دور الملا البرزاني في مجزرة كركوك – ۳٢
شهادة الشهود والوثائق الرسميه العراقيه
قد تختلف الآراء أو تتفق فى بعض تفاصيل ماجرى فى كركوك فى اليوم الرابع عشر من يوليو ( تموز ) ١۹٥۹، وقد تختلف الاراء أو تتفق حول مسئولية هذا أو ذاك عن تلك المجازر
الوحشيه إلا أن الإجماع منعقد حول مسئولية الملا مصطفى البرزاني واتباعه وفلسفته ليس فقط عن مجزرة كركوك بل عن كل مايحمل كلمة ( مجزره ) فى تاريخ العراق المعاصر، فقد كان الرجل دمويا بكل معنى الكلمه، ولم تكن الرحمه تعرف طريقا إلى قلبه، وكان أسلوبه الوحيد واللغه التى يفهما هى سفك الدماء البريئه بغير حق. . عربيه كانت أو كرديه او تركمانيه أو آشوريه تلك الدماء! !
فلقد كان العراق ينعم بالهدوء وتسود المحبه بين مختلف فئاته العرقيه حتى قدومه المشؤوم من روسيا حاملا معه أفكاره الدمويه وأحقاده التاريخيه فحول العراق إلى ساحة معارك ومسرحا لسفك الدماء، وكانت عودته المشئومه هى السبب فيما عانى ويعاني العراق من خراب ودمار وسفك دماء، لقد عاد البرزاني إلى العراق بفلسفه جديده لايزال أتباعه يطبقونها حتى الآن وتقوم هذه الفسفه الدمويه على قتل وسحل كل من يقف فى طريق فلسفتهم العنصريه ومراميهم الإنفصاليه، ويوما بعد يوم يزداد يقين العراقيين والعرب والترك والفرس بأن صعاليك الملائيه كانوا هم السبب الرئيس فى إشاعة الفوضى والدمار والقتل وعدم الإستقرار فى منطقة الشرق الأوسط، فالملائيه قوامها الخيانه والعماله والوحشيه ولايمكن لفلسفه تعتمد هذه المبادىء أن تؤدى لإستقرار الوطن.
عن الملائيه البغيضه التى دمرت العراق فى الماضي ولاتزال تنخر كالسوس فى بنيان علاقات قومياته الأخويه يقول الكاتب والبحاثه العراقي مصطفى على نعمان ما يلي:-
" بعد سقوط مؤامرة الشواف المشؤومة، اندفع عشرات آلاف القرويين الأكراد إلى الموصل، يقتلون، وينهبون، ويسحلون، ويعدمون، مدفوعين بتصفية حسابات مزمنة، وثارات قديمة، كان أقربها إلى الأذهان، واقعة الشيخ سعيد الكردي الذي قتل في الموصل" في بداية القرن العشرين، وبعد بضعة أشهر اندفعت الجماهير الكردية في كركوك، لتعيد المآسي نفسها، لكن بشكل أفظع، فأصبح منذ ذلك الحين، اسم القتل العشوائي، والسحل، والفوضى قريناً لمدينتي الموصل، وكركوك، وألقي اللوم في ذلك على الحزب الشيوعي العراقي، ونظام عبد الكريم قاسم، وأعادت أجهزة الإعلام، الملغومة، الغربية والعربية صياغة الأخبار، وضخمتها، وزوقتها، لتصبح أشبه بحقيقة، لا أريد أن أدافع عن عبد الكريم قاسم، فلقد انكشف كل شيء عن عهده القصير، والمتألق، واتضح أنه أنبل، وأخير، وأفضل حاكم حكم العراق، منذ أن قامت في هذا الوطن أول دولة وإلى حد الآن، وأنه بعيد عن الانتقام، الثأر، القسوة، وأنه ما كان ليؤذي ذبابة، وأن أعداءه هم المعتدون، أما عن الحزب الشيوعي العراقي، فما عرف بعدئذ، وفي الوثائق، أن أعضاءه كانوا في السجون وقت ارتكاب المجازر! فقد ألقى الشواف القبض عليهم قبل أن يقوم بانقلابه، كي يصفو الجو له، وعندما أطلق سراحهم، كان كل شيء قد انتهى! لكنها الدعاية الغربية والعربية التي لم تفتر عن الكذب، والتلفيق، وضخ وتهويل وتضخيم الأمور.
