دور الملا البرزاني فى مجزرة كركوك - ۳٤/ ق٢
شهادة الشهود والوثائق الرسميه العراقيه
زرع الرعب والخوف في كركوك وبالخصوص بين التركمان باتباع اسلوب الترهيب تمهيدا لاجبارهم ترك المدينة والهجرة منها.
- ضرب الحركة القومية التركمانية بعدما تنفست الصعداء بقيام الجمهورية والتي كانت في اوج قمتها وعظمتها من حيث التنظيم والعمل.
- اشعال نار الفرقة والفتنة بين القوميات وخصوصا بين الاكراد والتركمان عملا بشعار (فرق تسد).
- ضرب ثورة ۱٤ تموز من الداخل مع بعض قاداتها واتهامهم بالخيانة.
- اخماد جذوة الروح الوطنية للثورة وغاياتها بعد وضوح توجهاتها في تحقيق التحرر السياسي والاقتصادي.
- زحزحة الثقة بالجمهورية الحديثة العهد من خلال زج عناصر تنقصها التجربة والخبرة السياسية على مسرح العمل السياسي في ادارة سلطات الدولة.
- جعل كركوك المدنية المغلوبة على امرها المنظوية على نفسها تعيش الحزن وتعاني اليأس والكأبة طوال حياتها لتصبح ضيقة العيش على اهلها. وهذه اصبحت الصفة الملازمة لها بعدما سارت الحكومات المتعاقبة على نفس النهج. . وهذا قلت في بداية حديثي (ويا خوفي من نفاذ دمها وتوقف نبضاتها).
- توخي المخطط من هذه المجزرة اضافة لما جاء بعض النتائج التي تخدم مصالحها تحقيقا لاهدافها السابقة عبر اتهام شركات النفط الموجودة في كركوك بانها المستفيدة الوحيدة من هذه المجزرة وان لها اليد الطويلة في تنفيذها.
ومهما قيل وكتب عن حوادث التاريخ الا ان مفتاح الاسرار يبقى معلقا في عنق صاحب الحدث سواء كان حيا او ميتا، ولان موضوع مجزرة كركوك ۱٩٥٩ يقع ضمن فترة التاريخ المعاصر ويمس بجذوره في خضم الحياة السياسية اكثر من جهة داخلية وخارجية فان التحفظ يصبح حاكما عليه لاعتبارات عديدة، ولكن تبقى حقيقة دور المخطط في تحريك خيوط الشخوص بالشكل المطلوب واضحة للعيان، فقد اراد وكان له ما اراد بضرب اطراف عدة مع بعضها البعض بعد غرس الحقد والضغينة بينها ثم اتهم فئات ونعت جهات وسلط جهات بدءا من الهتافات والشعارات الموجه التي كانت ترددها بعض الالسن بقصد زحزحة الروابط الدينية والوطنية والقومية … وهي تقول (ماكو مؤامرة تصير والحبال موجودة … مالوخ مالوخ دين محمد بطالوخ … جبهة جبهة وطنية فلتسقط الطورانية، وتارة تركمانية …والى اخره من هذه الشعارات المزيفة) حتى صارت كركوك فوق صفيح ساخن تحترق بنار الفوضى باسم الحرية، ونار الدكتاتورية باسم الديمقراطية، ونار الخيانة باسم الاخلاص للوطن، ونار التآمر باسم الوطنية ونار الغدر باسم حفظ الامن، ونيرانا خلَّفت رمادا تُذر على العيون الا عين التاريخ حيث تبقى ثاقبة للاكاذيب والا
باطيل ولسانها يقول … التركمان في كركوك كانوا هم الضحية وبدلالة:-
- استمرارا لمسلسل الترهيب والنيل من التركمان في كركوك كانت مجزرة ۱٩٥٩ احدى الحلقات الدموية التي جاءت بعد مجزرة ليفي عام ۱٩٢٤ ومجزرة كاور باغي ۱٩٤٦ وكلها كانت تستهدف التركمان في كركوك بالذات لمواقفه الوطنية ضد الاستعمار منذ احتلال العراق وتأييده لاعلان الجمهورية.
