، اما مصير كركوك فانه سيتقرر بصفته وضعا خاصا. واتفقت الاطراف العراقية على ان حقول نفط كركوك تديرها حكومة مركزية مع الاخذ في الاعتبار حصول الشمال على حصته من عائدات النفط.
منذ بداية هذا الشهر ورئيس الوزراء التركي يكثف الاتصالات والاستقبالات استعدادا لزيارته المقبلة الى الولايات المتحدة، لاعطاء كشف بما لديه والحصول على صورة اوضح، اذا امكن، لتطورات الاحداث على المسرح العراقي. وحتى الآن، لم تتدخل واشنطن لدى الاكراد لمنع تطلعهم الى الفيدرالية. وحسب مصدر تركي، فان اردوغان ذاهب الى واشنطن وفي يده ورقة قوية، إذ سمحت حكومته باستعمال قاعدة انجيرليك الجوية في جنوب تركيا كنقطة تبديل للقوات الاميركية العاملة في العراق. وفي السادس من الشهر الجاري استقبلت انقرة الرئيس السوري بشار الاسد الذي صرح بان تفتيت العراق الى دويلات صغرى هو «خط احمر» لن تقبل سوريا بتجاوزه. بعد ذلك توجه وزير الخارجية عبد الله غول الى طهران، حيث اعلن ووزير الخارجية الايراني كمال خرازي ان البلدين ضد الفيدرالية في العراق، القائمة على اساس عرقي، وابلغ خرازي وزير الخارجية التركي ان ايران تريد قيام دولة في العراق بدل التركيز على الاعراق.
ولأن تركيا مرتبطة بالمؤسسة العسكرية، فقد بدأ الجنرالات يدلون بتهديداتهم، إذ قال نائب رئيس الاركان، ايلكير باسبوغ، ان حماما من الدماء سيتفجر داخل العراق اذا جرى تقسيم السلطات السياسية على اساس عرقي. اما القائد العسكري التركي في ايجه، الجنرال هورسيت طولون، فقد حذر اثناء زيارة الى ازمير من الاخطار التي تهدد تركيا، وقال: ان الفصل العرقي احدى المشاكل التي تهدد تركيا، وهناك من يحاول زعزعة العلمانية والاتيان بحكم الشريعة «ولا احد يمكنه نكران ذلك». اما العراق فقد يتقسم: «ان العراق عاجز عن حماية وحدة اراضيه ونتيجة لذلك فانه سيتقسم، وتقف وراء هذا التقسيم بريطانيا والغرب» ثم اضاف الجنرال طولون: «اننا لن نتخلى عن جمهورية قبرص الشمالية (. . .) البعض يقول ان العسكر لا يحبذون اتفاقا حول قبرص، وهذا ليس بصحيح».
هذه التصريحات، المغلفة بتهديدات معينة، لن تدفع اكراد العراق الى الكف عن المطالبة بالاعتراف رسميا بحكمهم الذاتي، وقد تضطر الولايات المتحدة للعب دور الوسيط بينهم وبين الدول المعنية بمستقبلهم. والاكراد اذكى من ان يطالبوا بالاستقلال التام، فقد وصلتهم النصيحة الثمينة، بان دولة كردية مستقلة في شمال العراق، تعني اسرائيل ثانية في المنطقة، إنما اسرائيل من دون تحالف استراتيجي مع الولايات المتحدة، وهم حتى بمطالبتهم بالحكم الذاتي ضمن عراق فيدرالي لا بد ان يتجنبوا الوصول الى صراع مباشر مع تركيا بسبب مدينة كركوك. وتشعر تركيا بقلق، اذ يشكل الاكراد لديها ٢٠ في المائة من السكان، كما ان لديهم وجودا كبيرا في سوريا وايران. وتتخوف هذه الدول من احتمال ان يؤدي اي اعتراف رسمي بالحكم الذاتي لاكراد العراق الى قلاقل في المناطق الكردية لديها، وهي في الوقت نفسه تكرر انها ستحترم رغبة العراقيين في اختيار شكل الحكم الذي يناسبهم. ويكرر الاكراد بدورهم استعدادهم القبول بعراق واحد مع حكومة لامركزية، بحيث تتمتع الاطراف بحد من الحكم الذاتي، اي يبقى للعراق عملته الموحدة وجيشه الموحد، انما لا تتدخل بغداد في شؤون هذه المناطق.
