دور الملا البرزاني فى مجزرة كركوك – ٣١
شهادة الشهود والوثائق الرسميه العراقيه
لم يكن تركمان كركوك المنتشرين فى أنحاء المدينه يرددون الأهازيج ويرقصون على نغمات الطبول بملابسهم التركمانيه المزركشه إحتفالا بالذكرى الأولى لثورة ١٤ تموز (يوليو) يعلمون أن هذا اليوم سوف يحمل بعد سويعات ذكرى أخرى سوف يتذكرونها بمراره على مر السنين ألا وهي ذكرى إستشهاد نخبه من طليعة المجتمع التركمانى وخيرة أبنائه على يد الزمره الملائيه / الشيوعيه العنصريه الحاقده، ولم يكن تركمان كركوك يتصورون أن تلك الزمره المريضه من حثالات المجتمع وأراذل البشر قد بيتت لهم بليل وعقدت العزم على قتلهم وسحلهم فى شوارع كركوك عشية العيد السعيد، فاحتشد أصحاب النوايا الطيبه فى الشوارع والمقاهي والطرقات وعلى ضفتي خاصه صو يرقصون ويغنون ويدقون الطبول ويتبادلون النكات والقفشات فى سعاده وسرور، وعلى الجانب الآخر كان الملائيون والشيوعيون يعدون العده ويجهزون أدوات القتل والسحل اللازمه لإحلال " ثقافة السلام " التى علمهم إياها كبيرهم. . . كبيرهم الذي علمهم السحر. . . وكان فحوى تلك الثقافه العنصريه أن " كركوك قلب كردستان " وليس قلب العراق ومن ثم وجب إعادة القلب إلى الجسد ولو على أجساد كل فئات الشعب العراقي، وكان أن أعلنوا الحرب على كل طوائف الشعب العراقى بعربه وتركمانه وآشورييه بل وأحيانا بكرده، إذ أن الملائيه البغيضه لم تكن ترحم حتى الأكراد الذين لايشاطرونها فى رؤاها العنصريه ومراميها الإنفصاليه، وهكذا تمكن الفكر الملائي العنصري البغيض من عقول شريحه – وإن كانت قليله – من الممواطنين الأكراد فحولهم إلى وحوش آدميه لايعرفون سوى القتل والسحل والحرق والتدمير. . . عن جرائم الملائيه والشيوعيه بحق تركمان كركوك الأبرياء نواصل عرض شهادات وإنطباعات مختلف شرائح المجتمع العراقي من عرب وأكراد وتركمان وآشوريين ونقدم للقارىء العزيز سطورا مما كتبته الدكتوره فوزيه خاصه صو حول تلك المجزره الرهيبه. . تقول:
". . سنين طويله مرت على هذه الذكرى الأليمه، ذكرى مجزرة كركوك، وكلما تذكرت أحس بنصل السيف يحز فى لحمي كما حز وانغرس فى جسم مدينتي كركوك.
كلما تذكرت هذه الذكرى ورغم إيماني العميق بأن شهدائنا الأبرار أحياء عند ربهم يرزقون، أزداد ألما لأنني أرى بأن ذكرى ١٤ تموز ١۹٥۹ ليست مجرد ذكرى للمأساة التى أودت بحياة نخبه من شبابنا بأبشع طرق البطش والقتل على أيدى المجرمين والسفاحين، بل أن المأساه الحقيقيه هى كونها بدايه للمؤامره الدنيئه التى إستهدفت مدينتى الآمنه المتسامحه الكريمه التى كانت تنام على وئام وإخاء من فيها، هذه المؤامره الدنيئه بدأت مع اطماع الإنجليز فى المنطقه وأخذت شرارتها الأولى تكبر وتنتشر مع تفتق قريحتهم الشريره عن مقولة " فرق تسد " وتلاقت رغبتهم هذه مع مصالح الزمر الشيوعيه فى إستغلال الأقليات العراقيه لتنفيذ مآربهم فكانت المجزره البشعه.
لقد وقع نصل السيف على المدينه وهى تحتفل! صخب الأغاني والأهازيج التركمانيه، مظاهر الزينه، أقواس النصر، بروفات المسيرات، مظهر الملابس الشعبيه التركمانيه التى شهدت حضورا كبيرا وخاصة بين شباب كركوك والإستعدادات التى طالت أياما كانت قد أسبغت على كركوك جوا من البهجه والمرح إنعكس على مسامرات الناس فى الحدائق والمقاهي والساحات العامه لساعات متأخره من الليل.
هوى هذا السيف ليوقظ الناس من أحلامهم الورديه ونقلهم إلى جو مرعب، إلى مناظر الوحوش الممتشقه بالأسلحه والهراوات والعيون المتفجره حنقا وحقدا يحصدون الأرواح ويقتلون ويسحلون ويقضون على كل جميل.
استيقظ الناس الوادعون على خشونة يد عبثت بالمفاهيم وقلبت الموازين وقضت على الأمان كالنار الحاميه، فأكلت اليابس والأخضر وحولتها إلى هشيم، هكذا حل الخوف والرعب وعدم الثقه محل الأمان والائتمان، وودع الناس الوادعون الذكريات الجميله والصداقات القديمه والجيره الخيره وبدأت المدينه تنكمش على نفسها وتتوتر وبدأت تتعود على مفاهيم جديده من الفتن والفرقه والتباعد لذا حلت نظرات الشك والريبه محل الإخاء والتآخى وتحقق لمن خطط للمجزره ما أراد. . "
. . . وهكذا أبدعت الدكتوره فوزيه خاصه صو فى وصف ماحدث فى فى كركوك وقت حدوث المجزره وحالة الفرح والحبور التى كان يعيشها التركمان آنذاك، وحالة الحنق والغضب التى كانت تعتمل فى نفوس العناصر الملائيه والشيوعيه التى لم تشأ أن يظهر التركمان سرورهم وفرحهم بذكرى أعياد الثوره كى يسهل إتهامهم بالخيانه والتآمر على الجمهوريه الوليده، وكيف تمكنت العناصر الملائيه الحاقده من أن تحول هذا الفرح التركماني الغامر إلى مأساه إنسانيه بكل ماتحمله كلمة مأساه من معنى.
(وردت هذه الشهاده فى مقال للدكتوره فوزيه خاصه صو بعنوان: نصل السيف الغادر مازال مشهورا، جريدة صوت التركمان، العدد السابع / تموز ٢٠٠٢، صحيفه رقم ١٠)