- جميع من سقطوا شهداء ومُثلت بجثثهم هم من التركمان ومن شرائح اجتماعية مختلفة.
- المحلات والبيوت وكل الاماكن التي نُهبت وحُرقت تعود ملكيتها للتركمان.
- اغلب الشعارات والهتافات الصادرة كانت موجهة ضد التركمان في كركوك.
- عزل كركوك قُبيل واثناء المجزرة وسد كافة منافذ المواصلات البرية وقطع الاتصالات السلكية واللاسلكية عليها وبالاخص مع بغداد المركز وغلق ابواب دوائر البريد والهاتف بوجه التركمان. وما المكافئة المالية المجزية وقدرها (٢٠٠٠) دينار انذاك التي خصصت للقبض على المرحوم (الزعيم عبد الله عبد الرحمن) مدير ادارة الفرقة الثانية حيث نجا بنفسه متحديا كل المخاطروالمهالك في سبيل ايصال اخبار المجزرة الى مركز الحكم في بغداد، ولولاه لكانت النتائج الوخيمة اكثر جسامة.
- الاجراءات والحواجز الاعلامية في كركوك حرمت التركمان ابداء شعورهم تجاه الجمهورية العراقية وذلك بمنعهم من نشر برقياتهم في الصحف المحلية او اعلانها من دار الاذاعة كانت مقصودة لطمس اسمهم وولائهم. وبرقية فق٢/استخبارات المرقمة ۱س/۱٤٢ في ۱٩/۱/۱٩٥٩ تؤكد ذلك.
- المذكرة التي قدمها التركمان الى عبد الكريم قاسم بتاريخ ۱٨/٧/۱٩٥٩ برهان قاطع على المظالم التي وقعت على التركمان قبل المجزرة باجراءات تنفيذها ضدهم.
- استغلال نص المادة الثالثة من الدستور المؤقت والتركيز على جزء من تلك المادة (العرب والاكراد شركاء في الوطن) ضد التركمان بزعم ان الدستور لم يقر حقوقا للمواطنين التركمان.
- العمل على خلق اجواء ملبدة في القرى والاقضية التركمانية التابعة والمجاورة لكركوك والتغلغل اليها من خلال تلك الاجواء بعد زرع النفوس الضعيفة فيها، ولكن الفشل وخيبة الامل كان نصيبهم بعد افساد مخططهم بعد قطع طريق الاتصال البري والسلكي عليهم بالاضافة الى السيطرة واخفاء البرقيات التي كانت تصل الى دوائر البريد الموجودة في مراكز الاقضية والنواحي وكما حصل في التون كوبري. وكذلك الحال بالنسبة الى الاستعدادات والاجراءات التي اتخذت في اربيل حيث تم افشالها بعون الله وابنائه المخلصين التركمان.
- استقدام جماعات غير رسمية وغير تركمانية الى كركوك قُبيل اندلاع شرارة المجزرة لاستخدامهم عند الحاجة.
- نشر شائعات متعمدة مغرضة، مفادها ان كارثة خطيرة ما ستقع يوم ۱٢ تموز ضد التركمان، وان مروره بسلام يطمئنهم على عدم جدوى تلك الاعمال لاجل ايقاع عدد اكبر من الضحايا.
ـ ان منع التجوال الذي صدر من فق٢ وبامر قائده داود الجنابي شمل التركمان فقط وما عداهم يصولون ويجولون في شوارع كركوك قبل واثناء المجزرة.
تشكيلة مسيرة الاحتفالية التي بدءت تطوفشوارع كركوك كانت تركمانية صرفة، رجالا نساءا واطفال وهم يرتدون ازياء فلكولورية رافعين شعارات مؤيدة للجمهورية معلنين كما كانوا عن ولائهم واخلاصهم للوطن. وان عدم مشاركة الاخرين معهم في تلك المسيرة برهان قاطع على وجود نيات مبيتة ضدهم.
ـ العوائل التي توجهت الى بغداد واربيل مهاجرة بعد شهور من المجزرة كلها كانت تركمانية، ولازالت تستذكر اسباب هجرتها. وسكنة الاعظمية وراغبة خاتون يأتون في مقدمة هؤلاء.