ولان تركيا من يطلق انذار الخطر، فان عليها ان تجد قواسم مشتركة مع زعماء الاكراد العراقيين، وان يتجاوز الطرفان حوار الطرشان الدائر حاليا. فمنذ صراعاتهم مع نظام صدام حسين واكراد العراق يصرون على ان الحل بالفيدرالية للعراق. تركيا عارضت الفكرة في البداية، لكنها تقول اليوم انها لا تعارض هذا النوع من الحكم شرط ان لا يكون قائما على اسس عرقية ودينية. هذه خطوة ايجابية، والمهم ان يوقف الاتراك اضافة التهديدات بالتدخل. ومن ناحية الاكراد ايضا، هناك بينهم من يرتاح لاثارة الغضب التركي. وقد كان مستغربا ما قاله برهان صالح، احد قادة الاتحاد الوطني الديمقراطي، يوم السبت الماضي عندما شارك في عشاء للصناعيين ورجال الاعمال في انقرة. فهو بعد ان هدأ من روع الحاضرين بقوله «اننا نحترم الدول المجاورة، انما نحن بصدد انشاء دولة تتمتع بعلاقات حسن جوار مع جيرانها، لذلك نطلب من هذه الدول احترام شؤوننا الداخلية»، اضاف: «على تركيا والدول المجاورة الاخرى ان تتذكر ان كردستان العراق تتمتع باستقلالها منذ ١٢ عاما». وكان القادة العسكريون والسياسيون الاتراك غضبوا عندما قال برهان صالح، ان الاكراد يطالبون بكركوك. ربما كان صالح مستمرا في مناورات سياسية داخلية، لكنه بتصريحاته هذه اثار الحساسية التركية تجاه اي كيان كردي في شمال العراق قائم على العرقية. وهناك اكراد آخرون يعلّون سقف تطلعاتهم ويطالبون ايضا بكركوك، مما يثير حفيظة انقرة والتركمان العراقيين، إذ بينما هناك عدد كبير من الاكراد يعتبر كركوك مدينة كردية، فإن العرب، والتركمان بالذات، يقولون إن طابعها كان دائما تركيا. وتجنبا للمشاكل، اقدم الزعماء الاكراد على تقديم تنازلات كبيرة، فهم ومع اصرارهم على ان كركوك كردية، الا ان سكان تلك المدينة سيقررون مستقبلها. لكن هذا لم يمنع المتطرفين الاكراد من التسبب بالمشاكل داخل المدينة، ولم يمنعهم من مواصلة التحرشات. وهناك في المقابل تشدد لدى البعض في انقرة، وبين التركمان العراقيين الذين يريدون المواجهة العسكرية بدل الحوار.
ويؤكد لي صحفي تركي، ان هناك بعض التركمان العراقيين الشيعة المرتبطين برجل الدين المتطرف مقتدى الصدر، وان انقرة تعرف انهم وراء المشاكل التي وقعت مؤخرا في كركوك. ويضيف ان بعض الاشخاص المرتبطين بدوائر معينة في انقرة يقومون بنشاطات تخريبية في كركوك، وفي مناطق اخرى في كردستان قابلة للاشتعال.
ويلفت محدثي، الى الحملة العدائية التي تشنها بعض الصحف التركية ضد اكراد العراق وزعمائهم، وان هناك تشويها للحقائق يستهدف بالذات مسعود البرزاني وجلال الطالباني، ويقول إن ما غاب عن البعض في تركيا هو ان برزاني والطالباني سيلعبان دورا حيويا ليس فقط في شمال العراق بل ايضا في بغداد، كما يجري اليوم، وستكون لهما كلمتهما في شكل عراق المستقبل وطريقة حكمه «وبدل ان نعمل على استبعادهما علينا التقرب منهما»، انما، يضيف، عليهما ايضا بذل الجهود لكبح المشاعر الكردية المعادية للاتراك، لانه، اذا كانا نجحا في تأمين الازدهار والاستقرار لمناطقهما، فان ذلك بفضل تركيا، وكي يحافظا على هذا المستوى في المستقبل، فانهما لا بد ان يحتاجا الى تعاون تركي فعال.
لقد كشفت الحرب على العراق عن انقسام في توجهات السياسة الخارجية الاميركية والتركية، وتحاول انقرة رأب هذا الصدع، وهي لن تغامر في قطع العلاقات نهائيا مع واشنطن بان تشن حملة عسكرية ضد مناطق الحكم الذاتي الكردي، مهما كانت حدودها! واكثر ما يمكن ان يطلبه اردوغان في واشنطن هو عدم منح الاستقلال التام للاكراد. ومن المؤكد ان تحترم واشنطن رغبات انقرة، لان مصداقيتها مع الاكراد لن تتعرض للاهتزاز، ذلك ان كركوك لم تكن ضمن المنطقة الشمالية التي حُظر الطيران العراقي من التحليق فوقها اثناء الحصار على العراق، ثم ان الاكراد عبروا عن نواياهم، وان يكونوا جزءا من كل العراق افضل، إلى حد ما، من استعداء المنطقة كلها ضدهم.