لكن أحداً لم يتهم الأكراد، كل الاتهامات توجهت إلى الزعيم، وعهده، وإلى الحزب الشيوعي العراقي، وجماهيره فقط.
قامت ثورة تموز لتحقق المكاسب لكل العراقيين، من دون استثناء، لكن القوميين العرب المزيفين أرادوها انقلاباً يوزع المكاسب عليهم، عليهم وحدهم، فقرروا تدميرها، واتجهوا يبحثون عن حلفاء في الداخل والخارج، حلفاء الخارج كانوا كثر، كل من يحيط بالعراق، مدّ إليهم يد المعونة، أما في الداخل فكان أقوى حليف لهم البارزاني.
كان البارزاني منفياً لاجئاً في الاتحاد السوفيتي، وكان من المقدر له أن يتعفن، يذوي في الغربة، هارباً، طريدا، شريداً، لا شأن له، يموت في الغربة غير مأسوف عليه، لكن قلب الزعيم الكبير رقّ له، فجلبه، وقربه، وأكرمه، ولم يعلم أنه كان أفعى مجمدة في ثلج روسيا، وعندما أحست بدفء قلب الزعيم، سخنت دماؤها، واسترجعت قواتها، لتلدغ أول من أحسن إليها، وهكذا التقى الأفعيان، ليقذفا سمهما في جسد الثورة، الكردي، البارزاني المسلح، والعربي القومي المزيف بمواقعه في الجيش العراقي.
يعود نفس الشبح الآن، يهدد استقرار العراق بعد تخلصه من الديكتاتورية، ومن نفس المدينتين: الموصل، وكركوك مرة أخرى، كما كان قبل مؤامرة الشواف، ومجازر كركوك.
كان البرزاني مصطفى يردد دائماً: شعاري الاستراتيجي هو التعاون مع الشيطان للقضاء على العرب، التحرر منهم.
كان صادقاً في ذلك، مخلصاً في تطبيق شعاراته، تعاون مع كل شياطين العصر ضد العراق، زار إيران بضع مرات، وزار تركيا، تحالف مع قيادة البلدين العدوين لثورة ١٤ تموز، أما أخطر حلفائه فكانت إسرائيل، وربما لا يعلم الكثير من الطيبين، أن البارزاني زار إسرائيل مرتين، وبكى حينما وجد صديقاً له "يهودياً" في تل أبيب، وجده يبيع الفاكهة على عربة، وكان اليهودي العراقي من المرفهين، قبل أن يهجر العراق، لكن البارزاني مصطفى، الرقيق القلب، لم يبكِ لمرأى القتلى العراقيين من الأكراد والعرب في المعارك، غير المبررة التي قادها ضد عبد الكريم، ثم عقد البارزاني اتفاقات سرية مع مخططي حلف بغداد، وأخيراً تآمر مع البعث المشؤوم، حتى لحظة استشهاد عبد الكريم، والقضاء على الحكم الوطني في العراق، في الثامن من شباط المشؤوم، منهياً عهد النور، والتنوير، ليدخل العراق في ليل طويل، لم يلح فجره حتى التاسع من نيسان.