ولعل ما يثير التسائل بعد عودة الحياة الى شبه طبيعتها بقدوم القوات العسكرية من بغداد واستلامها زمام المحافظة على الامن في المدينة تعالت الاصوات ومنها بعض الصحف المحلية منادية بادانة القائمين بتلك الاعمال المنافية لابسط مقومات الانسانية وحقوقها ناهيك عن زحزحة الاستقرار وطعنها لسياسة الدولة ونظامها مطالبة باتخاذ اجراءات قانونية بحقهم، وامام شتى الضغوط المحرجة لمواقف النظام السياسي وخوفا من فقدان ثقة جماهير الشعب بالحكومة من ناحية واستجابة لتهدئة النفوس من ناحية اخرى جاءت الصريحات على لسان المسؤولين وفي مقدمتهم رئيس مجلس الوزراء انذاك (عبد الكريم قاسم) تجاوبا للامر الواقع بالاعلان عن استنكاره ورفضه للجرائم التي كان التركمان ضحيتها واعدا بانزال اقصى العقوبات للجناة، الا ان تلك التصريحات كانت اعلامية اكثر مما هي قرارات رسمية تستمد قوتها من احكام قانونية لبقائها حبرا على الورق او محفوظة في رفوف ارشيف اذاعة بغداد.
ولعدم صدور رد فعل رسمي من الحكومة المركزية يدخل حيز التنفيذ بحق منفذي المجزرة بعد اجراء محاكمات صورية لهم مما اثار حفيظة التركمان بعد طول الانتظار للوعودالفارغة واجتمعوا حول العرف المتفق عليه باخذ الثار من القتلة المتهمين وفعلا تشكلت لجان الاغتيالات وبدأت خلايا شباب التركمان مع كل غروب الشمس وكل فجر الصباح ينقضون على فريستهم وهم مؤمنون بعدالة قضيتهم وحقهم في الثار عملا بمبدأ العين بالعين والسن بالسن ولكن دون ان يلجاؤا الى اسلوب السحل والتمثيل وبقر البطون.
وبعد انتهاء تلك الحوادث باشرت الاقلام في نشر موضوعات مختلفة في طيات الكتب وصفحات الجرائد والمجلات خصوصا بعد ۱٩٦۳ وادناه بعض من تلك الفقرات:-
ـ اضواء على الحركة الشيوعية في العراق ج٢ للكاتب سمير عبد الكريم ص۱٢٢، ۱٢۳.
في الخطاب الذي القاه عبد الكريم انذاك في كنيسة مار يوسف في ۱٩ تموز ۱٩٥٩ قال (… ان ما حدث في كركوك اشجبه شجبا تاما. وباستطاعتنا ان نسحق كل من يتصدى الى ابناء شعبنا باعمال فوضوية كنتيجة للحزازات والاحقاد والتعصب الاعمى.) وفي المؤتمر الصحفي الذي عقده في ٢٩/٧/۱٩٥٩ … قال (… الذي وقع في كركوك لايتعدى كونه مؤامرة مبيتة …) وعند لقائه وفد المنظمات المهنية والنقابية في ۳ اب ۱٩٥٩ قال (… الغريب ان بعض الوفود اتت بوجه اسود وقالت ان القوى الديمقراطية قد قضت على مؤامرة. أي مؤامرة؟ مؤامرة رجعية، مؤامرة تركمانية، انظروا ماذا عملتم انظروا عمليات السحل … ثم اضاف … ساوزع عليكم الان بعض الصور لتروا الفوضى التي وقعت تجاه اخواننا المواطنيننا التركمان واختتم قوله ان حوادث لطخة سوداء في تاريخنا).
ـ جريدة الشرق العدد ٤٥ / ۱٩٦٠
(أمامنا الان وقائع ثابتة، ثابتة بالاشخاص المتهمين بالمستمسكات الجرمية التي وجدت بحوزتهم كل هؤلاء ليسوا من التركمان او من الطورانيين - كما تريد – الفوضوية. انهم من العبيد العملاء.)
