لقد حكم البعث وصدام في العراق اكثر من ثلاثون سنة وكان لدور الاعلام الاثر الكبير في أقناع وخدع شريحة كبيرة من الشعب العراقي والعربي والعالم.. وكذلك ممارسة التخويف والترهيب وتضخيم الاحداث والاخبار حيب متطلبات الحزب والقيادة. وهذه الشريحة من الشعب العراقي كان يرى في الرئيس السابق صدام حسين.. كبطل النصر وبطل السلام وقائد العروبة وقائد الضرورة.. والقائد الذي يتحدى الامريكان واسرائيل.. وكان على الشعب ان يقتنع بهذا الكلام والتمجيد من خلال الاعلام المحصور في العراق بالاذاعة والتلفزيون المحلي والمطبوعات الحكومية فقط ! حيث في الماضي لم يكن في اي بيت عراقي جهاز ستلايت لاستقبال البرامج العربية والدولية وكان يمنع دخول المطبوعات الاجنبية. و رغم ان الغرب جعل من صدام خلال السنوات الاخيرة نموذجا للحاكم الدكتاتور الذي ينبغي التخلص منه الا ان هذا الغرب ذاته هو الذي ساعد في مغامرته العسكرية ضد ايران قبل اكثر من عشرين عاما. وكذلك أجتياح الكويت.. ومن ثم القضاء على الانتفاضة في وسط وجنوب العراق عام ١٩٩١..
اذن كان لدور الاعلام والغرب أثر كبير في بقاء صدام وزمرته هذه المدة الطويلة.
واليوم بعد زوال هذا النظام الفاشل وتحرير العراق هناك الامل في عودة الامور الى الاستقرار مهما طال الزمن ولابد ان يعيش اهل العراق في الامان وتحت سقف واحد بكافة قومياته وأقلياته. ومن المهم جدا أن يكون للمؤسسة الاعلامية دور كبير في تحقيق تلك المطاليب. وعلى المؤوسسات الاعلامية العمل حسب المستجدات في ارض الواقع والاستفادة من غياب الرقابة و الحواجز في ظل الحرية. ومحاولة ابراز اوجه الحضارة للعراق. والاستعداد للمواجهة مع اي عمل ارهابي ضد العراق من العملاء والمخربين.
أن من خلال الاعلام يمكن طرح الافكار والاراء ومناقشة الامور المتعلقة بالمستقبل للعراق الجديد ولابد أن يكون النقد بناءا وعلى أسس علمية وثقافية وحضارية وعدم أستعمال كلمات بذيئة والتجاوز على حق أي أنسان طرح أراءه أو قدم نقدا أو عبر عن رأيه في عمل ما.
ان الاعلام في السياسة والنضال هو العمل بنزاهة ووضع النقاط على الحروف وطرح أفكار بناءا تصب في مصلحة الجميع. لهذا نجد ان دور الاعلام في العراق لايزال غير مستقرا وخصوصا بعد غياب السلطة والقانون من بعد صدام وصدور هذا الكم الهائل من المطبوعات من حد وصوب , ولكل حزب و حركة و منظمة سياسية او اجتماعية او ثقافية مطبوعة يومية او اسبوعية. ولكن ليس بالشكل المطلوب والجميع يحاول تسويق وعرض الافكار الخاصه بهم ولاينظرون الى العراق بنظرية موحدة بل كأنه كل مجموعة على شكل عائلة في بيت مستقل !!
لابد اعادة النظر في المؤسسات الاعلامية بصورة عامة وأول نقد هنا للاعلام الجبهة التركمانية. حيث لم نلتمس أي شيء يوحي بتطوير هذه المؤسسة رغم مرور فترة زمنية طويلة على تاسيس الاعلام , وخصوصا من ناحية تاسيس وكالة للانباء ونشر الاخبار والاحداث وأصدار البيانات في المناسبات ولابد ان يكون دورهم فعالا في تغطية النشاطات. وأكبر دليل على ذلك التقصير حادثة أستشهاد المناضل مصطفى كمال يايجلي وأحمد نجم الدين في كركوك واخرون , كان ولابد أعطاء التفاصيل الدقيقة حول الحادث وما حصل وبعد ذلك كشف الحقيقة والجهات الواقفة حول تلك الجرائم. وموقف الجرحى. اين دور الاعلام في المؤتمر الاخير للاحزاب التركمانية في بغداد!!!
هنا لا اريد التقليل من دور هذه المؤوسة حيث يتم اصدار الجرائد ويقومون بطبع العشرات من الكتب للمثقفين والادباء اضافة الى كتب سياسية و ثقافية واجتماعية. ولابد من توجيه الشكر والامتنان لكادر الاذاعة والتلفزيون في اربيل وجهودهم في هذا المجال على احسن وجه.
ومن هنا أقول على المؤسسة الاعلامية للجبهة الاستفادة من مباشرة بث الفضائية التركمانية وعرض مواضيع مفيدة وأجراء اللقاءات مع الشخصيات البارزة وابراز المعالم الاثرية في المناطق التركمانية وعدم التدخل والتطرق في مواجهات ومناقشات لاداعي لها مع الاطراف الاخرى. ولابد من التعاون مع الجميع من أجل عراق جديد.
أن الاعلام بصورة عامة ملك للجميع ودوره حساس جدا. لهذا لابد من أختيار الاشخاص المختصين في هذا المجال. وأن يكون لهؤلاء خلفية جيدة في الواقع السياسي والفكري والادبي. وأن لايكون منحازا لطرف على حساب الطرف الاخر. وأتباع الاسلوب الحضاري في هذا الوضع الراهن.
ونتمنى لكافة الاطراف التعاون والعمل من اجل استقرار الاوضاع في بلدنا العراق. ومحاربة كل صنوف الارهاب وعدم تفعيل الاحداث البسيطة والروتينية بشكل لايوازي الحدث ومن ثم يؤدي الى زعزعة الاوضاع. بل يحاولوا حصر الاحداث والعمل على تجاوز هذه الفترة العصيبة من الزمن في العراق.