ظن "البارزاني" أن حلفاءه الجدد سيعطونه ما تمنى، لكنه فوجئ بتغيرهم عليه، بانقلابهم عليه، كانوا هم أيضاً أفاعي مثله، والجنس يعرف جنسه، والأفاعي كالطيور على أشكالها تقع، لم يثقوا به، فقد لدغ بسمه من أحسن إليه ورعاه، فكيف لا يلدغهم؟ ومع الأسف الشديد، توجه هؤلاء القوميون المزيفون بسلاحهم الفاتك نحو الأبرياء من الأكراد، يسحقونهم، يبيدونهم، أما البارزاني فكان في حرز حريز، ثم اتفقوا مع إيران، فضاق الخناق عليه، هرب مرة أخرى، لكن الزمن قد تغير هذه المرة، فلا حليفه شاه إيران، قبله، ولا صديقته إسرائيل، طرده الجميع، فاستقر في أمريكا، حزيناً، حاقداً، يقتله ألمه، ويقبره حقده.
يعود الآن من نصبوا أنفسهم قادة للأكراد إلى الشعارات المفرقة مرة ثانية، يرفعونها في كركوك، المظلومة، وكأنهم يخططون لأعاده مآسي الوحشية التي ارتكبوها من قبل، أفظع هذه الشعارات: هي المناداة بكركوك عاصمة لكردستان، وهي أبعد ما تكون كعاصمة في جميع المقاييس، فلا هي في وسط كردستان، ولا هي خالصة في نوعية سكانها، فكيف تصبح عاصمة؟
لا أدري!
من يذهب إلى أي سوق في كركوك فسيرى أن اللغة في السوق، في الشارع، في كل مكان تركمانية، وبالرغم من أن هذا لا يعني أن الأكثرية من التركمان، لكنه يعني أن هناك غير الأكراد.
من يسير في أي شارع في كركوك يرى الغترة والعقال، اليشماغ والعقال، هذا يعني أن هناك عرباً أيضاً.
في يوم الأحد تسمع أجراس الكنائس، هذا يعني أن هناك مسيحيين، آثوريين، سريان، كلدان. . الخ.
فلماذا تصبح كردية وعاصمة للأكراد وفيها كل هاته القوميات؟
هذه فكرة شوفينية، مفرقة، تحض على الحرب، النزاع، الخصومة بين الاخوة!
إن كانت هناك مدينة ككركوك متعايشة في سلام، فلماذا لا يبقي الجميع على ذلك التعايش؟ لماذا يهشم السلام ويحطم الاطمئنان؟ لرغبة شوفينية أنانية! لماذا تثار الخلافات؟ لماذا يفتعل النزاع؟ لماذا تسمم حياة الأبرياء بالصراعات؟
العجيب الغريب دعوة مفرقي الصفوف هؤلاء، وبكل وقاحة: سنعوض العربي ليرحل من كركوك! أي تفكير سقيم هذا؟ لماذا يرحل؟ هل يريدون أن يتخذ العرب في الموصل، ويقوموا بترحيل الكردي منها، بحجة أنها مدينة عربية مئة بالمئة! هل سيجري ترحيل الكردي من البصرة وهي عربية مئة بالمئة؟ هل سيجري ترحيل الكردي من بغداد وهي عاصمة العراق العربية؟ أي شوفينية متخلفة! بائدة! قاتلة!
لقد أعد قادة الأكراد لهذه المؤامرة عميقة الجذور بذكاء، ودهاء، لكنهم لم يحسبوا حساباً لشركائهم في المواطنة، إخوانهم في الوطن، اعتبروهم لا شيء كما كان يعتبرهم صدام، استغلوا قوتهم، ونفوذهم، كما فعل هو بالضبط، سيطروا بما لهم من قوة وسلاح على دوائر التسجيل العراقي، على دوائر الجنسية العراقية، على دوائر التجنيد، أحرقوا كل الوثائق، ثم أخذوا يسجلون ما يريدون، ظانين أن لا رقيب، ولا حسيب، وبهذا استطاعوا أن يطردوا الكثير من العرب، بدعوى أن لا سجل لكم في المدينة، وعندما واجههم هؤلاء بسندات التمليك، ردوا بأنها مزورة، استفادوا من تجربة إسرائيل استفادة كاملة، فكانوا بحق تلاميذ نجباء.