ـ جريدة الحرية العدد ۱٦٦٤/ ۱٩٦٠
(كركوك هي التي قدمت ضحايا كاور باغى وحدها والشعب الكردي النبيل يدرك ذلك كل الادراك. وقد عاش الاكراد والتركمان اجيالا بسلام وهدوء واخوة حتى جئتم انتم فايقظتم الفتنة عن سباتها فلعنة الله على موقعي الفتنة.)
ـ مجلة العربي العدد ٥۳/۱٩٦۳
(اهل كركوك يرون قصصا عن التعذيب يشيب لها الولدان … لكن شيئا واحدا اختفى تماما ولم نعثر له على اثر في كركوك عندما كنا بها انه: الابتسامة – الضحكة – الفرفشة.)
ـ مجلة الفكاهة (عدد خاص) العدد ٨ / ۱٩٦۳ الصفحة ٨
(ان هذا الحادث المؤلم قد ترك اثرا مفزعا في نفوس الناس والمواطنين التركمان الى درجة ادى بهم الى التفكير بالهجرة ومغادرة المدينة. وقد بلغ بهم القلق الى درجة كبيرة بحيث يتعذر معها احلال الطمانينة والسكينة الى قلوبهم.)
ـ دماء بريئة / صلاح الدين صديق صفحة ۱٨٤
(بعد مجزرة كركوك المدبرة القت السلطات القبض على الرؤوس المدبرة وذيولها وحُكموا محاكمات صورية، وانتظر ذووا الشداء طويلا، ولكن بلا نتيجة والادهى من ذلك انهماُخرجوا من السجون ومنح لهم مناصب رفيعة وهم المحكومون عليهم بالاعدام اوبالاشغال الشاقة المؤبدة.)
ـ مذكرات الطبقجلي وذكريات جاسم مخلص المحامي للاستاذ مولودمخلص المحامي في الصفحات ۱۱۱، ۱۳٨، ۳٨٠.
(ان المقتولين والمشوهين والمسحولين كانوا من طرف واحد وهم الضحايا من التركمان.
لكن خطة المجزرة كانت تنتظر سنوح الفرصة لها بابعاد بعض الناس وترسيخ من ينفذها.
انه ليس هناك من يحاول من اهالي كركوك التركمان بصورة عامة الاخلال بالامن والسكينة.)
ـ نضال وحبال ج۳ للدكتور شاكر مصطفى سليم صفحة ٢٠٩.
(لقد فشلوا فشلا ذريعا في النيل من القومية التركمانية وفي التاثير على قوة تاخي القوميات وعلى شدة لصوق اخواننا التركمان بعراقهم. فكانت حصيلة مجازر كركوك الرهيبة تقاربا شديدا بين التركمان وكافة اهل العراق المخلصين لوطنم وشعورا عميقا قويا من التركمان بانهم لم يجر لهم ما جرى الا لانهم اعداء التبعية وعداء الشعوبية واعداء الفوضوية، والا لانهم عراقيون مخلصون لهذا البلد.
الملاحظ على المقتطفات اعلاه من المنشورات المطبوعة كشفها لحقيقة ملابسات ماجرى على التركمان اسبابا ونتائج في ذلك الزمن الصعب من حالة العنف والارهاب التي عاشها وهي بحد ذاتها تفوق حالات صور الارهاب التي تعيش البشرية بعض افرازاتها الان، واذا كان الارهاب يعني تهديد امن وسلامة المدنيين من البشر والدائرة في الساحة الدولية الان فماذا تسمى وحشيةس التصرف بجسدالاخير بعد (٤۳) سنة مع توفر ذهنية القرن الجديد ومعطياته الحضارية بما فيها التوسع الاعلامي بحق شعب لم يؤمن يوما من الايام بادنى درجات العنف والارهاب وان ما يناضل من اجله لم يتجاوز المستحيل بقدر ما هو مناداة مطالبة بالحق الطبيعي والتمتع بكامل الحقوق الوطنية والقوميةفي ظل دستور في وطنه الذي ضحى من اجله ولم يضحي او يفرط به قط).
(وردت هذه الشهاده فى مقال للكاتب المذكور تحت عنوان: تموز في ضيافة كركوك بين التركمان)