الاكراد أمام مجازر جديدة
عندما تحذر هيئة الاركان العامة في الجيش التركي ان قيام فيدرالية في العراق علي اساس عرقي سيكون صعباً و دموياً، فان هذه التحذيرات مزدوجة، وموجهة الي كل من الاكراد والولايات المتحدة الامريكية التي تحتل قواتها العراق حالياً.
فالجيش هو الحاكم الفعلي في تركيا، ورأي الحكومات المنتخبة يظل استشارياً، وقراراتها لا تدخل حيز التنفيذ الا اذا جاءت متطابقة مع وجهة نظر المؤسسة العسكرية أو غير متعارضة معها. وهذه هي المرة الأولي التي يصدر فيها قرار واضح من المؤسسة العسكرية التركية تجاه محاولات الاكراد فرض الفيدرالية، والتمهيد للاستقلال الكامل عن العراق، مستغلين علاقاتهم التحالفية القوية مع الولايات المتحدة والخدمة الكبري التي قدموها لها لتنفيذ مخططاتها في اطاحة نظام حكم حزب البعث، واحتلال العراق.
الجيش التركي يخشي ان تؤدي الفيدرالية الي الاستقلال، وقيام دولة كردية مستقلة، تكون نواة لكيان اكبر يضم اكراد تركيا وسورية وايران. الأمر الذي سيؤدي الي حدوث اضطرابات في جميع دول الجوار.
ولم يكن من قبيل الصدفة ان يعبر متحدث باسم الجيش التركي عن قناعته بأن القوات الامريكية لا تفعل ما فيه الكفاية للقضاء علي المتمردين الاكراد في مرتفعات شمال العراق، وحث هذه القوات علي القيام بعمليات عسكرية في المستقبل القريب ضد عناصر قوات حزب العمال الكردستاني الذين يخوضون حرباً انفصالية في جنوب شرق تركيا. والخوف من النزعات الانفصالية للاكراد في شمال العراق تحت غطاء الفيدرالية، هو الذي أدي الي التقارب المفاجئ بين سورية وتركيا، وبين تركيا وايران، وصدور بيانات من الدول الثلاث تعارض هذه الفيدرالية.
الاكراد بدأوا الآن يواجهون العداء من جميع الاطراف، لأنهم ارتكبوا الكثير من الاخطاء بعد سقوط النظام العراقي، عندما تعجلوا في اصدار قرارات تجعل من كركوك الغنية بالنفط عاصمة لهم، واقدام بعض العناصر الكردية المتطرفة علي شن هجمات علي السكان العرب والتركمان في كل من الموصل وكركوك.
وبمعني آخر نجحت القيادات السياسية الكردية في توحيد جميع الاطراف الاقليمية ضد ابناء جلدتهم، وطموحاتهم المشروعة في الحكم الذاتي، عندما استفزت مشاعر العرب والفرس والاتراك، ودون ان يكسبوا الادارة الامريكية الي جانب مطالبهم في كركوك.
اعضاء مجلس الحكم، شركاء السياسيين الاكراد في الولاء للولايات المتحدة ودعم احتلالها للعراق، بدأوا يتراجعون عن تأييدهم للفيدرالية، وينأون بأنفسهم عن الاجندة الكردية الخفية الكامنة خلفها، كما ان بول بريمر الحاكم الامريكي في العراق لم يعد متحمساً بالقدر نفسه لهذه الفيدرالية.
قراءة القيادة السياسية الكردية للتفاعلات الاقليمية بعد احتلال العراق، كانت قراءة خاطئة وقصيرة النظر، ويمكن ان ترتد علي شكل مجازر دموية للاكراد اعنف من تلك التي واجهوها اثناء حكم الرئيس العراقي السابق صدام اثناء حرب الانفصال.
تحذيرات الجيش التركي المناهضة للفيدرالية ستقلب كل المعادلات الاقليمية، وهي بمثابة الضربة القاضية لطموحات الاكراد. فعندما تجد الادارة الامريكية نفسها بين اختيار تركيا الحليف القوي والمخلص، وبين الحليف الكردي الصغير والضعيف، فانها قطعاً ستختار تركيا.
ولن يكون مفاجئاً اذا ما ضحت امريكا بأصدقائها الاكراد لصالح ارضاء الاتراك، والشيعة والسنة في العراق ايضاً، وعلي أي حال هذه ليست المرة الاولي التي تتخلي عنهم، والاكراد يعلمون حقائق التاريخ الحديث جيداً
ينعىالجبهة التركمانية
ينعي الجبهة التركمانية الشهيد مهدي بياتلي ممثل الجبهة التركمانية فرع تازه خورماتو الذي إستشهد بأيدي الغدر والخيانه وقد جرح في الحادث السيد حسين مالي مساعد الجبهة بتأريخ
٣۱/ ۱/ ٢٠٠٤
سائلين المولى أن يلهم ذوي الفقيد الصبر والسلوان