أهلا وسهلاً باليهود العائدين إلى كردستان! مرحباً بهم، أ هذه الأهلاً وسهلاً خاصة باليهود؟ لماذا؟ لماذا لا تشمل العرب أيضاً؟ والتركمان؟ أ لأن إسرائيل قدمت دعماً للخيانة العراق؟
انظروا إلى أوربا! كيف تآخت بعد انشقاق، واتحدت بعد تفرقة، مئات القوميات، الأديان، الأعراق، إنها الآن في آخر خطوة للاتحاد، ما إن يقبل الأجنبي لاجئاً في أي مدينة أوربية: سويسرية، سويدية، فرنسية. . الخ حتى يعامل معاملة المواطن، وبعد بضع سنين، يصبح مواطنا، يرشح لرئاسة، ولاية، مدينة، منطقة، رئاسة حزب، ينتخب، وينتخب في منصب في الدولة! أما الطفل، أي طفل يولد في أي مدينة أوربية، أمريكية، كندية فيصبح مواطناً في الدولة، وهو لا يعي أي شيء في العالم حوله، يصبح مواطناً حتى لو ولد في طائرة مرت في جو أي دولة! نعم يصبح مواطناً له كل حقوق المواطنة، لماذا لا تكون كل مدن العراق كالمدن الأوربية، تحترم الإنسان، أي إنسان، بغض النظر إلى دينه، قوميته، مذهب، عرقه! إن كان العربي، والتركماني يصبح مواطناً أوربياً بعد بضعة سنين يقضيها في أي بلد هناك، وهي بلاد بعيدة عنه، فكيف يُرحّل عن كركوك وهو مولود في كركوك، وترعرع فيها؟ ودفن فيها قسماً من أهله؟ فما الفرق بينكم وبين صدام؟
لماذا لا نصبح بشراً كالآخرين، نحترم ذواتنا من خلال احترامنا ذوات الآخرين! ولد الإنسان وهو لا يعرف أنه سيكون عربياً أو كردياً، فلماذا تبثون الفرقة، وتثيرون النزاعات؟ لماذا تقفون حجر عثرة أمام حل المشاكل المزمنة؟ أين أنتم من العالم أيها الاخوة الأكراد؟ ما أبعدكم أيها الكاكوات عن المعقولية! لا بل عن الإنسانية! أتريدون أن تعاملوا العرب كما عاملكم صدام؟ بدأ البعث بالشعارات، ثم أعقبها بالتطبيق، وها أنتم أيضاً تبدؤون بالشعارات، وستطبقون المذابح، والقتل، والسحل، وكما فعلتم في الماضي، ستفعلون الآن، المذابح قادمة، مادام هناك من يفكر مثل صدام! فمن سيتدارك الأمر. "
. . . . وهكذا بين لنا الكاتب والبحاثه العراقي مصطفى على النعمان أن الملا البرزاني ( ناكر الجميل ) والحاقد على الجميع والكاره لكل الأقوام العراقيه هو بطل مجزرة كركوك وغن حاولت بعض الأجهزه الإعلاميه تضخيم الدور الذي لعبه الآخرون فى تلك المجزره، وأن فلسفة الملا العنصريه هى التى أشاعت عدم الإستقرار فى العراق وأن هذه الفلسفه هى التى تسعى الآن فى دمار العراق وإشاعة الفرقه بين قومياته بشعاراتها العنصريه ودعاياتها الملائيه الإنفصاليه.
( وردت هذه الشهاده فى مقال بعنوان: أوقفوا المذابح. . إنها قادمه، قضية وقت ليس إلا – منشور على صفحة الحوار المتمدن عدد ٦۹٤ فى ٦٢/١٢/٢۰۰۳ )